الموسم الفلاحي يلوح واعدا بعد نزول الغيث النافع بالعديد من المناطق بما فيها مناطق الزراعات الكبرى على غرار سليانة والكاف وبنزرت ونابل،أمطار استبشر الفلاحون بها للانطلاق في الاستعدادات للموسم الزراعي وخاصة موسم زراعة الحبوب.
وقد عانت بلادنا خلال السنوات الأخيرة من شحّ مائي نتيجة للتغيّرات المناخيّة مع نسق تصاعدي لاستهلاك الحبوب في ظل اضطرابات على مستوى الإنتاج والإنتاجية، كل هذا دفع ديوان الحبوب لمواصلة التوريد استجابة لنسق الاستهلاك، حيث بيّنت الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب أنّ الاستهلاك المحلي بلغ معدل 36 مليون قنطار من القمح الصلب والقمح اللين والشعير، إذ قدرت كلفة التوريد بـ 3400 مليون دينار.
هذا وتورد تونس أكثر من 90% من حاجياتها من الحبوب رغم ما تزخر به من أراض دولية غير مستغلة يمكن استغلالها لتحقيق أمننا الغذائي خاصة من الحبوب وهو ما أكده لـ"الصباح " وسام الأسود أستاذ باحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل الذي اعتبر أن تونس، شأنها شأن العديد من الدول، تواجه تحديات غذائية واقتصادية متزايدة وأن بين يديها مفاتيح تحقيق نهضة زراعية قادرة على تحويل مسارها الاقتصادي والاجتماعي وذلك شرط الاستثمار الأمثل في مواردها العقارية من الأراضي الزراعية غير المستغلة.
اذ بين الأسود أن الإحصائيات تشير إلى أن تونس تمتلك حوالي 3.8 مليون هكتار من الأراضي الزراعية غير المستغلة على غرار أراضي الأحباش، والأراضي محل نزاع بين العروش، وأراض حكومية تم الاستيلاء عليها دون استثمارها كما يجب من قبل بعض المستثمرين اذ طالب بمكافحة الاستيلاء على الأراضي الزراعية الحكومية من قبل "لوبيات" نافذة وتوجيهها للفلاحين الجادين والمستثمرين المحليين والدوليين.
واعتبر محدثنا ان هذه المساحات الواسعة تمثل فرصة ذهبية لتوسيع النشاط الزراعي، وزيادة الإنتاجية وتوفير فرص عمل جديدة من خلال استغلالها بطرق مستديمة، ما يمكن من تحقيق اكتفائنا الذاتي في العديد من المحاصيل الزراعية الأساسية وخاصة الحبوب من قمح وشعير وأعلاف وبقول.
واعتبر وسام الأسود (أستاذ باحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل) أن الزراعة من القطاعات الحيوية التي تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي لا سيما وان بلادنا تتوفر على العديد من العوامل التي يمكن أن تساهم في تحقيق ثورة زراعية حقيقية وذلك من خلال استغلال الدولة واستثمارها لهذا المخزون العقاري الضخم بشكل فعال.
مخزون المياه الجوفية قادر على تحقيق ثورة زراعية
وبشأن ما تعانيه بلادنا من شح مائي نتيجة لضعف التساقطات خلال السنوات الأخيرة بين الأسود ان بلادنا تتمتع بمخزون هائل من المياه الجوفية العذبة، الذي تتشارك فيه مع ليبيا والجزائر، حيث يعادل هذا المخزون ربع البحر الأبيض المتوسط مشيرا الى ان هذا المورد الحيوي يتواجد على عمق يتراوح بين 600 و1200 متر، مما يتيح إمكانية استغلاله في ري الأراضي الزراعية وذلك عبر تطوير تقنيات الري الحديثة التي تضمن استدامة هذا المورد المائي من خلال الاعتماد على الكفاءات الوطنية في البحوث الزراعية. وبين ان تونس لها كفاءات محلية في ميدان البحوث الزراعية، و مهندسين زراعيين أكفاء يجب التعويل عليهم من خلال توفير الدعم اللازم لهم لتطوير تقنيات جديدة وإدخال أصناف جديدة من المحاصيل التي تتناسب مع المناخ التونسي وتلبي احتياجات السوق المحلية والدولية.
وابرز وسام الأسود ان البداية يجب أن تكون بإجراء دراسة شاملة لتحديد الأراضي المتاحة والمخزون المائي والموارد البشرية وعلى هذا الأساس يقع تحديد الأهداف والاستراتيجيات الناجعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب وحتى بعض الزراعات الأساسية ولما لا تصدير فائض الإنتاج بما يوفر عائدات مالية ضخمة لخزينة الدولة.
وبيّن محدثنا ان أهم خطوة هي تلك المتعلقة باختيار المحاصيل الإستراتيجية على رأسها الحبوب مثل القمح والشعير، والأعلاف بما يدعم قطاع تربية الماشية وهي زراعات أساسية لتحقيق الأمن الغذائي، ثم الخضروات مثل الطماطم والفلفل، التي تستهلك محليًا ولها سوق واعدة للتصدير، بالإضافة الى الفواكه وخاصة الزيتون، والتمور، والقوارص التي تُعتبر منتجات تصديرية هامة ذات قيمة مضافة عالية وتلقى رواج كبير في الأسواق العالمية، مشيرا الى ضرورة الاعتماد على البذور المحلية لما تتمتع به من مقاومة للأمراض والتغيرات المناخية.
التحفيز على الاستثمار
وأكد الأستاذ الباحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل أن التحفيز على الاستثمار ضروري من خلال تقديم حوافز للمستثمرين في القطاع الزراعي سواء محليًا أو دوليًا عبر مراجعة القوانين المصرفية لتسهيل الحصول على القروض الزراعية وخاصة من قبل صغار الفلاحين.
بالإضافة الى الحد من البيروقراطية عبر التقليص من الإجراءات الإدارية، إلى جانب التخفيض في المراسيم والاداءات ومنح رخص لحفر الآبار.
وأكد وسام الأسود أن تقييم الاستراتيجيات التي تم وضعها بصفة مستمرة عبر إنشاء نظام لمراقبة الأداء الزراعي، وتقييم النتائج أفضل طريقة لضمان تحقيق الأهداف المحددة.
مشيرا إلى وجوب التكيف مع المتغيرات من خلال تعديل الخطط بناءً على النتائج والتغيرات في السوق أو المناخ.
وأردف مصدرنا ان تعاون بلادنا مع دول لها خبرات واسعة في مجال الزراعة كالصين والهند مثلا سيمكنها من الاستفادة من تجاربها عبر شراكة إستراتيجية في مجال المكننة، وطرق الري الحديثة ومجال التنقيب عن المياه الجوفية العميقة.
وختم وسام الأسود الأستاذ الباحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل مؤكدا على أن تحقيق ثورة زراعية في تونس يحتاج إلى رؤية شاملة تجمع بين التخطيط الاستراتيجي وتطوير البنية التحتية واختيار الزراعات الإستراتيجية على رأسها الحبوب والأعلاف.
وشدد على ان حسن التخطيط والحرص على التنفيذ مع توفير الدعم اللازم للفلاحين والمستثمرين من شأنه ان يمكن بلادنا من تعزيز أمنها الغذائي وفتح آفاق جديدة للتصدير، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستديمة، مبرزا أن وضع الاستراتيجيات وتعزيز الشراكات سيمكن تونس من تحقيق ثورة زراعية حقيقية بما يضمن الأمن الغذائي والسيادة الوطنية.
حنان قيراط
تونس تورد 90 % من حاجياتها من الحبوب
تونس-الصباح
الموسم الفلاحي يلوح واعدا بعد نزول الغيث النافع بالعديد من المناطق بما فيها مناطق الزراعات الكبرى على غرار سليانة والكاف وبنزرت ونابل،أمطار استبشر الفلاحون بها للانطلاق في الاستعدادات للموسم الزراعي وخاصة موسم زراعة الحبوب.
وقد عانت بلادنا خلال السنوات الأخيرة من شحّ مائي نتيجة للتغيّرات المناخيّة مع نسق تصاعدي لاستهلاك الحبوب في ظل اضطرابات على مستوى الإنتاج والإنتاجية، كل هذا دفع ديوان الحبوب لمواصلة التوريد استجابة لنسق الاستهلاك، حيث بيّنت الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب أنّ الاستهلاك المحلي بلغ معدل 36 مليون قنطار من القمح الصلب والقمح اللين والشعير، إذ قدرت كلفة التوريد بـ 3400 مليون دينار.
هذا وتورد تونس أكثر من 90% من حاجياتها من الحبوب رغم ما تزخر به من أراض دولية غير مستغلة يمكن استغلالها لتحقيق أمننا الغذائي خاصة من الحبوب وهو ما أكده لـ"الصباح " وسام الأسود أستاذ باحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل الذي اعتبر أن تونس، شأنها شأن العديد من الدول، تواجه تحديات غذائية واقتصادية متزايدة وأن بين يديها مفاتيح تحقيق نهضة زراعية قادرة على تحويل مسارها الاقتصادي والاجتماعي وذلك شرط الاستثمار الأمثل في مواردها العقارية من الأراضي الزراعية غير المستغلة.
اذ بين الأسود أن الإحصائيات تشير إلى أن تونس تمتلك حوالي 3.8 مليون هكتار من الأراضي الزراعية غير المستغلة على غرار أراضي الأحباش، والأراضي محل نزاع بين العروش، وأراض حكومية تم الاستيلاء عليها دون استثمارها كما يجب من قبل بعض المستثمرين اذ طالب بمكافحة الاستيلاء على الأراضي الزراعية الحكومية من قبل "لوبيات" نافذة وتوجيهها للفلاحين الجادين والمستثمرين المحليين والدوليين.
واعتبر محدثنا ان هذه المساحات الواسعة تمثل فرصة ذهبية لتوسيع النشاط الزراعي، وزيادة الإنتاجية وتوفير فرص عمل جديدة من خلال استغلالها بطرق مستديمة، ما يمكن من تحقيق اكتفائنا الذاتي في العديد من المحاصيل الزراعية الأساسية وخاصة الحبوب من قمح وشعير وأعلاف وبقول.
واعتبر وسام الأسود (أستاذ باحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل) أن الزراعة من القطاعات الحيوية التي تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي لا سيما وان بلادنا تتوفر على العديد من العوامل التي يمكن أن تساهم في تحقيق ثورة زراعية حقيقية وذلك من خلال استغلال الدولة واستثمارها لهذا المخزون العقاري الضخم بشكل فعال.
مخزون المياه الجوفية قادر على تحقيق ثورة زراعية
وبشأن ما تعانيه بلادنا من شح مائي نتيجة لضعف التساقطات خلال السنوات الأخيرة بين الأسود ان بلادنا تتمتع بمخزون هائل من المياه الجوفية العذبة، الذي تتشارك فيه مع ليبيا والجزائر، حيث يعادل هذا المخزون ربع البحر الأبيض المتوسط مشيرا الى ان هذا المورد الحيوي يتواجد على عمق يتراوح بين 600 و1200 متر، مما يتيح إمكانية استغلاله في ري الأراضي الزراعية وذلك عبر تطوير تقنيات الري الحديثة التي تضمن استدامة هذا المورد المائي من خلال الاعتماد على الكفاءات الوطنية في البحوث الزراعية. وبين ان تونس لها كفاءات محلية في ميدان البحوث الزراعية، و مهندسين زراعيين أكفاء يجب التعويل عليهم من خلال توفير الدعم اللازم لهم لتطوير تقنيات جديدة وإدخال أصناف جديدة من المحاصيل التي تتناسب مع المناخ التونسي وتلبي احتياجات السوق المحلية والدولية.
وابرز وسام الأسود ان البداية يجب أن تكون بإجراء دراسة شاملة لتحديد الأراضي المتاحة والمخزون المائي والموارد البشرية وعلى هذا الأساس يقع تحديد الأهداف والاستراتيجيات الناجعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب وحتى بعض الزراعات الأساسية ولما لا تصدير فائض الإنتاج بما يوفر عائدات مالية ضخمة لخزينة الدولة.
وبيّن محدثنا ان أهم خطوة هي تلك المتعلقة باختيار المحاصيل الإستراتيجية على رأسها الحبوب مثل القمح والشعير، والأعلاف بما يدعم قطاع تربية الماشية وهي زراعات أساسية لتحقيق الأمن الغذائي، ثم الخضروات مثل الطماطم والفلفل، التي تستهلك محليًا ولها سوق واعدة للتصدير، بالإضافة الى الفواكه وخاصة الزيتون، والتمور، والقوارص التي تُعتبر منتجات تصديرية هامة ذات قيمة مضافة عالية وتلقى رواج كبير في الأسواق العالمية، مشيرا الى ضرورة الاعتماد على البذور المحلية لما تتمتع به من مقاومة للأمراض والتغيرات المناخية.
التحفيز على الاستثمار
وأكد الأستاذ الباحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل أن التحفيز على الاستثمار ضروري من خلال تقديم حوافز للمستثمرين في القطاع الزراعي سواء محليًا أو دوليًا عبر مراجعة القوانين المصرفية لتسهيل الحصول على القروض الزراعية وخاصة من قبل صغار الفلاحين.
بالإضافة الى الحد من البيروقراطية عبر التقليص من الإجراءات الإدارية، إلى جانب التخفيض في المراسيم والاداءات ومنح رخص لحفر الآبار.
وأكد وسام الأسود أن تقييم الاستراتيجيات التي تم وضعها بصفة مستمرة عبر إنشاء نظام لمراقبة الأداء الزراعي، وتقييم النتائج أفضل طريقة لضمان تحقيق الأهداف المحددة.
مشيرا إلى وجوب التكيف مع المتغيرات من خلال تعديل الخطط بناءً على النتائج والتغيرات في السوق أو المناخ.
وأردف مصدرنا ان تعاون بلادنا مع دول لها خبرات واسعة في مجال الزراعة كالصين والهند مثلا سيمكنها من الاستفادة من تجاربها عبر شراكة إستراتيجية في مجال المكننة، وطرق الري الحديثة ومجال التنقيب عن المياه الجوفية العميقة.
وختم وسام الأسود الأستاذ الباحث في الشؤون الجيوإستراتيجية واللوجستيك الشامل مؤكدا على أن تحقيق ثورة زراعية في تونس يحتاج إلى رؤية شاملة تجمع بين التخطيط الاستراتيجي وتطوير البنية التحتية واختيار الزراعات الإستراتيجية على رأسها الحبوب والأعلاف.
وشدد على ان حسن التخطيط والحرص على التنفيذ مع توفير الدعم اللازم للفلاحين والمستثمرين من شأنه ان يمكن بلادنا من تعزيز أمنها الغذائي وفتح آفاق جديدة للتصدير، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستديمة، مبرزا أن وضع الاستراتيجيات وتعزيز الشراكات سيمكن تونس من تحقيق ثورة زراعية حقيقية بما يضمن الأمن الغذائي والسيادة الوطنية.