وأخيرا وبعد أخذ ورد، ومعارك، مرت من المربع القانوني إلى المربع السياسي، لإجهاض قرارها، أصدرت محكمة الجنايات الدولية قرارا بإصدار بطاقات جلب في حق رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير حربه المقال يؤاف غالانت، كمجرمي حرب، مطلوبين في كل بلد يعترف بهذه المحكمة.
ويعتبر إصدار مثل هذه البطاقة، انتصارا للقانون الدولي وبمثابة دليل واضح على التعالي الصهيوني، الذي طالما عمل على كسر كل القوانين الدولية، والتعامل معها بمكيالين، خصوصا بعد الرفض الأمريكي الواضح لقرار الجنائية الدولية ومدعيها العام كريم خان.
ويعتبر هذا القرار تاريخيا، إذ يعد اﻷول من نوعه منذ تأسيس الكيان، الذي أدانه وطالب بجلب قادته كمجرمي حرب، بالرغم من كل الجرائم التي ارتكبها بها منذ مجازر النكبة على أيدي العصابات الصهيونية، أو من خلال الجيش الصهيوني ضد الفلسطينيين وضد دول الطوق العربي لفلسطين، أو تلك التي شهدت تواجد الفلسطينيين والمناضلين ضد العنصرية الصهيونية في كل أنحاء العالم، مثل تونس بعد الهجوم على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط، أو إثر اغتيال عالم الطائرات التونسي محمد الزواري.
واليوم باتت مؤسسات اﻷمم المتحدة، والشرعية الدولية أمام امتحان جديد لمصداقيتها، خصوصا وأن أي قرار من المحكمة أو من أي مؤسسة أخرى للأمم المتحدة، يصطدم دائما، بمجلس اﻷمن، الذي تتقاسم فيه واشنطن مع 4 قوى أخرى حق النقض "الفيتو" والذي عادة ما يوجه ضد اﻹرادة الدولية.
وقد يهدد إمعان واشنطن وخلفها كل الغرب بعدم الالتزام بقرارات مؤسسات دولية، قاموا هم أنفسهم -كمنتصرين في الحرب العالمية الثانية- بتأسيسها لتكون رافعة للقانون الدولي، وهي اليوم تدوس عليه، بحكم مساندتها العمياء للعنصرية الصهيونية ومجازرها التي هزت كل كيان المجتمع العالمي، ولم تحرك ساكنا لدى ساكني البيت اﻷبيض على كل ألوانهم -ديمقراطيون أو جمهوريون- وذلك لتحكم الصهيونية بالعقل السياسي الحاكم في البيت اﻷبيض وفي كل النظام السياسي اﻷمريكي.
إن هذا القرار هو في الأخير ترجمة قانونية وسياسية، للنهضة الفكرية والسياسية والاجتماعية التي أحدثتها مجازر غزة، في جوهر المجتمع العالمي، الذي بات يضيق ذرعا بانحياز "المجتمع الدولي" إلى جانب الطغيان والعنصرية الصهيونية.
وسيكون لهذا التباعد بين مطامح "المجتمع العالمي" للعدل ومطامع "المجتمع الدولي" في التمدد والتوسع على حساب إرادة الشعوب، نتائج على المستويين المتوسط وبعيد المدى، حيث سيزيد عدم احترام قرارات المؤسسات الدولية في زيادة التمرد على النظام الدولي الحالي ذي القطبية الأحادية، إلى زيادة المطالبين بتعدد الأقطاب، على المستوى الدولي، وإعادة توزيع اﻷدوار بين القوى على المستوى الإقليمي، بما قد يمنح العالم نوعا جديدا من التوازن، ويعيد للدولة -في معناها المجرد- قوتها الفاعلة في العلاقات الدولية، بعد أن تزعمت لمدة طويلة الشركات عبر القطرية السيادية في صنع القرار الدولي، ضمن "غربنة" ثقافية واقتصادية وسياسية، لم تساهم الثورات الرقمية المتتالية إلا في زيادة اضمحلالها، مع بروز مطالب تدافع عن ثقافات الشعوب ومقدراتها ضمن سيادة الدولة في معناها القومي.
نزار مقني
وأخيرا وبعد أخذ ورد، ومعارك، مرت من المربع القانوني إلى المربع السياسي، لإجهاض قرارها، أصدرت محكمة الجنايات الدولية قرارا بإصدار بطاقات جلب في حق رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير حربه المقال يؤاف غالانت، كمجرمي حرب، مطلوبين في كل بلد يعترف بهذه المحكمة.
ويعتبر إصدار مثل هذه البطاقة، انتصارا للقانون الدولي وبمثابة دليل واضح على التعالي الصهيوني، الذي طالما عمل على كسر كل القوانين الدولية، والتعامل معها بمكيالين، خصوصا بعد الرفض الأمريكي الواضح لقرار الجنائية الدولية ومدعيها العام كريم خان.
ويعتبر هذا القرار تاريخيا، إذ يعد اﻷول من نوعه منذ تأسيس الكيان، الذي أدانه وطالب بجلب قادته كمجرمي حرب، بالرغم من كل الجرائم التي ارتكبها بها منذ مجازر النكبة على أيدي العصابات الصهيونية، أو من خلال الجيش الصهيوني ضد الفلسطينيين وضد دول الطوق العربي لفلسطين، أو تلك التي شهدت تواجد الفلسطينيين والمناضلين ضد العنصرية الصهيونية في كل أنحاء العالم، مثل تونس بعد الهجوم على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط، أو إثر اغتيال عالم الطائرات التونسي محمد الزواري.
واليوم باتت مؤسسات اﻷمم المتحدة، والشرعية الدولية أمام امتحان جديد لمصداقيتها، خصوصا وأن أي قرار من المحكمة أو من أي مؤسسة أخرى للأمم المتحدة، يصطدم دائما، بمجلس اﻷمن، الذي تتقاسم فيه واشنطن مع 4 قوى أخرى حق النقض "الفيتو" والذي عادة ما يوجه ضد اﻹرادة الدولية.
وقد يهدد إمعان واشنطن وخلفها كل الغرب بعدم الالتزام بقرارات مؤسسات دولية، قاموا هم أنفسهم -كمنتصرين في الحرب العالمية الثانية- بتأسيسها لتكون رافعة للقانون الدولي، وهي اليوم تدوس عليه، بحكم مساندتها العمياء للعنصرية الصهيونية ومجازرها التي هزت كل كيان المجتمع العالمي، ولم تحرك ساكنا لدى ساكني البيت اﻷبيض على كل ألوانهم -ديمقراطيون أو جمهوريون- وذلك لتحكم الصهيونية بالعقل السياسي الحاكم في البيت اﻷبيض وفي كل النظام السياسي اﻷمريكي.
إن هذا القرار هو في الأخير ترجمة قانونية وسياسية، للنهضة الفكرية والسياسية والاجتماعية التي أحدثتها مجازر غزة، في جوهر المجتمع العالمي، الذي بات يضيق ذرعا بانحياز "المجتمع الدولي" إلى جانب الطغيان والعنصرية الصهيونية.
وسيكون لهذا التباعد بين مطامح "المجتمع العالمي" للعدل ومطامع "المجتمع الدولي" في التمدد والتوسع على حساب إرادة الشعوب، نتائج على المستويين المتوسط وبعيد المدى، حيث سيزيد عدم احترام قرارات المؤسسات الدولية في زيادة التمرد على النظام الدولي الحالي ذي القطبية الأحادية، إلى زيادة المطالبين بتعدد الأقطاب، على المستوى الدولي، وإعادة توزيع اﻷدوار بين القوى على المستوى الإقليمي، بما قد يمنح العالم نوعا جديدا من التوازن، ويعيد للدولة -في معناها المجرد- قوتها الفاعلة في العلاقات الدولية، بعد أن تزعمت لمدة طويلة الشركات عبر القطرية السيادية في صنع القرار الدولي، ضمن "غربنة" ثقافية واقتصادية وسياسية، لم تساهم الثورات الرقمية المتتالية إلا في زيادة اضمحلالها، مع بروز مطالب تدافع عن ثقافات الشعوب ومقدراتها ضمن سيادة الدولة في معناها القومي.