إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل يمكن أن تكون حلولا لتطويق استفحال ظاهرة العنف المسلّط على النساء؟.. تعزيز مراكز إيواء الضحايا وإطلاق برنامج التأهيل الزوجي

تونس الصباح

ارتفاع نسب النساء ضحايا العنف المسلّط عليهن في الفضاء العام والفضاء الأسري حتّم إيجاد آليات حماية وإحاطة ورعاية، وكان التبليغ عن حالات العنف عبر الخطّ الأخضر الذي وضعته وزارة المرأة وكذلك احداث مراكز إيواء للضحايا تكون على ذمّتهن حين تعرّضهن للعنف خاصة العنف الزوجي حيث يُرمى بالزوجة المعنّفة خارج المنزل دون مأوى أو يشكّل بقاؤها في المنزل تهديدا لحياتها خاصة مع ارتفاع نسب تقتيل النساء في السنوات الأخيرة بشكل مخيف!

ولكن تجربة مراكز إيواء النساء المعنّفات التي انطلقت منذ سنوات بالشراكة بين وزارة المرأة وبعض الجمعيات المدنية المدافعة عن حقوق النساء، حققت بعض المكاسب وقدّمت الحماية اللازمة والرعاية الصحية لعدد كبير من النساء، ولكن ذلك لا يحجب وجود مؤاخذات حول بعض هذه المراكز خاصة وانها لا تغطّي كامل تراب الجمهورية وبعضها ما زالت طاقة استيعابها محدودة وغير قادرة على استيعاب كل الحالات المعنّفة التي تطلب الحماية أو التي تعرّضت للعنف، ويزداد الأمر سوءا عندما يتعلّق بأم حاضنة لأطفالها حيث يصبح من الضروري إيجاد حلّ عاجل..

ويبلغ عدد مراكز الإيواء وفق آخر الإحصائيات الرسمية المقدمة في الغرض حوالي 14 مركزا وطنيا بطاقة استيعاب في حدود 221 سريرا تقدّم إحاطة سريعة للنساء المعنّفات بإيوائهن وإبان فترة الإيواء تتم الإحاطة بهؤلاء النساء المعنّفات صحيا ونفسيا، كما تقدّم بعض المراكز تكوينا سريعا في بعض الاختصاصات لتحفيز النساء على الاستقلالية المالية حتى يستطعن مواجهة ظروف الحياة والاستقلال بحياتهنّ على البيئة العنيفة التي كنّ يعشن فيها.. وهذا العدد يعتبر غير كاف ولا ينسجم مع نسب العنف المسجّلة والتي تشهد ارتفاعا يوما بعد يوم.

وفي اطار محاصرة ظاهرة العنف وحماية النساء من ظاهرة التعنيف المتزايدة والمهدّدة لحياتهنّ يتنزّل قرار وزيرة المرأة والطفولة وكبار السنّ أسماء الجابري الأخير والذي أعلنت عنه في الجلسة البرلمانية التي تم تخصيصها لمناقشة ميزانية الوزارة في إطار العمل على تطوير مهام مراكز الايواء والتعهّد بالنساء ضحايا العنف والأطفال المرافقين لهنّ برصد اعتمادات إضافية في حدود 600 ألف دينار خلال السنة المقبلة وذلك في اطار الخطة الوطنية لمقاومة العنف ضدّ المرأة وذلك بإنشاء 17 مركزا جديدا للإيواء وبطاقة استيعاب تفوق 220 سريرا وكل ذلك في محاولة لتطويق ظاهرة العنف والتخفيف من تبعاته المدمّرة على الأسرة والمجتمع.

العنف الزوجي وتقتيل النساء

يتصدّر العنف الزوجي وعلى مدى السنوات الماضية قائمة العنف المسلّط على النساء، وهذا العنف الذي يتراوح بين العنف اللفظي والعنف المادّي بدأ يتخذ منذ سنوات أشكالا مخيفة وتنتهي بعض حالات العنف بالقتل حيث ارتفعت جرائم تقتيل النساء.. وكان تقرير صادر عن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف «أواخر سبتمبر الماضي، قد كشف أن العنف النفسي هو من أكثر أنواع العنف المسلّط على التونسيات بنسبة تبلغ 44.4 بالمائة ويليه العنف اللفظي بنسبة 26.7 بالمائة ثم العنف الجنسي بنسبة 15.6 بالمائة والعنف الاقتصادي بـ 11.4 بالمائة والعنف الجسدي بـ 5.3 بالمائة كما قدّرت نسبة الزوجات المعنفات بالاستناد إلى استجواب أنجزه المركز في الغرض بـ 41.8 بالمائة وبلغت نسبة العنف في الأماكن العمومية وفق التقرير 28.1 بالمائة فيما بلغت نسبة النساء المعرّضات للعنف في الوسط العائلي والزوجي 58 بالمائة أي أن أكثر من نصف النساء يتعرّضن للعنف في المحيط الأسري..

كما أعلنت وزارة المرأة في وقت سابق أن مراكز التوجيه والاستماع في كل من العاصمة تونس وسوسة والقيروان وصفاقس فقط، استقبلت أكثر من 800 امرأة ضحية عنف خلال عام 2023 ويحتلّ العنف الزوجي صدارة العنف المسلّط على النساء فيما يتذيّل العنف السياسي أنواع العنف المسلّط على النساء بنسبة 6 بالمائة .

وفي ماي الماضي قدمت مجموعات من الجمعيات وهي "جمعية أصوات نساء" و"جمعية المرأة والمواطنة بالكاف" تقريرا بعنوان:»تقتيل النساء الظاهرة المسكوت عنها «ذكرت فيه انه تم تسجيل 25 جريمة قتل نساء في 2023 من بينهن 13 ضحية قُتلن على يد أزواجهن و3 نساء من طرف آبائهن و4 نساء من أقاربهن و5 ضحايا قتلن من طرف مجهول. وحول طريقة القتل تبين أن 7 نساء قُتلن طعنا بآلات حادة وثلاث نساء ذبحا و6 خنقاو4 نساء قُتلن نتيجة الضرب على الرأس.

كما سجّل تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان سنة 2022 عدة حالات لجرائم قتل النساء بتونس سواء كنّ أمهات أو قاصرات أو راشدات أو حتى مسنات على يد أب أو أخ أو أي من ذكور العائلة أو دائرة الأصدقاء. وقد أحصى التقرير  وقوع 5 جرائم قتل للنساء في 48 ساعة فقط سنة 2019 فيما ذهبت بعض التقديرات من بعض الخبراء الى أن هناك حالات قتل بقيت خارج عملية الإحصاء وتمت بطرق مختلفة ربما لم يتم التفطّن لها .

التأهيل الزوجي

في الجلسة البرلمانية الأخيرة أعلنت وزيرة المرأة أيضا أن وزارتها ستنفذ برنامجا خاصّا لتأهيل المتزوجين المستقبليين وذلك من خلال العمل على تعزيز البعد الوقائي بوضع تصور شامل يحقق توازن الأسرة ويدعم قدراتها عبر التوعية والتحسيس لفائدة جميع أفرادها وتكثيف البرامج الوطنية الشاملة لفائدتها وتقريب الخدمات..

وبرنامج التأهيل الزوجي هو من البرامج التي أعلنت عليها الوزارة في وقت سابق وقبل تولي الوزيرة الحالية لمهامها ولكنه لم يدخل إلى الآن حيز التنفيذ حيث أعلنت وزارة المرأة والأسرة منذ سنتين أنها تعتزم تنفيذ برنامج تأهيل الأزواج كتجربة نموذجية أولى على امتداد ثلاث سنوات في الفترة ما بين عامي 2023 و2025 وذلك بأن تتولى مراكز متخصصة تقديم دورات تأهيل للمقدمين على الزواج على كامل مناطق الجمهورية.

وفي انتظار انطلاق هذه التجربة والتي تنفّذ في عدة دول وحققت انعكاسات إيجابية على استقرار الأسر وتماسكها، ينبغي اليوم التركيز على تعزيز قدرات مراكز الايواء ووضع خطط لتطويق ظاهرة العنف المسلط على النساء حتى لا تتفاقم الظاهرة أكثر وتستفحل.

منية العرفاوي

هل يمكن أن تكون حلولا لتطويق استفحال ظاهرة العنف المسلّط على النساء؟..   تعزيز مراكز إيواء الضحايا وإطلاق برنامج التأهيل الزوجي

تونس الصباح

ارتفاع نسب النساء ضحايا العنف المسلّط عليهن في الفضاء العام والفضاء الأسري حتّم إيجاد آليات حماية وإحاطة ورعاية، وكان التبليغ عن حالات العنف عبر الخطّ الأخضر الذي وضعته وزارة المرأة وكذلك احداث مراكز إيواء للضحايا تكون على ذمّتهن حين تعرّضهن للعنف خاصة العنف الزوجي حيث يُرمى بالزوجة المعنّفة خارج المنزل دون مأوى أو يشكّل بقاؤها في المنزل تهديدا لحياتها خاصة مع ارتفاع نسب تقتيل النساء في السنوات الأخيرة بشكل مخيف!

ولكن تجربة مراكز إيواء النساء المعنّفات التي انطلقت منذ سنوات بالشراكة بين وزارة المرأة وبعض الجمعيات المدنية المدافعة عن حقوق النساء، حققت بعض المكاسب وقدّمت الحماية اللازمة والرعاية الصحية لعدد كبير من النساء، ولكن ذلك لا يحجب وجود مؤاخذات حول بعض هذه المراكز خاصة وانها لا تغطّي كامل تراب الجمهورية وبعضها ما زالت طاقة استيعابها محدودة وغير قادرة على استيعاب كل الحالات المعنّفة التي تطلب الحماية أو التي تعرّضت للعنف، ويزداد الأمر سوءا عندما يتعلّق بأم حاضنة لأطفالها حيث يصبح من الضروري إيجاد حلّ عاجل..

ويبلغ عدد مراكز الإيواء وفق آخر الإحصائيات الرسمية المقدمة في الغرض حوالي 14 مركزا وطنيا بطاقة استيعاب في حدود 221 سريرا تقدّم إحاطة سريعة للنساء المعنّفات بإيوائهن وإبان فترة الإيواء تتم الإحاطة بهؤلاء النساء المعنّفات صحيا ونفسيا، كما تقدّم بعض المراكز تكوينا سريعا في بعض الاختصاصات لتحفيز النساء على الاستقلالية المالية حتى يستطعن مواجهة ظروف الحياة والاستقلال بحياتهنّ على البيئة العنيفة التي كنّ يعشن فيها.. وهذا العدد يعتبر غير كاف ولا ينسجم مع نسب العنف المسجّلة والتي تشهد ارتفاعا يوما بعد يوم.

وفي اطار محاصرة ظاهرة العنف وحماية النساء من ظاهرة التعنيف المتزايدة والمهدّدة لحياتهنّ يتنزّل قرار وزيرة المرأة والطفولة وكبار السنّ أسماء الجابري الأخير والذي أعلنت عنه في الجلسة البرلمانية التي تم تخصيصها لمناقشة ميزانية الوزارة في إطار العمل على تطوير مهام مراكز الايواء والتعهّد بالنساء ضحايا العنف والأطفال المرافقين لهنّ برصد اعتمادات إضافية في حدود 600 ألف دينار خلال السنة المقبلة وذلك في اطار الخطة الوطنية لمقاومة العنف ضدّ المرأة وذلك بإنشاء 17 مركزا جديدا للإيواء وبطاقة استيعاب تفوق 220 سريرا وكل ذلك في محاولة لتطويق ظاهرة العنف والتخفيف من تبعاته المدمّرة على الأسرة والمجتمع.

العنف الزوجي وتقتيل النساء

يتصدّر العنف الزوجي وعلى مدى السنوات الماضية قائمة العنف المسلّط على النساء، وهذا العنف الذي يتراوح بين العنف اللفظي والعنف المادّي بدأ يتخذ منذ سنوات أشكالا مخيفة وتنتهي بعض حالات العنف بالقتل حيث ارتفعت جرائم تقتيل النساء.. وكان تقرير صادر عن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف «أواخر سبتمبر الماضي، قد كشف أن العنف النفسي هو من أكثر أنواع العنف المسلّط على التونسيات بنسبة تبلغ 44.4 بالمائة ويليه العنف اللفظي بنسبة 26.7 بالمائة ثم العنف الجنسي بنسبة 15.6 بالمائة والعنف الاقتصادي بـ 11.4 بالمائة والعنف الجسدي بـ 5.3 بالمائة كما قدّرت نسبة الزوجات المعنفات بالاستناد إلى استجواب أنجزه المركز في الغرض بـ 41.8 بالمائة وبلغت نسبة العنف في الأماكن العمومية وفق التقرير 28.1 بالمائة فيما بلغت نسبة النساء المعرّضات للعنف في الوسط العائلي والزوجي 58 بالمائة أي أن أكثر من نصف النساء يتعرّضن للعنف في المحيط الأسري..

كما أعلنت وزارة المرأة في وقت سابق أن مراكز التوجيه والاستماع في كل من العاصمة تونس وسوسة والقيروان وصفاقس فقط، استقبلت أكثر من 800 امرأة ضحية عنف خلال عام 2023 ويحتلّ العنف الزوجي صدارة العنف المسلّط على النساء فيما يتذيّل العنف السياسي أنواع العنف المسلّط على النساء بنسبة 6 بالمائة .

وفي ماي الماضي قدمت مجموعات من الجمعيات وهي "جمعية أصوات نساء" و"جمعية المرأة والمواطنة بالكاف" تقريرا بعنوان:»تقتيل النساء الظاهرة المسكوت عنها «ذكرت فيه انه تم تسجيل 25 جريمة قتل نساء في 2023 من بينهن 13 ضحية قُتلن على يد أزواجهن و3 نساء من طرف آبائهن و4 نساء من أقاربهن و5 ضحايا قتلن من طرف مجهول. وحول طريقة القتل تبين أن 7 نساء قُتلن طعنا بآلات حادة وثلاث نساء ذبحا و6 خنقاو4 نساء قُتلن نتيجة الضرب على الرأس.

كما سجّل تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان سنة 2022 عدة حالات لجرائم قتل النساء بتونس سواء كنّ أمهات أو قاصرات أو راشدات أو حتى مسنات على يد أب أو أخ أو أي من ذكور العائلة أو دائرة الأصدقاء. وقد أحصى التقرير  وقوع 5 جرائم قتل للنساء في 48 ساعة فقط سنة 2019 فيما ذهبت بعض التقديرات من بعض الخبراء الى أن هناك حالات قتل بقيت خارج عملية الإحصاء وتمت بطرق مختلفة ربما لم يتم التفطّن لها .

التأهيل الزوجي

في الجلسة البرلمانية الأخيرة أعلنت وزيرة المرأة أيضا أن وزارتها ستنفذ برنامجا خاصّا لتأهيل المتزوجين المستقبليين وذلك من خلال العمل على تعزيز البعد الوقائي بوضع تصور شامل يحقق توازن الأسرة ويدعم قدراتها عبر التوعية والتحسيس لفائدة جميع أفرادها وتكثيف البرامج الوطنية الشاملة لفائدتها وتقريب الخدمات..

وبرنامج التأهيل الزوجي هو من البرامج التي أعلنت عليها الوزارة في وقت سابق وقبل تولي الوزيرة الحالية لمهامها ولكنه لم يدخل إلى الآن حيز التنفيذ حيث أعلنت وزارة المرأة والأسرة منذ سنتين أنها تعتزم تنفيذ برنامج تأهيل الأزواج كتجربة نموذجية أولى على امتداد ثلاث سنوات في الفترة ما بين عامي 2023 و2025 وذلك بأن تتولى مراكز متخصصة تقديم دورات تأهيل للمقدمين على الزواج على كامل مناطق الجمهورية.

وفي انتظار انطلاق هذه التجربة والتي تنفّذ في عدة دول وحققت انعكاسات إيجابية على استقرار الأسر وتماسكها، ينبغي اليوم التركيز على تعزيز قدرات مراكز الايواء ووضع خطط لتطويق ظاهرة العنف المسلط على النساء حتى لا تتفاقم الظاهرة أكثر وتستفحل.

منية العرفاوي