إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬عملية‭ ‬دفع‭ ‬الكتروني‭ ‬خلال 2024.. التجارة‭ ‬الرقمية‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬رافعة‭ ‬أساسية‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي

تونس‭ ‬تخطو‭ ‬نحو‭ ‬اقتصاد‭ ‬المستقبل‭ ‬والتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المعادلة

شهدت‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬تطورًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬العمليات‭ ‬المسجلة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬عملية،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬13‭.‬4‭ % ‬مقارنة‭ ‬بسنة‭ ‬2023‭. ‬هذا‭ ‬التقدم‭ ‬يعكس‭ ‬بوضوح‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬المتسارع‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بانتشار‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وزيادة‭ ‬اعتماد‭ ‬المؤسسات‭ ‬والأفراد‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬الرقمية‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬الطفرة‭ ‬تحديات‭ ‬عديدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتنظيم،‭ ‬الثقة،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬القطاع‭ ‬بات‭ ‬يمثل‭ ‬عنصرًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬

ووفق‭ ‬أحدث‭ ‬المعطيات‭ ‬المحينة‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة،‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬مواقع‭ ‬الواب‭ ‬التجارية‭ ‬المنخرطة‭ ‬في‭ ‬منظومات‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬اليوم،‭ ‬1126‭ ‬موقعًا،‭ ‬وهو‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬توسع‭ ‬السوق‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جهود‭ ‬حكومية‭ ‬لتشجيع‭ ‬المؤسسات‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي،‭ ‬وتوفير‭ ‬بيئة‭ ‬تشريعية‭ ‬تسهل‭ ‬عمليات‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التوسع‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬حيث‭ ‬تلقت‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬86‭ ‬عريضة‭ ‬استهلاكية‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬منها‭ ‬37‭ ‬شكوى‭ ‬تتعلق‭ ‬بالاقتناء‭ ‬عن‭ ‬بعد‭. ‬تمحورت‭ ‬الشكاوى‭ ‬حول‭ ‬مشكلات‭ ‬رئيسية،‭ ‬مثل‭ ‬غياب‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬المنتج‭ ‬المسلّم‭ ‬والطلبية،‭ ‬وعيوب‭ ‬في‭ ‬المنتجات،‭ ‬ورفض‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالضمان،‭ ‬وغياب‭ ‬فواتير‭ ‬توثّق‭ ‬المعاملات،‭ ‬باستثناء‭ ‬وصل‭ ‬التسليم‭.‬

‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬لتعزيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي

وتعد‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬رافعة‭ ‬أساسية‭ ‬لدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬لكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬كافٍ‭ ‬لضمان‭ ‬استدامتها‭. ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحسين‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬الرقمية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬مساهمة‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬ويوفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التوصيل‭ ‬والخدمات‭ ‬المرافقة‭. ‬لكن‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬معالجة‭ ‬الإشكاليات‭ ‬القائمة‭ ‬صعوبة‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬البائعين‭ ‬على‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية،‭ ‬ونقص‭ ‬أعوان‭ ‬المراقبة‭ ‬المدربين‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرقمية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬اشكاليات‭ ‬فنية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمراقبة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المنصات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تُمارس‭ ‬أنشطة‭ ‬غير‭ ‬قانونية،‭ ‬ونقص‭ ‬الوسائل‭ ‬التقنية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتتبع‭ ‬المعاملات‭ ‬الرقمية‭ ‬وحماية‭ ‬المستهلك،‭ ‬وغياب‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬ينظم‭ ‬نشاط‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مشكلات‭ ‬تتعلق‭ ‬بجودة‭ ‬الخدمة،‭ ‬وعدم‭ ‬توثيق‭ ‬المعاملات‭.‬

‭ ‬جهود‭ ‬حكومية‭ ‬لتنظيم‭ ‬القطاع

وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬باشرت‭ ‬الحكومة‭ ‬التونسية،‭ ‬مؤخرا‭ ‬تنفيذ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬لتنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬وتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬المتعاملين،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إنجاز‭ ‬دراسة‭ ‬وطنية‭ ‬لتقييم‭ ‬مناخ‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬مما‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬مكامن‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬وإحداث‭ ‬لجنة‭ ‬وطنية‭ ‬للتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬الحوكمة‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الوزارات‭ ‬المعنية‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إعداد‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬لإسناد‭ ‬علامة‭ ‬الثقة‭ ‬لمواقع‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الموثوقة،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬ثقة‭ ‬المستهلكين‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬المنصات‭ ‬المحلية‭. ‬وإضافة‭ ‬الى‭ ‬ذلك،‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬منصة‭ ‬تجمع‭ ‬المواقع‭ ‬التجارية‭ ‬الموثوقة،‭ ‬مما‭ ‬يسهل‭ ‬على‭ ‬المستهلكين‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬خدمات‭ ‬آمنة‭ ‬وموثوقة‭. ‬كما‭ ‬يقع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬عنصرًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬ينظم‭ ‬هذا‭ ‬النشاط،‭ ‬بهدف‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمة‭ ‬وضمان‭ ‬توثيق‭ ‬العمليات‭.‬

‭ ‬قطاع‭ ‬يشهد‭ ‬نموا‭ ‬متسارعًا

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬تطور‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية،‭ ‬وزيادة‭ ‬وعي‭ ‬المستهلكين‭ ‬بأهمية‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬القطاع‭ ‬نموًا‭ ‬مستدامًا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭. ‬وتشمل‭ ‬الخطط‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬عليها‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة،‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬مواقع‭ ‬الواب‭ ‬التجارية‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة،‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬مؤسسات‭ ‬صغيرة‭ ‬ومتوسطة‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الرقمية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والمنصات‭ ‬العالمية‭ ‬لتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬التجارة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬وتطوير‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬المرافقة،‭ ‬مثل‭ ‬التوصيل‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني،‭ ‬ومواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية‭ ‬العالمية،‭ ‬وتطوير‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمراقبة‭ ‬المنصات‭ ‬الأجنبية‭ ‬وإدارة‭ ‬التجارة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬أصبح‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة،‭ ‬وتعمل‭ ‬تونس،‭ ‬اليوم،‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني‭ ‬أو‭ ‬الأدوات‭ ‬التقنية‭. ‬وتعمل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬وتعزيز‭ ‬دور‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الحلول‭ ‬الرقمية،‭ ‬وتوعية‭ ‬المستهلكين‭ ‬بحقوقهم‭ ‬وحمايتهم‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭.‬

ويعد‭ ‬تطور‭ ‬عمليات‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬2024‭ ‬دليلًا‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬المتسارع‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭. ‬لكن‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التطور،‭ ‬يشدد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬القائمة،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الرقابي،‭ ‬الفني،‭ ‬أو‭ ‬اللوجستي‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬وتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬الرقمية،‭ ‬يمكن‭ ‬للتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬محركًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭.‬

تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬وأنظمة‭ ‬الدفع

‭ ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬الإشارة،‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬العالم،‭ ‬اليوم‭ ‬،‭ ‬يشهد‭ ‬طفرة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬للنشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬وفي‭ ‬تونس،‭ ‬يمثل‭ ‬تطوير‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬لتعزيز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وزيادة‭ ‬الإيرادات‭ ‬المحلية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬البلاد‭. ‬وأصبحت‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وسيلة‭ ‬فعالة‭ ‬لتحفيز‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬حيث‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬الشركات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة،‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬استثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التقليدية‭ ‬مثل‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬والمخازن،‭ ‬وتفتح‭ ‬آفاقًا‭ ‬واسعة‭ ‬للتوسع‭ ‬التجاري‭ ‬وتعزيز‭ ‬المنافسة،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الجودة‭ ‬وتقليل‭ ‬التكاليف‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬يُمكن‭ ‬للتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬محركًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬لتوظيف‭ ‬الشباب،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التقنية‭ ‬واللوجستية‭ ‬وخدمات‭ ‬العملاء،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬مرتفعة،‭ ‬وهي‭ ‬بوابة‭ ‬لخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬تتطلب‭ ‬مهارات‭ ‬متنوعة،‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬البرمجيات‭ ‬إلى‭ ‬التسويق‭ ‬الرقمي‭.‬

ومن‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬يسهم‭ ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬عبر‭ ‬زيادة‭ ‬الصادرات‭ ‬الرقمية‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الواردات‭. ‬وبفضل‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬يمكن‭ ‬لتونس‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬مركزًا‭ ‬إقليميًا‭ ‬للتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬والأوروبية،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬الإيرادات‭ ‬المحلية‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭. ‬ولتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف،‭ ‬يجب‭ ‬توفير‭ ‬بيئة‭ ‬مواتية‭ ‬لتطوير‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية،‭ ‬مثل‭ ‬شبكات‭ ‬الإنترنات‭ ‬عالية‭ ‬السرعة،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكترونية‭. ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬تحديث‭ ‬التشريعات‭ ‬لتسهيل‭ ‬المعاملات‭ ‬التجارية‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وضمان‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬المستهلكين‭ ‬والبائعين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬السواء‭.‬

باختصار،‭ ‬يمثل‭ ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬فرصة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬لدفع‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتحقيق‭ ‬إيرادات‭ ‬مستدامة‭. ‬ومع‭ ‬وجود‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬يمكن‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬محركًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي

 

‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬عملية‭ ‬دفع‭ ‬الكتروني‭ ‬خلال 2024.. التجارة‭ ‬الرقمية‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬رافعة‭ ‬أساسية‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي

تونس‭ ‬تخطو‭ ‬نحو‭ ‬اقتصاد‭ ‬المستقبل‭ ‬والتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المعادلة

شهدت‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬تطورًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬العمليات‭ ‬المسجلة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬عملية،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬13‭.‬4‭ % ‬مقارنة‭ ‬بسنة‭ ‬2023‭. ‬هذا‭ ‬التقدم‭ ‬يعكس‭ ‬بوضوح‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬المتسارع‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بانتشار‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وزيادة‭ ‬اعتماد‭ ‬المؤسسات‭ ‬والأفراد‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬الرقمية‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬الطفرة‭ ‬تحديات‭ ‬عديدة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتنظيم،‭ ‬الثقة،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬القطاع‭ ‬بات‭ ‬يمثل‭ ‬عنصرًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬

ووفق‭ ‬أحدث‭ ‬المعطيات‭ ‬المحينة‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة،‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬مواقع‭ ‬الواب‭ ‬التجارية‭ ‬المنخرطة‭ ‬في‭ ‬منظومات‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬اليوم،‭ ‬1126‭ ‬موقعًا،‭ ‬وهو‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬توسع‭ ‬السوق‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جهود‭ ‬حكومية‭ ‬لتشجيع‭ ‬المؤسسات‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي،‭ ‬وتوفير‭ ‬بيئة‭ ‬تشريعية‭ ‬تسهل‭ ‬عمليات‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التوسع‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬حيث‭ ‬تلقت‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬86‭ ‬عريضة‭ ‬استهلاكية‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬منها‭ ‬37‭ ‬شكوى‭ ‬تتعلق‭ ‬بالاقتناء‭ ‬عن‭ ‬بعد‭. ‬تمحورت‭ ‬الشكاوى‭ ‬حول‭ ‬مشكلات‭ ‬رئيسية،‭ ‬مثل‭ ‬غياب‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬المنتج‭ ‬المسلّم‭ ‬والطلبية،‭ ‬وعيوب‭ ‬في‭ ‬المنتجات،‭ ‬ورفض‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالضمان،‭ ‬وغياب‭ ‬فواتير‭ ‬توثّق‭ ‬المعاملات،‭ ‬باستثناء‭ ‬وصل‭ ‬التسليم‭.‬

‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬لتعزيز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي

وتعد‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬رافعة‭ ‬أساسية‭ ‬لدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬لكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬كافٍ‭ ‬لضمان‭ ‬استدامتها‭. ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحسين‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬الرقمية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬مساهمة‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬ويوفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التوصيل‭ ‬والخدمات‭ ‬المرافقة‭. ‬لكن‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬معالجة‭ ‬الإشكاليات‭ ‬القائمة‭ ‬صعوبة‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬البائعين‭ ‬على‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية،‭ ‬ونقص‭ ‬أعوان‭ ‬المراقبة‭ ‬المدربين‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرقمية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬اشكاليات‭ ‬فنية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمراقبة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المنصات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تُمارس‭ ‬أنشطة‭ ‬غير‭ ‬قانونية،‭ ‬ونقص‭ ‬الوسائل‭ ‬التقنية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتتبع‭ ‬المعاملات‭ ‬الرقمية‭ ‬وحماية‭ ‬المستهلك،‭ ‬وغياب‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬ينظم‭ ‬نشاط‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مشكلات‭ ‬تتعلق‭ ‬بجودة‭ ‬الخدمة،‭ ‬وعدم‭ ‬توثيق‭ ‬المعاملات‭.‬

‭ ‬جهود‭ ‬حكومية‭ ‬لتنظيم‭ ‬القطاع

وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات،‭ ‬باشرت‭ ‬الحكومة‭ ‬التونسية،‭ ‬مؤخرا‭ ‬تنفيذ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬لتنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬وتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬المتعاملين،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إنجاز‭ ‬دراسة‭ ‬وطنية‭ ‬لتقييم‭ ‬مناخ‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬مما‭ ‬ساعد‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬مكامن‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬وإحداث‭ ‬لجنة‭ ‬وطنية‭ ‬للتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬ضبط‭ ‬الحوكمة‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الوزارات‭ ‬المعنية‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إعداد‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬لإسناد‭ ‬علامة‭ ‬الثقة‭ ‬لمواقع‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الموثوقة،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬ثقة‭ ‬المستهلكين‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬المنصات‭ ‬المحلية‭. ‬وإضافة‭ ‬الى‭ ‬ذلك،‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬منصة‭ ‬تجمع‭ ‬المواقع‭ ‬التجارية‭ ‬الموثوقة،‭ ‬مما‭ ‬يسهل‭ ‬على‭ ‬المستهلكين‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬خدمات‭ ‬آمنة‭ ‬وموثوقة‭. ‬كما‭ ‬يقع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬شركات‭ ‬التوصيل،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬عنصرًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬حيث‭ ‬تعمل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬ينظم‭ ‬هذا‭ ‬النشاط،‭ ‬بهدف‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمة‭ ‬وضمان‭ ‬توثيق‭ ‬العمليات‭.‬

‭ ‬قطاع‭ ‬يشهد‭ ‬نموا‭ ‬متسارعًا

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬تطور‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية،‭ ‬وزيادة‭ ‬وعي‭ ‬المستهلكين‭ ‬بأهمية‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬القطاع‭ ‬نموًا‭ ‬مستدامًا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭. ‬وتشمل‭ ‬الخطط‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬عليها‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة،‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬مواقع‭ ‬الواب‭ ‬التجارية‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة،‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬مؤسسات‭ ‬صغيرة‭ ‬ومتوسطة‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الرقمية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والمنصات‭ ‬العالمية‭ ‬لتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬التجارة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬وتطوير‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬المرافقة،‭ ‬مثل‭ ‬التوصيل‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني،‭ ‬ومواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬التقنية‭ ‬العالمية،‭ ‬وتطوير‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بمراقبة‭ ‬المنصات‭ ‬الأجنبية‭ ‬وإدارة‭ ‬التجارة‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬أصبح‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة،‭ ‬وتعمل‭ ‬تونس،‭ ‬اليوم،‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني‭ ‬أو‭ ‬الأدوات‭ ‬التقنية‭. ‬وتعمل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬وتعزيز‭ ‬دور‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الحلول‭ ‬الرقمية،‭ ‬وتوعية‭ ‬المستهلكين‭ ‬بحقوقهم‭ ‬وحمايتهم‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭.‬

ويعد‭ ‬تطور‭ ‬عمليات‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬2024‭ ‬دليلًا‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬المتسارع‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭. ‬لكن‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التطور،‭ ‬يشدد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬التحديات‭ ‬القائمة،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الرقابي،‭ ‬الفني،‭ ‬أو‭ ‬اللوجستي‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬وتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬الرقمية،‭ ‬يمكن‭ ‬للتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬محركًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭.‬

تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬وأنظمة‭ ‬الدفع

‭ ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬الإشارة،‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬العالم،‭ ‬اليوم‭ ‬،‭ ‬يشهد‭ ‬طفرة‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬للنشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬وفي‭ ‬تونس،‭ ‬يمثل‭ ‬تطوير‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬لتعزيز‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وزيادة‭ ‬الإيرادات‭ ‬المحلية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬البلاد‭. ‬وأصبحت‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وسيلة‭ ‬فعالة‭ ‬لتحفيز‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬حيث‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬الشركات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة،‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬استثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬التقليدية‭ ‬مثل‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬والمخازن،‭ ‬وتفتح‭ ‬آفاقًا‭ ‬واسعة‭ ‬للتوسع‭ ‬التجاري‭ ‬وتعزيز‭ ‬المنافسة،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬الجودة‭ ‬وتقليل‭ ‬التكاليف‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬يُمكن‭ ‬للتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬محركًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬لتوظيف‭ ‬الشباب،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التقنية‭ ‬واللوجستية‭ ‬وخدمات‭ ‬العملاء،‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬البطالة‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬مرتفعة،‭ ‬وهي‭ ‬بوابة‭ ‬لخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬تتطلب‭ ‬مهارات‭ ‬متنوعة،‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬البرمجيات‭ ‬إلى‭ ‬التسويق‭ ‬الرقمي‭.‬

ومن‭ ‬الناحية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬يسهم‭ ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬عبر‭ ‬زيادة‭ ‬الصادرات‭ ‬الرقمية‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الواردات‭. ‬وبفضل‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬والخدمات‭ ‬اللوجستية،‭ ‬يمكن‭ ‬لتونس‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬مركزًا‭ ‬إقليميًا‭ ‬للتجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬والأوروبية،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬الإيرادات‭ ‬المحلية‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭. ‬ولتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف،‭ ‬يجب‭ ‬توفير‭ ‬بيئة‭ ‬مواتية‭ ‬لتطوير‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحسين‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الرقمية،‭ ‬مثل‭ ‬شبكات‭ ‬الإنترنات‭ ‬عالية‭ ‬السرعة،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬في‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفع‭ ‬الإلكترونية‭. ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬تحديث‭ ‬التشريعات‭ ‬لتسهيل‭ ‬المعاملات‭ ‬التجارية‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وضمان‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬المستهلكين‭ ‬والبائعين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬السواء‭.‬

باختصار،‭ ‬يمثل‭ ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬فرصة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬لدفع‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتحقيق‭ ‬إيرادات‭ ‬مستدامة‭. ‬ومع‭ ‬وجود‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص،‭ ‬يمكن‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬محركًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي