رئيس لجنة الصحة العياشي زمال لـ"الصباح نيوز": "الجيش اليوم مطالب بمساندة التشكيلات الأمنية لتطبيق الإجراءات"
-
حالة من الاستنفار تعيشها تونس هذه الأيام نتيجة تصاعد وتيرة الإصابات بفيروس كورونا وارتفاع نسبة التحاليل الايجابية وقفزها إلى معدلات قياسية في عدد من الولايات صُنفت من قبل اللجنة العلمية لمجابهة الجائحة في مستوى عالي من الخطورة، تقرر على إثرها سنّ جملة من الإجراءات في مقدمتها إقرار حجر شامل بكل من ولاية القيروان وسليانة وزغوان وباجة.
لا تقتصر خطورة هذا الوضع على هذه الولايات فحسب وإنما تنسحب على 18 ولاية أخرى قالت عنها الدكتورة نصاف بن علية بأنّها تشهد مستوى إنذار مرتفع جدّا، يضاف إلى هذه التحذيرات ما جاء على لسان وزير الصحة فوزي مهدي من أنّ أعداد الوفيات خلال "الموجة الرابعة" المنتظرة لكوفيد 19 قد تبلغ 4 آلاف حالة وفاة بين أشهر جوان وجويلية وأوت، كان ذلك موفى شهر مارس 2021 خلال جلسة استماع عقدتها لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس نواب الشعب.
تأخر في سنّ الاجراءات..
تتالت التقييمات والتصريحات من أعضاء اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كوفييد 19 خلال الأيام الأخيرة جلّها يصب في نفس الخانة يُفهم منها أنّ "الوضع ليس تحت السيطرة" بل يتجه نحو مزيد من التعقيد في ظلّ التأخير غير المبرر في اتخاذ الإجراءات من طرف الحكومة من جهة ومن جهة أخرى عدم تطبيقها حتى بعد الإعلان عنها ما قد يطرح تساؤلا جوهريا هل ستكون هذه الصائفة صعبة على التونسيين؟
ما أكده الدكتور رفيق بوجدارية رئيس قسم الإستعجالي بمستشفى عبد الرحمان مامي بأريانة اليوم الاثنين 21 جوان 2021 خلال مداخلة له على إذاعة “الجوهرة أف أم” قد يُستشف منه بأن هذه الصائفة لن تكون صائفة عادية بالمرة بل أصعب بكثير من الصائفة الماضية.
فالدكتور بوجدارية أنّ "الجائحة عادت للأسف بقوة وأن الأرقام تتكلم بنفسها عن الوضع" مبرزا أن "نسبة التحاليل الايجابية على المستوى الوطني تتراوح بين 29 و30 بالمائة بعدما كانت قبل العيد أقل من 20 بالمائة" وأن هناك مناطق تشهد ما وصفها بالكارثة الصحية مشيرا بالخصوص إلى جهة القيروان.
المستشفيات أيضا بلغت طاقتها القصوى ونسبة إشغال أسرة الإنعاش بلغت قرابة مائة بالمائة وكذلك أسرة الأوكسيجين، كما أنّ عدد الوفيات تجاوز يوم الأحد 20 جوان 2021 14 ألف وفاة بمعدل 70 و100 وفاة كل يوم.
مخاوف كبيرة من الوضع
لتكون خلاصة تدخله إعرابه عن "مخاوفه الكبيرة من أن تكون الصائفة صعبة رغم ما يشاع من أن ارتفاع درجات الحرارة يقضي على الفيروس" لكن "الناس يتجمعون في الليل وفي المساء للسمر ويقتربون من بعضهم البعض ولا يحترمون قواعد التباعد ولا يحملون كمامات".
ما نشاهده هذه الأيام من تصاعد لوتيرة الإصابات وحالة الاستنفار في عدة مستشفيات خاصة بمستشفى ابن الجزار بالقيروان وثّقتها صور ومقاطع فيديو وبث مباشر على صفحات التواصل الاجتماعي كان يُفترض أن يقابله قليل من الوعي من طرف المواطنين والالتزام بالحد الأدنى من إجراءات الوقاية من الفيروس.
منذ أسبوعين أو حتى أكثر، تكثفت جلسات الاستماع لممثلي وزارة الصحة ولوزير الصحة نفسه والوفود المرافقة له، حتى أن التحذير من خطورة الوضع بالقيروان والحثّ على ضرورة التدخل السريع كان منذ أسابيع مضت وقبل أن حتى أن تتأزم الوضعية لكن الإجراءات لم يتم الإعلان عنها إلا عندما "وقعت الفأس على الرأس".
ففي تصريح لـ"الصباح نيوز" قال رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس نواب الشعب العياشي زمال إنّ "الآليات التي لدينا هي آليات رقابية تشمل التنبيه ولفت النظر والقيام بزيارات ميدانية، من ذلك الزيارتين الأخيرتين إلى القيروان حيث تمّ على إثرهما إقرار زيارة من طرف اللجنة العلمية برئاسة الدكتورة نصاف بن علية وأيضا زيارة لكل من وزير الصحة ومدير الصحة العسكرية وتمّ تعزيز البنية التحتية من أسرة إنعاش وأوكسيجان وسيارات إسعاف وأيضا موارد بشرية".
واستطرد زمال "لكن مقابل هذه التعزيزات لم نتمكن من كسر سلسلة العدوى بسبب عدم تقيد المواطنين بالإجراءات الوقائية والقرارات المعلنة فكان من المفترض أن يكون المساران متوازيان وفي نفس الاتجاه".
سرعة العدوى كانت أقوى من نسق التلقيح
أضاف رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية "كانت هناك حملات تلقيح متنقلة فارتفعت نسبة الملقحين من 7 إلى 13 بالمائة خلال عشرة أيام لكن سرعة العدوى كانت قوية، وبالتالي وجب التقيد بالإجراءات الوقائية".
وقال "شخصيا طالبت بالحجر الشامل منذ 15 يوما، فكنت ألاحظ تصاعد وتيرة العدوى وفي نفس الوقت حالة تسيب فكانت هناك حالة من الارتخاء والاستهزاء من هذا الفيروس بالرغم من أننا كل يوم نسجل أعدادا مخيفة ومرعبة من الوفيات".
وأوضح "إشكالية كبيرة ومفارقات ومتضادات عجيبة نواجهها، فإذا أقرت الحكومة قرارات تواجه بالرفض والاحتجاج من المواطنين، وإذا حدث العكس وتأخرت السلط في سنّ القرارات تواجه أيضا بالنقد. ولهذا السبب لا يجب على الحكومة أن تخضع للاحتجاجات وعليها أن تطبق الإجراءات التي تراها صالحة وتحمي المواطن".
وبالتالي "أنبه بأن الوضع خطير جدا، فمنذ أسبوعين أي مباشرة بعد العيد هناك 7 ولايات وهي القيروان، القصرين، سيدي بوزيد، سليانة، باجة، جندوبة والكاف ظهرت فيها الحالات الوبائية بدرجة عالية وكان من المفترض حينها اتخاذ إجراءات وقائية وعدم ترك الوضع يتأزم أكثر".
وأضاف النائب العياشي زمال "لهذه الأسباب توجهت منذ شهر أفريل مباشرة برسالة إلى السيد رئيس الجمهورية قيس سعيد بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة مفادها أن الجيش اليوم مطالب بمساندة التشكيلات المنية لتطبيق الإجراءات".
وأفاد محدثنا "مازال بإمكاننا إنقاذ هذه الصائفة إذا تمّ اتخاذ قرار بالتشدد في تطبيق الإجراءات وفي نفس الوقت التسريع في حملة التلاقيح. فيمكن أن نُقضي 15 أو 20 يوما في حالة من التعب ولكن نضمن في المقابل صائفة أكثر ارتياحا".
وبالتالي "إذا تواصلت حالة التراخي وعدم التعامل بالجدية اللازمة مع الوضع الكارثي فإن هذه الصائفة ستكون صعبة جدا".
إيمان عبد اللطيف