حملت أواخر الأسبوع الماضي خبر تعيين الملحن والعازف عبد الباسط بلقايد رئيسًا لمصلحة الموسيقى بمؤسسة الإذاعة التونسية. تعيين تتوقع منه الساحة الفنية والإبداعية الكثير، على اعتبار الحرفية الفنية والموسيقية التي يتوفر عليها عبد الباسط بلقايد، علاوة على تواضعه وإيمانه الشديد بأن البقاء والخلود هو للأعمال الفنية والموسيقية التي ترتقي بالذائقة نحو الأفضل والأرقى والأجمل.
وفي لقاء له مع "الصباح"، تحدث عبد الباسط بلقايد بلهجة المتفائل عن هذه المسؤولية التي وصفها بالجسيمة، لكنها غير مستحيلة على اعتبار أن رهانها الأول يبقى إعادة بريق الفرقة الموسيقية للإذاعة التونسية التي عرفت خفوتًا إلى حد الاضمحلال.
يقول عبد الباسط بلقايد
"في البداية، لا بد من تحية السيدة هندة الغريبي بن علية، الرئيسة المديرة العامة لمؤسسة الإذاعة التونسية، التي وضعت ثقتها في شخصي المتواضع لأكون على رأس مصلحة الموسيقى بهذه الإذاعة العريقة التي تربطني بها علاقة حميمية، وهي التي التحقت بها وأنا في العشرين من عمري".
وأضاف قائلاً: "تكليفي برئاسة مصلحة الموسيقى مسؤولية جسيمة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به، وهي مصلحة عريقة لا ينكر فضلها على الأغنية التونسية إلا جاحد، مصلحة تداول على رئاستها وتسيير شؤونها العديد من فطاحل الموسيقى في تونس، منهم على سبيل الذكر لا الحصر: عبد الحميد بن علجية، وحمادي بن عثمان، ومحمد القرفي، وسمير العقربي، ومحمد اللجمي، والبشير السالمي، والقائمة طويلة في هذا المجال. وتراني اليوم أتسلم المشعل لأعمل من أجل إعادة مجد هذه المصلحة وفرقتها العريقة التي تعيش اليوم وضعًا مقيتًا".
هذه أولوياتي
وجوابًا عن سؤال حول أولوياته وبرنامجه العاجل بالنسبة لمصلحة الموسيقى، قال عبد الباسط بلقايد: "سأجلس قريبًا مع الرئيسة المديرة العامة لمؤسسة الإذاعة التونسية لأعرض عليها برنامجي وأولوياتي بالنسبة لمصلحة الموسيقى. وأولها تفعيل اتفاقية الشراكة بين وزارة الثقافة ومؤسسة الإذاعة التونسية، والعمل من خلال هذه الاتفاقية على تدعيم فرقة الإذاعة الموسيقية بعناصر من الفرقة الوطنية للموسيقى، من خلال تفرغ هذه العناصر ليكونوا على ذمة فرقة الإذاعة لتنفيذ برامجها الفنية القادمة".
وأضاف: "وفي البرنامج أيضًا استعادة فرقة الإذاعة الموسيقية لدورها في الإنتاج الغنائي، وهو دور تميزت به على امتداد مسيرتها الرائدة حيث كان لها الدور الفاعل والكبير في إثراء الساحة الموسيقية التونسية بالعديد من الإنتاجات الغنائية الأصيلة. وسيستعيد بذلك 'استوديو 8' جاذبيته الفنية والموسيقية التي اختفت عن الوجود طيلة السنوات الماضية".
وتابع عبد الباسط بلقايد قائلاً: "لقد كان 'استوديو 8' طيلة العديد من السنوات الطويلة الماضية عبارة عن خلية نحل من خلال إنتاجاته وتسجيلاته الغنائية التي تمثل اليوم الركيزة الأساسية والثابتة للأغنية التونسية. وتحدونا اليوم رغبة صادقة في أن يستعيد 'استوديو 8' هذا الدور الريادي خدمة للأغنية التونسية وخصوصياتها التي تنفرد بها. وسنعمل في هذا الاتجاه على إحياء لجنة قراءة النصوص الغنائية، وهو التقليد الذي أسسته مصلحة الموسيقى منذ تأسيسها لاختيار وانتقاء النصوص الصالحة للتلحين وملحنيها ومطربيها، وتنفيذها بعد ذلك مع فرقة الإذاعة وتسجيلها في 'استوديو 8'".
نفض الغبار عن خزينة الأغاني
وكشف رئيس مصلحة الموسيقى بمؤسسة الإذاعة التونسية في جانب آخر من هذا اللقاء أنه، وبعد الجلسة المرتقبة مع الرئيسة المديرة العامة لمؤسسة الإذاعة التونسية، سيفتح باب خزينة الأغاني التونسية بالإذاعة، ويعمل بجد واجتهاد على غربلة التسجيلات التي فقدت الكثير من رونقها على مستوى الصوت والعزف، وإعادة تنفيذها وتسجيلها بأحدث التقنيات الصوتية، وبأصوات مطربين في "استوديو 8"، حفاظًا عليها من الاندثار والذوبان.
وأشار عبد الباسط بلقايد في هذا الصدد إلى أن الكثير من أغاني خزينة الإذاعة لم تعد صالحة للبث لطول مدة تخزينها، والذي كان له التأثير السلبي على نوعية الأداء والموسيقى فيها. وقال: "إنه مشروع كبير ويتطلب فترة طويلة نسبيًا وجهدًا وتمارين. إنه مشروعنا طويل الأمد الذي سنعمل بجد واجتهاد على كسبه". وأوضح أنه سيتم تشريك جميع المطربين دون استثناء في عملية إعادة تسجيل هذه الأغاني التي فقدت الكثير من بريقها الموسيقي والصوتي.
وختم عبد الباسط بلقايد هذا اللقاء بالتأكيد على تفاؤله بمستقبل مصلحة الموسيقى، ومن خلالها الفرقة الموسيقية بها، التي يؤكد أن مستقبلها سيكون أكثر إشراقًا وابداعًا موسيقيًا وفنيًا، مقنعًا وممتعًا ومتنوعًا وثريًا.
سنوات التأسيس الأولى
تأسست فرقة الإذاعة للموسيقى والغناء في فيفري 1957، وضمّت الإذاعة أبرز الموسيقيين والمغنّين الموجودين، وهم الذين سيكون لهم بعد ذلك عميق الأثر في بلورة شخصية الأغنية التّونسية الحديثة في القرن العشرين. ومن ضمنهم: علي السريتي، صالح المهدي، قدور الصرارفي، حسن الغربي، الهادي الجويني، عبد الحميد بلعلجية، محمد سعادة، الطاهر بدرة، ورضا القلعي.
تولى الإشراف على تمارين هذه الفرقة في سنوات التأسيس الأولى كلّ من خميس الترنان بالنسبة لتعليم الغناء التّونسي التّقليدي (المالوف والفوندوات)، والمصري عطية شرارة لتعليم الموشحات والموسيقى الشرقية. وتشكلت لجنة أدبية للنظر في نصوص الأغاني، ضمّت مجموعة من أبرز الشعراء والأدباء في تلك الحقبة، منهم: الهادي العبيدي، منوّر صمادح، جلال الدين النقاش، محمد المرزوقي، أحمد خير الدين، ومصطفى خريّف. ثم التحق عبد المجيد بن جدّو، نور الدين صمّود، وجعفر ماجد.
وبرزت ضمن المجموعة الصوتية الأولى لفرقة الإذاعة أصوات جيّدة وعلى مستوى عالٍ من الحرفية الفنية، آلت إليها فيما بعد الريادة في الغناء. ومن هذه الأصوات: مصطفى الشرفي، يوسف التميمي، الهادي المقراني، عليّة، نعمة، أحمد حمزة، علي الرياحي، محمد أحمد، محمد الفرشيشي، الهادي القلال، زهيرة سالم، صفوة، الشاذلي أنور، سلاف، توفيق الناصر وغيرهم. لتتواصل بعد ذلك المسيرة أكثر تنوّعًا وإشراقًا قبل أن يلفّها النسيان طيلة سنوات طويلة.
محسن بن أحمد
حملت أواخر الأسبوع الماضي خبر تعيين الملحن والعازف عبد الباسط بلقايد رئيسًا لمصلحة الموسيقى بمؤسسة الإذاعة التونسية. تعيين تتوقع منه الساحة الفنية والإبداعية الكثير، على اعتبار الحرفية الفنية والموسيقية التي يتوفر عليها عبد الباسط بلقايد، علاوة على تواضعه وإيمانه الشديد بأن البقاء والخلود هو للأعمال الفنية والموسيقية التي ترتقي بالذائقة نحو الأفضل والأرقى والأجمل.
وفي لقاء له مع "الصباح"، تحدث عبد الباسط بلقايد بلهجة المتفائل عن هذه المسؤولية التي وصفها بالجسيمة، لكنها غير مستحيلة على اعتبار أن رهانها الأول يبقى إعادة بريق الفرقة الموسيقية للإذاعة التونسية التي عرفت خفوتًا إلى حد الاضمحلال.
يقول عبد الباسط بلقايد
"في البداية، لا بد من تحية السيدة هندة الغريبي بن علية، الرئيسة المديرة العامة لمؤسسة الإذاعة التونسية، التي وضعت ثقتها في شخصي المتواضع لأكون على رأس مصلحة الموسيقى بهذه الإذاعة العريقة التي تربطني بها علاقة حميمية، وهي التي التحقت بها وأنا في العشرين من عمري".
وأضاف قائلاً: "تكليفي برئاسة مصلحة الموسيقى مسؤولية جسيمة في هذا الظرف العصيب الذي تمر به، وهي مصلحة عريقة لا ينكر فضلها على الأغنية التونسية إلا جاحد، مصلحة تداول على رئاستها وتسيير شؤونها العديد من فطاحل الموسيقى في تونس، منهم على سبيل الذكر لا الحصر: عبد الحميد بن علجية، وحمادي بن عثمان، ومحمد القرفي، وسمير العقربي، ومحمد اللجمي، والبشير السالمي، والقائمة طويلة في هذا المجال. وتراني اليوم أتسلم المشعل لأعمل من أجل إعادة مجد هذه المصلحة وفرقتها العريقة التي تعيش اليوم وضعًا مقيتًا".
هذه أولوياتي
وجوابًا عن سؤال حول أولوياته وبرنامجه العاجل بالنسبة لمصلحة الموسيقى، قال عبد الباسط بلقايد: "سأجلس قريبًا مع الرئيسة المديرة العامة لمؤسسة الإذاعة التونسية لأعرض عليها برنامجي وأولوياتي بالنسبة لمصلحة الموسيقى. وأولها تفعيل اتفاقية الشراكة بين وزارة الثقافة ومؤسسة الإذاعة التونسية، والعمل من خلال هذه الاتفاقية على تدعيم فرقة الإذاعة الموسيقية بعناصر من الفرقة الوطنية للموسيقى، من خلال تفرغ هذه العناصر ليكونوا على ذمة فرقة الإذاعة لتنفيذ برامجها الفنية القادمة".
وأضاف: "وفي البرنامج أيضًا استعادة فرقة الإذاعة الموسيقية لدورها في الإنتاج الغنائي، وهو دور تميزت به على امتداد مسيرتها الرائدة حيث كان لها الدور الفاعل والكبير في إثراء الساحة الموسيقية التونسية بالعديد من الإنتاجات الغنائية الأصيلة. وسيستعيد بذلك 'استوديو 8' جاذبيته الفنية والموسيقية التي اختفت عن الوجود طيلة السنوات الماضية".
وتابع عبد الباسط بلقايد قائلاً: "لقد كان 'استوديو 8' طيلة العديد من السنوات الطويلة الماضية عبارة عن خلية نحل من خلال إنتاجاته وتسجيلاته الغنائية التي تمثل اليوم الركيزة الأساسية والثابتة للأغنية التونسية. وتحدونا اليوم رغبة صادقة في أن يستعيد 'استوديو 8' هذا الدور الريادي خدمة للأغنية التونسية وخصوصياتها التي تنفرد بها. وسنعمل في هذا الاتجاه على إحياء لجنة قراءة النصوص الغنائية، وهو التقليد الذي أسسته مصلحة الموسيقى منذ تأسيسها لاختيار وانتقاء النصوص الصالحة للتلحين وملحنيها ومطربيها، وتنفيذها بعد ذلك مع فرقة الإذاعة وتسجيلها في 'استوديو 8'".
نفض الغبار عن خزينة الأغاني
وكشف رئيس مصلحة الموسيقى بمؤسسة الإذاعة التونسية في جانب آخر من هذا اللقاء أنه، وبعد الجلسة المرتقبة مع الرئيسة المديرة العامة لمؤسسة الإذاعة التونسية، سيفتح باب خزينة الأغاني التونسية بالإذاعة، ويعمل بجد واجتهاد على غربلة التسجيلات التي فقدت الكثير من رونقها على مستوى الصوت والعزف، وإعادة تنفيذها وتسجيلها بأحدث التقنيات الصوتية، وبأصوات مطربين في "استوديو 8"، حفاظًا عليها من الاندثار والذوبان.
وأشار عبد الباسط بلقايد في هذا الصدد إلى أن الكثير من أغاني خزينة الإذاعة لم تعد صالحة للبث لطول مدة تخزينها، والذي كان له التأثير السلبي على نوعية الأداء والموسيقى فيها. وقال: "إنه مشروع كبير ويتطلب فترة طويلة نسبيًا وجهدًا وتمارين. إنه مشروعنا طويل الأمد الذي سنعمل بجد واجتهاد على كسبه". وأوضح أنه سيتم تشريك جميع المطربين دون استثناء في عملية إعادة تسجيل هذه الأغاني التي فقدت الكثير من بريقها الموسيقي والصوتي.
وختم عبد الباسط بلقايد هذا اللقاء بالتأكيد على تفاؤله بمستقبل مصلحة الموسيقى، ومن خلالها الفرقة الموسيقية بها، التي يؤكد أن مستقبلها سيكون أكثر إشراقًا وابداعًا موسيقيًا وفنيًا، مقنعًا وممتعًا ومتنوعًا وثريًا.
سنوات التأسيس الأولى
تأسست فرقة الإذاعة للموسيقى والغناء في فيفري 1957، وضمّت الإذاعة أبرز الموسيقيين والمغنّين الموجودين، وهم الذين سيكون لهم بعد ذلك عميق الأثر في بلورة شخصية الأغنية التّونسية الحديثة في القرن العشرين. ومن ضمنهم: علي السريتي، صالح المهدي، قدور الصرارفي، حسن الغربي، الهادي الجويني، عبد الحميد بلعلجية، محمد سعادة، الطاهر بدرة، ورضا القلعي.
تولى الإشراف على تمارين هذه الفرقة في سنوات التأسيس الأولى كلّ من خميس الترنان بالنسبة لتعليم الغناء التّونسي التّقليدي (المالوف والفوندوات)، والمصري عطية شرارة لتعليم الموشحات والموسيقى الشرقية. وتشكلت لجنة أدبية للنظر في نصوص الأغاني، ضمّت مجموعة من أبرز الشعراء والأدباء في تلك الحقبة، منهم: الهادي العبيدي، منوّر صمادح، جلال الدين النقاش، محمد المرزوقي، أحمد خير الدين، ومصطفى خريّف. ثم التحق عبد المجيد بن جدّو، نور الدين صمّود، وجعفر ماجد.
وبرزت ضمن المجموعة الصوتية الأولى لفرقة الإذاعة أصوات جيّدة وعلى مستوى عالٍ من الحرفية الفنية، آلت إليها فيما بعد الريادة في الغناء. ومن هذه الأصوات: مصطفى الشرفي، يوسف التميمي، الهادي المقراني، عليّة، نعمة، أحمد حمزة، علي الرياحي، محمد أحمد، محمد الفرشيشي، الهادي القلال، زهيرة سالم، صفوة، الشاذلي أنور، سلاف، توفيق الناصر وغيرهم. لتتواصل بعد ذلك المسيرة أكثر تنوّعًا وإشراقًا قبل أن يلفّها النسيان طيلة سنوات طويلة.