لا شك أن هجرة الأدمغة تعود بالمضار على الدول النامية والمصدرة لهذه المهارات، فبمغادرة العلماء والأطباء والمهندسين، تفتقد الدول المكونة للعقول. مما يؤثر سلبا على تطورها ونموها وتونس واحدة من هذه البلدان التي شهدت هجرة مكثفة للكفاءات والعقول مما ينذر بالخطر ويهدد المسار العلمي والمعرفي وحتى مستقبل الأجيال القادمة. حيث كشفت نتائج دراسة نشرها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، بداية شهر جويلية الحالي، بعنوان "هجرة الأدمغة من بين المهندسين في تونس: الأسباب والعواقب ومقترحات للسياسات الاقتصادية"، أن هجرة المهندسين تمثل تهديدا حقيقيا لنمو البلاد، حيث يغادر حوالي 3000 مهندس سنويا تونس، وهذا يستدعي مراجعة عديد المنظومات وتشخيص أدق تفاصيل أسباب مغادرتهم البلاد، لأنه لا يمكن الجزم بأن السبب الوحيد لهجرة هذه الأدمغة مادي فقط، بل هناك عوامل أخرى منها عدم تكافؤ الفرص والوضع العام اقتصاديا واجتماعيا تحديدا.. بالإضافة إلى وضعية المؤسسات وخاصة العمومية التي لا تحفز على العمل .
والمؤكد أن المؤسسات العمومية خاصة تشكو عديد النقائص الهيكلية.. وتمر بظروف صعبة على جميع المستويات مثل المستشفيات التي تشكو نقص التجهيزات ونقصا ملحوظا في الزاد البشري إضافة إلى غياب طب الاختصاص في المناطق الداخلية مقابل غياب التشريعات التي تضمن انتفاع كل مناطق الجمهورية بالخدمات الصحية ككل ومنها تحديدا طب الاختصاص.. لأن الأطباء يتلقون عديد الإغراءات للعمل بالخارج وتفتح أمامهم آفاق رحبة على جميع المستويات مثلهم مثل المهندسين والمنتمين لقطاع تكنولوجيات الاتصال والمعلوماتية.. إلا أن هذا الاستنزاف للثروة البشرية النوعية، خصوصا في مجالات الطب والهندسة والتكنولوجيا، الذي فاقمته الأزمات الاجتماعية والاقتصادية للتونسيين سيتسع أكثر وستكبر المعضلة بسبب الانعكاسات السلبية لهجرة الأدمغة.
تداعيات هجرة الأدمغة عديدة. فكل كفاءة علمية أو مهنية لها كلفتها التاريخية والعلمية والمادية التي تكبدتها المجموعة الوطنية ويحصل عليها بلد المهجر جاهزة لتكون عماد مؤسساته العلمية والمهنية ورافد تطوره وتقدمه، لذلك اعتبرت دراسة المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية أن معدل الهجرة المثير للقلق للمهندسين التونسيين، يؤثر بشدة على "التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد واستدامة نموذجها الاقتصادي وقدرتها التنافسية الدولية ويحدّ من قدرتها على تحقيق انتقالها الطاقي والرقمي والبيئي".
والمؤكد أن نزيف هجرة الأدمغة يحتاج تحركا سريعا على أساس تشخيص جدي للأزمة وللأسباب وللواقع، يقوم على المصارحة والشفافية، حتى يتم إيجاد حلول عملية وقابلة للتطبيق لمحاولة الحد مما يشبه "الهجرة الجماعية" للأدمغة التي صرفت البلاد الكثير على تكوينها وتعليمها، حتى تعيد ولو القليل من فضل البلاد عليها، لكن شريطة توفير ظروف العمل الملائمة من حيث الأجواء والتجهيزات والفضاءات التي تليق بها من أجل الاستفادة من خبراتها، فالأدمغة والكفاءات التونسية ثروة مهدورة والوضع الاجتماعي والاقتصادي يغذي أسباب هجرتها.. وبعدها يزيد الوضع حدة لأن في غيابها تغيب التنمية وكل مظاهر النمو والتقدم مقابل اتساع الهوة اقتصاديا وصناعيا وحتى اجتماعيا مع بلدان المهجر التي استقبلت هذه الأدمغة فقد بينت الدراسات أن تأثيرات هذه الهجرة لا تقتصر على الأجيال الحالية، بل أيضا من شأن هذه التأثيرات أن تنتقل إلى الأجيال القادمة .
عبدالوهاب الحاج علي
لا شك أن هجرة الأدمغة تعود بالمضار على الدول النامية والمصدرة لهذه المهارات، فبمغادرة العلماء والأطباء والمهندسين، تفتقد الدول المكونة للعقول. مما يؤثر سلبا على تطورها ونموها وتونس واحدة من هذه البلدان التي شهدت هجرة مكثفة للكفاءات والعقول مما ينذر بالخطر ويهدد المسار العلمي والمعرفي وحتى مستقبل الأجيال القادمة. حيث كشفت نتائج دراسة نشرها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، بداية شهر جويلية الحالي، بعنوان "هجرة الأدمغة من بين المهندسين في تونس: الأسباب والعواقب ومقترحات للسياسات الاقتصادية"، أن هجرة المهندسين تمثل تهديدا حقيقيا لنمو البلاد، حيث يغادر حوالي 3000 مهندس سنويا تونس، وهذا يستدعي مراجعة عديد المنظومات وتشخيص أدق تفاصيل أسباب مغادرتهم البلاد، لأنه لا يمكن الجزم بأن السبب الوحيد لهجرة هذه الأدمغة مادي فقط، بل هناك عوامل أخرى منها عدم تكافؤ الفرص والوضع العام اقتصاديا واجتماعيا تحديدا.. بالإضافة إلى وضعية المؤسسات وخاصة العمومية التي لا تحفز على العمل .
والمؤكد أن المؤسسات العمومية خاصة تشكو عديد النقائص الهيكلية.. وتمر بظروف صعبة على جميع المستويات مثل المستشفيات التي تشكو نقص التجهيزات ونقصا ملحوظا في الزاد البشري إضافة إلى غياب طب الاختصاص في المناطق الداخلية مقابل غياب التشريعات التي تضمن انتفاع كل مناطق الجمهورية بالخدمات الصحية ككل ومنها تحديدا طب الاختصاص.. لأن الأطباء يتلقون عديد الإغراءات للعمل بالخارج وتفتح أمامهم آفاق رحبة على جميع المستويات مثلهم مثل المهندسين والمنتمين لقطاع تكنولوجيات الاتصال والمعلوماتية.. إلا أن هذا الاستنزاف للثروة البشرية النوعية، خصوصا في مجالات الطب والهندسة والتكنولوجيا، الذي فاقمته الأزمات الاجتماعية والاقتصادية للتونسيين سيتسع أكثر وستكبر المعضلة بسبب الانعكاسات السلبية لهجرة الأدمغة.
تداعيات هجرة الأدمغة عديدة. فكل كفاءة علمية أو مهنية لها كلفتها التاريخية والعلمية والمادية التي تكبدتها المجموعة الوطنية ويحصل عليها بلد المهجر جاهزة لتكون عماد مؤسساته العلمية والمهنية ورافد تطوره وتقدمه، لذلك اعتبرت دراسة المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية أن معدل الهجرة المثير للقلق للمهندسين التونسيين، يؤثر بشدة على "التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد واستدامة نموذجها الاقتصادي وقدرتها التنافسية الدولية ويحدّ من قدرتها على تحقيق انتقالها الطاقي والرقمي والبيئي".
والمؤكد أن نزيف هجرة الأدمغة يحتاج تحركا سريعا على أساس تشخيص جدي للأزمة وللأسباب وللواقع، يقوم على المصارحة والشفافية، حتى يتم إيجاد حلول عملية وقابلة للتطبيق لمحاولة الحد مما يشبه "الهجرة الجماعية" للأدمغة التي صرفت البلاد الكثير على تكوينها وتعليمها، حتى تعيد ولو القليل من فضل البلاد عليها، لكن شريطة توفير ظروف العمل الملائمة من حيث الأجواء والتجهيزات والفضاءات التي تليق بها من أجل الاستفادة من خبراتها، فالأدمغة والكفاءات التونسية ثروة مهدورة والوضع الاجتماعي والاقتصادي يغذي أسباب هجرتها.. وبعدها يزيد الوضع حدة لأن في غيابها تغيب التنمية وكل مظاهر النمو والتقدم مقابل اتساع الهوة اقتصاديا وصناعيا وحتى اجتماعيا مع بلدان المهجر التي استقبلت هذه الأدمغة فقد بينت الدراسات أن تأثيرات هذه الهجرة لا تقتصر على الأجيال الحالية، بل أيضا من شأن هذه التأثيرات أن تنتقل إلى الأجيال القادمة .