إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

يصدر كتابه قريبا/ عزيّز بوستّة: شاركت في معركة بنزرت..عايشت كل المحطات و"وسام الدم" اعاد لي الاعتبار

 
 حول الكتاب الذي سيصدره قريبا و الذي تعرّض فيه المناضل عزيز بوستة للأحداث الكبرى التي مرًت بها البلاد و في هذا الحوار يعرض لنا جانبا ممّا حصل في معركة بنزرت. 
هنالك اختلاف في الروايات حول الدوافع الحقيقية لاندلاع معركة بنزرت التي شاركت فيها و حصلت على إثرها على وسام الدمّ؟
إنً الأسباب البعيدة لتلك المعركة هيّ الموقع الاستراتيجي لبنزرت و الذي كان يسمح لفرنسا ببسط نفوذها على المنطقة و يضمن لقواتها الجويّة الجاهزية القتالية لإخماد نار الثورة الجزائرية و لذلك أقدمت على توسيع مطار سيدي أحمد ليكون مؤهّلا لإقلاع طائرات الB26 في اتّجاه الجزائر  و كان ذلك القادح لانطلاق المعركة .
تلك المعركة العنيفة أرادت فرنسا من خلالها معاقبة تونس على إيوائها للحكومة الجزائرية و إسناد المقاومة عبر تسهيل حركتهم في الحدود و مدً المقاومة بالأسلحة …
الزعيم بورڤيبة يعلم تمام العلم أنّه في حال تمّ القضاء على الثورة الجزائرية فلن تغادر فرنسا بنزرت  فأعلن الحرب و أصدر أوامره كقائد أعلى للقوات المسلّحة بمنع حركة الجيش الفرنسي و بإطلاق الناّر على "أي جرم يتحرًك برّا و بحرا و جوًا " .
كيف كانت بداية معركة بنزرت التاريخيّة و كيف نجحتم في الصمود رغم اختلال موازين القوى …؟
قامت القوًات المسلّحة التونسية بنشر الحواجز لمنع حركة الجيش الفرنسي و توافد المتطوّعون على إثر دعوة الزعيم بورڤيبة التونسيين لقتال فرنسا و قد كان أغلب المتطوّعين من مناطق الشمال الغربي و قد تمركز المتطوّعون في خنادق حول القواعد العسكريّة الفرنسيّة و في الساعة السادسة مساءا وصلت حاملة الطائرات "لافايات" للمياه الإقليمية ببنزرت و في حدود منتصف اللّيل شرعت الطائرات الفرنسية في قصف الحواجز العسكرية التي نشرناها و ممّا يذكر هنا أنّ الرائد البجاوي قصف المطارات العسكرية الفرنسية بالمدفعيّة و جعلها غير صالحة للإقلاع و قد استقدمت القوات الفرنسية قائد المضلّيين الذي كان متّجها إلى الجزائر إلى أن تلقّى الأوامر بالعودة لتونس على إثر اندلاع معركة بنزرت وهو ما تمّ بالفعل و قد قامت قواتنا العسكرية بالتصدّي لعمليّات الإنزال للمضلّيين و لم يستجب التونسيين لدعوة الفرنسيين لهم للاستسلام و قاوم المتطوّعون بأسلحتهم البسيطة و قدّمت قوّاتنا العسكريّة عديد الشهدا و انتهت المعركة بحصيلة ثقيلة في حدود 6000 شهيد بين مدنيين و عسكريين و من الأحداث التي لازلت أذكرها حينما كنّا في منطقة صعدة الشرف و كانت أشلاء المقاومين متناثرة هنا وًهناك و فوق أشجار الزيتون كان هنالك شابّ بترت يده و خرجت أحشاؤه و مان يهتف يحيا بورڤيبة و هذه الحادثة رويتها للزعيم بورڤيبة أثناء توسيمي من سيادته فاغرورقت عيناه بالدموع …
يرى عديد الباحثين أنّ معركة بنزرت كانت ردّة فعل انتقامية عنيفة أظهرت غطرسة المستعمر الفرنسي و رفضه مغادرة بنزرت ما رأيكم في ذلك؟
هنالك حادثة تظهر ذلك بوضوح وهي عندما زار داڤ هامرشولد بنزرت في اليوم الثاني لمعركة بنزرت حيث تعمّدت القوات الفرنسية إهانته و تفتيشه و منعه من الدخول في البداية و هذا يعني أنًها لم تكن تعير اهتماما للقانون الدولي و للمؤسًسات الدولية . هنالك تصريح شهير للأميرال آمان حبنما سأل عن كلمة سفّاح و التي كان يصفه بها التونسيين و حينما علم معناها قال بالحرف الواحد أنا سفّاح و هؤلاء التونسيين خرفان و سأذبحهم ، اليوم يحزنني أنّ كلّ هذه التضحيات و الشهداء الأبطال و ما حصل من فضاعات لا يعلمها لا يعلمها التونسيون و هنالك من ذهب إلى حدّ التشكيك في جدوى المعركة و أهمّيتها و هو ما دفعني لإعداد الكتاب الذي سيصدر قريبا .
ختاما كيف نجح التونسيون في معركة الجلاء ؟ 
لقد كانت القيادة السياسية بزعامة بورڤيبة تتقن استشراف الأوضاع و تحسن التقاط اللّحظة المناسبة للتحرّك و لم يكن بالإمكان تجنّب معركة بنزرت أو تأجيلها  بشكل سمح له بتتويج نضالات التونسين بجلاء المستعمر حيث لا تكفي المقاومة وحدها لتحقيق المكاسب السياسية بل لا بدّ من توازي المسارات و هذا ما فعله الزعيم بورڤيبة كما نجح في تدويل القضية عبر علاقاته الدولية و فهم التوازنات الدولية الحديدة بعد الحرب العالمية الثانية و صعود الولايات المتحدة كقوّة عظمى و خياراتها في الدفع نحو حقّ الشعوب في تقرير مصيرها.
لقد كان بورڤيبة زعيما وطنيًا و قامة استثنائية في العمل السياسي بل في عموم المنطقة و إلى اليوم لازلنا نرى بصمته في النسيج المجتمعي و في إشعاع تونس و وزنها السياسي .
حاوره: النوري
يصدر كتابه قريبا/ عزيّز بوستّة: شاركت في معركة بنزرت..عايشت كل المحطات و"وسام الدم" اعاد لي الاعتبار
 
 حول الكتاب الذي سيصدره قريبا و الذي تعرّض فيه المناضل عزيز بوستة للأحداث الكبرى التي مرًت بها البلاد و في هذا الحوار يعرض لنا جانبا ممّا حصل في معركة بنزرت. 
هنالك اختلاف في الروايات حول الدوافع الحقيقية لاندلاع معركة بنزرت التي شاركت فيها و حصلت على إثرها على وسام الدمّ؟
إنً الأسباب البعيدة لتلك المعركة هيّ الموقع الاستراتيجي لبنزرت و الذي كان يسمح لفرنسا ببسط نفوذها على المنطقة و يضمن لقواتها الجويّة الجاهزية القتالية لإخماد نار الثورة الجزائرية و لذلك أقدمت على توسيع مطار سيدي أحمد ليكون مؤهّلا لإقلاع طائرات الB26 في اتّجاه الجزائر  و كان ذلك القادح لانطلاق المعركة .
تلك المعركة العنيفة أرادت فرنسا من خلالها معاقبة تونس على إيوائها للحكومة الجزائرية و إسناد المقاومة عبر تسهيل حركتهم في الحدود و مدً المقاومة بالأسلحة …
الزعيم بورڤيبة يعلم تمام العلم أنّه في حال تمّ القضاء على الثورة الجزائرية فلن تغادر فرنسا بنزرت  فأعلن الحرب و أصدر أوامره كقائد أعلى للقوات المسلّحة بمنع حركة الجيش الفرنسي و بإطلاق الناّر على "أي جرم يتحرًك برّا و بحرا و جوًا " .
كيف كانت بداية معركة بنزرت التاريخيّة و كيف نجحتم في الصمود رغم اختلال موازين القوى …؟
قامت القوًات المسلّحة التونسية بنشر الحواجز لمنع حركة الجيش الفرنسي و توافد المتطوّعون على إثر دعوة الزعيم بورڤيبة التونسيين لقتال فرنسا و قد كان أغلب المتطوّعين من مناطق الشمال الغربي و قد تمركز المتطوّعون في خنادق حول القواعد العسكريّة الفرنسيّة و في الساعة السادسة مساءا وصلت حاملة الطائرات "لافايات" للمياه الإقليمية ببنزرت و في حدود منتصف اللّيل شرعت الطائرات الفرنسية في قصف الحواجز العسكرية التي نشرناها و ممّا يذكر هنا أنّ الرائد البجاوي قصف المطارات العسكرية الفرنسية بالمدفعيّة و جعلها غير صالحة للإقلاع و قد استقدمت القوات الفرنسية قائد المضلّيين الذي كان متّجها إلى الجزائر إلى أن تلقّى الأوامر بالعودة لتونس على إثر اندلاع معركة بنزرت وهو ما تمّ بالفعل و قد قامت قواتنا العسكرية بالتصدّي لعمليّات الإنزال للمضلّيين و لم يستجب التونسيين لدعوة الفرنسيين لهم للاستسلام و قاوم المتطوّعون بأسلحتهم البسيطة و قدّمت قوّاتنا العسكريّة عديد الشهدا و انتهت المعركة بحصيلة ثقيلة في حدود 6000 شهيد بين مدنيين و عسكريين و من الأحداث التي لازلت أذكرها حينما كنّا في منطقة صعدة الشرف و كانت أشلاء المقاومين متناثرة هنا وًهناك و فوق أشجار الزيتون كان هنالك شابّ بترت يده و خرجت أحشاؤه و مان يهتف يحيا بورڤيبة و هذه الحادثة رويتها للزعيم بورڤيبة أثناء توسيمي من سيادته فاغرورقت عيناه بالدموع …
يرى عديد الباحثين أنّ معركة بنزرت كانت ردّة فعل انتقامية عنيفة أظهرت غطرسة المستعمر الفرنسي و رفضه مغادرة بنزرت ما رأيكم في ذلك؟
هنالك حادثة تظهر ذلك بوضوح وهي عندما زار داڤ هامرشولد بنزرت في اليوم الثاني لمعركة بنزرت حيث تعمّدت القوات الفرنسية إهانته و تفتيشه و منعه من الدخول في البداية و هذا يعني أنًها لم تكن تعير اهتماما للقانون الدولي و للمؤسًسات الدولية . هنالك تصريح شهير للأميرال آمان حبنما سأل عن كلمة سفّاح و التي كان يصفه بها التونسيين و حينما علم معناها قال بالحرف الواحد أنا سفّاح و هؤلاء التونسيين خرفان و سأذبحهم ، اليوم يحزنني أنّ كلّ هذه التضحيات و الشهداء الأبطال و ما حصل من فضاعات لا يعلمها لا يعلمها التونسيون و هنالك من ذهب إلى حدّ التشكيك في جدوى المعركة و أهمّيتها و هو ما دفعني لإعداد الكتاب الذي سيصدر قريبا .
ختاما كيف نجح التونسيون في معركة الجلاء ؟ 
لقد كانت القيادة السياسية بزعامة بورڤيبة تتقن استشراف الأوضاع و تحسن التقاط اللّحظة المناسبة للتحرّك و لم يكن بالإمكان تجنّب معركة بنزرت أو تأجيلها  بشكل سمح له بتتويج نضالات التونسين بجلاء المستعمر حيث لا تكفي المقاومة وحدها لتحقيق المكاسب السياسية بل لا بدّ من توازي المسارات و هذا ما فعله الزعيم بورڤيبة كما نجح في تدويل القضية عبر علاقاته الدولية و فهم التوازنات الدولية الحديدة بعد الحرب العالمية الثانية و صعود الولايات المتحدة كقوّة عظمى و خياراتها في الدفع نحو حقّ الشعوب في تقرير مصيرها.
لقد كان بورڤيبة زعيما وطنيًا و قامة استثنائية في العمل السياسي بل في عموم المنطقة و إلى اليوم لازلنا نرى بصمته في النسيج المجتمعي و في إشعاع تونس و وزنها السياسي .
حاوره: النوري

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews