إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالبنط العريض.. بين بلينكن وكيسنجر

 

بقلم: نزار مقني

لم تكن هذه المرّة جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الشرق الأوسط، أحسن من سابقاتها، حيث لم يجن منها إلا الخيبات، وسط مؤشرات تشير إلى أن مفاوضات الهدنة في غزة تذهب نحو الفشل مجددا.

منذ أن حطت طائرة بلينكن في مطار العلمين بالقاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، لم يتوان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن الخروج للتراجع عن الموافقة التي أبداها لهذا المسؤول الأمريكي حول قبوله بـ"المقترح الأمريكي" الأخير الذي قدمته الولايات المتحدة في جولة المفاوضات بالعاصمة القطرية الدوحة، ويعود أدراجه لموقفه القديم الرافض للانسحاب من قطاع غزة وخصوصا من محوري نتساريم وسط القطاع ومحور فيلادلفيا الحدودي مع شبه جزيرة سيناء المصرية، وهو أمر عبرت القاهرة عن رفضها له وضرورة انسحاب الاحتلال منه.

هذه التطورات يبدو أنها تأتي في وقت تحاول فيه الديبلوماسية الأمريكية زحزحة مواقف المتفاوضين، ولو بنسج تفاصيل صغيرة يمكن من خلالها الالتفاف على مطالب المقاومة الفلسطينية وهي لعبة دأبت عليها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في إدارة الصراع في الشرق الأوسط منذ عهد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر.

هذا الأخير، الذي لعب على أوتار "التفكيك وإعادة الترتيب" في صياغة اتفاق السلام بعد حرب سنة 1973، يبدو أن خلفه يسعى للنسج على منواله من خلال ترك التفاصيل "التي يسكن فيها الشيطان" لتكون هي الفيصل في الاتفاق بين "حماس" وإسرائيل.

ففيما حاول كيسنجر يوم 6 أكتوبر إنقاذ إسرائيل من مأساة الهجوم المباغت المصري على سيناء المحتلة، يسعى بلينكن على ما يبدو لإنقاذ إسرائيل من أشكال توسع الحرب في المنطقة لتشمل إيران وحلفاءها في اليمن وسوريا والعراق وخصوصا من لبنان، إضافة للهزائم التي أجهدت جيش الاحتلال.

والملاحظ أن الإدارة الأمريكية وفق مقترحها الأخير في الدوحة قد أدرجت وقف إطلاق النار كمرحلة أولى للتفاوض في بقية المراحل المتبقية وهو ما يتطلب انسحابا من غزة، وهذا ما رفضه نتنياهو، وبالتالي، يبدو أن بلينكن يحاول، في هذه المرة مجددا، إعادة الكرة لملعب حماس، بعد اللاءات الثلاث التي صرح بها نتنياهو بعدم الانسحاب من نتساريم وفيلادلفيا وعدم الموافقة على وقف إطلاق النار.

وهذا ما فعله كيسنجر خلال حرب أكتوبر 1973 حاول ثني مصر عن المضي قدما في حربها، مقابل الحل السياسي، والذي مكن أرييل شارون في ذلك الوقت من إعادة التموقع والقيام بهجوم معاكس سمي ثغرة الدفرسوار.

اليوم يبدو أن بلينكن يتماهى مع مطالب الجيش الإسرائيلي ومن ورائه الأجهزة الأمنية بضرورة إيقاف الحرب  والانسحاب و"لو مؤقتا من غزة" تفاديا لسيناريو كارثي يبدو أنهم مقبلون عليه مع "الجنون" الذي أصاب الحكومة الإسرائيلية بسبب النفوذ اليميني فيها والذي يهدد بتداعي الحكومة وإسقاطها إذا ما "فكر" نتنياهو بإمضاء صفقة الهدنة مع المقاومة.

بالبنط العريض..     بين بلينكن وكيسنجر

 

بقلم: نزار مقني

لم تكن هذه المرّة جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في الشرق الأوسط، أحسن من سابقاتها، حيث لم يجن منها إلا الخيبات، وسط مؤشرات تشير إلى أن مفاوضات الهدنة في غزة تذهب نحو الفشل مجددا.

منذ أن حطت طائرة بلينكن في مطار العلمين بالقاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، لم يتوان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن الخروج للتراجع عن الموافقة التي أبداها لهذا المسؤول الأمريكي حول قبوله بـ"المقترح الأمريكي" الأخير الذي قدمته الولايات المتحدة في جولة المفاوضات بالعاصمة القطرية الدوحة، ويعود أدراجه لموقفه القديم الرافض للانسحاب من قطاع غزة وخصوصا من محوري نتساريم وسط القطاع ومحور فيلادلفيا الحدودي مع شبه جزيرة سيناء المصرية، وهو أمر عبرت القاهرة عن رفضها له وضرورة انسحاب الاحتلال منه.

هذه التطورات يبدو أنها تأتي في وقت تحاول فيه الديبلوماسية الأمريكية زحزحة مواقف المتفاوضين، ولو بنسج تفاصيل صغيرة يمكن من خلالها الالتفاف على مطالب المقاومة الفلسطينية وهي لعبة دأبت عليها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في إدارة الصراع في الشرق الأوسط منذ عهد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر.

هذا الأخير، الذي لعب على أوتار "التفكيك وإعادة الترتيب" في صياغة اتفاق السلام بعد حرب سنة 1973، يبدو أن خلفه يسعى للنسج على منواله من خلال ترك التفاصيل "التي يسكن فيها الشيطان" لتكون هي الفيصل في الاتفاق بين "حماس" وإسرائيل.

ففيما حاول كيسنجر يوم 6 أكتوبر إنقاذ إسرائيل من مأساة الهجوم المباغت المصري على سيناء المحتلة، يسعى بلينكن على ما يبدو لإنقاذ إسرائيل من أشكال توسع الحرب في المنطقة لتشمل إيران وحلفاءها في اليمن وسوريا والعراق وخصوصا من لبنان، إضافة للهزائم التي أجهدت جيش الاحتلال.

والملاحظ أن الإدارة الأمريكية وفق مقترحها الأخير في الدوحة قد أدرجت وقف إطلاق النار كمرحلة أولى للتفاوض في بقية المراحل المتبقية وهو ما يتطلب انسحابا من غزة، وهذا ما رفضه نتنياهو، وبالتالي، يبدو أن بلينكن يحاول، في هذه المرة مجددا، إعادة الكرة لملعب حماس، بعد اللاءات الثلاث التي صرح بها نتنياهو بعدم الانسحاب من نتساريم وفيلادلفيا وعدم الموافقة على وقف إطلاق النار.

وهذا ما فعله كيسنجر خلال حرب أكتوبر 1973 حاول ثني مصر عن المضي قدما في حربها، مقابل الحل السياسي، والذي مكن أرييل شارون في ذلك الوقت من إعادة التموقع والقيام بهجوم معاكس سمي ثغرة الدفرسوار.

اليوم يبدو أن بلينكن يتماهى مع مطالب الجيش الإسرائيلي ومن ورائه الأجهزة الأمنية بضرورة إيقاف الحرب  والانسحاب و"لو مؤقتا من غزة" تفاديا لسيناريو كارثي يبدو أنهم مقبلون عليه مع "الجنون" الذي أصاب الحكومة الإسرائيلية بسبب النفوذ اليميني فيها والذي يهدد بتداعي الحكومة وإسقاطها إذا ما "فكر" نتنياهو بإمضاء صفقة الهدنة مع المقاومة.