إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من وحي اللحظة.. ظاهرة عامة

 

وصلتنا أصداء غير مشجعة حول نوعية تلقي الجمهور للفيلم المصري الجديد "اهل الكهف " الذي اخرجه عمرو عرفة وكتب السيناريو بهجت قمر وتقمص عدد هام من الممثلين المحترفين أدوار البطولة ونذكر من بينهم خالد النبوي ومحمود حميدة ومحمد ممدوح وغادة عادل ومصطفى فهمي واحمد عيد وهاجر مصطفى وبيومي فؤاد وغيرهم. ويعتبر هذا الفيلم من الأعمال السينمائية المصرية الضخمة وذلك رغم صعوبات الإنتاج التي جعلت عملية التصوير تتوقف في عدة مناسبات.

ويبدو ان " اهل الكهف" لم يحظ بإقبال كبير وهو يأتي، وفق تقاريرإعلامية مصرية، في المرتبة الأخيرة من حيث الايرادات التي كانت وفق نفس المصادر اقل بكثير من المتوقع وهي بالخصوص أقل بكثير من الإيرادات التي حققتها أفلام أخرى لا تضاهيه من حيث المضمون الهادف وقوة المشاهد. ولدى اطلاعنا على النصوص النقدية حول الفيلم لاحظنا وجود اجماع حول الإخراج الجيد والمشاهد التي تكتسي جمالية ملفتة والموسيقى التصويرية دون ان ننسى  قيمة الاحداث المستلهمة من مسرحية للكاتب المصري الكبير توفيق الحكيم التي كان قد أصدرها في بداية الثلاثينات من القرن الماضي.

الاحداث تدور حول قصة اهل الكهف المثيرة للفضول، والتي ماتزال كذلك الى اليوم، وقد رواها القرآن الكريم بتشويق كبير. وقصة اهل الكهف العجيبة تهم مجموعة من الفتية لا يعرف عددهم بالتحديد (خمسة أو سبعة او غير ذلك، الى جانب كلبهم) كانوا قد لجؤوا الى كهف هروبا من الحاكم الطاغية-كان ذلك زمن بداية نشر الدين المسيحي- وكتب للفتية ان يناموا ثلاثة قرون ليخرجوا بعدها من عزلتهم وتكون المفاجأة في انتظارهم. لقد تغير العالم من حولهم وصاروا في زمان غير زمانهم.

وقد فهمنا من الاصداء حول الفيلم الجديد الذي صنف ضمن الاعمال السينمائية الملحمية، ان المؤلف قد تعامل مع النص بتصرف جعله يضيف شخصيات وغيّر مسار شخصيات أخرى وقد قوبلت المعالجة المستحدثة للقصة بمواقف تتراوح بين الترحيب والرفض، لكن الواضح اننا إزاء عمل ضخم ونادر في المدونة السينمائية العربية.

وللوهلة الأولى نستغرب كيف لا يجد فيلما بهذه القيمة حظوة لدى الجمهور في حين نجد أفلاما اقل منه كثيرا على مستوى الصنعة والحرفية وجمالية الصورة وقوة المشاهد وعلى مستوى المضمون أيضا، قبلة الجماهير وتحقق إيرادات ضخمة. لكن الواقع يفرض علينا ان نستدرك وان نقر بأن ما يحدث طبيعي في زمن انتشرت فيه الرداءة وانقلبت الأدوار فأصبح الرديء يحتل الصدارة ويقبع كل ما هو جدي في قاع القاع أحيانا.

لقد تحولنا الى مجتمعات مسطحة التفكير تميل نحو الاعمال الخفيفة التي لا تستفز التفكير ولا تدفعها لطرح الأسئلة. نحن مجتمعات لا تريد ان تثقل على نفسها بالأفكار التي يمكن ان تخلق فيها حيرة أو تدفعها لإعادة النظر في المسلمات أو تجعلها تراجع بعض الأمور. وطبيعي ان ترحب مثل هذه المجتمعات بما يعرف بأفلام الأعياد التي يطرحها أصحابها في القاعات لغايات تجارية ربحية بحتة. والمسألة لا تتعلق بمصر لوحدها وإنما هي ظاهرة عربية عامة، حيث يعيش المبدع الحقيقي في ضيق في حين تفتح الأبواب امام كل من ينشر الرداءة ويبشر بعصر التفاهة. والأمر كذلك حتى أنه وفق ما وصلنا من أصداء عن " اهل الكهف"، فإن الفيلم مهدد بالسحب من القاعات بسبب قلة الإيرادات. والأتعس من ذلك ما تم التلميح اليه من ان المسألة غير عفوية وان الفيلم ربما يكون ضحية المنافسة غير النزيهة. يعني، لا يكفي انهم ينشرون الرداءة ويتحكمون في السوق، وانما ينفذون خطة بصفر أخطاء. فهم يتصدون حتى للقلة القليلة التي تختار شيئا مختلفا، ويصدونها عنه ولو بالقوة.

القضية طبعا ليست مجرد اختيار فيلم لمشاهدته وإنما هي اهم من ذلك بكثير.

حياة السايب  

من وحي اللحظة..   ظاهرة عامة

 

وصلتنا أصداء غير مشجعة حول نوعية تلقي الجمهور للفيلم المصري الجديد "اهل الكهف " الذي اخرجه عمرو عرفة وكتب السيناريو بهجت قمر وتقمص عدد هام من الممثلين المحترفين أدوار البطولة ونذكر من بينهم خالد النبوي ومحمود حميدة ومحمد ممدوح وغادة عادل ومصطفى فهمي واحمد عيد وهاجر مصطفى وبيومي فؤاد وغيرهم. ويعتبر هذا الفيلم من الأعمال السينمائية المصرية الضخمة وذلك رغم صعوبات الإنتاج التي جعلت عملية التصوير تتوقف في عدة مناسبات.

ويبدو ان " اهل الكهف" لم يحظ بإقبال كبير وهو يأتي، وفق تقاريرإعلامية مصرية، في المرتبة الأخيرة من حيث الايرادات التي كانت وفق نفس المصادر اقل بكثير من المتوقع وهي بالخصوص أقل بكثير من الإيرادات التي حققتها أفلام أخرى لا تضاهيه من حيث المضمون الهادف وقوة المشاهد. ولدى اطلاعنا على النصوص النقدية حول الفيلم لاحظنا وجود اجماع حول الإخراج الجيد والمشاهد التي تكتسي جمالية ملفتة والموسيقى التصويرية دون ان ننسى  قيمة الاحداث المستلهمة من مسرحية للكاتب المصري الكبير توفيق الحكيم التي كان قد أصدرها في بداية الثلاثينات من القرن الماضي.

الاحداث تدور حول قصة اهل الكهف المثيرة للفضول، والتي ماتزال كذلك الى اليوم، وقد رواها القرآن الكريم بتشويق كبير. وقصة اهل الكهف العجيبة تهم مجموعة من الفتية لا يعرف عددهم بالتحديد (خمسة أو سبعة او غير ذلك، الى جانب كلبهم) كانوا قد لجؤوا الى كهف هروبا من الحاكم الطاغية-كان ذلك زمن بداية نشر الدين المسيحي- وكتب للفتية ان يناموا ثلاثة قرون ليخرجوا بعدها من عزلتهم وتكون المفاجأة في انتظارهم. لقد تغير العالم من حولهم وصاروا في زمان غير زمانهم.

وقد فهمنا من الاصداء حول الفيلم الجديد الذي صنف ضمن الاعمال السينمائية الملحمية، ان المؤلف قد تعامل مع النص بتصرف جعله يضيف شخصيات وغيّر مسار شخصيات أخرى وقد قوبلت المعالجة المستحدثة للقصة بمواقف تتراوح بين الترحيب والرفض، لكن الواضح اننا إزاء عمل ضخم ونادر في المدونة السينمائية العربية.

وللوهلة الأولى نستغرب كيف لا يجد فيلما بهذه القيمة حظوة لدى الجمهور في حين نجد أفلاما اقل منه كثيرا على مستوى الصنعة والحرفية وجمالية الصورة وقوة المشاهد وعلى مستوى المضمون أيضا، قبلة الجماهير وتحقق إيرادات ضخمة. لكن الواقع يفرض علينا ان نستدرك وان نقر بأن ما يحدث طبيعي في زمن انتشرت فيه الرداءة وانقلبت الأدوار فأصبح الرديء يحتل الصدارة ويقبع كل ما هو جدي في قاع القاع أحيانا.

لقد تحولنا الى مجتمعات مسطحة التفكير تميل نحو الاعمال الخفيفة التي لا تستفز التفكير ولا تدفعها لطرح الأسئلة. نحن مجتمعات لا تريد ان تثقل على نفسها بالأفكار التي يمكن ان تخلق فيها حيرة أو تدفعها لإعادة النظر في المسلمات أو تجعلها تراجع بعض الأمور. وطبيعي ان ترحب مثل هذه المجتمعات بما يعرف بأفلام الأعياد التي يطرحها أصحابها في القاعات لغايات تجارية ربحية بحتة. والمسألة لا تتعلق بمصر لوحدها وإنما هي ظاهرة عربية عامة، حيث يعيش المبدع الحقيقي في ضيق في حين تفتح الأبواب امام كل من ينشر الرداءة ويبشر بعصر التفاهة. والأمر كذلك حتى أنه وفق ما وصلنا من أصداء عن " اهل الكهف"، فإن الفيلم مهدد بالسحب من القاعات بسبب قلة الإيرادات. والأتعس من ذلك ما تم التلميح اليه من ان المسألة غير عفوية وان الفيلم ربما يكون ضحية المنافسة غير النزيهة. يعني، لا يكفي انهم ينشرون الرداءة ويتحكمون في السوق، وانما ينفذون خطة بصفر أخطاء. فهم يتصدون حتى للقلة القليلة التي تختار شيئا مختلفا، ويصدونها عنه ولو بالقوة.

القضية طبعا ليست مجرد اختيار فيلم لمشاهدته وإنما هي اهم من ذلك بكثير.

حياة السايب