إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد أن أنصفهم القضاء الإداري.. المتقاضون يصطدمون بمعضلة التنفيذ وغياب الإطار التشريعي

 

تونس - الصباح

عدم تنفيذ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لأحكام المحكمة الإدارية المتعلقة بقبول ترشح كل من عماد الدايمي، منذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي للانتخابات الرئاسية 2024 المزمع إجراؤها يوم 6 أكتوبر القادم هي واحدة من بين المئات من القضايا  والقرارات التي تصدرها المحكمة للمتقاضين وحتى ضد الإدارة ولكنها تبقى مجرد  حبر على ورق رغم انه من المفروض أنها  تنفذ بقوة القانون على غرار قضية الـ59 قاضيا الذين كانت قضت المحكمة الإدارية بإيقاف قرار تنفيذ إعفائهم والعديد من القضايا الأخرى على غرار  بعض القضايا المتعلقة بالإجراء الحدودي الـs17  وغيرها من القضايا التي يبت فيها القضاء الإداري ولكنها تبقى عالقة لا تنفذ رغم ان المحاكمة العادلة ترتكز على الحق في التقاضي وفي تنفيذ الأحكام.

صباح الشابي

عدم تنفيذ أحكام وقرارات المحكمة الإدارية باتت ظاهرة مستفحلة  وتكرس سياسة  "الإفلات" من تنفيذ  الأحكام القضائية وهو ما يطرح  العديد من التساؤلات عن  جدوى إصدار أحكام لا تنفذ وما السبيل إلى تنفيذها؟

وفي سياق متصل اعتبر في تصريح لـ"الصباح" فيصل بوقرة القاضي الإداري والناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية ان النزاع الانتخابي هو نزاع خاص وليس نزاعا فرديا، بل هو نزاع ذو صبغة وطنية وله اثار مجتمعية.

لذلك التنفيذ واجب فيه، ولم يتضمن القانون الانتخابي صور تعذر التنفيذ عكس قانون 1972، وتابع  محدثنا ان  الفصل 24 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 18 لسنة 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية ينص على  ان "الهيئة تتولى تنفيذ القرارات الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصلها بالقرار او بشهادة في منطوقه أما الفصل 25 من نفس القرار  فينص على أن" تنفيذ الأحكام او القرارات يكون بإدراج المترشح في قائمة المترشحين المقبولين نهائيا او شطبه منها" ان هذا أساس التنفيذ ولم يتضمن صور تعذر التنفيذ الذي  يجب ان يكرس قانونا بصريح النص ولا يستنتج ومثال على ذلك الفصل 10 من قانون المحكمة لسنة 1972، عكس القانون الانتخابي الذي لم يكرس صور تعذر التنفيذ او الإشكال التنفيذي.

وكان  الموفق الإداري عبد الستار بن موسى قال في تصريح  صحفي في 6 جانفي 2021 لدى تقديمه التقرير السنوي لجهاز الموفق الإداري أن 117 حكماً صدر ضد مؤسسات الدولة عام 2020، لم يُنفذ منها إلا 13 فقط، ورغم عدم وجود إحصائيات عن عدد الأحكام  الإدارية التي تصدرها المحكمة سنويا ولا تنفذ الا ان المؤكد انها في تزايد سنة بعد سنة خاصة وان معضلة عدم تنفيذها معضلة لم يتم إيجاد إطار تشريعي لها.

لماذا لا يتم التنفيذ؟

من ناحيته اعتبر المحامي على البدوي انه بالنسبة لتنفيذ قرارات المحكمة وخاصة في مادة النزاع الانتخابي في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية على عكس الانتخابات البلدية والمحلية التشريعية فانه دائما يسلط الضوء على نزاعات الانتخابات الرئاسية لأهمية المنصب  وأضاف في تصريح لـ"الصباح" ان  قرارات  المحكمة الإدارية كانت  دائما تحترم من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ولكن هذه المرة تعد سابقة خطيرة في عدم تنفيذ قرارات أعلى هيكل في المحكمة الإدارية وهي قرارات الجلسة العامة القضائية للمحكمة  بالنظر إلى تركيبتها وكفاءة أعضائها واقدميتهم

وأشار إلى أن النزاع الانتخابي في الفصل 24 من قانون الانتخابات واضح وصريح فيما يتعلق باحترام هيئة الانتخابات للنتائج التي تعلنها الجلسة العامة للمحكمة الإدارية ذلك انه تتولى الهيئة تنفيذ القرارات الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصلها بالقرار او بشهادة في المنطوق وبالتالي فان الاحتجاج بالاطلاع على حيثيات القرار الإداري هي بدعة وسابقة وان التعلل بعدم إعلام الهيئة بالقرارات في غير محله باعتبار أن المحكمة الإدارية أرسلت شهادة من منطوق الحكم إلى الهيئة قبل فوات الآجال القانونية إضافة إلى أن هيئة الانتخابات التي تعللت بوجود أحكام جزائية غير باتة ونهائية ضد بعض المقبولين من طرف المحكمة هو دفع غير جدي وغير قانوني.

وفي ما يتعلق بعدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية في بعض القرارات القاضية بإرجاع  بعض الموظفين العموميين او إلغاء قرارات بطردهم بين ان  المتقاضي يرفع غاليا قضية في التعويض للمحكمة الإدارية او العدلية لكن في وضعية المترشحين للرئاسية الذين رفضت الهيئة المستقلة للانتخابات تنفيذ قرار المحكمة الإدارية فانه منصب سياسي لا يمكن رفع قضية في التعويض بشأنه .

ولكن الحلول المقترحة بالنسبة لهؤلاء  قانونية والحل القانوني الوحيد وهو رفع دعوى في إلغاء القرار الصادر عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات القاضي برفض ترشحهم رغم صدور قرار قضائي نهائي وبات عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية ولكن الإشكال ان مثل هذه الدعاوى يطول نشرها أمام المحكمة الإدارية في بعض الأحيان تصل أكثر من سنتين ونحن أمام استحقاق انتخابي مازال يفصلنا عنه شهر والحل في هذه الحالة يمكن القيام بقضية أمام الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في إيقاف وتأجيل القرار الصادر عن هيئة بوعسكر إلى حين صدور قرار نهائي ولكن الإشكال هنا أيضا وفي صورة صدور قرار عن الرئيس الأول للمحكمة الإدارية يقضي بإيقاف وتأجيل تنفيذ قرار الهيئة فان الإشكال يبقى دائما في تنفيذ القرار.

وأشار محدثنا الى  ان  بوعسكر كان صرح  انه ضمن الأسباب القاضية برفض قبول مطالب بعض المترشحين  يرجع إلى وجود قضايا جزائية في شأنهم  تتعلق بتدليس تزكيات وتساءل المتحدث كيف تم  قبول  المترشح للرئاسية العياشي زمال رغم إحالته على محكمة تونس 2 من أجل تدليس تزكيات وإيقافه تحفظيا من أجل نفس التهمة؟!

وأوضح انه في  صورة إصدار بطاقة إيداع في حق زمال فانه لا يمكن إيقاف ترشحه لأنه يجب أن يكون هناك حكم نهائي وبات

غياب الإطار التشريعي عمق أزمة التنفيذ..

وفي دراسة للقاضي الإداري عماد الغابري  حول " تنفيذ أحكام وقرارات القضاء الإداري في تونس" كان نشره بالمفكرة القانونية أكد  القاضي عماد الغابري  أن "ارتباط القضاء بحكم وظيفته الدستورية بالفصل في النزاعات المرتبطة بالحقوق تجعل من مسألة تنفيذ الأحكام من أهمّ مرتكزات دولة الحق والقانون والتي بها يتأكد الأمان القانوني للمتقاضين واحترام حجية أحكام السلطة القضائية"، معتبرا أن "المحاكمة العادلة ترتكز على ثنائية حقوقية متلازمة وهي الحق في التقاضي من جهة والحق في تنفيذ الأحكام القضائية من جهة أخرى".

واستعرض الغابري أهم الفصول القانونية التي تؤكد إلزامية تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية وقراراتها ومن بينها الفصل 86 من قانون المحكمة الذي ينص صراحة على تنفيذيّة الأحكام الاستعجالية بمجرّد صدورها عن القاضي الابتدائي ما لم يقدم في خصوصها مطلب توقيف تنفيذ لدى رئيس الدائرة الاستئنافية المتعهدة.

وفي ما يتعلق بتوقيف التنفيذ، فإن القرارات الصادرة فيه هي "قرارات باتة لا تقبل أي وجه من أوجه الطعن"، كما ينص الفصل 41 من قانون المحكمة الإدارية على أنه “على الجهة الإدارية المصدرة للمقرر المطعون فيه أن تعطل العمل به فور اتصالها بالقرار القاضي بتأجيل التنفيذ وتوقيفه".

وأضاف الغابري أن "عبارة القانون واضحة في تعليق تنفيذ القرار الإداري وبالتالي جعل القرارات المعنية غير منتجة لأي أثر قانوني على المراكز القانونية المستهدفة بها وبالتالي ترجع تلك الوضعيات إلى حالتها العادية قبل صدور القرارات المقضي في شأنها"

وأضاف في دراسته حول تنفيذ أحكام وقرارات القضاء الإداري في تونس "إنه "خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة لأحكام القضاء المدني، فإن النظام القانوني لتنفيذ أحكام القضاء الإداري في تونس بقي حتى اليوم غير واضح".

وببين في دراسته أن "ما يلاحظ هو غياب إطار قانوني وترتيبي صريح ينظم شروط وإجراءات وآليات تنفيذ أحكام القضاء الإداري.، معتبرا أن ذلك يمثل أحد أسباب تفاقم ظاهرة عدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري، "حتى أصبح ينعت بالقضاء الذي لا تنفذ أحكامه"، وخاصة في غياب التنصيص على جزاء عن عدم التنفيذ."

وأوضح القاضي الإداري في تصريح لـ(وات) أن أشكال التفصي من تنفيذ الأحكام وخاصة من طرف الإدارة لها عديد الأسباب أهمها غياب إطار قانوني يلزم على التنفيذ ويعطي جزاء للإدارة لعدم التنفيذ.

واعتبر أنه في ظل غياب إطار تشريعي وترتيبي لتنفيذ الأحكام، تسعى الإدارة كمحكوم ضدها كوجهة معنية بالتنفيذ، إلى إثارة الدفوعات والحيل لجعل عدم تنفيذها للحكم مبررا "بموجبات القانون"، مضيفا أنه وفي بعض الحالات، "تتذرع الإدارة في عدم تنفيذها بعدم اقتناعها بالأسانيد القانونية للحكم الصادر ضدها والتي تصر على أن موقفها القانوني الذي كانت تدافع عنه أمام القاضي في إطار المحاكمة الإدارية هو السليم".

ولاحظ الغابري أن "هذه الوضعية تعكس عدم ثقة تجاه المؤسسات القضائية ومساسا بمبدأ الفصل بين السلطات وتدخلا في شأن القضاء على اعتبار أنها، بإثارة مثل هذا الدفع، تنزل نفسها منزلة الخصم والحكم"، مشددا على أن "وظيفة القضاء تبقى وظيفة دولة من المفروض أن لا يكون من هو تحت حكمها في حرج مما قضت به".

 إطار قانوني صارم وعقوبات على عدم التنفيذ..

واعتبر "إن العيب ليس في القضاء الذي يصدر الحكم بل العيب في السلطة التي لا تنفذ الأحكام"، مشددا على أن المسؤول الإداري ليس له أية سلطة تقديرية للحكم على قرار المحكمة الإدارية أو تأويله وأن المفروض عليه تنفيذ الحكم.

وأشار إلى أن بعض الموظفين الكبار ينتهزون غياب إطار قانوني حاسم يفرض عقوبات تأديبية أو جزائية على عدم التنفيذ وأن الحل في إيجاد هذا القانون، مذكرا في هذا الصدد بأن مشروع مجلة القضاء الإداري يتضمن التنصيص على ضرورة إيجاد إطار قانوني لتجاوز هذا الفراغ وتوفير آليات قانونية للحث والجبر على التنفيذ.

وفي حالة عدم تنفيذ قرار صادر عن المحكمة الإدارية، بين القاضي الإداري أن هناك فصلا قانونيا يعتبر عدم التنفيذ "خطأ فاحشا" ويمكن للمواطن أن يرفع قضية جديدة في التعويض لدى المحكمة الإدارية وهي "قضية في عدم تنفيذ أحكام" وفيها تعويض مادي أكثر من تنفيذ الحكم الإداري في حد ذاته.

وقدم الغابري في دراسته جملة من المقترحات التي يمكن أن تساهم في فرض التنفيذ وفي مقدمتها أن تتضمن الأحكام المتعلقة بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والأنظمة الأساسية الخاصة لبقية الأعوان العموميين تنصيصا صريحا على واجب تنفيذ الأحكام عموما، وأن الامتناع أو عرقلة تنفيذها يعدّ خطا تأديبيا جسيما موجبا للعزل.

واقترح أيضا أن يقع تعديل أحكام المجلة الجزائية المتعلقة بعدم تنفيذ أحكام القضاء وإدراج أحكام خاصة تنسحب على الأعوان العموميين المعنيين بالتنفيذ والترفيع في العقوبات الخاصة بهذه الجريمة ، إضافة إلى إحداث خطة قضائية صلب هيكل القضاء الإداري وهي “قاضي تنفيذ الأحكام” يعهد إليه تلقي تشكيات المتقاضين المتعلقة بعدم التنفيذ والنظر في آليات تنفيذ الأحكام والبت في الصعوبات المتعلقة بها.

كما أوصى بإحداث مرصد لدى المجلس الأعلى للقضاء يعنى بتجميع الإحصائيات حول عدم تنفيذ الأحكام ويوفر قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها".

واعتبر في تصريح صحفي سابق انه من المفروض أن تنفيذ الأحكام هي مسألة محسومة وبديهية وآلية والطرف المحكوم مرغم على التنفيذ".

بعد أن أنصفهم القضاء الإداري..   المتقاضون يصطدمون بمعضلة التنفيذ وغياب الإطار التشريعي

 

تونس - الصباح

عدم تنفيذ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لأحكام المحكمة الإدارية المتعلقة بقبول ترشح كل من عماد الدايمي، منذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي للانتخابات الرئاسية 2024 المزمع إجراؤها يوم 6 أكتوبر القادم هي واحدة من بين المئات من القضايا  والقرارات التي تصدرها المحكمة للمتقاضين وحتى ضد الإدارة ولكنها تبقى مجرد  حبر على ورق رغم انه من المفروض أنها  تنفذ بقوة القانون على غرار قضية الـ59 قاضيا الذين كانت قضت المحكمة الإدارية بإيقاف قرار تنفيذ إعفائهم والعديد من القضايا الأخرى على غرار  بعض القضايا المتعلقة بالإجراء الحدودي الـs17  وغيرها من القضايا التي يبت فيها القضاء الإداري ولكنها تبقى عالقة لا تنفذ رغم ان المحاكمة العادلة ترتكز على الحق في التقاضي وفي تنفيذ الأحكام.

صباح الشابي

عدم تنفيذ أحكام وقرارات المحكمة الإدارية باتت ظاهرة مستفحلة  وتكرس سياسة  "الإفلات" من تنفيذ  الأحكام القضائية وهو ما يطرح  العديد من التساؤلات عن  جدوى إصدار أحكام لا تنفذ وما السبيل إلى تنفيذها؟

وفي سياق متصل اعتبر في تصريح لـ"الصباح" فيصل بوقرة القاضي الإداري والناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية ان النزاع الانتخابي هو نزاع خاص وليس نزاعا فرديا، بل هو نزاع ذو صبغة وطنية وله اثار مجتمعية.

لذلك التنفيذ واجب فيه، ولم يتضمن القانون الانتخابي صور تعذر التنفيذ عكس قانون 1972، وتابع  محدثنا ان  الفصل 24 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 18 لسنة 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية ينص على  ان "الهيئة تتولى تنفيذ القرارات الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصلها بالقرار او بشهادة في منطوقه أما الفصل 25 من نفس القرار  فينص على أن" تنفيذ الأحكام او القرارات يكون بإدراج المترشح في قائمة المترشحين المقبولين نهائيا او شطبه منها" ان هذا أساس التنفيذ ولم يتضمن صور تعذر التنفيذ الذي  يجب ان يكرس قانونا بصريح النص ولا يستنتج ومثال على ذلك الفصل 10 من قانون المحكمة لسنة 1972، عكس القانون الانتخابي الذي لم يكرس صور تعذر التنفيذ او الإشكال التنفيذي.

وكان  الموفق الإداري عبد الستار بن موسى قال في تصريح  صحفي في 6 جانفي 2021 لدى تقديمه التقرير السنوي لجهاز الموفق الإداري أن 117 حكماً صدر ضد مؤسسات الدولة عام 2020، لم يُنفذ منها إلا 13 فقط، ورغم عدم وجود إحصائيات عن عدد الأحكام  الإدارية التي تصدرها المحكمة سنويا ولا تنفذ الا ان المؤكد انها في تزايد سنة بعد سنة خاصة وان معضلة عدم تنفيذها معضلة لم يتم إيجاد إطار تشريعي لها.

لماذا لا يتم التنفيذ؟

من ناحيته اعتبر المحامي على البدوي انه بالنسبة لتنفيذ قرارات المحكمة وخاصة في مادة النزاع الانتخابي في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية على عكس الانتخابات البلدية والمحلية التشريعية فانه دائما يسلط الضوء على نزاعات الانتخابات الرئاسية لأهمية المنصب  وأضاف في تصريح لـ"الصباح" ان  قرارات  المحكمة الإدارية كانت  دائما تحترم من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ولكن هذه المرة تعد سابقة خطيرة في عدم تنفيذ قرارات أعلى هيكل في المحكمة الإدارية وهي قرارات الجلسة العامة القضائية للمحكمة  بالنظر إلى تركيبتها وكفاءة أعضائها واقدميتهم

وأشار إلى أن النزاع الانتخابي في الفصل 24 من قانون الانتخابات واضح وصريح فيما يتعلق باحترام هيئة الانتخابات للنتائج التي تعلنها الجلسة العامة للمحكمة الإدارية ذلك انه تتولى الهيئة تنفيذ القرارات الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصلها بالقرار او بشهادة في المنطوق وبالتالي فان الاحتجاج بالاطلاع على حيثيات القرار الإداري هي بدعة وسابقة وان التعلل بعدم إعلام الهيئة بالقرارات في غير محله باعتبار أن المحكمة الإدارية أرسلت شهادة من منطوق الحكم إلى الهيئة قبل فوات الآجال القانونية إضافة إلى أن هيئة الانتخابات التي تعللت بوجود أحكام جزائية غير باتة ونهائية ضد بعض المقبولين من طرف المحكمة هو دفع غير جدي وغير قانوني.

وفي ما يتعلق بعدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية في بعض القرارات القاضية بإرجاع  بعض الموظفين العموميين او إلغاء قرارات بطردهم بين ان  المتقاضي يرفع غاليا قضية في التعويض للمحكمة الإدارية او العدلية لكن في وضعية المترشحين للرئاسية الذين رفضت الهيئة المستقلة للانتخابات تنفيذ قرار المحكمة الإدارية فانه منصب سياسي لا يمكن رفع قضية في التعويض بشأنه .

ولكن الحلول المقترحة بالنسبة لهؤلاء  قانونية والحل القانوني الوحيد وهو رفع دعوى في إلغاء القرار الصادر عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات القاضي برفض ترشحهم رغم صدور قرار قضائي نهائي وبات عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية ولكن الإشكال ان مثل هذه الدعاوى يطول نشرها أمام المحكمة الإدارية في بعض الأحيان تصل أكثر من سنتين ونحن أمام استحقاق انتخابي مازال يفصلنا عنه شهر والحل في هذه الحالة يمكن القيام بقضية أمام الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في إيقاف وتأجيل القرار الصادر عن هيئة بوعسكر إلى حين صدور قرار نهائي ولكن الإشكال هنا أيضا وفي صورة صدور قرار عن الرئيس الأول للمحكمة الإدارية يقضي بإيقاف وتأجيل تنفيذ قرار الهيئة فان الإشكال يبقى دائما في تنفيذ القرار.

وأشار محدثنا الى  ان  بوعسكر كان صرح  انه ضمن الأسباب القاضية برفض قبول مطالب بعض المترشحين  يرجع إلى وجود قضايا جزائية في شأنهم  تتعلق بتدليس تزكيات وتساءل المتحدث كيف تم  قبول  المترشح للرئاسية العياشي زمال رغم إحالته على محكمة تونس 2 من أجل تدليس تزكيات وإيقافه تحفظيا من أجل نفس التهمة؟!

وأوضح انه في  صورة إصدار بطاقة إيداع في حق زمال فانه لا يمكن إيقاف ترشحه لأنه يجب أن يكون هناك حكم نهائي وبات

غياب الإطار التشريعي عمق أزمة التنفيذ..

وفي دراسة للقاضي الإداري عماد الغابري  حول " تنفيذ أحكام وقرارات القضاء الإداري في تونس" كان نشره بالمفكرة القانونية أكد  القاضي عماد الغابري  أن "ارتباط القضاء بحكم وظيفته الدستورية بالفصل في النزاعات المرتبطة بالحقوق تجعل من مسألة تنفيذ الأحكام من أهمّ مرتكزات دولة الحق والقانون والتي بها يتأكد الأمان القانوني للمتقاضين واحترام حجية أحكام السلطة القضائية"، معتبرا أن "المحاكمة العادلة ترتكز على ثنائية حقوقية متلازمة وهي الحق في التقاضي من جهة والحق في تنفيذ الأحكام القضائية من جهة أخرى".

واستعرض الغابري أهم الفصول القانونية التي تؤكد إلزامية تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية وقراراتها ومن بينها الفصل 86 من قانون المحكمة الذي ينص صراحة على تنفيذيّة الأحكام الاستعجالية بمجرّد صدورها عن القاضي الابتدائي ما لم يقدم في خصوصها مطلب توقيف تنفيذ لدى رئيس الدائرة الاستئنافية المتعهدة.

وفي ما يتعلق بتوقيف التنفيذ، فإن القرارات الصادرة فيه هي "قرارات باتة لا تقبل أي وجه من أوجه الطعن"، كما ينص الفصل 41 من قانون المحكمة الإدارية على أنه “على الجهة الإدارية المصدرة للمقرر المطعون فيه أن تعطل العمل به فور اتصالها بالقرار القاضي بتأجيل التنفيذ وتوقيفه".

وأضاف الغابري أن "عبارة القانون واضحة في تعليق تنفيذ القرار الإداري وبالتالي جعل القرارات المعنية غير منتجة لأي أثر قانوني على المراكز القانونية المستهدفة بها وبالتالي ترجع تلك الوضعيات إلى حالتها العادية قبل صدور القرارات المقضي في شأنها"

وأضاف في دراسته حول تنفيذ أحكام وقرارات القضاء الإداري في تونس "إنه "خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة لأحكام القضاء المدني، فإن النظام القانوني لتنفيذ أحكام القضاء الإداري في تونس بقي حتى اليوم غير واضح".

وببين في دراسته أن "ما يلاحظ هو غياب إطار قانوني وترتيبي صريح ينظم شروط وإجراءات وآليات تنفيذ أحكام القضاء الإداري.، معتبرا أن ذلك يمثل أحد أسباب تفاقم ظاهرة عدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري، "حتى أصبح ينعت بالقضاء الذي لا تنفذ أحكامه"، وخاصة في غياب التنصيص على جزاء عن عدم التنفيذ."

وأوضح القاضي الإداري في تصريح لـ(وات) أن أشكال التفصي من تنفيذ الأحكام وخاصة من طرف الإدارة لها عديد الأسباب أهمها غياب إطار قانوني يلزم على التنفيذ ويعطي جزاء للإدارة لعدم التنفيذ.

واعتبر أنه في ظل غياب إطار تشريعي وترتيبي لتنفيذ الأحكام، تسعى الإدارة كمحكوم ضدها كوجهة معنية بالتنفيذ، إلى إثارة الدفوعات والحيل لجعل عدم تنفيذها للحكم مبررا "بموجبات القانون"، مضيفا أنه وفي بعض الحالات، "تتذرع الإدارة في عدم تنفيذها بعدم اقتناعها بالأسانيد القانونية للحكم الصادر ضدها والتي تصر على أن موقفها القانوني الذي كانت تدافع عنه أمام القاضي في إطار المحاكمة الإدارية هو السليم".

ولاحظ الغابري أن "هذه الوضعية تعكس عدم ثقة تجاه المؤسسات القضائية ومساسا بمبدأ الفصل بين السلطات وتدخلا في شأن القضاء على اعتبار أنها، بإثارة مثل هذا الدفع، تنزل نفسها منزلة الخصم والحكم"، مشددا على أن "وظيفة القضاء تبقى وظيفة دولة من المفروض أن لا يكون من هو تحت حكمها في حرج مما قضت به".

 إطار قانوني صارم وعقوبات على عدم التنفيذ..

واعتبر "إن العيب ليس في القضاء الذي يصدر الحكم بل العيب في السلطة التي لا تنفذ الأحكام"، مشددا على أن المسؤول الإداري ليس له أية سلطة تقديرية للحكم على قرار المحكمة الإدارية أو تأويله وأن المفروض عليه تنفيذ الحكم.

وأشار إلى أن بعض الموظفين الكبار ينتهزون غياب إطار قانوني حاسم يفرض عقوبات تأديبية أو جزائية على عدم التنفيذ وأن الحل في إيجاد هذا القانون، مذكرا في هذا الصدد بأن مشروع مجلة القضاء الإداري يتضمن التنصيص على ضرورة إيجاد إطار قانوني لتجاوز هذا الفراغ وتوفير آليات قانونية للحث والجبر على التنفيذ.

وفي حالة عدم تنفيذ قرار صادر عن المحكمة الإدارية، بين القاضي الإداري أن هناك فصلا قانونيا يعتبر عدم التنفيذ "خطأ فاحشا" ويمكن للمواطن أن يرفع قضية جديدة في التعويض لدى المحكمة الإدارية وهي "قضية في عدم تنفيذ أحكام" وفيها تعويض مادي أكثر من تنفيذ الحكم الإداري في حد ذاته.

وقدم الغابري في دراسته جملة من المقترحات التي يمكن أن تساهم في فرض التنفيذ وفي مقدمتها أن تتضمن الأحكام المتعلقة بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والأنظمة الأساسية الخاصة لبقية الأعوان العموميين تنصيصا صريحا على واجب تنفيذ الأحكام عموما، وأن الامتناع أو عرقلة تنفيذها يعدّ خطا تأديبيا جسيما موجبا للعزل.

واقترح أيضا أن يقع تعديل أحكام المجلة الجزائية المتعلقة بعدم تنفيذ أحكام القضاء وإدراج أحكام خاصة تنسحب على الأعوان العموميين المعنيين بالتنفيذ والترفيع في العقوبات الخاصة بهذه الجريمة ، إضافة إلى إحداث خطة قضائية صلب هيكل القضاء الإداري وهي “قاضي تنفيذ الأحكام” يعهد إليه تلقي تشكيات المتقاضين المتعلقة بعدم التنفيذ والنظر في آليات تنفيذ الأحكام والبت في الصعوبات المتعلقة بها.

كما أوصى بإحداث مرصد لدى المجلس الأعلى للقضاء يعنى بتجميع الإحصائيات حول عدم تنفيذ الأحكام ويوفر قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها".

واعتبر في تصريح صحفي سابق انه من المفروض أن تنفيذ الأحكام هي مسألة محسومة وبديهية وآلية والطرف المحكوم مرغم على التنفيذ".