مازال القطاع الصناعي صامدا رغم الصعوبات التي لاحقته في السنوات الأخيرة بسبب الأزمة الوبائية وما نتج عنها من غلق وإفلاس للآلاف من المؤسسات الصناعية، كان آخرها 44 مؤسسة أغلقت في سنة فقط في ما بين جوان 2023 وجوان 2024، حسب ما كشفت عنها البيانات الأخيرة الصادرة عن وكالة النهوض بالصناعة والتجديد...
وتنشط هذه المؤسسات الصناعية أساسا في قطاع النسيج والملابس ومواد البناء والتي كانت متمركزة في جهات الساحل لتتصدر هذه الجهة من بين بقية جهات البلاد أعلى نسبة من عمليات غلق الوحدات الصناعية في السنوات الخمس الأخيرة..
وبحسب نفس المصدر فقد بلغ الى أواخر جوان من هذه السنة عدد المؤسسات الصناعية التي تنشط في تونس 4.744 مؤسسة تشغل 10 عمال فما فوق مقابل 4.788 مؤسسة في جوان 2023 أي ان النسيج الصناعي التونسي خسر 44 مؤسسة بين جوان 2023 و2024، أي في سنة واحدة فقط...
عمليات الغلق وتأثيرها في القطاع
وتركزت عمليات الغلق بالأساس في قطاع النسيج والملابس (38 مؤسسة الى أواخر جوان 2024 و219 مؤسسة في السنوات الخمس الأخيرة) وكذلك في قطاع مواد البناء ب 16 مؤسسة و37 في الخمس سنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من عمليات وقف نشاط المؤسسات الصناعية في تونس فان القطاع الصناعي واصل انتداب العمال، اذ ارتفع عدد مواطن الشغل المحدثة بنسبة 0.4 بالمائة، ومر عدد مواطن الشغل المحدثة من 526.8 ألفا في جوان 2023 الى 528.9 ألفا في أواخر جوان 2024.
واستأثر ثلثا مواطن الشغل المحدثة على نسبة 67 بالمائة من طرف المؤسسات الصناعية المصدرة كليا، ويضم اليوم النسيج الصناعي في تونس نحو 4744 مؤسسة توفر حوالي 520 ألف موطن شغل كما تعد نسبة مساهمة القطاع في الناتج الداخلي الخام ما يناهز الـ 17% ويوفر صادرات بقيمة 50 مليار دينار سنويا.
ويمثل 90% من مجمل الصادرات التونسية، كما يمثل هذا القطاع 33% من مواطن الشغل النشيطة ويوفر نحو 19 مليار دينار من القيمة المضافة وهو قطاع يحاول يوميا التصدي لتداعيات تراكمات أزمات اقتصادية عالمية والأزمة الصحية لكوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، مما تسبب في تراجع استهلاك المنتوج الصناعي نحو استهلاك موجه لقطاع الخدمات في العالم....
كذلك لا يمكن ان ننسى ما أدت اليه الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في البلاد في السنوات الأخيرة، من تداعيات وخيمة على القطاع ، لكن ما تظهره المعطيات والمؤشرات الأخيرة الرسمية تؤكد صمود قطاع الصناعة في تونس بالرغم من كل هذه الصعوبات خاصة على مستوى نسق الاستثمارات التي عرفت ارتفاعا عبر عقد شراكات مع العديد من الدول والجهات الخارجية ...
ومن ابرز العوامل التي ساهمت بشكل كبير في ارتفاع نسق الاستثمارات في القطاع الصناعي هي المزايا التفاضلية التي تتمتع بها بلادنا في هذا المجال، اهمها الخدمات السهلة والكفاءات التونسية واليد العاملة غير المكلفة مقارنة بالدول الخارجية ، فضلا عن الاجراءات التحفيزية في الاستثمار في القطاع....
وفي هذا السياق كشفت وتظهر، على هذا الأساس، المؤشرات الرئيسية للصناعة التونسية آفاقا واعدة لمزيد تطويرها في ظل معطيات عديدة تميز الوضع الاقتصادي والمؤسساتي.
مؤشرات ايجابية تتطلب المحافظة عليها
وفي هذا الإطار، كشفت وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، مؤخرا عن عدد المشاريع المصرح بها في تونس، خلال النصف الأول من سنة 2024، والتي بلغت 1686 مشروعا بإجمالي استثمارات ناهزت قيمتها 1.051 مليار دينار. كان ذلك خلال البيانات الحديثة التي وردت ضمن وثيقة تطور الاستثمارات في القطاع الصناعي خلال النصف الأول من سنة 2024.
وأشارت نفس البيانات ان هذه المشاريع ستتيح إحداث قرابة 18 ألف و129 موطن شغل علما وأن زهاء 1370 مشروعا تم التصريح بها في إطار الاحداثات الجديدة. وقاربت الاستثمارات المصرح بها في مجال الصناعات المصدرة كليا قرابة 154.4 مليون دينار في حين وجهت 896.6 مليون دينار نحو السوق المحلية.
كما أبرزت المعطيات الإحصائية الصادرة عن وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، تحسن عجز الميزان التجاري الصناعي بنسبة 44.91 بالمائة نهاية شهر جوان 2024، ليبلغ 713.3– مليون دينار، مقابل 1294.9– مليون دينار، خلال نفس الفترة من سنة 2023.
وسجلت صادرات القطاع الصناعي، خلال النصف الأول من سنة 2024، ارتفاعا بنسبة 1.1 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023، لتبلغ 28937.7 مليون دينار.
هذا وكشفت نتائج دراسة حول المشاريع الصناعية الكبرى المُصرح بها، في تونس ما بين سنوات 2020 و2023 ، أن نسبة تقدم الإنجاز قاربت 67.7 بالمائة في حين تم تحقيق 42.9 بالمائة من الاستثمارات وإحداث 39 بالمائة من مواطن الشغل، وشملت الدراسة 371 مشروعا تفوق قيمتها 5 ملايين دينار أو أكثر تم التصريح بها سنة 2023 إلى جانب المشاريع بقيمة 5 ملايين دينار تم التصريح بها ما بين 2020-2022 والتي كانت بصدد الإنجاز خلال الدراسة السابقة.
وتعمل الدولة بجميع هياكلها خاصة المتدخلة في القطاع الصناعي الذي يعد عصب الاقتصاد الوطني، على المحافظة قدر الإمكان على هذه المؤشرات الايجابية في ظل تعطل بقية القطاعات الحيوية في البلاد، لتدخل في إستراتيجيتها الوطنية خططا وبرامج جديدة لدعم القطاع...
ومن ابرز هذه الخطط والبرامج التي تتجه نحو اعتماد التحوّل الطاقي والطاقات المتجددة ، عبر تحفيز الصناعيين على الإنتاج الذاتي من الكهرباء باعتماد الطاقات البديلة، والاستثمار في الجانب البيئي وترشيد استهلاك الطاقة، ما من شأنه أن يسهم في الترفيع من مردودية القطاع ومن جودة المنتجات التونسية ودعم القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية..
كما تعمل الدولة حاليا على تجسيم خططها الرامية لبعث منوال تنموي صناعي جديد مبني على المعرفة والتجديد والانتقال الرقمي مع ضمان الانتقال الطاقي والإيكولوجي، وحتى تنجح كل هذه البرامج على الدولة ان تنتهج إصلاحات جوهرية لدعم القطاع الصناعي عبر مراجعة القوانين والتشريعات القديمة خاصة تلك التي تتعلق بالاستثمارات، مع العمل على تبسيط الإجراءات الإدارية...
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
مازال القطاع الصناعي صامدا رغم الصعوبات التي لاحقته في السنوات الأخيرة بسبب الأزمة الوبائية وما نتج عنها من غلق وإفلاس للآلاف من المؤسسات الصناعية، كان آخرها 44 مؤسسة أغلقت في سنة فقط في ما بين جوان 2023 وجوان 2024، حسب ما كشفت عنها البيانات الأخيرة الصادرة عن وكالة النهوض بالصناعة والتجديد...
وتنشط هذه المؤسسات الصناعية أساسا في قطاع النسيج والملابس ومواد البناء والتي كانت متمركزة في جهات الساحل لتتصدر هذه الجهة من بين بقية جهات البلاد أعلى نسبة من عمليات غلق الوحدات الصناعية في السنوات الخمس الأخيرة..
وبحسب نفس المصدر فقد بلغ الى أواخر جوان من هذه السنة عدد المؤسسات الصناعية التي تنشط في تونس 4.744 مؤسسة تشغل 10 عمال فما فوق مقابل 4.788 مؤسسة في جوان 2023 أي ان النسيج الصناعي التونسي خسر 44 مؤسسة بين جوان 2023 و2024، أي في سنة واحدة فقط...
عمليات الغلق وتأثيرها في القطاع
وتركزت عمليات الغلق بالأساس في قطاع النسيج والملابس (38 مؤسسة الى أواخر جوان 2024 و219 مؤسسة في السنوات الخمس الأخيرة) وكذلك في قطاع مواد البناء ب 16 مؤسسة و37 في الخمس سنوات الأخيرة.
وعلى الرغم من عمليات وقف نشاط المؤسسات الصناعية في تونس فان القطاع الصناعي واصل انتداب العمال، اذ ارتفع عدد مواطن الشغل المحدثة بنسبة 0.4 بالمائة، ومر عدد مواطن الشغل المحدثة من 526.8 ألفا في جوان 2023 الى 528.9 ألفا في أواخر جوان 2024.
واستأثر ثلثا مواطن الشغل المحدثة على نسبة 67 بالمائة من طرف المؤسسات الصناعية المصدرة كليا، ويضم اليوم النسيج الصناعي في تونس نحو 4744 مؤسسة توفر حوالي 520 ألف موطن شغل كما تعد نسبة مساهمة القطاع في الناتج الداخلي الخام ما يناهز الـ 17% ويوفر صادرات بقيمة 50 مليار دينار سنويا.
ويمثل 90% من مجمل الصادرات التونسية، كما يمثل هذا القطاع 33% من مواطن الشغل النشيطة ويوفر نحو 19 مليار دينار من القيمة المضافة وهو قطاع يحاول يوميا التصدي لتداعيات تراكمات أزمات اقتصادية عالمية والأزمة الصحية لكوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، مما تسبب في تراجع استهلاك المنتوج الصناعي نحو استهلاك موجه لقطاع الخدمات في العالم....
كذلك لا يمكن ان ننسى ما أدت اليه الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في البلاد في السنوات الأخيرة، من تداعيات وخيمة على القطاع ، لكن ما تظهره المعطيات والمؤشرات الأخيرة الرسمية تؤكد صمود قطاع الصناعة في تونس بالرغم من كل هذه الصعوبات خاصة على مستوى نسق الاستثمارات التي عرفت ارتفاعا عبر عقد شراكات مع العديد من الدول والجهات الخارجية ...
ومن ابرز العوامل التي ساهمت بشكل كبير في ارتفاع نسق الاستثمارات في القطاع الصناعي هي المزايا التفاضلية التي تتمتع بها بلادنا في هذا المجال، اهمها الخدمات السهلة والكفاءات التونسية واليد العاملة غير المكلفة مقارنة بالدول الخارجية ، فضلا عن الاجراءات التحفيزية في الاستثمار في القطاع....
وفي هذا السياق كشفت وتظهر، على هذا الأساس، المؤشرات الرئيسية للصناعة التونسية آفاقا واعدة لمزيد تطويرها في ظل معطيات عديدة تميز الوضع الاقتصادي والمؤسساتي.
مؤشرات ايجابية تتطلب المحافظة عليها
وفي هذا الإطار، كشفت وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، مؤخرا عن عدد المشاريع المصرح بها في تونس، خلال النصف الأول من سنة 2024، والتي بلغت 1686 مشروعا بإجمالي استثمارات ناهزت قيمتها 1.051 مليار دينار. كان ذلك خلال البيانات الحديثة التي وردت ضمن وثيقة تطور الاستثمارات في القطاع الصناعي خلال النصف الأول من سنة 2024.
وأشارت نفس البيانات ان هذه المشاريع ستتيح إحداث قرابة 18 ألف و129 موطن شغل علما وأن زهاء 1370 مشروعا تم التصريح بها في إطار الاحداثات الجديدة. وقاربت الاستثمارات المصرح بها في مجال الصناعات المصدرة كليا قرابة 154.4 مليون دينار في حين وجهت 896.6 مليون دينار نحو السوق المحلية.
كما أبرزت المعطيات الإحصائية الصادرة عن وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، تحسن عجز الميزان التجاري الصناعي بنسبة 44.91 بالمائة نهاية شهر جوان 2024، ليبلغ 713.3– مليون دينار، مقابل 1294.9– مليون دينار، خلال نفس الفترة من سنة 2023.
وسجلت صادرات القطاع الصناعي، خلال النصف الأول من سنة 2024، ارتفاعا بنسبة 1.1 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023، لتبلغ 28937.7 مليون دينار.
هذا وكشفت نتائج دراسة حول المشاريع الصناعية الكبرى المُصرح بها، في تونس ما بين سنوات 2020 و2023 ، أن نسبة تقدم الإنجاز قاربت 67.7 بالمائة في حين تم تحقيق 42.9 بالمائة من الاستثمارات وإحداث 39 بالمائة من مواطن الشغل، وشملت الدراسة 371 مشروعا تفوق قيمتها 5 ملايين دينار أو أكثر تم التصريح بها سنة 2023 إلى جانب المشاريع بقيمة 5 ملايين دينار تم التصريح بها ما بين 2020-2022 والتي كانت بصدد الإنجاز خلال الدراسة السابقة.
وتعمل الدولة بجميع هياكلها خاصة المتدخلة في القطاع الصناعي الذي يعد عصب الاقتصاد الوطني، على المحافظة قدر الإمكان على هذه المؤشرات الايجابية في ظل تعطل بقية القطاعات الحيوية في البلاد، لتدخل في إستراتيجيتها الوطنية خططا وبرامج جديدة لدعم القطاع...
ومن ابرز هذه الخطط والبرامج التي تتجه نحو اعتماد التحوّل الطاقي والطاقات المتجددة ، عبر تحفيز الصناعيين على الإنتاج الذاتي من الكهرباء باعتماد الطاقات البديلة، والاستثمار في الجانب البيئي وترشيد استهلاك الطاقة، ما من شأنه أن يسهم في الترفيع من مردودية القطاع ومن جودة المنتجات التونسية ودعم القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية..
كما تعمل الدولة حاليا على تجسيم خططها الرامية لبعث منوال تنموي صناعي جديد مبني على المعرفة والتجديد والانتقال الرقمي مع ضمان الانتقال الطاقي والإيكولوجي، وحتى تنجح كل هذه البرامج على الدولة ان تنتهج إصلاحات جوهرية لدعم القطاع الصناعي عبر مراجعة القوانين والتشريعات القديمة خاصة تلك التي تتعلق بالاستثمارات، مع العمل على تبسيط الإجراءات الإدارية...