أثار القانون الجديد للشيكات جدلا كبيرا، قبل دخوله حيز التنفيذ في مطلع شهر فيفري المقبل.
ومثّل هذا القانون الذي صادق عليه البرلمان قبل أشهر قليلة، محور نقاشات وندوات متخصصة في الفترة الأخيرة، وجدل في الأوساط المهنية والتجارية، وكل من له علاقة بعالم المال والأعمال، وحتى بين عامة الناس على اعتبار أن جل الأسر التونسية سبق لها أن تعاملت بالشيك كوسيلة للدفع المؤجل، وضمانة لتسيير شؤونها الحياتية والاستهلاكية.
ومردّ هذا الجدل -في اعتقادنا- يعود لسببين، يتعلق الأول بالغموض الذي يرافق بعض فصول القانون وأحكامه التطبيقية بعد دخوله حيز النفاذ، والثاني في تخوف بعض خبراء الاقتصاد من انعكاسات تسقيف قيمة الشيك وحصر مجالات التعامل به على عجلة الاستهلاك التي تعتبر من أهم محركات النمو الاقتصادي، خاصة مع توسع حالة الرفض وتجنب التعامل بالشيك، التي تسود حاليا بين المتعاملين..
صحيح أن التعامل بالشيك لم يكن مشكلا في حد ذاته، وأن القانون الجديد جاء ليصحح ممارسات خاطئة، ويدعم موثوقية التعامل بهذه الآلية في الدفع..
لكن الإشكال الأساسي الذي استدعى مراجعة القانون المنظم للشيك، هو في جانبه الجزائي والإجرائي بعد أن تبين أن الإسراف في اللجوء إلى الشيك، وتوظيفه في غير محله واعتباره كضمانة دفع مؤجل لمن لا يتحوز على سيولة مالية جاهزة، ساهم في وقوع آلاف المتعاملين به في المحظور، مثل إشكالية العجز عن دفع قيمة الرصيد المدون بالشيك بعد أن يحل أجل خلاصه. وقد أدت الممارسات الخاطئة بالعديد الى السجون، بعد عجزهم عن دفع ما عليهم من أصل الدين والخطايا المالية المترتبة عن عدم الدفع..
ويتمحور الإشكال الأساسي الذي يتخوف منه بعض العارفين في هذا المجال، في غياب حلول عملية لمن لديه شيكات مؤجّلة الدفع، بعد تاريخ 2 فيفري 2025، على اعتبار أنها لن تكون لها قيمة قانونية لدى البنوك بالصيغة الجديدة للشيك وصلوحيته المحددة بمدة 6 أشهر والرمز الذي سيتضمنه، وعدم إمكانية ترك الشيك دون وضع المستفيد منه والتعديلات الجديدة المضافة للصيغة الجديدة..
وإن كان للقانون الجديد بعدٌ وقائيّ من خلال تسقيف قيمة دفتر الشيك وترك البنوك مسؤولية تحديد من له الأهلية لتسلميه الدفتر وفقا لمدخوله الشهري والسنوي ووضعيته المالية والتجارية، إلا أن ذلك قد يكون سببا في تقييد المعاملات التجارية والمالية بين المتعاملين من مؤسسات خدماتية وإنتاجية ووسطاء وتجار، على الأقل خلال الفترة الأولى من تطبيق القانون، لأنه يصعب التخلي عن آلية الشيك والتحول إلى آليات جديدة للدفع وخاصة الدفع المؤجل لمن لا تتوفر لديه السيولة الكافية والفورية لسبب من الأسباب..
والحال عليه، صدرت منذ فترة عن عدد من خبراء الاقتصاد والمتخصصين، دعوات لتأجيل تطبيق القانون أو اعتماد المرحلية في التطبيق إلى حين وضع الآليات المصاحبة مثل المنصة الالكترونية للمعاملات بالشيك، وكيفية التعامل مع الشيكات التي سيحل أجل خلاصها بعد فيفري المقبل، والعمل على تصفيتها وضمان صرفها لأصحابها..
ومهما يكن من أمر، فإن تحديد فترة انتقالية تسمح بتطبيق مرِنٍ وسلِسٍ للقانون الجديد وتسمح بوضع المنصة الالكترونية واختبار جاهزيتها، وتعويد الناس والمتعاملين الاقتصاديين، بالإجراءات الجديدة، قد يكون حلا مقبولا للجميع.. بالتوازي مع إطلاق حملة تفسيرية لأحكام القانون، وتبيان مزايا استخدام التقنيات الجديدة للدفع والخلاص الالكتروني، التي تحتاج بدورها إلى تطوير لبنيتها التحتية التقنية والتشريعية، حتى يكون الإقبال عليها بشكل واسع وشامل في جل المعاملات المالية والتجارية في تونس..
رفيق بن عبد الله
أثار القانون الجديد للشيكات جدلا كبيرا، قبل دخوله حيز التنفيذ في مطلع شهر فيفري المقبل.
ومثّل هذا القانون الذي صادق عليه البرلمان قبل أشهر قليلة، محور نقاشات وندوات متخصصة في الفترة الأخيرة، وجدل في الأوساط المهنية والتجارية، وكل من له علاقة بعالم المال والأعمال، وحتى بين عامة الناس على اعتبار أن جل الأسر التونسية سبق لها أن تعاملت بالشيك كوسيلة للدفع المؤجل، وضمانة لتسيير شؤونها الحياتية والاستهلاكية.
ومردّ هذا الجدل -في اعتقادنا- يعود لسببين، يتعلق الأول بالغموض الذي يرافق بعض فصول القانون وأحكامه التطبيقية بعد دخوله حيز النفاذ، والثاني في تخوف بعض خبراء الاقتصاد من انعكاسات تسقيف قيمة الشيك وحصر مجالات التعامل به على عجلة الاستهلاك التي تعتبر من أهم محركات النمو الاقتصادي، خاصة مع توسع حالة الرفض وتجنب التعامل بالشيك، التي تسود حاليا بين المتعاملين..
صحيح أن التعامل بالشيك لم يكن مشكلا في حد ذاته، وأن القانون الجديد جاء ليصحح ممارسات خاطئة، ويدعم موثوقية التعامل بهذه الآلية في الدفع..
لكن الإشكال الأساسي الذي استدعى مراجعة القانون المنظم للشيك، هو في جانبه الجزائي والإجرائي بعد أن تبين أن الإسراف في اللجوء إلى الشيك، وتوظيفه في غير محله واعتباره كضمانة دفع مؤجل لمن لا يتحوز على سيولة مالية جاهزة، ساهم في وقوع آلاف المتعاملين به في المحظور، مثل إشكالية العجز عن دفع قيمة الرصيد المدون بالشيك بعد أن يحل أجل خلاصه. وقد أدت الممارسات الخاطئة بالعديد الى السجون، بعد عجزهم عن دفع ما عليهم من أصل الدين والخطايا المالية المترتبة عن عدم الدفع..
ويتمحور الإشكال الأساسي الذي يتخوف منه بعض العارفين في هذا المجال، في غياب حلول عملية لمن لديه شيكات مؤجّلة الدفع، بعد تاريخ 2 فيفري 2025، على اعتبار أنها لن تكون لها قيمة قانونية لدى البنوك بالصيغة الجديدة للشيك وصلوحيته المحددة بمدة 6 أشهر والرمز الذي سيتضمنه، وعدم إمكانية ترك الشيك دون وضع المستفيد منه والتعديلات الجديدة المضافة للصيغة الجديدة..
وإن كان للقانون الجديد بعدٌ وقائيّ من خلال تسقيف قيمة دفتر الشيك وترك البنوك مسؤولية تحديد من له الأهلية لتسلميه الدفتر وفقا لمدخوله الشهري والسنوي ووضعيته المالية والتجارية، إلا أن ذلك قد يكون سببا في تقييد المعاملات التجارية والمالية بين المتعاملين من مؤسسات خدماتية وإنتاجية ووسطاء وتجار، على الأقل خلال الفترة الأولى من تطبيق القانون، لأنه يصعب التخلي عن آلية الشيك والتحول إلى آليات جديدة للدفع وخاصة الدفع المؤجل لمن لا تتوفر لديه السيولة الكافية والفورية لسبب من الأسباب..
والحال عليه، صدرت منذ فترة عن عدد من خبراء الاقتصاد والمتخصصين، دعوات لتأجيل تطبيق القانون أو اعتماد المرحلية في التطبيق إلى حين وضع الآليات المصاحبة مثل المنصة الالكترونية للمعاملات بالشيك، وكيفية التعامل مع الشيكات التي سيحل أجل خلاصها بعد فيفري المقبل، والعمل على تصفيتها وضمان صرفها لأصحابها..
ومهما يكن من أمر، فإن تحديد فترة انتقالية تسمح بتطبيق مرِنٍ وسلِسٍ للقانون الجديد وتسمح بوضع المنصة الالكترونية واختبار جاهزيتها، وتعويد الناس والمتعاملين الاقتصاديين، بالإجراءات الجديدة، قد يكون حلا مقبولا للجميع.. بالتوازي مع إطلاق حملة تفسيرية لأحكام القانون، وتبيان مزايا استخدام التقنيات الجديدة للدفع والخلاص الالكتروني، التي تحتاج بدورها إلى تطوير لبنيتها التحتية التقنية والتشريعية، حتى يكون الإقبال عليها بشكل واسع وشامل في جل المعاملات المالية والتجارية في تونس..