إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد تحسن أدائها وارتفاع رقم معاملاتها.. الناقلة الجوية تتعافى.. وتحتاج الى دفع ملف إعادة هيكلتها للتخفيف من الأعباء المالية

 

-الترفيع في رأس مال الغزالة عن طريق تدخل الدولة من أهم الحلول الآنية لإنقاذها..

-انخفاض في حجم ديون الشركة بعد تسوية الآجال التعاقدية

- إلى غاية شهر جوان 2024، “الخطوط التونسية” تمتلك 34 طائرة قيد التشغيل

تونس-الصباح

بالرغم من الصعوبات التي مازالت تلازمها، برهنت الخطوط التونسية مرة أخرى أنها قادرة على امتصاص جزء من الأزمات التي حلت بها في السنوات الأخيرة، وهي التي تحقق اليوم زيادة في حجم عائداتها وتحسنا في أدائها حتى تسجل مؤخرا ارتفاعا في رقم معاملاتها  بنسبة 2,6 بالمائة لتصل إلى 694,536 مليون دينار ما بين عامي 2023 و2024 أي خلال النصف الأول من السنة الجارية، حسب مؤشرات نشاط الناقلة الوطنية التي نشرت منذ يومين..

 

مؤشرات إيجابية تقود الشركة إلى التعافي..

وسجلت الشركة، في الفترة من شهر جانفي إلى شهر جوان 2024، ارتفاعا في عدد المسافرين بنسبة 2 بالمائة، أي 1,173,948 راكبا مقارنة بـ1,151,193 راكبا في عام 2023، كما انخفض عامل الحمولة بمقدار 2.9 نقطة ليصل إلى 71.1 بالمائة في سنة 2024 في النصف الأول من السنة الجارية، مقارنة بـ74 بالمائة في نفس الفترة من عام 2023 ...

كذلك أظهرت المؤشرات تحسنا في الالتزام بالمواعيد معدل أقل من 15 دقيقة بمقدار 11 نقطة، لتبلغ 50 بالمائة حتى جوان 2024، مقارنة بـ39 بالمائة حتى جوان 2023، وبخصوص تطور النفقات بين النصف الأول من سنة 2024 وسنة 2023، تشير المؤشرات التي نشرتها "الخطوط التونسية" إلى ارتفاع نفقات الوقود بنسبة 8,2 بالمائة، لتنتقل من 194,710 م د إلى 210,759 م د، نتيجة ارتفاع حجم الاستهلاك 7.2 بالمائة وسعر البرميل 2.5 بالمائة وبالمثل، ارتفعت تكاليف الموظفين بنسبة 5,8 بالمائة بسبب الزيادات القانونية في الرواتب، لتنتقل من 97.406 م د في سنة 2023 إلى 103.018 م د في سنة 2024.

كما ارتفعت التكاليف المالية من 26.350 م د في النصف الأول من سنة 2023، إلى 24.389 م د خلال الفترة نفسها من سنة 2024.  أما في ما يتعلق بحجم ديون الشركة، فقد سجلت انخفاضا بعد تسوية الآجال التعاقدية، حيث بلغت 720.374 م د. وأخيراً، وحتى جوان 2024، تمتلك “الخطوط التونسية” 34 طائرة قيد الاشتغال.

الغزالة تنجح في امتصاص الأزمات

وبالرغم من كل الانتقادات التي طالت الغزالة في السنوات الأخيرة على مستوى تردي الخدمات وتدهور المناخ الاجتماعي، وكثرة الإضرابات في صفوف عمالها، إلا إنها استطاعت أن تتجاوز جزءا كبيرا من الصعوبات التي تواجهها والتي على رأسها عبء كتلة الأجور وارتفاع الديون المتراكمة، وانطلقت بخطوات ثابتة في تفعيل جزء كبير من إجراءات البرنامج الإصلاحي الذي رسمته منذ سنة 2014، والذي مازال في جزئه المتبقي يحتاج الى التسريع في تفعيله خاصة في القرارات التي بقيت معطلة إلى اليوم والتي تخص إعادة الهيكلة..

وعاب العديد من المراقبين في الساحة الوطنية تباطؤ الحكومة في تفعيل برنامج إعادة الهيكلة، إلا أن دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ شهر أفريل، سرعت في التعاطي مع هذا الملف واليوم، حسب تصريحات مسؤولي الحكومة، يعد برنامج إصلاح شركة الخطوط التونسية من أبرز الملفات التي تعمل الحكومة على متابعتها واستكمالها، تبعا لتعليمات رئيس الجمهورية الذي أكد خلال زيارة قام بها في شهر أفريل المنقضي  إلى مطار تونس قرطاج الدولي، على ضرورة أن يعود للخطوط الجوية التونسية بريقها، وضرورة تطهيرها خاصة بعدما أثبتت عمليات التدقيق أن ما يناهز 130 عونا وإطارا تم انتدابهم بشهائد مدلسة، فضلا عن المحاباة والانتدابات بالولاءات دون اعتماد الكفاءة والشهائد العلمية، حسب تعبيره..

لكن الشركة لم تقف مكتوفة الأيدي، وانطلقت بالمقابل في تنفيذ برامج إصلاحية أخرى، قد تبدو في ظاهرها بسيطة ولا يمكن أن تمتص حجم الأعباء المالية الثقيلة التي تنهك كاهل الغزالة منذ سنوات، إلا أنها أثبتت نجاعتها بعد سنة من تفعيلها وأبرزها كان على مستوى التقليص من عدد الموظفين في نطاق الترشيد وغلق بعض المكاتب للشركة في عدد من البلدان والتي كانت تناهز حوالي 20 تمثيلية على غرار مكاتب بلغراد وفيانا ولبنان وكوتونو.. والاستغناء على المقرات المكلفة..

كما دخلت الشركة منعطفا مهما منذ سنتين تقريبا، أين استطاعت بفضل مسؤوليها أن تنفذ أولى خطوات خطتها الإصلاحية الخاصة بإعادة هيكلتها بالكامل، حتى تستعيد وتيرة نشاطها بعد أن فشلت الحكومات السابقة في إنقاذها، ومن أبرز بنود الخطة، تعزيز الأسطول عبر كراء طائرات جديدة، وخطة مرحلية لتسريح الموظفين لتعزيز قدرتها التنافسية التي تضررت بسبب شبهات فساد وسوء تسيير في إدارتها، فضلا عن تخفيف أكثر ما يمكن من العبء في نفقات التأجير..

كذلك ارتكزت الخطة التي يشرف على تنفيذها الرئيس المدير العام خالد الشلي على تعزيز الأسطول وتقليص التكاليف وإعادة تنظيم الشركة، فضلا عن تحسين جودة الخدمات خاصة على مستوى التموين، لتتمكن بالتالي الشركة من امتصاص جزء من المشاكل التي تواجهها لسنوات وعلى رأسها تجديد الأسطول ...

ومن أبرز المشاكل التي تعاني منها الشركة، ضعف الإمكانيات المالية مقابل ارتفاع كلفة شراء الطائرات أو صيانتها في وقت تسعى فيه الحكومة لإعادة هيكلة الشركات العمومية، فضلا عن معضلة ارتفاع كتلة الأجور بسبب ارتفاع الانتدابات ما بعد 2011 وهذا ما يجعل المؤسسة من أكثر المؤسسات المعنية بمسألة التدقيق في الانتدابات والتطهير..

ومع ذلك، مازالت الناقلة الوطنية تواجه أزمة حادة في التداين، بعد أن فاق حجم الديون الـ2200 مليون دينار، 1250 مليون دينار منها تجاه ديوان الطيران المدني والمطارات، والمبلغ المتبقي يتوزع بين ديون تجاه الدولة وأخرى من البنوك المحلية والأجنبية وكلها في شكل قروض، فضلا عن ديون المزودين..

وللأسف، بقيت الشركة تعاني من هذه الأزمة لتضاف إليها صعوبات أخرى على مستوى تعطل تنفيذ برامج إعادة الهيكلة وأبرزها برنامج التطهير المالي والاجتماعي الذي تعذّر المضي قدما في تطبيقه وهو الذي يعود إلى سنة 2014 وضخت له الدولة تمويلات بقيمة تناهز الـ51 مليون دينار بهدف تسريح 1700 عامل، وذلك بسبب الاختلاف في بعض التفاصيل بخصوص جرايات الضمان الاجتماعي لتبقى الوضعية على حالها الى اليوم..

وأمام ضعف تدخل الدولة لدعم الشركة، تبقى الحلول الآنية لتجاوز جزء هام من الصعوبات المالية التي تواجه الناقلة الوطنية باتجاه التقليص أكثر ما يمكن من الديون، متمثلة أساسا في الترفيع في رأس مال الشركة عن طريق تدخل الدولة بأخذ جزء من ديون الطيران المدني في ما بين 20 و25 بالمائة للمساهمة في رأس مال الشركة، مع إمكانية فتح المشاركة للخواص وموظفي الشركة والتونسيين بالخارج في المساهمة بجزء من الديون في رأس المال لإنقاذ المؤسسة..

وفاء بن محمد

بعد تحسن أدائها وارتفاع رقم معاملاتها..  الناقلة الجوية تتعافى.. وتحتاج الى دفع ملف إعادة هيكلتها للتخفيف من الأعباء المالية

 

-الترفيع في رأس مال الغزالة عن طريق تدخل الدولة من أهم الحلول الآنية لإنقاذها..

-انخفاض في حجم ديون الشركة بعد تسوية الآجال التعاقدية

- إلى غاية شهر جوان 2024، “الخطوط التونسية” تمتلك 34 طائرة قيد التشغيل

تونس-الصباح

بالرغم من الصعوبات التي مازالت تلازمها، برهنت الخطوط التونسية مرة أخرى أنها قادرة على امتصاص جزء من الأزمات التي حلت بها في السنوات الأخيرة، وهي التي تحقق اليوم زيادة في حجم عائداتها وتحسنا في أدائها حتى تسجل مؤخرا ارتفاعا في رقم معاملاتها  بنسبة 2,6 بالمائة لتصل إلى 694,536 مليون دينار ما بين عامي 2023 و2024 أي خلال النصف الأول من السنة الجارية، حسب مؤشرات نشاط الناقلة الوطنية التي نشرت منذ يومين..

 

مؤشرات إيجابية تقود الشركة إلى التعافي..

وسجلت الشركة، في الفترة من شهر جانفي إلى شهر جوان 2024، ارتفاعا في عدد المسافرين بنسبة 2 بالمائة، أي 1,173,948 راكبا مقارنة بـ1,151,193 راكبا في عام 2023، كما انخفض عامل الحمولة بمقدار 2.9 نقطة ليصل إلى 71.1 بالمائة في سنة 2024 في النصف الأول من السنة الجارية، مقارنة بـ74 بالمائة في نفس الفترة من عام 2023 ...

كذلك أظهرت المؤشرات تحسنا في الالتزام بالمواعيد معدل أقل من 15 دقيقة بمقدار 11 نقطة، لتبلغ 50 بالمائة حتى جوان 2024، مقارنة بـ39 بالمائة حتى جوان 2023، وبخصوص تطور النفقات بين النصف الأول من سنة 2024 وسنة 2023، تشير المؤشرات التي نشرتها "الخطوط التونسية" إلى ارتفاع نفقات الوقود بنسبة 8,2 بالمائة، لتنتقل من 194,710 م د إلى 210,759 م د، نتيجة ارتفاع حجم الاستهلاك 7.2 بالمائة وسعر البرميل 2.5 بالمائة وبالمثل، ارتفعت تكاليف الموظفين بنسبة 5,8 بالمائة بسبب الزيادات القانونية في الرواتب، لتنتقل من 97.406 م د في سنة 2023 إلى 103.018 م د في سنة 2024.

كما ارتفعت التكاليف المالية من 26.350 م د في النصف الأول من سنة 2023، إلى 24.389 م د خلال الفترة نفسها من سنة 2024.  أما في ما يتعلق بحجم ديون الشركة، فقد سجلت انخفاضا بعد تسوية الآجال التعاقدية، حيث بلغت 720.374 م د. وأخيراً، وحتى جوان 2024، تمتلك “الخطوط التونسية” 34 طائرة قيد الاشتغال.

الغزالة تنجح في امتصاص الأزمات

وبالرغم من كل الانتقادات التي طالت الغزالة في السنوات الأخيرة على مستوى تردي الخدمات وتدهور المناخ الاجتماعي، وكثرة الإضرابات في صفوف عمالها، إلا إنها استطاعت أن تتجاوز جزءا كبيرا من الصعوبات التي تواجهها والتي على رأسها عبء كتلة الأجور وارتفاع الديون المتراكمة، وانطلقت بخطوات ثابتة في تفعيل جزء كبير من إجراءات البرنامج الإصلاحي الذي رسمته منذ سنة 2014، والذي مازال في جزئه المتبقي يحتاج الى التسريع في تفعيله خاصة في القرارات التي بقيت معطلة إلى اليوم والتي تخص إعادة الهيكلة..

وعاب العديد من المراقبين في الساحة الوطنية تباطؤ الحكومة في تفعيل برنامج إعادة الهيكلة، إلا أن دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ شهر أفريل، سرعت في التعاطي مع هذا الملف واليوم، حسب تصريحات مسؤولي الحكومة، يعد برنامج إصلاح شركة الخطوط التونسية من أبرز الملفات التي تعمل الحكومة على متابعتها واستكمالها، تبعا لتعليمات رئيس الجمهورية الذي أكد خلال زيارة قام بها في شهر أفريل المنقضي  إلى مطار تونس قرطاج الدولي، على ضرورة أن يعود للخطوط الجوية التونسية بريقها، وضرورة تطهيرها خاصة بعدما أثبتت عمليات التدقيق أن ما يناهز 130 عونا وإطارا تم انتدابهم بشهائد مدلسة، فضلا عن المحاباة والانتدابات بالولاءات دون اعتماد الكفاءة والشهائد العلمية، حسب تعبيره..

لكن الشركة لم تقف مكتوفة الأيدي، وانطلقت بالمقابل في تنفيذ برامج إصلاحية أخرى، قد تبدو في ظاهرها بسيطة ولا يمكن أن تمتص حجم الأعباء المالية الثقيلة التي تنهك كاهل الغزالة منذ سنوات، إلا أنها أثبتت نجاعتها بعد سنة من تفعيلها وأبرزها كان على مستوى التقليص من عدد الموظفين في نطاق الترشيد وغلق بعض المكاتب للشركة في عدد من البلدان والتي كانت تناهز حوالي 20 تمثيلية على غرار مكاتب بلغراد وفيانا ولبنان وكوتونو.. والاستغناء على المقرات المكلفة..

كما دخلت الشركة منعطفا مهما منذ سنتين تقريبا، أين استطاعت بفضل مسؤوليها أن تنفذ أولى خطوات خطتها الإصلاحية الخاصة بإعادة هيكلتها بالكامل، حتى تستعيد وتيرة نشاطها بعد أن فشلت الحكومات السابقة في إنقاذها، ومن أبرز بنود الخطة، تعزيز الأسطول عبر كراء طائرات جديدة، وخطة مرحلية لتسريح الموظفين لتعزيز قدرتها التنافسية التي تضررت بسبب شبهات فساد وسوء تسيير في إدارتها، فضلا عن تخفيف أكثر ما يمكن من العبء في نفقات التأجير..

كذلك ارتكزت الخطة التي يشرف على تنفيذها الرئيس المدير العام خالد الشلي على تعزيز الأسطول وتقليص التكاليف وإعادة تنظيم الشركة، فضلا عن تحسين جودة الخدمات خاصة على مستوى التموين، لتتمكن بالتالي الشركة من امتصاص جزء من المشاكل التي تواجهها لسنوات وعلى رأسها تجديد الأسطول ...

ومن أبرز المشاكل التي تعاني منها الشركة، ضعف الإمكانيات المالية مقابل ارتفاع كلفة شراء الطائرات أو صيانتها في وقت تسعى فيه الحكومة لإعادة هيكلة الشركات العمومية، فضلا عن معضلة ارتفاع كتلة الأجور بسبب ارتفاع الانتدابات ما بعد 2011 وهذا ما يجعل المؤسسة من أكثر المؤسسات المعنية بمسألة التدقيق في الانتدابات والتطهير..

ومع ذلك، مازالت الناقلة الوطنية تواجه أزمة حادة في التداين، بعد أن فاق حجم الديون الـ2200 مليون دينار، 1250 مليون دينار منها تجاه ديوان الطيران المدني والمطارات، والمبلغ المتبقي يتوزع بين ديون تجاه الدولة وأخرى من البنوك المحلية والأجنبية وكلها في شكل قروض، فضلا عن ديون المزودين..

وللأسف، بقيت الشركة تعاني من هذه الأزمة لتضاف إليها صعوبات أخرى على مستوى تعطل تنفيذ برامج إعادة الهيكلة وأبرزها برنامج التطهير المالي والاجتماعي الذي تعذّر المضي قدما في تطبيقه وهو الذي يعود إلى سنة 2014 وضخت له الدولة تمويلات بقيمة تناهز الـ51 مليون دينار بهدف تسريح 1700 عامل، وذلك بسبب الاختلاف في بعض التفاصيل بخصوص جرايات الضمان الاجتماعي لتبقى الوضعية على حالها الى اليوم..

وأمام ضعف تدخل الدولة لدعم الشركة، تبقى الحلول الآنية لتجاوز جزء هام من الصعوبات المالية التي تواجه الناقلة الوطنية باتجاه التقليص أكثر ما يمكن من الديون، متمثلة أساسا في الترفيع في رأس مال الشركة عن طريق تدخل الدولة بأخذ جزء من ديون الطيران المدني في ما بين 20 و25 بالمائة للمساهمة في رأس مال الشركة، مع إمكانية فتح المشاركة للخواص وموظفي الشركة والتونسيين بالخارج في المساهمة بجزء من الديون في رأس المال لإنقاذ المؤسسة..

وفاء بن محمد