إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من جنيف.. وزير الخارجية يجدد رفض تونس القاطع لمحاولات الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين

القى نبيل عمّار، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج كلمة في الاجتماع الوزاري رفيع المستوى حول "حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي" بجنيف.
وقد جدد رفض تونس القاطع لكافة أشكال ومحاولات الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين.
وفي التالي فحوى الكلمة:
"نجتمع اليوم في وقت يشهد فيه قطاع غزة في فلسطين، بعد 17 عاما من الحصار، فصلا غير مسبوق من الفظائع ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.
إن الهجمات القاتلة والعمياء تنشر الموت والألم بلا حدود، وتغذي الكراهية بالنسبة للأجيال القادمة.
لأول مرة في التاريخ الحديث، نشهدُ هذا المستوى من الجرائم من قبل تحالف يستخدم أحدث الوسائل العسكرية في العالم، ضد المدنيين العزل والأبرياء والأطفال والنساء وموظفي الأمم المتحدة وحتى المرضى داخل غرف العمليات في المستشفيات.
وينضاف كلّ هذا إلى العنف الشديد الممارس ضد الفلسطينيين جراء حرمانهم من كافة حقوقهم طيلة أكثر من 75 عاماً.
لقد تخلى المجتمع الدولي عن تحمّل مسؤولياته لمنع هذا العدوان الهمجي وإيقافه فورا ومحاسبة كيان الاحتلال على هذه الإبادة الجماعية.
إنّ هذا العجز المنظم بصدد تقويض مصداقية النظام المتعدد الأطراف وتحويل عالمنا إلى غاب شاسع.
كما أنه يشكّل فشلاً ذريعاً لسرديّة نفس تلك الأطراف التي تقدم نفسها كمنارة للقيم والحريات الديمقراطية.
ونحن واعون تماما بالتأثير المحدود لاجتماعنا اليوم، ونحن على دراية كاملة بالقوى الحقيقية التي تتحكّم ولا تزال في نظامنا الذي نطلق عليه جزافا "المتعدد الأطراف".
ولكن اليوم، أصبحت الفجوة لا تحتمل بين الأهداف الاصليّة لتعددية الأطراف وإنجازاتها الفعليّة، وخاصة لدى الرأي العام الدولي، مع ما يرافق ذلك من فقدان الثقة في النّظام متعدّد الأطراف، واهتزاز مصداقيته على المستوى العالمي، بشكل لم نشهده من قبل. 
فما نقوله، و نؤكد عليه لم يعد اليوم، بمقدوره تبرير أو إخفاء ما نفعلُه أو نسمح بفعله في الواقع. 
وبوتيرة عالية، يتأكد اكثر فأكثر  أن عالمنا محكوم بقوة السّلاح وحدها من ناحية، وبالاقتصاد المفترس وغير المسؤول من ناحية أخرى. وفي الأغلب الاثنان مرتبطان. 
ولئن لم تكن هذه الديناميكيّة أمراً مستحدثا، فإنّها أصبحت اليوم مكشوفة تمامًا، وتُنذر بتهديد وشيك، وغير مسبوق، لحقِّنا في الحياة ولأمن كوكبنا وديمومته، كما لم يحدث من قبل.
بل إننا قد بلغنا مرحلة يمكن فيها لبلد واحد أن يخالف موقف الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي بشأن قضية حاسمة تتعلق بحق أساسي من حقوق الإنسان: الحق في الحياة.
إن الإبادة الجماعية في غزة، بكل مكوناتها، هي مثال كامل ومخزي لفشل نظامنا الذي تم إنشاؤه منذ عام 1948.
فجميع المكاسب والإنجازات الدولية اليوم على المحك، نظرا إلى أنّ جوهر الحكم الدولي الرشيد قد تم المساس به.
وبالرغم من كل هذا، آلت تونس على نفسها أن تكون حاضرة في هذه المناسبة، وأن تُذّكر، من منطلق تاريخها، بمواقفها الرائدة والاستشرافية والإنسانية، على مرّ العصور، حيث كانت دائما تقف الى جانب الحلول لا الى جانب المشاكل، مثل الاستعمار، والحروب العالمية، والقنابل الذرية، والحروب الاقتصادية، والاستيلاء على الأراضي مع القضاء على الشعوب الأصلية، أو تدمير كوكبنا.
ومن ثم، فمن المؤسف أن القوة فقط هي التي يحسب لها الف حساب على المستوى العالمي، ولم يعد هناك أي كابح ضد أي انتهاكات. فقانون القوة حل محل قوة القانون. هكذا يُقتل أطفال أبرياء وبالمقابل يمتثل  لاشارات المرور بكل خشوع و يتباهى البعض  براحة الضمير وحتى بإعطاء الدروس للغير.
ومن هنا يتأتّي تأكيدنا على موقف تونس بشأن الحاجة الفورية إلى إجراء إصلاحات جذرية وديمقراطية على مستوى الحوكمة السياسية والاقتصادية والمالية العالمية، من أجل مزيد من المحاسبة والمصداقية والنجاعة، إذا كان هذا هو ما نبحث عنه بجدية.
وندعو أولئك الذين يواصلون تبني موقف غير مسؤول إلى استعادة مصداقيتهم والتصرف وفقا لالتزاماتهم الدولية.
كما ندعو وسائل الإعلام والصحفيين إلى القيام بواجباتهم بكل حيادية ومهنية، والحفاظ على ما  يمكن الحفاظ عليه  مما يسمى ب“حرية التعبير”.
لم يعد مقبولا تبني مثل هذه السردية التي لا تفرق بين المعتدي المحتل وضحيته.
فمن الواضح أن سياسة الغطرسة والإرهاب المتبعة منذ عقود قد فشلت في تقويض اصرار الشعب الفلسطيني على المطالبة بأرضه وحقوقه.
ولم يعد بإمكان العالم أن يغض الطّرف عن الجوهر الحقيقي للصراع، الذي يظل مسألة احتلال ومصادرة أراضي واستيطان غير قانوني وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان وإبادة جماعية لشعب منذ عام 1948.
السيدات والسادة،
تجددُ تونس رفضها القاطع لكافة أشكال ومحاولات الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين.
وندعو المجتمع الدولي إلى استخلاص الدروس الصحيحة من التاريخ البعيد والقريب ومن مآسي الماضي والحاضر، لإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من كافة حقوقه المشروعة والمعترف بها دوليا.
لقد وقفت تونس دائما مع السلام المبني على العدالة، وستظل داعمة تماما للقضايا العادلة ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والحرية والاستقلال."
من جنيف.. وزير الخارجية يجدد رفض تونس القاطع لمحاولات الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين
القى نبيل عمّار، وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج كلمة في الاجتماع الوزاري رفيع المستوى حول "حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي" بجنيف.
وقد جدد رفض تونس القاطع لكافة أشكال ومحاولات الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين.
وفي التالي فحوى الكلمة:
"نجتمع اليوم في وقت يشهد فيه قطاع غزة في فلسطين، بعد 17 عاما من الحصار، فصلا غير مسبوق من الفظائع ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.
إن الهجمات القاتلة والعمياء تنشر الموت والألم بلا حدود، وتغذي الكراهية بالنسبة للأجيال القادمة.
لأول مرة في التاريخ الحديث، نشهدُ هذا المستوى من الجرائم من قبل تحالف يستخدم أحدث الوسائل العسكرية في العالم، ضد المدنيين العزل والأبرياء والأطفال والنساء وموظفي الأمم المتحدة وحتى المرضى داخل غرف العمليات في المستشفيات.
وينضاف كلّ هذا إلى العنف الشديد الممارس ضد الفلسطينيين جراء حرمانهم من كافة حقوقهم طيلة أكثر من 75 عاماً.
لقد تخلى المجتمع الدولي عن تحمّل مسؤولياته لمنع هذا العدوان الهمجي وإيقافه فورا ومحاسبة كيان الاحتلال على هذه الإبادة الجماعية.
إنّ هذا العجز المنظم بصدد تقويض مصداقية النظام المتعدد الأطراف وتحويل عالمنا إلى غاب شاسع.
كما أنه يشكّل فشلاً ذريعاً لسرديّة نفس تلك الأطراف التي تقدم نفسها كمنارة للقيم والحريات الديمقراطية.
ونحن واعون تماما بالتأثير المحدود لاجتماعنا اليوم، ونحن على دراية كاملة بالقوى الحقيقية التي تتحكّم ولا تزال في نظامنا الذي نطلق عليه جزافا "المتعدد الأطراف".
ولكن اليوم، أصبحت الفجوة لا تحتمل بين الأهداف الاصليّة لتعددية الأطراف وإنجازاتها الفعليّة، وخاصة لدى الرأي العام الدولي، مع ما يرافق ذلك من فقدان الثقة في النّظام متعدّد الأطراف، واهتزاز مصداقيته على المستوى العالمي، بشكل لم نشهده من قبل. 
فما نقوله، و نؤكد عليه لم يعد اليوم، بمقدوره تبرير أو إخفاء ما نفعلُه أو نسمح بفعله في الواقع. 
وبوتيرة عالية، يتأكد اكثر فأكثر  أن عالمنا محكوم بقوة السّلاح وحدها من ناحية، وبالاقتصاد المفترس وغير المسؤول من ناحية أخرى. وفي الأغلب الاثنان مرتبطان. 
ولئن لم تكن هذه الديناميكيّة أمراً مستحدثا، فإنّها أصبحت اليوم مكشوفة تمامًا، وتُنذر بتهديد وشيك، وغير مسبوق، لحقِّنا في الحياة ولأمن كوكبنا وديمومته، كما لم يحدث من قبل.
بل إننا قد بلغنا مرحلة يمكن فيها لبلد واحد أن يخالف موقف الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي بشأن قضية حاسمة تتعلق بحق أساسي من حقوق الإنسان: الحق في الحياة.
إن الإبادة الجماعية في غزة، بكل مكوناتها، هي مثال كامل ومخزي لفشل نظامنا الذي تم إنشاؤه منذ عام 1948.
فجميع المكاسب والإنجازات الدولية اليوم على المحك، نظرا إلى أنّ جوهر الحكم الدولي الرشيد قد تم المساس به.
وبالرغم من كل هذا، آلت تونس على نفسها أن تكون حاضرة في هذه المناسبة، وأن تُذّكر، من منطلق تاريخها، بمواقفها الرائدة والاستشرافية والإنسانية، على مرّ العصور، حيث كانت دائما تقف الى جانب الحلول لا الى جانب المشاكل، مثل الاستعمار، والحروب العالمية، والقنابل الذرية، والحروب الاقتصادية، والاستيلاء على الأراضي مع القضاء على الشعوب الأصلية، أو تدمير كوكبنا.
ومن ثم، فمن المؤسف أن القوة فقط هي التي يحسب لها الف حساب على المستوى العالمي، ولم يعد هناك أي كابح ضد أي انتهاكات. فقانون القوة حل محل قوة القانون. هكذا يُقتل أطفال أبرياء وبالمقابل يمتثل  لاشارات المرور بكل خشوع و يتباهى البعض  براحة الضمير وحتى بإعطاء الدروس للغير.
ومن هنا يتأتّي تأكيدنا على موقف تونس بشأن الحاجة الفورية إلى إجراء إصلاحات جذرية وديمقراطية على مستوى الحوكمة السياسية والاقتصادية والمالية العالمية، من أجل مزيد من المحاسبة والمصداقية والنجاعة، إذا كان هذا هو ما نبحث عنه بجدية.
وندعو أولئك الذين يواصلون تبني موقف غير مسؤول إلى استعادة مصداقيتهم والتصرف وفقا لالتزاماتهم الدولية.
كما ندعو وسائل الإعلام والصحفيين إلى القيام بواجباتهم بكل حيادية ومهنية، والحفاظ على ما  يمكن الحفاظ عليه  مما يسمى ب“حرية التعبير”.
لم يعد مقبولا تبني مثل هذه السردية التي لا تفرق بين المعتدي المحتل وضحيته.
فمن الواضح أن سياسة الغطرسة والإرهاب المتبعة منذ عقود قد فشلت في تقويض اصرار الشعب الفلسطيني على المطالبة بأرضه وحقوقه.
ولم يعد بإمكان العالم أن يغض الطّرف عن الجوهر الحقيقي للصراع، الذي يظل مسألة احتلال ومصادرة أراضي واستيطان غير قانوني وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان وإبادة جماعية لشعب منذ عام 1948.
السيدات والسادة،
تجددُ تونس رفضها القاطع لكافة أشكال ومحاولات الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين.
وندعو المجتمع الدولي إلى استخلاص الدروس الصحيحة من التاريخ البعيد والقريب ومن مآسي الماضي والحاضر، لإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من كافة حقوقه المشروعة والمعترف بها دوليا.
لقد وقفت تونس دائما مع السلام المبني على العدالة، وستظل داعمة تماما للقضايا العادلة ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والحرية والاستقلال."

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews