إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وزير الطاقة والمناجم السابق خالد قدور لـ"الصباح" : لا نملك اليوم برنامج اصلاحي ولا رؤى للمستقبل أو منوال تنمية للجهات

 

تونس- الصباح 

دعا وزير الطاقة والمناجم السابق خالد قدور في حوار مطول لـ"الصباح"، امس، الى تكثيف الجهود للخروج بتونس من ازماتها المتعددة ، عبر ارساء منوال تنموي شامل لا يستثني احدا، معتبرا ان تونس اليوم في حاجة ماسة الى الكفاءات العلمية من أي وقت مضى، محملا الحكومات السابقة وخاصة حكومة يوسف الشاهد مسؤولية تدني الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. 

واكد خالد قدور ان الحكومة الحالية بقيادة نجلاء بودن تحمل مقومات النجاح لتضمنها لعدد من الكفاءات الجامعية المشهود لها بالبلاد ، كما ان خيارات رئيس الجمهورية قيس سعيد في رفع نسق الاستثمارات في الاقتصاد الاخضر والطاقات المتجددة هي خيارات سليمة، وهذا التوجه عالمي وتونس كانت السباقة في احتضان هذه المشاريع الا انها وجدت تعطيلا في اكثر من مناسبة بسبب المناكفات والخلافات السياسية الضيقة ، داعيا الى ضرورة العمل على الاسراع في امضاء العقود مع العديد من الشركات العاملة في مجال الطاقات المتجددة. 

ولفت وزير الطاقة والمناجم السابق الى ضرورة ان تعمل تونس على تعديل اسعار المحروقات في اسرع الآجال بسبب العجز الفادح في ميزانية الدولة والبالغ 3300 مليون دينار ، مشددا على ان ازمة النفط العالمية لن تؤثر على تونس الا على مستوى الاسعار. 

وحمل خالد قدور ، حكومة يوسف الشاهد، مسؤولية تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس ، والتي ما تزال ويلاتها متواصلة الى اليوم، داعيا الحكومة الحالية الى الاستعانة بالكفاءات العلمية للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تعيشه البلاد خلال العشرية الاخيرة.

وفيما يلي الحوار الكامل ....

* بداية سيد خالد قدور ما سبب عدم تمكن تونس من استعادة  معدلات النمو الطبيعية في قطاعي الفسفاط والنفط رغم الجهود المبذولة ؟

قبل كل شيء، لا بد أن ألفت نظرك، ان الاقتصاد الوطني برمته في ازمة ، فهذه الازمة متعددة  الابعاد ، وطالت الجميع في البلاد ومست مختلف شرائح المجتمع ، وهي أزمة عامة اخلاقية واجتماعية وسياسية واقتصادية ، ولم يسلم منها احد، كما ان وقعها كان شديدا على كافة القطاعات ، وأولها قطاعات السياحة والفلاحة  والصناعة ، وايضا قطاعات الانتاج ، كما لا ننسى ان اكبر اشكال اليوم هو قطاع التعليم المتردي، وأيضا القطاع الصحي الذي بلغ مستويات لا تطاق، وهذه جميعها تراجعت خلال العشرية الاخيرة الى مستويات مفزعة ، وكان وقعها كبيرا على ايرادات البلاد، وبالتالي لا يمكن ان نسترجع معدلات النمو الطبيعية في قطاعي الفسفاط والنفط بمعزل عن باقي القطاعات الاخرى، والتي هي بحاجة الى اصلاحات آنية وفورية ، ونعني هنا اننا لا يمكننا ان نطالب المسؤولين مثلا في قطاع الفسفاط برفع الانتاج في وقت تشهد فيه المدن المحيطة بالحوض المنجمي احتجاجات شعبية واسعة، وهؤلاء على حق فهم يطالبون بالتنمية والشغل وتحسين جودة حياتهم  ، علما وان هذه المناطق تشهد تلوثا كبيرا  للهواء والماء وأيضا التربة ، والمشاكل هي أعمق من عودة الانتاج فقط  ، وطبعا نحن نريد عودة الانتاج الى مستويات ماقبل سنة 2010 ، لكن هذا الامر يستدعي منوال تنمية  شامل يقوم على تنويع القاعدة الاقتصادية بهذه المناطق ، وتدهور التعليم وتراجعه بجهة قفصة هو مؤشر على المعاناة الصعبة التي تعيشها الجهة، ولا يمكننا ان نقوم بالاصلاحات ما لم نحقق التعليم الجيد بهذه الجهة والمرافق الصحية الجيدة ، وبقطع النظر عن هذه الاسباب العميقة، فإننا سجلنا منذ بداية الثلاثي الثاني للسنة الحالية عودة تدريجية لقطاع الفسفاط وبين الثلاثي الاول والثاني والثالث هناك تحسن ملحوظ في عمليات انتاج الفسفاط، وأفضل بكثير من السنوات الفارطة، وطبعا رغم هذه الانتعاشة فإنه لا يمكننا ان نعود الى مستويات ما قبل سنة 2010 والتي بلغت 8 ملايين طن .

* ما السبب الذي يمنع ذلك؟

-الاسباب عديدة وعلى رأسها آلات الاستخراج، والتي هي في حاجة الى صيانة فهي قديمة وبالية، ولا بد ايضا من تجديد أسطول النقل، علما وان مسألة النقل تؤرق جميع المسؤولين ، والقطارات التي تنقل الفسفاط لم تعد بعد الى اليوم بنفس الوتيرة المطلوبة، وهذا ما يتسبب في تراجع التصدير، اما بالنسبة لقطاع المحروقات، فالتراخيص المسندة في سنة 2010 بلغت 52 رخصة ، حاليا 23 رخصة وهذا التقلص في منح الرخص، سببه المباشر تراجع جاذبية تونس، وما زاد في الطين بلة الفصل 13 من الدستور والذي يعطل جميع عمليات اسناد الرخص في آجالها الا بعد موافقة البرلمان، وهذا ما يدفع بالعديد من الشركات الى الغاء عقودها الاستثمارية وسحب كافة أنشطتها وتحويلها الى بلدان أخرى منافسة لتونس، ولهذا السبب لم يقع تجديد المخزون النفطي الا بعد  تسجيل اكتشافات جديدة ، وهذه السنة دخل حقل نوارة حيز العمل ، مابين قوسين، ألفت نظرك، الى ان الحقل لم يشتغل مطلقا السنوات الماضية، ورغم ذلك قامت حكومة يوسف الشاهد بتدشينه مرارا... المهم ان هذا الحقل ينتج حاليا  1.97 مليون طن ، والحد الاقصى لهذا الحقل هو 2.7 مليون طن، علما وان طاقة الحقل لن تغير من ميزان الطاقة للبلاد التونسية...

* عفوا، بعض الخبراء يؤكدون أن حقل نوارة سيغير ميزان الطاقة في البلاد؟!

-هو لن يغير الشيء الكثير في الميزان الطاقي للبلاد ، واستقلالية الطاقة لتونس مازالت نسبتها في حدود 50% ، علما وان حقل نوارة  لن يدوم لسنوات فطاقته القصوى هي في حدود 10 سنوات فقط ، علما وان حقل البرمة منذ سنة 1966  وانتاجه الى اليوم متواصل ، وهو حقل كبير، كما ان كافة الدراسات المنجزة حول حقل نوارة تؤكد ان استمراريته لن تتجاوز 10 سنوات.

*اعتقد أنه امام هذه المعطيات المقدمة ، فإن تونس في حاجة اليوم الى حقول نفطية جديدة لتأمين حاجياتها الطاقية ؟

-طبعا، ولا يمكننا انجاز اي منوال تنمية دون توفير الطاقة والماء، وكلا العنصرين وجب توفرهما قبل الاقدام على اي مخطط للتنمية، والامر بديعي ، فالانسان اليوم لا يمكنه ان يعيش دون ماء او كهرباء.

* بخصوص اسعار المحروقات ، لاحظنا عديد الدول لجأت الى الرفع من الاسعار وعلى رأسها أمريكا في حين ما تزال تونس لم تبادر بعد لاتخاذ هذه الخطوة ؟

-ميزانية تونس لسنة 2021 بنت فرضياتها على 45 دولارا فقط، في حين بلغ سعر برميل النفط برنت اليوم 82 دولار ، وهو ما يؤكد العجز الكبير الذي ألحقته هذه الزيادات في الاسعار في ميزانية الدولة، علما وان القيمة الجملية لدعم المحروقات التي وضعتها الدولة بلغت 401 مليون دينار ، واليوم بلغ الدعم 3300 مليون دينار،  أي بإضافة 2900 مليون دينار ، وهو رقم مهول وتونس لا يمكنها ان تتحمل هذه المبالغ الضخمة، في الوقت الذي أجبرت فيه جميع الدول في العالم الى فرض زيادات جديدة في أسعار المحروقات.

* هناك نوايا لرفع الدعم تدريجيا عن المحروثات خلال سنة 2022 ، هل تؤيد هذا الاجراء؟

-جميع الحكومات السابقة ، كانت تعمل على الرفع التدريجي لدعم المحروقات، ودائما لا تنجح في تحقيق ذلك، كما ان هناك آلية لتعديل الاسعار، في بعض الاحيان يتم التخلي عنها، علما وان رفع الدعم سيكون له انعكاسات غير محبذة على كافة القطاعات وأيضا المواطنين، وانعكاساتها ستطال ايضا القدرة الشرائية للمواطنين والمواد الغذائية، وايضا النقل والصناعة، وحتى ولو قمنا بتطبيق هذا الخيار لا بد اولا وضع برنامج لمساعدة العائلات ذات الدخل المحدود ، وهناك عديد الخيارات التي يمكن اللجوء اليها أيضا وعلى سبيل المثال تعميم اللوحات العاملة بالطاقة الشمسية للحد من استهلاك الكهرباء الى النصف لفائدة العائلات محدودة الدخل ، كما يمكن هيكلة أسعار المواد النفطية ومراجعة الاداءات لتقليص الدعم. 

*هل تنصح اليوم بإعادة النظر في اسعار المحروقات في ظل ارتفاعها عالميا ؟

لا يمكن الاستمرار بهذا العجز الفادح في ميزانية الدولة ، واتوقع ان يتم اللجوء الى تفعيل هذا الخيار في الفترة القادمة ، فالدولة غير قادرة بتاتا على تحمل عبء ثقيل في ميزانيتها، وفي كلتا الحالتين فإن المواطن هو من سيدفع فاتورة ارتفاع الاسعار او ارتفاع العجز. 

*مؤخرا تم تداول اسمك لتمسك بالقطب الاقتصادي الذي يضم عدة وزارات مجتمعة لكننا لم نلمس ذلك، فما السبب؟ 

- لا علم لي باقتراح اسمي لتولي أي قطب اقتصادي، وهذه النقطة قد يجيبك عنها أصحاب القرار السياسي في البلاد. 

* هل انت مع مقترح بعث قطب اقتصادي يضم كافة الوزارات الحيوية ؟

- اهم شيء بالنسبة لي هو اعداد تصور شامل لمستقبل تونس، ونحن لا نملك اي تصور في هذا الاتجاه في الوقت الراهن، بل نحن لا ندرك الى اين نسير اليوم، لم نقم بالاصلاحات بعد، لم ننجز مشاريع كبرى، بل نحن لم نراوح مكاننا بعد وبقينا في نفس النقطة، وتونس في حاجة الى نظرة شاملة، فمشكلتنا الاساسية هي البطالة، وهذا يفرض التنمية في المقام الاول، بالاضافة الى تعليم جيد ومرافق صحية جيدة، كما وجب ان تكون برامجنا جذابة للاستثمار، وعلاقاتنا الخارجية مع كافة الدول جيدة، كما من الضروري الاعتماد على بنية أساسية متطورة، وهذه جميعها مثل السلسلة لا يمكن ان تحجب منها أي معطى، بما في ذلك الاهتمام بالثقافة، وهذه جميعها تصورات شاملة يمكن الانطلاق بترجمتها على أرض الواقع من خلال مشاريع في الجهات وبرامج في القطاعات، ولحظتها تكون الرؤية واضحة وبإمكاننا أن نخطو بضعة خطوات الى الامام، مع الاشارة الى اننا خلال العشرية الاخيرة لم نتمكن من تحقيق سوى 1.6% نسبة نمو مجتمعة ، وهي اقل بكثير من نسب التضخم المرتفعة ، وهو ما يعني ان بلادنا تسير نحو الفقر وليس نحو الانتعاشة، علما وان آخر حكومة في سنة 2019 وهي حكومة يوسف الشاهد والتي ادارت البلاد طيلة 3 سنوات ، كانت نسبة النمو المسجلة قبل رحيلها بأسابيع 0%!. 

*يعني حكومة الشاهد كانت السبب في الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها اليوم؟ 

- طبعا، مدتها كانت 3 سنوات، لم نشهد فيها انجاز مشاريع كبرى، او مجرد اصلاحات، وكان بالامكان ان نربح الوقت خلال هذه المدة، الا اننا اضعنا الوقت في الخلافات السياسية الضيقة والمناكفات التي لا طائل لها، وزادت اجواء الانتخابات الاخيرة في رفع منسوب الاحتقان الاجتماعي ما ادى الى احتجاجات واسعة اليوم، وهذا ايضا تسبب في ايقاف صندوق النقد الدولي لكافة برامجه في تونس بسبب عدم وجود أي اصلاحات طالب بها وتعهدت حكومة الشاهد بتنفيذها. 

* بخصوص صندوق النقد الدولي ، هل هناك امكانية لإعادة تفعيل التعاون معه، ام ان الامر أصبح صعبا؟ 

- صندوق النقد الدولي لن يدخر جهدا في سبيل تقديم المساعدة المالية اللازمة لتونس ، لكن علينا ان نقوم بالاصلاحات المطلوبة ، وخاصة التي تعهدت بها جل الحكومات المتعاقبة ، وهو يطلب من المسؤولين برنامجا واضحا للخروج من الازمة المالية والاقتصادية، والى حد الان لا وجود لأي برامج واضحة. 

* هل تتوقع ان تنجح حكومة نجلاء بودن في الخروج بتونس من ازمتها الاقتصادية ؟ 

- انا اتمنى لها النجاح، فهي حكومة تضم كفاءات جامعية مشهود لها في البلاد، هم يعملون في صمت من اجل تونس، واتوقع نجاحها لأنها اول حكومة تضم كما كبيرا من الكفاءات الجامعية ، وهي قادرة على ادارة الملفات الاقتصادية الصعبة.

* رئيس الجمهورية قيس سعيد دعا مؤخرا الى دعم الاقتصاد الاخضر والطاقات المتجددة ، برايك هل تونس جاهزة لخوض هذه التجربة؟

- بالطبع تونس قادرة على خوض هذه التجربة، وكنت من السباقين لحظة تولي منصب وزير الطاقة والمناجم ، في تقديم برنامج كامل لتطوير الصحراء التونسية وانجاز عدة محطات للكهرباء من الطاقة الشمسية ، وقدمنا مشاريع بلغت 100 ميغاواط من الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء ، ثم قمنا بمضاعفتها في مرحلة ثانية الى 500 ميغاواط  وتم التنصيص على ذلك في كراس الشروط لإنجاز هذه المحطات، وكان ذلك في شهر أفريل من سنة 2018 ، وهذه المشاريع تحصلت عليها شركات دولية كبرى بأثمان كانت جيدة جدا للجانب التونسي ، وهي اقل بكثير من قيمة الدعم المرتفع حاليا ،لكن الى اليوم بعض عقود هذه الشركات لم تمض بعد ومن المتوقع ان يقع امضاء بعض العقود لهذه الشركات خلال الايام القادمة ، لكن التاخير الحاصل في سنة 2019 بسبب الخلافات السياسية ارجأ امضاء العديد من العقود لهذه الشركات.

* هل هذه المشاريع بإمكانها ان توفر الاحتياجات الطاقية لتونس ؟

-هي ستساعد على تامين بعض حاجياتنا الطاقية، لكنها لا توفر الشيء الكثير من احتياجاتنا الطاقية، ونحن نحتاج الى مشاريع اكبر في مجال الطاقات المتجددة وتطوير المناطق الصحراوية وايضا البنية الاساسية، بالاضافة الى طوير كافة الحقول النفطية ، وايضا الحقول الفلاحية ضمن تصور شامل متماسك.

* هناك بلدان لجأت لتخلي عن استعمال الغاز الطبيعي بسبب الاحتباس الحراري ، هل يمكن لتونس ان تنجح في ذلك ايضا وتعويضه بطاقة نظيفة أخرى؟

-هذه البلدان بعضها رفع من حجم توقعاته الى استعمال 100% من الطاقات النظيفة خلال السنوات القادمة ، وهي بلدان غنية، لكن هذا الامر صعب تحقيقه في تونس في ظل هذه الامكانيات وفي احسن الحالات سنتمكن من توفير 50% من حاجياتنا الطاقية من الطاقة النظيفة خلال مدة طويلة نسبيا، كما ان الامر يتعلق بتغيير وسائل النقل والتي وجب ان تعمل بالطاقة الكهربائية النظيفة ، وهذا امر صعب جد ويحتاج لموارد ضخمة ولو اننا بالامكان ان نصل الى نسبة 80% من توليد حاجياتنا من التيار الكهربائي من الطاقة النظيفة وهذا لن يكون الا سنة 2050 ، وحاليا نحن لم نتجاوز معدل 3 بالمائة في الانتاج الطاقي من الطاقات المتجددة في توليد التيار الكهربائي، وهذا الرقم يعد قليلا جدا لأن برامجنا تاخرت كثيرا.

* هناك بعض الشركات النفطية التي قررت الرحيل من تونس، ما سبب اتخاذ هذه الخطوات في الوقت الذي نحتاج فيه الى العشرات من الاستثمارات في المجال الطاقي؟

- هذا الامر يعود لتدني مناخ الاعمال ، وحاليا يوجد في تونس اثنان من الشركات الكبرى في المجال الطاقي وهي "شيل" و"ايني" ومن المتوقع خروجهما من تونس موفى هذه السنة الحالية او في جوان 2022، وذلك وفق ما اعلن عنه مؤخرا مسؤولي هذه الشركات ، والسبب في ذلك ان هذه الشركات كبرى وهي تفضل الحقول الكبرى في عديد الدول الاخرى، في حين ان الحقول التونسية صغيرة، وهي محل اقبال من الشركات العالمية الصغرى ، وكنت قد اشرت في بداية حديثي الى تقلص الرخص في مجال المحروقات، بسبب تراجع جاذبية تونس في الخارج ، وهذا الامر يؤثر على الانتاج مباشرة، علما وان بعض الحقول تشهد انخفاضا في الانتاج خلال السنوات الاخيرة ، وهو امر طبيعي.

* كيف ترى تونس خلال السنوات القادمة وهل سننجح في تجاوز ازمتنا الاقتصادية ؟

-نحن نمر اليوم بوضع صعب جدا يستدعي تشريك كافة الكفاءات العملية لإنقاذ البلاد ، ووجب من صناع القرار الانصات لهذه الكفاءات وعدم تجاهلها ، فهي الوقود الذي سيخرج البلاد من كافة ازماتها ، واشرافها على ادارة الملفات الحارقة،  سيمكن بلادنا بما لا شك في تجاوز جل ازماتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية ، وعلينا اليوم ان نتحد من أجل المرور ببلادنا الى بر الأمان، ولن يكون ذلك الا بتوحيد الجهود والرؤى، وايضا بوضع برامج تنموية شاملة ومتكاملة.

حاوره سفيان المهداوي

وزير الطاقة والمناجم السابق خالد قدور لـ"الصباح" : لا نملك اليوم برنامج اصلاحي ولا رؤى للمستقبل أو منوال تنمية للجهات

 

تونس- الصباح 

دعا وزير الطاقة والمناجم السابق خالد قدور في حوار مطول لـ"الصباح"، امس، الى تكثيف الجهود للخروج بتونس من ازماتها المتعددة ، عبر ارساء منوال تنموي شامل لا يستثني احدا، معتبرا ان تونس اليوم في حاجة ماسة الى الكفاءات العلمية من أي وقت مضى، محملا الحكومات السابقة وخاصة حكومة يوسف الشاهد مسؤولية تدني الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. 

واكد خالد قدور ان الحكومة الحالية بقيادة نجلاء بودن تحمل مقومات النجاح لتضمنها لعدد من الكفاءات الجامعية المشهود لها بالبلاد ، كما ان خيارات رئيس الجمهورية قيس سعيد في رفع نسق الاستثمارات في الاقتصاد الاخضر والطاقات المتجددة هي خيارات سليمة، وهذا التوجه عالمي وتونس كانت السباقة في احتضان هذه المشاريع الا انها وجدت تعطيلا في اكثر من مناسبة بسبب المناكفات والخلافات السياسية الضيقة ، داعيا الى ضرورة العمل على الاسراع في امضاء العقود مع العديد من الشركات العاملة في مجال الطاقات المتجددة. 

ولفت وزير الطاقة والمناجم السابق الى ضرورة ان تعمل تونس على تعديل اسعار المحروقات في اسرع الآجال بسبب العجز الفادح في ميزانية الدولة والبالغ 3300 مليون دينار ، مشددا على ان ازمة النفط العالمية لن تؤثر على تونس الا على مستوى الاسعار. 

وحمل خالد قدور ، حكومة يوسف الشاهد، مسؤولية تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس ، والتي ما تزال ويلاتها متواصلة الى اليوم، داعيا الحكومة الحالية الى الاستعانة بالكفاءات العلمية للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تعيشه البلاد خلال العشرية الاخيرة.

وفيما يلي الحوار الكامل ....

* بداية سيد خالد قدور ما سبب عدم تمكن تونس من استعادة  معدلات النمو الطبيعية في قطاعي الفسفاط والنفط رغم الجهود المبذولة ؟

قبل كل شيء، لا بد أن ألفت نظرك، ان الاقتصاد الوطني برمته في ازمة ، فهذه الازمة متعددة  الابعاد ، وطالت الجميع في البلاد ومست مختلف شرائح المجتمع ، وهي أزمة عامة اخلاقية واجتماعية وسياسية واقتصادية ، ولم يسلم منها احد، كما ان وقعها كان شديدا على كافة القطاعات ، وأولها قطاعات السياحة والفلاحة  والصناعة ، وايضا قطاعات الانتاج ، كما لا ننسى ان اكبر اشكال اليوم هو قطاع التعليم المتردي، وأيضا القطاع الصحي الذي بلغ مستويات لا تطاق، وهذه جميعها تراجعت خلال العشرية الاخيرة الى مستويات مفزعة ، وكان وقعها كبيرا على ايرادات البلاد، وبالتالي لا يمكن ان نسترجع معدلات النمو الطبيعية في قطاعي الفسفاط والنفط بمعزل عن باقي القطاعات الاخرى، والتي هي بحاجة الى اصلاحات آنية وفورية ، ونعني هنا اننا لا يمكننا ان نطالب المسؤولين مثلا في قطاع الفسفاط برفع الانتاج في وقت تشهد فيه المدن المحيطة بالحوض المنجمي احتجاجات شعبية واسعة، وهؤلاء على حق فهم يطالبون بالتنمية والشغل وتحسين جودة حياتهم  ، علما وان هذه المناطق تشهد تلوثا كبيرا  للهواء والماء وأيضا التربة ، والمشاكل هي أعمق من عودة الانتاج فقط  ، وطبعا نحن نريد عودة الانتاج الى مستويات ماقبل سنة 2010 ، لكن هذا الامر يستدعي منوال تنمية  شامل يقوم على تنويع القاعدة الاقتصادية بهذه المناطق ، وتدهور التعليم وتراجعه بجهة قفصة هو مؤشر على المعاناة الصعبة التي تعيشها الجهة، ولا يمكننا ان نقوم بالاصلاحات ما لم نحقق التعليم الجيد بهذه الجهة والمرافق الصحية الجيدة ، وبقطع النظر عن هذه الاسباب العميقة، فإننا سجلنا منذ بداية الثلاثي الثاني للسنة الحالية عودة تدريجية لقطاع الفسفاط وبين الثلاثي الاول والثاني والثالث هناك تحسن ملحوظ في عمليات انتاج الفسفاط، وأفضل بكثير من السنوات الفارطة، وطبعا رغم هذه الانتعاشة فإنه لا يمكننا ان نعود الى مستويات ما قبل سنة 2010 والتي بلغت 8 ملايين طن .

* ما السبب الذي يمنع ذلك؟

-الاسباب عديدة وعلى رأسها آلات الاستخراج، والتي هي في حاجة الى صيانة فهي قديمة وبالية، ولا بد ايضا من تجديد أسطول النقل، علما وان مسألة النقل تؤرق جميع المسؤولين ، والقطارات التي تنقل الفسفاط لم تعد بعد الى اليوم بنفس الوتيرة المطلوبة، وهذا ما يتسبب في تراجع التصدير، اما بالنسبة لقطاع المحروقات، فالتراخيص المسندة في سنة 2010 بلغت 52 رخصة ، حاليا 23 رخصة وهذا التقلص في منح الرخص، سببه المباشر تراجع جاذبية تونس، وما زاد في الطين بلة الفصل 13 من الدستور والذي يعطل جميع عمليات اسناد الرخص في آجالها الا بعد موافقة البرلمان، وهذا ما يدفع بالعديد من الشركات الى الغاء عقودها الاستثمارية وسحب كافة أنشطتها وتحويلها الى بلدان أخرى منافسة لتونس، ولهذا السبب لم يقع تجديد المخزون النفطي الا بعد  تسجيل اكتشافات جديدة ، وهذه السنة دخل حقل نوارة حيز العمل ، مابين قوسين، ألفت نظرك، الى ان الحقل لم يشتغل مطلقا السنوات الماضية، ورغم ذلك قامت حكومة يوسف الشاهد بتدشينه مرارا... المهم ان هذا الحقل ينتج حاليا  1.97 مليون طن ، والحد الاقصى لهذا الحقل هو 2.7 مليون طن، علما وان طاقة الحقل لن تغير من ميزان الطاقة للبلاد التونسية...

* عفوا، بعض الخبراء يؤكدون أن حقل نوارة سيغير ميزان الطاقة في البلاد؟!

-هو لن يغير الشيء الكثير في الميزان الطاقي للبلاد ، واستقلالية الطاقة لتونس مازالت نسبتها في حدود 50% ، علما وان حقل نوارة  لن يدوم لسنوات فطاقته القصوى هي في حدود 10 سنوات فقط ، علما وان حقل البرمة منذ سنة 1966  وانتاجه الى اليوم متواصل ، وهو حقل كبير، كما ان كافة الدراسات المنجزة حول حقل نوارة تؤكد ان استمراريته لن تتجاوز 10 سنوات.

*اعتقد أنه امام هذه المعطيات المقدمة ، فإن تونس في حاجة اليوم الى حقول نفطية جديدة لتأمين حاجياتها الطاقية ؟

-طبعا، ولا يمكننا انجاز اي منوال تنمية دون توفير الطاقة والماء، وكلا العنصرين وجب توفرهما قبل الاقدام على اي مخطط للتنمية، والامر بديعي ، فالانسان اليوم لا يمكنه ان يعيش دون ماء او كهرباء.

* بخصوص اسعار المحروقات ، لاحظنا عديد الدول لجأت الى الرفع من الاسعار وعلى رأسها أمريكا في حين ما تزال تونس لم تبادر بعد لاتخاذ هذه الخطوة ؟

-ميزانية تونس لسنة 2021 بنت فرضياتها على 45 دولارا فقط، في حين بلغ سعر برميل النفط برنت اليوم 82 دولار ، وهو ما يؤكد العجز الكبير الذي ألحقته هذه الزيادات في الاسعار في ميزانية الدولة، علما وان القيمة الجملية لدعم المحروقات التي وضعتها الدولة بلغت 401 مليون دينار ، واليوم بلغ الدعم 3300 مليون دينار،  أي بإضافة 2900 مليون دينار ، وهو رقم مهول وتونس لا يمكنها ان تتحمل هذه المبالغ الضخمة، في الوقت الذي أجبرت فيه جميع الدول في العالم الى فرض زيادات جديدة في أسعار المحروقات.

* هناك نوايا لرفع الدعم تدريجيا عن المحروثات خلال سنة 2022 ، هل تؤيد هذا الاجراء؟

-جميع الحكومات السابقة ، كانت تعمل على الرفع التدريجي لدعم المحروقات، ودائما لا تنجح في تحقيق ذلك، كما ان هناك آلية لتعديل الاسعار، في بعض الاحيان يتم التخلي عنها، علما وان رفع الدعم سيكون له انعكاسات غير محبذة على كافة القطاعات وأيضا المواطنين، وانعكاساتها ستطال ايضا القدرة الشرائية للمواطنين والمواد الغذائية، وايضا النقل والصناعة، وحتى ولو قمنا بتطبيق هذا الخيار لا بد اولا وضع برنامج لمساعدة العائلات ذات الدخل المحدود ، وهناك عديد الخيارات التي يمكن اللجوء اليها أيضا وعلى سبيل المثال تعميم اللوحات العاملة بالطاقة الشمسية للحد من استهلاك الكهرباء الى النصف لفائدة العائلات محدودة الدخل ، كما يمكن هيكلة أسعار المواد النفطية ومراجعة الاداءات لتقليص الدعم. 

*هل تنصح اليوم بإعادة النظر في اسعار المحروقات في ظل ارتفاعها عالميا ؟

لا يمكن الاستمرار بهذا العجز الفادح في ميزانية الدولة ، واتوقع ان يتم اللجوء الى تفعيل هذا الخيار في الفترة القادمة ، فالدولة غير قادرة بتاتا على تحمل عبء ثقيل في ميزانيتها، وفي كلتا الحالتين فإن المواطن هو من سيدفع فاتورة ارتفاع الاسعار او ارتفاع العجز. 

*مؤخرا تم تداول اسمك لتمسك بالقطب الاقتصادي الذي يضم عدة وزارات مجتمعة لكننا لم نلمس ذلك، فما السبب؟ 

- لا علم لي باقتراح اسمي لتولي أي قطب اقتصادي، وهذه النقطة قد يجيبك عنها أصحاب القرار السياسي في البلاد. 

* هل انت مع مقترح بعث قطب اقتصادي يضم كافة الوزارات الحيوية ؟

- اهم شيء بالنسبة لي هو اعداد تصور شامل لمستقبل تونس، ونحن لا نملك اي تصور في هذا الاتجاه في الوقت الراهن، بل نحن لا ندرك الى اين نسير اليوم، لم نقم بالاصلاحات بعد، لم ننجز مشاريع كبرى، بل نحن لم نراوح مكاننا بعد وبقينا في نفس النقطة، وتونس في حاجة الى نظرة شاملة، فمشكلتنا الاساسية هي البطالة، وهذا يفرض التنمية في المقام الاول، بالاضافة الى تعليم جيد ومرافق صحية جيدة، كما وجب ان تكون برامجنا جذابة للاستثمار، وعلاقاتنا الخارجية مع كافة الدول جيدة، كما من الضروري الاعتماد على بنية أساسية متطورة، وهذه جميعها مثل السلسلة لا يمكن ان تحجب منها أي معطى، بما في ذلك الاهتمام بالثقافة، وهذه جميعها تصورات شاملة يمكن الانطلاق بترجمتها على أرض الواقع من خلال مشاريع في الجهات وبرامج في القطاعات، ولحظتها تكون الرؤية واضحة وبإمكاننا أن نخطو بضعة خطوات الى الامام، مع الاشارة الى اننا خلال العشرية الاخيرة لم نتمكن من تحقيق سوى 1.6% نسبة نمو مجتمعة ، وهي اقل بكثير من نسب التضخم المرتفعة ، وهو ما يعني ان بلادنا تسير نحو الفقر وليس نحو الانتعاشة، علما وان آخر حكومة في سنة 2019 وهي حكومة يوسف الشاهد والتي ادارت البلاد طيلة 3 سنوات ، كانت نسبة النمو المسجلة قبل رحيلها بأسابيع 0%!. 

*يعني حكومة الشاهد كانت السبب في الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها اليوم؟ 

- طبعا، مدتها كانت 3 سنوات، لم نشهد فيها انجاز مشاريع كبرى، او مجرد اصلاحات، وكان بالامكان ان نربح الوقت خلال هذه المدة، الا اننا اضعنا الوقت في الخلافات السياسية الضيقة والمناكفات التي لا طائل لها، وزادت اجواء الانتخابات الاخيرة في رفع منسوب الاحتقان الاجتماعي ما ادى الى احتجاجات واسعة اليوم، وهذا ايضا تسبب في ايقاف صندوق النقد الدولي لكافة برامجه في تونس بسبب عدم وجود أي اصلاحات طالب بها وتعهدت حكومة الشاهد بتنفيذها. 

* بخصوص صندوق النقد الدولي ، هل هناك امكانية لإعادة تفعيل التعاون معه، ام ان الامر أصبح صعبا؟ 

- صندوق النقد الدولي لن يدخر جهدا في سبيل تقديم المساعدة المالية اللازمة لتونس ، لكن علينا ان نقوم بالاصلاحات المطلوبة ، وخاصة التي تعهدت بها جل الحكومات المتعاقبة ، وهو يطلب من المسؤولين برنامجا واضحا للخروج من الازمة المالية والاقتصادية، والى حد الان لا وجود لأي برامج واضحة. 

* هل تتوقع ان تنجح حكومة نجلاء بودن في الخروج بتونس من ازمتها الاقتصادية ؟ 

- انا اتمنى لها النجاح، فهي حكومة تضم كفاءات جامعية مشهود لها في البلاد، هم يعملون في صمت من اجل تونس، واتوقع نجاحها لأنها اول حكومة تضم كما كبيرا من الكفاءات الجامعية ، وهي قادرة على ادارة الملفات الاقتصادية الصعبة.

* رئيس الجمهورية قيس سعيد دعا مؤخرا الى دعم الاقتصاد الاخضر والطاقات المتجددة ، برايك هل تونس جاهزة لخوض هذه التجربة؟

- بالطبع تونس قادرة على خوض هذه التجربة، وكنت من السباقين لحظة تولي منصب وزير الطاقة والمناجم ، في تقديم برنامج كامل لتطوير الصحراء التونسية وانجاز عدة محطات للكهرباء من الطاقة الشمسية ، وقدمنا مشاريع بلغت 100 ميغاواط من الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء ، ثم قمنا بمضاعفتها في مرحلة ثانية الى 500 ميغاواط  وتم التنصيص على ذلك في كراس الشروط لإنجاز هذه المحطات، وكان ذلك في شهر أفريل من سنة 2018 ، وهذه المشاريع تحصلت عليها شركات دولية كبرى بأثمان كانت جيدة جدا للجانب التونسي ، وهي اقل بكثير من قيمة الدعم المرتفع حاليا ،لكن الى اليوم بعض عقود هذه الشركات لم تمض بعد ومن المتوقع ان يقع امضاء بعض العقود لهذه الشركات خلال الايام القادمة ، لكن التاخير الحاصل في سنة 2019 بسبب الخلافات السياسية ارجأ امضاء العديد من العقود لهذه الشركات.

* هل هذه المشاريع بإمكانها ان توفر الاحتياجات الطاقية لتونس ؟

-هي ستساعد على تامين بعض حاجياتنا الطاقية، لكنها لا توفر الشيء الكثير من احتياجاتنا الطاقية، ونحن نحتاج الى مشاريع اكبر في مجال الطاقات المتجددة وتطوير المناطق الصحراوية وايضا البنية الاساسية، بالاضافة الى طوير كافة الحقول النفطية ، وايضا الحقول الفلاحية ضمن تصور شامل متماسك.

* هناك بلدان لجأت لتخلي عن استعمال الغاز الطبيعي بسبب الاحتباس الحراري ، هل يمكن لتونس ان تنجح في ذلك ايضا وتعويضه بطاقة نظيفة أخرى؟

-هذه البلدان بعضها رفع من حجم توقعاته الى استعمال 100% من الطاقات النظيفة خلال السنوات القادمة ، وهي بلدان غنية، لكن هذا الامر صعب تحقيقه في تونس في ظل هذه الامكانيات وفي احسن الحالات سنتمكن من توفير 50% من حاجياتنا الطاقية من الطاقة النظيفة خلال مدة طويلة نسبيا، كما ان الامر يتعلق بتغيير وسائل النقل والتي وجب ان تعمل بالطاقة الكهربائية النظيفة ، وهذا امر صعب جد ويحتاج لموارد ضخمة ولو اننا بالامكان ان نصل الى نسبة 80% من توليد حاجياتنا من التيار الكهربائي من الطاقة النظيفة وهذا لن يكون الا سنة 2050 ، وحاليا نحن لم نتجاوز معدل 3 بالمائة في الانتاج الطاقي من الطاقات المتجددة في توليد التيار الكهربائي، وهذا الرقم يعد قليلا جدا لأن برامجنا تاخرت كثيرا.

* هناك بعض الشركات النفطية التي قررت الرحيل من تونس، ما سبب اتخاذ هذه الخطوات في الوقت الذي نحتاج فيه الى العشرات من الاستثمارات في المجال الطاقي؟

- هذا الامر يعود لتدني مناخ الاعمال ، وحاليا يوجد في تونس اثنان من الشركات الكبرى في المجال الطاقي وهي "شيل" و"ايني" ومن المتوقع خروجهما من تونس موفى هذه السنة الحالية او في جوان 2022، وذلك وفق ما اعلن عنه مؤخرا مسؤولي هذه الشركات ، والسبب في ذلك ان هذه الشركات كبرى وهي تفضل الحقول الكبرى في عديد الدول الاخرى، في حين ان الحقول التونسية صغيرة، وهي محل اقبال من الشركات العالمية الصغرى ، وكنت قد اشرت في بداية حديثي الى تقلص الرخص في مجال المحروقات، بسبب تراجع جاذبية تونس في الخارج ، وهذا الامر يؤثر على الانتاج مباشرة، علما وان بعض الحقول تشهد انخفاضا في الانتاج خلال السنوات الاخيرة ، وهو امر طبيعي.

* كيف ترى تونس خلال السنوات القادمة وهل سننجح في تجاوز ازمتنا الاقتصادية ؟

-نحن نمر اليوم بوضع صعب جدا يستدعي تشريك كافة الكفاءات العملية لإنقاذ البلاد ، ووجب من صناع القرار الانصات لهذه الكفاءات وعدم تجاهلها ، فهي الوقود الذي سيخرج البلاد من كافة ازماتها ، واشرافها على ادارة الملفات الحارقة،  سيمكن بلادنا بما لا شك في تجاوز جل ازماتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية ، وعلينا اليوم ان نتحد من أجل المرور ببلادنا الى بر الأمان، ولن يكون ذلك الا بتوحيد الجهود والرؤى، وايضا بوضع برامج تنموية شاملة ومتكاملة.

حاوره سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews