يواجه المهاجرون التونسيون ممن تم إيقافهم على خلفية مشاركتهم في عمليات هجرة غير نظامية مشاكل متعددة في مسارات متابعتهم أمام القضاء الإيطالي. وتتعلق بغياب شبه تام للمرافقة القانونية أو الحق في الدفاع عن أنفسهم. أين يجدون أنفسهم بمجرد إيقافهم معزولين عن العالم الخارجي ومن الصعب عليهم الاتصال بجمعيات حقوقية تكفل لهم توكيل محامين أو مهاتفة أقاربهم أو معارفهم للمساعدة.
ويقول محرز وهو اسم مستعار لمهاجر تونسي:"في مركز الحجز بنتو غاليريو، تم حجزي لمدة تزيد عن الـ8 أشهر، ولم أتمكن طيلة تلك الفترة من التواصل مع العالم الخارجي، حجزت مع مجموعة من المهاجرين من مختلف الجنسيات بغرض إتمام إجراءات ترحيلنا، ولم يسمح لنا بتقديم اعتراضات أو شكاوى ضد الانتهاكات التي تعرضنا لها".
ويضيف محرز، تم ترحيلي بعد 12 شهرا من الاحتجاز في مراكز إيواء وترحيل مختلفة، لا تختلف في شيء عن السجون، مكتظة تغيب فيها أدنى مقومات الحياة الإنسانية، ويحرم داخلها المقيمون حتى من الزيارات أو الاتصالات، يعتقد معها الأهل في تونس أن أبناءهم قد فقدوا في البحر.
ويضيف صابر (اسم مستعار أيضا)، تغيب عن تلك المراكز السجون، التهوئة ولا يسمح داخلها بالاستحمام ويتكدس داخلها المهاجرون بشكل يتراجع معه مستوى النظافة، ويتم استعمال مرحاض من قبل أكثر من 200 شخص ولا يسمح بالاستحمام إلا مرة واحدة في الأسبوع."
ويشير في نفس السياق إلى أنه في العديد من المرات يفقد عند عمليات الترحيل والنقل غير المفهومة للمحجوزين عدد من المهاجرين وتنقطع أخبارهم، لنكتشف فيما بعد أنهم قضوا بسبب حالات الموت المفاجئ أو الانتحار نتيجة الضغوط النفسية التي يتعرضون لها.
وتقول دراسة صادرة عن "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" عام 2022 حول مسارات وظروف إقامة المهاجرين المرحّلين من إيطاليا إن 89% من المحتجزين في مراكز الإيداع الإيطالية لا يتم إخبارهم بأسباب احتجازهم، كما أن 50% منهم لا يسمح لهم بتقديم اعتراضات ولا يتصلون بأي حق نظرا لغياب المرافقة القانونية".
ويوضح رمضان بن عمر المتحدث باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، أنه يصبح من الصعب التواصل مع المهاجرين عند دخولهم لمراكز الاحتجاز أو الإطلاع على أسباب سجنهم سواء من قبل المنتدى أو شركائه الإيطاليين.
ويؤكد بن عمر أن "صعوبة المرافقة القانونية للمسجونين في إيطاليا لأسباب جزائية أو بسبب قضايا الهجرة تعود إلى هشاشة وضعية إقامتهم، رغم أن القانون الإيطالي يجبر السلطات على ضمان حق الدفاع لهؤلاء المهاجرين".
وأشار إلى أن "المهاجرين بشكل نظامي أوفر حظا في الحصول على المرافقة القانونية والقدرة على توكيل محامين، غير أن هذا الحق يصبح شبه منعدم بالنسبة للمهاجرين في وضعية إقامة غير نظامية".
وأشار في سياق متصل إلى أن أغلب المهاجرين في إيطاليا ليسوا في وضعية سجن بل مودعون في مراكز احتجاز ما يحولهم إلى أشخاص مسلوبي الحرية. وبين أنه غالبا ما تعمد السلطات الإيطالية وضع المهاجرين التونسيين تحت طائلة مرسوم "كوترو" الجديد الذي يجيز للسلطات الإيطالية تمديد فترة الاحتجاز إلى 18 شهرا، رغم تنديد العشرات من منظمات الحقوقية بهذا المرسوم الذي يضع مزيدا من القيود على تسوية أوضاع طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين.
ويبدي المتحدث باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" مخاوف من تزايد وضعية هؤلاء المهاجرين تعقيدا وأن يصبح حق مرافقتهم قانونيا مستحيلا مع بدأ تنفيذ السلطات الإيطالية خطة ترحيل المهاجرين نحو مراكز الاحتجاز في ألبانيا .
ومن جانبه يكشف الناشط السياسي ونائب الشعب السابق عن إيطاليا مجدي الكرباعي، إن المهاجرين الموقوفين داخل مراكز الاحتجاز أو السجون الإيطالية يعانون وضعا صعبا رغم محاولات المنظمات المدنية والنشطاء متابعة قضاياهم، ولاسيما منها التي تتعلق بتعرضهم للتعذيب أو الاعتداء أو الموت المستراب داخل السجون ومراكز الاحتجاز.
ونبه الكرباعي في حديثه من تواتر حالات الموت المسترابة لمهاجرين تونسيين داخل مراكز الاحتجاز لم تكشف بعد أسبابها حتى مع ما تقدمت به منظمات حقوقية من مطالب لكشفها.
وقد سبق وأعلن الكرباعي خلال الأسبوع الأول من شهر جويلية الماضي، عن تسجيل حالتي وفاة لمهاجرين تونسيين جدت الأولى في سجن بمدينة "فيرنزا" حيث راح ضحيتها مهاجر في عمر العشرين سنة بينما توفي المهاجر الثاني الذي يبلغ 30 سنة في سجن في "صاليرنو" أين عثر عليه مقتولا في زنزانته.
وأكد مجدي الكرباعي أن العديد من المنظمات المدنية تسعى إلى توفير مساعدة قانونية للمهاجرين، غير أنها تواجه إشكاليات ومشاكل في التواصل معهم أو الحصول على معطيات وبيانات تخص أسباب إيقافهم ومسار متابعاتهم من السلطات الإيطالية التي تتعمد عزلهم بمجرد إيوائهم داخل المراكز استعدادا لترحيلهم في وقت لاحق.
كما يقف الكرباعي على صعوبة تكفل أسر المهاجرين بأتعاب المرافقة القانونية لأبنائهم بسبب كلفتها العالية وانتماء أغلب الواصلين إلى إيطاليا بطريقة غير نظامية إلى أسر فقيرة، وهو ما يزيد من هشاشة وضعهم. ويتابع "يوجد كثير من السجناء المظلومين والمحتجزين الذين يشعرون بإحباط شديد ينتهي بهم إلى تناول أنواع من الأدوية النفسية تنتهي بهم في العديد من الحالات إلى إدمان وتجعلهم موضع مقايضة من أعوان السجون والمراكز.
وللإشارة حسب منسق ومسؤول مكاتب الجمعية التونسية للإحاطة الاجتماعية "اينكا" مصطفى العويني "يقبع في السجون الإيطالية حوالي 3000 مهاجر.. كما أن المساجين من الجنسية التونسية يمثّلون أعلى نسبة في السجون الإيطالية".
ووفق بيانات لمجلس الضامن الوطني لحقوق الأشخاص مسلوبي الحرية صدرت قبل أشهر فإن معدل الاكتظاظ في مراكز الإيواء الإيطالية ابتداء من منتصف جانفي 2024، فاق 127% بواقع 60 ألف شخص محتجز، أي بزيادة 13 ألفا عن الحد الأقصى المتاح.
وتصل ذروة الاكتظاظ إلى نسبة 232% في سجن "سان فيتوري" في ميلانو، و205% في سجن "كانتون مومبيلو" في "بريشيا" وفي سجن "لودي"، وما يفوق 195% في سجن فوجيا.
ريم سوودي
تونس- الصباح
يواجه المهاجرون التونسيون ممن تم إيقافهم على خلفية مشاركتهم في عمليات هجرة غير نظامية مشاكل متعددة في مسارات متابعتهم أمام القضاء الإيطالي. وتتعلق بغياب شبه تام للمرافقة القانونية أو الحق في الدفاع عن أنفسهم. أين يجدون أنفسهم بمجرد إيقافهم معزولين عن العالم الخارجي ومن الصعب عليهم الاتصال بجمعيات حقوقية تكفل لهم توكيل محامين أو مهاتفة أقاربهم أو معارفهم للمساعدة.
ويقول محرز وهو اسم مستعار لمهاجر تونسي:"في مركز الحجز بنتو غاليريو، تم حجزي لمدة تزيد عن الـ8 أشهر، ولم أتمكن طيلة تلك الفترة من التواصل مع العالم الخارجي، حجزت مع مجموعة من المهاجرين من مختلف الجنسيات بغرض إتمام إجراءات ترحيلنا، ولم يسمح لنا بتقديم اعتراضات أو شكاوى ضد الانتهاكات التي تعرضنا لها".
ويضيف محرز، تم ترحيلي بعد 12 شهرا من الاحتجاز في مراكز إيواء وترحيل مختلفة، لا تختلف في شيء عن السجون، مكتظة تغيب فيها أدنى مقومات الحياة الإنسانية، ويحرم داخلها المقيمون حتى من الزيارات أو الاتصالات، يعتقد معها الأهل في تونس أن أبناءهم قد فقدوا في البحر.
ويضيف صابر (اسم مستعار أيضا)، تغيب عن تلك المراكز السجون، التهوئة ولا يسمح داخلها بالاستحمام ويتكدس داخلها المهاجرون بشكل يتراجع معه مستوى النظافة، ويتم استعمال مرحاض من قبل أكثر من 200 شخص ولا يسمح بالاستحمام إلا مرة واحدة في الأسبوع."
ويشير في نفس السياق إلى أنه في العديد من المرات يفقد عند عمليات الترحيل والنقل غير المفهومة للمحجوزين عدد من المهاجرين وتنقطع أخبارهم، لنكتشف فيما بعد أنهم قضوا بسبب حالات الموت المفاجئ أو الانتحار نتيجة الضغوط النفسية التي يتعرضون لها.
وتقول دراسة صادرة عن "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" عام 2022 حول مسارات وظروف إقامة المهاجرين المرحّلين من إيطاليا إن 89% من المحتجزين في مراكز الإيداع الإيطالية لا يتم إخبارهم بأسباب احتجازهم، كما أن 50% منهم لا يسمح لهم بتقديم اعتراضات ولا يتصلون بأي حق نظرا لغياب المرافقة القانونية".
ويوضح رمضان بن عمر المتحدث باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، أنه يصبح من الصعب التواصل مع المهاجرين عند دخولهم لمراكز الاحتجاز أو الإطلاع على أسباب سجنهم سواء من قبل المنتدى أو شركائه الإيطاليين.
ويؤكد بن عمر أن "صعوبة المرافقة القانونية للمسجونين في إيطاليا لأسباب جزائية أو بسبب قضايا الهجرة تعود إلى هشاشة وضعية إقامتهم، رغم أن القانون الإيطالي يجبر السلطات على ضمان حق الدفاع لهؤلاء المهاجرين".
وأشار إلى أن "المهاجرين بشكل نظامي أوفر حظا في الحصول على المرافقة القانونية والقدرة على توكيل محامين، غير أن هذا الحق يصبح شبه منعدم بالنسبة للمهاجرين في وضعية إقامة غير نظامية".
وأشار في سياق متصل إلى أن أغلب المهاجرين في إيطاليا ليسوا في وضعية سجن بل مودعون في مراكز احتجاز ما يحولهم إلى أشخاص مسلوبي الحرية. وبين أنه غالبا ما تعمد السلطات الإيطالية وضع المهاجرين التونسيين تحت طائلة مرسوم "كوترو" الجديد الذي يجيز للسلطات الإيطالية تمديد فترة الاحتجاز إلى 18 شهرا، رغم تنديد العشرات من منظمات الحقوقية بهذا المرسوم الذي يضع مزيدا من القيود على تسوية أوضاع طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين.
ويبدي المتحدث باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" مخاوف من تزايد وضعية هؤلاء المهاجرين تعقيدا وأن يصبح حق مرافقتهم قانونيا مستحيلا مع بدأ تنفيذ السلطات الإيطالية خطة ترحيل المهاجرين نحو مراكز الاحتجاز في ألبانيا .
ومن جانبه يكشف الناشط السياسي ونائب الشعب السابق عن إيطاليا مجدي الكرباعي، إن المهاجرين الموقوفين داخل مراكز الاحتجاز أو السجون الإيطالية يعانون وضعا صعبا رغم محاولات المنظمات المدنية والنشطاء متابعة قضاياهم، ولاسيما منها التي تتعلق بتعرضهم للتعذيب أو الاعتداء أو الموت المستراب داخل السجون ومراكز الاحتجاز.
ونبه الكرباعي في حديثه من تواتر حالات الموت المسترابة لمهاجرين تونسيين داخل مراكز الاحتجاز لم تكشف بعد أسبابها حتى مع ما تقدمت به منظمات حقوقية من مطالب لكشفها.
وقد سبق وأعلن الكرباعي خلال الأسبوع الأول من شهر جويلية الماضي، عن تسجيل حالتي وفاة لمهاجرين تونسيين جدت الأولى في سجن بمدينة "فيرنزا" حيث راح ضحيتها مهاجر في عمر العشرين سنة بينما توفي المهاجر الثاني الذي يبلغ 30 سنة في سجن في "صاليرنو" أين عثر عليه مقتولا في زنزانته.
وأكد مجدي الكرباعي أن العديد من المنظمات المدنية تسعى إلى توفير مساعدة قانونية للمهاجرين، غير أنها تواجه إشكاليات ومشاكل في التواصل معهم أو الحصول على معطيات وبيانات تخص أسباب إيقافهم ومسار متابعاتهم من السلطات الإيطالية التي تتعمد عزلهم بمجرد إيوائهم داخل المراكز استعدادا لترحيلهم في وقت لاحق.
كما يقف الكرباعي على صعوبة تكفل أسر المهاجرين بأتعاب المرافقة القانونية لأبنائهم بسبب كلفتها العالية وانتماء أغلب الواصلين إلى إيطاليا بطريقة غير نظامية إلى أسر فقيرة، وهو ما يزيد من هشاشة وضعهم. ويتابع "يوجد كثير من السجناء المظلومين والمحتجزين الذين يشعرون بإحباط شديد ينتهي بهم إلى تناول أنواع من الأدوية النفسية تنتهي بهم في العديد من الحالات إلى إدمان وتجعلهم موضع مقايضة من أعوان السجون والمراكز.
وللإشارة حسب منسق ومسؤول مكاتب الجمعية التونسية للإحاطة الاجتماعية "اينكا" مصطفى العويني "يقبع في السجون الإيطالية حوالي 3000 مهاجر.. كما أن المساجين من الجنسية التونسية يمثّلون أعلى نسبة في السجون الإيطالية".
ووفق بيانات لمجلس الضامن الوطني لحقوق الأشخاص مسلوبي الحرية صدرت قبل أشهر فإن معدل الاكتظاظ في مراكز الإيواء الإيطالية ابتداء من منتصف جانفي 2024، فاق 127% بواقع 60 ألف شخص محتجز، أي بزيادة 13 ألفا عن الحد الأقصى المتاح.
وتصل ذروة الاكتظاظ إلى نسبة 232% في سجن "سان فيتوري" في ميلانو، و205% في سجن "كانتون مومبيلو" في "بريشيا" وفي سجن "لودي"، وما يفوق 195% في سجن فوجيا.