إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في أول تجربة للعمل المشترك بين الغرفتين النيابيتين: قانون المالية لسنة 2025 يولد بعد مخاض عسير

 

ـ تعديل المرسوم المنظم للعلاقات بين المجلسين وارد

-لمزيد تيسير العمل المشترك بين المجلسين النيابيين مستقبلا حان الوقت لتعجيل المجلس بتنقيح نظامه الداخلي

تونس-الصباح

بعد ختمه من قبل رئيس الجمهورية ونشره بالرائد الرسمي، ينتظر أن يدخل قانون المالية لسنة 2025 حيز النفاذ بداية من غرة جانفي المقبل باستثناء الفصل 58 المتعلق بالترفيع إلى 30 بالمائة في نسبة المعاليم الديوانية المستوجبة بعنوان توريد الألواح المركبة من الألمنيوم غير المخلوط والألواح المركبة من خلائط الألمنيوم، فهذا الفصل حسب ما نص عليه هذا القانون في أحكامه الختامية والانتقالية لن يطبق على البضائع عند التوريد التي تثبت سندات النقل الخاصّة بها والمحرّرة قبل غرة جانفي 2025 أنّها كانت موجهة نحو التراب الديواني التونسي والتي تمّ التصريح بها مباشرة للاستهلاك دون أن تكون قد تمّ وضعها تحت نظام المستودعات أو المناطق الحرّة.

وتمخض قانون المالية لسنة 2025 عن نقاشات طويلة وساخنة دارت منذ شهر أكتوبر في قصر باردو بين الوظيفة التنفيذية من جهة والوظيفة التشريعية بغرفتيها النيابيتين من جهة أخرى، وهو يعد عصارة أول تجربة للثنائية البرلمانية في تونس في إطار تطبيق أحكام دستور 2022، والقانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية، والمرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.

إذ نص الدستور بالخصوص على أن يفوّض الشّعب، صاحب السّيادة، الوظيفة التّشريعيّة لمجلس نيابيّ أوّل يسمّى مجلس نوّاب الشّعب ولمجلس نيابيّ ثان يسمّى المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم، وعلى أن تعرض وجوبا على المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم المشاريع المتعلّقة بميزانيّة الدّولة لضمان التّوازن بين الجهات والأقاليم وعلى أن لا تتمّ المصادقة على قانون الماليّة إلاّ بأغلبيّة الأعضاء الحاضرين بكلّ من المجلسين على ألاّ تقلّ هذه الأغلبيّة عن ثلث أعضاء كلّ مجلس وعلى أن رئيس الجمهوريّة يختص بتقديم مشاريع قوانين الماليّة وعلى أن مقترحات التّنقيح التي يتقدّم بها النّواب لا تكون مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالتّوازنات الماليّة للدّولة.

 أما القانون الأساسي للميزانية فقد نص بالخصوص، على أن تبدأ السنة المالية في غرة جانفي وتنتهي في تاريخ 31 ديسمبر من نفس السنة، وعلى أن يقتصر قانون المالية على الأحكام المتعلقة بموارد الدولة وتكاليفها دون سواها، وعلى أن يقدر قانون المالية لكل سنة جملة موارد الدولة وتكاليفها ويحدد التوازن المالي الناتج عنها وينصّ على طبيعتها وتوزيعها ويرخص فيها في إطار مخططات التنمية والميزان الاقتصادي وفي إطار الميزانية متوسط المدى وفقا للأهداف والنتائج المنتظرة للبرامج المنصوص عليها بقانون المالية وحسب التوازنات العامة، وعلى أن تخضع التقديرات والبيانات المتعلقة بقانون المالية لمبادئ المصداقية والشفافية ويقتضي مبدأ المصداقية عدم التقليل أو التضخيم من تقديرات التكاليف والموارد المضمنة بقانون المالية وإبراز مكوّنات الأصول المالية وممتلكات الدولة ويقتضي مبدأ الشفافية توضيح دور مختلف هياكل الدولة وتوفير المعلومات حول ميزانية الدولة حسب الأساليب والطرق المتداولة وتوفير التقارير حول تنفيذ ميزانية الدولة والأداء ونشرها للعموم في الآجال، وعلى أنه يمكن لمجلس نواب الشعب أن يقترح إدراج فصول جديدة أو تنقيحات على مشروع قانون المالية في الحالات التالية: للتخفيض في النفقات أو للزيادة في الموارد، لإضافة نفقات جديدة شريطة اقتراح مورد إضافي أو اقتصاد في النفقات لتغطية النفقات الإضافية، لإدخال تعديلات على توزيع الاعتمادات بين البرامج تكون مصحوبة بالتعديلات المقابلة لأهداف ومؤشرات البرامج المعنية بالتعديل.

في حين نص المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المنظم للعلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على قسم كامل ورد تحت عنوان أحكام خاصة بمشاريع قوانين المالية وهو القسم الثالث الذي تضمن فرعا أول، عنوانه الجلسات المشتركة للجان المجلسين المعنية بالنظر في مشاريع قوانين المالية وفرعا ثانيا، عنوانه الجلسات العامة المشتركة بين المجلسين للمصادقة على مشاريع قوانين المالية وتم ضمنه التنصيص على تكوين لجنة متناصفة في صورة مصادقة مجلس نواب الشعب في الجلسة العامة المشتركة على مشروع القانون ومصادقة المجلس الوطني للجهات والأقاليم مع إدخال تعديلات عليه لكي تتولى هذه اللجنة إعداد مشروع نص موحد للأحكام موضوع الخلاف.

اللجان المشتركة

وقبل صدور المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المنظم للعلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، لم تكن الرؤية واضحة أمام أعضاء المجلسين بخصوص كيفية النظر في مشروع قانون المالية، وحتى بعد صدور المرسوم، فقد اختلفت التأويلات بين من يرون أنه يجب تمرير المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة على جميع لجان المجلسين وخاصة لجان المجلس الوطني للجهات والأقاليم لأن الدستور نص بصريح العبارة على العرض الوجوبي للمشاريع المتعلقة بميزانية الدولة على هذا المجلس لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم، وهو ما يعني أن لهذا المجلس دورا محوريا في إقرار الاعتمادات المخصصة للمهمات والمهمات الخاصة بمشروع الميزانية لضمان انجاز مشاريع في مختلف جهات الجمهورية وأقاليمها بكيفية عادلة، في حين هناك من اعتبروا أن اللجنة المختصة بالنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية هي لجنة المالية والميزانية فقط وأنه يتعين الاقتصار على تنظيم جلسات مشتركة بين لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين للنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي وأنه لا دخل لبقية اللجان فيها.

ويذكر في هذا السياق أن الفصل 13 من المرسوم عدد 1 سالف الذكر نص على ما يلي :"تتولى لجان مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم المعنية بالنظر في مشاريع قوانين المالية دراسة هذه المشاريع ومناقشتها في إطار جلسات مشتركة تنعقد بمقر مجلس نواب الشعب. تُعتمد في رئاسة الجلسات المشتركة للّجان المعنية قاعدة التناوب بين أعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم".

وبالعودة إلى قرارات مكتب مجلس نواب الشعب وقرارات المجلس الوطني للجهات والأقاليم يمكن الإشارة إلى أنه كان هناك في البداية توجه نحو تشريك جميع لجان المجلسين في دراسة مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي، وتطبيقا لمقتضيات المرسوم المنظم للعلاقة بين الغرفتين المتصلة بتنظيم جلسات مشتركة بين اللجان، قرر مكتب مجلس نواب الشعب توزيع مشروعي قانوني المالية والميزانية لسنة 2025 على ست مجموعات.. وتضم المجموعة الأولى لجنة المالية والميزانية وتم تكليفها بالنظر في مشروع قانون المالية وميزانيات مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. أما المجموعة الثانية فتضم لجنة التشريع العام ولجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات وزارات العدل والدفاع الوطني والداخلية والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء ومحكمة المحاسبات والمحكمة الدستورية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وتضم المجموعة الثالثة لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة ولجنة الحقوق والحريات ولجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج ووزارة الشؤون الدينية ووزارة السياحة ووزارة الشؤون الثقافية. وتضم المجموعة الرابعة لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية ولجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات رئاسة الحكومة ووزارات تكنولوجيات الاتصال والنقل والتجهيز والإسكان والاقتصاد والتخطيط وأملاك الدولة والشؤون العقارية. في حين تضم المجموعة الخامسة لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري ولجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات وزارات الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والصناعة والمناجم والطاقة والتجارة وتنمية الصادرات والبيئة، وتضم المجموعة السادسة والأخيرة لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة ولجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات وزارات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشباب والرياضة والتشغيل والتكوين المهني والصحة والشؤون الاجتماعية والأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن.

وفي نفس الصدد قرر مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتم النظر في مشروع قانون المالية من قبل لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين، أما المهمات والمهمات الخاصة الواردة بمشروع ميزانية الدولة فتم توزيعها على ست لجان، وتتمثل هذه اللجان في لجنة المالية والميزانية ولجنة القطاعات الإنتاجية ولجنة الاستثمار والتعاون الدولي ولجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية ولجنة النظام الداخلي والحصانة والمسائل القانونية ولجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى.

تنسيق بين الغرفتين

ولحسن تنظيم الجلسات المشتركة بين لجان المجلسين، قرر مكتب مجلس نواب الشعب لاحقا وتحديدا في اجتماعه المنعقد يوم 17 أكتوبر 2024 تشكيل وفد يتولى التنسيق مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم لإحكام تنظيم تلك الجلسات المشتركة، وتركب الوفد من أنور المرزوقي نائب رئيس مجلس نواب الشعب ومن أعضاء مكتب المجلس أيمن البوغديري وبدر الدين القمودي ومحمد أمين الورغي وسيرين المرابط ومن عصام شوشان رئيس لجنة المالية والميزانية وياسر القوراري رئيس لجنة التشريع العام.. ثم قرر المكتب في اجتماعه المنعقد يوم 28 أكتوبر مواصلة عمل الوفد الذي تم تشكيله للتنسيق مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم بخصوص تنظيم الجلسات المشتركة للجان المجلسين بمناسبة نقاش المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، ولكنه قرر في اجتماعه بتاريخ غرة نوفمبر والذي بقي في حالة انعقاد إلى يوم 4 نوفمبر، عقد جلسة عامة مشتركة بين المجلسين يومي 8 و9 نوفمبر 2024 للانطلاق في مناقشة مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 بتقديم بيان رئيس الحكومة حولهما وإحالة تقرير لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين حول المشروعين إلى الجلسة العامة المشتركة لنقاشهما ثم تم الاستماع إلى ردود رئيس الحكومة، وبالتالي اقتصرت جلسات اللجان المشتركة على لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين أما بقية اللجان فإنها لم تعقد جلسات مشتركة.

كما تم الاقتصار في الجلسات العامة المشتركة للنظر في المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة على تقديم تلك المهمة من قبل الوزير المعني أو رئيس المهمة في حيز زمني تم ضبطه من قبل مكتب مجلس نواب الشعب بربع ساعة وفتح باب النقاش العام وذلك بحساب دقيقة واحدة لكل نائب ويمكن لكل نائب التخلي عن توقيته لنائب آخر، ثم يتولى الوزير أو رئيس المهمة الرد على مداخلات النواب في حيز زمني لا يتجاوز نصف ساعة وبالتالي لم يقع تخصيص حيز زمني كاف لنقاشها خلال تلك الجلسات ولم يقع التصويت في الإبان على الاعتمادات المخصصة لكل مهمة ومهمة خاصة أي الاعتمادات المخصصة لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ولمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم ولمختلف الوزارات وللهيئة العليا المستقلة للانتخابات وللمجلس الأعلى المؤقت للقضاء ولمحكمة المحاسبات بل تم إرجاء التصويت على تلك الاعتمادات إلى الجلسات العامة المشتركة التي انعقدت لاحقا للتصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025.

مقترحات مرفوضة

وبالتوازي مع الجلسات العامة المشتركة لنقاش المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة واصلت لجنتا المالية والميزانية بالمجلسين النظر في مشروع قانون المالية وتم عقد 14 جلسة دامت 78 ساعة وانتهت إلى تعديل العديد من الفصول وإسقاط أخرى ثم تم عرض تقرير مشترك للجنتين على جلسة عامة مشتركة بحضور وزيرة المالية، وبعد الانتهاء من النقاش العام الذي تم فتحه أمام أعضاء المجلسين والاستماع إلى ردود الوزيرة، تم آنذاك التصويت على الاعتمادات المخصصة للمهمات والمهمات الخاصة، وتبعا لذلك لم يتمكن النواب من الغرفتين من تمرير العديد من مقترحات تعديل فصول مشروع قانون المالية أو فصول إضافية، إذ تمسكت وزيرة المالية برفض أي مقترح تعديل أو أي فصل إضافي من شأنه الإخلال بتوازنات الميزانية التي سبق أن صادق عليها كل مجلس في بداية الجلسة العامة المشتركة المخصصة لتصويت أعضائه على هذا المشروع.

 وحتى الفصول الإضافية التي أصر أعضاء مجلس نواب الشعب في بداية الأمر على الإبقاء عليها والتي حظيت بمصادقة جلستهم العامة، فقد اضطروا قبيل المرور للتصويت على مشروع قانون المالية برمته إلى قبول مقترحات تعديلها المقدمة من قبل وزيرة المالية وهي مقترحات أفرغت العديد منها من مضامينها الأصلية، حتى أنه كان حري بهم إسقاط بعضها لأنها لن تضيف شيئا وأبرز مثال على ذلك الفصل الذي يهم المتقاعدين، فبعد أن أقر الفصل الإضافي إعفاءات جبائية هامة على جرايتهم تم العدول عنه والمصادقة على فصل خاو وهو الفصل 83: الذي نص على أن "ينتفع المتقاعدون بالطروحات والامتيازات لغاية ضبط دخلهم الخاضع للضريبة على الدخل طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل". فكل ما تضمنه هذا الفصل هو تكريس لما هو موجود ومعمول به ومطبق حاليا وليس فيه إضافة تذكر فتشكر. ثم وقع في نهاية المطاف المصادقة على عدد قليل جدا من مقترحات الفصول الإضافية، والحال أن عدد الفصول الإضافية التي تقدم بها أعضاء المجلس تجاوزت المائة.

أما المجلس الوطني للجهات والأقاليم فإنه لم يتمكن سوى من تمرير فصلين إضافيين فقط تبنتهما وزيرة المالية في حين تم إسقاط مقترح فصل إضافي يتعلق ببعث صندوق لدعم الرياضيين في الرياضات الفردية وقد سقط هذا الفصل خلال الاجتماعات المشتركة للجنتي المالية والميزانية وكذلك خلال الجلسة العامة المشتركة المخصصة للتصويت أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم على فصول مشروع قانون المالية المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب.. وتولى المجلس الوطني للجهات والأقاليم تعديل بعض الفصول وقام بإسقاط الفصل المتعلق بجدولة ديون المؤسسات الصغرى والمتوسطة لدى بنك المؤسسات الصغرى والمتوسطة وإسقاط الفصل المتعلق بالتخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة الموظف على بعض المنتجات الفلاحية الموجهة للتحويل الذي يهم الزيتون المصبر..

شرط تعجيزي

ونظرا لمصادقة مجلس نواب الشعب في الجلسة العامة المشتركة على مشروع قانون المالية ومصادقة المجلس الوطني للجهات والأقاليم مع إدخال تعديلات عليه، فقد تم تكوين لجنة متناصفة لإعداد مشروع نصّ موحّد حول الأحكام موضوع الخلاف وفق ما نص عليه المرسوم المنظم للعلاقات بين المجلسين، وتوصلت اللجنة المتناصفة إلى التوافق حول أغلب النقاط الخلافية ولكنها لم تتوصل إلى حلحلة الخلاف حول الفصلين اللذين تم إسقاطهما من قبل المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبذلك لم تتمكن اللجنة المذكورة من تقديم مشروع نص موحد لعرضه على التصويت في جلسة عامة مشتركة ثانية ولهذا السبب أحال رئيس مجلس نوّاب الشّعب مساء أول أمس مشروع قانون الماليّة الذّي كان صادق عليه مجلس نوّاب الشّعب يوم 2 ديسمبر إلى رئيس الجمهوريّة لختمه، وبالتالي فإن الفصلين اللذين أضافهما المجلس الوطني للجهات والأقاليم وغيرهما من التعديلات التي أقرها هذا المجلس لن يقع إدراجها في قانون المالية لسنة 2025 وهو ما يؤكد أن الغرفة النيابية الثانية يبقى دورها محدودا في علاقة بمشاريع قوانين المالية لأن الكلمة الفصل عادت إلى مجلس نواب الشعب إذ تمت إحالة المشروع المصادق عليه من قبل هذا المجلس إلى رئيس الجمهورية لختمه. ولكن يبقى بإمكان مجلس نواب الشعب في قادم الأيام تعديل المرسوم عدد 1 في اتجاه حذف الشرط التعجيزي في علاقة بأعمال اللجنة المتناصفة والتنصيص في القانون المتعلق بالمصادقة على المرسوم عدد 1 سالف الذكر على إحالة الفصول التي يتم التوافق حولها من قبل أعضاء اللجنة المتناصفة على التصويت في جلسة عامة مشتركة ثانية وبهذه الكيفية لا يقع إسقاط جميع تنقيحات وإضافات الغرفة الثانية برمتها لا لشيء إلا لأن اللجنة المتناصفة لم تتوصل إلى تقديم مشروع نص موحد شامل لجميع الأحكام موضوع الخلاف وكان هناك من النواب من طالبوا بتنقيح المرسوم منذ انطلاق الدورة النيابية، كما يمكن لمجلس نواب الشعب تقديم مبادرة تشريعية لتنقيح القانون الأساسي للميزانية في اتجاه الزام وزارة المالية بتشريك الغرفتين النيابيتين في إعداد مشاريع قوانين المالية وتوزيع الاعتمادات حتى لا يجد النواب لاحقا أنفسهم أمام الأمر الواقع وإكراهات توازنات الميزانية..

وبعد ختم قانون المالية من قبل رئيس الجمهورية ونشره، لن يبقى أمام الغرفة النيابية الثانية سوى مراقبة تنفيذ الميزانية، إذ نص الدستور على أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يمارس صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية. كما سيكون لهذا المجلس دور في المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالاتّفاقيّات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثّروات الوطنيّة والمشاريع المتعلقة بمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية والمشاريع المتعلقة بالميزانية، ويذكر في هذا السياق أنه يوجد حاليا أمام أنظار مجلس نواب الشعب مشروع قانون يتعلق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2021 وهو مشروع تم إيداعه من قبل رئاسة الجمهورية بتاريخ 5 نوفمبر 2024 وأحاله مكتب المجلس إلى لجنة المالية والميزانية، ومن المفروض بعد المصادقة عليه في جلسة عامة أن تتم إحالته فورا إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم لكي يتولى دراسته والتصويت عليه.

ولمزيد تيسير العمل المشترك بين المجلسين النيابيين مستقبلا، حان الوقت لكي يعجل كل مجلس بتنقيح نظامه الداخلي في اتجاه ملاءمته مع أحكام المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المنظم للعلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وذلك بالاستئناس بالدروس المستخلصة من التجربة الأولى للجلسات المشتركة التي خصصت للنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي لسنة 2025..

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في أول تجربة للعمل المشترك بين الغرفتين النيابيتين:  قانون المالية لسنة 2025 يولد بعد مخاض عسير

 

ـ تعديل المرسوم المنظم للعلاقات بين المجلسين وارد

-لمزيد تيسير العمل المشترك بين المجلسين النيابيين مستقبلا حان الوقت لتعجيل المجلس بتنقيح نظامه الداخلي

تونس-الصباح

بعد ختمه من قبل رئيس الجمهورية ونشره بالرائد الرسمي، ينتظر أن يدخل قانون المالية لسنة 2025 حيز النفاذ بداية من غرة جانفي المقبل باستثناء الفصل 58 المتعلق بالترفيع إلى 30 بالمائة في نسبة المعاليم الديوانية المستوجبة بعنوان توريد الألواح المركبة من الألمنيوم غير المخلوط والألواح المركبة من خلائط الألمنيوم، فهذا الفصل حسب ما نص عليه هذا القانون في أحكامه الختامية والانتقالية لن يطبق على البضائع عند التوريد التي تثبت سندات النقل الخاصّة بها والمحرّرة قبل غرة جانفي 2025 أنّها كانت موجهة نحو التراب الديواني التونسي والتي تمّ التصريح بها مباشرة للاستهلاك دون أن تكون قد تمّ وضعها تحت نظام المستودعات أو المناطق الحرّة.

وتمخض قانون المالية لسنة 2025 عن نقاشات طويلة وساخنة دارت منذ شهر أكتوبر في قصر باردو بين الوظيفة التنفيذية من جهة والوظيفة التشريعية بغرفتيها النيابيتين من جهة أخرى، وهو يعد عصارة أول تجربة للثنائية البرلمانية في تونس في إطار تطبيق أحكام دستور 2022، والقانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية، والمرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.

إذ نص الدستور بالخصوص على أن يفوّض الشّعب، صاحب السّيادة، الوظيفة التّشريعيّة لمجلس نيابيّ أوّل يسمّى مجلس نوّاب الشّعب ولمجلس نيابيّ ثان يسمّى المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم، وعلى أن تعرض وجوبا على المجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم المشاريع المتعلّقة بميزانيّة الدّولة لضمان التّوازن بين الجهات والأقاليم وعلى أن لا تتمّ المصادقة على قانون الماليّة إلاّ بأغلبيّة الأعضاء الحاضرين بكلّ من المجلسين على ألاّ تقلّ هذه الأغلبيّة عن ثلث أعضاء كلّ مجلس وعلى أن رئيس الجمهوريّة يختص بتقديم مشاريع قوانين الماليّة وعلى أن مقترحات التّنقيح التي يتقدّم بها النّواب لا تكون مقبولة إذا كان من شأنها الإخلال بالتّوازنات الماليّة للدّولة.

 أما القانون الأساسي للميزانية فقد نص بالخصوص، على أن تبدأ السنة المالية في غرة جانفي وتنتهي في تاريخ 31 ديسمبر من نفس السنة، وعلى أن يقتصر قانون المالية على الأحكام المتعلقة بموارد الدولة وتكاليفها دون سواها، وعلى أن يقدر قانون المالية لكل سنة جملة موارد الدولة وتكاليفها ويحدد التوازن المالي الناتج عنها وينصّ على طبيعتها وتوزيعها ويرخص فيها في إطار مخططات التنمية والميزان الاقتصادي وفي إطار الميزانية متوسط المدى وفقا للأهداف والنتائج المنتظرة للبرامج المنصوص عليها بقانون المالية وحسب التوازنات العامة، وعلى أن تخضع التقديرات والبيانات المتعلقة بقانون المالية لمبادئ المصداقية والشفافية ويقتضي مبدأ المصداقية عدم التقليل أو التضخيم من تقديرات التكاليف والموارد المضمنة بقانون المالية وإبراز مكوّنات الأصول المالية وممتلكات الدولة ويقتضي مبدأ الشفافية توضيح دور مختلف هياكل الدولة وتوفير المعلومات حول ميزانية الدولة حسب الأساليب والطرق المتداولة وتوفير التقارير حول تنفيذ ميزانية الدولة والأداء ونشرها للعموم في الآجال، وعلى أنه يمكن لمجلس نواب الشعب أن يقترح إدراج فصول جديدة أو تنقيحات على مشروع قانون المالية في الحالات التالية: للتخفيض في النفقات أو للزيادة في الموارد، لإضافة نفقات جديدة شريطة اقتراح مورد إضافي أو اقتصاد في النفقات لتغطية النفقات الإضافية، لإدخال تعديلات على توزيع الاعتمادات بين البرامج تكون مصحوبة بالتعديلات المقابلة لأهداف ومؤشرات البرامج المعنية بالتعديل.

في حين نص المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المنظم للعلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على قسم كامل ورد تحت عنوان أحكام خاصة بمشاريع قوانين المالية وهو القسم الثالث الذي تضمن فرعا أول، عنوانه الجلسات المشتركة للجان المجلسين المعنية بالنظر في مشاريع قوانين المالية وفرعا ثانيا، عنوانه الجلسات العامة المشتركة بين المجلسين للمصادقة على مشاريع قوانين المالية وتم ضمنه التنصيص على تكوين لجنة متناصفة في صورة مصادقة مجلس نواب الشعب في الجلسة العامة المشتركة على مشروع القانون ومصادقة المجلس الوطني للجهات والأقاليم مع إدخال تعديلات عليه لكي تتولى هذه اللجنة إعداد مشروع نص موحد للأحكام موضوع الخلاف.

اللجان المشتركة

وقبل صدور المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المنظم للعلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، لم تكن الرؤية واضحة أمام أعضاء المجلسين بخصوص كيفية النظر في مشروع قانون المالية، وحتى بعد صدور المرسوم، فقد اختلفت التأويلات بين من يرون أنه يجب تمرير المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة على جميع لجان المجلسين وخاصة لجان المجلس الوطني للجهات والأقاليم لأن الدستور نص بصريح العبارة على العرض الوجوبي للمشاريع المتعلقة بميزانية الدولة على هذا المجلس لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم، وهو ما يعني أن لهذا المجلس دورا محوريا في إقرار الاعتمادات المخصصة للمهمات والمهمات الخاصة بمشروع الميزانية لضمان انجاز مشاريع في مختلف جهات الجمهورية وأقاليمها بكيفية عادلة، في حين هناك من اعتبروا أن اللجنة المختصة بالنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية هي لجنة المالية والميزانية فقط وأنه يتعين الاقتصار على تنظيم جلسات مشتركة بين لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين للنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي وأنه لا دخل لبقية اللجان فيها.

ويذكر في هذا السياق أن الفصل 13 من المرسوم عدد 1 سالف الذكر نص على ما يلي :"تتولى لجان مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم المعنية بالنظر في مشاريع قوانين المالية دراسة هذه المشاريع ومناقشتها في إطار جلسات مشتركة تنعقد بمقر مجلس نواب الشعب. تُعتمد في رئاسة الجلسات المشتركة للّجان المعنية قاعدة التناوب بين أعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم".

وبالعودة إلى قرارات مكتب مجلس نواب الشعب وقرارات المجلس الوطني للجهات والأقاليم يمكن الإشارة إلى أنه كان هناك في البداية توجه نحو تشريك جميع لجان المجلسين في دراسة مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي، وتطبيقا لمقتضيات المرسوم المنظم للعلاقة بين الغرفتين المتصلة بتنظيم جلسات مشتركة بين اللجان، قرر مكتب مجلس نواب الشعب توزيع مشروعي قانوني المالية والميزانية لسنة 2025 على ست مجموعات.. وتضم المجموعة الأولى لجنة المالية والميزانية وتم تكليفها بالنظر في مشروع قانون المالية وميزانيات مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. أما المجموعة الثانية فتضم لجنة التشريع العام ولجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات وزارات العدل والدفاع الوطني والداخلية والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء ومحكمة المحاسبات والمحكمة الدستورية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وتضم المجموعة الثالثة لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة ولجنة الحقوق والحريات ولجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج ووزارة الشؤون الدينية ووزارة السياحة ووزارة الشؤون الثقافية. وتضم المجموعة الرابعة لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية ولجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات رئاسة الحكومة ووزارات تكنولوجيات الاتصال والنقل والتجهيز والإسكان والاقتصاد والتخطيط وأملاك الدولة والشؤون العقارية. في حين تضم المجموعة الخامسة لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري ولجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات وزارات الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري والصناعة والمناجم والطاقة والتجارة وتنمية الصادرات والبيئة، وتضم المجموعة السادسة والأخيرة لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة ولجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة وتم تكليفها بالنظر في ميزانيات وزارات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشباب والرياضة والتشغيل والتكوين المهني والصحة والشؤون الاجتماعية والأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن.

وفي نفس الصدد قرر مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتم النظر في مشروع قانون المالية من قبل لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين، أما المهمات والمهمات الخاصة الواردة بمشروع ميزانية الدولة فتم توزيعها على ست لجان، وتتمثل هذه اللجان في لجنة المالية والميزانية ولجنة القطاعات الإنتاجية ولجنة الاستثمار والتعاون الدولي ولجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية ولجنة النظام الداخلي والحصانة والمسائل القانونية ولجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى.

تنسيق بين الغرفتين

ولحسن تنظيم الجلسات المشتركة بين لجان المجلسين، قرر مكتب مجلس نواب الشعب لاحقا وتحديدا في اجتماعه المنعقد يوم 17 أكتوبر 2024 تشكيل وفد يتولى التنسيق مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم لإحكام تنظيم تلك الجلسات المشتركة، وتركب الوفد من أنور المرزوقي نائب رئيس مجلس نواب الشعب ومن أعضاء مكتب المجلس أيمن البوغديري وبدر الدين القمودي ومحمد أمين الورغي وسيرين المرابط ومن عصام شوشان رئيس لجنة المالية والميزانية وياسر القوراري رئيس لجنة التشريع العام.. ثم قرر المكتب في اجتماعه المنعقد يوم 28 أكتوبر مواصلة عمل الوفد الذي تم تشكيله للتنسيق مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم بخصوص تنظيم الجلسات المشتركة للجان المجلسين بمناسبة نقاش المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، ولكنه قرر في اجتماعه بتاريخ غرة نوفمبر والذي بقي في حالة انعقاد إلى يوم 4 نوفمبر، عقد جلسة عامة مشتركة بين المجلسين يومي 8 و9 نوفمبر 2024 للانطلاق في مناقشة مشروعي ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 بتقديم بيان رئيس الحكومة حولهما وإحالة تقرير لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين حول المشروعين إلى الجلسة العامة المشتركة لنقاشهما ثم تم الاستماع إلى ردود رئيس الحكومة، وبالتالي اقتصرت جلسات اللجان المشتركة على لجنتي المالية والميزانية بالمجلسين أما بقية اللجان فإنها لم تعقد جلسات مشتركة.

كما تم الاقتصار في الجلسات العامة المشتركة للنظر في المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة على تقديم تلك المهمة من قبل الوزير المعني أو رئيس المهمة في حيز زمني تم ضبطه من قبل مكتب مجلس نواب الشعب بربع ساعة وفتح باب النقاش العام وذلك بحساب دقيقة واحدة لكل نائب ويمكن لكل نائب التخلي عن توقيته لنائب آخر، ثم يتولى الوزير أو رئيس المهمة الرد على مداخلات النواب في حيز زمني لا يتجاوز نصف ساعة وبالتالي لم يقع تخصيص حيز زمني كاف لنقاشها خلال تلك الجلسات ولم يقع التصويت في الإبان على الاعتمادات المخصصة لكل مهمة ومهمة خاصة أي الاعتمادات المخصصة لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ولمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم ولمختلف الوزارات وللهيئة العليا المستقلة للانتخابات وللمجلس الأعلى المؤقت للقضاء ولمحكمة المحاسبات بل تم إرجاء التصويت على تلك الاعتمادات إلى الجلسات العامة المشتركة التي انعقدت لاحقا للتصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025.

مقترحات مرفوضة

وبالتوازي مع الجلسات العامة المشتركة لنقاش المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة واصلت لجنتا المالية والميزانية بالمجلسين النظر في مشروع قانون المالية وتم عقد 14 جلسة دامت 78 ساعة وانتهت إلى تعديل العديد من الفصول وإسقاط أخرى ثم تم عرض تقرير مشترك للجنتين على جلسة عامة مشتركة بحضور وزيرة المالية، وبعد الانتهاء من النقاش العام الذي تم فتحه أمام أعضاء المجلسين والاستماع إلى ردود الوزيرة، تم آنذاك التصويت على الاعتمادات المخصصة للمهمات والمهمات الخاصة، وتبعا لذلك لم يتمكن النواب من الغرفتين من تمرير العديد من مقترحات تعديل فصول مشروع قانون المالية أو فصول إضافية، إذ تمسكت وزيرة المالية برفض أي مقترح تعديل أو أي فصل إضافي من شأنه الإخلال بتوازنات الميزانية التي سبق أن صادق عليها كل مجلس في بداية الجلسة العامة المشتركة المخصصة لتصويت أعضائه على هذا المشروع.

 وحتى الفصول الإضافية التي أصر أعضاء مجلس نواب الشعب في بداية الأمر على الإبقاء عليها والتي حظيت بمصادقة جلستهم العامة، فقد اضطروا قبيل المرور للتصويت على مشروع قانون المالية برمته إلى قبول مقترحات تعديلها المقدمة من قبل وزيرة المالية وهي مقترحات أفرغت العديد منها من مضامينها الأصلية، حتى أنه كان حري بهم إسقاط بعضها لأنها لن تضيف شيئا وأبرز مثال على ذلك الفصل الذي يهم المتقاعدين، فبعد أن أقر الفصل الإضافي إعفاءات جبائية هامة على جرايتهم تم العدول عنه والمصادقة على فصل خاو وهو الفصل 83: الذي نص على أن "ينتفع المتقاعدون بالطروحات والامتيازات لغاية ضبط دخلهم الخاضع للضريبة على الدخل طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل". فكل ما تضمنه هذا الفصل هو تكريس لما هو موجود ومعمول به ومطبق حاليا وليس فيه إضافة تذكر فتشكر. ثم وقع في نهاية المطاف المصادقة على عدد قليل جدا من مقترحات الفصول الإضافية، والحال أن عدد الفصول الإضافية التي تقدم بها أعضاء المجلس تجاوزت المائة.

أما المجلس الوطني للجهات والأقاليم فإنه لم يتمكن سوى من تمرير فصلين إضافيين فقط تبنتهما وزيرة المالية في حين تم إسقاط مقترح فصل إضافي يتعلق ببعث صندوق لدعم الرياضيين في الرياضات الفردية وقد سقط هذا الفصل خلال الاجتماعات المشتركة للجنتي المالية والميزانية وكذلك خلال الجلسة العامة المشتركة المخصصة للتصويت أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم على فصول مشروع قانون المالية المصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب.. وتولى المجلس الوطني للجهات والأقاليم تعديل بعض الفصول وقام بإسقاط الفصل المتعلق بجدولة ديون المؤسسات الصغرى والمتوسطة لدى بنك المؤسسات الصغرى والمتوسطة وإسقاط الفصل المتعلق بالتخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة الموظف على بعض المنتجات الفلاحية الموجهة للتحويل الذي يهم الزيتون المصبر..

شرط تعجيزي

ونظرا لمصادقة مجلس نواب الشعب في الجلسة العامة المشتركة على مشروع قانون المالية ومصادقة المجلس الوطني للجهات والأقاليم مع إدخال تعديلات عليه، فقد تم تكوين لجنة متناصفة لإعداد مشروع نصّ موحّد حول الأحكام موضوع الخلاف وفق ما نص عليه المرسوم المنظم للعلاقات بين المجلسين، وتوصلت اللجنة المتناصفة إلى التوافق حول أغلب النقاط الخلافية ولكنها لم تتوصل إلى حلحلة الخلاف حول الفصلين اللذين تم إسقاطهما من قبل المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبذلك لم تتمكن اللجنة المذكورة من تقديم مشروع نص موحد لعرضه على التصويت في جلسة عامة مشتركة ثانية ولهذا السبب أحال رئيس مجلس نوّاب الشّعب مساء أول أمس مشروع قانون الماليّة الذّي كان صادق عليه مجلس نوّاب الشّعب يوم 2 ديسمبر إلى رئيس الجمهوريّة لختمه، وبالتالي فإن الفصلين اللذين أضافهما المجلس الوطني للجهات والأقاليم وغيرهما من التعديلات التي أقرها هذا المجلس لن يقع إدراجها في قانون المالية لسنة 2025 وهو ما يؤكد أن الغرفة النيابية الثانية يبقى دورها محدودا في علاقة بمشاريع قوانين المالية لأن الكلمة الفصل عادت إلى مجلس نواب الشعب إذ تمت إحالة المشروع المصادق عليه من قبل هذا المجلس إلى رئيس الجمهورية لختمه. ولكن يبقى بإمكان مجلس نواب الشعب في قادم الأيام تعديل المرسوم عدد 1 في اتجاه حذف الشرط التعجيزي في علاقة بأعمال اللجنة المتناصفة والتنصيص في القانون المتعلق بالمصادقة على المرسوم عدد 1 سالف الذكر على إحالة الفصول التي يتم التوافق حولها من قبل أعضاء اللجنة المتناصفة على التصويت في جلسة عامة مشتركة ثانية وبهذه الكيفية لا يقع إسقاط جميع تنقيحات وإضافات الغرفة الثانية برمتها لا لشيء إلا لأن اللجنة المتناصفة لم تتوصل إلى تقديم مشروع نص موحد شامل لجميع الأحكام موضوع الخلاف وكان هناك من النواب من طالبوا بتنقيح المرسوم منذ انطلاق الدورة النيابية، كما يمكن لمجلس نواب الشعب تقديم مبادرة تشريعية لتنقيح القانون الأساسي للميزانية في اتجاه الزام وزارة المالية بتشريك الغرفتين النيابيتين في إعداد مشاريع قوانين المالية وتوزيع الاعتمادات حتى لا يجد النواب لاحقا أنفسهم أمام الأمر الواقع وإكراهات توازنات الميزانية..

وبعد ختم قانون المالية من قبل رئيس الجمهورية ونشره، لن يبقى أمام الغرفة النيابية الثانية سوى مراقبة تنفيذ الميزانية، إذ نص الدستور على أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يمارس صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية. كما سيكون لهذا المجلس دور في المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالاتّفاقيّات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثّروات الوطنيّة والمشاريع المتعلقة بمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية والمشاريع المتعلقة بالميزانية، ويذكر في هذا السياق أنه يوجد حاليا أمام أنظار مجلس نواب الشعب مشروع قانون يتعلق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2021 وهو مشروع تم إيداعه من قبل رئاسة الجمهورية بتاريخ 5 نوفمبر 2024 وأحاله مكتب المجلس إلى لجنة المالية والميزانية، ومن المفروض بعد المصادقة عليه في جلسة عامة أن تتم إحالته فورا إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم لكي يتولى دراسته والتصويت عليه.

ولمزيد تيسير العمل المشترك بين المجلسين النيابيين مستقبلا، حان الوقت لكي يعجل كل مجلس بتنقيح نظامه الداخلي في اتجاه ملاءمته مع أحكام المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المنظم للعلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وذلك بالاستئناس بالدروس المستخلصة من التجربة الأولى للجلسات المشتركة التي خصصت للنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية والميزان الاقتصادي لسنة 2025..

سعيدة بوهلال