اختلفت المفاهيم والمؤشرات والقراءات، ولم تعد الحروب تنتهي دائما بنصر معلوم أو هزيمة نكراء، بل أصبحت للنصر عناوين كثيرة وللهزيمة ملامح وأوجه، وفي حرب طوفان الأقصى للنصر والهزيمة خصوصية وسياقات، تلك الحرب التي سحبت كل حركات المقاومة في الشرق الأوسط، لمواجهة الكيان الصهيوني مواجهة عسكرية تمدّدت الى خارج الأراضي المحتّلة، وكان للجبهة اللبنانية دورها الكبير في تعديل إيقاع الحرب والتحكّم حتى في نسقها، بعد القوّة الكبيرة التي أظهرها حزب الله في الصمود والاستبسال، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبّدها على المستوى الهيكلي، بعد اغتيال أبرز قياداته وخاصة زعيمه التاريخي والروحي حسن نصر الله، ولكن حزب الله استطاع أن يتجاوز كل تلك الضربات القاصمة وأن يصمد في ساحة الحرب، ويُجبر إسرائيل المنهكة على كل جبهات القتال بالقبول اليوم باتفاق وقف إطلاق النار..
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار هذا، لا يمكن الجزم بانتصار أي طرف انتصارا ساحقا كما لا يمكن القول إن هزيمة نكراء لحقت الطرف الآخر!
حيث لم يقلب 7 أكتوبر المعادلات الجيوسياسية في المنطقة ولم يربك حسابات بعض القوى فحسب، بل أجهض أيضا الكثير من المآرب والغايات لشخصيات صهيونية طمحت الى أمجاد تاريخية مثل نتنياهو الذي تحطّمت أحلامه نهائيا في تغيير خارطة الشرق وإحياء الأساطير التلمودية القديمة، ولكن طوفان الأقصى غيّر أيضا زاوية النظر في قراءة الانتصارات والهزائم، فغزّة على دمارها اليوم بفعل التفوّق العسكري الكبير لإسرائيل وخاصّة سلاح الجوّ والمسيّرات التي باتت اليوم جزءا أساسيا في كل المعادلات العسكرية، مازالت تمثّل هزيمة أكيدة للكيان المحتلّ الذي نجح في التدمير ولكنه فشل في تحقيق كل أهدافه العسكرية بعد حرب عبثية يخوضها منذ أكثر من عام، حيث لم يحرّر الرهائن ولم يقض على المقاومة ولم ينجح في تهجير الغزاويين ولم يبسط هيمنته الكاملة على القطاع ومازالت المقاومة تفاجئ الجيش الإسرائيلي بصمود تاريخي وبقدرة متجددة على المواجهة وإلحاق أضرار كبيرة بالقوات العسكرية المنتشرة، وهنا يتحوّل مفهوم النصر ليصبح صمود المقاومة شكلا من أشكال النصر، رغم كل خسائرها الكبيرة بعد اغتيالات قياداتها وخاصّة إسماعيل هنية ويحيى السنوار..
واغتيال قيادات حزب الله وأغلب أعضاء المجلس الجهادي وعلى رأسهم حسن نصر الله، تُقرأ في النظريات التقليدية للحروب كنوع من الهزيمة، ولكن مجريات الأمور بعد ذلك تؤكد أن تلك الاغتيالات كانت خسارة وليست هزيمة حيث نجح الحزب في التماسك رغم كل تلك الضربات القاصمة ومواصلة الحرب بعزيمة فولاذية رغم أن ما تعرّض له كان يمكن أن يُربك أعتى التنظيمات، ولكن الصلابة الداخلية التي يتمتّع بها الحزب ساعدته على تجاوز محنة خسارة قياداته..
ومواجهة حزب الله والقبول اليوم باتفاق وقف إطلاق النار أظهر وهم ما تبجّحت به القيادة العسكرية الصهيونية في السنوات الأخيرة حول جاهزية جيشها للقتال على جبهات متعددة ومتزامنة، وهذا الوهم اكتشف اليوم المجتمع الصهيوني زيفه وزيف الأرض التي يقف عليها! وأن مسار المقاومة متجدّد وطويل، ليتضح أن أهداف الكيان اليوم متمثلة في غلق ملف جنوب لبنان والانفراد بغزّة بغاية واحدة وهي اجتثاث كل أشكال وتنظيمات المقاومة للاحتلال، تبدو ضربا من الخيال لأن الغزاويين دفعوا الثمن مرارا وتكرارا وصمودهم اليوم أمام "ماكينة" الحرب الجهنمية ليس صمودا عاديا في حرب عادية، بل هو مقاومة ضد اجتثاث الفلسطينيين من أرضهم مرة أخرى وليس فقط ضد اجتثاث المقاومة، لأن كل غزة تقاوم اليوم !
منية العرفاوي
اختلفت المفاهيم والمؤشرات والقراءات، ولم تعد الحروب تنتهي دائما بنصر معلوم أو هزيمة نكراء، بل أصبحت للنصر عناوين كثيرة وللهزيمة ملامح وأوجه، وفي حرب طوفان الأقصى للنصر والهزيمة خصوصية وسياقات، تلك الحرب التي سحبت كل حركات المقاومة في الشرق الأوسط، لمواجهة الكيان الصهيوني مواجهة عسكرية تمدّدت الى خارج الأراضي المحتّلة، وكان للجبهة اللبنانية دورها الكبير في تعديل إيقاع الحرب والتحكّم حتى في نسقها، بعد القوّة الكبيرة التي أظهرها حزب الله في الصمود والاستبسال، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبّدها على المستوى الهيكلي، بعد اغتيال أبرز قياداته وخاصة زعيمه التاريخي والروحي حسن نصر الله، ولكن حزب الله استطاع أن يتجاوز كل تلك الضربات القاصمة وأن يصمد في ساحة الحرب، ويُجبر إسرائيل المنهكة على كل جبهات القتال بالقبول اليوم باتفاق وقف إطلاق النار..
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار هذا، لا يمكن الجزم بانتصار أي طرف انتصارا ساحقا كما لا يمكن القول إن هزيمة نكراء لحقت الطرف الآخر!
حيث لم يقلب 7 أكتوبر المعادلات الجيوسياسية في المنطقة ولم يربك حسابات بعض القوى فحسب، بل أجهض أيضا الكثير من المآرب والغايات لشخصيات صهيونية طمحت الى أمجاد تاريخية مثل نتنياهو الذي تحطّمت أحلامه نهائيا في تغيير خارطة الشرق وإحياء الأساطير التلمودية القديمة، ولكن طوفان الأقصى غيّر أيضا زاوية النظر في قراءة الانتصارات والهزائم، فغزّة على دمارها اليوم بفعل التفوّق العسكري الكبير لإسرائيل وخاصّة سلاح الجوّ والمسيّرات التي باتت اليوم جزءا أساسيا في كل المعادلات العسكرية، مازالت تمثّل هزيمة أكيدة للكيان المحتلّ الذي نجح في التدمير ولكنه فشل في تحقيق كل أهدافه العسكرية بعد حرب عبثية يخوضها منذ أكثر من عام، حيث لم يحرّر الرهائن ولم يقض على المقاومة ولم ينجح في تهجير الغزاويين ولم يبسط هيمنته الكاملة على القطاع ومازالت المقاومة تفاجئ الجيش الإسرائيلي بصمود تاريخي وبقدرة متجددة على المواجهة وإلحاق أضرار كبيرة بالقوات العسكرية المنتشرة، وهنا يتحوّل مفهوم النصر ليصبح صمود المقاومة شكلا من أشكال النصر، رغم كل خسائرها الكبيرة بعد اغتيالات قياداتها وخاصّة إسماعيل هنية ويحيى السنوار..
واغتيال قيادات حزب الله وأغلب أعضاء المجلس الجهادي وعلى رأسهم حسن نصر الله، تُقرأ في النظريات التقليدية للحروب كنوع من الهزيمة، ولكن مجريات الأمور بعد ذلك تؤكد أن تلك الاغتيالات كانت خسارة وليست هزيمة حيث نجح الحزب في التماسك رغم كل تلك الضربات القاصمة ومواصلة الحرب بعزيمة فولاذية رغم أن ما تعرّض له كان يمكن أن يُربك أعتى التنظيمات، ولكن الصلابة الداخلية التي يتمتّع بها الحزب ساعدته على تجاوز محنة خسارة قياداته..
ومواجهة حزب الله والقبول اليوم باتفاق وقف إطلاق النار أظهر وهم ما تبجّحت به القيادة العسكرية الصهيونية في السنوات الأخيرة حول جاهزية جيشها للقتال على جبهات متعددة ومتزامنة، وهذا الوهم اكتشف اليوم المجتمع الصهيوني زيفه وزيف الأرض التي يقف عليها! وأن مسار المقاومة متجدّد وطويل، ليتضح أن أهداف الكيان اليوم متمثلة في غلق ملف جنوب لبنان والانفراد بغزّة بغاية واحدة وهي اجتثاث كل أشكال وتنظيمات المقاومة للاحتلال، تبدو ضربا من الخيال لأن الغزاويين دفعوا الثمن مرارا وتكرارا وصمودهم اليوم أمام "ماكينة" الحرب الجهنمية ليس صمودا عاديا في حرب عادية، بل هو مقاومة ضد اجتثاث الفلسطينيين من أرضهم مرة أخرى وليس فقط ضد اجتثاث المقاومة، لأن كل غزة تقاوم اليوم !