تضمن العدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر مساء أمس 3 سبتمبر 2024 قائمة المترشحين المقبولين نهائيا من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لخوض غمار الانتخابات الرئاسية 6 أكتوبر 2024، ويأتي نشر القائمة النهائية في الرائد الرسمي بناء على الفصل 48 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء كما تنم تنقيحه وإتمامه لاحقا. وتضم هذه القائمة كل من العياشي بن عبد الحميد زمال وزهير بن محمد الصالح المغزاوي وقيس بن المنصف سعيد. ونص الفصل 48 على أن تتولى الهيئة الإعلان عن أسماء المترشحين المقبولين نهائيا وتنشر القائمة بالرائد الرسمي للجمهوية التونسية وبأي وسيلة أخرى تقررها.
وفي نفس اليوم شرعت المحكمة الإدارية في نشر قراراتها الصادرة في مادة نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية 2024 وذلك تنفيذا للالتزام الذي أخذته على عاتقها عندما وعدت الرأي العام بإطلاعه في وقت لاحق على نسخ الأحكام المتعلقة بالنزاع الانتخابي الحالي..
وكان قرار مجلس الهيئة المتعلق بالإعلان عن قائمة المترشحين بصفة نهائية للانتخابات الرئاسية الذي أعلن عنه رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أول أمس في نقطة إعلامية محل اعتراض منذر الزنايدي وعماد الدائمي وإدارة حملة عبد اللطيف المكي، وذلك لأن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية قضت في الطور الثاني من نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية بقبول طعون ثلاثتهم شكلا وأصلا ونقض الحكم الابتدائي المطعون فيه والقضاء من جديد بإلغاء قرار الهيئة المنتقد وقَبُول مطلب الطّاعن في الترشّح للانتخابات الرّئاسيّة ليوم 6 أكتوبر ولأن قرارات الجلسة العامة تكون باتة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب ولأن مجلس الهيئة لم يدرج أسماءهم في القائمة النهائية للمترشيحن للانتخابات الرئاسية وتعلل بمعاينته استحالة تنفيذ قرارات الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية نظرا لتعذر إطلاعه على نسخ الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة تبعا لعدم إعلام الهيئة بها طبق القانون الانتخابي في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح بها من طرف كتابة المحكمة الإدارية مثلما نص عليه الفصل 47 من القانون الانتخابي رغم مراسلة المحكمة الإدارية رسميا ومطالبتها بموافاة الهيئة بتلك الأحكام في الآجال القانونية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قرر هؤلاء ملاحقة الهيئة قضائيا.
وفضلا عن ذلك أثار كل من قرار مجلس الهيئة المتعلق بالقائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، والبلاغ الذي نشرته المحكمة الإدارية مساء أول أمس على صفحتها الرسمية ردا على ذلك القرار، فالبلاغ الصادر عن الهيئة ردا على المحكمة الإدارية، ثم البلاغ الذي أصدرته الهيئة ظهر أمس، أثارت جميعها جدلا ساخنا في المنابر الإعلامية وعلى منصات التواصل الاجتماعي حيث تباينت المواقف بين من يؤيدون الهيئة وبين من يؤيدون المحكمة الإدارية.
وأوضحت المحكمة الإدارية، أنها تولّت بتاريخ يوم الاثنين 2 سبتمبر 2024 تبليغ نُسخ الأحكام القاضية بالإلغاء إلى الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، كما ذكّرت المحكمة "بأنّها تولّت تِباعًا وبمجرّد التّصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها حينًا إلى طرفي النّزاع تطبيقا لأحكام الفصل 24 من قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرّخ في 4 أوت 2014 المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشّح للانتخابات الرئاسيّة التي تقتضي أن "تتولّى الهيئة تنفيذ القرارات الصّادرة عن الجلسة العامّة القضائيّة للمحكمة الإداريّة شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه". وأضافت المحكمة الإدارية في بيانها أنّ الفصل 10 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 543 لسنة 2024 المؤرّخ في 4 جويلية 2024 المتعلّق بروزنامة الانتخابات الرئاسيّة ينصّ على أن "تتولى الهيئة الإعلان عن قائمة المترشّحين المقبولين نهائيًّا بعد انقضاء الطّعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثّلاثاء 3 سبتمبر 2024". وأعنت أنّها ستنشر لاحقًا نُسخ الأحكام المتعلّقة بالنّزاع الانتخابي الحالي على موقعها الالكتروني الرّسمي.
ماذا في رد الهيئة؟
وفي علاقة بمآل الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية والقاضية بقبول طعون عماد الدائمي ومنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي شكلا وفي الأصل، وردا على ما جاء في بلاغ المحكمة الإدارية سالف الذكر، أوضحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ليلة أول أمس أنها توصلت بالأحكام الثلاثة الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بالنقض في مادة الترشحات للانتخابات الرئاسية بالبريد الالكتروني مساء يوم 2 سبتمبر 2024 في حدود الساعة التاسعة ليلا وذلك بعد انعقاد مجلس الهيئة ومصادقته على القائمة النهائية للمترشحين المقبولين نهائيا للانتخابات الرئاسية صباح يوم الاثنين 2 سبتمبر 2024، أي بعد مرور 6 أيام من صدور الحكم الأول بتاريخ 27 أوت 2024، و4 أيام من صدور الحكم الثاني بتاريخ 29 أوت 2024 و3 أيام من صدور الحكم الثالث والأخير بتاريخ 30 أوت 2024، وذلك خلافا لمقتضيات الفصل 47 فقرة أخيرة من القانون الانتخابي الذي يوجب على المحكمة الإدارية إعلام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بنسخ الأحكام في ظرف 48 ساعة من تاريخ التصريح بها. وأكدت الهيئة في بلاغ لها أن تاريخ 3 سبتمبر المحدد بروزنامة الانتخابات الرئاسية 2024 هو الأجل الأقصى للإعلان عن المترشحين المقبولين نهائيا، ولا يمكنها في كل الحالات تجاوز تاريخ 2 سبتمبر للمصادقة على القائمة النهائية للمترشحين، مشيرة إلى أن الهيئة مطالبة بالضرورة بالمصادقة عليها بعد مرور 48 ساعة من تاريخ صدور آخر حكم عن الجلسة العامة القضائية الذي كان بتاريخ 30 أوت 2024.
ولم تكتف الهيئة بهذه التوضيحات بل نشرت أمس بلاغا جديدا جاء فيه أنه يهم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن توضح انه بعد إطلاعها على نسخ الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية تحت عدد 24003579 بتاريخ 27 أوت 2024 و عدد 24003591 بتاريخ 29 أوت وعدد 24003592 بتاريخ 30 أوت والتي تم إعلام الهيئة بها خارج الآجال القانونية المنصوص عليها بالفصل 47 فقرة أخيرة من القانون الانتخابي وبعد مصادقة مجلسها على القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، فقد ثبت قطعا أن تلك الأحكام لم تقض بصفة واضحة وصريحة بإدراج المترشحين الطاعنين بالقائمة النهائية للمترشحين بل كانت أحكاما موقوفة على شرط تثبت الهيئة من تمتع المترشحين المرفوضين بجميع حقوقهم المدنية والسياسية في غياب وجود البطاقة عدد 3 المشترطة في القرار الترتيبي للهيئة، وحسب ما ذهبت إليه الهيئة فإن هذا يؤكد تعذر تنفيذ تلك الأحكام حتى ولو تم إعلام الهيئة بها في الآجال القانونية.
مسار متشعب
ولفهم طبيعة النزاع القائم حاليا بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبين المحكمة الإدارية يتطلب الأمر من المهتمين بالمسار الانتخابي الغرق في بحر من النصوص القانونية والترتيبية إلى جانب أحكام دستور 2022، إذ لابد من الإطلاع أولا على القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء وعلى بقية القوانين التي نقحته وتممته وهي القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 المؤرخ في 14 فيفري 2017 الصادر بالرائد الرسمي عدد 14 بتاريخ 17 فيفري 2017، والقانون الأساسي عدد 76 لسنة 2019 المؤرخ في 30 أوت 2019 الصادر في الرائد الرسمي عدد 70 بتاريخ 30 أوت 2019، وكذلك المرسوم عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في غرة جوان 2022 الصادر بالرائد الرسمي عدد 36 بتاريخ غرة جوان 2022، ثم المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 الصادر في الرائد الرسمي عدد 102 بتاريخ 15 سبتمبر 2022 وأخيرا المرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 الصادر في الرائد الرسمي عدد 24 المؤرخ في 9 مارس 2023.
أما القانون الثاني الذي يتعين الإطلاع عليه فهو القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في أول جوان 1972 والمتعلق بالمحكمة الإدارية، والنصوص التي نقحته وتممته لاحقا ومنها القانون الأساسي عدد 67 لسنة 1983 المؤرخ في 21 جويلية 1983 والقانون الأساسي عدد 39 لسنة 1996 المؤرخ في 3 جوان 1996ثم القانون الأساسي عدد 11 لسنة 2002 المؤرخ في 4 فيفري 2002 والقانون الأساسي عدد 2 لسنة 2011 المؤرخ في 3 جانفي 2011 ونص قانون المحكمة الإدارية بالخصوص على ما يلي:"الفصل 10 يعتبر عدم التنفيذ المقصود لقرارات المحكمة الإدارية خطأ فاحشا معمرا لذمة السلطة الإدارية المعنية بالأمر".
كما أنه من الضروري الإطلاع على القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما تم تنقيحه وإتمامه بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 والذي نص بالخصوص على أن تسهر الهيئة على ضمان انتخابات واستفتاءات ديمقراطية وحرة وتعددية ونزيهة وشفافة وتتولى القيام بجميع العمليات المرتبطة بتنظيم الانتخابات والاستفتاءات وإدارتها والإشراف عليها.
وليس هذا فقط بل لا بد أيضا من العودة إلى النصوص الترتيبية التي تم اتخاذها من قبل مجلس الهيئة وأولها قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 543 لسنة 2024 المؤرخ في 4 جويلية 2024 المتعلق بروزنانة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 وخاصة الفصل التاسع الذي نص على أن يتم قبول مطالب انسحاب المترشحين للانتخابات الرئاسية في أجل أقصاه أول أمس الإثنين 2 سبتمبر 2024 وكذلك الفصل العاشر الذي نص على أن تتولى الهيئة الإعلان عن قائمة المترشحين المقبولين نهائيا بعد انقضاء الطعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2024.
كما يجب الإطلاع على قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرخ في 4 أوت 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية، وعلى القرارات الترتيبية اللاحقة التي نقحته وتممته وهي القرار عدد 18 لسنة 2019 المؤرخ في 14 جوان 2019 والقرار عدد 54 لسنة 2024 المؤرخ في 4 جويلية 2024، وخاصة الباب السابع منه، حيث نص هذا الباب في الفصل 22 على أنه يمكن الطعن في قرارات الهيئة بخصوص الترشحات وفق أحكام الفصلين 46 و47 من القانون الانتخابي، ونص في الفصل 23 على أن تتولى الهيئة تنفيذ الأحكام الصادرة عن الدوائر الاستئنافية للمحكمة الإدارية التي لم يتم الطعن فيها أمام الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصلها بالوثائق التالية : نسخة مجردة من الحكم، شهادة في عدم الاستئناف. ثم نص في الفصل 24 على أن تتولى الهيئة تنفيذ القرارات الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصلها بالقرار أو بشهادة في منطوقة، فالفصل 25 الذي يكون بمقتضاه تنفيذ الأحكام والقرارات بإدراج اسم المترشح في قائمة المترشحين المقبولين نهائيا أو بشطبه منها وكذلك الفصل 26 الذي نص على أن تعلن الهيئة عن قائمة المترشحين المقبولين نهائيا بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وعلى موقعها الالكتروني.
ولكن الأهم من كل ذلك هو الإطلاع على الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية في الطور الثاني من نزاعات الترشح، وكذلك محضر اجتماع مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنعقد أول أمس والذي تبعه الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، وبالتالي قد لا تكفي قراءة بلاغ المحكمة الإدارية للرد على قرار مجلس الهيئة أو قراءة رد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لفهم ما يجري بين الهيئة والمحكمة الإدارية بل لا بد من الغوص في كوم هائل من النصوص القانونية والقرارات الترتيبية الصادرة عن الهيئة والأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية.
وفي الوقت الذي صاحت فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للدفاع عن سلامة قرار مجلسها المتعلق بقائمة المترشحين المقبولين نهائيا للانتخابات الرئاسية 6 أكتوبر 2024 وصاحت فيه المحكمة الإدارية للدفاع عن سلامة إجراءاتها يتساءل الناخب في حيرة كتلك التي اعترت الشاعر أبو العلاء المعري.. ترى ما الصحيح؟
مخاطر
وتبعا لهذا الجدل الذي أثار اهتمام الكثير من التونسيين، بادرت الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي تترأسها الأستاذة سلسبيل القليبي أمس بإصدار بيان أشارت فيه إلى أنه لا جدال في أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مسؤولة، وفق الدستور ووفق قانونها الأساسي، على ضمان انتخابات ديمقراطية وحرة، وتعددية ونزيهة وشفافة وتكون خاضعة، وفق أحكام القانون الانتخابي، في كل أعمالها وقراراتها لرقابة القضاء الإداري، وأن ما اعتبرته وفق تصريحاتها المتواترة بأن ولايتها على المسار الانتخابي هي ولاية عامة لا يعني إطلاقا أنها ولاية حصرية أو كونها في حلّ من مقتضيات دولة القانون التي تقتضي ضرورة الرقابة القضائية والتي تصبح معها الهيئة بمثابة المتقاضي المحمول عليه احترام إجراءات التقاضي وموجباته وتبعاته.
كما أشارت الجمعية إلى أن المحكمة الإدارية لكونها الجهة القضائية المختصة بالرقابة على كل مرحلة من مراحل المسار الانتخابي هي الضامن لحقوق الناخبين والناخبات والمترشّحين والمترشّحات وذلك ضمانا لشرعية المسار الانتخابي ولمصداقية الانتخابات وأن الأحكام الصادرة باسم الشعب عن جلستها العامة غير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن وواجبة التنفيذ ولا يجوز لأي جهة أخرى، مهما كانت، تقييمها أو التشكيك فيها أو الامتناع عن تطبيقها أو ترجيحها.
وأضافت الجمعية التونسية للقانون الدستوري في بيانها أن :"ما تستوجبه دولة القانون من احترام القواعد القانونية المؤطرة للمسار الانتخابي يقتضي التزام كل مؤسساتها بتطبيق جميع هذه القواعد وحيث فسرت الهيئة نفسها في الفصل 24 من قرارها عدد 18 لسنة 2014 المؤرّخ في 4 أوت 2014 مقتضيات الفصل 47 من القانون الانتخابي المتعلّق بسبل إبلاغ المحكمة الإدارية قراراتها للهيئة بكونه يستوعب الإعلام بالقرار "أو" بشهادة في منطوقه وحيث صرّحت المحكمة الإدارية في بلاغها الصادر في 2 سبتمبر 2024 بأنها "تولّت تباعا وبمجرّد التصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها إلى طرفي النزاع" بما لا يمكن معه التعذّر بعدم التوصّل بنص الحكم للتملّص من تنفيذه. وبناء على ما سبق بيانه يهمّ الجمعية التونسية للقانون الدستوري التنبيه للتبعات التالية: خطر اهتزاز الثقة المشروعة للمواطنين والمواطنات في المسار الانتخابي ومصداقيته ونزاهته وسلامته، خطر ضرب الاستقرار السياسي لما قد يعقب هذه الانتخابات من طعون في نتائجها، خطر ضرب مبادئ النظام الجمهوري والديمقراطية والتي تمثّل دولة القانون خير ضمان لها، خطر تصدّع مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء الحامي الحقوق والحريات طبق للفصل 55 من دستور 2022.
ودعت الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي تتركب من خيرة أساتذة القانون جميع المتداخلين في المسار الانتخابي إلى الالتزام بمقتضيات دولة القانون وذلك بالامتثال للقواعد الدستورية والقانونية والتريث والتحلّي بروح المسؤولية والحكمة ووضع المصلحة العليا للدولة فوق كل اعتبار.
سعيدة بوهلال
تونس- الصباح
تضمن العدد الأخير من الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر مساء أمس 3 سبتمبر 2024 قائمة المترشحين المقبولين نهائيا من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لخوض غمار الانتخابات الرئاسية 6 أكتوبر 2024، ويأتي نشر القائمة النهائية في الرائد الرسمي بناء على الفصل 48 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء كما تنم تنقيحه وإتمامه لاحقا. وتضم هذه القائمة كل من العياشي بن عبد الحميد زمال وزهير بن محمد الصالح المغزاوي وقيس بن المنصف سعيد. ونص الفصل 48 على أن تتولى الهيئة الإعلان عن أسماء المترشحين المقبولين نهائيا وتنشر القائمة بالرائد الرسمي للجمهوية التونسية وبأي وسيلة أخرى تقررها.
وفي نفس اليوم شرعت المحكمة الإدارية في نشر قراراتها الصادرة في مادة نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية 2024 وذلك تنفيذا للالتزام الذي أخذته على عاتقها عندما وعدت الرأي العام بإطلاعه في وقت لاحق على نسخ الأحكام المتعلقة بالنزاع الانتخابي الحالي..
وكان قرار مجلس الهيئة المتعلق بالإعلان عن قائمة المترشحين بصفة نهائية للانتخابات الرئاسية الذي أعلن عنه رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أول أمس في نقطة إعلامية محل اعتراض منذر الزنايدي وعماد الدائمي وإدارة حملة عبد اللطيف المكي، وذلك لأن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية قضت في الطور الثاني من نزاعات الترشح للانتخابات الرئاسية بقبول طعون ثلاثتهم شكلا وأصلا ونقض الحكم الابتدائي المطعون فيه والقضاء من جديد بإلغاء قرار الهيئة المنتقد وقَبُول مطلب الطّاعن في الترشّح للانتخابات الرّئاسيّة ليوم 6 أكتوبر ولأن قرارات الجلسة العامة تكون باتة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب ولأن مجلس الهيئة لم يدرج أسماءهم في القائمة النهائية للمترشيحن للانتخابات الرئاسية وتعلل بمعاينته استحالة تنفيذ قرارات الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية نظرا لتعذر إطلاعه على نسخ الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة تبعا لعدم إعلام الهيئة بها طبق القانون الانتخابي في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح بها من طرف كتابة المحكمة الإدارية مثلما نص عليه الفصل 47 من القانون الانتخابي رغم مراسلة المحكمة الإدارية رسميا ومطالبتها بموافاة الهيئة بتلك الأحكام في الآجال القانونية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قرر هؤلاء ملاحقة الهيئة قضائيا.
وفضلا عن ذلك أثار كل من قرار مجلس الهيئة المتعلق بالقائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، والبلاغ الذي نشرته المحكمة الإدارية مساء أول أمس على صفحتها الرسمية ردا على ذلك القرار، فالبلاغ الصادر عن الهيئة ردا على المحكمة الإدارية، ثم البلاغ الذي أصدرته الهيئة ظهر أمس، أثارت جميعها جدلا ساخنا في المنابر الإعلامية وعلى منصات التواصل الاجتماعي حيث تباينت المواقف بين من يؤيدون الهيئة وبين من يؤيدون المحكمة الإدارية.
وأوضحت المحكمة الإدارية، أنها تولّت بتاريخ يوم الاثنين 2 سبتمبر 2024 تبليغ نُسخ الأحكام القاضية بالإلغاء إلى الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، كما ذكّرت المحكمة "بأنّها تولّت تِباعًا وبمجرّد التّصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها حينًا إلى طرفي النّزاع تطبيقا لأحكام الفصل 24 من قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرّخ في 4 أوت 2014 المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشّح للانتخابات الرئاسيّة التي تقتضي أن "تتولّى الهيئة تنفيذ القرارات الصّادرة عن الجلسة العامّة القضائيّة للمحكمة الإداريّة شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه". وأضافت المحكمة الإدارية في بيانها أنّ الفصل 10 من قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 543 لسنة 2024 المؤرّخ في 4 جويلية 2024 المتعلّق بروزنامة الانتخابات الرئاسيّة ينصّ على أن "تتولى الهيئة الإعلان عن قائمة المترشّحين المقبولين نهائيًّا بعد انقضاء الطّعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثّلاثاء 3 سبتمبر 2024". وأعنت أنّها ستنشر لاحقًا نُسخ الأحكام المتعلّقة بالنّزاع الانتخابي الحالي على موقعها الالكتروني الرّسمي.
ماذا في رد الهيئة؟
وفي علاقة بمآل الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية والقاضية بقبول طعون عماد الدائمي ومنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي شكلا وفي الأصل، وردا على ما جاء في بلاغ المحكمة الإدارية سالف الذكر، أوضحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ليلة أول أمس أنها توصلت بالأحكام الثلاثة الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بالنقض في مادة الترشحات للانتخابات الرئاسية بالبريد الالكتروني مساء يوم 2 سبتمبر 2024 في حدود الساعة التاسعة ليلا وذلك بعد انعقاد مجلس الهيئة ومصادقته على القائمة النهائية للمترشحين المقبولين نهائيا للانتخابات الرئاسية صباح يوم الاثنين 2 سبتمبر 2024، أي بعد مرور 6 أيام من صدور الحكم الأول بتاريخ 27 أوت 2024، و4 أيام من صدور الحكم الثاني بتاريخ 29 أوت 2024 و3 أيام من صدور الحكم الثالث والأخير بتاريخ 30 أوت 2024، وذلك خلافا لمقتضيات الفصل 47 فقرة أخيرة من القانون الانتخابي الذي يوجب على المحكمة الإدارية إعلام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بنسخ الأحكام في ظرف 48 ساعة من تاريخ التصريح بها. وأكدت الهيئة في بلاغ لها أن تاريخ 3 سبتمبر المحدد بروزنامة الانتخابات الرئاسية 2024 هو الأجل الأقصى للإعلان عن المترشحين المقبولين نهائيا، ولا يمكنها في كل الحالات تجاوز تاريخ 2 سبتمبر للمصادقة على القائمة النهائية للمترشحين، مشيرة إلى أن الهيئة مطالبة بالضرورة بالمصادقة عليها بعد مرور 48 ساعة من تاريخ صدور آخر حكم عن الجلسة العامة القضائية الذي كان بتاريخ 30 أوت 2024.
ولم تكتف الهيئة بهذه التوضيحات بل نشرت أمس بلاغا جديدا جاء فيه أنه يهم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن توضح انه بعد إطلاعها على نسخ الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية تحت عدد 24003579 بتاريخ 27 أوت 2024 و عدد 24003591 بتاريخ 29 أوت وعدد 24003592 بتاريخ 30 أوت والتي تم إعلام الهيئة بها خارج الآجال القانونية المنصوص عليها بالفصل 47 فقرة أخيرة من القانون الانتخابي وبعد مصادقة مجلسها على القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، فقد ثبت قطعا أن تلك الأحكام لم تقض بصفة واضحة وصريحة بإدراج المترشحين الطاعنين بالقائمة النهائية للمترشحين بل كانت أحكاما موقوفة على شرط تثبت الهيئة من تمتع المترشحين المرفوضين بجميع حقوقهم المدنية والسياسية في غياب وجود البطاقة عدد 3 المشترطة في القرار الترتيبي للهيئة، وحسب ما ذهبت إليه الهيئة فإن هذا يؤكد تعذر تنفيذ تلك الأحكام حتى ولو تم إعلام الهيئة بها في الآجال القانونية.
مسار متشعب
ولفهم طبيعة النزاع القائم حاليا بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبين المحكمة الإدارية يتطلب الأمر من المهتمين بالمسار الانتخابي الغرق في بحر من النصوص القانونية والترتيبية إلى جانب أحكام دستور 2022، إذ لابد من الإطلاع أولا على القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء وعلى بقية القوانين التي نقحته وتممته وهي القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 المؤرخ في 14 فيفري 2017 الصادر بالرائد الرسمي عدد 14 بتاريخ 17 فيفري 2017، والقانون الأساسي عدد 76 لسنة 2019 المؤرخ في 30 أوت 2019 الصادر في الرائد الرسمي عدد 70 بتاريخ 30 أوت 2019، وكذلك المرسوم عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في غرة جوان 2022 الصادر بالرائد الرسمي عدد 36 بتاريخ غرة جوان 2022، ثم المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 الصادر في الرائد الرسمي عدد 102 بتاريخ 15 سبتمبر 2022 وأخيرا المرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 الصادر في الرائد الرسمي عدد 24 المؤرخ في 9 مارس 2023.
أما القانون الثاني الذي يتعين الإطلاع عليه فهو القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في أول جوان 1972 والمتعلق بالمحكمة الإدارية، والنصوص التي نقحته وتممته لاحقا ومنها القانون الأساسي عدد 67 لسنة 1983 المؤرخ في 21 جويلية 1983 والقانون الأساسي عدد 39 لسنة 1996 المؤرخ في 3 جوان 1996ثم القانون الأساسي عدد 11 لسنة 2002 المؤرخ في 4 فيفري 2002 والقانون الأساسي عدد 2 لسنة 2011 المؤرخ في 3 جانفي 2011 ونص قانون المحكمة الإدارية بالخصوص على ما يلي:"الفصل 10 يعتبر عدم التنفيذ المقصود لقرارات المحكمة الإدارية خطأ فاحشا معمرا لذمة السلطة الإدارية المعنية بالأمر".
كما أنه من الضروري الإطلاع على القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات كما تم تنقيحه وإتمامه بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 والذي نص بالخصوص على أن تسهر الهيئة على ضمان انتخابات واستفتاءات ديمقراطية وحرة وتعددية ونزيهة وشفافة وتتولى القيام بجميع العمليات المرتبطة بتنظيم الانتخابات والاستفتاءات وإدارتها والإشراف عليها.
وليس هذا فقط بل لا بد أيضا من العودة إلى النصوص الترتيبية التي تم اتخاذها من قبل مجلس الهيئة وأولها قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 543 لسنة 2024 المؤرخ في 4 جويلية 2024 المتعلق بروزنانة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 وخاصة الفصل التاسع الذي نص على أن يتم قبول مطالب انسحاب المترشحين للانتخابات الرئاسية في أجل أقصاه أول أمس الإثنين 2 سبتمبر 2024 وكذلك الفصل العاشر الذي نص على أن تتولى الهيئة الإعلان عن قائمة المترشحين المقبولين نهائيا بعد انقضاء الطعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2024.
كما يجب الإطلاع على قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرخ في 4 أوت 2014 المتعلق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية، وعلى القرارات الترتيبية اللاحقة التي نقحته وتممته وهي القرار عدد 18 لسنة 2019 المؤرخ في 14 جوان 2019 والقرار عدد 54 لسنة 2024 المؤرخ في 4 جويلية 2024، وخاصة الباب السابع منه، حيث نص هذا الباب في الفصل 22 على أنه يمكن الطعن في قرارات الهيئة بخصوص الترشحات وفق أحكام الفصلين 46 و47 من القانون الانتخابي، ونص في الفصل 23 على أن تتولى الهيئة تنفيذ الأحكام الصادرة عن الدوائر الاستئنافية للمحكمة الإدارية التي لم يتم الطعن فيها أمام الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصلها بالوثائق التالية : نسخة مجردة من الحكم، شهادة في عدم الاستئناف. ثم نص في الفصل 24 على أن تتولى الهيئة تنفيذ القرارات الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية شرط توصلها بالقرار أو بشهادة في منطوقة، فالفصل 25 الذي يكون بمقتضاه تنفيذ الأحكام والقرارات بإدراج اسم المترشح في قائمة المترشحين المقبولين نهائيا أو بشطبه منها وكذلك الفصل 26 الذي نص على أن تعلن الهيئة عن قائمة المترشحين المقبولين نهائيا بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وعلى موقعها الالكتروني.
ولكن الأهم من كل ذلك هو الإطلاع على الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية في الطور الثاني من نزاعات الترشح، وكذلك محضر اجتماع مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنعقد أول أمس والذي تبعه الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، وبالتالي قد لا تكفي قراءة بلاغ المحكمة الإدارية للرد على قرار مجلس الهيئة أو قراءة رد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لفهم ما يجري بين الهيئة والمحكمة الإدارية بل لا بد من الغوص في كوم هائل من النصوص القانونية والقرارات الترتيبية الصادرة عن الهيئة والأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية.
وفي الوقت الذي صاحت فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للدفاع عن سلامة قرار مجلسها المتعلق بقائمة المترشحين المقبولين نهائيا للانتخابات الرئاسية 6 أكتوبر 2024 وصاحت فيه المحكمة الإدارية للدفاع عن سلامة إجراءاتها يتساءل الناخب في حيرة كتلك التي اعترت الشاعر أبو العلاء المعري.. ترى ما الصحيح؟
مخاطر
وتبعا لهذا الجدل الذي أثار اهتمام الكثير من التونسيين، بادرت الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي تترأسها الأستاذة سلسبيل القليبي أمس بإصدار بيان أشارت فيه إلى أنه لا جدال في أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مسؤولة، وفق الدستور ووفق قانونها الأساسي، على ضمان انتخابات ديمقراطية وحرة، وتعددية ونزيهة وشفافة وتكون خاضعة، وفق أحكام القانون الانتخابي، في كل أعمالها وقراراتها لرقابة القضاء الإداري، وأن ما اعتبرته وفق تصريحاتها المتواترة بأن ولايتها على المسار الانتخابي هي ولاية عامة لا يعني إطلاقا أنها ولاية حصرية أو كونها في حلّ من مقتضيات دولة القانون التي تقتضي ضرورة الرقابة القضائية والتي تصبح معها الهيئة بمثابة المتقاضي المحمول عليه احترام إجراءات التقاضي وموجباته وتبعاته.
كما أشارت الجمعية إلى أن المحكمة الإدارية لكونها الجهة القضائية المختصة بالرقابة على كل مرحلة من مراحل المسار الانتخابي هي الضامن لحقوق الناخبين والناخبات والمترشّحين والمترشّحات وذلك ضمانا لشرعية المسار الانتخابي ولمصداقية الانتخابات وأن الأحكام الصادرة باسم الشعب عن جلستها العامة غير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن وواجبة التنفيذ ولا يجوز لأي جهة أخرى، مهما كانت، تقييمها أو التشكيك فيها أو الامتناع عن تطبيقها أو ترجيحها.
وأضافت الجمعية التونسية للقانون الدستوري في بيانها أن :"ما تستوجبه دولة القانون من احترام القواعد القانونية المؤطرة للمسار الانتخابي يقتضي التزام كل مؤسساتها بتطبيق جميع هذه القواعد وحيث فسرت الهيئة نفسها في الفصل 24 من قرارها عدد 18 لسنة 2014 المؤرّخ في 4 أوت 2014 مقتضيات الفصل 47 من القانون الانتخابي المتعلّق بسبل إبلاغ المحكمة الإدارية قراراتها للهيئة بكونه يستوعب الإعلام بالقرار "أو" بشهادة في منطوقه وحيث صرّحت المحكمة الإدارية في بلاغها الصادر في 2 سبتمبر 2024 بأنها "تولّت تباعا وبمجرّد التصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها إلى طرفي النزاع" بما لا يمكن معه التعذّر بعدم التوصّل بنص الحكم للتملّص من تنفيذه. وبناء على ما سبق بيانه يهمّ الجمعية التونسية للقانون الدستوري التنبيه للتبعات التالية: خطر اهتزاز الثقة المشروعة للمواطنين والمواطنات في المسار الانتخابي ومصداقيته ونزاهته وسلامته، خطر ضرب الاستقرار السياسي لما قد يعقب هذه الانتخابات من طعون في نتائجها، خطر ضرب مبادئ النظام الجمهوري والديمقراطية والتي تمثّل دولة القانون خير ضمان لها، خطر تصدّع مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء الحامي الحقوق والحريات طبق للفصل 55 من دستور 2022.
ودعت الجمعية التونسية للقانون الدستوري التي تتركب من خيرة أساتذة القانون جميع المتداخلين في المسار الانتخابي إلى الالتزام بمقتضيات دولة القانون وذلك بالامتثال للقواعد الدستورية والقانونية والتريث والتحلّي بروح المسؤولية والحكمة ووضع المصلحة العليا للدولة فوق كل اعتبار.