يبدو أن الصراع الجيوسياسي الدولي بدأ يتحول إلى صراع بارد بين قطبين بدآ في إخراج مخالبهما وإبرازها ضد اﻵخر، مع التغييرات التي أخذت تميز السرديات السياسية لكلا الطرفين، وهما الصين والولايات المتحدة.
ففي خضم السباق الانتخابي الأمريكي، برز خبر حول تغيير الرئيس الأمريكي جو بايدن لـ"التوجيهات الإستراتيجية الأمريكية النووية"، لتكون الصين في المرتبة اﻷولى من حيث التهديد النووي للولايات المتحدة، بدلا عن روسيا أو كوريا الشمالية، واللتين كانتا على رأس هذه التوجيهات طيلة الحرب الباردة وما بعدها في إطار نظام القطب اﻷوحد.
هذه التوجيهات تأتي في إطار استراتيجي كامل انطلقت واشنطن في تغييره منذ نهاية حقبة الرئيس الأمريكي اﻷسبق جورج بوش الابن، وزادت وتيرته خلال الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، وتوسع اقتصاديا خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، ليشهد حربا تجارية، اتخذت فيه الدولتان شكل الإجراءات الحمائية، وفرض العقوبات اﻷحادية من قبل واشنطن خصوصا على المجال التكنولوجي الصيني، الذي يعتبر ضمن أهداف البرنامج الاستراتجي الصيني الحالي (2020-2025) والمقبل على حسب التقديرات الدولية.
ويبدو أن توجيهات بايدن "النووية" الجديدة، قد تفرض ما يعرف بـ"مبادئ الرؤساء" التي تؤسس للسياسات الخارجية للإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ تأسيس الولايات المتحدة وإلى اليوم، وهذا ما سيفرض تحولا في شكل الصراع القادم بين بيكين وواشنطن، مهما كان لون الرئيس القادم للمكتب البيضاوي (أزرق ديمقراطي أو احمر جمهوري)، حيث سيتقيد أي منهما بهذا المبدأ الجديد في السياسة الخارجية الأمريكية للسنوات القادمة، وهو ما سيفرض على الصين -التي أعربت عن استهجانها لمثل هذا التغيير في التوجهات الأمريكية- تغييرا في نمط ممارستها لسياستها الخارجية خصوصا مع خططها للتوسع النووي وإنشاء 6 مفاعلات نووية جديدة.
سباق نووي محموم جديد يلوح في اﻷفق ويذكر بسنوات مضت من الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة، والتي مازالت تبحث عن الخطة المثلى لاحتواء "الخطر الصيني" على نفوذها الدولي، خصوصا وأن الصين تسعى لفتح ذراعيها إلى الشرق اﻷوسط وإفريقيا وأوروبا عبر إستراتجية طريق وحزام الحرير بحرا وبرا، وبأسلوب "القوة الناعمة" الذي يقلق واشنطن، والذي قد لا تجد له حلا إلا من خلال، توتير المحيط الجيوسياسي للصين، وخاصة في منطقة بحر الصين الجنوبي، بدعم حلفائها هناك مثل الفلبين وفيتنام وأندونيسيا، وبالخصوص جزيرة تايوان التي تطالب الصين بضمها باعتبارها جزءا منها، وهو ما قد تكون له عواقب وخيمة قد تجعل "تخوم الصراع" تشتعل في جنوب شرق آسيا.
ولعل بوادر هذا الصراع موجودة وفعلية، فالصين التي تعلن أحقيتها بالنفوذ في بحر الصين الجنوبي وبامتداد منطقتها الاقتصادية الخالصة على امتداد سواحل الدول المجاورة لها في بحر الصين الجنوبي، تسمح لواشنطن بمد أيديها لهذه الدول وتأسيس فعاليات سياسية وعسكرية مناوئة لبكين، وهو ما قد يشكل تحالفا واسعا ضدها، إذا لاحظنا أن أمريكا باتت تعتبر الهند حليفا استراتيجيا لها غرب الصين، في وقت مازالت أمريكا تفرض سيطرتها السياسية والعسكرية على اليابان (غرب الصين) منذ الحرب العلمية الثانية.
كل هذا يعني أن إستراتجية الاحتواء الأمريكي قد تمضي قدما لتقليم اﻷظافر الصينية في هذه المنطقة ومنعها من مد جسورها خارجها بالرغم من انطلاق الصين الفعلي في انجاز مشاريع البنية التحتية لطريق وحزام الحرير.
بقلم: نزار مقني
يبدو أن الصراع الجيوسياسي الدولي بدأ يتحول إلى صراع بارد بين قطبين بدآ في إخراج مخالبهما وإبرازها ضد اﻵخر، مع التغييرات التي أخذت تميز السرديات السياسية لكلا الطرفين، وهما الصين والولايات المتحدة.
ففي خضم السباق الانتخابي الأمريكي، برز خبر حول تغيير الرئيس الأمريكي جو بايدن لـ"التوجيهات الإستراتيجية الأمريكية النووية"، لتكون الصين في المرتبة اﻷولى من حيث التهديد النووي للولايات المتحدة، بدلا عن روسيا أو كوريا الشمالية، واللتين كانتا على رأس هذه التوجيهات طيلة الحرب الباردة وما بعدها في إطار نظام القطب اﻷوحد.
هذه التوجيهات تأتي في إطار استراتيجي كامل انطلقت واشنطن في تغييره منذ نهاية حقبة الرئيس الأمريكي اﻷسبق جورج بوش الابن، وزادت وتيرته خلال الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، وتوسع اقتصاديا خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، ليشهد حربا تجارية، اتخذت فيه الدولتان شكل الإجراءات الحمائية، وفرض العقوبات اﻷحادية من قبل واشنطن خصوصا على المجال التكنولوجي الصيني، الذي يعتبر ضمن أهداف البرنامج الاستراتجي الصيني الحالي (2020-2025) والمقبل على حسب التقديرات الدولية.
ويبدو أن توجيهات بايدن "النووية" الجديدة، قد تفرض ما يعرف بـ"مبادئ الرؤساء" التي تؤسس للسياسات الخارجية للإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ تأسيس الولايات المتحدة وإلى اليوم، وهذا ما سيفرض تحولا في شكل الصراع القادم بين بيكين وواشنطن، مهما كان لون الرئيس القادم للمكتب البيضاوي (أزرق ديمقراطي أو احمر جمهوري)، حيث سيتقيد أي منهما بهذا المبدأ الجديد في السياسة الخارجية الأمريكية للسنوات القادمة، وهو ما سيفرض على الصين -التي أعربت عن استهجانها لمثل هذا التغيير في التوجهات الأمريكية- تغييرا في نمط ممارستها لسياستها الخارجية خصوصا مع خططها للتوسع النووي وإنشاء 6 مفاعلات نووية جديدة.
سباق نووي محموم جديد يلوح في اﻷفق ويذكر بسنوات مضت من الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة، والتي مازالت تبحث عن الخطة المثلى لاحتواء "الخطر الصيني" على نفوذها الدولي، خصوصا وأن الصين تسعى لفتح ذراعيها إلى الشرق اﻷوسط وإفريقيا وأوروبا عبر إستراتجية طريق وحزام الحرير بحرا وبرا، وبأسلوب "القوة الناعمة" الذي يقلق واشنطن، والذي قد لا تجد له حلا إلا من خلال، توتير المحيط الجيوسياسي للصين، وخاصة في منطقة بحر الصين الجنوبي، بدعم حلفائها هناك مثل الفلبين وفيتنام وأندونيسيا، وبالخصوص جزيرة تايوان التي تطالب الصين بضمها باعتبارها جزءا منها، وهو ما قد تكون له عواقب وخيمة قد تجعل "تخوم الصراع" تشتعل في جنوب شرق آسيا.
ولعل بوادر هذا الصراع موجودة وفعلية، فالصين التي تعلن أحقيتها بالنفوذ في بحر الصين الجنوبي وبامتداد منطقتها الاقتصادية الخالصة على امتداد سواحل الدول المجاورة لها في بحر الصين الجنوبي، تسمح لواشنطن بمد أيديها لهذه الدول وتأسيس فعاليات سياسية وعسكرية مناوئة لبكين، وهو ما قد يشكل تحالفا واسعا ضدها، إذا لاحظنا أن أمريكا باتت تعتبر الهند حليفا استراتيجيا لها غرب الصين، في وقت مازالت أمريكا تفرض سيطرتها السياسية والعسكرية على اليابان (غرب الصين) منذ الحرب العلمية الثانية.
كل هذا يعني أن إستراتجية الاحتواء الأمريكي قد تمضي قدما لتقليم اﻷظافر الصينية في هذه المنطقة ومنعها من مد جسورها خارجها بالرغم من انطلاق الصين الفعلي في انجاز مشاريع البنية التحتية لطريق وحزام الحرير.