* أول من قام بعمليات غسل الأموال رجال العصابات في الصين القديمة
تونس-الصباح
تعد المخدرات واحدة من أكبر المصادر للأموال "القذرة" ولذلك يحتاج تجارها دائما الى إيجاد طريقة لتمويه هذا التدفق في هيئة معاملات قانونية كي يبدو مشروعا ولا تتمكن السلطات من كشفه وهو ما يعرف بغسيل الأموال ومن هنا كانت هناك دائما علاقة ترابط بين تجارة المخدرات وغسيل الأموال.
مفيدة القيزاني
وتمثل العائدات المتأتية من الاتجار بالمخدرات أحد أكبر مصادر الأموال غير المشروعة التي تتطلب غسل الأموال وتقدر الأموال المتأتية من تجارة المخدرات والتي يتم غسلها ب حوالي 2,7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتعد تونس واحدة من الدول التي تعتبر منطقة عبور للمخدرات وهو ما نتج عنه بالضرورة وجود شبكات تنشط في تجارة المخدرات وغسيل الأموال المتأتية من عائداتها وقد تمكنت الوحدات الأمنية الأسبوع الجاري من الإطاحة بعدد من الشبكات التي تنشط في هذا المجال غير المشروع حيث أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بالاحتفاظ بـ 13 متهما من أجل "التكوين والانخراط والمشاركة في عصابة داخل البلاد وخارجها لارتكاب جرائم المخدّرات والاستهلاك والمسك لغاية الاستهلاك الشخصي والمسك والحيازة والملكية والعرض والنقل والشراء والإحالة والتوسط والتسليم والتوزيع والتوريد بنية الاتجار لمادة مخدّرة بالجدول 'ب' وغسل الأموال" وإدراج آخرين بالتفتيش.
قرار النيابة العمومية أتى بعد أن تم القبض على أحدهم من قبل الوحدات الأمنية التابعة لفرقة الشرطة العدلية بباردو بتعزيز من إدارة شرطة النجدة و إدارة الدعم والإسناد بحوزته 33 كبسولة من مخدر القنب الهندي.
وبإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة بعد التحري مع المشتبه به أمكن تحديد هويات مزوديه منهم (امرأتان وطفل قاصر) من جنسيات مختلفة يقطنون بنزل بالعاصمة ليقع بعد التنسيق مع النيابة العمومية التحوّل إلى شققهم أين تم حجز 280 كبسولة من ذات المخدّر (عمدوا إلى ابتلاعها لتهريبها) ومبالغ مالية متفاوتة.
وبمزيد التحري في الموضوع أمكن التعريف بهوية نفرين آخرين وفتاة (تم القبض عليهم) يعملون بإحدى وكالات الأسفار التي تعمد إلى اقتطاع تذاكر السفر للمهربين ونفر آخر مكلّف بتوزيع المخدّرات المهربة داخل التراب التونسي وهو صاحب مطعم يستغله في عملية غسيل الأموال وأنفار آخرين (تم القبض عليهم) يستغلون تقنيات متطورة وتطبيقات حديثة لتحويل أموالهم إلى عملة رقمية يتم تحويلها آليا للخارج كما ينشطون في المعاملات المالية بالعملة الرقمية المشفرة وضالعين ضمن شبكة دولية مختصة في تهريب وترويج المخدرات وتدليس الوثائق الرسمية وجوازات السفر الأجنبية.
وتمكنت في وقت سابق إطارات وأعوان الفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات بصفاقس بإدارة الشرطة العدلية بالقرجاني من ضبط شخصين وحجز 10 صفائح من مخدر القنب الهندي وكمية من مخدر الكوكايين إضافة إلى حجز سيارتين ومبلغ مالي يقدر بحوالي 72405 د.
غسيل الأموال عبر التاريخ..
تعود ظاهرة غسيل الأموال إلى آلاف السنين وفق قراءة القاضي والدكتور في القانون جابر غنيمي حيث عرفت بعض الحضارات القديمة هذه الظاهرة، وكان أول من قام بعمليات غسل الأموال رجال العصابات في الصين القديمة.
ويقول البعض إن كلمة غسل الأموال ظهرت في ولاية شيكاغو حيث اشترى رجال الأعمال التابعين لعصابات المافيا مؤسسات الغسيل والتي تتم معاملاتها بفئات مالية بسيطة.
وكان المشرفون عليها يضيفون إلى أرباح مؤسسات الغسيل بعض أرباح تجارة المخدرات ليتم تنظيفها دون أن يرتاب احد في مجموع الأموال المتحصل عليها.
وترجع أصول اقتباس مصطلح غسل الأموال إلى جريدة من خلال تقرير عن فضيحة "ووتر غيت" في الولايات المتحدة عام 1973، حيث اكتشف المحققون في حيازة المتهمين قليلا من الدولارات التي تحمل أرقاما متسلسلة، فقاموا بتتبع هذه الأرقام مما مكنهم من التعرف على مبالغ كبيرة تم غسلها لتصل في نهاية المطاف إلى لجنة الرئيس الأمريكي "نيكسون" المتهم في تلك الفضيحة.
غسيل الأموال من الناحية القانونية..
بين الدكتور جابر غنيمي أنه في المجال القانوني ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى أمام القضاء الأمريكي عام 1982 عندما تمت مصادرة ثروة بعض المواطنين الذين ثبت أن مصدرها عمليات تجارة في مادة الكوكايين مع عصابات في كولومبيا،و أصبح منذ ذلك التاريخ غسل الأموال تعبيرا شائعا في جميع دول العالم.
ويلاحظ أن معنى عبارة غسل الأموال التي تستخدم كمصطلح قانوني الآنيكاد يتعارض لغويا وعمليا مع الفهم العربي والإسلامي لهذه العبارة، فالغسل في اللغة إزالة الوسخ عن الشيء وتنظيفه بالماء ويعني في المفهوم الشرعي التطهير حسيا ومعنويا.
ولا يوجد تعريفٍ متفقٍ عليه لغسل الأموال بسبب تعدُّد مصادر الأموال غير المشروعة، وتنوُّع طرق ووسائل الغسل، وتبايُن وجهات النظر حول المصادر التي يجب أن تكون هدف التجريم في إطار المكافحة.
وانقسمت التشريعات والآراء الفقهية في تعريف غسل الأموال إلى قسمين ضيق، وواسع و يقصد بغسل الأموال في التعريف الضيق إخفاء أو تمويه المصدر غير الشرعي للأموال المنقولة أو المداخيل الناتجة عن تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية وغيرها، و يتم ذلك عن طريق توظيفها في مشاريع استثمارية تبدو شرعية لتمويه مصادر هذه الأموال. ومن بين التشريعات الفقهية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية المنعقدة في فيينا ديسمبر 1988 والتوصية الصادرة عن مجلس المجموعة الأوروبية عام1991.
وأما التعريف الواسع فيقصد بغسل الأموال إخفاء أو تمويه المصدر غير الشرعي للأموال المنقولة أو المداخيل الناتجة عن جميع الجرائم والأعمال وليس فقط تلك الناتجة عن تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية.
ومن التشريعات والآراء الفقهية التي اعتمدت التعريف الواسع لغسل الأموال القانون الأمريكي عام 1986 الذي اعتبر غسل الأموال هو كل عمل يهدف إلى إخفاء طبيعة أو مصدر الأموال الناتجة عن النشاطات الإجرامية.
ولقد نصت المادة الثالثة من اتفاقية فيينا المؤرخة في 9 ديسمبر 1988 على تجريم الأعمال التي من شأنها تحويل الأموال أو نقلها مع العلم أنها مستمدة من أية جريمة من جرائم المخدرات أو جرائم أخرى بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير الشرعي لهذه الأموال قصد مساعدة أي شخص متورط في مثل هذه الجريمة أو الجرائم الأخرى على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله وكذلك إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها.
جريمة غسيل الأموال في القانون التونسي..
ويعد غسيل الأموال الحصول على أموال أو استثمارات غير شرعية من خلال طرف خارجي لإخفاء المصدر الحقيقي لها، وبعبارة أخرى هو عملية تنظيف الأموال من مصدرها وجعلها قانونية".
ونص الفصل 92 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 مؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال والمنقح بمقتضى القانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 جانفي 2019 على انه: " يعدّ غسلا للأموال كل فعل قصدي يهدف، بأية وسيلة كانت، إلى التبرير الكاذب للمصدر غير المشروع لأموال منقولة أو عقارية أو مداخيل متأتية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، من كلّ جناية أو جنحة تستوجب العقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات أو أكثر ومن كل الجنح المعاقب عليها بمجلة الديوانة .
ويعتبر أيضا غسلا للأموال، كل فعل قصدي يهدف إلى توظيف أموال متأتية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، من الجرائم المنصوص عليها بالفقرة السابقة ، أو إلى إيداعها أو إخفائها أو تمويهها أو إدارتها أو إدماجها أو حفظها أو محاولة القيام بذلك أو المشاركة فيه أو التحريض عليه أو تسهيله أو إلى المساعدة في ارتكابه".
وخلص الدكتور جابر الغنيمي على أنه يمكن تعريف الغسيل بأنه مجموعةٌ من المراحل العملية والمراحل التنفيذية المتتابعة التي تقوم بها عصابات الجريمة المنظمة لإضفاء المشروعية على مالٍ غير مشروع لإيجاد مصدرٍ يبدو مشروعاً له، ويتمُّ ذلك عبر وسائل مختلفة وأدواتٍ معينة من أجل غسل الأموال القذرة لعصابات الجريمة التي اكتسبها من ممارسة الجرائم السابقة على عملية الغسل ومن ثم نحتاج إلى غسله وإدخال هذا المال في قنوات بنكية وغير بنكية لإبعاد شبهة الجريمة عنه وإظهاره على أنه مال شريف طاهر.
مصادر الأموال القذرة..
مصادر الأموال القذرة متعددة ومتنوعة، أبرزها أنشطة إنتاج وتداول واستهلاك وتجارة المخدرات والرشوة والاتجار بالرقيق الأبيض واستغلال الأطفال والاختلاس وأنشطة التهريب والتهرب والغش الضريبي والجرائم الواقعة على المال وتزييف العملة والأعمال غير المشروعة لأصحاب الياقات البيضاء وجرائم السياسيين.
وبالإضافة إلى المصادر المذكورة هناك عدة مصادر أخرى لها ارتباط وثيق مع عملية غسل الأموال مثل الاتجار في الأسلحة.
والاتجار في السوق السوداء للسلع العامة والإستراتيجية والاتجار في السوق السوداء للعملات الأجنبية والأموال المتأتية من الجوسسة.
والأموال المتأتية من المضاربة غير المشروعة في الأوراق المالية
والحصول على القروض من البنوك المحلية ثم تهريبها إلى الخارج
و الأموال الناتجة عن الفساد الإداري والسياسي بكل صوره.
لقد عرف الفصل17 من القانون عدد 48 لسنة 2016 المؤرخ في 11 جويلية 2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية " البنك" حيث ينص على انه " يعتبر بنكا كل شخص معنوي يتولى بصفة اعتيادية تلقي الودائع ووضع وسائل الدفع على ذمة الحرفاء بغرض ممارسة بقية العمليات البنكية الأخرى. "
البنوك ودورها في غسيل الأموال..
تعتبر البنوك وفق الدكتور جابر غنيمي من أهم القنوات لغسل الأموال غير المشروعة وتلعب دورا رياديا في مكافحة والكشف عن عمليات غسل الأموال إلا انه توجد عدة عقبات أمامها أهمها حالة استثنائية تلتزم إدارة البنك برفع الغطاء عن سرية أموال عميل (زبون معين) في حالتين الأولى إذا نص القانون، ومثال ذلك: جريمة التهرب الضريبي أو جريمة الإفلاس، أما الحالة الثانية فهي حكم صادر من سلطة قضائية مختصة يطلب فيه القاضي من إدارة المصرف إعلامه بمقدار رصيد العميل أو بأية أنشطة مالية قام بها.
عدم وجود نظام معلوماتية متطور يفتقر النظام المالي في جميع الدول لنظام معلوماتية متطور، بحيث يسمح للتحقق من مصدر الأموال المعروضة بشكل سري وسريع. وبعض الدول لا تملك أجهزة معلوماتية.
تقاعس المصارف عن المراقبة والتحقق الواقع أن البنوك لا تتعاون مع العدالة بما فيه الكفاية للكشف عن عمليات غسيل الأموال بحجة سرية العمليات.
الافتقار لبرنامج تدريبي للعاملين في القطاع المالي حيث من الضرورة تدريب وتنمية قدرات العاملين بالقطاع المالي والمصرفي ومعرفة طرق التعرف على الصفقات المشبوهة والإجراءات الواجب اتخاذها إزاءها ويتعين أن يحوي البرنامج التدريبي على معلومات اقتصادية وتجارية ومالية ومصرفية وقانونية.
عدم تنظيم عمليات الإيفاء النقدي حيث يلجأ المجرمون إلى غسل أموالهم عبر قنوات غير مصرفية كشراء الشركات والعقارات والمجوهرات والذهب والتحف الفنية ودفع ثمنها نقدا، ومن ثم يتحول المال السائل إلى مال عيني. ولمواجهة هذه الحالة لا بد من منع الدفع نقدا عندما يتجاوز المبلغ حدا معينا.
* أول من قام بعمليات غسل الأموال رجال العصابات في الصين القديمة
تونس-الصباح
تعد المخدرات واحدة من أكبر المصادر للأموال "القذرة" ولذلك يحتاج تجارها دائما الى إيجاد طريقة لتمويه هذا التدفق في هيئة معاملات قانونية كي يبدو مشروعا ولا تتمكن السلطات من كشفه وهو ما يعرف بغسيل الأموال ومن هنا كانت هناك دائما علاقة ترابط بين تجارة المخدرات وغسيل الأموال.
مفيدة القيزاني
وتمثل العائدات المتأتية من الاتجار بالمخدرات أحد أكبر مصادر الأموال غير المشروعة التي تتطلب غسل الأموال وتقدر الأموال المتأتية من تجارة المخدرات والتي يتم غسلها ب حوالي 2,7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتعد تونس واحدة من الدول التي تعتبر منطقة عبور للمخدرات وهو ما نتج عنه بالضرورة وجود شبكات تنشط في تجارة المخدرات وغسيل الأموال المتأتية من عائداتها وقد تمكنت الوحدات الأمنية الأسبوع الجاري من الإطاحة بعدد من الشبكات التي تنشط في هذا المجال غير المشروع حيث أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بالاحتفاظ بـ 13 متهما من أجل "التكوين والانخراط والمشاركة في عصابة داخل البلاد وخارجها لارتكاب جرائم المخدّرات والاستهلاك والمسك لغاية الاستهلاك الشخصي والمسك والحيازة والملكية والعرض والنقل والشراء والإحالة والتوسط والتسليم والتوزيع والتوريد بنية الاتجار لمادة مخدّرة بالجدول 'ب' وغسل الأموال" وإدراج آخرين بالتفتيش.
قرار النيابة العمومية أتى بعد أن تم القبض على أحدهم من قبل الوحدات الأمنية التابعة لفرقة الشرطة العدلية بباردو بتعزيز من إدارة شرطة النجدة و إدارة الدعم والإسناد بحوزته 33 كبسولة من مخدر القنب الهندي.
وبإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة بعد التحري مع المشتبه به أمكن تحديد هويات مزوديه منهم (امرأتان وطفل قاصر) من جنسيات مختلفة يقطنون بنزل بالعاصمة ليقع بعد التنسيق مع النيابة العمومية التحوّل إلى شققهم أين تم حجز 280 كبسولة من ذات المخدّر (عمدوا إلى ابتلاعها لتهريبها) ومبالغ مالية متفاوتة.
وبمزيد التحري في الموضوع أمكن التعريف بهوية نفرين آخرين وفتاة (تم القبض عليهم) يعملون بإحدى وكالات الأسفار التي تعمد إلى اقتطاع تذاكر السفر للمهربين ونفر آخر مكلّف بتوزيع المخدّرات المهربة داخل التراب التونسي وهو صاحب مطعم يستغله في عملية غسيل الأموال وأنفار آخرين (تم القبض عليهم) يستغلون تقنيات متطورة وتطبيقات حديثة لتحويل أموالهم إلى عملة رقمية يتم تحويلها آليا للخارج كما ينشطون في المعاملات المالية بالعملة الرقمية المشفرة وضالعين ضمن شبكة دولية مختصة في تهريب وترويج المخدرات وتدليس الوثائق الرسمية وجوازات السفر الأجنبية.
وتمكنت في وقت سابق إطارات وأعوان الفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات بصفاقس بإدارة الشرطة العدلية بالقرجاني من ضبط شخصين وحجز 10 صفائح من مخدر القنب الهندي وكمية من مخدر الكوكايين إضافة إلى حجز سيارتين ومبلغ مالي يقدر بحوالي 72405 د.
غسيل الأموال عبر التاريخ..
تعود ظاهرة غسيل الأموال إلى آلاف السنين وفق قراءة القاضي والدكتور في القانون جابر غنيمي حيث عرفت بعض الحضارات القديمة هذه الظاهرة، وكان أول من قام بعمليات غسل الأموال رجال العصابات في الصين القديمة.
ويقول البعض إن كلمة غسل الأموال ظهرت في ولاية شيكاغو حيث اشترى رجال الأعمال التابعين لعصابات المافيا مؤسسات الغسيل والتي تتم معاملاتها بفئات مالية بسيطة.
وكان المشرفون عليها يضيفون إلى أرباح مؤسسات الغسيل بعض أرباح تجارة المخدرات ليتم تنظيفها دون أن يرتاب احد في مجموع الأموال المتحصل عليها.
وترجع أصول اقتباس مصطلح غسل الأموال إلى جريدة من خلال تقرير عن فضيحة "ووتر غيت" في الولايات المتحدة عام 1973، حيث اكتشف المحققون في حيازة المتهمين قليلا من الدولارات التي تحمل أرقاما متسلسلة، فقاموا بتتبع هذه الأرقام مما مكنهم من التعرف على مبالغ كبيرة تم غسلها لتصل في نهاية المطاف إلى لجنة الرئيس الأمريكي "نيكسون" المتهم في تلك الفضيحة.
غسيل الأموال من الناحية القانونية..
بين الدكتور جابر غنيمي أنه في المجال القانوني ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى أمام القضاء الأمريكي عام 1982 عندما تمت مصادرة ثروة بعض المواطنين الذين ثبت أن مصدرها عمليات تجارة في مادة الكوكايين مع عصابات في كولومبيا،و أصبح منذ ذلك التاريخ غسل الأموال تعبيرا شائعا في جميع دول العالم.
ويلاحظ أن معنى عبارة غسل الأموال التي تستخدم كمصطلح قانوني الآنيكاد يتعارض لغويا وعمليا مع الفهم العربي والإسلامي لهذه العبارة، فالغسل في اللغة إزالة الوسخ عن الشيء وتنظيفه بالماء ويعني في المفهوم الشرعي التطهير حسيا ومعنويا.
ولا يوجد تعريفٍ متفقٍ عليه لغسل الأموال بسبب تعدُّد مصادر الأموال غير المشروعة، وتنوُّع طرق ووسائل الغسل، وتبايُن وجهات النظر حول المصادر التي يجب أن تكون هدف التجريم في إطار المكافحة.
وانقسمت التشريعات والآراء الفقهية في تعريف غسل الأموال إلى قسمين ضيق، وواسع و يقصد بغسل الأموال في التعريف الضيق إخفاء أو تمويه المصدر غير الشرعي للأموال المنقولة أو المداخيل الناتجة عن تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية وغيرها، و يتم ذلك عن طريق توظيفها في مشاريع استثمارية تبدو شرعية لتمويه مصادر هذه الأموال. ومن بين التشريعات الفقهية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية المنعقدة في فيينا ديسمبر 1988 والتوصية الصادرة عن مجلس المجموعة الأوروبية عام1991.
وأما التعريف الواسع فيقصد بغسل الأموال إخفاء أو تمويه المصدر غير الشرعي للأموال المنقولة أو المداخيل الناتجة عن جميع الجرائم والأعمال وليس فقط تلك الناتجة عن تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية.
ومن التشريعات والآراء الفقهية التي اعتمدت التعريف الواسع لغسل الأموال القانون الأمريكي عام 1986 الذي اعتبر غسل الأموال هو كل عمل يهدف إلى إخفاء طبيعة أو مصدر الأموال الناتجة عن النشاطات الإجرامية.
ولقد نصت المادة الثالثة من اتفاقية فيينا المؤرخة في 9 ديسمبر 1988 على تجريم الأعمال التي من شأنها تحويل الأموال أو نقلها مع العلم أنها مستمدة من أية جريمة من جرائم المخدرات أو جرائم أخرى بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير الشرعي لهذه الأموال قصد مساعدة أي شخص متورط في مثل هذه الجريمة أو الجرائم الأخرى على الإفلات من العواقب القانونية لأفعاله وكذلك إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها.
جريمة غسيل الأموال في القانون التونسي..
ويعد غسيل الأموال الحصول على أموال أو استثمارات غير شرعية من خلال طرف خارجي لإخفاء المصدر الحقيقي لها، وبعبارة أخرى هو عملية تنظيف الأموال من مصدرها وجعلها قانونية".
ونص الفصل 92 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 مؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال والمنقح بمقتضى القانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 جانفي 2019 على انه: " يعدّ غسلا للأموال كل فعل قصدي يهدف، بأية وسيلة كانت، إلى التبرير الكاذب للمصدر غير المشروع لأموال منقولة أو عقارية أو مداخيل متأتية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، من كلّ جناية أو جنحة تستوجب العقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات أو أكثر ومن كل الجنح المعاقب عليها بمجلة الديوانة .
ويعتبر أيضا غسلا للأموال، كل فعل قصدي يهدف إلى توظيف أموال متأتية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، من الجرائم المنصوص عليها بالفقرة السابقة ، أو إلى إيداعها أو إخفائها أو تمويهها أو إدارتها أو إدماجها أو حفظها أو محاولة القيام بذلك أو المشاركة فيه أو التحريض عليه أو تسهيله أو إلى المساعدة في ارتكابه".
وخلص الدكتور جابر الغنيمي على أنه يمكن تعريف الغسيل بأنه مجموعةٌ من المراحل العملية والمراحل التنفيذية المتتابعة التي تقوم بها عصابات الجريمة المنظمة لإضفاء المشروعية على مالٍ غير مشروع لإيجاد مصدرٍ يبدو مشروعاً له، ويتمُّ ذلك عبر وسائل مختلفة وأدواتٍ معينة من أجل غسل الأموال القذرة لعصابات الجريمة التي اكتسبها من ممارسة الجرائم السابقة على عملية الغسل ومن ثم نحتاج إلى غسله وإدخال هذا المال في قنوات بنكية وغير بنكية لإبعاد شبهة الجريمة عنه وإظهاره على أنه مال شريف طاهر.
مصادر الأموال القذرة..
مصادر الأموال القذرة متعددة ومتنوعة، أبرزها أنشطة إنتاج وتداول واستهلاك وتجارة المخدرات والرشوة والاتجار بالرقيق الأبيض واستغلال الأطفال والاختلاس وأنشطة التهريب والتهرب والغش الضريبي والجرائم الواقعة على المال وتزييف العملة والأعمال غير المشروعة لأصحاب الياقات البيضاء وجرائم السياسيين.
وبالإضافة إلى المصادر المذكورة هناك عدة مصادر أخرى لها ارتباط وثيق مع عملية غسل الأموال مثل الاتجار في الأسلحة.
والاتجار في السوق السوداء للسلع العامة والإستراتيجية والاتجار في السوق السوداء للعملات الأجنبية والأموال المتأتية من الجوسسة.
والأموال المتأتية من المضاربة غير المشروعة في الأوراق المالية
والحصول على القروض من البنوك المحلية ثم تهريبها إلى الخارج
و الأموال الناتجة عن الفساد الإداري والسياسي بكل صوره.
لقد عرف الفصل17 من القانون عدد 48 لسنة 2016 المؤرخ في 11 جويلية 2016 المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية " البنك" حيث ينص على انه " يعتبر بنكا كل شخص معنوي يتولى بصفة اعتيادية تلقي الودائع ووضع وسائل الدفع على ذمة الحرفاء بغرض ممارسة بقية العمليات البنكية الأخرى. "
البنوك ودورها في غسيل الأموال..
تعتبر البنوك وفق الدكتور جابر غنيمي من أهم القنوات لغسل الأموال غير المشروعة وتلعب دورا رياديا في مكافحة والكشف عن عمليات غسل الأموال إلا انه توجد عدة عقبات أمامها أهمها حالة استثنائية تلتزم إدارة البنك برفع الغطاء عن سرية أموال عميل (زبون معين) في حالتين الأولى إذا نص القانون، ومثال ذلك: جريمة التهرب الضريبي أو جريمة الإفلاس، أما الحالة الثانية فهي حكم صادر من سلطة قضائية مختصة يطلب فيه القاضي من إدارة المصرف إعلامه بمقدار رصيد العميل أو بأية أنشطة مالية قام بها.
عدم وجود نظام معلوماتية متطور يفتقر النظام المالي في جميع الدول لنظام معلوماتية متطور، بحيث يسمح للتحقق من مصدر الأموال المعروضة بشكل سري وسريع. وبعض الدول لا تملك أجهزة معلوماتية.
تقاعس المصارف عن المراقبة والتحقق الواقع أن البنوك لا تتعاون مع العدالة بما فيه الكفاية للكشف عن عمليات غسيل الأموال بحجة سرية العمليات.
الافتقار لبرنامج تدريبي للعاملين في القطاع المالي حيث من الضرورة تدريب وتنمية قدرات العاملين بالقطاع المالي والمصرفي ومعرفة طرق التعرف على الصفقات المشبوهة والإجراءات الواجب اتخاذها إزاءها ويتعين أن يحوي البرنامج التدريبي على معلومات اقتصادية وتجارية ومالية ومصرفية وقانونية.
عدم تنظيم عمليات الإيفاء النقدي حيث يلجأ المجرمون إلى غسل أموالهم عبر قنوات غير مصرفية كشراء الشركات والعقارات والمجوهرات والذهب والتحف الفنية ودفع ثمنها نقدا، ومن ثم يتحول المال السائل إلى مال عيني. ولمواجهة هذه الحالة لا بد من منع الدفع نقدا عندما يتجاوز المبلغ حدا معينا.