إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المجلس الوطني لاتحاد الشغل: بعضهم يموج في بعض لا من أجل هموم الشغيلة...

 

لم يكن الصّراع داخل أشغال المجلس الوطني بسبب المضامين التي تعزّز مكانة المنظمة

المجلس الوطني هو السلطة الثانية بعد المؤتمر العام للاتحاد العام التونسي للشغل. وهو محطة تنعقد لتقييم الوضع النقابي العام بين المؤتمر السّابق والمؤتمر اللاّحق. وفيه تُرفع توصيات تمسّ النظام الداخلي للمنظمة وأوضاع العمال وقدرتهم الشرائية. ويقع خلاله استشراف أفق أرحب للشّغالين ويتم النظر في مصير الاتفاقات التي اُبرمت في مختلف القطاعات وإعداد لوائح المؤتمر القادم. وللتذكير، فإنّ المجلس الوطني ينعقد كلّ أربع سنوات أو استثنائيّا كلّما دعت إليه الحاجة.

وقد انعقدت أيام 5 و6 و7 سبتمبر 2024 أشغال المجلس الوطني بإحدى نزل مدينة المنستير. وليت المؤتمر التأم من أجل قضايا العمال ومشاغلهم الحارقة والاتفاقات العالقة مع الحكومة والاستحقاق السياسي والأشكال النضالية النقابية. بل كان موضوع المؤتمر على مدى أيام العراك والخصام وتبادل الاتهامات بين المؤتمرين. ويعود سبب الخلاف داخل المركزية النقابية إلى إقرار عقد مؤتمر استثنائي في بداية سنة 2025 أو تقديم المؤتمر العام لسنة 2027 إلى سنة 2026 لإعادة انتاج البيروقراطية ذاتها والتطبيع مع السّائد وتثبيت التمديد والرّداءة.

مع الأسف، لم يكن الصّراع داخل أشغال المجلس الوطني بسبب المضامين التي تعزّز مكانة المنظمة في البلاد واستعادة دورها الوطني والاجتماعي والتساؤل عن سبب نفور أغلب النقابيات والنقابين من أداء التركيبة الحالية للمسؤولين النقابيين محليا وجهويا ومركزيا ولا من أجل التنديد بالتنكيل بالمعارضة النقابية وكأن للمركزية النقابية وثيقة ملكية خاصة للمنظمة من دفتر خانة. وطبعا، كان من آخر اهتمامات المؤتمرين ما يهم الفئات الشعبية والكادحين بالسّاعد والفكر فهذه الأمور عندهم هامشية ولا ترقى إلى التأبيد والتحنيط في كرسيّ المركزية النقابية وهي بالنسبة إليهم غاية المنى.

في هذا الخضم، تحولت مجموعة من النقابيين الأحرار الرّافضين لتنقيح الفصل العشرين والمندّدين بفساد نهج البيروقراطية النقابية يوم الخميس 5 سبتمبر 2024 إلى النزل الذي نُظّم فيه المؤتمر. لكن تمّ منعهم من دخول النّزل وأوصدت أبوابه أمامهم.

لم يخرج إلى النقابيّين أحد من المؤتمرين. ربما لأنّ المؤتمرين كانوا كالخشب المسنّدة يحسبون كل صيحة عليهم. هم انقلابيّون ومن لفّ لفّهم. هم خاوون من كل معنى وحسّ. يلبسهم التوجّس الدائم والفزع الدائم والاهتزاز الدائم لأنهم يعرفون أنهم منافقون مستورون بستار رقيق من التظاهر والحلف والملق والالتواء. يخشون في كل لحظة أن يفتضح أمرهم وينكشف سترهم. يتوجّسون من كل حركة ومن كل صوت ومن كل هاتف يحسبونه يطلبهم وقد عرف حقيقة أمرهم.

وقد أصدرت القيادة النّقابية قبل أيام بتاريخ 2 سبتمبر 2024 بيانا ترفض فيه قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعتبر رفضها لقرارات المحكمة الإدارية توجّها خارجا عن القانون فيه ضرب صارخ للسلطة القضائية وأحكامها. ونبّهت المركزية النقابية إلى أنّ مثل هذه القرارات تكرّس النّهج الانفرادي والتّسلطي ولا تزيد الوضع إلاّ انغلاقا وتوتّرا وتحذّر من التّمادي فيه ومن عواقبه على البلاد مندّدة بعدم إعطاء فرص متكافئة للمتنافسين في الانتخابات الرّئاسيّة بعد إقصاء الهيأة المستقلّة للإعلام السّمعي والبصري للسيطرة على الإعلام وتوجيهه ومنع أصوات حرّة كثيرة من أداء واجبها في إنارة الرّأي العام على حدّ تعبير البيان. وبقطع النّظر عن رأينا في قرار الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات واعتباره صائبا من عدمه، فإنّه من المفارقات أن يأتي الدّرس في التعامل الديمقراطي وحرية الإعلام ممن غيروا النظام الدّاخلي للمنظمة في رابعة النهار ومن الذين لهم جحافل من المأجورين لضرب النقابيين الأحرار الذين يقولون لا لقرارات البيروقراطية العفنة وهرسلتهم وتجريدهم.

وعلى العموم، فلا بدّ من أن نقول كلمتنا حتى يكون التاريخ شاهدا علينا. إنّنا نحمّل كلّ نقابيّ غيور على بلاده وعلى منظمة حشاد المسؤولية الجسيمة لمصير المنظمة إن هو بقي صامتا أمام استهتار مجموعة من المسؤولين النقابيّين وهم يشرفون على منظمة عريقة أثبتت وجودها بتاريخها ولا سيّما بدماء الشهداء والجرحى الذين قدّموا من أجل بناء صرحها العتيد النّفس والنّفيس.

مصدّق الشّريف

 

 

المجلس الوطني لاتحاد الشغل:   بعضهم يموج في بعض لا من أجل هموم الشغيلة...

 

لم يكن الصّراع داخل أشغال المجلس الوطني بسبب المضامين التي تعزّز مكانة المنظمة

المجلس الوطني هو السلطة الثانية بعد المؤتمر العام للاتحاد العام التونسي للشغل. وهو محطة تنعقد لتقييم الوضع النقابي العام بين المؤتمر السّابق والمؤتمر اللاّحق. وفيه تُرفع توصيات تمسّ النظام الداخلي للمنظمة وأوضاع العمال وقدرتهم الشرائية. ويقع خلاله استشراف أفق أرحب للشّغالين ويتم النظر في مصير الاتفاقات التي اُبرمت في مختلف القطاعات وإعداد لوائح المؤتمر القادم. وللتذكير، فإنّ المجلس الوطني ينعقد كلّ أربع سنوات أو استثنائيّا كلّما دعت إليه الحاجة.

وقد انعقدت أيام 5 و6 و7 سبتمبر 2024 أشغال المجلس الوطني بإحدى نزل مدينة المنستير. وليت المؤتمر التأم من أجل قضايا العمال ومشاغلهم الحارقة والاتفاقات العالقة مع الحكومة والاستحقاق السياسي والأشكال النضالية النقابية. بل كان موضوع المؤتمر على مدى أيام العراك والخصام وتبادل الاتهامات بين المؤتمرين. ويعود سبب الخلاف داخل المركزية النقابية إلى إقرار عقد مؤتمر استثنائي في بداية سنة 2025 أو تقديم المؤتمر العام لسنة 2027 إلى سنة 2026 لإعادة انتاج البيروقراطية ذاتها والتطبيع مع السّائد وتثبيت التمديد والرّداءة.

مع الأسف، لم يكن الصّراع داخل أشغال المجلس الوطني بسبب المضامين التي تعزّز مكانة المنظمة في البلاد واستعادة دورها الوطني والاجتماعي والتساؤل عن سبب نفور أغلب النقابيات والنقابين من أداء التركيبة الحالية للمسؤولين النقابيين محليا وجهويا ومركزيا ولا من أجل التنديد بالتنكيل بالمعارضة النقابية وكأن للمركزية النقابية وثيقة ملكية خاصة للمنظمة من دفتر خانة. وطبعا، كان من آخر اهتمامات المؤتمرين ما يهم الفئات الشعبية والكادحين بالسّاعد والفكر فهذه الأمور عندهم هامشية ولا ترقى إلى التأبيد والتحنيط في كرسيّ المركزية النقابية وهي بالنسبة إليهم غاية المنى.

في هذا الخضم، تحولت مجموعة من النقابيين الأحرار الرّافضين لتنقيح الفصل العشرين والمندّدين بفساد نهج البيروقراطية النقابية يوم الخميس 5 سبتمبر 2024 إلى النزل الذي نُظّم فيه المؤتمر. لكن تمّ منعهم من دخول النّزل وأوصدت أبوابه أمامهم.

لم يخرج إلى النقابيّين أحد من المؤتمرين. ربما لأنّ المؤتمرين كانوا كالخشب المسنّدة يحسبون كل صيحة عليهم. هم انقلابيّون ومن لفّ لفّهم. هم خاوون من كل معنى وحسّ. يلبسهم التوجّس الدائم والفزع الدائم والاهتزاز الدائم لأنهم يعرفون أنهم منافقون مستورون بستار رقيق من التظاهر والحلف والملق والالتواء. يخشون في كل لحظة أن يفتضح أمرهم وينكشف سترهم. يتوجّسون من كل حركة ومن كل صوت ومن كل هاتف يحسبونه يطلبهم وقد عرف حقيقة أمرهم.

وقد أصدرت القيادة النّقابية قبل أيام بتاريخ 2 سبتمبر 2024 بيانا ترفض فيه قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعتبر رفضها لقرارات المحكمة الإدارية توجّها خارجا عن القانون فيه ضرب صارخ للسلطة القضائية وأحكامها. ونبّهت المركزية النقابية إلى أنّ مثل هذه القرارات تكرّس النّهج الانفرادي والتّسلطي ولا تزيد الوضع إلاّ انغلاقا وتوتّرا وتحذّر من التّمادي فيه ومن عواقبه على البلاد مندّدة بعدم إعطاء فرص متكافئة للمتنافسين في الانتخابات الرّئاسيّة بعد إقصاء الهيأة المستقلّة للإعلام السّمعي والبصري للسيطرة على الإعلام وتوجيهه ومنع أصوات حرّة كثيرة من أداء واجبها في إنارة الرّأي العام على حدّ تعبير البيان. وبقطع النّظر عن رأينا في قرار الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات واعتباره صائبا من عدمه، فإنّه من المفارقات أن يأتي الدّرس في التعامل الديمقراطي وحرية الإعلام ممن غيروا النظام الدّاخلي للمنظمة في رابعة النهار ومن الذين لهم جحافل من المأجورين لضرب النقابيين الأحرار الذين يقولون لا لقرارات البيروقراطية العفنة وهرسلتهم وتجريدهم.

وعلى العموم، فلا بدّ من أن نقول كلمتنا حتى يكون التاريخ شاهدا علينا. إنّنا نحمّل كلّ نقابيّ غيور على بلاده وعلى منظمة حشاد المسؤولية الجسيمة لمصير المنظمة إن هو بقي صامتا أمام استهتار مجموعة من المسؤولين النقابيّين وهم يشرفون على منظمة عريقة أثبتت وجودها بتاريخها ولا سيّما بدماء الشهداء والجرحى الذين قدّموا من أجل بناء صرحها العتيد النّفس والنّفيس.

مصدّق الشّريف