إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مهاجر غير شرعي يروي رحلة المتاعب: لن أنسى المعاناة في الغابات الصربية واستقريت بمرسيليا الفرنسية

أحيانا يكون الحديث عن رحلة المتاعب لمهاجر غير شرعي بمثابة فيلم مثير لما تتضمنه من احداث ومعاناة ومغامرات ، هذا ما سرده المهاجر صالح ورفلي وهو يحمد الله على وصوله الى مرسيليا بعد رحلة مليئة بالمشاق في الغابات الصربية وغيرها.

لم يدر بخلدي يوما مغادرة حضن العائلة و التوجه نحو بلد لا أعرف عنه شيئا سوى أنه بلد يحلم به كل شاب في سني.

يوم 18 أكتوبر 2022 داهمتني الوساوس و وردت على نفسي خواطر تحثني على الرحيل ووجدت نفسي متأبطا حقيبتي متوجها نحو العاصمة تونس.

همت على وجهي و جبت البلاد طولا و عرضا لأحط الرحال في النهاية بمدينة الكرم و هنا بدأت فكرة الحرقة تراودني.

لم أكن أعرف الكرم و لا أهل الكرم ومع ذلك كنت أسأل البعض ممن يعترضني عن وكالة أسفار إلى أن عثرت على ضالتي و اقتطعت تذكرة إلى تركيا بسبعة ايام ذهابا و إيابا على أن تكون الرحلة بعد 5 أيام أي يوم 23 أكتوبر 2022 و بحكم أن موعد السفر لم يحن بعد قفلت عائدا إلى مسقط رأسي لأعلم العائلة وأودعها.

يوم 22 اكتوبر جهزت نفسي ثم شددت الرحال نحو العاصمة و بت ليلتي بمنزل عمتي ومن الغد اصطحبني ابنها إلى المطار لأتفاجأ بوجود عائلتي و قد سبقتني للمطار لتوديعي.

جاء موعد الرحيل فركبت لأول مرة في حياتي هربت من حضن العائلة نحو وجهة لا أعرف عنها شيئا.

وصلنا مطار اسطنبول بتركيا فهالني ما رأت عيناي.

لم أفهم شيئا،لا أعرف البلد و لا لغة البلد.

ماذا عساي أفعل حتى الأنترنات مقطوعة عن هاتفي.

النزل الذي سأنزل به بعيد عن عالمنا  المطار مسافة ساعة و نصف الساعة.

حاولت فك طلاسم هذا البلد لكن اللغة كانت تعوزني إلى أن وضع القدر في طريقي شابا جزائريا (تحية إلى شعب الجزائر العظيم) دلني ثم أركبني الحافلة نحو تقاسيم ميدان أين يوجد النزل الذي سأقيم به.

حال ولوجي الغرفة رميت حقيبتي جانبا و بقيت ردحا من الوقت أفكر في المرحلة الثانية من السفرة نحو صربيا ثم خلدت إلى نومة عميقة.

من الغد خرجت بحثا عن وكالة أسفار لإقتطاع تذكرة نحو صربيا

بحثت هنا و هناك إلى أن عثرت على مكتب طيران تعمل به تونسية بمعية زوجها فطلبت مني ترك الجواز لديها مع مبلغ مالي كتسبقة لثمن التذكرة و العودة للنزل على أن تتصل بي حال تواجد مقعد بأول سفرة  لكني تعللت بعدم توصلي بالأموال من العائلة و خرجت للتو عائدا إلى غرفتي بالنزل..

من الغد همت على وجهي بحثا عن مكتب آخر فاعترض طريقي بعض الشباب استوقفتهم  و كانوا من أبناء جلدتي لينشرح صدري فقصصت على مسامعهم قصتي فاتضح و أنهم هم الآخرون يريدون السفر إلى صربيا و كانوا تعاملوا مع نفس الوكالة التي زرتها قبل يوم و أن السيدة التونسية التي تعمل هناك ماهي إلا متحيلة و قد لهفت أموالهم و أموال آخرين و هم إلى اليوم يجوبون شوارع تركيا منذ شهر و نصف يبيتون للعراء فحمدت اللّٰه أني لم أقع في فخ هذه المتحيلة.

كانت تقريبا كل الوكالات التي زرتها ترفض قطع تذاكر للأجانب الذين يريدون السفر إلى صربيا إلى حين ساق لي القدر وكالة لصاحبها أردني فرحب بي حين علم أني تونسي و لم يستغلني و اقتطع لي تذكرة بثمن معقول و مقبول لأطير يوم 31 اكتوبر نحو صربيا و عند الوصول للديوانة وجدت جحافل من النساء و الشباب معظمهم تونسيون إن لم يكونوا كلهم و قد إستوقفهم أعوان الديوانة رافضين دخولهم الأراضي الصربية و هم في إنتظار إعادتهم على أعقابهم من حيث جاؤوا و قد علمت من أحدهم أن كل التوانسة مرفوضين من دخول صربيا حينها زادت مخاوفي من أن يرفض طلب دخولي و تذهب أتعابي أدراج الرياح فدعوت اللّٰه أن ييسر طريقي و دفعت بالجواز للتأشير عليه،نظرت المراقبة مليا في وجهي ثم ختمت على الجواز و أعطتني إشارة المرور خصوصا و أنها رفضت قبلي قرابة الأربعين نفرا حينها تنفست الصعداء و خرجت و كان الجو باردا.

من جديد وجدت  نفسي على أرض لا أهل و لا لغة، استوقفت سيارة تاكسي ليوصلني السائق للنزل الذي حجزت به لأصله مع تمام منتصف النهار، بحثت عن جواز سفري لأستظهر به لعون الإستقبال لكني لم أعثر له على أثر،لقد نسيته على مقعد سيارة الأجرة.

بقيت من منتصف ذلك اليوم إلى حدود الرابعة مساء مهموما منهوكا حائرا في أمري أجر حقيبتي إلى أن أعياني المسير و يئست من العثور على جوازي و عدت للنزل أحاول مع العون إلى حين قدم ذلكم السائق و في يده الجواز و من الفرحة ارتميت في حضنه و عانقته طويلا .

بت ليلتي هناك و من الغد خرجت أبحث عن مهرب يكنى ب "كازاوي" كنت تحصلت على رقم هاتفه من أحد الأشخاص و اتصلت به للتنسيق معه في كل الأمور فطلب مني الإقامة بنزل ثان قريبا من مكان تواجده حتى يسهل لي التنقل في اليوم الموعود.

قضيت ليلتي الأولى بالنزل الجديد و من الغد الثامنة ليلا طلب مني التهيؤ للخروج.

كان معي شخص ثان هو الآخر تونسي ، طلبنا سيارة أجرة و غادرنا النزل إلى حيث طلب منا،مررنا بمكان ثان به 08 أنفار مغاربة كانوا في انتظارنا،نزلنا  ثم واصلنا جميعنا المسير على الأقدام ما يزيد عن الخمس كيلومترات وسط غابة كثيفة لنصل بعد إرهاق كبير إلى جماعة الكازاوي الذين يديرون شؤونه.

تحدثنا إليهم فأخذونا إلى العرف و بعد أن سلمناه ثمن الحرقة أمدنا بخيم لنقضي بها ليلتنا قبل أن يعلمنا بموعد الخروج وهو الرابعة صباحا لكن بعد ردح من الوقت جاءنا أحد أعضاده  ليعلمنا بتقديم موعد الخروج إلى منتصف الليل.

في الوقت المحدد خرجنا و كنا 35 نفرا،منا حوامل و صغار،أركبنا تباعا في سفينة (10 أشخاص في كل مرة) و شققنا واد كبير لنجد في انتظارنا بالضفة الأخرى مجموعة منهم شخص تونسي يدعى boss من مجموعة الكازاوي،شرح لنا كيفية المرور و اتباع نصائح guide الذي سيأخذنا مسافة 20 كيلومترا على الأقدام.

سرنا حوالي ساعة ثم ركبنا مجددا سفينة لنقطع واد ثان بعدها واصلنا المسير على الأقدام ما يناهز الساعتين  لنتفاجأ بغلق الممر من قبل سيارة جيش فخيرنا الguide بين المواصلة عبر ممر ثان أو العودة من حيث إنطلقنا خصوصا و أن الممر الثاني أبعد بكثير فلم نمانع من المواصلة و سلك طريق ثان.

كنا مرهقين،مرة نركض و مرة نسرع الخطى و لا تسل عن الحوامل،تعبن كثيرا و تخلفن كثيرا و كن يستغثن ألا تتركونا لكن في تلك اللحظة كان هم كل واحد منا هو إدراك المجموعة و اللحاق بركبها.

سرنا قرابة الثلاث ساعات و قد أخذ منا التعب مأخذا و لم نستفق إلا على أضواء سيارة لدورية من الجيش كانت تمشط الغابة فعدنا على أعقابنا ركضا و سلكنا طريقا آخر أكثر طولا من الأول و بدأت النساء الحوامل تتساقط و نحن ندفع بهن حتى نتوارى على أعين الجيش و كدنا نتخلف عن قائد المجموعة لولا أنه ظل ينتظرنا إلى حين اللحاق به.

السادسة صباحا وصلنا إلى جبل اخر و كان الجو قارسا و الأمطار تهطل بغزارة فانتحى كل منا مكانا آمنا و ظللنا ننتظر إلى حين ينقطع المطر

كانت الساعة وقتئذ الرابعة مساء،كنا نتضور من الجوع و مع ذلك كان هدفنا هو الخروج إلى مكان آمن،واصلنا المسير إلى حدود الواحدة و النصف بعد منتصف الليل إلى حين بلغنا غابة كلها أشواك و كانت الطائرات المسيرة عن بعد تحلق عاليا فانبطحنا بين هذه الطحالب إلى حدود الرابعة صباحا طلب منا المرافق تغيير ملابسنا الملطخة بالأوحال إستعدادا لنقلنا عبر سيارات نحو الحدود الهنڨارية.

180 كلم و السيارات تطوي الأرض طيا.

و أخيرا وصلنا الحدود،نزلنا و دخلنا حدود النمسا و ظللنا نركض قرابة الخمس كيلومترات و كانت إحدى الحوامل مرهقة تماما،رفعناها على أكتافنا إلى حين قدوم الجيش النمساوي فطلب لها سيارة الإسعاف و ركبنا نحن إحدى السيارات و حولونا على المخيم أين استجوبونا ثم أمدونا بالأكل و الغطاء و أدخلونا قاعة كبيرة بها حوالي 800 نفر آخر من جنسيات مختلفة.

في حدود التاسعة ليلا  نقلونا عبر الحافلات إلى العاصمة فيانا و سلمونا بعض المال و تركونا بمحطة القطار ليرحل كل منا نحو الوجهة التي يريد.

اتصلت بأحد أصدقائي بفرنسا فطلب مني اقتطاع تذكرة فيانا زوريخ.

بعد سبع ساعات حططنا الرحال بزوريخ لنجد الشرطة السويسرية في انتظارنا،أخذونا جميعا إلى مركز الشرطة أين فتشونا ثم أخذوا البصمات و أمدوا كل واحد منا بورقة عبور و أركبونا القطار المتجه نحو جونيف.

وصلنا جينيف و لم يكن بحوزتي صنتا واحدا،كل ما كان لدي نفذ،اتصلت بأحد معارفي ليقتطع لي تذكرة لكنه أغلق هاتفه فاتصلت بثان ليقتطع لي تذكرة إلى ليون.

وصلت ليون متعبا مرهقا خاوي البطن فوجدت قريبي في الإنتظار ليأخذني معه إلى منزله أين قضيت خمسة ليال بينهم بعدها غيرت وجهتي نحو مرسيليا أين أقيم الآن و الحمدالله بعد هذه الرحلة الطويلة و هذه المشاق أنا الآن في بحبوحة من العيش.

التقاه بمرسيليا: مصطفى العرفاوي

image_126546451.png

 

 

مهاجر غير شرعي يروي رحلة المتاعب: لن أنسى المعاناة في الغابات الصربية واستقريت بمرسيليا الفرنسية

أحيانا يكون الحديث عن رحلة المتاعب لمهاجر غير شرعي بمثابة فيلم مثير لما تتضمنه من احداث ومعاناة ومغامرات ، هذا ما سرده المهاجر صالح ورفلي وهو يحمد الله على وصوله الى مرسيليا بعد رحلة مليئة بالمشاق في الغابات الصربية وغيرها.

لم يدر بخلدي يوما مغادرة حضن العائلة و التوجه نحو بلد لا أعرف عنه شيئا سوى أنه بلد يحلم به كل شاب في سني.

يوم 18 أكتوبر 2022 داهمتني الوساوس و وردت على نفسي خواطر تحثني على الرحيل ووجدت نفسي متأبطا حقيبتي متوجها نحو العاصمة تونس.

همت على وجهي و جبت البلاد طولا و عرضا لأحط الرحال في النهاية بمدينة الكرم و هنا بدأت فكرة الحرقة تراودني.

لم أكن أعرف الكرم و لا أهل الكرم ومع ذلك كنت أسأل البعض ممن يعترضني عن وكالة أسفار إلى أن عثرت على ضالتي و اقتطعت تذكرة إلى تركيا بسبعة ايام ذهابا و إيابا على أن تكون الرحلة بعد 5 أيام أي يوم 23 أكتوبر 2022 و بحكم أن موعد السفر لم يحن بعد قفلت عائدا إلى مسقط رأسي لأعلم العائلة وأودعها.

يوم 22 اكتوبر جهزت نفسي ثم شددت الرحال نحو العاصمة و بت ليلتي بمنزل عمتي ومن الغد اصطحبني ابنها إلى المطار لأتفاجأ بوجود عائلتي و قد سبقتني للمطار لتوديعي.

جاء موعد الرحيل فركبت لأول مرة في حياتي هربت من حضن العائلة نحو وجهة لا أعرف عنها شيئا.

وصلنا مطار اسطنبول بتركيا فهالني ما رأت عيناي.

لم أفهم شيئا،لا أعرف البلد و لا لغة البلد.

ماذا عساي أفعل حتى الأنترنات مقطوعة عن هاتفي.

النزل الذي سأنزل به بعيد عن عالمنا  المطار مسافة ساعة و نصف الساعة.

حاولت فك طلاسم هذا البلد لكن اللغة كانت تعوزني إلى أن وضع القدر في طريقي شابا جزائريا (تحية إلى شعب الجزائر العظيم) دلني ثم أركبني الحافلة نحو تقاسيم ميدان أين يوجد النزل الذي سأقيم به.

حال ولوجي الغرفة رميت حقيبتي جانبا و بقيت ردحا من الوقت أفكر في المرحلة الثانية من السفرة نحو صربيا ثم خلدت إلى نومة عميقة.

من الغد خرجت بحثا عن وكالة أسفار لإقتطاع تذكرة نحو صربيا

بحثت هنا و هناك إلى أن عثرت على مكتب طيران تعمل به تونسية بمعية زوجها فطلبت مني ترك الجواز لديها مع مبلغ مالي كتسبقة لثمن التذكرة و العودة للنزل على أن تتصل بي حال تواجد مقعد بأول سفرة  لكني تعللت بعدم توصلي بالأموال من العائلة و خرجت للتو عائدا إلى غرفتي بالنزل..

من الغد همت على وجهي بحثا عن مكتب آخر فاعترض طريقي بعض الشباب استوقفتهم  و كانوا من أبناء جلدتي لينشرح صدري فقصصت على مسامعهم قصتي فاتضح و أنهم هم الآخرون يريدون السفر إلى صربيا و كانوا تعاملوا مع نفس الوكالة التي زرتها قبل يوم و أن السيدة التونسية التي تعمل هناك ماهي إلا متحيلة و قد لهفت أموالهم و أموال آخرين و هم إلى اليوم يجوبون شوارع تركيا منذ شهر و نصف يبيتون للعراء فحمدت اللّٰه أني لم أقع في فخ هذه المتحيلة.

كانت تقريبا كل الوكالات التي زرتها ترفض قطع تذاكر للأجانب الذين يريدون السفر إلى صربيا إلى حين ساق لي القدر وكالة لصاحبها أردني فرحب بي حين علم أني تونسي و لم يستغلني و اقتطع لي تذكرة بثمن معقول و مقبول لأطير يوم 31 اكتوبر نحو صربيا و عند الوصول للديوانة وجدت جحافل من النساء و الشباب معظمهم تونسيون إن لم يكونوا كلهم و قد إستوقفهم أعوان الديوانة رافضين دخولهم الأراضي الصربية و هم في إنتظار إعادتهم على أعقابهم من حيث جاؤوا و قد علمت من أحدهم أن كل التوانسة مرفوضين من دخول صربيا حينها زادت مخاوفي من أن يرفض طلب دخولي و تذهب أتعابي أدراج الرياح فدعوت اللّٰه أن ييسر طريقي و دفعت بالجواز للتأشير عليه،نظرت المراقبة مليا في وجهي ثم ختمت على الجواز و أعطتني إشارة المرور خصوصا و أنها رفضت قبلي قرابة الأربعين نفرا حينها تنفست الصعداء و خرجت و كان الجو باردا.

من جديد وجدت  نفسي على أرض لا أهل و لا لغة، استوقفت سيارة تاكسي ليوصلني السائق للنزل الذي حجزت به لأصله مع تمام منتصف النهار، بحثت عن جواز سفري لأستظهر به لعون الإستقبال لكني لم أعثر له على أثر،لقد نسيته على مقعد سيارة الأجرة.

بقيت من منتصف ذلك اليوم إلى حدود الرابعة مساء مهموما منهوكا حائرا في أمري أجر حقيبتي إلى أن أعياني المسير و يئست من العثور على جوازي و عدت للنزل أحاول مع العون إلى حين قدم ذلكم السائق و في يده الجواز و من الفرحة ارتميت في حضنه و عانقته طويلا .

بت ليلتي هناك و من الغد خرجت أبحث عن مهرب يكنى ب "كازاوي" كنت تحصلت على رقم هاتفه من أحد الأشخاص و اتصلت به للتنسيق معه في كل الأمور فطلب مني الإقامة بنزل ثان قريبا من مكان تواجده حتى يسهل لي التنقل في اليوم الموعود.

قضيت ليلتي الأولى بالنزل الجديد و من الغد الثامنة ليلا طلب مني التهيؤ للخروج.

كان معي شخص ثان هو الآخر تونسي ، طلبنا سيارة أجرة و غادرنا النزل إلى حيث طلب منا،مررنا بمكان ثان به 08 أنفار مغاربة كانوا في انتظارنا،نزلنا  ثم واصلنا جميعنا المسير على الأقدام ما يزيد عن الخمس كيلومترات وسط غابة كثيفة لنصل بعد إرهاق كبير إلى جماعة الكازاوي الذين يديرون شؤونه.

تحدثنا إليهم فأخذونا إلى العرف و بعد أن سلمناه ثمن الحرقة أمدنا بخيم لنقضي بها ليلتنا قبل أن يعلمنا بموعد الخروج وهو الرابعة صباحا لكن بعد ردح من الوقت جاءنا أحد أعضاده  ليعلمنا بتقديم موعد الخروج إلى منتصف الليل.

في الوقت المحدد خرجنا و كنا 35 نفرا،منا حوامل و صغار،أركبنا تباعا في سفينة (10 أشخاص في كل مرة) و شققنا واد كبير لنجد في انتظارنا بالضفة الأخرى مجموعة منهم شخص تونسي يدعى boss من مجموعة الكازاوي،شرح لنا كيفية المرور و اتباع نصائح guide الذي سيأخذنا مسافة 20 كيلومترا على الأقدام.

سرنا حوالي ساعة ثم ركبنا مجددا سفينة لنقطع واد ثان بعدها واصلنا المسير على الأقدام ما يناهز الساعتين  لنتفاجأ بغلق الممر من قبل سيارة جيش فخيرنا الguide بين المواصلة عبر ممر ثان أو العودة من حيث إنطلقنا خصوصا و أن الممر الثاني أبعد بكثير فلم نمانع من المواصلة و سلك طريق ثان.

كنا مرهقين،مرة نركض و مرة نسرع الخطى و لا تسل عن الحوامل،تعبن كثيرا و تخلفن كثيرا و كن يستغثن ألا تتركونا لكن في تلك اللحظة كان هم كل واحد منا هو إدراك المجموعة و اللحاق بركبها.

سرنا قرابة الثلاث ساعات و قد أخذ منا التعب مأخذا و لم نستفق إلا على أضواء سيارة لدورية من الجيش كانت تمشط الغابة فعدنا على أعقابنا ركضا و سلكنا طريقا آخر أكثر طولا من الأول و بدأت النساء الحوامل تتساقط و نحن ندفع بهن حتى نتوارى على أعين الجيش و كدنا نتخلف عن قائد المجموعة لولا أنه ظل ينتظرنا إلى حين اللحاق به.

السادسة صباحا وصلنا إلى جبل اخر و كان الجو قارسا و الأمطار تهطل بغزارة فانتحى كل منا مكانا آمنا و ظللنا ننتظر إلى حين ينقطع المطر

كانت الساعة وقتئذ الرابعة مساء،كنا نتضور من الجوع و مع ذلك كان هدفنا هو الخروج إلى مكان آمن،واصلنا المسير إلى حدود الواحدة و النصف بعد منتصف الليل إلى حين بلغنا غابة كلها أشواك و كانت الطائرات المسيرة عن بعد تحلق عاليا فانبطحنا بين هذه الطحالب إلى حدود الرابعة صباحا طلب منا المرافق تغيير ملابسنا الملطخة بالأوحال إستعدادا لنقلنا عبر سيارات نحو الحدود الهنڨارية.

180 كلم و السيارات تطوي الأرض طيا.

و أخيرا وصلنا الحدود،نزلنا و دخلنا حدود النمسا و ظللنا نركض قرابة الخمس كيلومترات و كانت إحدى الحوامل مرهقة تماما،رفعناها على أكتافنا إلى حين قدوم الجيش النمساوي فطلب لها سيارة الإسعاف و ركبنا نحن إحدى السيارات و حولونا على المخيم أين استجوبونا ثم أمدونا بالأكل و الغطاء و أدخلونا قاعة كبيرة بها حوالي 800 نفر آخر من جنسيات مختلفة.

في حدود التاسعة ليلا  نقلونا عبر الحافلات إلى العاصمة فيانا و سلمونا بعض المال و تركونا بمحطة القطار ليرحل كل منا نحو الوجهة التي يريد.

اتصلت بأحد أصدقائي بفرنسا فطلب مني اقتطاع تذكرة فيانا زوريخ.

بعد سبع ساعات حططنا الرحال بزوريخ لنجد الشرطة السويسرية في انتظارنا،أخذونا جميعا إلى مركز الشرطة أين فتشونا ثم أخذوا البصمات و أمدوا كل واحد منا بورقة عبور و أركبونا القطار المتجه نحو جونيف.

وصلنا جينيف و لم يكن بحوزتي صنتا واحدا،كل ما كان لدي نفذ،اتصلت بأحد معارفي ليقتطع لي تذكرة لكنه أغلق هاتفه فاتصلت بثان ليقتطع لي تذكرة إلى ليون.

وصلت ليون متعبا مرهقا خاوي البطن فوجدت قريبي في الإنتظار ليأخذني معه إلى منزله أين قضيت خمسة ليال بينهم بعدها غيرت وجهتي نحو مرسيليا أين أقيم الآن و الحمدالله بعد هذه الرحلة الطويلة و هذه المشاق أنا الآن في بحبوحة من العيش.

التقاه بمرسيليا: مصطفى العرفاوي

image_126546451.png

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews