كم نحن بحاجة إلى قيام ثورة ثقافية، فمن دونها تبقى كل المشاريع والخطط التي نرنو إلى تحقيقها، وإن تحققت، مشلولة ومبتورة. وها نحن نلاحظ جليا كيف أن أسباب المعوقات والصعوبات الكبرى التي تعترض طريقنا نحو بناء مجتمع أفضل هي العقليات البالية والمتخلفة ولاسيما منها تلك التي تحنّ إلى الماضي المظلم. وقد أفلح المستعمر ونجح أيّما نجاح في غرسها خاصة لدى من طالهم الجهل.
وفي رأينا أنّ الشروع في رسم ملامح الثورة الثقافية يكون بالقيام ببعض الأعمال التي لا تتطلب منا جهدا ولا إمكانيات كبيرة لتنجز في أقرب الآجال وأسرعها. وسنعرض في مقالنا هذا أمثلة تكون على سبيل الذكر لا الحصر.
البداية تكون بإلغاء اسم "بورت دي فرنس" « Porte de France » . فهل من المعقول أن نصبح ونمسي على اسم البلد الذي استعمرنا لمدة 75 عاما استعمارا مباشرا فنكّل بالشعب التونسي تنكيلا تئن منه الجبال الرواسي. نهب مقدرات بلادنا وخيراتها شمالا وجنوبا وشرقا وغربا. واستهدف بوحشيته أبناء تونس البررة فاستشهد الآلاف وجرحوا وألقي آخرون في المنافي الكثيرة سواء داخل البلاد أو خارجها. وهل ننسى أيضا ما فعلته فرنسا الاستعمارية بأشقائنا في الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيدا؟ آن الأوان أن نغير اسم « Porte de France » إلى اسم "باب تونس"بالبند العريض. هذا الباب الذي تمر من خلاله إلى المدينة العتيقة وتنتشي برائحة أصالتنا وتاريخنا العربي الإسلامي التليد. تستقبلك أنهج الصناعات التقليدية وعلى رأسها الشاشية التي ليس لها نظير في كامل الأقطار العربية. وأنت تعبر الأسواق والأماكن والأروقة، يعترضك جامع الزيتونة، المعين المسجور ومصدر العلم والمعرفة في كافة الوطن العربي الذي تخرجت منه أجيال وعلماء أفذاذ لا يشق لهم غبار في مجال القضاء والفقه والتاريخ واللغة وعلم الاجتماع والأدب كالعلمين العظيمين عبد الرحمان ابن خلدون وأبو القاسم الشابي.
ولا ننس نهج "شارل ديغول" وهو أحد الأنهج التجارية بمدينة تونس. نهج يُسمّى باسم من قام بتقتيل أكثر من 45000 جزائري أيام 7 و8 و9 و10 جانفي 1945 حسب المصادر الجزائرية فيما تدّعي فرنسا أن عدد القتلى لا يتجاوز 1500 قتيل. ويصف الصحفي الجزائري بمجلة الشهاب أحمد توفيق المدني أن الجزائريّين عاشوا الرّعب وكانوا بين الراحلة والرحيل في تلك الأيام. فلماذا لا نلغي اسم "ديغول" غيرة على أشقائنا الجزائريّين الذين التحم دمنا بدمهم في ساقية سيدي يوسف ونسمي الشارع "ساقية سيدي يوسف" نكاية بالاستعمار الغاصب وطردا لما تبقى من رموزه؟
في جانب آخر من العاصمة، ونحن مارّون بأحد شوارع معتمدية باردو، اعترضتنا مؤسسة تربوية تحمل اسم مصطفى خزندار... لقد انتابنا الذهول والحيرة وتساءلنا أنّى لنا أن نسمي معهدا باسم من اختلس أموال شعبنا وأغرقها في الديون؟ كيف ندرّس أبناءنا إسهام خزندار في دخول الاستعمار إلى بلادنا بسبب عبثه في خزينة الدولة ونخبرهم بأنه ناصب العداء للمصلح خير الدين باشا ووقف له بالمرصاد حتى تبقى الأوضاع كارثية وبذلك يتصرف كيف يشاء دون حسيب ولا رقيب وهم يدرسون في معهد يحمل اسم الشخص نفسه؟.كيف تستقيم الأمور؟ كيف نعلي من شأن من خانوا الأمانة وحين تولوا سعوا في الأرض ليفسدوا فيها؟ إنّ في هذا اعتداء على كرامة التونسيين ونضالاتهم وتجنّيا على رجال الإصلاح الذين ذاقوا الويل من خزندار المفسد والمخرّب وأمثاله. أنترك ما لنا من أسماء أبناء تونس الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل بلادهم زمن الاستعمار المباشر وغير المباشر ونمنح للخونة والفسدة التقدير وشرف تسمية منارة علم باسمهم؟ إننا نرى أنه من الأجدر أن نعوّض اسم معهد مصطفى خزندار إلى معهد باسم أحد جنودنا البواسل الذين اغتالتهم يد الغدر والإجرام والإرهاب ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر الشهيد سقراط الشارني.
نعتقد أنه من هنا تبدأ اللبنات الأولى نحو تحقيق الثورة الثقافية. ونهيب بوزارة الثقافة وبكل التونسيّين الغيورين على بلادهم ألاّ يهدأ لهم بال حتى نكنس ما علق ببلادنا من أدران في جميع المجالات. فالثورة الثقافية كالطوفان تغسل وتطهر ما بقي إلى اليوم من موروث الاستعمار الغاشم المحتل وتمحي العادات السيئة والممارسات المشحونة بالأنانية وحب الذات وتضخمها.
مصدّق الشّريف
كم نحن بحاجة إلى قيام ثورة ثقافية، فمن دونها تبقى كل المشاريع والخطط التي نرنو إلى تحقيقها، وإن تحققت، مشلولة ومبتورة. وها نحن نلاحظ جليا كيف أن أسباب المعوقات والصعوبات الكبرى التي تعترض طريقنا نحو بناء مجتمع أفضل هي العقليات البالية والمتخلفة ولاسيما منها تلك التي تحنّ إلى الماضي المظلم. وقد أفلح المستعمر ونجح أيّما نجاح في غرسها خاصة لدى من طالهم الجهل.
وفي رأينا أنّ الشروع في رسم ملامح الثورة الثقافية يكون بالقيام ببعض الأعمال التي لا تتطلب منا جهدا ولا إمكانيات كبيرة لتنجز في أقرب الآجال وأسرعها. وسنعرض في مقالنا هذا أمثلة تكون على سبيل الذكر لا الحصر.
البداية تكون بإلغاء اسم "بورت دي فرنس" « Porte de France » . فهل من المعقول أن نصبح ونمسي على اسم البلد الذي استعمرنا لمدة 75 عاما استعمارا مباشرا فنكّل بالشعب التونسي تنكيلا تئن منه الجبال الرواسي. نهب مقدرات بلادنا وخيراتها شمالا وجنوبا وشرقا وغربا. واستهدف بوحشيته أبناء تونس البررة فاستشهد الآلاف وجرحوا وألقي آخرون في المنافي الكثيرة سواء داخل البلاد أو خارجها. وهل ننسى أيضا ما فعلته فرنسا الاستعمارية بأشقائنا في الجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيدا؟ آن الأوان أن نغير اسم « Porte de France » إلى اسم "باب تونس"بالبند العريض. هذا الباب الذي تمر من خلاله إلى المدينة العتيقة وتنتشي برائحة أصالتنا وتاريخنا العربي الإسلامي التليد. تستقبلك أنهج الصناعات التقليدية وعلى رأسها الشاشية التي ليس لها نظير في كامل الأقطار العربية. وأنت تعبر الأسواق والأماكن والأروقة، يعترضك جامع الزيتونة، المعين المسجور ومصدر العلم والمعرفة في كافة الوطن العربي الذي تخرجت منه أجيال وعلماء أفذاذ لا يشق لهم غبار في مجال القضاء والفقه والتاريخ واللغة وعلم الاجتماع والأدب كالعلمين العظيمين عبد الرحمان ابن خلدون وأبو القاسم الشابي.
ولا ننس نهج "شارل ديغول" وهو أحد الأنهج التجارية بمدينة تونس. نهج يُسمّى باسم من قام بتقتيل أكثر من 45000 جزائري أيام 7 و8 و9 و10 جانفي 1945 حسب المصادر الجزائرية فيما تدّعي فرنسا أن عدد القتلى لا يتجاوز 1500 قتيل. ويصف الصحفي الجزائري بمجلة الشهاب أحمد توفيق المدني أن الجزائريّين عاشوا الرّعب وكانوا بين الراحلة والرحيل في تلك الأيام. فلماذا لا نلغي اسم "ديغول" غيرة على أشقائنا الجزائريّين الذين التحم دمنا بدمهم في ساقية سيدي يوسف ونسمي الشارع "ساقية سيدي يوسف" نكاية بالاستعمار الغاصب وطردا لما تبقى من رموزه؟
في جانب آخر من العاصمة، ونحن مارّون بأحد شوارع معتمدية باردو، اعترضتنا مؤسسة تربوية تحمل اسم مصطفى خزندار... لقد انتابنا الذهول والحيرة وتساءلنا أنّى لنا أن نسمي معهدا باسم من اختلس أموال شعبنا وأغرقها في الديون؟ كيف ندرّس أبناءنا إسهام خزندار في دخول الاستعمار إلى بلادنا بسبب عبثه في خزينة الدولة ونخبرهم بأنه ناصب العداء للمصلح خير الدين باشا ووقف له بالمرصاد حتى تبقى الأوضاع كارثية وبذلك يتصرف كيف يشاء دون حسيب ولا رقيب وهم يدرسون في معهد يحمل اسم الشخص نفسه؟.كيف تستقيم الأمور؟ كيف نعلي من شأن من خانوا الأمانة وحين تولوا سعوا في الأرض ليفسدوا فيها؟ إنّ في هذا اعتداء على كرامة التونسيين ونضالاتهم وتجنّيا على رجال الإصلاح الذين ذاقوا الويل من خزندار المفسد والمخرّب وأمثاله. أنترك ما لنا من أسماء أبناء تونس الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل بلادهم زمن الاستعمار المباشر وغير المباشر ونمنح للخونة والفسدة التقدير وشرف تسمية منارة علم باسمهم؟ إننا نرى أنه من الأجدر أن نعوّض اسم معهد مصطفى خزندار إلى معهد باسم أحد جنودنا البواسل الذين اغتالتهم يد الغدر والإجرام والإرهاب ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر الشهيد سقراط الشارني.
نعتقد أنه من هنا تبدأ اللبنات الأولى نحو تحقيق الثورة الثقافية. ونهيب بوزارة الثقافة وبكل التونسيّين الغيورين على بلادهم ألاّ يهدأ لهم بال حتى نكنس ما علق ببلادنا من أدران في جميع المجالات. فالثورة الثقافية كالطوفان تغسل وتطهر ما بقي إلى اليوم من موروث الاستعمار الغاشم المحتل وتمحي العادات السيئة والممارسات المشحونة بالأنانية وحب الذات وتضخمها.