إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أزمة الاتحاد متواصلة والحلول لم تحسم.. القيادة بين التجاهل الرسمي و"الغضب النقابي"

 

-   وضعية الاتحاد الواهنة والمرتبكة جعلت منه رغم كل المكابرة طرفا اجتماعيا ضعيفا

 تونس – الصباح

يعيش الاتحاد العام التونسي للشغل "مخاضا" وهو ما يقتضي على القيادة تغيير خطاباتها تجاه منظوريها، ذلك ما أكّده الأمين العام نور الدين الطبوبي على هامش التجمّع العمالي الذي انتظم مؤخرا بمناسبة إحياء ذكرى اغتيال الزعيم النقابي الفذّ فرحات حشّاد، وقد جدّد الاتحاد خلال هذا التجمّع العمّالي رفضه لاستهداف الحقوق والحريات وفي مقدّمتها الحق النقابي والحق في الإضراب..

وتعود ذكرى اغتيال فرحات حشّاد هذه السنة في مرحلة أكثر اضطرابا بالنسبة للاتحاد وتشتّتا، وقد يكون الوصف المناسب لها يتجاوز مصطلح "مخاض" إلى واقع أزمة داخلية تكبر وتشتّد يوما بعد يوم لم ينفها الطبوبي وذلك للمرة الثانية بعد اعترافه بها أول مرة بمناسبة انعقاد المجلس الوطني، بل علّق عليها بأنها أزمة متعددة الأطراف ولا تشبه ما سبق، كما أشار الطبوبي في تعليقه على الوضع الراهن إلى أنه لا يجب أن يتحمل المسؤولية وحده وأن هناك مكونات سياسية ومكونات المجتمع المدني والسلطة القائمة اليوم تتحمل مسؤولياتها بدورها..

 وبصرف النظر عن الأطراف المُتحدّث عنها من طرف الأمين العام لاتحاد الشغل، فإن تقلّص حضور المنظمة النقابية العريقة في كل ما له علاقة بقضايا الشأن العام وتراجع أدوارها كان للأزمة النقابية الداخلية دور فيه، هذه الأزمة التي اندلعت بعد تنقيح الفصل20 من النظام الداخلي للاتحاد ظلت على مدار الأشهر الماضية تتدحرج ككرة النار وتسحب إليها غاضبين جدد من القيادة النقابية الحالية، ولعلّ ما ذكره الأمين العام المساعد أنور بن قدور بأن "الحدّ الأدنى من العمل المشترك بين أعضاء المكتب التنفيذي لم يعد متوفّرا"،  وليس إلا مؤشرا جديدا وخطيرا عن استفحال هذه الأزمة دون وجود إرادة واضحة وحقيقية للبحث عن حلول قبل فوات الأوان.

ووضعية الاتحاد الواهنة والمرتبكة جعلت منه اليوم، رغم كل المكابرة، طرفا اجتماعيا ضعيفا لا يستطيع فرض وجهة نظره أو حتى التفاوض بندية مع الحكومة وتلبية احتياجات العمّال والمطلبية المتزايدة يوما بعد يوم، لتتواصل الأزمة دون حلول، مع استفحال الوهن والعجز ليبقى الاتحاد العام التونسي للشغل عالقا بين التجاهل الرسمي من كل أطراف ومكوّنات السلطة وبين الغضب النقابي المتأجّج في مختلف القطاعات والجامعات !

الحوار الاجتماعي.. غائب في زحام الأحداث

في التجمّع العمالي الأخير بمناسبة ذكرى اغتيال حشّاد دعا الاتحاد إلى استئناف الحوار الاجتماعي المعطّل منذ أشهر وفتح باب المفاوضات الاجتماعية المغلقة من طرف كل الحكومات التي تعاقبت منذ إعلان إجراءات 25 جويلية. الاتحاد دعا أيضا إلى ضرورة تحسين الأجور وتطوير التشريعات الشغلية ومراجعة الأعباء الضريبية حماية لحقوق العمّال وتداركا لتدهور المقدرة الشرائية للأجراء في مواجهة رفع الدّعم والغلاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية والاستهلاكية والخدمات، ورفض التشغيل الهش وتسوية وضعيات المهنية، وهي كلها مطالب اجتماعية طالما تبناها الاتحاد وكانت دائما محل تفاوض ونقاش مع مختلف الحكومات، ولكن منذ حكومة نجلاء بودن فترت علاقة الحكومة باتحاد الشغل وتواصل الأمر بأكثر حدّة مع رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني ويتواصل اليوم نفس التجاهل لوجود الاتحاد مع حكومة كمال المدّوري، رغم تمسّك الاتحاد في بيانه الأخير بمناسبة إحياء ذكرى حشّاد بأن الحوار الاجتماعي يعد مكسبا وطنيا، وأن التقدّم والتنمية والديمقراطية لا تتحقق دون تشاركية فعلية، وفق ما ورد في نصّ البيان.

في ذات السياق يرى الاتحاد أن الخدمات التي يقدمها المرفق العام من صحة ونقل تشهد تدهورا وأنه يجب إنقاذ المرفق العمومي وتحسين خدماته، كما دعت المنظمة الشغيلة إلى إنقاذ المؤسسات العمومية والمحافظة على ديمومتها وضمان قدرتها التنافسية، كما تمسّكت المنظمة بدعم الدولة للمواد الأساسية باعتبار أن الدعم يعد تدخّلا تعديليا وتكميليا للأجور المتردية، وشدّدت المنظمة على ضرورة فتح جولة جديدة من المفاوضات في الوظيفة العمومية والقطاع الخاص  .

كل هذه المطالب الاجتماعية يحاول الاتحاد التذكير بها في كل مناسبة وفي كل تجمّع عمّالي، إلا أن الطرف الحكومي باعتباره الطرف الشريك في التفاوض حول كل هذه المطالب يتجاهل كل مرة ومع كل رؤساء الحكومة المتعاقبين مطالب الاتحاد ولا يمدّ يده إلى القيادة النقابية، في المقابل فإن الحكومة تؤكّد دائما التزامها بالخيارات الاجتماعية التي يطرحها رئيس الجمهورية وبرؤية الرئاسة بضرورة ترسيخ فكرة الدولة الاجتماعية أقوالا وأفعالا، وعلى ما يبدو أن الحكومة ترى أن المطالب الاجتماعية التي يطرحها الاتحاد أو بقية المطالب هي اليوم خيارات تنتهجها الدولة وتريد تركيزها دون تفاوض ..

انتقادات لقانون الميزانية ..

انتقد الخبير الاقتصادي بقسم الدراسات بالاتحاد العام التونسي للشغل كريم الطرابلسي، ميزانية الدولة لسنة 2025 واعتبرها مستنسخة من نظيرتها لسنة 2024 من ناحية غياب النفس الإصلاحي فيها وغياب الأهداف التنموية والإصلاحية وغلبة هاجس التوازنات المالية على حساب الإصلاحات ذات الطابع التنموي والاقتصادي، وذلك في تصريحات إذاعية على هامش ندوة نظمها الاتحاد الجهوي للشغل بتونس حول قانون الميزانية الجديد.

 الطرابلسي شدّد كذلك على ضرورة إصلاح منظومة الدعم باعتبارها تستنزف الميزانية ولا تحقق أهدافها رغم أنها تقدر بأكثر من 7% من الناتج الداخلي، وينسجم هذا الموقف مع موقف قيادة الاتحاد حيث علّق الأمين العام نور الدين الطبوبي على مشروع قانون المالية الجديد بأنه يتضمّن إجراءات محسابتية، وأن الدولة بقيت تبحث عن سدّ الثغرات من خلال الجباية، مؤكدا على أهمية التفكير في خلق الثروات والاستثمار والتوصل إلى رؤية شاملة للخروج من المأزق.

بدوره اعتبر الأمين العام المساعد سمير الشفي أنه تم تغييب صوت الإتحاد العام التونسي للشغل أثناء مناقشة مشروع الميزانية، موضّحا أنّ الحكومة لم تقم بإرسال نسخة من مشروع قانون المالية لسنة 2025، للمنظمة الشغيلة حتى تبدي رأيها، وأن هذا القانون سيساهم في تعميق الأزمة الاجتماعية، وفق تعبيره.

أزمة مفتوحة

ولعل غياب الاتحاد غير المألوف، بالعودة إلى سنوات خلت، عن مشروع قانون الميزانية أو عن المفاوضات الاجتماعية كان من الأسباب التي عمّقت الأزمة داخله، حيث يرى عدد كبير من النقابيين الغاضبين من القيادة الحالية أن الاتحاد لم يحسن التعامل مع المرحلة ولم يطوّر أساليب عمله وتفاعله مع المستجدات بما في ذلك المستجدات السياسية.. واليوم هذه الأزمة تتمدّد أكثر داخل هياكل الاتحاد بما في ذلك المكتب التنفيذي حيث عبّر الأمين العام المساعد أنور بن قدور منذ أيام قليلة عن موقفه من تلك الأزمة قائلا إن "الاتحاد يعيش أزمة غير مسبوقة من الارتباك وعدم الوضوح» و«أن الحد الأدنى من العمل المشترك بين أعضاء المكتب التنفيذي لم يعد متوفرا»،  ودعا بن قدّور إلى عقد مؤتمر للاتحاد العام التونسي للشغل بداية العام القادم واعتبر ذلك هو الحل الوحيد للحفاظ على وحدة الاتحاد، مقرّا بوجود خلافات وتباين في وجهات النظر لم يعد بالإمكان تجاهلها .

ولكن وجهة نظر بن قدور في الذهاب إلى مؤتمر استثنائي أو مؤتمر سابق لآوىنه لا تمثّل كل النقابيين الغاضبين اليوم من القيادة المركزية، حيث هناك شق يرى أنه يجب أن تتولّى هيئة تسييرية الإشراف على المنظمة إلى أن يحين موعد المؤتمر في 2027 وتكون في الأثناء الهيئة عملت على إعادة ترميم التصدّعات الداخلية بالمنظمة، والى اليوم هناك اتفاق على فشل القيادة الحالية للاتحاد في تطويق الصراعات الداخلية واتفاق على ضرورة إيجاد حلّ يعيد للمنظمة قوّتها وصلابتها ولكن ما هو ذلك الحلّ؟.. هذا ما لم يتم الاتفاق عليه إلى اليوم !

منية العرفاوي

أزمة الاتحاد متواصلة والحلول لم تحسم..   القيادة بين التجاهل الرسمي و"الغضب النقابي"

 

-   وضعية الاتحاد الواهنة والمرتبكة جعلت منه رغم كل المكابرة طرفا اجتماعيا ضعيفا

 تونس – الصباح

يعيش الاتحاد العام التونسي للشغل "مخاضا" وهو ما يقتضي على القيادة تغيير خطاباتها تجاه منظوريها، ذلك ما أكّده الأمين العام نور الدين الطبوبي على هامش التجمّع العمالي الذي انتظم مؤخرا بمناسبة إحياء ذكرى اغتيال الزعيم النقابي الفذّ فرحات حشّاد، وقد جدّد الاتحاد خلال هذا التجمّع العمّالي رفضه لاستهداف الحقوق والحريات وفي مقدّمتها الحق النقابي والحق في الإضراب..

وتعود ذكرى اغتيال فرحات حشّاد هذه السنة في مرحلة أكثر اضطرابا بالنسبة للاتحاد وتشتّتا، وقد يكون الوصف المناسب لها يتجاوز مصطلح "مخاض" إلى واقع أزمة داخلية تكبر وتشتّد يوما بعد يوم لم ينفها الطبوبي وذلك للمرة الثانية بعد اعترافه بها أول مرة بمناسبة انعقاد المجلس الوطني، بل علّق عليها بأنها أزمة متعددة الأطراف ولا تشبه ما سبق، كما أشار الطبوبي في تعليقه على الوضع الراهن إلى أنه لا يجب أن يتحمل المسؤولية وحده وأن هناك مكونات سياسية ومكونات المجتمع المدني والسلطة القائمة اليوم تتحمل مسؤولياتها بدورها..

 وبصرف النظر عن الأطراف المُتحدّث عنها من طرف الأمين العام لاتحاد الشغل، فإن تقلّص حضور المنظمة النقابية العريقة في كل ما له علاقة بقضايا الشأن العام وتراجع أدوارها كان للأزمة النقابية الداخلية دور فيه، هذه الأزمة التي اندلعت بعد تنقيح الفصل20 من النظام الداخلي للاتحاد ظلت على مدار الأشهر الماضية تتدحرج ككرة النار وتسحب إليها غاضبين جدد من القيادة النقابية الحالية، ولعلّ ما ذكره الأمين العام المساعد أنور بن قدور بأن "الحدّ الأدنى من العمل المشترك بين أعضاء المكتب التنفيذي لم يعد متوفّرا"،  وليس إلا مؤشرا جديدا وخطيرا عن استفحال هذه الأزمة دون وجود إرادة واضحة وحقيقية للبحث عن حلول قبل فوات الأوان.

ووضعية الاتحاد الواهنة والمرتبكة جعلت منه اليوم، رغم كل المكابرة، طرفا اجتماعيا ضعيفا لا يستطيع فرض وجهة نظره أو حتى التفاوض بندية مع الحكومة وتلبية احتياجات العمّال والمطلبية المتزايدة يوما بعد يوم، لتتواصل الأزمة دون حلول، مع استفحال الوهن والعجز ليبقى الاتحاد العام التونسي للشغل عالقا بين التجاهل الرسمي من كل أطراف ومكوّنات السلطة وبين الغضب النقابي المتأجّج في مختلف القطاعات والجامعات !

الحوار الاجتماعي.. غائب في زحام الأحداث

في التجمّع العمالي الأخير بمناسبة ذكرى اغتيال حشّاد دعا الاتحاد إلى استئناف الحوار الاجتماعي المعطّل منذ أشهر وفتح باب المفاوضات الاجتماعية المغلقة من طرف كل الحكومات التي تعاقبت منذ إعلان إجراءات 25 جويلية. الاتحاد دعا أيضا إلى ضرورة تحسين الأجور وتطوير التشريعات الشغلية ومراجعة الأعباء الضريبية حماية لحقوق العمّال وتداركا لتدهور المقدرة الشرائية للأجراء في مواجهة رفع الدّعم والغلاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية والاستهلاكية والخدمات، ورفض التشغيل الهش وتسوية وضعيات المهنية، وهي كلها مطالب اجتماعية طالما تبناها الاتحاد وكانت دائما محل تفاوض ونقاش مع مختلف الحكومات، ولكن منذ حكومة نجلاء بودن فترت علاقة الحكومة باتحاد الشغل وتواصل الأمر بأكثر حدّة مع رئيس الحكومة السابق أحمد الحشاني ويتواصل اليوم نفس التجاهل لوجود الاتحاد مع حكومة كمال المدّوري، رغم تمسّك الاتحاد في بيانه الأخير بمناسبة إحياء ذكرى حشّاد بأن الحوار الاجتماعي يعد مكسبا وطنيا، وأن التقدّم والتنمية والديمقراطية لا تتحقق دون تشاركية فعلية، وفق ما ورد في نصّ البيان.

في ذات السياق يرى الاتحاد أن الخدمات التي يقدمها المرفق العام من صحة ونقل تشهد تدهورا وأنه يجب إنقاذ المرفق العمومي وتحسين خدماته، كما دعت المنظمة الشغيلة إلى إنقاذ المؤسسات العمومية والمحافظة على ديمومتها وضمان قدرتها التنافسية، كما تمسّكت المنظمة بدعم الدولة للمواد الأساسية باعتبار أن الدعم يعد تدخّلا تعديليا وتكميليا للأجور المتردية، وشدّدت المنظمة على ضرورة فتح جولة جديدة من المفاوضات في الوظيفة العمومية والقطاع الخاص  .

كل هذه المطالب الاجتماعية يحاول الاتحاد التذكير بها في كل مناسبة وفي كل تجمّع عمّالي، إلا أن الطرف الحكومي باعتباره الطرف الشريك في التفاوض حول كل هذه المطالب يتجاهل كل مرة ومع كل رؤساء الحكومة المتعاقبين مطالب الاتحاد ولا يمدّ يده إلى القيادة النقابية، في المقابل فإن الحكومة تؤكّد دائما التزامها بالخيارات الاجتماعية التي يطرحها رئيس الجمهورية وبرؤية الرئاسة بضرورة ترسيخ فكرة الدولة الاجتماعية أقوالا وأفعالا، وعلى ما يبدو أن الحكومة ترى أن المطالب الاجتماعية التي يطرحها الاتحاد أو بقية المطالب هي اليوم خيارات تنتهجها الدولة وتريد تركيزها دون تفاوض ..

انتقادات لقانون الميزانية ..

انتقد الخبير الاقتصادي بقسم الدراسات بالاتحاد العام التونسي للشغل كريم الطرابلسي، ميزانية الدولة لسنة 2025 واعتبرها مستنسخة من نظيرتها لسنة 2024 من ناحية غياب النفس الإصلاحي فيها وغياب الأهداف التنموية والإصلاحية وغلبة هاجس التوازنات المالية على حساب الإصلاحات ذات الطابع التنموي والاقتصادي، وذلك في تصريحات إذاعية على هامش ندوة نظمها الاتحاد الجهوي للشغل بتونس حول قانون الميزانية الجديد.

 الطرابلسي شدّد كذلك على ضرورة إصلاح منظومة الدعم باعتبارها تستنزف الميزانية ولا تحقق أهدافها رغم أنها تقدر بأكثر من 7% من الناتج الداخلي، وينسجم هذا الموقف مع موقف قيادة الاتحاد حيث علّق الأمين العام نور الدين الطبوبي على مشروع قانون المالية الجديد بأنه يتضمّن إجراءات محسابتية، وأن الدولة بقيت تبحث عن سدّ الثغرات من خلال الجباية، مؤكدا على أهمية التفكير في خلق الثروات والاستثمار والتوصل إلى رؤية شاملة للخروج من المأزق.

بدوره اعتبر الأمين العام المساعد سمير الشفي أنه تم تغييب صوت الإتحاد العام التونسي للشغل أثناء مناقشة مشروع الميزانية، موضّحا أنّ الحكومة لم تقم بإرسال نسخة من مشروع قانون المالية لسنة 2025، للمنظمة الشغيلة حتى تبدي رأيها، وأن هذا القانون سيساهم في تعميق الأزمة الاجتماعية، وفق تعبيره.

أزمة مفتوحة

ولعل غياب الاتحاد غير المألوف، بالعودة إلى سنوات خلت، عن مشروع قانون الميزانية أو عن المفاوضات الاجتماعية كان من الأسباب التي عمّقت الأزمة داخله، حيث يرى عدد كبير من النقابيين الغاضبين من القيادة الحالية أن الاتحاد لم يحسن التعامل مع المرحلة ولم يطوّر أساليب عمله وتفاعله مع المستجدات بما في ذلك المستجدات السياسية.. واليوم هذه الأزمة تتمدّد أكثر داخل هياكل الاتحاد بما في ذلك المكتب التنفيذي حيث عبّر الأمين العام المساعد أنور بن قدور منذ أيام قليلة عن موقفه من تلك الأزمة قائلا إن "الاتحاد يعيش أزمة غير مسبوقة من الارتباك وعدم الوضوح» و«أن الحد الأدنى من العمل المشترك بين أعضاء المكتب التنفيذي لم يعد متوفرا»،  ودعا بن قدّور إلى عقد مؤتمر للاتحاد العام التونسي للشغل بداية العام القادم واعتبر ذلك هو الحل الوحيد للحفاظ على وحدة الاتحاد، مقرّا بوجود خلافات وتباين في وجهات النظر لم يعد بالإمكان تجاهلها .

ولكن وجهة نظر بن قدور في الذهاب إلى مؤتمر استثنائي أو مؤتمر سابق لآوىنه لا تمثّل كل النقابيين الغاضبين اليوم من القيادة المركزية، حيث هناك شق يرى أنه يجب أن تتولّى هيئة تسييرية الإشراف على المنظمة إلى أن يحين موعد المؤتمر في 2027 وتكون في الأثناء الهيئة عملت على إعادة ترميم التصدّعات الداخلية بالمنظمة، والى اليوم هناك اتفاق على فشل القيادة الحالية للاتحاد في تطويق الصراعات الداخلية واتفاق على ضرورة إيجاد حلّ يعيد للمنظمة قوّتها وصلابتها ولكن ما هو ذلك الحلّ؟.. هذا ما لم يتم الاتفاق عليه إلى اليوم !

منية العرفاوي