إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

جملة اعتراضية.. سلاح هنا وسجاد أحمر هناك..

 

لا ندري إن كان علينا أن نهلل لتعزيز الساحة الثقافية العربية بمهرجان سينمائي جديد وناشئ في المملكة العربية السعودية، رغم أنه قد تفوّق من حيث الانتشار على مهرجانات عريقة بما وفره من إمكانيات مادية سمحت بجلب نجوم من الصف الأول في العالم، حتى إن "سبايك لي" بنفسه يرأس هذا العام لجنة تحكيم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وهو له من العمر أربع دورات فقط، أم أن نظل منشغلين بما يحدث في سوريا هذه الأيام من نزاعات عسكرية تهدد بتفكيك البلاد؟

الوضع سوريالي فعلاً. ففي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى ما يحدث في بقعة واسعة من المنطقة العربية، حيث انضمت سوريا إلى محفل الدول العربية التي تهيمن فيها صور القطع الحربية الثقيلة المنتشرة في البلاد، ولا أخبار فيها إلا حول توسع حجم النزاع المسلح بعد الهجوم المباغت الذي شنته قوات مسلحة معارضة ضد النظام السوري وتوغلها في البلاد. وطبعا، كانت الأنظار قبل ذلك مركزة على ما يحدث في لبنان، التي كانت لأكثر من شهرين هدفًا لعدوان صهيوني كبير، وطبعا على فلسطين، أساسًا غزة، التي تستمر في مواجهة العدوان الصهيوني الغاشم، دون أن ننسى الأحداث الحزينة في السودان حيث يسقط الآلاف ضحايا الحرب الأهلية المستمرة بعيدًا عن أعين كاميرات العالم، تتحول بقعة عربية أخرى غير بعيد عن مسرح الحروب والنكبات إلى عاصمة عالمية للسينما.

ففي المملكة العربية السعودية، يفرش السجاد الأحمر هذه الأيام بمناسبة الدورة الجديدة لمهرجانها السينمائي المعروف بـ "ريد سي" أمام النجوم من كل أصقاع الدنيا. بل يتسابق نجوم العالم من هوليود إلى بوليوود من أجل الظهور في المهرجان.

ولنعترف بأنه لا أحد كان يراهن على أن تشهد السعودية مثل هذه التظاهرات ومثل هذه الاحتفالات. وما كان أحد يتصور من قبل أن نجوماً عالميين من هوليود بالخصوص سيضعون في يومٍ ما قدمهم على أرض المملكة، إلى أن جاء اليوم الذي بات فيه عاديًا جدًا أن ترى من بين الضيوف مايكل دوغلاس وزوجته الممثلة أيضًا كاترين زيتا جونز، ومن بين النجوم الآخرين: ميريل ستريب، وجنيفر لوبيز، وكريس هيمسوورث، وغيرهم. ولا ننسى النجمات العربيات اللواتي أصبحن لا يترددن في الظهور على السجاد الأحمر بالمملكة بأكثر الفساتين جرأة. حتى لنتخيل أحيانًا، وفي زحمة الحضور بين شرق وغرب، مع حضور لافت لنجوم ونجمات تركيا، أننا في مهرجان سينمائي عالمي في "البندقية" الإيطالية أو في "كان" الفرنسية المعتادتين على مثل هذه الاحتفاليات وعلى استقبال أبرز نجوم العالم.

الموقف جدير فعلاً بالتوقف والتأمل. فلكأننا إزاء كوكبين متباعدين لا يجمع بينهما شيء: لا تاريخ، ولا جغرافيا، ولا حاضر، ولا مستقبل. هنا سلاح ونار وإحصاء لعدد القتلى والجرحى وصوت البارود وفارون مرعوبون من الحرب لا يجدون ملاجئ كافية، وهناك سجاد أحمر ونجوم في كامل زينتها واستعراض للجمال وسكينة قاعات السينما وصمت لمتابعة الأفلام. بلغة أخرى، كل يعيش في فلكه.

فهل نحن في منطقة عربية واحدة؟ ثم أيهما أصدق صورة؟ وأيهما أكثر تعبيرًا عن واقع المنطقة العربية اليوم؟ وأيهما أقرب إلى التعبير عن الحقيقة؟

حياة السايب

 

 

 

 

 

لا ندري إن كان علينا أن نهلل لتعزيز الساحة الثقافية العربية بمهرجان سينمائي جديد وناشئ في المملكة العربية السعودية، رغم أنه قد تفوّق من حيث الانتشار على مهرجانات عريقة بما وفره من إمكانيات مادية سمحت بجلب نجوم من الصف الأول في العالم، حتى إن "سبايك لي" بنفسه يرأس هذا العام لجنة تحكيم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وهو له من العمر أربع دورات فقط، أم أن نظل منشغلين بما يحدث في سوريا هذه الأيام من نزاعات عسكرية تهدد بتفكيك البلاد؟

الوضع سوريالي فعلاً. ففي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى ما يحدث في بقعة واسعة من المنطقة العربية، حيث انضمت سوريا إلى محفل الدول العربية التي تهيمن فيها صور القطع الحربية الثقيلة المنتشرة في البلاد، ولا أخبار فيها إلا حول توسع حجم النزاع المسلح بعد الهجوم المباغت الذي شنته قوات مسلحة معارضة ضد النظام السوري وتوغلها في البلاد. وطبعا، كانت الأنظار قبل ذلك مركزة على ما يحدث في لبنان، التي كانت لأكثر من شهرين هدفًا لعدوان صهيوني كبير، وطبعا على فلسطين، أساسًا غزة، التي تستمر في مواجهة العدوان الصهيوني الغاشم، دون أن ننسى الأحداث الحزينة في السودان حيث يسقط الآلاف ضحايا الحرب الأهلية المستمرة بعيدًا عن أعين كاميرات العالم، تتحول بقعة عربية أخرى غير بعيد عن مسرح الحروب والنكبات إلى عاصمة عالمية للسينما.

ففي المملكة العربية السعودية، يفرش السجاد الأحمر هذه الأيام بمناسبة الدورة الجديدة لمهرجانها السينمائي المعروف بـ "ريد سي" أمام النجوم من كل أصقاع الدنيا. بل يتسابق نجوم العالم من هوليود إلى بوليوود من أجل الظهور في المهرجان.

ولنعترف بأنه لا أحد كان يراهن على أن تشهد السعودية مثل هذه التظاهرات ومثل هذه الاحتفالات. وما كان أحد يتصور من قبل أن نجوماً عالميين من هوليود بالخصوص سيضعون في يومٍ ما قدمهم على أرض المملكة، إلى أن جاء اليوم الذي بات فيه عاديًا جدًا أن ترى من بين الضيوف مايكل دوغلاس وزوجته الممثلة أيضًا كاترين زيتا جونز، ومن بين النجوم الآخرين: ميريل ستريب، وجنيفر لوبيز، وكريس هيمسوورث، وغيرهم. ولا ننسى النجمات العربيات اللواتي أصبحن لا يترددن في الظهور على السجاد الأحمر بالمملكة بأكثر الفساتين جرأة. حتى لنتخيل أحيانًا، وفي زحمة الحضور بين شرق وغرب، مع حضور لافت لنجوم ونجمات تركيا، أننا في مهرجان سينمائي عالمي في "البندقية" الإيطالية أو في "كان" الفرنسية المعتادتين على مثل هذه الاحتفاليات وعلى استقبال أبرز نجوم العالم.

الموقف جدير فعلاً بالتوقف والتأمل. فلكأننا إزاء كوكبين متباعدين لا يجمع بينهما شيء: لا تاريخ، ولا جغرافيا، ولا حاضر، ولا مستقبل. هنا سلاح ونار وإحصاء لعدد القتلى والجرحى وصوت البارود وفارون مرعوبون من الحرب لا يجدون ملاجئ كافية، وهناك سجاد أحمر ونجوم في كامل زينتها واستعراض للجمال وسكينة قاعات السينما وصمت لمتابعة الأفلام. بلغة أخرى، كل يعيش في فلكه.

فهل نحن في منطقة عربية واحدة؟ ثم أيهما أصدق صورة؟ وأيهما أكثر تعبيرًا عن واقع المنطقة العربية اليوم؟ وأيهما أقرب إلى التعبير عن الحقيقة؟

حياة السايب