إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالبنط العريض.. العالم "بين قمتين"


في وقت بدأت فيه دول آسيا الوسطى اجتماعا على مستوى قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" التي تقام في كازاخستان بمشاركة دول عدة تقيم علاقات متوترة مع الغرب تحت عنوان كبير يروج له الرئيسان الروسي فلادمير بوتين والصيني تشي جينغ بينغ وهو الدعوة لـ"نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب"، يعقد "الحلف الآخر" –حلف الشمال الأطلسي- "الناتو" قمته في العاصمة الأمريكية واشنطن تحت عديد الشعارات والعناوين تشير جلها إلى تحد واحد وهو احتواء "خطر" الذي تمثله روسيا والصين على الأحادية القطبية التي تمثلها الولايات المتحدة ومن ورائها الغرب متمثلا بالخصوص في حلف الشمال الأطلسي.
وتعقد هاتان القمتان في وقت يعيش فيه العالم مرحلة من "المعارك السياسية" التي حتمتها الدعوات لانتخابات تشريعية ورئاسية، أبرزت صعود اليمين المتطرف في كثير من الدول، وأبرزها في دول "الضفة الأخرى من الأطلسي"، والتي ترفع شعارات شعبوية وسيادوية تسبق البناء الداخلي للدولة على حساب التكتلات الإقليمية والتي ترفع شعار "أنا قبل الآخر".
وبالرغم من قدرة المؤسسات الوحدوية لدى الغرب في احتواء الخطاب السياسي لبعض أحزاب اليمين المتطرف في الفضاء الوحدوي مثل الذي حصل مع جورجيا ميلوني وحزبها "إخوة إيطاليا" في السنتين الأخيرتين، إلا أن تصاعد صعود التيارات اليمينية المتطرفة في دول أوروبا الغربية –التي تمثل قاطرة الاتحاد الأوروبي- قد يعجل بترك الأجندات الاتحادية لصالح الأجندات الوطنية القومية بالنسبة للدول الأوروبية، وبالتحديد ما تمثله الحرب الروسية على أوكرانيا من رهانات سياسية بالنسبة للأنظمة السياسية الحاكمة في أوروبا في السنيتين الماضيتين وحتمت اشتعال الأسعار والغرق في مشاكل اقتصادية غير محصورة (بالأخص مع غلاء أسعار الطاقة بعد انسحاب دول أوروبا من شراء الغاز من روسيا)، حتمت توجه الناخب الأوروبي نحو اليمين المتطرف الذي عزف على أوتار الأزمة، وقدم حلولا أبرزها انهاء الحرب في أوكرانيا وإعادة ترتيب الأوراق مع الكرملين (الرئاسة الروسية).
وعلى الأقل هذا هو النهج هو الذي اتخذه رئيس وزراء المجر (أحد أعضاء الناتو) في علاقته بالأزمة الأوكرانية منذ بداياتها.
فأوربان، لم يلغ علاقاته مع روسيا، بل حافظ عليها –من منطلق براغماتي وهو أن روسيا توفر للمجر أكثر حاجياتها من الطاقة- وأخذ يبحث عن دور أكبر له في السياسة الأوروبية وآخرها توجهه لكييف لعرض "معادلة سلام" على الرئيس الأوكراني فولودومير زيلنسكي.
ويبدو أن هذه الزيارة، الأولى من نوعها لأوربان، قد تتكرر مستقبلا من "الزعماء الجدد" للدول الأوروبية إلى كييف، لتحمل له نفس الرسائل والدعوات لعقد سلام بين أوكرانيا وروسيا، والذي لا يمكن أن يتم إلا على أسس الشروط الروسية التي أعادها بوتين مرارا وتكرارا: عدم انضمام أوكرانيا لحلف الشمال الأطلسي والتفاوض على ما حققته روسيا على الأرض من تقدم عسكري.
وعلى الأقل قد تكون هذه الصفقة التي سيحاول الرئيس السابق للولايات المتحدة والمترشح الحالي للسباق الرئاسي الأمريكي تمريرها إذا ما وصل للسلطة، خصوصا وأنه يرى في زيلنسكي مجرد "بائع جيد يتحصل على المال بطريقة سهلة".
نزار مقني

بالبنط العريض..  العالم "بين قمتين"


في وقت بدأت فيه دول آسيا الوسطى اجتماعا على مستوى قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" التي تقام في كازاخستان بمشاركة دول عدة تقيم علاقات متوترة مع الغرب تحت عنوان كبير يروج له الرئيسان الروسي فلادمير بوتين والصيني تشي جينغ بينغ وهو الدعوة لـ"نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب"، يعقد "الحلف الآخر" –حلف الشمال الأطلسي- "الناتو" قمته في العاصمة الأمريكية واشنطن تحت عديد الشعارات والعناوين تشير جلها إلى تحد واحد وهو احتواء "خطر" الذي تمثله روسيا والصين على الأحادية القطبية التي تمثلها الولايات المتحدة ومن ورائها الغرب متمثلا بالخصوص في حلف الشمال الأطلسي.
وتعقد هاتان القمتان في وقت يعيش فيه العالم مرحلة من "المعارك السياسية" التي حتمتها الدعوات لانتخابات تشريعية ورئاسية، أبرزت صعود اليمين المتطرف في كثير من الدول، وأبرزها في دول "الضفة الأخرى من الأطلسي"، والتي ترفع شعارات شعبوية وسيادوية تسبق البناء الداخلي للدولة على حساب التكتلات الإقليمية والتي ترفع شعار "أنا قبل الآخر".
وبالرغم من قدرة المؤسسات الوحدوية لدى الغرب في احتواء الخطاب السياسي لبعض أحزاب اليمين المتطرف في الفضاء الوحدوي مثل الذي حصل مع جورجيا ميلوني وحزبها "إخوة إيطاليا" في السنتين الأخيرتين، إلا أن تصاعد صعود التيارات اليمينية المتطرفة في دول أوروبا الغربية –التي تمثل قاطرة الاتحاد الأوروبي- قد يعجل بترك الأجندات الاتحادية لصالح الأجندات الوطنية القومية بالنسبة للدول الأوروبية، وبالتحديد ما تمثله الحرب الروسية على أوكرانيا من رهانات سياسية بالنسبة للأنظمة السياسية الحاكمة في أوروبا في السنيتين الماضيتين وحتمت اشتعال الأسعار والغرق في مشاكل اقتصادية غير محصورة (بالأخص مع غلاء أسعار الطاقة بعد انسحاب دول أوروبا من شراء الغاز من روسيا)، حتمت توجه الناخب الأوروبي نحو اليمين المتطرف الذي عزف على أوتار الأزمة، وقدم حلولا أبرزها انهاء الحرب في أوكرانيا وإعادة ترتيب الأوراق مع الكرملين (الرئاسة الروسية).
وعلى الأقل هذا هو النهج هو الذي اتخذه رئيس وزراء المجر (أحد أعضاء الناتو) في علاقته بالأزمة الأوكرانية منذ بداياتها.
فأوربان، لم يلغ علاقاته مع روسيا، بل حافظ عليها –من منطلق براغماتي وهو أن روسيا توفر للمجر أكثر حاجياتها من الطاقة- وأخذ يبحث عن دور أكبر له في السياسة الأوروبية وآخرها توجهه لكييف لعرض "معادلة سلام" على الرئيس الأوكراني فولودومير زيلنسكي.
ويبدو أن هذه الزيارة، الأولى من نوعها لأوربان، قد تتكرر مستقبلا من "الزعماء الجدد" للدول الأوروبية إلى كييف، لتحمل له نفس الرسائل والدعوات لعقد سلام بين أوكرانيا وروسيا، والذي لا يمكن أن يتم إلا على أسس الشروط الروسية التي أعادها بوتين مرارا وتكرارا: عدم انضمام أوكرانيا لحلف الشمال الأطلسي والتفاوض على ما حققته روسيا على الأرض من تقدم عسكري.
وعلى الأقل قد تكون هذه الصفقة التي سيحاول الرئيس السابق للولايات المتحدة والمترشح الحالي للسباق الرئاسي الأمريكي تمريرها إذا ما وصل للسلطة، خصوصا وأنه يرى في زيلنسكي مجرد "بائع جيد يتحصل على المال بطريقة سهلة".
نزار مقني