تزامنا مع زيارة مسؤولين ورجال أعمال أتراك لتونس.. جرعة أوكسيجين للنسيج الاقتصادي والصناعي التونسي مع تطورات تعديل اتفاقية التبادل التجاري بين البلدين..
يزور اليوم عدد من رجال الأعمال الأتراك تونس، في إطار زيارة عمل لعقد لقاءات ثنائية مع مسؤولي الدولة ورجال أعمال تونسيين برئاسة وزير التجارة التركي، لبناء خطة عمل وضبط برنامج استثمار، مواصلة لأشغال ومخرجات ملتقى التعاون الاقتصادي التركي العربي الثاني والعشرين الذي انعقد باسطنبول مطلع الشهر الجاري، تحديدا في ملتقى "يوم تونس للاستثمار"..
وتأتي هذه الزيارة في إطار قرار الحكومة التونسية منذ شهر نوفمبر المنقضي المتعلق بتعديل مراجعة اتفاقية التجارة الحرة بين تونس وتركيا، بهدف التقليص من عجز الميزان التجاري الذي تجاوز مستوى 4 مليار دينار طيلة سنة 2022، وهي السنة الأكثر عجزا ليستقر مؤخرا عند الـ3 مليار دينار..
وجاء قرار تعديل الاتفاقية، استجابة لمطالب متكررة أطلقها اقتصاديون ومنظمات وطنية لمراجعة هذه الاتفاقية، التي يرون أنها "مجحفة" وأضرت بالإنتاج التونسي المحلي واستنزفت احتياطي البلاد من العملة الصعبة.
كما اعتبر عديد المراقبين الاقتصاديين أن هذا القرار ثوري ويعد خطوة إيجابية في اتجاه تحقيق التوازن في الميزان التجاري بين البلدين، باعتبار أن هذه الاتفاقية "غير متكافئة" لأنها تخدم مصالح دولة على حساب أخرى، خاصة وأن التعديل الوحيد الذي تم زمن حكومة "الترويكا" في 2013 لم يكن في صالح الجانب التونسي بل أدى إلى مزيد تعميق عجز الميزان التجاري من جهة، وإغراق السوق التونسية بالبضائع التركية من جهة ثانية..
وكانت هذه المراجعة مدروسة، باعتبار أنه قد تم التركيز فيها لأول مرة في تاريخ الاتفاقيات على ربط المعاملات التجارية بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو الخيار الصحيح ..
كذلك تم تعديل الاتفاقية في اتجاه دفع الصادرات التونسية إلى تركيا مما سيسمح للمنتجات المحلية باكتساح السوق التركية وهو إجراء مهم، بعد أن فشلت الدولة منذ تاريخ تفعيل اتفاقية التبادل الحر في الولوج إلى هذه السوق، التي تعد من أبرز الأسواق الاستهلاكية الخارجية..
كما شمل التعديل أيضا الترفيع في المعاليم الديوانية لقائمة من المنتجات التركية التي لها مثيل في تونس لمدة خمس سنوات لتقفز نسب هذه المعاليم من الصفر إلى ما بين 27 و37.5 بالمائة، بهدف حماية المنتجات المحلية.
ومع ذلك كانت هناك مخاوف كثيرة صاحبت تعديل الاتفاقية على مستوى الضرر الذي يمكن أن يلحق بالمؤسسة الاقتصادية التونسية التي تستورد كل مستلزماتها الضرورية والمدخلات والمواد الأولية من تركيا بجودة عالية وبأسعار تفاضلية ومنخفضة مقارنة ببقية الأسواق الخارجية..
وكل هذه التعديلات على أهميتها، إلا أنها مازالت تتطلب مزيدا من الإجراءات المصاحبة في اتجاه تقوية النسيج الاقتصادي المحلي ودعم المصنعين التونسيين خاصة في المجالين الصناعي والغذائي لتصبح لنا قدرة تنافسية عالية لاكتساح الأسواق الخارجية..
ومع آخر التطورات التي تتعلق بهذه الاتفاقية، تكون اليوم تونس أمام فرصة جديدة لتمنح النسيج الاقتصادي والصناعي المحلي جرعة أوكسيجين بعد الصعوبات التي واجهته في سنوات كثيرة ودفع طيلة 19 سنة فاتورة باهظة جراء العمل بها.
فقد أثبتت العديد من الإحصائيات أن المؤسسات التونسية، وخاصة الصغرى والمتوسطة، لا تمتلك القدرة على مجابهة التوريد التركي الذي يتمتع بامتيازات، كما أنتجت هذه الاتفاقية تفاقما مستمرا لعجز الميزان التجاري مع أنقرة، مما أدى الى غزو المؤسسات التركية المصدرة للسوق التونسية، خاصة على مستوى المنتوجات الغذائية والنسيج والملابس..
وكان وزير التجارة الأسبق محسن حسن، قد أفاد في تصريح سابق لـ"الصباح"، بأن الوضع السياسي محفز لمراجعة كل اتفاقيات التبادل التجاري التي تربط تونس بالدول والتي تشكو معها بلادنا عجزا في ميزانها التجاري على غرار الصين وتركيا وروسيا وكانت الانطلاقة باتفاقية التبادل الحر مع تركيا.. حسب تعبيره.
وأضاف حسن في ذات التصريح أن المراجعة الأخيرة كانت مدروسة، لأنه تم التركيز لأول مرة في تاريخ الاتفاقيات على ربط المعاملات التجارية بالاستثمارات الأجنبية المباشرة وهو الخيار الصحيح، مشيرا إلى أن تعديل الاتفاقية مع تركيا تم مرة وحيدة بعد الثورة تحديدا زمن حكومة "الترويكا" في 2013..
واعتبر حسن في ذات التصريح أن التعديل الذي تم إمضاؤه مطلع شهر ديسمبر المنقضي في اسطنبول سيحمل معه تغيرات قد تقلب الموازين هذه المرة لفائدة اقتصاد تونس، موضحا أن مراجعة الاتفاقيات يعد أمرا عاديا ويتم بصفة دورية تقوم به كل دولة تمر بأزمة اقتصادية لإيجاد حلول وأبرزها الإجراءات الحمائية التي تكون في أغلب الأحيان عبر الترفيع في المعاليم الجمركية للمنتجات إلى حدود النسب المحددة من قبل منظمة التجارة العالمية.. حسب تعبيره.
وفي إطار متابعة مراجعة الاتفاقية وبرنامج شراكات جديدة ينعقد اليوم الثلاثاء 25 جوان 2024 بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية لقاء إعلامي لوزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب قزاح ونظيرها وزير التجارة التركي Ömer BOLAT.. وذلك في أعقاب حضورهما جلسة العمل التي ستجمع المسؤولين بكل من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وجمعية الأعمال بتركيا DEIK..
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
يزور اليوم عدد من رجال الأعمال الأتراك تونس، في إطار زيارة عمل لعقد لقاءات ثنائية مع مسؤولي الدولة ورجال أعمال تونسيين برئاسة وزير التجارة التركي، لبناء خطة عمل وضبط برنامج استثمار، مواصلة لأشغال ومخرجات ملتقى التعاون الاقتصادي التركي العربي الثاني والعشرين الذي انعقد باسطنبول مطلع الشهر الجاري، تحديدا في ملتقى "يوم تونس للاستثمار"..
وتأتي هذه الزيارة في إطار قرار الحكومة التونسية منذ شهر نوفمبر المنقضي المتعلق بتعديل مراجعة اتفاقية التجارة الحرة بين تونس وتركيا، بهدف التقليص من عجز الميزان التجاري الذي تجاوز مستوى 4 مليار دينار طيلة سنة 2022، وهي السنة الأكثر عجزا ليستقر مؤخرا عند الـ3 مليار دينار..
وجاء قرار تعديل الاتفاقية، استجابة لمطالب متكررة أطلقها اقتصاديون ومنظمات وطنية لمراجعة هذه الاتفاقية، التي يرون أنها "مجحفة" وأضرت بالإنتاج التونسي المحلي واستنزفت احتياطي البلاد من العملة الصعبة.
كما اعتبر عديد المراقبين الاقتصاديين أن هذا القرار ثوري ويعد خطوة إيجابية في اتجاه تحقيق التوازن في الميزان التجاري بين البلدين، باعتبار أن هذه الاتفاقية "غير متكافئة" لأنها تخدم مصالح دولة على حساب أخرى، خاصة وأن التعديل الوحيد الذي تم زمن حكومة "الترويكا" في 2013 لم يكن في صالح الجانب التونسي بل أدى إلى مزيد تعميق عجز الميزان التجاري من جهة، وإغراق السوق التونسية بالبضائع التركية من جهة ثانية..
وكانت هذه المراجعة مدروسة، باعتبار أنه قد تم التركيز فيها لأول مرة في تاريخ الاتفاقيات على ربط المعاملات التجارية بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو الخيار الصحيح ..
كذلك تم تعديل الاتفاقية في اتجاه دفع الصادرات التونسية إلى تركيا مما سيسمح للمنتجات المحلية باكتساح السوق التركية وهو إجراء مهم، بعد أن فشلت الدولة منذ تاريخ تفعيل اتفاقية التبادل الحر في الولوج إلى هذه السوق، التي تعد من أبرز الأسواق الاستهلاكية الخارجية..
كما شمل التعديل أيضا الترفيع في المعاليم الديوانية لقائمة من المنتجات التركية التي لها مثيل في تونس لمدة خمس سنوات لتقفز نسب هذه المعاليم من الصفر إلى ما بين 27 و37.5 بالمائة، بهدف حماية المنتجات المحلية.
ومع ذلك كانت هناك مخاوف كثيرة صاحبت تعديل الاتفاقية على مستوى الضرر الذي يمكن أن يلحق بالمؤسسة الاقتصادية التونسية التي تستورد كل مستلزماتها الضرورية والمدخلات والمواد الأولية من تركيا بجودة عالية وبأسعار تفاضلية ومنخفضة مقارنة ببقية الأسواق الخارجية..
وكل هذه التعديلات على أهميتها، إلا أنها مازالت تتطلب مزيدا من الإجراءات المصاحبة في اتجاه تقوية النسيج الاقتصادي المحلي ودعم المصنعين التونسيين خاصة في المجالين الصناعي والغذائي لتصبح لنا قدرة تنافسية عالية لاكتساح الأسواق الخارجية..
ومع آخر التطورات التي تتعلق بهذه الاتفاقية، تكون اليوم تونس أمام فرصة جديدة لتمنح النسيج الاقتصادي والصناعي المحلي جرعة أوكسيجين بعد الصعوبات التي واجهته في سنوات كثيرة ودفع طيلة 19 سنة فاتورة باهظة جراء العمل بها.
فقد أثبتت العديد من الإحصائيات أن المؤسسات التونسية، وخاصة الصغرى والمتوسطة، لا تمتلك القدرة على مجابهة التوريد التركي الذي يتمتع بامتيازات، كما أنتجت هذه الاتفاقية تفاقما مستمرا لعجز الميزان التجاري مع أنقرة، مما أدى الى غزو المؤسسات التركية المصدرة للسوق التونسية، خاصة على مستوى المنتوجات الغذائية والنسيج والملابس..
وكان وزير التجارة الأسبق محسن حسن، قد أفاد في تصريح سابق لـ"الصباح"، بأن الوضع السياسي محفز لمراجعة كل اتفاقيات التبادل التجاري التي تربط تونس بالدول والتي تشكو معها بلادنا عجزا في ميزانها التجاري على غرار الصين وتركيا وروسيا وكانت الانطلاقة باتفاقية التبادل الحر مع تركيا.. حسب تعبيره.
وأضاف حسن في ذات التصريح أن المراجعة الأخيرة كانت مدروسة، لأنه تم التركيز لأول مرة في تاريخ الاتفاقيات على ربط المعاملات التجارية بالاستثمارات الأجنبية المباشرة وهو الخيار الصحيح، مشيرا إلى أن تعديل الاتفاقية مع تركيا تم مرة وحيدة بعد الثورة تحديدا زمن حكومة "الترويكا" في 2013..
واعتبر حسن في ذات التصريح أن التعديل الذي تم إمضاؤه مطلع شهر ديسمبر المنقضي في اسطنبول سيحمل معه تغيرات قد تقلب الموازين هذه المرة لفائدة اقتصاد تونس، موضحا أن مراجعة الاتفاقيات يعد أمرا عاديا ويتم بصفة دورية تقوم به كل دولة تمر بأزمة اقتصادية لإيجاد حلول وأبرزها الإجراءات الحمائية التي تكون في أغلب الأحيان عبر الترفيع في المعاليم الجمركية للمنتجات إلى حدود النسب المحددة من قبل منظمة التجارة العالمية.. حسب تعبيره.
وفي إطار متابعة مراجعة الاتفاقية وبرنامج شراكات جديدة ينعقد اليوم الثلاثاء 25 جوان 2024 بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية لقاء إعلامي لوزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب قزاح ونظيرها وزير التجارة التركي Ömer BOLAT.. وذلك في أعقاب حضورهما جلسة العمل التي ستجمع المسؤولين بكل من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وجمعية الأعمال بتركيا DEIK..