سياسيا، كانت سنة 2021، سنة الرئيس قيس سعيد بامتياز حيث برز كاللاعب الابرز ان لم يكن الاوحد المتحكم في المشهد السياسي قبل 25 جويلية وبعده.
واستطاع رئيس الجمهورية منذ رفضه التحوير الوزاري مع بداية السنة في جانفي الماضي، رسم حدود وهامش تحرك منافسيه السياسيين تحضيرا لموعد 25 جويلية عندما نجح بدعم من المؤسسة العسكرية في فرض خياراته على الجميع من بوابة قراءة شخصية لتفعيل الفصل 80 توقيا من الخطر الداهم الذي حدده الرئيس في البرلمان وأزمة كورونا.
استفاد الرئيس قيس سعيد من اختلال موازين القوى في المشهد السياسي لصالحه في ظل حالة الانقسام والتشرذم بين الفرقاء السياسيين وتوازن الضعف المسيطر على الوضع العام في البلاد منذ ما بعد انتخابات 2019.
كما ساهم ضعف الأحزاب وعجز المنظومة الحزبية برمتها في بروز رئيس الجمهورية كاللاعب الوحيد المتحكم في كامل خيوط اللعبة السياسية وقد عجزت النخبة السياسية في التصدي لمشروع الرئيس قبل اقرار الإجراءات الاستثنائية وبعدها. إذ يحافظ سعيد إلى اليوم على زمام المبادرة بالمضي في خياراته وفرضها أمرا واقعا، لا على الأحزاب والنخبة السياسية فحسب، بل أيضا على المنظمات الوطنية وفي مقدمتها اتحاد الشغل.
الرئيس بمفرده
وواصل رئيس الجمهورية رسم ملامح المشهد السياسي في البلاد برمته على امتداد السنة رافضا كل حوار أو مسار تشاركي حتى مع داعميه في البداية عند الإعلان عن إجراءات 25 جويلية وتجميد البرلمان.
ففي مناسبة اولى دعم اجراءاته في 25 جويلية بإقرار الامر 117 القاضي باعتماد التدابير الاستثنائية وذلك في 22 سبتمبر الفارط ثم فرض في 13 ديسمبر الجاري خارطة طريقه على الجميع للخروج من الحالة الاستثنائية والمتمثلة في تنظيم استشارة الكترونية شعبية بداية من1جانفي القادم ثم عرض الاصلاحات الدستورية والسياسية على الاستفتاء وصولا إلى تنظيم انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022.
خارطة طريق رسمها الرئيس بمفرده رافضا إلى حد اللحظة الانفتاح على بقية القوى السياسية والمدنية والمنظمات الاجتماعية.
ولعل الرئيس في اصراره على رفض المسار التشاركي هو يعتد بما تؤكده نتائج استطلاعات الراي من منسوب الثقة في شخصه وتواصل تصدره نوايا التصويت في الانتخابات القادمة فقد أظهر آخر استطلاع للرأي قامت به مؤسسة "امرود كونسيلتينغ"، في الفترة التي تتراوح بين 24 و27 ديسمبر تصدر رئيس الجمهورية قيس سعيد نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة بـ76 بالمائة.
الإكراهات
يذكر أن نسبة التصويت للرئيس في الانتخابات القادمة كانت في نوفمبر الماضي تناهز 79%، وهو مؤشر على بداية تراجع منسوب الثقة مما يطرح أسئلة عن مدى قدرة الرئيس على مواصلة الحفاظ على منسوب ثقة عال لدى التونسيين يخول له المضي في خياراته إلى نهاية المطاف؟
وهل يكون لقانون المالية للسنة المقبلة دور في مزيد استنزاف منسوب الثقة من الرئيس لصالح معارضيه لاسيما وأن الرئيس نفسه اقر باكراهات في حق التونسيين تضمنها قانون المالية الجديد الذي قال إنه أمضاه على مضض،على حد تعبيره؟
وأكد في هذا السياق حزب آفاق تونس في بيان له أمس ان مرسوم المالية 2022 أكبر خطر داهم على تونس.
ومن جهته قال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريح إذاعي "إنّ الأزمة المالية ستزيد في تعميق الأزمة السياسية خاصة وأن الرئيس استمرّ في سياسته وفي الاجراءات التي اتخذها، في حين أنّ الرأي العام ينتظر مع استفحال الأزمة السياسية هل أنّ الرئيس سيتمكّن من حلحلة الأوضاع من خلال معالجته للأزمة المالية والاقتصادية بطريقة سريعة وفعالة ومؤثرة".
وأكّد الجورشي أنّ الأزمة الاقتصادية "تنهار بشكل ملحوظ وسنة 2022 ستكون سنة حاسمة لما يمكن أن يترتب عن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة وهل ستتمكن هذه الاجراءات من تقليل حدة الأزمة السياسية خاصة وأن 2022 ستشهد تطبيق قرارات الرئيس".
مضيفا "الأزمتان مترابطتان وستكون لكل منهما تأثير على الأخرى وتداعيات على الاستقرار السياسي من جهة وعلى قدرة الرئيس على المحافظة على شعبيته من جهة أخرى وهل أنّه سيتمكن من كسب رهان اعادة ثقة المانحين الدوليين".
حشد المعارضة
إلى جانب المعطي الاقتصادي الحاسم في رسم أفق بقاء الرئيس قيس سعيد الماسك بخيوط المبادرة السياسية في أفق 2022، بدأت تتبلور معطيات جديدة على واجهة الحشد والمبادرات لتجميع المعارضة ضد مشروع الرئيس قيس سعيد.
فقد أعلن أمس الناشط السياسي وعضو الهيئة التنفيذية في مبادرة مواطنون ضد الانقلاب جوهر بن مبارك، خلال ندوة صحفية عن بداية تشكيل جبهة سياسية لمقاومة الانقلاب.
وأشار بن مبارك إلى تواجد تقارب بين عدة قوى سياسية تؤمن بالديمقراطية رغم اختلافها إلا أنها دخلت في شراكات. مضيفا انه "توجد خطوات لتوسيع هذا التقارب في شكل جبهة من أجل مقاومة الانقلاب والبحث عن حلول في إطار احترام المسار الديمقراطي والدستوري".
من جهتها دعت حركة النهضة في بيان لها إثر انعقاد مكتبها التنفيذي مساء الإثنين الفارط، "كافة القوى الحية بالبلاد المناهضة للانقلاب إلى توحيد الجهود والخيارات وبلورة أرضية مشتركة عبر حوار وطني شامل بغاية تشكيل جبهة سياسية تقود الحراك السياسي والشعبي وتسرّع باستئناف الحياة الديمقراطية واستعادة الشرعية وتذود عن حمى الحقوق والحريات المنتهكة بالبلاد منذ 25 جويلية وتساهم في وضع رؤية اقتصادية واجتماعية لمعالجة الأوضاع المتردية بالبلاد".
فهل تنجح المعارضة في تكوين جبهة قوية قادرة على تحقيق التوازن مع الرئيس في المشهد السياسي أين سيكون هذا الأخير وفي أفق 2022 أمام تحدى الحفاظ على موقعه في قيادة المبادرة سياسيا؟
م.ي
تونس-الصباح
سياسيا، كانت سنة 2021، سنة الرئيس قيس سعيد بامتياز حيث برز كاللاعب الابرز ان لم يكن الاوحد المتحكم في المشهد السياسي قبل 25 جويلية وبعده.
واستطاع رئيس الجمهورية منذ رفضه التحوير الوزاري مع بداية السنة في جانفي الماضي، رسم حدود وهامش تحرك منافسيه السياسيين تحضيرا لموعد 25 جويلية عندما نجح بدعم من المؤسسة العسكرية في فرض خياراته على الجميع من بوابة قراءة شخصية لتفعيل الفصل 80 توقيا من الخطر الداهم الذي حدده الرئيس في البرلمان وأزمة كورونا.
استفاد الرئيس قيس سعيد من اختلال موازين القوى في المشهد السياسي لصالحه في ظل حالة الانقسام والتشرذم بين الفرقاء السياسيين وتوازن الضعف المسيطر على الوضع العام في البلاد منذ ما بعد انتخابات 2019.
كما ساهم ضعف الأحزاب وعجز المنظومة الحزبية برمتها في بروز رئيس الجمهورية كاللاعب الوحيد المتحكم في كامل خيوط اللعبة السياسية وقد عجزت النخبة السياسية في التصدي لمشروع الرئيس قبل اقرار الإجراءات الاستثنائية وبعدها. إذ يحافظ سعيد إلى اليوم على زمام المبادرة بالمضي في خياراته وفرضها أمرا واقعا، لا على الأحزاب والنخبة السياسية فحسب، بل أيضا على المنظمات الوطنية وفي مقدمتها اتحاد الشغل.
الرئيس بمفرده
وواصل رئيس الجمهورية رسم ملامح المشهد السياسي في البلاد برمته على امتداد السنة رافضا كل حوار أو مسار تشاركي حتى مع داعميه في البداية عند الإعلان عن إجراءات 25 جويلية وتجميد البرلمان.
ففي مناسبة اولى دعم اجراءاته في 25 جويلية بإقرار الامر 117 القاضي باعتماد التدابير الاستثنائية وذلك في 22 سبتمبر الفارط ثم فرض في 13 ديسمبر الجاري خارطة طريقه على الجميع للخروج من الحالة الاستثنائية والمتمثلة في تنظيم استشارة الكترونية شعبية بداية من1جانفي القادم ثم عرض الاصلاحات الدستورية والسياسية على الاستفتاء وصولا إلى تنظيم انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022.
خارطة طريق رسمها الرئيس بمفرده رافضا إلى حد اللحظة الانفتاح على بقية القوى السياسية والمدنية والمنظمات الاجتماعية.
ولعل الرئيس في اصراره على رفض المسار التشاركي هو يعتد بما تؤكده نتائج استطلاعات الراي من منسوب الثقة في شخصه وتواصل تصدره نوايا التصويت في الانتخابات القادمة فقد أظهر آخر استطلاع للرأي قامت به مؤسسة "امرود كونسيلتينغ"، في الفترة التي تتراوح بين 24 و27 ديسمبر تصدر رئيس الجمهورية قيس سعيد نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة بـ76 بالمائة.
الإكراهات
يذكر أن نسبة التصويت للرئيس في الانتخابات القادمة كانت في نوفمبر الماضي تناهز 79%، وهو مؤشر على بداية تراجع منسوب الثقة مما يطرح أسئلة عن مدى قدرة الرئيس على مواصلة الحفاظ على منسوب ثقة عال لدى التونسيين يخول له المضي في خياراته إلى نهاية المطاف؟
وهل يكون لقانون المالية للسنة المقبلة دور في مزيد استنزاف منسوب الثقة من الرئيس لصالح معارضيه لاسيما وأن الرئيس نفسه اقر باكراهات في حق التونسيين تضمنها قانون المالية الجديد الذي قال إنه أمضاه على مضض،على حد تعبيره؟
وأكد في هذا السياق حزب آفاق تونس في بيان له أمس ان مرسوم المالية 2022 أكبر خطر داهم على تونس.
ومن جهته قال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريح إذاعي "إنّ الأزمة المالية ستزيد في تعميق الأزمة السياسية خاصة وأن الرئيس استمرّ في سياسته وفي الاجراءات التي اتخذها، في حين أنّ الرأي العام ينتظر مع استفحال الأزمة السياسية هل أنّ الرئيس سيتمكّن من حلحلة الأوضاع من خلال معالجته للأزمة المالية والاقتصادية بطريقة سريعة وفعالة ومؤثرة".
وأكّد الجورشي أنّ الأزمة الاقتصادية "تنهار بشكل ملحوظ وسنة 2022 ستكون سنة حاسمة لما يمكن أن يترتب عن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة وهل ستتمكن هذه الاجراءات من تقليل حدة الأزمة السياسية خاصة وأن 2022 ستشهد تطبيق قرارات الرئيس".
مضيفا "الأزمتان مترابطتان وستكون لكل منهما تأثير على الأخرى وتداعيات على الاستقرار السياسي من جهة وعلى قدرة الرئيس على المحافظة على شعبيته من جهة أخرى وهل أنّه سيتمكن من كسب رهان اعادة ثقة المانحين الدوليين".
حشد المعارضة
إلى جانب المعطي الاقتصادي الحاسم في رسم أفق بقاء الرئيس قيس سعيد الماسك بخيوط المبادرة السياسية في أفق 2022، بدأت تتبلور معطيات جديدة على واجهة الحشد والمبادرات لتجميع المعارضة ضد مشروع الرئيس قيس سعيد.
فقد أعلن أمس الناشط السياسي وعضو الهيئة التنفيذية في مبادرة مواطنون ضد الانقلاب جوهر بن مبارك، خلال ندوة صحفية عن بداية تشكيل جبهة سياسية لمقاومة الانقلاب.
وأشار بن مبارك إلى تواجد تقارب بين عدة قوى سياسية تؤمن بالديمقراطية رغم اختلافها إلا أنها دخلت في شراكات. مضيفا انه "توجد خطوات لتوسيع هذا التقارب في شكل جبهة من أجل مقاومة الانقلاب والبحث عن حلول في إطار احترام المسار الديمقراطي والدستوري".
من جهتها دعت حركة النهضة في بيان لها إثر انعقاد مكتبها التنفيذي مساء الإثنين الفارط، "كافة القوى الحية بالبلاد المناهضة للانقلاب إلى توحيد الجهود والخيارات وبلورة أرضية مشتركة عبر حوار وطني شامل بغاية تشكيل جبهة سياسية تقود الحراك السياسي والشعبي وتسرّع باستئناف الحياة الديمقراطية واستعادة الشرعية وتذود عن حمى الحقوق والحريات المنتهكة بالبلاد منذ 25 جويلية وتساهم في وضع رؤية اقتصادية واجتماعية لمعالجة الأوضاع المتردية بالبلاد".
فهل تنجح المعارضة في تكوين جبهة قوية قادرة على تحقيق التوازن مع الرئيس في المشهد السياسي أين سيكون هذا الأخير وفي أفق 2022 أمام تحدى الحفاظ على موقعه في قيادة المبادرة سياسيا؟