يفتح "الزلزال" الذي ضرب الشرق الأوسط، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، المنطقة على عدة سيناريوهات، أضحت تشكل الشغل الشاغل للقوى الإقليمية والدولية الفاعلة في المنطقة.
سيناريوهات يرسمها بالأساس تطور جيوسياسة الصراع في سوريا وتفاعل مختلف المكونات السياسية والعسكرية المكونة للمشهد السوري ما بعد الأسد، وهي تتنوع طائفيا وإيديولوجيا، بالرغم من سيطرة الإسلاميين على الحكم بعد 10 أيام من خروجهم من إدلب وسقوط المدن الأساسية السورية في يد ائتلاف قوى عسكرية محورها الأساسي "هيئة تحرير الشام" التي عوضت تنظيم "جبهة النصرة" ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، بزعامة أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، الذي أشار الى مراجعات إيديولوجيته (الجهادية المتطرفة)، معتبرا أنها تميل إلى ما وصفه بـ"اعتدال سياسي"، وهو ما يثير المخاوف حول مستقبل سوريا في الحكم، خصوصا وأنه لا يوجد بديل سياسي واضح يعوض نظام حزب البعث الذي حكم أكثر من 60 سنة.
هذه المخاوف حول شكل الهيكلة السياسية للدولة، ومستقبل إدارة الاختلاف السياسي والطائفي، يعتبر محور جدل سياسي للنخب السورية اليوم، ومدى قبول الإسلاميين المتحكمين في السلطة الجديدة بالاختلاف السياسي والفكري، أو عدم قبوله بما قد يصبح إشكالا أمام بناء مؤسسات الدولة السورية القادمة، وفق مسار ديمقراطي واضح، يدار فيه الاختلاف داخل مؤسسات الدولة وليس في الشارع وبقوة السلاح.
ولعل هذه النقطة هي التي يمكن أن تشكل مأزقا في المستقبل، إذا لم يقبل الجولاني بالاختلاف الفكري، خصوصا وأن أبرز قوتين عسكريتين على الأرض واقع، بينهما بون شاسع في رؤيتهما لمستقبل سوريا السياسي.
فمن جهة توجد قوى تعتمد على إيديولوجيا تفرق بين الدين والسياسة، مثل قوات "سوريا الديمقراطية" التي تسيطر عليها أحزاب كردية ذات توجهات يسارية وماركسية، ساهمت في الإطاحة بتنظيم "داعش" في سوريا في سنوات 2013 و2017، وهي متحالفة مع الجيش الأمريكي الذي يتمركز بقاعدة التنف على الحدود مع الأردن، وتحتل قرابة الـ20 في المائة من الأراضي السورية في شمال شرق سوريا وراء نهر الفرات.
ومن جهة أخرى تسيطر أيديولوجيا إسلامية على المجموعات المسلحة الأخرى، والتي تشكل "هيئة تحرير الشام" عمودها الفقري، وهي مجموعات تتبنى أجندة فكرية قد لا تقبل بسهولة الاختلاف السياسي والفكري، والبناء الديمقراطي، خصوصا وأنها قادمة من خلفية فكرية ترفض الديمقراطية، وفكرة "فصل الدين عن السياسة" في المجال العمومي.
وعلاوة على ذلك، توجد أحزاب وتيارات سياسية تكون الائتلاف الوطني السوري الذي يضم تيارات مختلفة فكريا عن "هيئة تحرير الشام".
إن هذا التنافر الفكري قد يقود إلى صراع سياسي جديد ومركب، إذا لم يتجه "أصحاب السلطة" الجدد في سوريا، إلى فتح حوار شامل، والتفكير في تكوين مؤسسات دولة حديثة تقوم على انتخابات حرة ونزيهة، ويضمن فيها حق الاختلاف، ومحاولة إيجاد حل جذري للأجندة "الانفصالية للأكراد السوريين" الذين يحكمون منذ مدة في الأراضي التي يسيطرون عليها ضمن "الإدارة الذاتية".
كذلك فإن هذه الأجندة قد تعجل بصراع جديد في سوريا، خصوصا وأن تركيا مستعدة بكل جهدها لمنع حصول الأكراد على حكم فدرالي في سوريا، يكرر تجربة أكراد العراق، خصوصا وأنهم يحلمون بتأسيس دولة كردستان العظمى منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.
نزار مقني
يفتح "الزلزال" الذي ضرب الشرق الأوسط، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، المنطقة على عدة سيناريوهات، أضحت تشكل الشغل الشاغل للقوى الإقليمية والدولية الفاعلة في المنطقة.
سيناريوهات يرسمها بالأساس تطور جيوسياسة الصراع في سوريا وتفاعل مختلف المكونات السياسية والعسكرية المكونة للمشهد السوري ما بعد الأسد، وهي تتنوع طائفيا وإيديولوجيا، بالرغم من سيطرة الإسلاميين على الحكم بعد 10 أيام من خروجهم من إدلب وسقوط المدن الأساسية السورية في يد ائتلاف قوى عسكرية محورها الأساسي "هيئة تحرير الشام" التي عوضت تنظيم "جبهة النصرة" ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، بزعامة أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، الذي أشار الى مراجعات إيديولوجيته (الجهادية المتطرفة)، معتبرا أنها تميل إلى ما وصفه بـ"اعتدال سياسي"، وهو ما يثير المخاوف حول مستقبل سوريا في الحكم، خصوصا وأنه لا يوجد بديل سياسي واضح يعوض نظام حزب البعث الذي حكم أكثر من 60 سنة.
هذه المخاوف حول شكل الهيكلة السياسية للدولة، ومستقبل إدارة الاختلاف السياسي والطائفي، يعتبر محور جدل سياسي للنخب السورية اليوم، ومدى قبول الإسلاميين المتحكمين في السلطة الجديدة بالاختلاف السياسي والفكري، أو عدم قبوله بما قد يصبح إشكالا أمام بناء مؤسسات الدولة السورية القادمة، وفق مسار ديمقراطي واضح، يدار فيه الاختلاف داخل مؤسسات الدولة وليس في الشارع وبقوة السلاح.
ولعل هذه النقطة هي التي يمكن أن تشكل مأزقا في المستقبل، إذا لم يقبل الجولاني بالاختلاف الفكري، خصوصا وأن أبرز قوتين عسكريتين على الأرض واقع، بينهما بون شاسع في رؤيتهما لمستقبل سوريا السياسي.
فمن جهة توجد قوى تعتمد على إيديولوجيا تفرق بين الدين والسياسة، مثل قوات "سوريا الديمقراطية" التي تسيطر عليها أحزاب كردية ذات توجهات يسارية وماركسية، ساهمت في الإطاحة بتنظيم "داعش" في سوريا في سنوات 2013 و2017، وهي متحالفة مع الجيش الأمريكي الذي يتمركز بقاعدة التنف على الحدود مع الأردن، وتحتل قرابة الـ20 في المائة من الأراضي السورية في شمال شرق سوريا وراء نهر الفرات.
ومن جهة أخرى تسيطر أيديولوجيا إسلامية على المجموعات المسلحة الأخرى، والتي تشكل "هيئة تحرير الشام" عمودها الفقري، وهي مجموعات تتبنى أجندة فكرية قد لا تقبل بسهولة الاختلاف السياسي والفكري، والبناء الديمقراطي، خصوصا وأنها قادمة من خلفية فكرية ترفض الديمقراطية، وفكرة "فصل الدين عن السياسة" في المجال العمومي.
وعلاوة على ذلك، توجد أحزاب وتيارات سياسية تكون الائتلاف الوطني السوري الذي يضم تيارات مختلفة فكريا عن "هيئة تحرير الشام".
إن هذا التنافر الفكري قد يقود إلى صراع سياسي جديد ومركب، إذا لم يتجه "أصحاب السلطة" الجدد في سوريا، إلى فتح حوار شامل، والتفكير في تكوين مؤسسات دولة حديثة تقوم على انتخابات حرة ونزيهة، ويضمن فيها حق الاختلاف، ومحاولة إيجاد حل جذري للأجندة "الانفصالية للأكراد السوريين" الذين يحكمون منذ مدة في الأراضي التي يسيطرون عليها ضمن "الإدارة الذاتية".
كذلك فإن هذه الأجندة قد تعجل بصراع جديد في سوريا، خصوصا وأن تركيا مستعدة بكل جهدها لمنع حصول الأكراد على حكم فدرالي في سوريا، يكرر تجربة أكراد العراق، خصوصا وأنهم يحلمون بتأسيس دولة كردستان العظمى منذ نهاية الحرب العالمية الأولى.