إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رغم الصعوبات المالية وتباطؤ الاقتصاد تونس تحقق نسبة نمو ايجابية بـ2.9٪ كامل سنة 2021 !

*توقعات بتواصل ارتفاع التضخم ومخاوف من تراجع النمو خلال 2022

تونس - الصباح

قدم البنك المركزي، في اجتماع مجلس إدارته الأخير، معطيات هامة حول نسبة النمو المسجلة في تونس طيلة سنة 2021، والتي بلغت حسب ذات المصدر 2.9 ٪ ، متوقعا آفاقا اقتصادية ضعيفة لعام 2022، وسط تباطؤ جهود تعبئة الموارد الخارجية الضرورية للميزانية الحالية، والتوافق حول الإصلاحات الاقتصادية بهدف التمهيد لمفاوضات مع صندوق النقد حول برنامج إقراض جديد.

ولاحظ مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، المنعقد بتاريخ 3 فيفري 2022، انتعاشًا معتدلًا نسبيًا في النشاط الاقتصادي والذي تطور بنحو 2.9٪ لكامل عام 2021، مع توقعات باستمرار التضخم في اتجاهه التصاعدي، والذي بلغ نهاية العام الماضي 6.6٪ مقابل 6.4٪ في نوفمبر 2021 و 4.9٪ في العام السابق.

وسجّل الاقتصاد التونسي نموا سنويا بنسبة 0.3 في المائة في حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021، وذلك مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2020 بحسب قياس النمو بحساب الانزلاق السنوي وذلك حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء. وبالمقارنة بالثلاثي الثاني من السنة الماضية، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 بالمائة، بعد تراجع بنسبة 2.0 بالمائة خلال الربع الثاني.

وتميز النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات المعملية بتراجع الإنتاج في أنشطة قطاع النسيج والملابس والأحذية بنسبة 2.5 في المائة وقطاع صناعة مواد البناء والخزف بنسبة 4.5 في المائة وقطاع الصناعات الفلاحيّة والغذائيّة بنسبة 2.2 في المائة، مقابل تطور القيمة المضافة في قطاع الصناعات الكيمائية وقطاع الصناعات الميكانيكيّة والكهربائيّة إيجابيا بنسب تقدر على التوالي بــ 14في المائة وبــ 1.1في المائة.

وحسب مؤشر معهد الإحصاء الوطني شهد الثلاثي الثالث تراجعا في نسبة النمو قدر بـ0.3 بالمائة، وذلك بعد الانكماش الحاد الذي عرفه الاقتصاد الوطني في سنة 2020 والذي وصل لحدود 8.8 بالمائة، علما وان كل نقطة نمو من شأنها أن تحقق أكثر من 10 آلاف موطن شغل .

كما تضاربت توقعات المؤسسات المالية حول نسبة النمو المسجلة في تونس هذه السنة، حيث توقع البنك الإفريقي للتنمية أن يسجل الاقتصاد التونسي نسبة نمو في حدود 2 بالمائة مع نهاية سنة 2021 على أن يتواصل الانتعاش الاقتصادي ليبلغ 3.9 بالمائة سنة 2022 ، كما توقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن يشهد الاقتصاد التونسي انتعاشة متواضعة بنسبة 2.5 بالمائة لكامل سنة 2021 قبل أن يتسارع نموّه بنسبة 3.3 بالمائة خلال سنة 2022، فيما أفاد تقرير للبنك الدولي، صادر حديثا، ان تونس عانت من تباطؤ نمو الاقتصاد خلال كامل عام 2021 ، متوقعا تسجيل نسبة نمو مقدرة بـ3٪ خلال كامل السنة، محذرا من تفاقم الدين العام التونسي المتزايد والذي سيكون من الصعب تمويله دون إصلاحات مالية عامة واقتصادية حاسمة، وأيضا من تواصل ارتفاع نسب البطالة بالبلاد.

وتوقع البنك الدولي في تقرير "المرصد الاقتصادي لتونس - شتاء 2022'' من تواصل ارتفاع نسب البطالة في البلاد بسبب تبعات أزمة كورونا والتي مازالت متواصلة منذ عام 2020 ، معتبرا أن الانتعاش الضعيف لاقتصاد يضغط على المالية العامة التي تمر بأزمة خانقة، حيث لا يزال عجز الميزانية مرتفعاً عند 7.6٪ في عام 2021، على الرغم من الانكماش الطفيف من 9.4٪ في عام 2020.

وكشفت وكالة التصنيف الأمريكية ستاندرد آند بورز في احدث تقرير لها عن منطقة شرق الأوسط وشمال إفريقيا ان "الانتعاش سيكون بطيئا بالنسبة لتونس"، التي تتوقع نموا اقتصاديا دون المتوسط في دول المنطقة، معتبرة ان نسبة النمو في تونس لن تتجاوز 2.1٪ في المتوسط على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وبمعدل 2.4٪ على مدى 5 سنوات، لافتة إلى أن نسبة النمو في تونس لن تراوح هذه المستويات بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي بالبلاد والتي أربكت بشكل مباشر المسار الاقتصادي.

 

الاستقرار السياسي محرك النمو

وأبرزت الوكالة أن النمو في تونس يعوقه عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وقد تباطأ بسبب الاضطرابات السياسية في الأشهر الأخيرة، فضلاً عن "عدم وضوح الرؤية للخطوات التالية"، وهو ما خلف أضرارا للقطاع المصرفي الذي يشهد ضغوطات كبيرة منذ ظهور جائحة كوفيد-19 بالبلاد ،واعتماد حلول الغلق الجزء والكلي للبلاد لأكثر من سنة ونصف.

وأوضحت وكالة ستاندرد آند بورز أنه من المرجح أن يؤدي ضعف القاعدة المالية للبنوك وزيادة المخاطر الاقتصادية والسياسية إلى تدهور ربحيتها، في ظل بيئة اشتدت فيها المنافسة مع الاقتصاديات المجاورة، أفضت إلى ارتفاع في أسعار أغلب المواد، الأمر الذي رفع من الحاجيات المالية للبلاد ويعرض المؤسسات المصرفية لخطر الانهيار ، خصوصا وان الأزمة الصحية ضربت العديد من القطاعات الحيوية بالبلاد وتسببت في إفلاس بعض المؤسسات في قطاعي السياحة والتجارة.

وبينت الوكالة في تقريرها أن كل نقطة نمو إضافية لتونس تتيح للدولة امتلاك موارد تتراوح بين 6.5 و 7 مليارات دينار ، وتحد من الدين الخارجي وتقلل الاعتماد على الخزانة العامة ، بما في ذلك النظام المصرفي، والمؤسسات المالية الدولية أو المانحين في الدولة .

ومنذ أسابيع، تواجه الدولة التونسية وضعا غير مسبوق حيث تحجم البنوك الوطنية عن إقراض الدولة على المدى الطويل، لأسباب تتعلق بالربحية وبسبب عدم اليقين الذي يثقل كاهل هذه المؤسسات والتي باتت عاجزة عن الإقراض.

 

تأثيرات سلبية على الاقتصاد

وحسب الوكالة فأنه من المرجح أن تؤثر الأحداث السياسية على بيئة عمل البنوك التونسية، والتي تعاني من تداعيات Covid-19". وأدى الوباء بالفعل إلى انكماش غير مسبوق في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة -8.6٪ في عام 2020 ، وفقًا لصندوق النقد الدولي، مما أدى إلى تفاقم الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد بعد عقد من تعثر تنفيذ الإصلاحات وانخفاض النمو.

وتتوقع ستاندرد آند بورز، أن يشهد الاقتصاد التونسي على الأرجح عودة بطيئة إلى مستويات ما قبل الوباء. وخلصت الوكالة إلى أن "2.4٪ على مدى 5 سنوات هو مستوى نمو ربما لا يكون كافياً لمعالجة البطالة المرتفعة وتدهور مستوى المعيشة في البلاد ، الأمر الذي سيزيد من السخط الاجتماعي"، محذرة من أن العجز المرتفع في الميزانية "يدفع الدين العام إلى مسار لا يمكن تحمله رغم الاعتماد على مؤسسات الإقراض المتعددة الأطراف"، كما أن عدم الاستقرار السياسي الحالي قد يعرض لخطر عدم إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي ويفرض تحديات مالية كبيرة في البلد .

 

تضارب المؤشرات

وكانت تقديرات نسب النمو في مشروع قانون المالية لسنة 2021 تناهز 4% في علاقة بجملة المؤشرات التي درستها الوزارة والتي تؤكد أن الأوضاع ستتحسن إثر تجاوز أزمة كورونا وعودة إنتاج الفسفاط وعودة السياحة، وهو ما نفته عدة وكالات عالمية في الفترة الأخيرة وآخرها تقرير الوكالة الأمريكية ستاندرد آند بورز، في حين اعتبر البنك المركزي في اجتماعه الأخير أن تونس ورغم الصعوبات نجحت من تحقيق نسبة نمو قدرها ب 2.9٪ لكامل سنة 2021 ، وهي نسبة نمو ايجابية رغم الصعوبات الجمة التي تواجهها المالية العمومية وتباطؤ الاقتصاد بسبب الأزمة الصحية التي عصفت باقتصادات عديد الدول.

واختلفت الأرقام والتقارير، سابقا، بخصوص قدرة تونس على تحقيق نسبة نمو مطمئنة كامل سنة 2021، إلا أنها محل تشكيك لدى خبراء الاقتصاد الذين أكدوا مرارا لـ"الصباح"، أنه لا يمكن الحديث عن نسبة نمو ايجابية في ظل تعطل محركات الإنتاج وتنامي الاحتجاجات واتساع العجز في الميزانية وإفلاس العشرات من المؤسسات العمومية.

ولم يستبعد الخبراء أن تعجز تونس عن تحقيق نسبة نمو ايجابية خلال العام الحالي، رغم المؤشرات الايجابية لبعض التقارير الدولية الصادرة عن الوكالات العالمية، خاصة وأنّ جائحة كورونا، ألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد التونسي الذي يعتمد بشكل كبير على أوروبا، ومن المتوقع أن يستمر التضخم في الارتفاع على المدى المتوسط، وذلك في حال اعتماد "سياسة نقدية حكيمة".

*سفيان المهداوي

رغم الصعوبات المالية وتباطؤ الاقتصاد  تونس تحقق نسبة نمو ايجابية بـ2.9٪ كامل سنة 2021 !

*توقعات بتواصل ارتفاع التضخم ومخاوف من تراجع النمو خلال 2022

تونس - الصباح

قدم البنك المركزي، في اجتماع مجلس إدارته الأخير، معطيات هامة حول نسبة النمو المسجلة في تونس طيلة سنة 2021، والتي بلغت حسب ذات المصدر 2.9 ٪ ، متوقعا آفاقا اقتصادية ضعيفة لعام 2022، وسط تباطؤ جهود تعبئة الموارد الخارجية الضرورية للميزانية الحالية، والتوافق حول الإصلاحات الاقتصادية بهدف التمهيد لمفاوضات مع صندوق النقد حول برنامج إقراض جديد.

ولاحظ مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، المنعقد بتاريخ 3 فيفري 2022، انتعاشًا معتدلًا نسبيًا في النشاط الاقتصادي والذي تطور بنحو 2.9٪ لكامل عام 2021، مع توقعات باستمرار التضخم في اتجاهه التصاعدي، والذي بلغ نهاية العام الماضي 6.6٪ مقابل 6.4٪ في نوفمبر 2021 و 4.9٪ في العام السابق.

وسجّل الاقتصاد التونسي نموا سنويا بنسبة 0.3 في المائة في حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الثالث من سنة 2021، وذلك مقارنة بالثلاثي الثالث من سنة 2020 بحسب قياس النمو بحساب الانزلاق السنوي وذلك حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء. وبالمقارنة بالثلاثي الثاني من السنة الماضية، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 بالمائة، بعد تراجع بنسبة 2.0 بالمائة خلال الربع الثاني.

وتميز النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات المعملية بتراجع الإنتاج في أنشطة قطاع النسيج والملابس والأحذية بنسبة 2.5 في المائة وقطاع صناعة مواد البناء والخزف بنسبة 4.5 في المائة وقطاع الصناعات الفلاحيّة والغذائيّة بنسبة 2.2 في المائة، مقابل تطور القيمة المضافة في قطاع الصناعات الكيمائية وقطاع الصناعات الميكانيكيّة والكهربائيّة إيجابيا بنسب تقدر على التوالي بــ 14في المائة وبــ 1.1في المائة.

وحسب مؤشر معهد الإحصاء الوطني شهد الثلاثي الثالث تراجعا في نسبة النمو قدر بـ0.3 بالمائة، وذلك بعد الانكماش الحاد الذي عرفه الاقتصاد الوطني في سنة 2020 والذي وصل لحدود 8.8 بالمائة، علما وان كل نقطة نمو من شأنها أن تحقق أكثر من 10 آلاف موطن شغل .

كما تضاربت توقعات المؤسسات المالية حول نسبة النمو المسجلة في تونس هذه السنة، حيث توقع البنك الإفريقي للتنمية أن يسجل الاقتصاد التونسي نسبة نمو في حدود 2 بالمائة مع نهاية سنة 2021 على أن يتواصل الانتعاش الاقتصادي ليبلغ 3.9 بالمائة سنة 2022 ، كما توقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن يشهد الاقتصاد التونسي انتعاشة متواضعة بنسبة 2.5 بالمائة لكامل سنة 2021 قبل أن يتسارع نموّه بنسبة 3.3 بالمائة خلال سنة 2022، فيما أفاد تقرير للبنك الدولي، صادر حديثا، ان تونس عانت من تباطؤ نمو الاقتصاد خلال كامل عام 2021 ، متوقعا تسجيل نسبة نمو مقدرة بـ3٪ خلال كامل السنة، محذرا من تفاقم الدين العام التونسي المتزايد والذي سيكون من الصعب تمويله دون إصلاحات مالية عامة واقتصادية حاسمة، وأيضا من تواصل ارتفاع نسب البطالة بالبلاد.

وتوقع البنك الدولي في تقرير "المرصد الاقتصادي لتونس - شتاء 2022'' من تواصل ارتفاع نسب البطالة في البلاد بسبب تبعات أزمة كورونا والتي مازالت متواصلة منذ عام 2020 ، معتبرا أن الانتعاش الضعيف لاقتصاد يضغط على المالية العامة التي تمر بأزمة خانقة، حيث لا يزال عجز الميزانية مرتفعاً عند 7.6٪ في عام 2021، على الرغم من الانكماش الطفيف من 9.4٪ في عام 2020.

وكشفت وكالة التصنيف الأمريكية ستاندرد آند بورز في احدث تقرير لها عن منطقة شرق الأوسط وشمال إفريقيا ان "الانتعاش سيكون بطيئا بالنسبة لتونس"، التي تتوقع نموا اقتصاديا دون المتوسط في دول المنطقة، معتبرة ان نسبة النمو في تونس لن تتجاوز 2.1٪ في المتوسط على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وبمعدل 2.4٪ على مدى 5 سنوات، لافتة إلى أن نسبة النمو في تونس لن تراوح هذه المستويات بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي بالبلاد والتي أربكت بشكل مباشر المسار الاقتصادي.

 

الاستقرار السياسي محرك النمو

وأبرزت الوكالة أن النمو في تونس يعوقه عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وقد تباطأ بسبب الاضطرابات السياسية في الأشهر الأخيرة، فضلاً عن "عدم وضوح الرؤية للخطوات التالية"، وهو ما خلف أضرارا للقطاع المصرفي الذي يشهد ضغوطات كبيرة منذ ظهور جائحة كوفيد-19 بالبلاد ،واعتماد حلول الغلق الجزء والكلي للبلاد لأكثر من سنة ونصف.

وأوضحت وكالة ستاندرد آند بورز أنه من المرجح أن يؤدي ضعف القاعدة المالية للبنوك وزيادة المخاطر الاقتصادية والسياسية إلى تدهور ربحيتها، في ظل بيئة اشتدت فيها المنافسة مع الاقتصاديات المجاورة، أفضت إلى ارتفاع في أسعار أغلب المواد، الأمر الذي رفع من الحاجيات المالية للبلاد ويعرض المؤسسات المصرفية لخطر الانهيار ، خصوصا وان الأزمة الصحية ضربت العديد من القطاعات الحيوية بالبلاد وتسببت في إفلاس بعض المؤسسات في قطاعي السياحة والتجارة.

وبينت الوكالة في تقريرها أن كل نقطة نمو إضافية لتونس تتيح للدولة امتلاك موارد تتراوح بين 6.5 و 7 مليارات دينار ، وتحد من الدين الخارجي وتقلل الاعتماد على الخزانة العامة ، بما في ذلك النظام المصرفي، والمؤسسات المالية الدولية أو المانحين في الدولة .

ومنذ أسابيع، تواجه الدولة التونسية وضعا غير مسبوق حيث تحجم البنوك الوطنية عن إقراض الدولة على المدى الطويل، لأسباب تتعلق بالربحية وبسبب عدم اليقين الذي يثقل كاهل هذه المؤسسات والتي باتت عاجزة عن الإقراض.

 

تأثيرات سلبية على الاقتصاد

وحسب الوكالة فأنه من المرجح أن تؤثر الأحداث السياسية على بيئة عمل البنوك التونسية، والتي تعاني من تداعيات Covid-19". وأدى الوباء بالفعل إلى انكماش غير مسبوق في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة -8.6٪ في عام 2020 ، وفقًا لصندوق النقد الدولي، مما أدى إلى تفاقم الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد بعد عقد من تعثر تنفيذ الإصلاحات وانخفاض النمو.

وتتوقع ستاندرد آند بورز، أن يشهد الاقتصاد التونسي على الأرجح عودة بطيئة إلى مستويات ما قبل الوباء. وخلصت الوكالة إلى أن "2.4٪ على مدى 5 سنوات هو مستوى نمو ربما لا يكون كافياً لمعالجة البطالة المرتفعة وتدهور مستوى المعيشة في البلاد ، الأمر الذي سيزيد من السخط الاجتماعي"، محذرة من أن العجز المرتفع في الميزانية "يدفع الدين العام إلى مسار لا يمكن تحمله رغم الاعتماد على مؤسسات الإقراض المتعددة الأطراف"، كما أن عدم الاستقرار السياسي الحالي قد يعرض لخطر عدم إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي ويفرض تحديات مالية كبيرة في البلد .

 

تضارب المؤشرات

وكانت تقديرات نسب النمو في مشروع قانون المالية لسنة 2021 تناهز 4% في علاقة بجملة المؤشرات التي درستها الوزارة والتي تؤكد أن الأوضاع ستتحسن إثر تجاوز أزمة كورونا وعودة إنتاج الفسفاط وعودة السياحة، وهو ما نفته عدة وكالات عالمية في الفترة الأخيرة وآخرها تقرير الوكالة الأمريكية ستاندرد آند بورز، في حين اعتبر البنك المركزي في اجتماعه الأخير أن تونس ورغم الصعوبات نجحت من تحقيق نسبة نمو قدرها ب 2.9٪ لكامل سنة 2021 ، وهي نسبة نمو ايجابية رغم الصعوبات الجمة التي تواجهها المالية العمومية وتباطؤ الاقتصاد بسبب الأزمة الصحية التي عصفت باقتصادات عديد الدول.

واختلفت الأرقام والتقارير، سابقا، بخصوص قدرة تونس على تحقيق نسبة نمو مطمئنة كامل سنة 2021، إلا أنها محل تشكيك لدى خبراء الاقتصاد الذين أكدوا مرارا لـ"الصباح"، أنه لا يمكن الحديث عن نسبة نمو ايجابية في ظل تعطل محركات الإنتاج وتنامي الاحتجاجات واتساع العجز في الميزانية وإفلاس العشرات من المؤسسات العمومية.

ولم يستبعد الخبراء أن تعجز تونس عن تحقيق نسبة نمو ايجابية خلال العام الحالي، رغم المؤشرات الايجابية لبعض التقارير الدولية الصادرة عن الوكالات العالمية، خاصة وأنّ جائحة كورونا، ألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد التونسي الذي يعتمد بشكل كبير على أوروبا، ومن المتوقع أن يستمر التضخم في الارتفاع على المدى المتوسط، وذلك في حال اعتماد "سياسة نقدية حكيمة".

*سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews