إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

طريق الثراء السهل.. و" تيك توك" عبّد لهم الطريق.. التسول الإلكتروني .. الوجه الحديث للتحيل "اون لاين"

مختص في علم الاجتماع لـ" الصباح ":التسول الإلكتروني نتيجة طبيعية للبنية الاجتماعية والاقتصادية غير المستقرة في مجتمعات تعاني من الفقر

متخصص في قانون التكنولوجيات الحديثة لـ"الصباح" : لا توجد قوانين فعالة ورادعة لظاهرة التسول الإلكتروني

تونس - الصباح

لا يختلف اثنان في ان العولمة غزت العالم وحولته إلى قرية صغيرة وبرزت مع التطور التكنولوجي العديد من منصات التواصل الاجتماعي التي ساهمت بشكل كبير في صنع "نجوم" و "مشاهير" بهذا العالم الافتراضي وفسحت المجال للعديد منهم لتقديم محتويات رديئة واستغلال هذا الفضاء الرقمي لكسب المال اما بتقديم محتويات رديئة مثلما ذكرنا والتي على الرغم من رداءتها تجد جماهير كبيرة تتابعها   كما ساهمت أيضا منصات التواصل الاجتماعي في بروز طرق جديدة للاحتيال وهي التسول الإلكتروني.

صباح الشابي

"كبس كبس" "شير شير".... "ارمي حتى وردة".. وغيرها من عبارات الاستجداء التي نراها عبر تطبيقة" التيك توك" وغيرها من طرق الاستعطاف التي انتشرت ببقية منصات التواصل الاجتماعي الأخرى من نشر فيديوهات او صور لجمع التبرعات لحالات إنسانية مختلفة.

فمع التطور التكنولوجي وانتشار استعمال الهواتف الذكية أصبحنا نرى متسولين إلكترونيين اما بوجههم الحقيقي او متخفين تحت أسماء مستعارة فبعد أن كنا نراهم يتسولون أمام المساجد وفي المقاهي والطرقات والشوارع ها نحن اليوم نرى الكثير منهم على منصات التواصل الاجتماعي والبعض منهم يستغل الجوانب الإنسانية والاجتماعية لإيهام المبحرين على تلك المواقع بالمعاناة من الفقر والخصاصة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص لاستعطافهم والحصول بالتالي على المساعدة المادية.

وقد نجح العديد منهم في جني أموال طائلة عن طريق التحيل "والضحك على ذقون بعض المتابعين للعالم الرقمي.

من التسول التقليدي الى التسول الالكتروني..

تختلف ظاهرة التسول الإلكتروني كثيراً عن التسول التقليدي فهي قائمة بالأساس على الخداع والتحايل والاستغلال للحصول على المنافع المالية والعينية، لكن يتميز التسول الإلكتروني بأنه وسيلة آمنة للمتسول مجهول الهوية فلا يمكن معرفة معلومات عنه، ويُسّهِل ذلك استخدام الأسماء المستعارة والصور المزيفة، كما أن المتسولين الإلكترونيين عادة ما يتمتعون بذكاء اجتماعي عال جداً في انتقاء الكلمات المؤثرة التي تستعطف الأفراد للحصول على المال باستخدام تقنيات حديثة مثل تركيب فيديوهات أو صور مزيفة، ويعمل عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على ترويج تلك الفيديوهات والقصص الإلكترونية التي ينشرها المتسولون، فضلاً عن الأساليب الأخرى كإظهار بعض التقارير الطبية المزيفة وفواتير الماء والكهرباء وطلب المساعدة لاستكمال الدراسة وإجراء العمليات الجراحية.

وقد اختلفت الآراء وتباينت حول الأسباب التي دفعت بالعديد من الأشخاص الى امتهان التسول عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي فالبعض يرى ان هنالك أسبابا اقتصادية واجتماعية وراء انتشار جريمة التسول الإلكتروني والبعض الآخر يعتبر انه أمام ارتفاع تكاليف المعيشة التجأ البعض إلى عالم الإنترنت لكسب المال بأيسر الطرق فوجدوا أحسن طريقة التسول ولكن ما هو رأي علم الاجتماع في هذا الخصوص؟

التسول الالكتروني شكل معاصر من التسول التقليدي..

المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين يعتبر انه في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم برزت أشكال جديدة من الظواهر الاجتماعية التي تعكس التحولات العميقة التي يشهدها العالم.

ومن بين هذه الظواهر " التسول الإلكتروني",الذي يمثل شكلا معاصرا من التسول التقليدي، ولكنه يستغل الوسائط الرقمية كأداة رئيسية للتواصل والطلب.

وأضاف خلال إفادته لـ"الصباح" ان هذا الموضوع يثير إشكاليات عديدة تتعلق بأسباب انتشار الظاهرة وتأثيرها على المجتمعات ،سواء على السياق العالمي أو المحلي لا سيما تونس.

ويتمثل السياق العام للتسول الإلكتروني في كونه ظهر وتمدد مع انتشار الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي ،حيث أستغل الأفراد والجماعات هذه الوسائل للوصول إلى جمهور واسع يهدف الى طلب المساعدة المادية أو الدعم العاطفي.

ويختلف التسول الإلكتروني عن التقليدي في وسائله وأدواته،حيث يتم استخدام تقنيات متطورة كالرسائل النصية والصور المؤثرة والفيديوهات لجذب الانتباه واستدرار العطف.

ويأخذ هذا النوع من التسول أشكالا متعددة ،فهناك التسول العاطفي الذي يعتمد على سرد قصص شخصية مأساوية بغرض التأثير على المتلقين ،والتسول الاحتيالي الذي يهدف إلى خداع الناس وجني أموال بطرق غير شرعية ،إضافة إلى التسول المقنع الذي يظهر تحت مسميات إنسانية أو جمعيات وهمية.

ويتفاوت انتشار هذه الظاهرة عالميا حسب السياقات الثقافية والاقتصادية حيث تعتبر الأزمات الاقتصادية والسياسية أحد العوامل التي تغذيها.

ضغوطات اقتصادية واجتماعية..

شهدت هذه الظاهرة في السياق التونسي انتشارا متزايدا ،مدفوعة بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد إذ يعاني الكثيرون من البطالة والتضخم مما يدفع البعض إلى استخدام الوسائل الرقمية كبديل للتسول التقليدي حيث نشهد يوميا على منصات التواصل الاجتماعي قصصا شخصية مؤثرة تطلب المساعدة في تسديد الديون ،توفير العلاج أو حتى لتلبية احتياجات يومية بسيطة.

الأسباب..

وتتنوع أسباب انتشار الظاهرة في تونس بين عوامل اقتصادية واجتماعية ،فالتدهور الاقتصادي يؤدي إلى تصاعد معدلات الفقر، مما يدفع الناس إلى البحث عن حلول بديلة. كما أن إحساس البعض بضعف الرقابة القانونية على أنشطتهم الرقمية يسهم في استسهال ممارستهم لهذا النوع من التسول .إضافة إلى ذلك يساهم الضغط النفسي والاجتماعي في دفع الأفراد إلى هذه الممارسات حيث يلجأ البعض إلى التسول الرقمي لتجاوز ظروفهم الصعبة.

الآثار الاجتماعية..

لا تقل الٱثار الاجتماعية لهذه الظاهرة خطورة إذ تؤثر على ثقة الناس في منصات التواصل الاجتماعي وتضعف التضامن الاجتماعي الحقيقي حيث يصبح من الصعب التمييز بين الحالات الحقيقية والمزيفة.

المنظور السوسيولوجي..

ولمزيد التعمق في فهم ظاهرة التسول الإلكتروني من خلال مقاربات سوسيولوجية وبسيكولوجية يمكن القول إنه من المنظور السوسيولوجي يشير التحليل البنيوي إلى أن ان هذه الظاهرة هي نتيجة طبيعية للبنية الاجتماعية والاقتصادية غير المستقرة في مجتمعات تعاني من الفقر وعدم تكافؤ الفرص .

نظرية التفاعل الرمزي تسلط الضوء على الكيفية التي يعتمد بها المتسولون على الرموز كالصور والكلمات المؤثرة لاستدرار تعاطف الٱخرين.

وتعزز هذه الرموز التفاعل بين المتسولين والمتلقين عبر المنصات الرقمية.

كذلك نظرية الاختيار العقلاني من جهتها تنظر إلى التسول الإلكتروني كخيار مدروس يعتمد فيه المتسول على تحليل الفوائد والمخاطر ،مع تفضيل هذه الوسيلة لكونها ٱمنة و قليلة التكلفة مقارنة بالتسول التقليدي.

الجانب النفسي..

من الجانب النفسي يمكن تفسير هذه الظاهرة كٱليه مواجهة يلجأ إليها الأفراد تحت ضغط الحاجة أو الشعور بالعجز.

وتشمل الدوافع النفسية الرغبة في لفت الانتباه والخوف من الإقصاء الاجتماعي أو حتى الرغبة في تحقيق مكاسب مادية بسرعة. كما يلعب التأثير على المتلقين دورا مهما ،حيث يتم تصميم الرسائل بشكل يستهدف مشاعر الذنب أو التعاطف لدى الجمهور. ويعتمد هذا السلوك على

إستراتيجيات سيكولوجية تستغل القيم الإنسانية مثل حب الخير والرغبة في المساعدة.

التصدي للظاهرة..

وللتصدي لظاهرة التسول الإلكتروني يمكن اقتراح مجموعة من الإجراءات على المستويين القانوني والاجتماعي أهمها تجريم التسول الإلكتروني وتحديد العقوبات للمخالفين وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية ومنصات التواصل الاجتماعي لمراقبة المحتوى وضمان مصداقيته مع الحرص على نشر مجلات توعية عبر الإعلام والجمعيات ذات الصلة لتثقيف الناس حول مخاطر التسول الإلكتروني وكيفية التحقيق من مصداقية الحالات وتشجيع التبرع وتقديم المساعدات عبر القنوات المعترف بها رسميا لضمان وصولها إلى مستحقيها.

مع تطوير برامج دعم اجتماعي تستهدف الفئات المعرضة لخطر الانزلاق نحو التسول الإلكتروني مثل توفير فرص عمل ودعم نفسي مع تعزيز التضامن المجتمعي الحقيقي من خلال الجمعيات الخيرية ذات الشفافية العالية.

تعزيز الوعي..

وختم المختص في علم الاجتماع رأيه مشددا على أن تعزيز الوعي بتطوير القوانين ودعم الفئات الهشة يبقى الوسيلة الأمثل للتصدي لهذه الظاهرة وضمان بناء مجتمع أكثر تضامنا وثقة.

التسول والمشرع..

المعروف ان القانون التونسي يعاقب على جريمة التسول التقليدي ولكن هل انه يعاقب على التسول الإلكتروني؟

الأستاذ ياسين اليونسي المحامي لدى التعقيب والمتخصص في قانون التكنولوجيات الحديثة أوضح ان التسول عبر الإنترنت هو نسخة من التسول التقليدي الذي نراه في الشوارع.

وأضاف خلال تصريح لـ"الصباح" ان القانون التونسي جرم التسول حيث يعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 6 أشهر وتتضاعف العقوبة في حال استغلال الأطفال.

وأضاف ان ظاهرة التسول تعكس في تونس التحديات الاجتماعية َوالاقتصادية التي تواجهها البلاد، ومن الضروري أن تتخذ الدولة الخطوات الجادة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة.

اما في خصوص التسول عبر مواقع التواصل الاجتماعي فكانت بداياته مع تطور الشبكة العنكبَوتية وكثرة المواقع التي ساهمت في انتشارها وفتحت المجال للعديد من الأشخاص من استغلال بعض المنصات وتحديدا "التيك توك" َو"الانستغرام" و"الفايس بوك" لطلب المساعدة المادية بهدف التداوي او فتح مشروع صغير أو العودة إلى مسقط الرأس...

وأضاف أن بعض الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم مؤثرين على صفحات التواصل الاجتماعي يقومون بالترويج لمواد بمقابل مادي بتعلة انهم معروفون على الاننترنيت. وهذا في حد ذاته تسول حسب رأيه.

ولا توجد للأسف حسب قوله قوانين فعالة ورادعة لظاهرة التسول الإلكتروني التي أخذت أبعادا خطيرة وكل ما في الأمر ان هنالك القانون عدد 93 لسنة 1995 مؤرخ في 9 نوفمبر 1995 يتعلق بتنقيح وإتمام بعض فصول المجلة الجنائية والقاضي بتسليط عقوبات على التسول العادي.

وهناك الفصل لفصل 171 من المجلة الجزائية الذي ينص على أنه

"يعاقب بالسجن مدّة سّتة أشهر الإنسان الذي يوهم بنفسه سقوطا بدنيا أو قروحا بقصد الحصول على الصدقة".

ويرفع العقاب إلى عام "أولا: لمن يركن بالقصد المذكور للتهديد أو يدخل لمسكن دون إذن صاحبه"

وثانيا : لن يوجد متكففا وهو حامل لأسلحة أو آلات طبيعتها قاضية بالحصول على الوسائل الموصلة" او التسول لارتكاب السرقات لمن يستخدم في التسول طفلا سنه أقل من ثمانية عشر عاما ويرفع العقاب إلى ضعفه إذا تم".

ثالثا ( نقحت بالقانون عدد 93 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 ) ، الاستخدام في شكل جماعي منظم

رابعا: لمن يتكفف وهو حامل شهادات مدّلسة أو غير ذلك من الأوراق المدّلسة المعدّة للتعريف بالأشخاص".

طريق الثراء السهل.. و" تيك توك" عبّد لهم الطريق..   التسول الإلكتروني .. الوجه الحديث للتحيل "اون لاين"

مختص في علم الاجتماع لـ" الصباح ":التسول الإلكتروني نتيجة طبيعية للبنية الاجتماعية والاقتصادية غير المستقرة في مجتمعات تعاني من الفقر

متخصص في قانون التكنولوجيات الحديثة لـ"الصباح" : لا توجد قوانين فعالة ورادعة لظاهرة التسول الإلكتروني

تونس - الصباح

لا يختلف اثنان في ان العولمة غزت العالم وحولته إلى قرية صغيرة وبرزت مع التطور التكنولوجي العديد من منصات التواصل الاجتماعي التي ساهمت بشكل كبير في صنع "نجوم" و "مشاهير" بهذا العالم الافتراضي وفسحت المجال للعديد منهم لتقديم محتويات رديئة واستغلال هذا الفضاء الرقمي لكسب المال اما بتقديم محتويات رديئة مثلما ذكرنا والتي على الرغم من رداءتها تجد جماهير كبيرة تتابعها   كما ساهمت أيضا منصات التواصل الاجتماعي في بروز طرق جديدة للاحتيال وهي التسول الإلكتروني.

صباح الشابي

"كبس كبس" "شير شير".... "ارمي حتى وردة".. وغيرها من عبارات الاستجداء التي نراها عبر تطبيقة" التيك توك" وغيرها من طرق الاستعطاف التي انتشرت ببقية منصات التواصل الاجتماعي الأخرى من نشر فيديوهات او صور لجمع التبرعات لحالات إنسانية مختلفة.

فمع التطور التكنولوجي وانتشار استعمال الهواتف الذكية أصبحنا نرى متسولين إلكترونيين اما بوجههم الحقيقي او متخفين تحت أسماء مستعارة فبعد أن كنا نراهم يتسولون أمام المساجد وفي المقاهي والطرقات والشوارع ها نحن اليوم نرى الكثير منهم على منصات التواصل الاجتماعي والبعض منهم يستغل الجوانب الإنسانية والاجتماعية لإيهام المبحرين على تلك المواقع بالمعاناة من الفقر والخصاصة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص لاستعطافهم والحصول بالتالي على المساعدة المادية.

وقد نجح العديد منهم في جني أموال طائلة عن طريق التحيل "والضحك على ذقون بعض المتابعين للعالم الرقمي.

من التسول التقليدي الى التسول الالكتروني..

تختلف ظاهرة التسول الإلكتروني كثيراً عن التسول التقليدي فهي قائمة بالأساس على الخداع والتحايل والاستغلال للحصول على المنافع المالية والعينية، لكن يتميز التسول الإلكتروني بأنه وسيلة آمنة للمتسول مجهول الهوية فلا يمكن معرفة معلومات عنه، ويُسّهِل ذلك استخدام الأسماء المستعارة والصور المزيفة، كما أن المتسولين الإلكترونيين عادة ما يتمتعون بذكاء اجتماعي عال جداً في انتقاء الكلمات المؤثرة التي تستعطف الأفراد للحصول على المال باستخدام تقنيات حديثة مثل تركيب فيديوهات أو صور مزيفة، ويعمل عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على ترويج تلك الفيديوهات والقصص الإلكترونية التي ينشرها المتسولون، فضلاً عن الأساليب الأخرى كإظهار بعض التقارير الطبية المزيفة وفواتير الماء والكهرباء وطلب المساعدة لاستكمال الدراسة وإجراء العمليات الجراحية.

وقد اختلفت الآراء وتباينت حول الأسباب التي دفعت بالعديد من الأشخاص الى امتهان التسول عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي فالبعض يرى ان هنالك أسبابا اقتصادية واجتماعية وراء انتشار جريمة التسول الإلكتروني والبعض الآخر يعتبر انه أمام ارتفاع تكاليف المعيشة التجأ البعض إلى عالم الإنترنت لكسب المال بأيسر الطرق فوجدوا أحسن طريقة التسول ولكن ما هو رأي علم الاجتماع في هذا الخصوص؟

التسول الالكتروني شكل معاصر من التسول التقليدي..

المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين يعتبر انه في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم برزت أشكال جديدة من الظواهر الاجتماعية التي تعكس التحولات العميقة التي يشهدها العالم.

ومن بين هذه الظواهر " التسول الإلكتروني",الذي يمثل شكلا معاصرا من التسول التقليدي، ولكنه يستغل الوسائط الرقمية كأداة رئيسية للتواصل والطلب.

وأضاف خلال إفادته لـ"الصباح" ان هذا الموضوع يثير إشكاليات عديدة تتعلق بأسباب انتشار الظاهرة وتأثيرها على المجتمعات ،سواء على السياق العالمي أو المحلي لا سيما تونس.

ويتمثل السياق العام للتسول الإلكتروني في كونه ظهر وتمدد مع انتشار الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي ،حيث أستغل الأفراد والجماعات هذه الوسائل للوصول إلى جمهور واسع يهدف الى طلب المساعدة المادية أو الدعم العاطفي.

ويختلف التسول الإلكتروني عن التقليدي في وسائله وأدواته،حيث يتم استخدام تقنيات متطورة كالرسائل النصية والصور المؤثرة والفيديوهات لجذب الانتباه واستدرار العطف.

ويأخذ هذا النوع من التسول أشكالا متعددة ،فهناك التسول العاطفي الذي يعتمد على سرد قصص شخصية مأساوية بغرض التأثير على المتلقين ،والتسول الاحتيالي الذي يهدف إلى خداع الناس وجني أموال بطرق غير شرعية ،إضافة إلى التسول المقنع الذي يظهر تحت مسميات إنسانية أو جمعيات وهمية.

ويتفاوت انتشار هذه الظاهرة عالميا حسب السياقات الثقافية والاقتصادية حيث تعتبر الأزمات الاقتصادية والسياسية أحد العوامل التي تغذيها.

ضغوطات اقتصادية واجتماعية..

شهدت هذه الظاهرة في السياق التونسي انتشارا متزايدا ،مدفوعة بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد إذ يعاني الكثيرون من البطالة والتضخم مما يدفع البعض إلى استخدام الوسائل الرقمية كبديل للتسول التقليدي حيث نشهد يوميا على منصات التواصل الاجتماعي قصصا شخصية مؤثرة تطلب المساعدة في تسديد الديون ،توفير العلاج أو حتى لتلبية احتياجات يومية بسيطة.

الأسباب..

وتتنوع أسباب انتشار الظاهرة في تونس بين عوامل اقتصادية واجتماعية ،فالتدهور الاقتصادي يؤدي إلى تصاعد معدلات الفقر، مما يدفع الناس إلى البحث عن حلول بديلة. كما أن إحساس البعض بضعف الرقابة القانونية على أنشطتهم الرقمية يسهم في استسهال ممارستهم لهذا النوع من التسول .إضافة إلى ذلك يساهم الضغط النفسي والاجتماعي في دفع الأفراد إلى هذه الممارسات حيث يلجأ البعض إلى التسول الرقمي لتجاوز ظروفهم الصعبة.

الآثار الاجتماعية..

لا تقل الٱثار الاجتماعية لهذه الظاهرة خطورة إذ تؤثر على ثقة الناس في منصات التواصل الاجتماعي وتضعف التضامن الاجتماعي الحقيقي حيث يصبح من الصعب التمييز بين الحالات الحقيقية والمزيفة.

المنظور السوسيولوجي..

ولمزيد التعمق في فهم ظاهرة التسول الإلكتروني من خلال مقاربات سوسيولوجية وبسيكولوجية يمكن القول إنه من المنظور السوسيولوجي يشير التحليل البنيوي إلى أن ان هذه الظاهرة هي نتيجة طبيعية للبنية الاجتماعية والاقتصادية غير المستقرة في مجتمعات تعاني من الفقر وعدم تكافؤ الفرص .

نظرية التفاعل الرمزي تسلط الضوء على الكيفية التي يعتمد بها المتسولون على الرموز كالصور والكلمات المؤثرة لاستدرار تعاطف الٱخرين.

وتعزز هذه الرموز التفاعل بين المتسولين والمتلقين عبر المنصات الرقمية.

كذلك نظرية الاختيار العقلاني من جهتها تنظر إلى التسول الإلكتروني كخيار مدروس يعتمد فيه المتسول على تحليل الفوائد والمخاطر ،مع تفضيل هذه الوسيلة لكونها ٱمنة و قليلة التكلفة مقارنة بالتسول التقليدي.

الجانب النفسي..

من الجانب النفسي يمكن تفسير هذه الظاهرة كٱليه مواجهة يلجأ إليها الأفراد تحت ضغط الحاجة أو الشعور بالعجز.

وتشمل الدوافع النفسية الرغبة في لفت الانتباه والخوف من الإقصاء الاجتماعي أو حتى الرغبة في تحقيق مكاسب مادية بسرعة. كما يلعب التأثير على المتلقين دورا مهما ،حيث يتم تصميم الرسائل بشكل يستهدف مشاعر الذنب أو التعاطف لدى الجمهور. ويعتمد هذا السلوك على

إستراتيجيات سيكولوجية تستغل القيم الإنسانية مثل حب الخير والرغبة في المساعدة.

التصدي للظاهرة..

وللتصدي لظاهرة التسول الإلكتروني يمكن اقتراح مجموعة من الإجراءات على المستويين القانوني والاجتماعي أهمها تجريم التسول الإلكتروني وتحديد العقوبات للمخالفين وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية ومنصات التواصل الاجتماعي لمراقبة المحتوى وضمان مصداقيته مع الحرص على نشر مجلات توعية عبر الإعلام والجمعيات ذات الصلة لتثقيف الناس حول مخاطر التسول الإلكتروني وكيفية التحقيق من مصداقية الحالات وتشجيع التبرع وتقديم المساعدات عبر القنوات المعترف بها رسميا لضمان وصولها إلى مستحقيها.

مع تطوير برامج دعم اجتماعي تستهدف الفئات المعرضة لخطر الانزلاق نحو التسول الإلكتروني مثل توفير فرص عمل ودعم نفسي مع تعزيز التضامن المجتمعي الحقيقي من خلال الجمعيات الخيرية ذات الشفافية العالية.

تعزيز الوعي..

وختم المختص في علم الاجتماع رأيه مشددا على أن تعزيز الوعي بتطوير القوانين ودعم الفئات الهشة يبقى الوسيلة الأمثل للتصدي لهذه الظاهرة وضمان بناء مجتمع أكثر تضامنا وثقة.

التسول والمشرع..

المعروف ان القانون التونسي يعاقب على جريمة التسول التقليدي ولكن هل انه يعاقب على التسول الإلكتروني؟

الأستاذ ياسين اليونسي المحامي لدى التعقيب والمتخصص في قانون التكنولوجيات الحديثة أوضح ان التسول عبر الإنترنت هو نسخة من التسول التقليدي الذي نراه في الشوارع.

وأضاف خلال تصريح لـ"الصباح" ان القانون التونسي جرم التسول حيث يعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 6 أشهر وتتضاعف العقوبة في حال استغلال الأطفال.

وأضاف ان ظاهرة التسول تعكس في تونس التحديات الاجتماعية َوالاقتصادية التي تواجهها البلاد، ومن الضروري أن تتخذ الدولة الخطوات الجادة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة.

اما في خصوص التسول عبر مواقع التواصل الاجتماعي فكانت بداياته مع تطور الشبكة العنكبَوتية وكثرة المواقع التي ساهمت في انتشارها وفتحت المجال للعديد من الأشخاص من استغلال بعض المنصات وتحديدا "التيك توك" َو"الانستغرام" و"الفايس بوك" لطلب المساعدة المادية بهدف التداوي او فتح مشروع صغير أو العودة إلى مسقط الرأس...

وأضاف أن بعض الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم مؤثرين على صفحات التواصل الاجتماعي يقومون بالترويج لمواد بمقابل مادي بتعلة انهم معروفون على الاننترنيت. وهذا في حد ذاته تسول حسب رأيه.

ولا توجد للأسف حسب قوله قوانين فعالة ورادعة لظاهرة التسول الإلكتروني التي أخذت أبعادا خطيرة وكل ما في الأمر ان هنالك القانون عدد 93 لسنة 1995 مؤرخ في 9 نوفمبر 1995 يتعلق بتنقيح وإتمام بعض فصول المجلة الجنائية والقاضي بتسليط عقوبات على التسول العادي.

وهناك الفصل لفصل 171 من المجلة الجزائية الذي ينص على أنه

"يعاقب بالسجن مدّة سّتة أشهر الإنسان الذي يوهم بنفسه سقوطا بدنيا أو قروحا بقصد الحصول على الصدقة".

ويرفع العقاب إلى عام "أولا: لمن يركن بالقصد المذكور للتهديد أو يدخل لمسكن دون إذن صاحبه"

وثانيا : لن يوجد متكففا وهو حامل لأسلحة أو آلات طبيعتها قاضية بالحصول على الوسائل الموصلة" او التسول لارتكاب السرقات لمن يستخدم في التسول طفلا سنه أقل من ثمانية عشر عاما ويرفع العقاب إلى ضعفه إذا تم".

ثالثا ( نقحت بالقانون عدد 93 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 ) ، الاستخدام في شكل جماعي منظم

رابعا: لمن يتكفف وهو حامل شهادات مدّلسة أو غير ذلك من الأوراق المدّلسة المعدّة للتعريف بالأشخاص".