إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المخرج المسرحي حافظ خليفة.. نعمل بجد على فكّ العزلة الثقافية عن المناطق المهمشة في الجنوب التونسي

محسن بن أحمد

يعدّ المخرج المسرحي حافظ خليفة، عاشق الصحراء، أحد أبرز المبدعين المجتهدين من أجل توظيف الصحراء لتكون فضاءً شاسعًا مترامي الأطراف لإبداعات فنية كانت حبيسة الفضاءات المغلقة، فاختار أن يحررها من هذا "السجن" المفروض عليها لصالح فضاء أرحب لا حدود له.

حافظ خليفة هام بالصحراء وحكاياتها وأسرارها، لينسج ملحمتين استثنائيتين في ربوع الجنوب التونسي: مهرجان المسرح في الصحراء، وأردفه منذ شهور قليلة بمهرجان السينما. مهرجانان كسبا الرهان لجدية الطرح وللخصوصية التي ينفردان بها عن بقية التظاهرات، سواء كانت وطنية أو دولية.

وفي حديثه عن فكرة تأسيس المهرجان الدولي للسينما بالصحراء، قال حافظ خليفة: إن تأسيس هذا المهرجان جاء في إطار مشروع ثقافي متكامل كانت بدايته بتأسيس المهرجان الدولي للمسرح في الصحراء منذ أربع سنوات لفك العزلة الثقافية عن المناطق المهمشة في الجنوب التونسي أو بالمناطق الصحراوية.

ويهدف هذا المهرجان الخاص بالسينما، شأنه في ذلك شأن المهرجان الدولي للمسرح في الصحراء، إلى جعل الصحراء وجهة سينمائية بامتياز، فكانت الدورة التأسيسية له قد قدمت 26 فيلمًا من 16 دولة عربية وأجنبية. كما شهدت هذه الدورة تنظيم ورشات تكوينية في كل ما له علاقة بالصناعة السينمائية، وشهدت أيضًا حضورًا هامًا للعديد من الأسماء البارزة والفاعلة في المشهد السينمائي التونسي، مثل عبد الحميد بوشناق وسهير بن عمارة وعبد الله يحيى ومروان الطرابلسي وحمدي الجويني.

أما تركيبة لجنة التحكيم، فقد تضمّنت أسماء هامة مثل نايلة الغربي وصالح الجدي وعبد العزيز الحفضاوي.

وتولت المندوبية الجهوية للشباب والرياضة بقبلي بالشراكة مع المهرجان إقامة مخيم سينمائي شبابي، إلى جانب أكاديمية الفنون بقرطاج التي أشرفت ضمن فعاليات المهرجان على تنظيم مسابقات سينمائية لطلبتها، خصصت لها جوائز قيمة.

وأشار حافظ خليفة إلى أن الجانب الفكري في هذه الدورة كان حاضراً من خلال ندوة حوارية حول "الصناعات السينمائية في الصحراء التونسية"، حيث تركزت المناقشات على ضرورة العمل بجدية من أجل أن تستعيد الصحراء التونسية توهجها الذي كانت عليه خلال فترة الثمانينات والتسعينات كفضاء سينمائي عالمي.

وأشار مؤسس ومدير المهرجان الدولي للسينما بالصحراء إلى أنه عندما نتحدث عن الصحراء التونسية، فإن هذا لا يعني الكثبان الرملية فقط، بل أيضًا التضاريس الصحراوية وما تتضمنه من ثراء هام انطلاقًا من شلالات تمغزة وقصور تطاوين وواحات نفطة ونفزاوة وشنني وجبال بني خداش وشط الجريد والكثبان الرملية الممتدة في ربوع قبلي ودوز.

وأكد حافظ خليفة أنه وقع الاختيار على "قصر غيلان" كفضاء رئيسي للدورة التأسيسية الأولى للمهرجان الدولي للسينما بالصحراء، اعتبارًا لقيمته السياحية، قائلاً في هذا الصدد: "لقد سعينا إلى إعادة توهجه، على اعتبار أنه أصبح مهجورًا بشكل لافت منذ 2011. فقد أمكن تجهيز 3 أماكن للعروض السينمائية". وأضاف: "أتوجه بالتقدير لإدارة الفنون السمعية البصرية على مشاركتها الفاعلة في المهرجان من خلال توفير وإقامة الشاشة وكل الوسائل التقنية اللازمة لعرض أفلام المسابقة الرسمية، دون أن ننسى توظيف الكثبان الرملية كشاشات عملاقة للعروض الشبابية والعروض الرقمية".

وأكد حافظ خليفة أن كسب رهان الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للسينما بالصحراء شكل حافزًا للمضي قدمًا وبكل جدية ومسؤولية في هذا التوجه الإبداعي العالمي، الذي سيكون في خريف كل عام، اعتبارًا لخصوصيته وتفرده. وهو الذي أعاد للصحراء بريقها من خلال تحويلها إلى فضاء سينمائي مفتوح، مشع بالحياة وكل جميل فيها، مع تجديد التحية للمركز الوطني للسينما والصورة والإدارة العامة للثقافة بتونس والمندوبية الجهوية للشباب والرياضة بقبلي وبلدية دوز والمندوبية الجهوية للثقافة بقبلي للمشاركة الفاعلة في هذا المهرجان، وفق وصفه.

بين نواق الشط وإمارة الشارقة

وكشف المخرج حافظ خليفة في جانب آخر من هذا الحديث الخاص بـ"الصباح" أنه تحوّل إلى "نواق الشط"، العاصمة الموريتانية، وأنه بتكليف من إدارة المسرح بحكومة إمارة الشارقة يعمل حاليًا على الإشراف الفني والتقني والتكوين والتأطير للعمل الملحمي الضخم "ديلول حكيم الصحراء" لجمعية الإيحاء الفنية بنواق الشط، لفائدة مهرجان الشارقة الدولي للمسرح في الصحراء الذي سينتظم في الفترة بين 13 و17 ديسمبر بصحراء كليفة بإمارة الشارقة.

إلى جانب هذا العمل الذي أشرف عليه تأطيرًا وتكوينًا، أضاف قائلاً: "سأكون مشاركًا في مهرجان الشارقة الدولي للمسرح في الصحراء ممثلاً لتونس، بعمل فرجوي ضخم هو 'قصر الثرى'، تعاملت فيه مع ثلاثة من أبرز الشعراء في ولاية قبلي: على بالناجي ونصر الشايب ولمجد بن منصور. وهي تجربة فريدة بعد تجربة متميزة ومتفردة مع الشاعرين جمال الصليعي والبشير عبد العظيم".

وبيّن حافظ خليفة أن هذا العمل يجمع عددًا من أساطين التمثيل في تونس، مثل صلاح مصدق وسهام مصدق ودليلة مفتاحي وعبد اللطيف بوعلاق، إلى جانب مجموعة من الممثلين الشبان الطموحين: لطفي ناجح وهادية بن عبيد وكمال زهيو وأنور الصقاعي ونبيل بن جابر ومحمد بن بوبكر. أما الهندسة الصوتية فهي لزياد شواي، والملابس لمفيدة المرواني.

وأشرفت على إنتاج هذا العمل الملحمي شركة فن الضفتين، وقال في هذا الإطار: "يمثل هذا العمل تتويجًا لمشروعنا حول الصحراء وتثمين الإرث الصحراوي وتطويعه".

وتعد "قصر الثرى" الملحمة العاشرة التي تولى حافظ خليفة إعدادها، وهي شكل فرجوي أكد أنه يقدم مشهده الفرجي الجديد الذي يغادر من خلاله المسرح "العلبة الإيطالية" إلى الجمهور الواسع في فضاء لا حدود له.

هذا العمل، أي "قصر الثرى"، سيكون حاضراً في عرضه الأول بتونس في الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للمسرح في الصحراء في الفترة بين أواخر أفريل وبداية ماي  2025، والتي ينتظر أن تشهد مشاركة 30 عرضًا دوليًا.

ووصف حافظ خليفة في هذا الحديث التجارب الفنية التي يخوضها، فقال: "إننا نحاول من خلال هذا الحراك الإبداعي المتنوع البحث في موروثنا الحضاري والثقافي وابتكار فرجة إبداعية جديدة والعمل بجدية على كسب رهان المصالحة مع الجمهور الذي غادر القاعات داخل المدن".

المخرج المسرحي حافظ خليفة..   نعمل بجد على فكّ العزلة الثقافية عن المناطق المهمشة في الجنوب التونسي

محسن بن أحمد

يعدّ المخرج المسرحي حافظ خليفة، عاشق الصحراء، أحد أبرز المبدعين المجتهدين من أجل توظيف الصحراء لتكون فضاءً شاسعًا مترامي الأطراف لإبداعات فنية كانت حبيسة الفضاءات المغلقة، فاختار أن يحررها من هذا "السجن" المفروض عليها لصالح فضاء أرحب لا حدود له.

حافظ خليفة هام بالصحراء وحكاياتها وأسرارها، لينسج ملحمتين استثنائيتين في ربوع الجنوب التونسي: مهرجان المسرح في الصحراء، وأردفه منذ شهور قليلة بمهرجان السينما. مهرجانان كسبا الرهان لجدية الطرح وللخصوصية التي ينفردان بها عن بقية التظاهرات، سواء كانت وطنية أو دولية.

وفي حديثه عن فكرة تأسيس المهرجان الدولي للسينما بالصحراء، قال حافظ خليفة: إن تأسيس هذا المهرجان جاء في إطار مشروع ثقافي متكامل كانت بدايته بتأسيس المهرجان الدولي للمسرح في الصحراء منذ أربع سنوات لفك العزلة الثقافية عن المناطق المهمشة في الجنوب التونسي أو بالمناطق الصحراوية.

ويهدف هذا المهرجان الخاص بالسينما، شأنه في ذلك شأن المهرجان الدولي للمسرح في الصحراء، إلى جعل الصحراء وجهة سينمائية بامتياز، فكانت الدورة التأسيسية له قد قدمت 26 فيلمًا من 16 دولة عربية وأجنبية. كما شهدت هذه الدورة تنظيم ورشات تكوينية في كل ما له علاقة بالصناعة السينمائية، وشهدت أيضًا حضورًا هامًا للعديد من الأسماء البارزة والفاعلة في المشهد السينمائي التونسي، مثل عبد الحميد بوشناق وسهير بن عمارة وعبد الله يحيى ومروان الطرابلسي وحمدي الجويني.

أما تركيبة لجنة التحكيم، فقد تضمّنت أسماء هامة مثل نايلة الغربي وصالح الجدي وعبد العزيز الحفضاوي.

وتولت المندوبية الجهوية للشباب والرياضة بقبلي بالشراكة مع المهرجان إقامة مخيم سينمائي شبابي، إلى جانب أكاديمية الفنون بقرطاج التي أشرفت ضمن فعاليات المهرجان على تنظيم مسابقات سينمائية لطلبتها، خصصت لها جوائز قيمة.

وأشار حافظ خليفة إلى أن الجانب الفكري في هذه الدورة كان حاضراً من خلال ندوة حوارية حول "الصناعات السينمائية في الصحراء التونسية"، حيث تركزت المناقشات على ضرورة العمل بجدية من أجل أن تستعيد الصحراء التونسية توهجها الذي كانت عليه خلال فترة الثمانينات والتسعينات كفضاء سينمائي عالمي.

وأشار مؤسس ومدير المهرجان الدولي للسينما بالصحراء إلى أنه عندما نتحدث عن الصحراء التونسية، فإن هذا لا يعني الكثبان الرملية فقط، بل أيضًا التضاريس الصحراوية وما تتضمنه من ثراء هام انطلاقًا من شلالات تمغزة وقصور تطاوين وواحات نفطة ونفزاوة وشنني وجبال بني خداش وشط الجريد والكثبان الرملية الممتدة في ربوع قبلي ودوز.

وأكد حافظ خليفة أنه وقع الاختيار على "قصر غيلان" كفضاء رئيسي للدورة التأسيسية الأولى للمهرجان الدولي للسينما بالصحراء، اعتبارًا لقيمته السياحية، قائلاً في هذا الصدد: "لقد سعينا إلى إعادة توهجه، على اعتبار أنه أصبح مهجورًا بشكل لافت منذ 2011. فقد أمكن تجهيز 3 أماكن للعروض السينمائية". وأضاف: "أتوجه بالتقدير لإدارة الفنون السمعية البصرية على مشاركتها الفاعلة في المهرجان من خلال توفير وإقامة الشاشة وكل الوسائل التقنية اللازمة لعرض أفلام المسابقة الرسمية، دون أن ننسى توظيف الكثبان الرملية كشاشات عملاقة للعروض الشبابية والعروض الرقمية".

وأكد حافظ خليفة أن كسب رهان الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للسينما بالصحراء شكل حافزًا للمضي قدمًا وبكل جدية ومسؤولية في هذا التوجه الإبداعي العالمي، الذي سيكون في خريف كل عام، اعتبارًا لخصوصيته وتفرده. وهو الذي أعاد للصحراء بريقها من خلال تحويلها إلى فضاء سينمائي مفتوح، مشع بالحياة وكل جميل فيها، مع تجديد التحية للمركز الوطني للسينما والصورة والإدارة العامة للثقافة بتونس والمندوبية الجهوية للشباب والرياضة بقبلي وبلدية دوز والمندوبية الجهوية للثقافة بقبلي للمشاركة الفاعلة في هذا المهرجان، وفق وصفه.

بين نواق الشط وإمارة الشارقة

وكشف المخرج حافظ خليفة في جانب آخر من هذا الحديث الخاص بـ"الصباح" أنه تحوّل إلى "نواق الشط"، العاصمة الموريتانية، وأنه بتكليف من إدارة المسرح بحكومة إمارة الشارقة يعمل حاليًا على الإشراف الفني والتقني والتكوين والتأطير للعمل الملحمي الضخم "ديلول حكيم الصحراء" لجمعية الإيحاء الفنية بنواق الشط، لفائدة مهرجان الشارقة الدولي للمسرح في الصحراء الذي سينتظم في الفترة بين 13 و17 ديسمبر بصحراء كليفة بإمارة الشارقة.

إلى جانب هذا العمل الذي أشرف عليه تأطيرًا وتكوينًا، أضاف قائلاً: "سأكون مشاركًا في مهرجان الشارقة الدولي للمسرح في الصحراء ممثلاً لتونس، بعمل فرجوي ضخم هو 'قصر الثرى'، تعاملت فيه مع ثلاثة من أبرز الشعراء في ولاية قبلي: على بالناجي ونصر الشايب ولمجد بن منصور. وهي تجربة فريدة بعد تجربة متميزة ومتفردة مع الشاعرين جمال الصليعي والبشير عبد العظيم".

وبيّن حافظ خليفة أن هذا العمل يجمع عددًا من أساطين التمثيل في تونس، مثل صلاح مصدق وسهام مصدق ودليلة مفتاحي وعبد اللطيف بوعلاق، إلى جانب مجموعة من الممثلين الشبان الطموحين: لطفي ناجح وهادية بن عبيد وكمال زهيو وأنور الصقاعي ونبيل بن جابر ومحمد بن بوبكر. أما الهندسة الصوتية فهي لزياد شواي، والملابس لمفيدة المرواني.

وأشرفت على إنتاج هذا العمل الملحمي شركة فن الضفتين، وقال في هذا الإطار: "يمثل هذا العمل تتويجًا لمشروعنا حول الصحراء وتثمين الإرث الصحراوي وتطويعه".

وتعد "قصر الثرى" الملحمة العاشرة التي تولى حافظ خليفة إعدادها، وهي شكل فرجوي أكد أنه يقدم مشهده الفرجي الجديد الذي يغادر من خلاله المسرح "العلبة الإيطالية" إلى الجمهور الواسع في فضاء لا حدود له.

هذا العمل، أي "قصر الثرى"، سيكون حاضراً في عرضه الأول بتونس في الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للمسرح في الصحراء في الفترة بين أواخر أفريل وبداية ماي  2025، والتي ينتظر أن تشهد مشاركة 30 عرضًا دوليًا.

ووصف حافظ خليفة في هذا الحديث التجارب الفنية التي يخوضها، فقال: "إننا نحاول من خلال هذا الحراك الإبداعي المتنوع البحث في موروثنا الحضاري والثقافي وابتكار فرجة إبداعية جديدة والعمل بجدية على كسب رهان المصالحة مع الجمهور الذي غادر القاعات داخل المدن".