إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مراجعة الزمن المدرسي والتصدي للدروس الخصوصية أبرز ملامحها.. ماذا عن مخرجات الاستشارة لإصلاح النظام التربوي؟

 

تونس-الصباح

بعيدا عن فرحة النجاح في الباكالوريا وقيمة هذا الامتحان الوطني لدى العائلات والتونسيين بشكل عام، وبقطع النظر عن نسب النجاح المسجلة فإن "الاحتفاء" لا يجب أن يحجب حقيقة يقرها الجميع وهي أن منظومتنا التعليمية في كل مراحلها أصبحت عاجزة عن إنتاج "النجاح" بمفهومه الشامل وذلك لأنها تعاني عديد الاخلالات وبحاجة منذ فترة لإصلاح جذري.

هذا التشخيص يحيل على التساؤل عن مخرجات الاستشارة الوطنية لإصلاح النظام التربوي التي دعا لها رئيس الجمهورية قيس سعيد وتم انجازها في الفترة الممتدة بين 15 سبتمبر إلى 15 ديسمبر 2023، ولم يتم الكشف عن كامل تفاصيلها إلى حد الآن في انتظار التقرير النهائي حول مخرجاتها الذي ستقدمها اللجنة التي يرأسها وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى رئيس الجمهورية، ومن ثمة إحالتها إلى المجلس الأعلى للتربية والتعليم وهو في طور التركيز للإشراف على برنامج إصلاح شامل للتعليم في تونس.

تجدر الإشارة إلى أن وزير التعليم العالي والبحث العالي المنصف بوكثير، كان قد كشف في مارس الفارط عن بعض ملامح نتائج الاستشارة حول الإصلاح التربوي مؤكدا أن "70 بالمائة من المشاركين في الاستشارة الوطنية حول إصلاح التعليم يؤكدون ضرورة مراجعة الزمن المدرسي".

مضيفا أن المشاركين في الاستشارة "يطالبون بتخصيص النصف الأول من النهار للتدريس والتعليم، فيما يكون النصف الثاني لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية وغيرها".

كما أكد "قرابة 80 بالمائة على ضرورة التصدي لظاهرة الدروس الخصوصية مع الدعوة إلى المحافظة على الصبغة العمومية للمؤسسات التربوية".

إصلاحات جزئية

 في الأثناء يبدو أن وزارة التربية شرعت في حزمة من الإصلاحات الجزئية في المرحلة الابتدائية، قالت عنها وزيرة التربية، سلوى العباسي إنها "بعض الإصلاحات الضرورية تمهيدا للسنة الدراسية القادمة".

مضيفة خلال الندوة الصحفية الملتئمة يوم الثلاثاء الفارط حول نتائج الدورة الرئيسية للباكالوريا، أن هذه الإصلاحات جاءت "في إطار الممكن والمُتاح ودون الولوج إلى ما هو هيكلي أساسي لأن هذا يعود إلى المجلس الأعلى للتربية بصفته سيكون سلطة التقرير الأولى ومجمع التحكيم ومراقبة السياسات التربوية الكبرى".

وقالت الوزيرة أيضا أن هذه الإصلاحات تتمثل أساسا في "الاحتفاء بالمرحلة الابتدائية باعتبارها مرحلة ركزة الكفايات، وأولها كفاءة التدريس والتنشئة الاجتماعية، ثم كفاءات التواصل السليم باللغات وأولها اللغة العربية سماعا ومشافهة وقراءة وكتابة، وأيضا ركزة الحساب والرياضيات..".

مضيفة أنه "سيتم الاهتمام بمواد التنشئة الاجتماعية من تاريخ وجغرافيا وتربية إسلامية ومدنية، كما ستكون التكنولوجيا حاضرة"، وفق قولها.

لكن إلى أي مدى ستطابق هذه الإصلاحات الجزئية مع ما سيقره الإصلاح الشامل للنظام التربوي في مرحلة قادمة؟

حول هذا التساؤل يجيب رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني بأن “القرارات الإيجابية التي فيها نفع للتلاميذ مرحب بها"، لكنه يعتبر أن “الأهم هو اتخاذ قرارات لها تفاعل إيجابي مع المؤشرات السلبية للمنظومة التربوية خاصة في ظل وجود عدة أولويات".

ويقول الزهروني في تصريح إعلامي مؤخرا أن “الوضعية الراهنة متواصلة منذ 40 سنة على الأقل، وهناك 100 ألف تلميذ منقطع عن الدراسة سنويا، حيث أن الإصلاح التربوي في 1991 و2002 أقر إجراءات غير صائبة عبر تعميم الارتقاء الآلي والتخلي عن مناظرة الالتحاق بالمدارس الإعدادية النموذجية، والتخلي عن التكوين المهني”.

تفعيل المجلس الأعلى للتربية

وفي تقدير رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ فالأولية اليوم تتطلب "تطوير التعليم الابتدائي عبر الرفع من قدرات المتعلم في القراءة والكتابة والحساب، والتخفيف في برامج التعليم ووضع مناهج تدعم قدرات المتعلم، وأيضا إلغاء ازدواجية اللغات في المرحلة الإعدادية والثانوية، إلى جانب الإسراع بتفعيل المجلس الأعلى للتربية والتعليم”.

تجدر الإشارة إلى أنه في ماي الفارط وعلى هامش اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزيرة التربية سلوى العباسي ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والمكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية المنصف بوكثير تم تناول مشروع القانون الذي نصّ عليه الباب التاسع من دستور 25 جويلية 2022 والمتعلق بتنظيم تركيبة المجلس الأعلى للتربية والتعليم واختصاصاته وطرق سيره.

وأشار رئيس الجمهورية إلى أهمية هذه المؤسسة الدستورية مذكرا بأن من أكبر الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب التونسي منذ مطلع السنوات التسعين من القرن الماضي التنقيحات التي لم تتوقّف وكانت تُّتخذ لاعتبارات سياسية.

م.ي

 

 

 

 

مراجعة الزمن المدرسي والتصدي للدروس الخصوصية أبرز ملامحها..    ماذا عن مخرجات الاستشارة لإصلاح النظام التربوي؟

 

تونس-الصباح

بعيدا عن فرحة النجاح في الباكالوريا وقيمة هذا الامتحان الوطني لدى العائلات والتونسيين بشكل عام، وبقطع النظر عن نسب النجاح المسجلة فإن "الاحتفاء" لا يجب أن يحجب حقيقة يقرها الجميع وهي أن منظومتنا التعليمية في كل مراحلها أصبحت عاجزة عن إنتاج "النجاح" بمفهومه الشامل وذلك لأنها تعاني عديد الاخلالات وبحاجة منذ فترة لإصلاح جذري.

هذا التشخيص يحيل على التساؤل عن مخرجات الاستشارة الوطنية لإصلاح النظام التربوي التي دعا لها رئيس الجمهورية قيس سعيد وتم انجازها في الفترة الممتدة بين 15 سبتمبر إلى 15 ديسمبر 2023، ولم يتم الكشف عن كامل تفاصيلها إلى حد الآن في انتظار التقرير النهائي حول مخرجاتها الذي ستقدمها اللجنة التي يرأسها وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى رئيس الجمهورية، ومن ثمة إحالتها إلى المجلس الأعلى للتربية والتعليم وهو في طور التركيز للإشراف على برنامج إصلاح شامل للتعليم في تونس.

تجدر الإشارة إلى أن وزير التعليم العالي والبحث العالي المنصف بوكثير، كان قد كشف في مارس الفارط عن بعض ملامح نتائج الاستشارة حول الإصلاح التربوي مؤكدا أن "70 بالمائة من المشاركين في الاستشارة الوطنية حول إصلاح التعليم يؤكدون ضرورة مراجعة الزمن المدرسي".

مضيفا أن المشاركين في الاستشارة "يطالبون بتخصيص النصف الأول من النهار للتدريس والتعليم، فيما يكون النصف الثاني لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية وغيرها".

كما أكد "قرابة 80 بالمائة على ضرورة التصدي لظاهرة الدروس الخصوصية مع الدعوة إلى المحافظة على الصبغة العمومية للمؤسسات التربوية".

إصلاحات جزئية

 في الأثناء يبدو أن وزارة التربية شرعت في حزمة من الإصلاحات الجزئية في المرحلة الابتدائية، قالت عنها وزيرة التربية، سلوى العباسي إنها "بعض الإصلاحات الضرورية تمهيدا للسنة الدراسية القادمة".

مضيفة خلال الندوة الصحفية الملتئمة يوم الثلاثاء الفارط حول نتائج الدورة الرئيسية للباكالوريا، أن هذه الإصلاحات جاءت "في إطار الممكن والمُتاح ودون الولوج إلى ما هو هيكلي أساسي لأن هذا يعود إلى المجلس الأعلى للتربية بصفته سيكون سلطة التقرير الأولى ومجمع التحكيم ومراقبة السياسات التربوية الكبرى".

وقالت الوزيرة أيضا أن هذه الإصلاحات تتمثل أساسا في "الاحتفاء بالمرحلة الابتدائية باعتبارها مرحلة ركزة الكفايات، وأولها كفاءة التدريس والتنشئة الاجتماعية، ثم كفاءات التواصل السليم باللغات وأولها اللغة العربية سماعا ومشافهة وقراءة وكتابة، وأيضا ركزة الحساب والرياضيات..".

مضيفة أنه "سيتم الاهتمام بمواد التنشئة الاجتماعية من تاريخ وجغرافيا وتربية إسلامية ومدنية، كما ستكون التكنولوجيا حاضرة"، وفق قولها.

لكن إلى أي مدى ستطابق هذه الإصلاحات الجزئية مع ما سيقره الإصلاح الشامل للنظام التربوي في مرحلة قادمة؟

حول هذا التساؤل يجيب رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني بأن “القرارات الإيجابية التي فيها نفع للتلاميذ مرحب بها"، لكنه يعتبر أن “الأهم هو اتخاذ قرارات لها تفاعل إيجابي مع المؤشرات السلبية للمنظومة التربوية خاصة في ظل وجود عدة أولويات".

ويقول الزهروني في تصريح إعلامي مؤخرا أن “الوضعية الراهنة متواصلة منذ 40 سنة على الأقل، وهناك 100 ألف تلميذ منقطع عن الدراسة سنويا، حيث أن الإصلاح التربوي في 1991 و2002 أقر إجراءات غير صائبة عبر تعميم الارتقاء الآلي والتخلي عن مناظرة الالتحاق بالمدارس الإعدادية النموذجية، والتخلي عن التكوين المهني”.

تفعيل المجلس الأعلى للتربية

وفي تقدير رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ فالأولية اليوم تتطلب "تطوير التعليم الابتدائي عبر الرفع من قدرات المتعلم في القراءة والكتابة والحساب، والتخفيف في برامج التعليم ووضع مناهج تدعم قدرات المتعلم، وأيضا إلغاء ازدواجية اللغات في المرحلة الإعدادية والثانوية، إلى جانب الإسراع بتفعيل المجلس الأعلى للتربية والتعليم”.

تجدر الإشارة إلى أنه في ماي الفارط وعلى هامش اجتماع رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزيرة التربية سلوى العباسي ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والمكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية المنصف بوكثير تم تناول مشروع القانون الذي نصّ عليه الباب التاسع من دستور 25 جويلية 2022 والمتعلق بتنظيم تركيبة المجلس الأعلى للتربية والتعليم واختصاصاته وطرق سيره.

وأشار رئيس الجمهورية إلى أهمية هذه المؤسسة الدستورية مذكرا بأن من أكبر الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب التونسي منذ مطلع السنوات التسعين من القرن الماضي التنقيحات التي لم تتوقّف وكانت تُّتخذ لاعتبارات سياسية.

م.ي