- جدول الضريبة الجديد سيعود بنفع مالي على المتقاعدين حيث ستشهد جراياتهم زيادات متفاوتة
تونس-الصباح
أكثر من مليون و200 ألف، متقاعد في تونس تصرف رواتبهم من صندوقين في مجال شبكات الأمان المالي هما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية خصهم مشروع قانون المالية لسنة 2025 بإجراء تخفيف العبء الجبائي الذي ستكون انعكاساته جد إيجابية على جراياتهم بعد أن تمت المصادقة من قبل نواب الشعب يوم الاثنين على فصل اضافي لمشروع قانون المالية يلغي بمقتضاه امتياز اعفاء جرايات المتقاعدين من الضريبة ويقر انتفاع المتقاعدين بالطروحات والامتيازات الى غاية ضبط دخلهم الخاضع للضريبة على الدخل طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل.
وفاء بن محمد
وقد صادق النواب على مقترح ينص على تخفيف الضرائب المفروضة على جرايات المتقاعدين وجرايات الأيتام والعجز، بحيث يبدأ تطبيقه تدريجيًا من عام 2025. ينقسم الإجراء إلى تخفيف الجباية على جرايات الأيتام وجرايات العجز من بداية عام 2025، وعلى جرايات المتقاعدين بنسبة تخفيف تصل إلى 60% على مدى ثلاث سنوات بداية من عام 2026.
ورغم الترحيب الواسع بهذا الإجراء من قبل المتقاعدين ونواب داعمين للمقترح، إلا أن وزيرة المالية، سهام البوغديري نمصية، حذرت من تأثيره الكبير على التوازنات المالية للدولة. إذ قدّرت التكلفة السنوية بحوالي 902 مليون دينار، مما يعكس حجم الضغط الذي يمكن أن يمارسه على ميزانية الدولة. كما أشارت إلى أن الإجراءات المقترحة قد تكون مخالفة لأحكام قانون الميزانية والدستور، ما يفتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول استدامة هذه السياسة.
تحديات مالية واقتصادية
الوضع المالي العام في تونس يعاني من اختلالات عميقة، تتجلى في عجز الموازنات وتنامي الدين العام. ورغم أن المتقاعدين يتمتعون حاليًا بامتيازات تفاضلية، منها الطرح الجبائي الخاص بجراياتهم والبالغ 25%، مقارنة بـ10% فقط للأجراء، بالإضافة إلى إعفاء مبلغ 5000 دينار من الضريبة، فإن ذلك لم ينعكس بشكل كافٍ على تحسين أوضاعهم المعيشية.
ووفقًا لتصريحات وزيرة المالية، فإن جدول الضريبة الجديد، الذي تم اعتماده مؤخرًا، سيعود بالنفع الأكبر على المتقاعدين، حيث ستشهد جراياتهم زيادات متفاوتة حسب مستوياتها. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا حول قدرة الدولة على تحمل أعباء إضافية في ظل أزمة مالية حادة.
بين واقع صعب وحفاظ على التوازنات
يذكر أن أوضاع المتقاعدين في تونس تتسّم بخصوصية تجعلهم في صلب السياسات الاجتماعية والمالية. فمع ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، يعاني العديد منهم من صعوبات في تغطية احتياجاتهم الأساسية، خاصة في ظل غياب سياسات كافية لدعم الفئات الهشة منهم.
في المقابل، تواجه الدولة تحديًا مزدوجًا يتمثل في تحسين ظروف المتقاعدين، مع الحفاظ على استقرار التوازنات المالية. وهذا يتطلب رؤية إصلاحية شاملة تراعي حقوق المتقاعدين دون أن تثقل كاهل الدولة بديون إضافية.
ويمكن أن يكون تحسين الوضعية الاجتماعية للمتقاعدين مدخلاً لإصلاح أوسع لمنظومة الحماية الاجتماعية في تونس. ومن ذلك ضرورة إصلاح شامل لأنظمة التقاعد، اصلاح يرتكز على تعزيز استدامتها المالية والعدالة في توزيع المنافع. وكذلك تعزيز سياسات الدعم الاجتماعي لضمان وصول الموارد إلى الفئات الأكثر حاجة بين المتقاعدين. مع تنويع مصادر التمويل لتخفيف الاعتماد على موارد الدولة المباشرة، كإنشاء صناديق تضامنية أو شراكات مع القطاع الخاص.
ويبقى ملف المتقاعدين في تونس من بين الملفات التي ستمثل تحديا حقيقيًا أمام الدولة لإثبات قدرتها على تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية في ظل وضع اجتماعي معقد ووضع اقتصادي صعب.
وبينما يمثل تخفيف العبء الجبائي على فئة هامة من المجتمع خطوة إيجابية تجسد المنحى والإرادة السياسية التي تراعي بشكل كبير واقع المواطن، فان هذا الاجراء يتطلبّ خطة إصلاح متكاملة تأخذ بعين الاعتبار مصالح كافة الأطراف.
يذكر أن عدد المتقاعدين في تونس يتزايد سنويًا بناءً على إحصائيات الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية (CNRPS) للقطاع العام والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) للقطاع الخاص. وبلغ الرقم خلال عام 2024 حوالي1.2 مليون شخص، وهو نتيجة للتزايد المستمر في عدد المشتغلين الذين يصلون إلى سن التقاعد (السن القانونية محددة بـ 62 سنة في القطاع العمومي وبـ60 سنة في القطاع الخاص)، إلى جانب سياسات تقاعد مبكر لبعض الفئات لأسباب صحية أو اجتماعية منها العمل ببرنامج التقاعد قبل بلوغ السنّ القانونية وفق أحكام الفصل 14 من المرسوم عدد 21 لسنة 2021، المتعلّق بقانون المالية لسنة 2022، او الذي تم التمديد فيه في مشروع قانون المالية الحالي بنفس الشروط والإجراءات والصيغ والتراتيب الجاري بها العمل، وذلك خلال الفترة الممتدة بين غرة جانفي 2025 و31 ديسمبر 2028.
- جدول الضريبة الجديد سيعود بنفع مالي على المتقاعدين حيث ستشهد جراياتهم زيادات متفاوتة
تونس-الصباح
أكثر من مليون و200 ألف، متقاعد في تونس تصرف رواتبهم من صندوقين في مجال شبكات الأمان المالي هما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية خصهم مشروع قانون المالية لسنة 2025 بإجراء تخفيف العبء الجبائي الذي ستكون انعكاساته جد إيجابية على جراياتهم بعد أن تمت المصادقة من قبل نواب الشعب يوم الاثنين على فصل اضافي لمشروع قانون المالية يلغي بمقتضاه امتياز اعفاء جرايات المتقاعدين من الضريبة ويقر انتفاع المتقاعدين بالطروحات والامتيازات الى غاية ضبط دخلهم الخاضع للضريبة على الدخل طبقا للتشريع الجبائي الجاري به العمل.
وفاء بن محمد
وقد صادق النواب على مقترح ينص على تخفيف الضرائب المفروضة على جرايات المتقاعدين وجرايات الأيتام والعجز، بحيث يبدأ تطبيقه تدريجيًا من عام 2025. ينقسم الإجراء إلى تخفيف الجباية على جرايات الأيتام وجرايات العجز من بداية عام 2025، وعلى جرايات المتقاعدين بنسبة تخفيف تصل إلى 60% على مدى ثلاث سنوات بداية من عام 2026.
ورغم الترحيب الواسع بهذا الإجراء من قبل المتقاعدين ونواب داعمين للمقترح، إلا أن وزيرة المالية، سهام البوغديري نمصية، حذرت من تأثيره الكبير على التوازنات المالية للدولة. إذ قدّرت التكلفة السنوية بحوالي 902 مليون دينار، مما يعكس حجم الضغط الذي يمكن أن يمارسه على ميزانية الدولة. كما أشارت إلى أن الإجراءات المقترحة قد تكون مخالفة لأحكام قانون الميزانية والدستور، ما يفتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول استدامة هذه السياسة.
تحديات مالية واقتصادية
الوضع المالي العام في تونس يعاني من اختلالات عميقة، تتجلى في عجز الموازنات وتنامي الدين العام. ورغم أن المتقاعدين يتمتعون حاليًا بامتيازات تفاضلية، منها الطرح الجبائي الخاص بجراياتهم والبالغ 25%، مقارنة بـ10% فقط للأجراء، بالإضافة إلى إعفاء مبلغ 5000 دينار من الضريبة، فإن ذلك لم ينعكس بشكل كافٍ على تحسين أوضاعهم المعيشية.
ووفقًا لتصريحات وزيرة المالية، فإن جدول الضريبة الجديد، الذي تم اعتماده مؤخرًا، سيعود بالنفع الأكبر على المتقاعدين، حيث ستشهد جراياتهم زيادات متفاوتة حسب مستوياتها. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا حول قدرة الدولة على تحمل أعباء إضافية في ظل أزمة مالية حادة.
بين واقع صعب وحفاظ على التوازنات
يذكر أن أوضاع المتقاعدين في تونس تتسّم بخصوصية تجعلهم في صلب السياسات الاجتماعية والمالية. فمع ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، يعاني العديد منهم من صعوبات في تغطية احتياجاتهم الأساسية، خاصة في ظل غياب سياسات كافية لدعم الفئات الهشة منهم.
في المقابل، تواجه الدولة تحديًا مزدوجًا يتمثل في تحسين ظروف المتقاعدين، مع الحفاظ على استقرار التوازنات المالية. وهذا يتطلب رؤية إصلاحية شاملة تراعي حقوق المتقاعدين دون أن تثقل كاهل الدولة بديون إضافية.
ويمكن أن يكون تحسين الوضعية الاجتماعية للمتقاعدين مدخلاً لإصلاح أوسع لمنظومة الحماية الاجتماعية في تونس. ومن ذلك ضرورة إصلاح شامل لأنظمة التقاعد، اصلاح يرتكز على تعزيز استدامتها المالية والعدالة في توزيع المنافع. وكذلك تعزيز سياسات الدعم الاجتماعي لضمان وصول الموارد إلى الفئات الأكثر حاجة بين المتقاعدين. مع تنويع مصادر التمويل لتخفيف الاعتماد على موارد الدولة المباشرة، كإنشاء صناديق تضامنية أو شراكات مع القطاع الخاص.
ويبقى ملف المتقاعدين في تونس من بين الملفات التي ستمثل تحديا حقيقيًا أمام الدولة لإثبات قدرتها على تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية في ظل وضع اجتماعي معقد ووضع اقتصادي صعب.
وبينما يمثل تخفيف العبء الجبائي على فئة هامة من المجتمع خطوة إيجابية تجسد المنحى والإرادة السياسية التي تراعي بشكل كبير واقع المواطن، فان هذا الاجراء يتطلبّ خطة إصلاح متكاملة تأخذ بعين الاعتبار مصالح كافة الأطراف.
يذكر أن عدد المتقاعدين في تونس يتزايد سنويًا بناءً على إحصائيات الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية (CNRPS) للقطاع العام والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) للقطاع الخاص. وبلغ الرقم خلال عام 2024 حوالي1.2 مليون شخص، وهو نتيجة للتزايد المستمر في عدد المشتغلين الذين يصلون إلى سن التقاعد (السن القانونية محددة بـ 62 سنة في القطاع العمومي وبـ60 سنة في القطاع الخاص)، إلى جانب سياسات تقاعد مبكر لبعض الفئات لأسباب صحية أو اجتماعية منها العمل ببرنامج التقاعد قبل بلوغ السنّ القانونية وفق أحكام الفصل 14 من المرسوم عدد 21 لسنة 2021، المتعلّق بقانون المالية لسنة 2022، او الذي تم التمديد فيه في مشروع قانون المالية الحالي بنفس الشروط والإجراءات والصيغ والتراتيب الجاري بها العمل، وذلك خلال الفترة الممتدة بين غرة جانفي 2025 و31 ديسمبر 2028.