إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء لـ"الصباح" : خسائر بعشرات المليارات... شركات تعلن افلاسها واخرى عاجزة عن خلاص اجور اطاراتها!

* صفقات عمومية مجمدة واخرى تذهب الى شركات اجنبية وبالعملة الصعبة!

* ارتفاع اسعار الحديد والاسمنت يعمق ازمة شركات المقاولات والبناء

* ارتفاع ديون الدولة تجاه المقاولين الى اكثر من 800 مليون دينار

تونس - الصباح

دعا رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العمومية مهدي الفخفاخ، امس، في تصريح لـ"الصباح" ،الى ضرورة التسريع في تعويضات الدولة للمقاولين بعد الزيادات المفروضة على المواد الاولية في ديسمبر الماضي، مؤكدا تضرر المئات من المؤسسات في قطاع البناء من ارتفاع الاسعار وخاصة المحروقات، مما دفع بالبعض الى تسريح آلاف العمال في الاونة الاخيرة، وافلاس العشرات من المؤسسات التي باتت غير قادرة على الايفاء بكافة التزاماتها المالية،  مشددا على ان موجة التسريحات شملت اطارات عليا ومهندسين.

واكد الفخفاخ ان الدولة تعهدت بتقديم مساعدات للمقاولين اثر اقرار الزيادات الاخيرة في مادتي الحديد والاسمنت، الا انها الى اليوم لم تلتزم بتعهداتها ، مبرزا ان قطاع المقاولين، دخل في الاونة الاخيرة في ازمة حادة وخانقة، نتيجة ارتفاع اسعار المحروقات ، وايضا عدم سداد الدولة لديونها تجاه المئات من الشركات، بالاضافة الى تعمدها في الفترة الاخيرة الى منح صفقات عمومية لإنجاز مشاريع تنموية لفائدة شركات بناء اجنبية وبالعملة الصعبة، وهو ما اثار حنق اهل القطاع الذين يعانون من ازمة مالية نتيجة تجميد المشاريع الاستثمارية.

وحذر رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العمومية مهدي الفخفاخ، من تواصل الازمة الخانقة في قطاع البناء ، لافتا الى ان اغلب اصحاب المؤسسات اضطروا الى تسريح آلاف العمال في الفترة الاخيرة، بالاضافة الى اطارات عليا ومهندسين معماريين بارزين، مشيرا الى ان ديون القطاع مع الدولة بلغت مستويات مرتفعة ، وازداد الامر صعوبة بعد تجميد عدد من المشاريع الكبرى بسبب الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وكشف الفخفاخ ان عديد الشركات في قطاع البناء انطلقت في الفترة الاخيرة في تسريح إطارات عليا ومهندسين، وذلك في خطوة للضغط على نفقاتها المتنامية ، محذرا من انهيار قطاع البناء في تونس في حال تواصلت هذه الموجة من الزيادات في المواد الاولية ، والتي اضطرت بعض المؤسسات الى الغلق واشهار افلاسها ، مؤكدا ان جزءا من هذه الازمة يعود الى عدم تفعيل العشرات من المشاريع الاستثمارية والمتعلقة اساسا بناء المستشفيات والمرافق العمومية.

وتابع مهدي الفخفاخ بالقول ان عديد الصفقات التي تعلنها الدولة اليوم لم ترصد لها بعد اي اعتمادات، معتبرا ان هذا المؤشر خطير، وهناك العشرات من المقاولين الذين مازالوا ينتظرون، رصد اعتمادات لهذه المشاريع ، وقاموا بإرجاء تنفيذ جزء كبير من هذه المشاريع.

واستنكر رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العمومية منح جزء من الصفقات العمومية لفائدة شركات اجنبية وبالعملة الصعبة، معتبرا ان ذلك اضر كثيرا بالشركات التونسية التي تعاني بدورها من ازمة الزيادات في المواد الاولية وايضا في اسعار المحروقات ، وكان الاجدر في مثل هذه الظروف الاقتصادية القاسية، مساعدة الشركات التونسية، عبر منحها هذه الصفقات حتى تتمكن من التموقع مجددا في الدائرة الاقتصادية.

وشدد الفخفاخ على ضرورة ان تعمل الدولة مستقبلا جنبا الى جنب مع المقاولين، عبر مرافقتهم في المشاريع الاستثمارية سواء داخل الدول الافريقية او في القطر الليبي او الجزائري، معتبرا ترك الامر لفائدة الباعثين العقاريين للبحث بشكل منفرد عن اسواق خارجية امر لا يشجع على الإستثمار، الا في حالة تدخل الدولة لفائدتهم.

وطالب رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العمومي بضرورة تمتيع الاجانب بإمتلاك عقارات يفوق ثمنها 700 الف دينار، وذلك في خطوة لإنعاش قطاع العقارات والبناء، وايضا الدورة الاقتصادية ، وهناك عديد الدول العربية التي لجات الى هذه الخطوة، وكان لها الاثر الجيد في الدورة الاقتصادية ومن بين هذه الدول على سبيل المثال مصر.

مشاريع مجمدة

وتواجه اليوم عشرات شركات المقاولات التي قامت بتنفيذ مشاريع متنوعة للبنية التحتية في إطار صفقات عمومية منذ أشهر قليلة صعوبات مالية جمة ناتجة عن عدم إيفاء الدولة بتعهداتها المالية إزاء هذه الشركات والتي قيمت خسائرها بعشرات المليارات، الأمر الذي أدى إلى مرور أغلبها بأزمة مالية خانقة ارتدت تبعاتها على أصحاب هذه المؤسسات الذين باتوا غير قادرين على الإيفاء بالتزاماتهم المالية إزاء العمال والموظفين وايضا البنوك.

ويؤكد العاملين في قطاع البناء ، ان ارتفاع أسعار مواد البناء وخاصة الحديد في الأسوق التونسية، تسبب في تعطل العديد من المشاريع، مشددين على ان التحريات التي قامت بها بعض الغرف النقابية ، افضت الى اكتشاف تلاعب في مادة الحديد من قبل بعض المصانع التونسية التي اصبحت بدورها تمارس الاحتكار بغاية الزيادات غير القانونية في الاسعار.

ارتفاع قياسي خلال شهرين

وسجلت اسعار الحديد في الآونة الاخيرة ارتفاعا باكثر من 26 بالمائة خلال شهرين فقط و30 بالمائة في سعر الاسمنت الحديد ، كما  ارتفع سعر الآجر الأحمر و الجبس بحوالي 50 بالمائة، الامر الذي أغضب اهل القطاع خاصة وان هذه الزيادات أقرتها الدولة لفائدة مصنعي الحديد وأضرت بالعاملين في قطاع المقاولات وباتت تهدد قوتهم، كما ان العشرات من المقاولين يواجهون اليوم خطر الافلاس ولم يعد لديهم القدرة على الالتزام بتعهداتهم تجاه الصفقات السكنية، خاصة وان ديونهم تجاه الصفقات العمومية للدولة بلغت اكثر من 800 مليون دينار وفق احدث المعطيات الصادرة عن اهل القطاع.

وحسب مسؤولي القطاع ، فإن قرابة 500 ألف موطن شغل باتت مهددة اليوم بسبب ارتفاع أسعار البناء الى مستويات لا يمكن السيطرة عليها، محذرين من ارتفاع التضخم في حال استمرت موجة الزيادات دون الحد منها وتدخل الدولة لإعادة تعديل السوق وفق كراس شروط يضمن الاستقرار لجميع الاطراف، او من خلال السماح للمقاولين باستيراد الحديد من الاسواق الخارجية للضغط على الاسعار.

ويمر قطاع البناء اليوم بأسوء فتراته نتيجة غياب الاصلاحات والضغط على مؤشر الاسعار، الامر الذي دفع بالعشرات من المقاولين الى دعوة السلطات بالتدخل العاجل للحد من الزيادات المشطة في أسعار كافة المواد والتي تكاد تكون موسمية، ومراجعتها في اسرع الآجال، خاصة وانه قطاع البناء هو قطاع حيوي ويمر منذ سنوات بأزمة حادة أرهقت الكثيرين وتسببت في اعلان العشرات من المقاولين افلاسهم.

الافلاس يخيم على الشركات

ويحذر مهنيو القطاع من تواصل نزيف القطاع ، ما يهدد بإفلاس عدد من المؤسسات بالقطاع ، مؤكدين ان قطاع البعث العقاري والبناء يعاني من أزمة خانقة نتيجة عدة عوامل وأحكام جبائية ، من بينها اخضاع القطاع للآداء على القيمة المضافة وزيادة معاليم التسجيل والزيادة المشطة في أسعار الطاقة والمحروقات والزيادة في المعاليم الديوانية والارتفاع غير المسبوق لنسبة الفائدة المديرية.

وكان رئيس غرفة الباعثين العقاريين  فهمي شعبان  قد دعا في تصريح سابق ل"الصباح" ، الى انقاذ قطاع البناء بمختلف مكوناته ، والذي يشهد أزمة خانقة منذ سنوات، نتج عنها ارتفاع الديون الجملية لقطاع البعث العقاري والبناء لدى البنوك لتتجاوز 10 مليار دينار ، داعيا الحكومة الى إيلاء ملف القطاع الاهمية القصوى ، خاصة وانه يمر بظروف صعبة انعكست سلبا على مردوديته في الدورة الاقتصادية.

وبلغت التزامات الباعثين العقاريين لدى البنوك اكثر من 5600 مليون دينار خلال سنة 2019 ، في حين بلغت التزامات قطاع البناء لدى البنوك اكثر 4400 مليون دينار خلال نفس الفترة ، ما يضع أهل القطاع اليوم في مأزق بسبب تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وغياب كراس شروط ، وتراجع الطلب على المساكن الاجتماعية ، مرده تراجع القروض الممنوحة من قبل البنوك.

تواصل النزيف

كما دعا ، مهنيو القطاع الى الغاء نسبة 5% من الضريبة المفروضة على توريد المواد الأولية المستوردة ، مشددين على التصدي للمنتوجات الاجنبية التي قضت تدريجيا على الصناعة الوطنية ، وعرضت العديد من المؤسسات الناشطة في القطاع الى الافلاس. وحسب المعطيات المقدمة ل "الصباح" من غرفة الباعثين العقاريين فإن نسبة المواطنين التونسيين القادرين على الحصول على قرض بنكي لاقتناء مسكن قد تراجعت من 80% سنة 2011 إلى 11.5% سنة 2018، في حين أن تونس في حاجة إلى 500 الف مسكن اجتماعي ميسّر لذوي الدخل المحدود في أفق 2030.

ويشهد القطاع خلال السنوات الاخيرة ازمة حادة بسبب رفع الدعم عن استهلاك الطاقة على الصناعيين وتواصل ارتفاع اسعار المواد الاولية والزيادات المتتالية للأجور، الامر الذي أرهق أصحاب القطاع وأدى إلى ضعف القدرة التنافسية وتراجع الصادرات وانخفاض رقم المعاملات وارتفاع المخزون ، وسط دعوات متكررة من المهنيين تطالب الحكومة بضرورة انقاذ القطاع وايجاد الحلول البديلة ليستعيد مكانته ، خاصة وأنه قطاع حيوي يساهم بنحو 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ، ويحتاج الى مساعدة الدولة لخروج المهنيين من الأزمة الحادة التي تهدد بانهيار العديد من الشركات التونسية، علما وانه وفقا لآخر الاحصائيات، فقد بلغت مساهمة قطاع البناء  في الاستثمار 814 مليون دينار، و1146 مليون دينار مساهمته في القيمة المضافة ، كما بلغ رقم معاملاته على مستوى التصدير 300 مليون دينار.

* سفيان المهداوي

رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء لـ"الصباح" : خسائر بعشرات المليارات... شركات تعلن افلاسها واخرى عاجزة عن خلاص اجور اطاراتها!

* صفقات عمومية مجمدة واخرى تذهب الى شركات اجنبية وبالعملة الصعبة!

* ارتفاع اسعار الحديد والاسمنت يعمق ازمة شركات المقاولات والبناء

* ارتفاع ديون الدولة تجاه المقاولين الى اكثر من 800 مليون دينار

تونس - الصباح

دعا رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العمومية مهدي الفخفاخ، امس، في تصريح لـ"الصباح" ،الى ضرورة التسريع في تعويضات الدولة للمقاولين بعد الزيادات المفروضة على المواد الاولية في ديسمبر الماضي، مؤكدا تضرر المئات من المؤسسات في قطاع البناء من ارتفاع الاسعار وخاصة المحروقات، مما دفع بالبعض الى تسريح آلاف العمال في الاونة الاخيرة، وافلاس العشرات من المؤسسات التي باتت غير قادرة على الايفاء بكافة التزاماتها المالية،  مشددا على ان موجة التسريحات شملت اطارات عليا ومهندسين.

واكد الفخفاخ ان الدولة تعهدت بتقديم مساعدات للمقاولين اثر اقرار الزيادات الاخيرة في مادتي الحديد والاسمنت، الا انها الى اليوم لم تلتزم بتعهداتها ، مبرزا ان قطاع المقاولين، دخل في الاونة الاخيرة في ازمة حادة وخانقة، نتيجة ارتفاع اسعار المحروقات ، وايضا عدم سداد الدولة لديونها تجاه المئات من الشركات، بالاضافة الى تعمدها في الفترة الاخيرة الى منح صفقات عمومية لإنجاز مشاريع تنموية لفائدة شركات بناء اجنبية وبالعملة الصعبة، وهو ما اثار حنق اهل القطاع الذين يعانون من ازمة مالية نتيجة تجميد المشاريع الاستثمارية.

وحذر رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العمومية مهدي الفخفاخ، من تواصل الازمة الخانقة في قطاع البناء ، لافتا الى ان اغلب اصحاب المؤسسات اضطروا الى تسريح آلاف العمال في الفترة الاخيرة، بالاضافة الى اطارات عليا ومهندسين معماريين بارزين، مشيرا الى ان ديون القطاع مع الدولة بلغت مستويات مرتفعة ، وازداد الامر صعوبة بعد تجميد عدد من المشاريع الكبرى بسبب الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وكشف الفخفاخ ان عديد الشركات في قطاع البناء انطلقت في الفترة الاخيرة في تسريح إطارات عليا ومهندسين، وذلك في خطوة للضغط على نفقاتها المتنامية ، محذرا من انهيار قطاع البناء في تونس في حال تواصلت هذه الموجة من الزيادات في المواد الاولية ، والتي اضطرت بعض المؤسسات الى الغلق واشهار افلاسها ، مؤكدا ان جزءا من هذه الازمة يعود الى عدم تفعيل العشرات من المشاريع الاستثمارية والمتعلقة اساسا بناء المستشفيات والمرافق العمومية.

وتابع مهدي الفخفاخ بالقول ان عديد الصفقات التي تعلنها الدولة اليوم لم ترصد لها بعد اي اعتمادات، معتبرا ان هذا المؤشر خطير، وهناك العشرات من المقاولين الذين مازالوا ينتظرون، رصد اعتمادات لهذه المشاريع ، وقاموا بإرجاء تنفيذ جزء كبير من هذه المشاريع.

واستنكر رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العمومية منح جزء من الصفقات العمومية لفائدة شركات اجنبية وبالعملة الصعبة، معتبرا ان ذلك اضر كثيرا بالشركات التونسية التي تعاني بدورها من ازمة الزيادات في المواد الاولية وايضا في اسعار المحروقات ، وكان الاجدر في مثل هذه الظروف الاقتصادية القاسية، مساعدة الشركات التونسية، عبر منحها هذه الصفقات حتى تتمكن من التموقع مجددا في الدائرة الاقتصادية.

وشدد الفخفاخ على ضرورة ان تعمل الدولة مستقبلا جنبا الى جنب مع المقاولين، عبر مرافقتهم في المشاريع الاستثمارية سواء داخل الدول الافريقية او في القطر الليبي او الجزائري، معتبرا ترك الامر لفائدة الباعثين العقاريين للبحث بشكل منفرد عن اسواق خارجية امر لا يشجع على الإستثمار، الا في حالة تدخل الدولة لفائدتهم.

وطالب رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمقاولي البناء والأشغال العمومي بضرورة تمتيع الاجانب بإمتلاك عقارات يفوق ثمنها 700 الف دينار، وذلك في خطوة لإنعاش قطاع العقارات والبناء، وايضا الدورة الاقتصادية ، وهناك عديد الدول العربية التي لجات الى هذه الخطوة، وكان لها الاثر الجيد في الدورة الاقتصادية ومن بين هذه الدول على سبيل المثال مصر.

مشاريع مجمدة

وتواجه اليوم عشرات شركات المقاولات التي قامت بتنفيذ مشاريع متنوعة للبنية التحتية في إطار صفقات عمومية منذ أشهر قليلة صعوبات مالية جمة ناتجة عن عدم إيفاء الدولة بتعهداتها المالية إزاء هذه الشركات والتي قيمت خسائرها بعشرات المليارات، الأمر الذي أدى إلى مرور أغلبها بأزمة مالية خانقة ارتدت تبعاتها على أصحاب هذه المؤسسات الذين باتوا غير قادرين على الإيفاء بالتزاماتهم المالية إزاء العمال والموظفين وايضا البنوك.

ويؤكد العاملين في قطاع البناء ، ان ارتفاع أسعار مواد البناء وخاصة الحديد في الأسوق التونسية، تسبب في تعطل العديد من المشاريع، مشددين على ان التحريات التي قامت بها بعض الغرف النقابية ، افضت الى اكتشاف تلاعب في مادة الحديد من قبل بعض المصانع التونسية التي اصبحت بدورها تمارس الاحتكار بغاية الزيادات غير القانونية في الاسعار.

ارتفاع قياسي خلال شهرين

وسجلت اسعار الحديد في الآونة الاخيرة ارتفاعا باكثر من 26 بالمائة خلال شهرين فقط و30 بالمائة في سعر الاسمنت الحديد ، كما  ارتفع سعر الآجر الأحمر و الجبس بحوالي 50 بالمائة، الامر الذي أغضب اهل القطاع خاصة وان هذه الزيادات أقرتها الدولة لفائدة مصنعي الحديد وأضرت بالعاملين في قطاع المقاولات وباتت تهدد قوتهم، كما ان العشرات من المقاولين يواجهون اليوم خطر الافلاس ولم يعد لديهم القدرة على الالتزام بتعهداتهم تجاه الصفقات السكنية، خاصة وان ديونهم تجاه الصفقات العمومية للدولة بلغت اكثر من 800 مليون دينار وفق احدث المعطيات الصادرة عن اهل القطاع.

وحسب مسؤولي القطاع ، فإن قرابة 500 ألف موطن شغل باتت مهددة اليوم بسبب ارتفاع أسعار البناء الى مستويات لا يمكن السيطرة عليها، محذرين من ارتفاع التضخم في حال استمرت موجة الزيادات دون الحد منها وتدخل الدولة لإعادة تعديل السوق وفق كراس شروط يضمن الاستقرار لجميع الاطراف، او من خلال السماح للمقاولين باستيراد الحديد من الاسواق الخارجية للضغط على الاسعار.

ويمر قطاع البناء اليوم بأسوء فتراته نتيجة غياب الاصلاحات والضغط على مؤشر الاسعار، الامر الذي دفع بالعشرات من المقاولين الى دعوة السلطات بالتدخل العاجل للحد من الزيادات المشطة في أسعار كافة المواد والتي تكاد تكون موسمية، ومراجعتها في اسرع الآجال، خاصة وانه قطاع البناء هو قطاع حيوي ويمر منذ سنوات بأزمة حادة أرهقت الكثيرين وتسببت في اعلان العشرات من المقاولين افلاسهم.

الافلاس يخيم على الشركات

ويحذر مهنيو القطاع من تواصل نزيف القطاع ، ما يهدد بإفلاس عدد من المؤسسات بالقطاع ، مؤكدين ان قطاع البعث العقاري والبناء يعاني من أزمة خانقة نتيجة عدة عوامل وأحكام جبائية ، من بينها اخضاع القطاع للآداء على القيمة المضافة وزيادة معاليم التسجيل والزيادة المشطة في أسعار الطاقة والمحروقات والزيادة في المعاليم الديوانية والارتفاع غير المسبوق لنسبة الفائدة المديرية.

وكان رئيس غرفة الباعثين العقاريين  فهمي شعبان  قد دعا في تصريح سابق ل"الصباح" ، الى انقاذ قطاع البناء بمختلف مكوناته ، والذي يشهد أزمة خانقة منذ سنوات، نتج عنها ارتفاع الديون الجملية لقطاع البعث العقاري والبناء لدى البنوك لتتجاوز 10 مليار دينار ، داعيا الحكومة الى إيلاء ملف القطاع الاهمية القصوى ، خاصة وانه يمر بظروف صعبة انعكست سلبا على مردوديته في الدورة الاقتصادية.

وبلغت التزامات الباعثين العقاريين لدى البنوك اكثر من 5600 مليون دينار خلال سنة 2019 ، في حين بلغت التزامات قطاع البناء لدى البنوك اكثر 4400 مليون دينار خلال نفس الفترة ، ما يضع أهل القطاع اليوم في مأزق بسبب تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وغياب كراس شروط ، وتراجع الطلب على المساكن الاجتماعية ، مرده تراجع القروض الممنوحة من قبل البنوك.

تواصل النزيف

كما دعا ، مهنيو القطاع الى الغاء نسبة 5% من الضريبة المفروضة على توريد المواد الأولية المستوردة ، مشددين على التصدي للمنتوجات الاجنبية التي قضت تدريجيا على الصناعة الوطنية ، وعرضت العديد من المؤسسات الناشطة في القطاع الى الافلاس. وحسب المعطيات المقدمة ل "الصباح" من غرفة الباعثين العقاريين فإن نسبة المواطنين التونسيين القادرين على الحصول على قرض بنكي لاقتناء مسكن قد تراجعت من 80% سنة 2011 إلى 11.5% سنة 2018، في حين أن تونس في حاجة إلى 500 الف مسكن اجتماعي ميسّر لذوي الدخل المحدود في أفق 2030.

ويشهد القطاع خلال السنوات الاخيرة ازمة حادة بسبب رفع الدعم عن استهلاك الطاقة على الصناعيين وتواصل ارتفاع اسعار المواد الاولية والزيادات المتتالية للأجور، الامر الذي أرهق أصحاب القطاع وأدى إلى ضعف القدرة التنافسية وتراجع الصادرات وانخفاض رقم المعاملات وارتفاع المخزون ، وسط دعوات متكررة من المهنيين تطالب الحكومة بضرورة انقاذ القطاع وايجاد الحلول البديلة ليستعيد مكانته ، خاصة وأنه قطاع حيوي يساهم بنحو 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ، ويحتاج الى مساعدة الدولة لخروج المهنيين من الأزمة الحادة التي تهدد بانهيار العديد من الشركات التونسية، علما وانه وفقا لآخر الاحصائيات، فقد بلغت مساهمة قطاع البناء  في الاستثمار 814 مليون دينار، و1146 مليون دينار مساهمته في القيمة المضافة ، كما بلغ رقم معاملاته على مستوى التصدير 300 مليون دينار.

* سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews