إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وسط اتهامات بالابتزاز وبتقنين الجريمة/ تبييض الأموال في تونس.. تسمع جعجعة ولا ترى طحينا

تونس-الصباح

كغيره من المواضيع الخطيرة والحساسة التي يتم تناولها إعلاميا وقضائيا في السنوات الأخيرة دون تبين حقيقة حجم الظاهرة ومدى جدية الملفات والتهم التي تلاحق بعض الأسماء، يطرح  ملف تبييض الأموال في تونس أكثر من نقطة استفهام.

فقد أصبحت الإحالة على القضاء بتهمة تبييض الأموال شائعة وتتكرر مع أكثر من شخصية، من بينها وجوه سياسية وفنية، وفي أكثر من ملف يشغل الرأي العام لفترة ثم تنتهي "الزوبعة" دون أثر يذكر إلى درجة استسهال وتحول قضية مثل تبييض الأموال وما تطرحه من مخاطر إلى مجرد "فرقعات إعلامية" قد تحجب الضوء عن القضايا الحقيقية والخطيرة وتداعياتها.

قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي، لدى محكمة الاستئناف بتونس، بنقض الحكم الابتدائي، والقضاء بـ“عدم سماع الدعوى" وتبرئة مغني الراب سواغ مان من تهمة تبييض الأموال.

ويأتي حكم البراءة بعد حكم ابتدائي قضى  بسجن“سواغ مان”، لـ5 سنوات، من أجل جريمة تبييض الأموال.

وليست هذه القضية الأولى التي تشغل الرأي العام فقد سبق أن أحيلت وجوه سياسية وحزبية من الصف الأول على القضاء بتهم تبييض الأموال على غرار سليم الرياحي ونبيل القروي ومؤخرا مهدي بن غربية وغيرهم

كما شغلت في جوان 2020 قضية اقتناء تونسيين لشقق فاخرة في مدينة "أليكانتي" التابعة لكوستا بلانكا في جنوب شرق إسبانيا الرأي العام بعد أن تم الحديث عن وجود شبهة تبييض وغسل أموال بالنسبة إلى الشركة التي توسّطت في عملية اقتناء هذه الشراءات"، وفق النيابة العمومية بالقطب القضائي والمالي أين تم حينها الاحتفاظ بـ4 أشخاص من جملة نحو 35 شملتهم الأبحاث.

قضايا تثار لفترة وبعضها يحفظ في حين تظل أخرى لسنوات دون معرفة مآلها.

في الأثناء تتضح أكثر فأكثر الصورة في علاقة بجدية مكافحة جريمة تبييض الأموال في تونس ومدى فاعلية القوانين والتشريعات الموجودة ومدى الالتزام بتطبيقها وكيف تحول جزء من القضايا إلى فرص سانحة للبعض للابتزاز. 

جدية مكافحة تبييض الأموال

يعلم الجميع أن تصنيف تونس في 2017 من قبل مجموعة العمل المالي،"GAFI"، وهي منظمة حكومية دولية تهدف لمحاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب، ضمن القائمة السوداء  دفع السلطات التونسية إلى بذل مجهود أكبر في ملاحقة من تتعلق بهم شبهات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وإقرار جملة من الإجراءات ساهمت في خروج تونس من تلك القائمة في أكتوبر 2019.

وكان البنك المركزي وفي سياق تعزيز مجهودات مكافحة تبييض الأموال قد اصدر في سبتمبر 2017  منشورا للبنوك  والمؤسسات المالية يحتوي على جملة  إجراءات" تلزم هذه المؤسسات بتعزيز المراقبة الداخلية درءا لمخاطر تبييض أموال وتمويل الإرهاب. والقيام بإجراءات يقظة للكشف والإعلام عن العمليات والمعاملات المشبوهة".

والملاحظ أنه على امتداد تصنيف تونس كجنة ضريبية ارتفعت وتيرة تجميد الأصول المشتبه فيها وإحالة الملفات ومعالجتها من قبل لجنة التحاليل المالية وهذا ما يؤكده تقريرها لسنتي 2018و2019. حيث قام البنك المركزي  بتجميد أصول ما يقارب 31.5 مليون دولار، في إطار إجراءات تحفظ تتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال. وأحالت اللجنة الوطنية للتحاليل المالية، التابعة للبنك المركزي،   710 ملفات شبهات تمويل الإرهاب وغسل الأموال للجهات القضائية المختصة، خلال سنتي  2018 و2019 من بين 1245 ملفا تمت معالجتها.

ووفقاً للتقرير المذكور، فقد توزعت الملفات المعالجة بين 600 ملف في 2018 و645 ملفا في عام 2019، مقابل 153 ملفا تمت معالجتها في عام 2017. وأن 91 بالمائة من الملفات التي تمت معالجتها خلال سنة 2018، تخص غسيل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها و9 بالمائة ملفات متعلقة بتمويل الإرهاب. وبلغت  الملفات التي تمت معالجتها والتي تخص تمويل الإرهاب في 2019 ،نسبة 15 في المائة ، والملفات المتعلقة بغسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها 85 بالمائة.

لكن وبمجرد بلوغ هدف خروج تونس من القائمة السوداء تراجع نسب الملفات المتعلقة بقضايا تبييض الأموال ما بين عامي 2019 و2020، حيث تراجع هذا الصنف من القضايا المحالة على القضاء المالي من 85% عام 2019 إلى 64% سنة 2020 فيما اتصلت 36% من القضايا  بتمويل الإرهاب مقابل 15% سنة 2019.

ولعل هذا ما يجعل الحكم على مدى جدية مكافحة تبييض الأموال بأنه عمل "مناسباتي" يرتبط بالظروف ولا بالإرادة الجادة في تتبع هذه الجريمة في طورها الأصلي والفرعي والحد من مخاطرها.

البنوك في تونس فوق الشبهات!!

مسألة أخرى ترتبط جوهريا بمعرفة مدى جدية الدولة في مراقبة ومكافحة تبييض الأموال وترتبط بالجهاز البنكي في تونس.

 ففي حين تسجل في عديد البلدان من حين لآخر قضايا تتورط فيها البنوك في عمليات تبييض أموال وتتناولها الصحافة وتقر عقوبات وخطايا ضد هذه البنوك على غرار فضيحة HSBC البنك البريطاني وهو من أهم البنوك في أوروبا والعالم وكذلك إدانة Deutsche Bank بخطية فاقت 13 مليون أورو في شبهة تبييض أموال، لم نسجل في تونس أي حديث عن تقارير مراقبة للبنوك في تونس أدانت البنوك التونسية رغم أن الكثير من المختصين في المجال يؤكدون أن شبهات تبييض الأموال تلاحق عادة الجهاز المصرفي.

وبشهادة لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي، ذاتها في أحد تقاريرها الذي تناول خطر غسل الأموال، هناك إقرار بأن البنوك التونسية تعتبر "وجهة مفضلة لغير المقيمين وأن حوالي 70 % من التصاريح بالشبهة في غسل الأموال التي أحيلت على القضاء كانت تتصل بأشخاص غير مقيمين". وعادة ما تعتبر البنوك "مرحلة تمويه كثاني حلقة في مسار تبييض وغسل الأموال".

واستنادا للقانون فإن البنك المركزي مطالب بمراقبة البنوك وكذلك الهيئة العامة للتأمين مطالبة بمراقبة منظوريها للوقوف على التجاوزات وأيضا لضمان فاعلية المنظومة الداخلية لمكافحة تبييض الأموال.

وفي غياب أي إدانة إلى اليوم في حق هذه الوسائط التي تمر عبرها جريمة تبييض الأموال لسائل أن يتساءل هل فعلا هي فوق الشبهات أم أن المراقبة لا تتم بالشكل المطلوب؟؟

قوانين وتشريعات ولكن

تتبع مسار مكافحة تبييض الأموال في تونس قانونيا يشير إلى أن البداية كانت مع قانون 2003 الذي تم تنقيحه في 2009 وصولا إلى قانون 2015 الذي نقح أيضا في 2019.

ورغم الارتياح الكبير لاسيما بعد سن قانون 2015 إلا أن الكثير من المختصين في مجال مكافحة تبييض الأموال يشددون على وجود العديد من النقائص التي مازالت تتطلب المراجعة بل والبعض يتهم الدولة صراحة" بالتواطؤ".

نذكر على سبيل المثال بهذا الصدد أنه بتاريخ  5 جانفي 2021 اصدر مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة بيانا طالب فيه بالكف "عن تقنين وتبييض جريمة غسيل الأموال". وفق نص البيان الذي  استنكر تغيير الفصل 62 من القانون عدد 75 لسنة 2003   الصادر سنة 2003 الذي نص على كل الجنح كجرائم أصلية طبقا للمعايير الدولية الموضوعة من قبل مجموعة العمل المالي بباريس ثم تعويضه بالفصل 92 من القانون عدد 26 لسنة 2019 الذي لم يشمل كل الجنح مضيقا في قائمة الجرائم الأصلية بصفة مخالفة للمعايير الدولية.

ويضيف مرصد الشفافية "إن مكافحة الفساد وتبييض الأموال تبدأ بتطهير التشريع الجاري به العمل من الأحكام الفاسدة وملاءمته مع المعاهدات الدولية".  

 

مطية للابتزاز!

تشير أيضا بعض الوقائع والمؤشرات إلى أن قضايا تبييض الأموال تكاد تتحول في تونس إلى مطية للابتزاز دون أن يكون الهدف حقيقة تتبع جريمة تبييض الأموال.

فقد صرح  الأستاذ الطيب بالصادق محامي مغنى الراب سواغ مان بعد صدور حكم البراءة لمنوبه أن هذا الأخير  تعرض لمؤامرة والعديد من المؤيدات برهنت براءته، قائلا ''سبق أن تحدثت عن بعض المسائل بغموض احتراما لسير القضاء، وأعتبر أن المحكمة شجاعة بعد أن قضت بعدم سماع الدعوى إثر الإطلاع على الملف..'

وكشف الطيب صادق في تصريح إذاعي عن  تورّط عدد من الإعلاميين في ملف القضية، معلقا ''الملف خطير جدا وانطلق من شركة كلفت من مجهول وخططت ونفذت ولنا جميع الأدلة التي تثبت ذلك، وستكون أمام القضاء.. والملف يشمل مجموعة كبيرة من المبتزّين والمتحيّلين الذين استغلوا القضية لابتزاز منوبي ..''

وأضاف ''منوبي تعرض لمؤامرة ولنا الإثباتات، وتم ابتزازه من إعلاميين وسياسيين ورفعنا قضية ضد بعض الشخصيات وسيتم الكشف عن الطرف الذي تورط في العملية والذي خطط لها ومن نفذها بإتقان..'

كما أكد لـ"الصباح" عدد من المتابعين لقضايا تبييض الأموال أن عددا كبيرا من الليبيين المجمدة أموالهم في تونس تعرضوا لكل أنواع الابتزاز لا سيما في ظل العدد الكبير من الملفات المحالة بشبهة تبييض الأموال.

وحاليا تواصل السلطات الليبية الضغط  من أجل حل  ملف أموال الليبيين المصادرة في تونس واستعادتها وقد طرح الموضوع بإلحاح في الزيارة الرسمية التي أداها رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي إلى طرابلس في ماي الفارط.

م.ي

وسط اتهامات بالابتزاز وبتقنين الجريمة/ تبييض الأموال في تونس.. تسمع جعجعة ولا ترى طحينا

تونس-الصباح

كغيره من المواضيع الخطيرة والحساسة التي يتم تناولها إعلاميا وقضائيا في السنوات الأخيرة دون تبين حقيقة حجم الظاهرة ومدى جدية الملفات والتهم التي تلاحق بعض الأسماء، يطرح  ملف تبييض الأموال في تونس أكثر من نقطة استفهام.

فقد أصبحت الإحالة على القضاء بتهمة تبييض الأموال شائعة وتتكرر مع أكثر من شخصية، من بينها وجوه سياسية وفنية، وفي أكثر من ملف يشغل الرأي العام لفترة ثم تنتهي "الزوبعة" دون أثر يذكر إلى درجة استسهال وتحول قضية مثل تبييض الأموال وما تطرحه من مخاطر إلى مجرد "فرقعات إعلامية" قد تحجب الضوء عن القضايا الحقيقية والخطيرة وتداعياتها.

قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي، لدى محكمة الاستئناف بتونس، بنقض الحكم الابتدائي، والقضاء بـ“عدم سماع الدعوى" وتبرئة مغني الراب سواغ مان من تهمة تبييض الأموال.

ويأتي حكم البراءة بعد حكم ابتدائي قضى  بسجن“سواغ مان”، لـ5 سنوات، من أجل جريمة تبييض الأموال.

وليست هذه القضية الأولى التي تشغل الرأي العام فقد سبق أن أحيلت وجوه سياسية وحزبية من الصف الأول على القضاء بتهم تبييض الأموال على غرار سليم الرياحي ونبيل القروي ومؤخرا مهدي بن غربية وغيرهم

كما شغلت في جوان 2020 قضية اقتناء تونسيين لشقق فاخرة في مدينة "أليكانتي" التابعة لكوستا بلانكا في جنوب شرق إسبانيا الرأي العام بعد أن تم الحديث عن وجود شبهة تبييض وغسل أموال بالنسبة إلى الشركة التي توسّطت في عملية اقتناء هذه الشراءات"، وفق النيابة العمومية بالقطب القضائي والمالي أين تم حينها الاحتفاظ بـ4 أشخاص من جملة نحو 35 شملتهم الأبحاث.

قضايا تثار لفترة وبعضها يحفظ في حين تظل أخرى لسنوات دون معرفة مآلها.

في الأثناء تتضح أكثر فأكثر الصورة في علاقة بجدية مكافحة جريمة تبييض الأموال في تونس ومدى فاعلية القوانين والتشريعات الموجودة ومدى الالتزام بتطبيقها وكيف تحول جزء من القضايا إلى فرص سانحة للبعض للابتزاز. 

جدية مكافحة تبييض الأموال

يعلم الجميع أن تصنيف تونس في 2017 من قبل مجموعة العمل المالي،"GAFI"، وهي منظمة حكومية دولية تهدف لمحاربة تزوير العملات وتمويل الإرهاب، ضمن القائمة السوداء  دفع السلطات التونسية إلى بذل مجهود أكبر في ملاحقة من تتعلق بهم شبهات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وإقرار جملة من الإجراءات ساهمت في خروج تونس من تلك القائمة في أكتوبر 2019.

وكان البنك المركزي وفي سياق تعزيز مجهودات مكافحة تبييض الأموال قد اصدر في سبتمبر 2017  منشورا للبنوك  والمؤسسات المالية يحتوي على جملة  إجراءات" تلزم هذه المؤسسات بتعزيز المراقبة الداخلية درءا لمخاطر تبييض أموال وتمويل الإرهاب. والقيام بإجراءات يقظة للكشف والإعلام عن العمليات والمعاملات المشبوهة".

والملاحظ أنه على امتداد تصنيف تونس كجنة ضريبية ارتفعت وتيرة تجميد الأصول المشتبه فيها وإحالة الملفات ومعالجتها من قبل لجنة التحاليل المالية وهذا ما يؤكده تقريرها لسنتي 2018و2019. حيث قام البنك المركزي  بتجميد أصول ما يقارب 31.5 مليون دولار، في إطار إجراءات تحفظ تتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال. وأحالت اللجنة الوطنية للتحاليل المالية، التابعة للبنك المركزي،   710 ملفات شبهات تمويل الإرهاب وغسل الأموال للجهات القضائية المختصة، خلال سنتي  2018 و2019 من بين 1245 ملفا تمت معالجتها.

ووفقاً للتقرير المذكور، فقد توزعت الملفات المعالجة بين 600 ملف في 2018 و645 ملفا في عام 2019، مقابل 153 ملفا تمت معالجتها في عام 2017. وأن 91 بالمائة من الملفات التي تمت معالجتها خلال سنة 2018، تخص غسيل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها و9 بالمائة ملفات متعلقة بتمويل الإرهاب. وبلغت  الملفات التي تمت معالجتها والتي تخص تمويل الإرهاب في 2019 ،نسبة 15 في المائة ، والملفات المتعلقة بغسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها 85 بالمائة.

لكن وبمجرد بلوغ هدف خروج تونس من القائمة السوداء تراجع نسب الملفات المتعلقة بقضايا تبييض الأموال ما بين عامي 2019 و2020، حيث تراجع هذا الصنف من القضايا المحالة على القضاء المالي من 85% عام 2019 إلى 64% سنة 2020 فيما اتصلت 36% من القضايا  بتمويل الإرهاب مقابل 15% سنة 2019.

ولعل هذا ما يجعل الحكم على مدى جدية مكافحة تبييض الأموال بأنه عمل "مناسباتي" يرتبط بالظروف ولا بالإرادة الجادة في تتبع هذه الجريمة في طورها الأصلي والفرعي والحد من مخاطرها.

البنوك في تونس فوق الشبهات!!

مسألة أخرى ترتبط جوهريا بمعرفة مدى جدية الدولة في مراقبة ومكافحة تبييض الأموال وترتبط بالجهاز البنكي في تونس.

 ففي حين تسجل في عديد البلدان من حين لآخر قضايا تتورط فيها البنوك في عمليات تبييض أموال وتتناولها الصحافة وتقر عقوبات وخطايا ضد هذه البنوك على غرار فضيحة HSBC البنك البريطاني وهو من أهم البنوك في أوروبا والعالم وكذلك إدانة Deutsche Bank بخطية فاقت 13 مليون أورو في شبهة تبييض أموال، لم نسجل في تونس أي حديث عن تقارير مراقبة للبنوك في تونس أدانت البنوك التونسية رغم أن الكثير من المختصين في المجال يؤكدون أن شبهات تبييض الأموال تلاحق عادة الجهاز المصرفي.

وبشهادة لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي، ذاتها في أحد تقاريرها الذي تناول خطر غسل الأموال، هناك إقرار بأن البنوك التونسية تعتبر "وجهة مفضلة لغير المقيمين وأن حوالي 70 % من التصاريح بالشبهة في غسل الأموال التي أحيلت على القضاء كانت تتصل بأشخاص غير مقيمين". وعادة ما تعتبر البنوك "مرحلة تمويه كثاني حلقة في مسار تبييض وغسل الأموال".

واستنادا للقانون فإن البنك المركزي مطالب بمراقبة البنوك وكذلك الهيئة العامة للتأمين مطالبة بمراقبة منظوريها للوقوف على التجاوزات وأيضا لضمان فاعلية المنظومة الداخلية لمكافحة تبييض الأموال.

وفي غياب أي إدانة إلى اليوم في حق هذه الوسائط التي تمر عبرها جريمة تبييض الأموال لسائل أن يتساءل هل فعلا هي فوق الشبهات أم أن المراقبة لا تتم بالشكل المطلوب؟؟

قوانين وتشريعات ولكن

تتبع مسار مكافحة تبييض الأموال في تونس قانونيا يشير إلى أن البداية كانت مع قانون 2003 الذي تم تنقيحه في 2009 وصولا إلى قانون 2015 الذي نقح أيضا في 2019.

ورغم الارتياح الكبير لاسيما بعد سن قانون 2015 إلا أن الكثير من المختصين في مجال مكافحة تبييض الأموال يشددون على وجود العديد من النقائص التي مازالت تتطلب المراجعة بل والبعض يتهم الدولة صراحة" بالتواطؤ".

نذكر على سبيل المثال بهذا الصدد أنه بتاريخ  5 جانفي 2021 اصدر مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة بيانا طالب فيه بالكف "عن تقنين وتبييض جريمة غسيل الأموال". وفق نص البيان الذي  استنكر تغيير الفصل 62 من القانون عدد 75 لسنة 2003   الصادر سنة 2003 الذي نص على كل الجنح كجرائم أصلية طبقا للمعايير الدولية الموضوعة من قبل مجموعة العمل المالي بباريس ثم تعويضه بالفصل 92 من القانون عدد 26 لسنة 2019 الذي لم يشمل كل الجنح مضيقا في قائمة الجرائم الأصلية بصفة مخالفة للمعايير الدولية.

ويضيف مرصد الشفافية "إن مكافحة الفساد وتبييض الأموال تبدأ بتطهير التشريع الجاري به العمل من الأحكام الفاسدة وملاءمته مع المعاهدات الدولية".  

 

مطية للابتزاز!

تشير أيضا بعض الوقائع والمؤشرات إلى أن قضايا تبييض الأموال تكاد تتحول في تونس إلى مطية للابتزاز دون أن يكون الهدف حقيقة تتبع جريمة تبييض الأموال.

فقد صرح  الأستاذ الطيب بالصادق محامي مغنى الراب سواغ مان بعد صدور حكم البراءة لمنوبه أن هذا الأخير  تعرض لمؤامرة والعديد من المؤيدات برهنت براءته، قائلا ''سبق أن تحدثت عن بعض المسائل بغموض احتراما لسير القضاء، وأعتبر أن المحكمة شجاعة بعد أن قضت بعدم سماع الدعوى إثر الإطلاع على الملف..'

وكشف الطيب صادق في تصريح إذاعي عن  تورّط عدد من الإعلاميين في ملف القضية، معلقا ''الملف خطير جدا وانطلق من شركة كلفت من مجهول وخططت ونفذت ولنا جميع الأدلة التي تثبت ذلك، وستكون أمام القضاء.. والملف يشمل مجموعة كبيرة من المبتزّين والمتحيّلين الذين استغلوا القضية لابتزاز منوبي ..''

وأضاف ''منوبي تعرض لمؤامرة ولنا الإثباتات، وتم ابتزازه من إعلاميين وسياسيين ورفعنا قضية ضد بعض الشخصيات وسيتم الكشف عن الطرف الذي تورط في العملية والذي خطط لها ومن نفذها بإتقان..'

كما أكد لـ"الصباح" عدد من المتابعين لقضايا تبييض الأموال أن عددا كبيرا من الليبيين المجمدة أموالهم في تونس تعرضوا لكل أنواع الابتزاز لا سيما في ظل العدد الكبير من الملفات المحالة بشبهة تبييض الأموال.

وحاليا تواصل السلطات الليبية الضغط  من أجل حل  ملف أموال الليبيين المصادرة في تونس واستعادتها وقد طرح الموضوع بإلحاح في الزيارة الرسمية التي أداها رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي إلى طرابلس في ماي الفارط.

م.ي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews