* معطّلات قانونية وادارية وواقعية في مسألة تنفيذ الأحكام
أكد عميد الهيئة الوطنية للعدول المنفذين الاستاذ كريم بن عربية في حوار لـ"الصباح نيوز" أن مهنة العدول المنفذين تواجه عديد الصعوبات والضغوطات اليومية.. متمسكا بأن العدل المنفذ مستقل والمهنة مستقلة وستبقى كذلك. في ما يلي نص الحوار:
* وجهتهم مراسلة مؤخرا إلى البرلمان طالبتم من خلالها بالتعجيل بعرض المرسوم عدد 1لسنة 2025 على الجلسة العامة، ماهي التعطيلات الموجودة وما هي النقاط الخلافية ؟
الغاية من هذه المراسلة تتعلق بتطبيق أحكام الفصل 73 من الدستور، ونحن طالبنا بالتعجيل بعرض المرسوم المنقح للمهنة في أقرب جلسة دورية لمجلس نواب الشعب كما طالبنا باستدعاء مجلس الهيئة الوطنية للعدول المنفذين لابداء رأيه وسماعه في مسألة هامة لا تتعلق بالشكل وانما بالأصل وهي مدة التكوين الأصلي التي يجب أن تكون نظرية وتطبيقية ولا تقل عن السنتين، متمسكين بأن المهنة تتطلب تكوينا بالمعهد الاعلى للقضاء سنتين، وأن هذا الأمر لا يراد منه غاية اقصائية او ان نكون ضد المناظرة وانما دورنا استشاري لتقديم رأينا بما يخدم مصلحة الدولة والمتقاضي.
*وماهي أسباب رفضكم التخفيض في مدة الدراسة بمعهد القضاء؟
نحن لسنا ضد المناظرة لكن لدينا نقطتين وجب التأكيد عليهما، الاولى تتعلق بأنه ليس من السهل مباشرة مهنة العدل المنفذ الذي يقوم بإجراءات دقيقة جدا متعلقة بالمصلحة العامة ونحن كأهل المهنة وهيئة وطنية نأمل أن تتطور المهنة طبق المعايير الدولية بقضاء مدة التكوين الأصلي لا تقل عن السنتين على غرار باقي المهن القضائية الأخرى.
فمهنة العدل المنفذ تطورت في العالم بشكل ملحوظ وذلك لعوامل عدة اهمها الارتقاء بالتكوين الأصلي للعدل المنفذ وكذلك بتوسيع اختصاصه، ونحن في بلادنا، خاصة بعد صدور قانون الشيكات، تراجعت اختصاصات العدل المنفذ .
والنقطة الثانية التي أود الإشارة إليها هي التكوين الأصلي بالمعهد الأعلى للقضاء والتدريس والتربص لدى مكاتب العدول المنفذين خاصة حسب النظام الموجود الحالي وهي مدة وجيزة لا تساهم في تطوير المهنة ولا تعود بالنفع على العدل المنفذ الجديد الذي يلتحق بالمهنة حديثا.
*شددتم على مسألة رف مستوى التكوين للعدول فماذا تقترحون في هذا المجال ؟
طبق المعايير الدولية يشترط على من يرغب في الالتحاق بمهنة عدل المنفذ ان يكون متحصلا على شهادة الماجستير، وأن يخضع لتكوين عميق أصلي نظري وتطبيقي. وفي ذلك رغبة في الارتقاء بمستوى تأهيل العدل المنفذ ليتلقى تكوينا اصليا ونظريا، كذلك خضوع العدل لتكوين مستمر لمواكبة التحديات والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ذلك ان التكوين للعدل المنفذ يمثل القيمة المضافة الحقيقية ذات العلاقة بالامان القانوني ويشجع على خلق مناخ للاستثمار وهو كذلك ضامن للسلم الاجتماعي.
* أكدتم في مرات عديدة على استقلالية المهنة فهل من مظاهر لعكس ذلك؟
يقوم العدل المنفذ بمهامه بشكل مستقل محايد، يلتزم باخلاقيات المهنة وبالمسؤولية امام القانون ولايخضع للمصالح الشخصية أو الضغوط الخارجية.
والمهنة مستقلة لأنها دأبت ان تنأى بنفسها عن التجاذبات السياسية وعن التوظيف من قبل الاحزاب السياسية وهي كذلك عصية عن التدجين من قبل السلطة.. تدافع عن المصالح الأدبية والمادية للعدول المنفذين على قدم المساواة دون تمييز أو مفاضلة أو تشفي وأن لا تخدم مصالح فئة معينة على حساب البقية، وتلتزم بتطبيق القانون على الجميع وتسعى للتطوير و مواكبة التحديات.
*فيما تتمثل مشاكل العدول اليوم لضمان تاديتهم لمهاهم على الوجه الاكمل ؟
مشاكل العدل المنفذ عديدة اولا هناك الكثير من التعطيلات الادارية على غرار عدم التزام الادارات والمؤسسات العمومية بتقديم المساعدة اللازمة له، والهيئة في هذا الصدد تناضل من أجل فرض هذه المسألة.
كذلك نلاحظ عدم توفير الحماية القانونية اللازمة للعدل المنفذ خاصة في حالات التصدي في ظل تراجع دور النيابة العمومية وحرصها على توفير المساعدة القانونية اللازمة له..
من بين التعطيلات عدم ادماج المهنة في منظومة الترابط البيني سواء في علاقاتها بالإدارات العمومية على غرار إدارة النقل البري والملكية العقارية وغيرها والتي تسهل أعمال العدل المنفذ وتجعله يقوم بمهامه في اسرع وابسط الاجال .
مسألة أخرى هامة تخص كثرة ظاهرة الشكايات الكيدية ضد العدول المنفذين والغاية منها ارباكه والضغط عليه حتى لا يتولى القيام بمهامه وذلك بهدف التهرب من الاذعان للقانون وتعمد تهريب المكاسب وهي معضلة ببلادنا.
إضافة إلى تعطيلات اخرى منها عدم تطوير طرق التنفيذ اذ ان آخر تنقيح لطرق التنفيذ ومجلة المرافعات المدنية والتجاریة كان في 3اوت2002 زيادة على عدم توسيع اختصاصات العدل المنفذ بخصوص طرق التنفيذ. ومقارنة بالتجارب العالمية حيث العدل يقوم بالتبيلغ الإلكتروني ويقوم بالتبليغ الجزائي وهو يتولى القيام بالاستخلاص الرضائي للديون العمومية والخاصة والحال في تونس هناك استفحال لظاهرة شركات استخلاص الديون الغير منظمة والتي تضر بمصلحة المواطن والعدل المنفذ وبقطاع العدالة .
* لو تعطينا بعض الاحصائيات عن عدد الشكايات التي رفعت ضد للعدول؟
بخصوص الشكايات فان عددها مهول جدا.. ذلك أن كل عمل تنفيذ يقوم به العدل ينتج عنه تقديم شكايات وهرسلة وللأسف لا توجد حماية حقيقية له ونحن كهيئة وطنية للعدول نرفض رفضا قطعيا ان يقع احالة عدل منفذ على البحث لدى مراكز الشرطة أو الحرس. اذ من الواجب أن نوفر له الحماية لان له صفة المأمور العمومي وهو ايضا ينفذ مهامه باسم الشعب وبأمر من رئيس الجمهورية ولا يقوم بتلك المهام لمصلحته وانما لغاية المتقاضي ولغاية صاحب التنفيذ الدائن الذي له سند تنفيذي.
هناك تعسف كبير في هذه المسالة والعدول المنفذون يحالون على البحث في صورة تقديم شكايات ضدهم وحينما يتقدم عدل بشكاية لا يقع التعامل مع دعواه مثلما يتم التعامل مع أي منتسب لمهنة قضائية أخرى.. وهنا نود التأكيد على ان كرامة العدل من كرامة المهنة التي تستمد صلاحيتها بتفويض من الدولة وعليها وعلى سلطة الإشراف أن تتعاون مع الهيئة لتيسير مجال تدخل العدل المنفذ وتعمل على توسيع مجال اختصاصه وأن تولي مكانة كبيرة لمسالة التكوين.
* هل تستهدف الشكايات أكثر العدل الرجل ام العدل المرأة؟ وماذا عن الاعتداءات التي يتعرضون لها؟
نحن العدول المنفذون رجل أو امرأة سواء ولا يوجد أي فرق أو تمييز بينهما.. وبخصوص الاعتداءات فهي تطال كلا الجنسين وهي جسدية ومعنوية أيضا، وهذا التصرف ليس مستحدثا وهو موجود منذ القدم.
* وبخصوص مسألة تنفيذ الأحكام، ماهي أبرز المعوقات؟
هناك عديد المعطّلات في مسألة تنفيذ الأحكام اذ نجد معطلات قانونية تتطلب تنقيح طرق التنفيذ وهناك ايضا معطلات إدارية.. ذلك ان الادارات يجب ان تسعى لمساعدة العدل على أعمال التنفيذ.. بالإضافة إلى الاشكاليات التنفيذية المستفحلة وكذلك كثرة الشكايات ضد عدل المنفذ لارباكه والضغط عليه
وبالتالي هناك عديد المعطلات القانونية الادارية والواقعية التي تواجهها مهنتنا والتي تعد مهنة دقيقة جدا..
سعيدة الميساوي