تمر هذه الصائفة الذكرى الستون لتأسيس مهرجان الحمامات الدولي وهي ذات الصائفة التي شهدت تنظيم اول دورة لمهرجان قرطاج الدولي
عرف المهرجان على امتداد دوراته العديد من المحطات المضيئة والتي كان لها طابعا مسرحيا بدرجة أولى وتكفي الإشارة في هذا المجال الى توجهه في احتضان العروض الأولى لانتاجات الفن الرابع حيث كان الحرص شديدا على ان يكون العرض لأي عمل مسرحي جديد على ركح مهرجان الحمامات الدولي قبل تقديمه في بقية المهرجانات الأخرى.
في هذه الورقة نستحضر البعض من المحطات الخالدة في مسيرة هذا المهرجان.
محسن بن احمد
1976.. أول لقاء بين المدني والصديقي
شهدت صائفة 1976 لقاء إبداعيا استثنائيا بين المخرج المغربي الطيب الصديقي والكاتب المسرحي عزالدين المدني من خلال عمل مسرحي (الغفران) عن (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري.
نص إبداعي جمع العملاقين المتيمين بالتراث ولا غرابة القول في هذا المجال أن الكاتب عزالدين المدني قد وجد ضالته في التراث الذي يراه ليس ماضيا فقط بل هو ماض وحاضر ومستقبل هذا من حيث الزمن أما من حيث المضمون فإن عزالدين المدني يرى في التراث مجموعة من المواقف والأشكال والقيم والأحداث الموجودة في نسق منطقي له منطلقاته الخاصة وعلى مستوى آخر فالتراث هو الحضارة... هو الثقافة.. هو المأثورات الشعبية.. هو تصورات ورؤى الناس
تلقّف الطيب الصديقي النص الإبداعي «الغفران» المثقل بالإيحاءات والإشارات والنقد اللاذع ليقدم عملا مسرحيّا فكريا عميقا التقاه جمهور مهرجان الحمامات الدولي في إحدى ليالي صيف 1976... كان لقاء مثل حجر الأساس لعلاقة إبداعية استثنائية بين المغربي الطيب الصديقي والتونسي عزالدين المدني امتدت على امتداد سنوات طويلة
1981.. تكريم محمد الجموسي
بادرت دورة 1981 لمهرجان الحمامات الدولي بتكريم الفنان محمد الجموسي في سهرة استثنائية تزامنا مع قرار عودته النهائية إلى ارض الوطن بعد رحلة فنية طويلة قادته الى أكثر من ارض عربية وأوروبية.
لقد كان شغفه بالفن والتمثيل وراء قرار مغادرة تونس والانتقال للعيش في باريس التي وجد فيها بيئة ملائمة لتلحين الأغاني وتسجيلها، فتفجرت موهبته وساعده صوته العذب على التعرف إلى نخبة من الفنانين العرب والاستفادة من تجاربهم.
في باريس عاش محمد الجموسي نحو 10 سنوات، سجل خلالها العديد من الأغاني الخالدة وانشغل طيلة بقائه هناك بالتمثيل المسرحي وتسجيل الأغاني وقيادة الفرق الموسيقية.
وبعد قرار العودة النهائية الى تونس واصل مشواره الفني من خلال التلحين لفنانين بارزين ، كما شارك في العديد من العروض المسرحية والأعمال التلفزية، وفي أغانيه المتنوعة تغزل الفنان التونسي بالنساء وتغنى بالوطن وفي صيف 1981 كان الاحتفاء والتكريم مهيبا حضره جمهور غفير غصت به جنبات مسرح الهواء الطلق بالحمامات وشدا الجموسي في تلك السهرة الخالدة بروائعه الفنية الخالدة كما شهدت تلك السهرة تقديم صوت فني طربي اصيل لأول مرة ثريا الميلادي التي قدمت في تلك السهرة " العزول غاب عن عينينا "
2009.. "مانفيستو السرور" في مائوية علي الدوعاجي
تزامنت دورة 2009 لمهرجان الحمامات الدولي مع ذكرى مرور مائة عام على ميلاد الكاتب الخالد علي الدوعاجي واحتفاء بهذه الذكرى شهد افتتاح الدورة تقديم عرض مسرحي للمسرحي الكبير توفيق الجبالي هو " مانفيستو السرور"
أنجز الجبالي «مانفيستو السرور» منطلقاً من كتابات الدوعاجي منتقياً منها شذرات أعاد كتابتها كتابةً ركحية تطاوع العرض المسرحي، مع توظيفات مختلفة من لوحة إلى أخرى وفق رؤية سينوغرافية ذات مفردات بصرية وتشكيلية تحمل الكثير من الدلالات الأيديولوجية والاجتماعية.
و قد مثلت كل عناصر الديكور والإضاءة، والمفردات الإخراجيّة، واللغة الحركيّة والبصريّة، والموسيقى التعبيرية، نسيجاً فنياً متكاملاً للعمل.
2010.. "ابن رشد "يجمع السويسي بالمدني
جدد الراحل المنصف السويسي اللقاء بعزالدين المدني في "ابن رشد اليوم" في افتتاح دورة 2010 لمهرجان الحمامات الدولي على مسافة سنوات من انجازهما لأعمال مسرحية سابقة مثل "ثورة الزنج" و"الحلاج" و"مولاي السلطان الحسن الحفصي" و"على البحر الوافر"...
تم اقتباس هذا العمل عن كتاب "شذرات من السيرة الرشدية " لعزالدين المدني الذي صدر في طبعة خاصة بمناسبة ندوة "ابن رشد نهاية قرن وبداية قرن"
2015.. "الله ينصر سيدنا "بعد 20 سنة
يوم 9 جويلية 2015، كان الموعد ضمن فعاليات الدورة الواحدة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي مع عمل مسرحي ابداعي تاريخي للكاتب المبدع الكبير عزالدين المدني في اخراج للمسرحي الخالد عبد الغني بن طارة.
حمل هذا العمل المسرحي «الله ينصر سيدنا» عنوانا له، وهو يتحدث عن محطة هامة من تاريخ الدولة التونسية بداية من تاريخ صدور «عهد الأمان» مرورا بفساد حكم المشير محمد الصادق باي وصولا الى اندلاع ثورة علي بن غذاهم.
وما يشدّ الانتباه في هذا النص الابداعي المسرحي أن كاتبه قد صاغ أحداثه منذ سنة 1995 وقد احتفظ به في مكتبته الخاصة حتى جاء الموعد في 2015.
استلهم عزالدين المدني الاحداث من الحقبة التاريخية التي مرّت بها وعاشتها بلادنا سنوات قبل الاحتلال الفرنسي وتنبأ في هذا النص بما حدث في تونس وما تبع ثورة 2011 من كتابة دستور جديد بعد دستور 1959
ميادة الحناوي في تونس
قال عنها رياض السنباطي: "يسعدني كما بدأت حياتي مع أم كلثوم أن أنهيها مع ميادة الحناوي"، فأهداها «أشواق» و«ساعة زمن» وكشف بليغ حمدي أنه على امتداد مسيرته الفنية كملحن كتب أغنيتين "أنا بعشقك" و"الحب اللّي كان" وكانتا لميادة الحناوي...
يعود آخر ظهور للفنانة السورية ميادة حناوي في المهرجانات التونسية لسنة 2006
و في 2016... عادت ميادة الحناوي الى تونس من خلال سهرة فنية استثنائية على ركح مهرجان الحمامات الدولي استعادت فيها محطات طربية رومانسية خالدة.
غنّت الفنانة ميادة الحناوي خلال الحفل بمرافقة الفرقة الوطنية التونسية للموسيقى بقيادة محمد الأسود مجموعة من أشهر أغنياتها مثل «كان يا مكان» و«أنا بعشقك» و«حبّينا وتحبّينا» وغيرها من الأغاني التي طالب بها الجمهور فكانت استجابة الفنانة بكل محبّة وتفاعل وحرفية في الوقوف على المسرح.
كاليغولا " للفاضل الجزيري
عاد الفاضل الجزيري في دورة 2018 لمهرجان الحمامات الدولي وبعد سنوات طويلة من الغياب عن الإنتاج المسرحي، إلى الفن الرابع عبر بوّابة مؤسسة المسرح الوطني التونسي بعد إشرافه على ورشة مسرح أنجزها مع مجموعة من المسرحيين الشباب وبمشاركة أنيقة للفنان الكبير محمد كوكة.
اشتغل العمل المسرحي الجديد على نص هو من أعتى النصوص المسرحية لتلبسه بالفلسفة والتفكير النقدي الحرّ، وهو "كاليغولا" للفيلسوف "البير كامو" الذي كتبه سنة 1938.
تم اهداء هذا العمل لروح الفنان المسرحي الراحل محسن بن عبد الله في الذكرى الأولى لوفاته في تلك السنة.
تونس-الصباح
تمر هذه الصائفة الذكرى الستون لتأسيس مهرجان الحمامات الدولي وهي ذات الصائفة التي شهدت تنظيم اول دورة لمهرجان قرطاج الدولي
عرف المهرجان على امتداد دوراته العديد من المحطات المضيئة والتي كان لها طابعا مسرحيا بدرجة أولى وتكفي الإشارة في هذا المجال الى توجهه في احتضان العروض الأولى لانتاجات الفن الرابع حيث كان الحرص شديدا على ان يكون العرض لأي عمل مسرحي جديد على ركح مهرجان الحمامات الدولي قبل تقديمه في بقية المهرجانات الأخرى.
في هذه الورقة نستحضر البعض من المحطات الخالدة في مسيرة هذا المهرجان.
محسن بن احمد
1976.. أول لقاء بين المدني والصديقي
شهدت صائفة 1976 لقاء إبداعيا استثنائيا بين المخرج المغربي الطيب الصديقي والكاتب المسرحي عزالدين المدني من خلال عمل مسرحي (الغفران) عن (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري.
نص إبداعي جمع العملاقين المتيمين بالتراث ولا غرابة القول في هذا المجال أن الكاتب عزالدين المدني قد وجد ضالته في التراث الذي يراه ليس ماضيا فقط بل هو ماض وحاضر ومستقبل هذا من حيث الزمن أما من حيث المضمون فإن عزالدين المدني يرى في التراث مجموعة من المواقف والأشكال والقيم والأحداث الموجودة في نسق منطقي له منطلقاته الخاصة وعلى مستوى آخر فالتراث هو الحضارة... هو الثقافة.. هو المأثورات الشعبية.. هو تصورات ورؤى الناس
تلقّف الطيب الصديقي النص الإبداعي «الغفران» المثقل بالإيحاءات والإشارات والنقد اللاذع ليقدم عملا مسرحيّا فكريا عميقا التقاه جمهور مهرجان الحمامات الدولي في إحدى ليالي صيف 1976... كان لقاء مثل حجر الأساس لعلاقة إبداعية استثنائية بين المغربي الطيب الصديقي والتونسي عزالدين المدني امتدت على امتداد سنوات طويلة
1981.. تكريم محمد الجموسي
بادرت دورة 1981 لمهرجان الحمامات الدولي بتكريم الفنان محمد الجموسي في سهرة استثنائية تزامنا مع قرار عودته النهائية إلى ارض الوطن بعد رحلة فنية طويلة قادته الى أكثر من ارض عربية وأوروبية.
لقد كان شغفه بالفن والتمثيل وراء قرار مغادرة تونس والانتقال للعيش في باريس التي وجد فيها بيئة ملائمة لتلحين الأغاني وتسجيلها، فتفجرت موهبته وساعده صوته العذب على التعرف إلى نخبة من الفنانين العرب والاستفادة من تجاربهم.
في باريس عاش محمد الجموسي نحو 10 سنوات، سجل خلالها العديد من الأغاني الخالدة وانشغل طيلة بقائه هناك بالتمثيل المسرحي وتسجيل الأغاني وقيادة الفرق الموسيقية.
وبعد قرار العودة النهائية الى تونس واصل مشواره الفني من خلال التلحين لفنانين بارزين ، كما شارك في العديد من العروض المسرحية والأعمال التلفزية، وفي أغانيه المتنوعة تغزل الفنان التونسي بالنساء وتغنى بالوطن وفي صيف 1981 كان الاحتفاء والتكريم مهيبا حضره جمهور غفير غصت به جنبات مسرح الهواء الطلق بالحمامات وشدا الجموسي في تلك السهرة الخالدة بروائعه الفنية الخالدة كما شهدت تلك السهرة تقديم صوت فني طربي اصيل لأول مرة ثريا الميلادي التي قدمت في تلك السهرة " العزول غاب عن عينينا "
2009.. "مانفيستو السرور" في مائوية علي الدوعاجي
تزامنت دورة 2009 لمهرجان الحمامات الدولي مع ذكرى مرور مائة عام على ميلاد الكاتب الخالد علي الدوعاجي واحتفاء بهذه الذكرى شهد افتتاح الدورة تقديم عرض مسرحي للمسرحي الكبير توفيق الجبالي هو " مانفيستو السرور"
أنجز الجبالي «مانفيستو السرور» منطلقاً من كتابات الدوعاجي منتقياً منها شذرات أعاد كتابتها كتابةً ركحية تطاوع العرض المسرحي، مع توظيفات مختلفة من لوحة إلى أخرى وفق رؤية سينوغرافية ذات مفردات بصرية وتشكيلية تحمل الكثير من الدلالات الأيديولوجية والاجتماعية.
و قد مثلت كل عناصر الديكور والإضاءة، والمفردات الإخراجيّة، واللغة الحركيّة والبصريّة، والموسيقى التعبيرية، نسيجاً فنياً متكاملاً للعمل.
2010.. "ابن رشد "يجمع السويسي بالمدني
جدد الراحل المنصف السويسي اللقاء بعزالدين المدني في "ابن رشد اليوم" في افتتاح دورة 2010 لمهرجان الحمامات الدولي على مسافة سنوات من انجازهما لأعمال مسرحية سابقة مثل "ثورة الزنج" و"الحلاج" و"مولاي السلطان الحسن الحفصي" و"على البحر الوافر"...
تم اقتباس هذا العمل عن كتاب "شذرات من السيرة الرشدية " لعزالدين المدني الذي صدر في طبعة خاصة بمناسبة ندوة "ابن رشد نهاية قرن وبداية قرن"
2015.. "الله ينصر سيدنا "بعد 20 سنة
يوم 9 جويلية 2015، كان الموعد ضمن فعاليات الدورة الواحدة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي مع عمل مسرحي ابداعي تاريخي للكاتب المبدع الكبير عزالدين المدني في اخراج للمسرحي الخالد عبد الغني بن طارة.
حمل هذا العمل المسرحي «الله ينصر سيدنا» عنوانا له، وهو يتحدث عن محطة هامة من تاريخ الدولة التونسية بداية من تاريخ صدور «عهد الأمان» مرورا بفساد حكم المشير محمد الصادق باي وصولا الى اندلاع ثورة علي بن غذاهم.
وما يشدّ الانتباه في هذا النص الابداعي المسرحي أن كاتبه قد صاغ أحداثه منذ سنة 1995 وقد احتفظ به في مكتبته الخاصة حتى جاء الموعد في 2015.
استلهم عزالدين المدني الاحداث من الحقبة التاريخية التي مرّت بها وعاشتها بلادنا سنوات قبل الاحتلال الفرنسي وتنبأ في هذا النص بما حدث في تونس وما تبع ثورة 2011 من كتابة دستور جديد بعد دستور 1959
ميادة الحناوي في تونس
قال عنها رياض السنباطي: "يسعدني كما بدأت حياتي مع أم كلثوم أن أنهيها مع ميادة الحناوي"، فأهداها «أشواق» و«ساعة زمن» وكشف بليغ حمدي أنه على امتداد مسيرته الفنية كملحن كتب أغنيتين "أنا بعشقك" و"الحب اللّي كان" وكانتا لميادة الحناوي...
يعود آخر ظهور للفنانة السورية ميادة حناوي في المهرجانات التونسية لسنة 2006
و في 2016... عادت ميادة الحناوي الى تونس من خلال سهرة فنية استثنائية على ركح مهرجان الحمامات الدولي استعادت فيها محطات طربية رومانسية خالدة.
غنّت الفنانة ميادة الحناوي خلال الحفل بمرافقة الفرقة الوطنية التونسية للموسيقى بقيادة محمد الأسود مجموعة من أشهر أغنياتها مثل «كان يا مكان» و«أنا بعشقك» و«حبّينا وتحبّينا» وغيرها من الأغاني التي طالب بها الجمهور فكانت استجابة الفنانة بكل محبّة وتفاعل وحرفية في الوقوف على المسرح.
كاليغولا " للفاضل الجزيري
عاد الفاضل الجزيري في دورة 2018 لمهرجان الحمامات الدولي وبعد سنوات طويلة من الغياب عن الإنتاج المسرحي، إلى الفن الرابع عبر بوّابة مؤسسة المسرح الوطني التونسي بعد إشرافه على ورشة مسرح أنجزها مع مجموعة من المسرحيين الشباب وبمشاركة أنيقة للفنان الكبير محمد كوكة.
اشتغل العمل المسرحي الجديد على نص هو من أعتى النصوص المسرحية لتلبسه بالفلسفة والتفكير النقدي الحرّ، وهو "كاليغولا" للفيلسوف "البير كامو" الذي كتبه سنة 1938.
تم اهداء هذا العمل لروح الفنان المسرحي الراحل محسن بن عبد الله في الذكرى الأولى لوفاته في تلك السنة.