إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تعب وكد ومعاناة: في العراق.. كيف تعيش عائلات المفقودين أجواء شهر رمضان؟

مع حلول شهر رمضان المبارك تتجدد معاناة ذوي المفقودين في العراق إذ تقاسي مئات العائلات ظروفا صعبة بعد فقدان المعيل وغلاء المعيشة، واضطرار النساء إلى الالتحاق بأعمال شاقة لتأمين لقمة العيش. وتعدّ قرية "البوعكاش" في ناحية الصقلاوية بمحافظة الأنبار (غربي العراق) مثالا صارخا لذلك.
وقرية البوعكاش بات يقتصر سكانها على النساء والأطفال بعد اختطاف جميع رجالها منذ عام 2016، وهي نموذج من حالات كثيرة تشهدها مناطق العراق المنكوبة التي اجتاحتها العمليات العسكرية.
فصول المأساة
وتعيش السيدات من ذوي المفقودين أوضاعا مأساوية كونهن بلا معيل وبلا دخل، وتحتاج هذه العائلات إلى مصدر دخل ولو بقدر يسير، بحسب سعد غازي المحمدي مدير ناحية الصقلاوية.
وفي حديثه للجزيرة نت وصف المحمدي دعم المنظمات الدولية والدعم الحكومي بالخجول وأنه لا يرتقي إلى مستوى سدّ حاجة هذه العائلات.
وتتحدث نهلة حسن علي (أم خضر) عن أوضاعها المأساوية بالقول "أنا مريضة، زوجي وابني مفقودان، ولدي بنات و4 أحفاد تركتهم أمهم بعد فقدان أبيهم"، واصفة حالتهم بـ"المأساوية جدا".
وتروي للجزيرة نت كيف أصيبت ابنتها البالغة من العمر 16 عاما بانفجار عبوة ناسفة أدى إلى انقطاع العصب السابع، ولم تعد تستطيع إغماض عينها، كما أدى إلى فقدانها حاسة السمع، واعوجاج فمها لتتضاعف مأساتها فوق مأساة فقدان الأب والأخ.
أم خضر ليس لديها أي مصدر دخل، وهي مصابة بمرض الذبحة وزيادة الأملاح والتهاب الغدّة وأمراض أخرى، وتفكر في مصير الأطفال، إذ ناشدت الجهات المعنية لعلاج طفلتها المعوقة وأطفالها البقية مؤكدة أن مناشداتها السابقة لم تجد أي استجابة.
من جانبها تسكن نصيرة أحمد حسن في غرفة سقفها من جذوع الأشجار، ونوافذها مغطاة بالحصير، وتقوم بطهي الطعام على الحطب، بعد فقدان زوجها وإخوتها وأعمام أطفالها، مؤكدة تجاهل الجهات الحكومية معاناتهم وأنها لم تتواصل معهم منذ عام 2016، رغم مراجعتها عددا من الدوائر الحكومية المعنية التي لم تلبّ طلبات الأهالي بالكشف عن ذويهم المغيبين.
وتكشف للجزيرة نت عن أوضاع سيئة يعيشها الأطفال مع تعذر إمكانية الإنفاق عليهم. ورغم توزيع بعض الجمعيات الخيرية سلة غذائية كل شهر أو شهرين، فإن هذه المساعدات غير كافية لتلبية احتياجات الأطفال ومصروفات المدارس.
رمضان حزين
"أي عائلة عراقية أو عربية أو مسلمة تستقبل شهر رمضان بفرح وابتهاج وطاعات، لكن عائلات المفقودين تستقبل هذا الشهر بغمّ وحزن شديد بسبب أوضاعهم المأساوية، وقسم من هذه العائلات فقدت 10 من أبنائها أو أكثر"، كما يقول المحمدي.
ويضيف أن أوضاع الأطفال في قرية "البوعكاش" لا يمكن وصفها، وبعد زياراته الميدانية لهم أكد أنه يرى الحزن والأسى في عيونهم وعلى وجوههم، لأنهم يواجهون قساوة الحياة بلا معيل.
وتقول بشرى محمد علي، وهي زوجة مفقود تعيل 6 أطفال وتعاني أمراضا متعددة، "ها هو الشهر الفضيل يعود إلينا ونحن بلا معيل ولا زوج يتفقدنا ولا أحد يشتري لنا ما نحتاج إليه، ونحمد الله ونشكره على كل حال ونطلب من الخيّرين مساعدتنا".
وعن الأجواء الرمضانية في قريتهم تبين -للجزيرة نت- بالقول "نستقبل شهر رمضان بالدعاء والصلاة، ونسأل الله أن يعيد إلينا أولادنا ورجالنا، أطفالنا يبكون ونحن لا حول لنا ولا قوة ولا نستطيع شراء احتياجاتهم".
وتشير بشرى إلى أن بعض أطفالها يشكون من الأمراض، وتتحمل مسؤوليتهم رغم مرضها، لافتة إلى أنها بحاجة إلى عملية جراحية تكلف 4500 دولار لكنها لا تستطيع تأمين المبلغ.
اعمال شاقة
والظروف المعيشية القاسية أجبرت النساء على الالتحاق بأعمال شاقة، مثل صناعة التنانير الطينية، كما تقول ليلى هوال حمد التي اضطرت إلى العمل بهذه المهنة بعد اختطاف زوجها وأشقائها في أثناء العمليات العسكرية قبل أكثر من 5 سنوات، فلديها أيتام تقوم بإعالتهم.
وتروي للجزيرة نت تفاصيل عملها المرهق إذ تنقل الأحجار بالأكياس الكبيرة والعربات اليدوية، وبعدئذ تكسر الحجارة، ثم تنقعها في الماء يومين، لتبدأ بعجن الطين مع إضافة التبن والملح، ثم تعيد تشكيله قطعا صغيرة، ثم تشرع في بناء التنور.
وتؤكد أن الوارد المالي الذي تحصل عليه من هذه المهنة لا يسدّ احتياجات بيتها وعائلتها اليومية ومصروفات العلاج، وفي أوقات كثيرة يتوقف شراء التنانير.
وتلفت إلى أن أجواء رمضان تغيرت عليها منذ أن فقدت زوجها وأشقاءها، إذ تواصل العمل في الطين وهي صائمة، وتحاول إعداد وجبة إفطار متواضعة مما يتيسر لها.
وتضيف "كان زوجي يتكفل بتوفير احتياجاتنا وكانت لدينا سيارة ومواش وأغنام، لكننا فقدنا كل شيء في الحرب، وباتت الحياة صعبة وكلها هموم وليس لدي معيل، أو سكن مناسب"، وناشدت الجهات المعنية الاهتمام بقضيتهم وختمت بالقول "لم نفهم من حياتنا شيئا".
يد العون
أوضاع سيئة تواجه السيدات في هذه المنطقة، وليس لديهن ما يكفيهن للعيش بكرامة، مع حاجة هذه الشريحة إلى الكثير من المعونة الحكومية أو المجتمعية، كما تقول الإعلامية آسيا الجنابي.
وتؤكد للجزيرة نت أن أطفال المفقودين في وضع صعب، بلا تعليم وبلا أبسط المقومات التي تلبي احتياجات الطفل خاصة في ظل أوضاع أزمة جائحة كورونا.
وشددت على ضرورة أن تمدّ الحكومة يد العون إلى ذوي المفقودين الأبرياء، بالتفاتة حقيقية لا علاقة لها بمسائل انتخابية إنما بعين الأب كما ينظر إلى ولده، وهذا من واجب أي حكومة تجاه شعبها.
الجزيرة نت
مع حلول شهر رمضان المبارك تتجدد معاناة ذوي المفقودين في العراق إذ تقاسي مئات العائلات ظروفا صعبة بعد فقدان المعيل وغلاء المعيشة، واضطرار النساء إلى الالتحاق بأعمال شاقة لتأمين لقمة العيش. وتعدّ قرية "البوعكاش" في ناحية الصقلاوية بمحافظة الأنبار (غربي العراق) مثالا صارخا لذلك.
وقرية البوعكاش بات يقتصر سكانها على النساء والأطفال بعد اختطاف جميع رجالها منذ عام 2016، وهي نموذج من حالات كثيرة تشهدها مناطق العراق المنكوبة التي اجتاحتها العمليات العسكرية.
فصول المأساة
وتعيش السيدات من ذوي المفقودين أوضاعا مأساوية كونهن بلا معيل وبلا دخل، وتحتاج هذه العائلات إلى مصدر دخل ولو بقدر يسير، بحسب سعد غازي المحمدي مدير ناحية الصقلاوية.
وفي حديثه للجزيرة نت وصف المحمدي دعم المنظمات الدولية والدعم الحكومي بالخجول وأنه لا يرتقي إلى مستوى سدّ حاجة هذه العائلات.
وتتحدث نهلة حسن علي (أم خضر) عن أوضاعها المأساوية بالقول "أنا مريضة، زوجي وابني مفقودان، ولدي بنات و4 أحفاد تركتهم أمهم بعد فقدان أبيهم"، واصفة حالتهم بـ"المأساوية جدا".
وتروي للجزيرة نت كيف أصيبت ابنتها البالغة من العمر 16 عاما بانفجار عبوة ناسفة أدى إلى انقطاع العصب السابع، ولم تعد تستطيع إغماض عينها، كما أدى إلى فقدانها حاسة السمع، واعوجاج فمها لتتضاعف مأساتها فوق مأساة فقدان الأب والأخ.
أم خضر ليس لديها أي مصدر دخل، وهي مصابة بمرض الذبحة وزيادة الأملاح والتهاب الغدّة وأمراض أخرى، وتفكر في مصير الأطفال، إذ ناشدت الجهات المعنية لعلاج طفلتها المعوقة وأطفالها البقية مؤكدة أن مناشداتها السابقة لم تجد أي استجابة.
من جانبها تسكن نصيرة أحمد حسن في غرفة سقفها من جذوع الأشجار، ونوافذها مغطاة بالحصير، وتقوم بطهي الطعام على الحطب، بعد فقدان زوجها وإخوتها وأعمام أطفالها، مؤكدة تجاهل الجهات الحكومية معاناتهم وأنها لم تتواصل معهم منذ عام 2016، رغم مراجعتها عددا من الدوائر الحكومية المعنية التي لم تلبّ طلبات الأهالي بالكشف عن ذويهم المغيبين.
وتكشف للجزيرة نت عن أوضاع سيئة يعيشها الأطفال مع تعذر إمكانية الإنفاق عليهم. ورغم توزيع بعض الجمعيات الخيرية سلة غذائية كل شهر أو شهرين، فإن هذه المساعدات غير كافية لتلبية احتياجات الأطفال ومصروفات المدارس.
رمضان حزين
"أي عائلة عراقية أو عربية أو مسلمة تستقبل شهر رمضان بفرح وابتهاج وطاعات، لكن عائلات المفقودين تستقبل هذا الشهر بغمّ وحزن شديد بسبب أوضاعهم المأساوية، وقسم من هذه العائلات فقدت 10 من أبنائها أو أكثر"، كما يقول المحمدي.
ويضيف أن أوضاع الأطفال في قرية "البوعكاش" لا يمكن وصفها، وبعد زياراته الميدانية لهم أكد أنه يرى الحزن والأسى في عيونهم وعلى وجوههم، لأنهم يواجهون قساوة الحياة بلا معيل.
وتقول بشرى محمد علي، وهي زوجة مفقود تعيل 6 أطفال وتعاني أمراضا متعددة، "ها هو الشهر الفضيل يعود إلينا ونحن بلا معيل ولا زوج يتفقدنا ولا أحد يشتري لنا ما نحتاج إليه، ونحمد الله ونشكره على كل حال ونطلب من الخيّرين مساعدتنا".
وعن الأجواء الرمضانية في قريتهم تبين -للجزيرة نت- بالقول "نستقبل شهر رمضان بالدعاء والصلاة، ونسأل الله أن يعيد إلينا أولادنا ورجالنا، أطفالنا يبكون ونحن لا حول لنا ولا قوة ولا نستطيع شراء احتياجاتهم".
وتشير بشرى إلى أن بعض أطفالها يشكون من الأمراض، وتتحمل مسؤوليتهم رغم مرضها، لافتة إلى أنها بحاجة إلى عملية جراحية تكلف 4500 دولار لكنها لا تستطيع تأمين المبلغ.
اعمال شاقة
والظروف المعيشية القاسية أجبرت النساء على الالتحاق بأعمال شاقة، مثل صناعة التنانير الطينية، كما تقول ليلى هوال حمد التي اضطرت إلى العمل بهذه المهنة بعد اختطاف زوجها وأشقائها في أثناء العمليات العسكرية قبل أكثر من 5 سنوات، فلديها أيتام تقوم بإعالتهم.
وتروي للجزيرة نت تفاصيل عملها المرهق إذ تنقل الأحجار بالأكياس الكبيرة والعربات اليدوية، وبعدئذ تكسر الحجارة، ثم تنقعها في الماء يومين، لتبدأ بعجن الطين مع إضافة التبن والملح، ثم تعيد تشكيله قطعا صغيرة، ثم تشرع في بناء التنور.
وتؤكد أن الوارد المالي الذي تحصل عليه من هذه المهنة لا يسدّ احتياجات بيتها وعائلتها اليومية ومصروفات العلاج، وفي أوقات كثيرة يتوقف شراء التنانير.
وتلفت إلى أن أجواء رمضان تغيرت عليها منذ أن فقدت زوجها وأشقاءها، إذ تواصل العمل في الطين وهي صائمة، وتحاول إعداد وجبة إفطار متواضعة مما يتيسر لها.
وتضيف "كان زوجي يتكفل بتوفير احتياجاتنا وكانت لدينا سيارة ومواش وأغنام، لكننا فقدنا كل شيء في الحرب، وباتت الحياة صعبة وكلها هموم وليس لدي معيل، أو سكن مناسب"، وناشدت الجهات المعنية الاهتمام بقضيتهم وختمت بالقول "لم نفهم من حياتنا شيئا".
يد العون
أوضاع سيئة تواجه السيدات في هذه المنطقة، وليس لديهن ما يكفيهن للعيش بكرامة، مع حاجة هذه الشريحة إلى الكثير من المعونة الحكومية أو المجتمعية، كما تقول الإعلامية آسيا الجنابي.
وتؤكد للجزيرة نت أن أطفال المفقودين في وضع صعب، بلا تعليم وبلا أبسط المقومات التي تلبي احتياجات الطفل خاصة في ظل أوضاع أزمة جائحة كورونا.
وشددت على ضرورة أن تمدّ الحكومة يد العون إلى ذوي المفقودين الأبرياء، بالتفاتة حقيقية لا علاقة لها بمسائل انتخابية إنما بعين الأب كما ينظر إلى ولده، وهذا من واجب أي حكومة تجاه شعبها.
الجزيرة نت

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews