إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الإعلام سنة 2021 بين التضييقات و"تعطل" الحوار مع الدولة.. فهل من بوادر إصلاح في 2022؟

"إرهاق" "تعب" "معاناة" في بلاط صاحبة الجلالة في سنة إستثنائية سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا.

فـ"السلطة الرابعة" لم تكن بمنأى عن تداعيات الأوضاع الصعبة التي تمرّ بها تونس، وبقي الصحفيون ينتظرون النظر في ظروفهم المعيشية وبزوغ شمس الإصلاح التي بات شروقها أمرا ضروريا يتطلبه القطاع على غرار العديد من القطاعات الأخرى، دون إغفال أن الصحفي ينتمي إلى مجتمع يتأثر به ويؤثر فيه.

"الصباح نيوز" مع نهاية عام 2021 وفي اول يوم من سنة 2022، إستطلعت آراء الهياكل المهنية من نقابة الصحفيين والجامعة العامة للإعلام والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري "الهايكا" حول تقييمهم لواقع الإعلام في 2021 وإنتظاراتهم لهذه السنة الجديدة.

 

أميرة محمد: ننتظر نشر الإتفاقية الإطارية بالرائد الرسمي

 

ومن جهتها، أفادت أميرة محمد نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن الوضع لم يتغير في 2021، بل ازداد تأزما نظرا للمناخ السياسي المشحون، ولتردي الوضع الإقتصادي خاصة في المؤسسات الإعلامية التي عاشت أزمات مالية ودفع ثمنها الصحفيون والعديد منهم خسروا مواطن شغلهم والبقية أغلبيتهم ظروفهم الاجتماعية والإقتصادية لم يتم النظر فيها.

وبيّنت أميرة محمد، أنه في إطار عمل الصحفيين، تواصلت التضييقات والإعتداءات، خاصة التضييق على المعلومة إلى حدّ تغييبها، وضرب حق الوصول إلى المعلومة من قبل السلطة، وتواصل غلق قصر قرطاج أمام الصحفيين.

ووصفت محمد المنشور الذي أصدرته رئيسة الحكومة نجلاء بودن مؤخرا بـ"التعيس" الذي يمنع التواصل مع الإعلاميين مع أعضاء الحكومة إلا بالعودة إلى المركز، معتبرة أنه أمر يضرب الحق في المعلومة لا سيما في الجهات، ويُعكّر عمل الصحفيين.

وأشارات إلى أنه في ظل وضع سياسي مشحون تواصل دفع الصحفيين إلى الإصطفاف في صف معين.

وبخصوص التطلعات إلى سنة 2022 والتي نستقبلها اليوم، تتمنى نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن تكون سنة الإصلاح الحقيقي في قطاع الإعلام، مُستدركة أن الإصلاح لا يمكن أن يكون إلا عندما تكون حقوق الصحفيين مضمونة، أي حقوقهم الإقتصادية والإجتماعية، وحقهم أيضا في بيئة عمل آمنة وسليمة، وحقهم في الوصول إلى المعلومة.

وبالنسبة للإتفاقية الإطارية القطاعية، تتطلع محمد إلى أن يتم رسميا، وفي أقرب الآجال، نشرها في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية خاصة وأنه صدر في آخر يوم من أيام سنة 2021  كحكم نهائي وبات من قبل دائرة الاستئناف بالمحكمة الادارية لصالح النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تقضي باقرار الحكم الابتدائي القاضي بنشر الاتفاقية الاطارية للصحفيين بخصوص قضيتين رفعتها حكومة المشيشي  وأخرى رفعها المكلف العام لنزاعات الدولة.

وبيّنت أنها تنتظر من الحكومة الإستجابة إلى قرار الحكم القضائي والتعجيل بنشر الإتفاقية في الرائد الرسمي، لتُبيّن بالتالي أنها رسالة من الحكومة تحترم بموجبها القرارات القضائية وتحترم حقوق المواطنين، بإعتبار كون الصحفيين مواطنين تونسيين، ولتثبت أنها حكومة لا تخضع لأي ضغط من أي جهة كانت.

كما سيقع في هذه السنة الجديدة إرساء إتفاقيات مؤسساتية تحت الإتفاقية الإطارية، تخص المؤسسات، كل مؤسسة على حدة تراعي نوعية العمل الصحفي في كل مؤسسة إعلامية تتماهى كذلك مع الوضعية العامة والعدد الموجود من صحفيين في كل مؤسسة، وشرحت أن أغلب نقاط الإتفاقية الإطارية سيقع تنزيلها في اتفاقية خاصة بعدد من المؤسسات، وأن التجربة ستُعمّم في 2022، حيث تم الإتفاق مع "إذاعة موزاييك" حول هذا كأول مؤسسة منذ أواخر السنة الماضية 2021.

وذكرت أن المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين قاموا بالإتصال بعدد من أصحاب المؤسسات الأخرى لذات الغرض، وستواصل التفاوض معهم في السنة الجديدة.

وتطرّقت محمد، إلى ملف المعطلين من خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار، وأفادت أن هذا الملف يبقى من أبرز وأهم الملفات التي تتابعها النقابة وللنقابة إتفاق سابق مع الحكومة في ديسمبر 2020، ومتمسّكون بتنفيذه كافة تفاصيه، في إطار استمرارية الدولة، بما فيه ما تم الإتفاق حول تعميم خطة الملحق الإعلامي في جميع الإدارات الجهوية والمركزية والهياكل العمومية التابعة للدولة، وتكون حكرا لخريجي الصحافة.

 

محمد السعيدي: الأوضاع في قطاع الإعلام قد تتفجّر هيكليا أو إجتماعيا

 

أما محمد السعيدي، فقال إنه في بداية سنة 2021، كانت هناك حكومة جديدة ألا وهي حكومة هشام المشيشي، ولم يكن هناك رؤية أو تجاوب معها، بعدها أتت حكومة نجلاء بودن، ومعها إزداد الوضع سوء لعدم وجود  طرف للتحاور معه حول مشاكل القطاع، وفق قوله. 

وأشار إلى أن العديد من المؤسسات الإعلامية تشهد أوضاعا متردية كالإعلام المصادر والخاص وحتى العمومي، لافتا إلى أن الصحافة المكتوبة تشكو صعوبات في العالم أجمع، مما يتوجب إيجاد حلول سريعة للإصلاح، وبرامج وهو ما لم يكن ضمن إهتمامات الحكومات السابقة.

وإعتبر أنه على المستوى الهيكلي يوجد مشكل في "الهايكا" يتعلق بعدم تجديدها، مُشدّدا على ضرورة أن تكون دستورية، على أنه ومنذ 2014 وضع الفصل الخاص بتركيبة الهيئة وضرورة إحداث قانون جديد لها، إلا أنه لم يقع إلى الآن وفي سنة 2021 إرساء القانون المذكور.

وفيما يخصّ الأوضاع الإجتماعية للصحفيين، لفت السعيدي إلى أنها قد تفاقمت في 2021، وساءت مع غلاء الأسعار، والحكومة السابقة رفضت الحوار وزيادة في الأجور، ومُجرّد حتى الحديث فيه، وهو نفس توجه الحكومة الحالية.

ومن ناحية الإصلاح، أشار السعيدي إلى أنه لم تطبق العديد من البرامج التي وقع نقاشها مع الهياكل المهنية ومع الحكومة.

وأوضح قائلا: "كل حكومة لا يمر عليها سنة إلا وترحل، وبقينا نتحدث في نفس الموضوع في كل مرّة مع كل حكومة دون أي تطبيق بوجود مشاكل مُتعدّدة، وهو ما قد يؤدي الى تفجر الأوضاع في القطاع سواء هيكليا أو إجتماعيا".

 وذكر السعيدي أنه في الوقت الراهن، حكومة نجلاء بودن لم تقدم رؤية واضحة، مُشيرا إلى وجود ضبابية في المشهد.

وإعتبر السعيدي أنها سنة لم تكن جيدة في قطاع الإعلام، مُتمنيا في هذه السنة الجديدة، أن تكون هناك رؤية جدية وواضحة، خاصة من الطرف الحكومي لإصلاح القطاع، تكون رؤية جديدة على مستوى القوانين والتشريعات المنظمة للقطاع، وعلى مستوى تحسين الأوضاع الإجتماعية وتحسين المقدرة الشرائية، وتطبيق الاتفاقيات السابقة.

وقال السعيدي: "نريد رؤية لمستقبل المؤسسات الإعلامية خاصة من جانب الصعوبات المالية".

ولفت إلى أن الإعلام العمومي بدوره يشكو من العديد من الصعوبات، سواء الإذاعات أو التلفزية إذ لا وجود لموارد مالية، أي ميزانية مخصصة للإنتاج وفقط تُدفع الأجور، ولا وجود أيضا لهيكلة واضحة، وهو ما جعل العديد من من المؤسسات الإعلامية العمومية بصفر إنتاج.

 

هشام السنوسي: الدولة إستقالت إتجاه الإعلام

 

من جانبه، ذكر عضو الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي البصري "الهايكا" هشام السنوسي، أن الاعلام جزء من المشهد العام يتأثر بالواقع السياسي والإجتماعي، بالنظر إلى أن الديمقراطية في تونس تمر بظروف صعبة جدا، وخيارات راديكالية، وهو ما يجعل أنه لا نستطيع في واقع مثل هذا الحديث عن اعلام جيد وممتاز، بوجود إشكاليات منها جانب مادي وآخر جانب موضوعي.

واعتبر أن الجانب الموضوعي يتمثل في استقالة الدولة إتجاه الإعلام، مُشدّدا على ضرورة التفكير في المجال الإعلامي كما وقع التفكير في قطاعات  للنهوض به.

وذكر السنوسي أن ظاهرة "البوز" و"الإثارة" في جانب منها تهدف الى البحث عن تمويل وإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية لأن حجم الإشهار في تونس لا يفي بحاجيات مختلف القنوات التلفزية والإذاعية.

وأكد على أنه من الضروري إنشاء صندوق لدعم جودة وسائل الإعلام على شاكلة الصندوق المتعلق بالمسرح والسينما لكن هذه الدعوة آذانا صاغية والتفاعل الذي تستحقه.

وعن الإشكاليات في جانبها الذاتي، أوضح السنوسي أن بعض أصحاب المؤسسات انخرطوا في العملية السياسية، مما إنجر عنه الضرر الجسيم الذي أصاب علاقة الإعلام بالجمهور مثل ما حدث بقناة نسمة والزيتونة، وإذاعة القرآن الكريم، وذلك من خلال اندماج هذه القنوات في عملية سياسية، وتوظيفها لتقديم خدمات لأحزاب وهي أحزاب كانت حاكمة على على غرار حزب قلب تونس وحركة النهضة، وفق قوله.

وبالحديث عن الإيجابيات في القطاع الإعلامي في 2021، ذكر السنوسي أنه اليوم هناك مؤشرات إيجابية على إعتبار أن أغلب الجمهور التونسي بنسب عالية جدا يستهلك وسائل إعلام تونسية وتراجعت وسائل الإعلام الدولية، ومن الملاحظ أيضا ظهور العديد من الظواهر الإيجابية الاخرى على غرار الاعلام الجمعياتي، وظهور اعلام بديل مناضل كالمواقع الإلكترونية الاستقصائية، إلى جانب ظهور العديد من الصحفيين والمعلقين يتمتّعون بدرجة عالية من الأداء.

وأضاف قائلا: "وهي جميعها، جوانب إيجابية وأكبر دليل على أن السعي نحو إعلام متطور، ذو جودة عالية ويساهم في بناء التجربة الديمقراطية، ونحن بصدد صراع كبير من أجل إرساء تجربة ديمقراطية حقيقية والاعلام جزء من هذا الصراع".

وفيما يتعلّق بالتعديل، بيّن السنوسي أن إمكانية تراجع الدولة عن فكرة التعديل وعن فكرة هيئة مستقلة سيكون ضربة قاسية للمشهد الإعلامي السمعي البصري، لافتا إلى أنه قد آن الأوان لإرساء الخيار في ما يتعلق بالدستور القادم والخيارات التي سيتضمنها حيث أن هناك في هذا الجانب تفكير في مسألة الإتصال والاعلام، مُعربا عن أمله بعدم  العودة إلى مربع وزارات الاعلام الإتصال.

وشدّد قائلا "الديمقراطيات الحديثة في حاجة إلى هيئات باعتبار أن الديمقراطية في حاجة الى اعلام يشكل فضاء لمختلف الحساسيات الفكرية للأحزاب المعارضة والحاكمة".

وإعتبر أنه يجب التفكير في مسألة الاستثمار في حجم الحريات المتوفرة في تونس، والتفكير جيدا في انشاء مدينة إعلامية في تونس وهو مقترح تحاول "الهايكا" أن تفتح حوارا مع السلطة التنفيذية بشأنه، "إلا أنه يبدو لكن يبدو أن الأولويات أولويات سياسية بالأساس".

وأشار السنوسي إلى أن أحد أهم التحديات في المرحلة القادمة هو موقع الصحفي من العملية الإعلامية فقد تم ملاحظة تراجع هذا الموقع لصالح نجوم في الشبكات الإجتماعية أو ممثلين أو فنانين ورياضيين ومحامين، مُبرزا أن هذا لا يُشكّل إشكالا لو تم إستثمارهم في إختصاصهم، لكنهم حاليا

يقومون بدور الصحفي ويتحدثون في الشأن العام ويديرون الحوارت، مُشيرا إلى أن العديد من هؤلاء غير مؤهلين للقيام بذلك وهذا ما سيأثر تأثير كثيرا على مستقبل الصحفي ومستقبل جودة المعلومة، لافتا إلى أنه من المفروض فتح حوار في الغرض.

وذكر السنوسي أن هذا منحى اتخذه أصحاب المؤسسات ذو بعد تجاري محض غير مسؤول اتجاه طبيعة المهنة وقواعدها وأخلاقياتها.

درصاف اللموشي

الإعلام سنة 2021 بين التضييقات و"تعطل" الحوار مع الدولة.. فهل من بوادر إصلاح في 2022؟

"إرهاق" "تعب" "معاناة" في بلاط صاحبة الجلالة في سنة إستثنائية سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا.

فـ"السلطة الرابعة" لم تكن بمنأى عن تداعيات الأوضاع الصعبة التي تمرّ بها تونس، وبقي الصحفيون ينتظرون النظر في ظروفهم المعيشية وبزوغ شمس الإصلاح التي بات شروقها أمرا ضروريا يتطلبه القطاع على غرار العديد من القطاعات الأخرى، دون إغفال أن الصحفي ينتمي إلى مجتمع يتأثر به ويؤثر فيه.

"الصباح نيوز" مع نهاية عام 2021 وفي اول يوم من سنة 2022، إستطلعت آراء الهياكل المهنية من نقابة الصحفيين والجامعة العامة للإعلام والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري "الهايكا" حول تقييمهم لواقع الإعلام في 2021 وإنتظاراتهم لهذه السنة الجديدة.

 

أميرة محمد: ننتظر نشر الإتفاقية الإطارية بالرائد الرسمي

 

ومن جهتها، أفادت أميرة محمد نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن الوضع لم يتغير في 2021، بل ازداد تأزما نظرا للمناخ السياسي المشحون، ولتردي الوضع الإقتصادي خاصة في المؤسسات الإعلامية التي عاشت أزمات مالية ودفع ثمنها الصحفيون والعديد منهم خسروا مواطن شغلهم والبقية أغلبيتهم ظروفهم الاجتماعية والإقتصادية لم يتم النظر فيها.

وبيّنت أميرة محمد، أنه في إطار عمل الصحفيين، تواصلت التضييقات والإعتداءات، خاصة التضييق على المعلومة إلى حدّ تغييبها، وضرب حق الوصول إلى المعلومة من قبل السلطة، وتواصل غلق قصر قرطاج أمام الصحفيين.

ووصفت محمد المنشور الذي أصدرته رئيسة الحكومة نجلاء بودن مؤخرا بـ"التعيس" الذي يمنع التواصل مع الإعلاميين مع أعضاء الحكومة إلا بالعودة إلى المركز، معتبرة أنه أمر يضرب الحق في المعلومة لا سيما في الجهات، ويُعكّر عمل الصحفيين.

وأشارات إلى أنه في ظل وضع سياسي مشحون تواصل دفع الصحفيين إلى الإصطفاف في صف معين.

وبخصوص التطلعات إلى سنة 2022 والتي نستقبلها اليوم، تتمنى نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن تكون سنة الإصلاح الحقيقي في قطاع الإعلام، مُستدركة أن الإصلاح لا يمكن أن يكون إلا عندما تكون حقوق الصحفيين مضمونة، أي حقوقهم الإقتصادية والإجتماعية، وحقهم أيضا في بيئة عمل آمنة وسليمة، وحقهم في الوصول إلى المعلومة.

وبالنسبة للإتفاقية الإطارية القطاعية، تتطلع محمد إلى أن يتم رسميا، وفي أقرب الآجال، نشرها في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية خاصة وأنه صدر في آخر يوم من أيام سنة 2021  كحكم نهائي وبات من قبل دائرة الاستئناف بالمحكمة الادارية لصالح النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تقضي باقرار الحكم الابتدائي القاضي بنشر الاتفاقية الاطارية للصحفيين بخصوص قضيتين رفعتها حكومة المشيشي  وأخرى رفعها المكلف العام لنزاعات الدولة.

وبيّنت أنها تنتظر من الحكومة الإستجابة إلى قرار الحكم القضائي والتعجيل بنشر الإتفاقية في الرائد الرسمي، لتُبيّن بالتالي أنها رسالة من الحكومة تحترم بموجبها القرارات القضائية وتحترم حقوق المواطنين، بإعتبار كون الصحفيين مواطنين تونسيين، ولتثبت أنها حكومة لا تخضع لأي ضغط من أي جهة كانت.

كما سيقع في هذه السنة الجديدة إرساء إتفاقيات مؤسساتية تحت الإتفاقية الإطارية، تخص المؤسسات، كل مؤسسة على حدة تراعي نوعية العمل الصحفي في كل مؤسسة إعلامية تتماهى كذلك مع الوضعية العامة والعدد الموجود من صحفيين في كل مؤسسة، وشرحت أن أغلب نقاط الإتفاقية الإطارية سيقع تنزيلها في اتفاقية خاصة بعدد من المؤسسات، وأن التجربة ستُعمّم في 2022، حيث تم الإتفاق مع "إذاعة موزاييك" حول هذا كأول مؤسسة منذ أواخر السنة الماضية 2021.

وذكرت أن المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين قاموا بالإتصال بعدد من أصحاب المؤسسات الأخرى لذات الغرض، وستواصل التفاوض معهم في السنة الجديدة.

وتطرّقت محمد، إلى ملف المعطلين من خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار، وأفادت أن هذا الملف يبقى من أبرز وأهم الملفات التي تتابعها النقابة وللنقابة إتفاق سابق مع الحكومة في ديسمبر 2020، ومتمسّكون بتنفيذه كافة تفاصيه، في إطار استمرارية الدولة، بما فيه ما تم الإتفاق حول تعميم خطة الملحق الإعلامي في جميع الإدارات الجهوية والمركزية والهياكل العمومية التابعة للدولة، وتكون حكرا لخريجي الصحافة.

 

محمد السعيدي: الأوضاع في قطاع الإعلام قد تتفجّر هيكليا أو إجتماعيا

 

أما محمد السعيدي، فقال إنه في بداية سنة 2021، كانت هناك حكومة جديدة ألا وهي حكومة هشام المشيشي، ولم يكن هناك رؤية أو تجاوب معها، بعدها أتت حكومة نجلاء بودن، ومعها إزداد الوضع سوء لعدم وجود  طرف للتحاور معه حول مشاكل القطاع، وفق قوله. 

وأشار إلى أن العديد من المؤسسات الإعلامية تشهد أوضاعا متردية كالإعلام المصادر والخاص وحتى العمومي، لافتا إلى أن الصحافة المكتوبة تشكو صعوبات في العالم أجمع، مما يتوجب إيجاد حلول سريعة للإصلاح، وبرامج وهو ما لم يكن ضمن إهتمامات الحكومات السابقة.

وإعتبر أنه على المستوى الهيكلي يوجد مشكل في "الهايكا" يتعلق بعدم تجديدها، مُشدّدا على ضرورة أن تكون دستورية، على أنه ومنذ 2014 وضع الفصل الخاص بتركيبة الهيئة وضرورة إحداث قانون جديد لها، إلا أنه لم يقع إلى الآن وفي سنة 2021 إرساء القانون المذكور.

وفيما يخصّ الأوضاع الإجتماعية للصحفيين، لفت السعيدي إلى أنها قد تفاقمت في 2021، وساءت مع غلاء الأسعار، والحكومة السابقة رفضت الحوار وزيادة في الأجور، ومُجرّد حتى الحديث فيه، وهو نفس توجه الحكومة الحالية.

ومن ناحية الإصلاح، أشار السعيدي إلى أنه لم تطبق العديد من البرامج التي وقع نقاشها مع الهياكل المهنية ومع الحكومة.

وأوضح قائلا: "كل حكومة لا يمر عليها سنة إلا وترحل، وبقينا نتحدث في نفس الموضوع في كل مرّة مع كل حكومة دون أي تطبيق بوجود مشاكل مُتعدّدة، وهو ما قد يؤدي الى تفجر الأوضاع في القطاع سواء هيكليا أو إجتماعيا".

 وذكر السعيدي أنه في الوقت الراهن، حكومة نجلاء بودن لم تقدم رؤية واضحة، مُشيرا إلى وجود ضبابية في المشهد.

وإعتبر السعيدي أنها سنة لم تكن جيدة في قطاع الإعلام، مُتمنيا في هذه السنة الجديدة، أن تكون هناك رؤية جدية وواضحة، خاصة من الطرف الحكومي لإصلاح القطاع، تكون رؤية جديدة على مستوى القوانين والتشريعات المنظمة للقطاع، وعلى مستوى تحسين الأوضاع الإجتماعية وتحسين المقدرة الشرائية، وتطبيق الاتفاقيات السابقة.

وقال السعيدي: "نريد رؤية لمستقبل المؤسسات الإعلامية خاصة من جانب الصعوبات المالية".

ولفت إلى أن الإعلام العمومي بدوره يشكو من العديد من الصعوبات، سواء الإذاعات أو التلفزية إذ لا وجود لموارد مالية، أي ميزانية مخصصة للإنتاج وفقط تُدفع الأجور، ولا وجود أيضا لهيكلة واضحة، وهو ما جعل العديد من من المؤسسات الإعلامية العمومية بصفر إنتاج.

 

هشام السنوسي: الدولة إستقالت إتجاه الإعلام

 

من جانبه، ذكر عضو الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي البصري "الهايكا" هشام السنوسي، أن الاعلام جزء من المشهد العام يتأثر بالواقع السياسي والإجتماعي، بالنظر إلى أن الديمقراطية في تونس تمر بظروف صعبة جدا، وخيارات راديكالية، وهو ما يجعل أنه لا نستطيع في واقع مثل هذا الحديث عن اعلام جيد وممتاز، بوجود إشكاليات منها جانب مادي وآخر جانب موضوعي.

واعتبر أن الجانب الموضوعي يتمثل في استقالة الدولة إتجاه الإعلام، مُشدّدا على ضرورة التفكير في المجال الإعلامي كما وقع التفكير في قطاعات  للنهوض به.

وذكر السنوسي أن ظاهرة "البوز" و"الإثارة" في جانب منها تهدف الى البحث عن تمويل وإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية لأن حجم الإشهار في تونس لا يفي بحاجيات مختلف القنوات التلفزية والإذاعية.

وأكد على أنه من الضروري إنشاء صندوق لدعم جودة وسائل الإعلام على شاكلة الصندوق المتعلق بالمسرح والسينما لكن هذه الدعوة آذانا صاغية والتفاعل الذي تستحقه.

وعن الإشكاليات في جانبها الذاتي، أوضح السنوسي أن بعض أصحاب المؤسسات انخرطوا في العملية السياسية، مما إنجر عنه الضرر الجسيم الذي أصاب علاقة الإعلام بالجمهور مثل ما حدث بقناة نسمة والزيتونة، وإذاعة القرآن الكريم، وذلك من خلال اندماج هذه القنوات في عملية سياسية، وتوظيفها لتقديم خدمات لأحزاب وهي أحزاب كانت حاكمة على على غرار حزب قلب تونس وحركة النهضة، وفق قوله.

وبالحديث عن الإيجابيات في القطاع الإعلامي في 2021، ذكر السنوسي أنه اليوم هناك مؤشرات إيجابية على إعتبار أن أغلب الجمهور التونسي بنسب عالية جدا يستهلك وسائل إعلام تونسية وتراجعت وسائل الإعلام الدولية، ومن الملاحظ أيضا ظهور العديد من الظواهر الإيجابية الاخرى على غرار الاعلام الجمعياتي، وظهور اعلام بديل مناضل كالمواقع الإلكترونية الاستقصائية، إلى جانب ظهور العديد من الصحفيين والمعلقين يتمتّعون بدرجة عالية من الأداء.

وأضاف قائلا: "وهي جميعها، جوانب إيجابية وأكبر دليل على أن السعي نحو إعلام متطور، ذو جودة عالية ويساهم في بناء التجربة الديمقراطية، ونحن بصدد صراع كبير من أجل إرساء تجربة ديمقراطية حقيقية والاعلام جزء من هذا الصراع".

وفيما يتعلّق بالتعديل، بيّن السنوسي أن إمكانية تراجع الدولة عن فكرة التعديل وعن فكرة هيئة مستقلة سيكون ضربة قاسية للمشهد الإعلامي السمعي البصري، لافتا إلى أنه قد آن الأوان لإرساء الخيار في ما يتعلق بالدستور القادم والخيارات التي سيتضمنها حيث أن هناك في هذا الجانب تفكير في مسألة الإتصال والاعلام، مُعربا عن أمله بعدم  العودة إلى مربع وزارات الاعلام الإتصال.

وشدّد قائلا "الديمقراطيات الحديثة في حاجة إلى هيئات باعتبار أن الديمقراطية في حاجة الى اعلام يشكل فضاء لمختلف الحساسيات الفكرية للأحزاب المعارضة والحاكمة".

وإعتبر أنه يجب التفكير في مسألة الاستثمار في حجم الحريات المتوفرة في تونس، والتفكير جيدا في انشاء مدينة إعلامية في تونس وهو مقترح تحاول "الهايكا" أن تفتح حوارا مع السلطة التنفيذية بشأنه، "إلا أنه يبدو لكن يبدو أن الأولويات أولويات سياسية بالأساس".

وأشار السنوسي إلى أن أحد أهم التحديات في المرحلة القادمة هو موقع الصحفي من العملية الإعلامية فقد تم ملاحظة تراجع هذا الموقع لصالح نجوم في الشبكات الإجتماعية أو ممثلين أو فنانين ورياضيين ومحامين، مُبرزا أن هذا لا يُشكّل إشكالا لو تم إستثمارهم في إختصاصهم، لكنهم حاليا

يقومون بدور الصحفي ويتحدثون في الشأن العام ويديرون الحوارت، مُشيرا إلى أن العديد من هؤلاء غير مؤهلين للقيام بذلك وهذا ما سيأثر تأثير كثيرا على مستقبل الصحفي ومستقبل جودة المعلومة، لافتا إلى أنه من المفروض فتح حوار في الغرض.

وذكر السنوسي أن هذا منحى اتخذه أصحاب المؤسسات ذو بعد تجاري محض غير مسؤول اتجاه طبيعة المهنة وقواعدها وأخلاقياتها.

درصاف اللموشي