إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الجدل متواصل والإدارة مكبلة.. هل تحسم حكومة الحشاني تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية؟

 

تونس-الصباح

"يتعرض لعقوبة سجنية مدتها 10 أعوام وخطايا مالية الموظفون العموميون الذين يستغلون مناصبهم لمخالفة القوانين بهدف تحقيق منافع لأنفسهم أو لغيرهم".

هذا ما ينص عليه الفصل 96 من المجلة الجزائية،  الذي يعود آخر تحيين له إلى سنة 85، ولعله أصبح يصنف من بين أكثر فصول المجلة الجزائية المثيرة للجدل على امتداد السنوات الأخيرة دون أن تنجح الحكومات المتعاقبة في حسم مسألة تنقيحه أمام البرلمان  (تحديدا حكومتا إلياس الفخفاخ وحكومة هشام المشيشي).

تسعى اليوم بدورها حكومة أحمد الحشاني إلى إنهاء هذا الجدل وتنقيح الفصل بمرافقة لصيقة من رئيس الجمهورية الذي تعرض للموضوع في أكثر من مناسبة ولقاء مع رئيس الحكومة ومع وزيرة العدل ليلي جفال لا سيما وان الفصل 96 تحول إلى "كابوس مزعج" و"مكبل" للإدارة التي تعاني أصلا من جملة من العراقيل والنقائص وغياب الجدوى والنجاعة والسرعة المطلوبة ليزيد الفصل 96 الطين بلة بعد أن أصبح معرقلا  للاستثمار ومكبّلا للمسؤول خاصة وأن بعض الموظفين العموميين وإطارات الدولة أصبحوا يرفضون التوقيع على قرارات إدارية حساسة خشية من التتبعات الجزائية على معنى الفصل المذكور.

اهتمام الرئيس

في تصريحاته الأخيرة، شدد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال إشرافه بداية الأسبوع الجاري على جلسة عمل خُصّصت للنظر في مشروع تنقيح الفصل 96 من المجلّة الجزائية، على أن المحاسبة "مطلب شعبي"، وأن القوانين "يجب أن تُطبّق للمحاسبة وليس لتصفية الحسابات".

كما دعا رئيس الدولة، إلى إدراج حكم جديد يتعلّق "بتجريم من يتعمّد الامتناع عن إنجاز أمر في علاقة بوظيفته، بهدف عرقلة سير المرفق العام"، لأن الكثيرين يتعللون بما جاء في الفصل 96 من المجلة الجزائية للامتناع عن القيام بالواجبات الموكولة إليهم"، وفق ما ورد في بلاغ رئاسة الجمهورية.

وأوضح الرئيس قيس سعيد أن مشروع تنقيح الفصل المذكور،" يتنزل ضمن الإصلاحات التشريعية التي ترمي إلى تحقيق الموازنة بين أهداف السياسة الجزائية في مكافحة الفساد، من جهة، وعدم عرقلة العمل الإداري وتحقيق نجاعته، من جهة أخرى".

الواضح أن تنقيح هذا الفصل ووضع حد للتداعيات السلبية على سير عمل الإدارة من جهة ومقاومة الفساد من جهة أخرى يحظى باهتمام ومتابعة لصيقة من رئيس الجمهورية الذي تطرق لتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية في أكثر من مناسبة سابقا، وكان ذلك في 13 ديسمبر الفارط في لقائه مع رئيس الحكومة، حيث "انتقد أداء الإدارة والمرافق العمومية، التي وصف وضعها بالغريب وغير الطبيعي، وتعلل موظفين بالفصل 96، مؤكدا أنه سيتم تنقيحه في أقرب الآجال".

عقد الرئيس أيضا جلسة عمل مع رئيس الحكومة ووزيرة العدل ووزيرة المالية في 19 ديسمبر الفارط، وتناول اللقاء إلى جانب تنقيح المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي، الفصل 96 من المجلة الجزائية، وتمت الإشارة حينها أنه  سيتم عرض المشروعين على مجلس الوزراء للتداول فيهما قبل إحالتهما إلى مجلس نواب الشعب.

تنقية مناخ الأعمال

يعتبر بعض المتابعين أن تسارع وتيرة الاهتمام بحسم تنقيح الفصل 96 في أقرب الآجال يعود بالأساس إلى تحرير الإدارة من جهة دون أن يعنى ذلك إطلاق يد الفساد إلى جانب تنقية مناخ الأعمال. ويقول هنا  الخبير الاقتصادي، مراد حطاب، في تصريح إعلامي أن "الهدف من تنقيح المجلة الجزائية هو تنقية مناخ الأعمال في تونس ورفع القيود المكبلة للعمل في الإدارات، والحد من الفساد المتفشي في هذا المجال في السنوات التي أعقبت ثورة 2011 بعد أن تحول الفساد إلى أهم مؤسسة في تونس".

وأكد الحطاب أن "المرفق العام في تونس تعطل بسبب وجود خوف من اتخاذ أي إجراء، وهو خوف غير مبرر والرئيس أراد أن يرفع هذا التعلل ويحرر الإدارة من كل القيود التي تكبلها".

مسار التنقيح

تجدر الإشارة إلى أن البرلمان اشتغل منذ فترة على موضوع تنقيح الفصل 96 حيث استمعت لجنة التشريع العام بالبرلمان إلى كل من نقابة القضاة التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين حول مقترح القانون عدد 15/2023 المتعلق بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية، ومقترح القانون عدد 28/2023 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة الجزائية.

كما تم الاستماع إلى ممثلي محكمة المحاسبات، ووزارة العدل.

وتؤكد وزارة العدل أنّ التنقيح" يعدّ مسألة ذات أولوية تتصل بإصلاحات تشريعية جذرية وبتحقيق الموازنة بين أهداف السياسة الجزائية في مكافحة الفساد الإداري والمالي من ناحية، وتحقيق نجاعة العمل الإداري من ناحية أخرى، والفصل 96 طرح عديد الإشكاليات على المستوى القضائي نظرا لغموض عديد المفاهيم التي تضمّنها".

وقد شرعت وزارة العدل منذ مارس 2022 في إعداد مشروع قانون يتعلق بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية، وإحالته إلى رئاسة الحكومة وتمّ عرضه على العديد من مجالس الوزراء، حيث تطلب العديد من التعديلات والمراجعات.

م.ي

الجدل متواصل والإدارة مكبلة..   هل تحسم حكومة الحشاني تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية؟

 

تونس-الصباح

"يتعرض لعقوبة سجنية مدتها 10 أعوام وخطايا مالية الموظفون العموميون الذين يستغلون مناصبهم لمخالفة القوانين بهدف تحقيق منافع لأنفسهم أو لغيرهم".

هذا ما ينص عليه الفصل 96 من المجلة الجزائية،  الذي يعود آخر تحيين له إلى سنة 85، ولعله أصبح يصنف من بين أكثر فصول المجلة الجزائية المثيرة للجدل على امتداد السنوات الأخيرة دون أن تنجح الحكومات المتعاقبة في حسم مسألة تنقيحه أمام البرلمان  (تحديدا حكومتا إلياس الفخفاخ وحكومة هشام المشيشي).

تسعى اليوم بدورها حكومة أحمد الحشاني إلى إنهاء هذا الجدل وتنقيح الفصل بمرافقة لصيقة من رئيس الجمهورية الذي تعرض للموضوع في أكثر من مناسبة ولقاء مع رئيس الحكومة ومع وزيرة العدل ليلي جفال لا سيما وان الفصل 96 تحول إلى "كابوس مزعج" و"مكبل" للإدارة التي تعاني أصلا من جملة من العراقيل والنقائص وغياب الجدوى والنجاعة والسرعة المطلوبة ليزيد الفصل 96 الطين بلة بعد أن أصبح معرقلا  للاستثمار ومكبّلا للمسؤول خاصة وأن بعض الموظفين العموميين وإطارات الدولة أصبحوا يرفضون التوقيع على قرارات إدارية حساسة خشية من التتبعات الجزائية على معنى الفصل المذكور.

اهتمام الرئيس

في تصريحاته الأخيرة، شدد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال إشرافه بداية الأسبوع الجاري على جلسة عمل خُصّصت للنظر في مشروع تنقيح الفصل 96 من المجلّة الجزائية، على أن المحاسبة "مطلب شعبي"، وأن القوانين "يجب أن تُطبّق للمحاسبة وليس لتصفية الحسابات".

كما دعا رئيس الدولة، إلى إدراج حكم جديد يتعلّق "بتجريم من يتعمّد الامتناع عن إنجاز أمر في علاقة بوظيفته، بهدف عرقلة سير المرفق العام"، لأن الكثيرين يتعللون بما جاء في الفصل 96 من المجلة الجزائية للامتناع عن القيام بالواجبات الموكولة إليهم"، وفق ما ورد في بلاغ رئاسة الجمهورية.

وأوضح الرئيس قيس سعيد أن مشروع تنقيح الفصل المذكور،" يتنزل ضمن الإصلاحات التشريعية التي ترمي إلى تحقيق الموازنة بين أهداف السياسة الجزائية في مكافحة الفساد، من جهة، وعدم عرقلة العمل الإداري وتحقيق نجاعته، من جهة أخرى".

الواضح أن تنقيح هذا الفصل ووضع حد للتداعيات السلبية على سير عمل الإدارة من جهة ومقاومة الفساد من جهة أخرى يحظى باهتمام ومتابعة لصيقة من رئيس الجمهورية الذي تطرق لتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية في أكثر من مناسبة سابقا، وكان ذلك في 13 ديسمبر الفارط في لقائه مع رئيس الحكومة، حيث "انتقد أداء الإدارة والمرافق العمومية، التي وصف وضعها بالغريب وغير الطبيعي، وتعلل موظفين بالفصل 96، مؤكدا أنه سيتم تنقيحه في أقرب الآجال".

عقد الرئيس أيضا جلسة عمل مع رئيس الحكومة ووزيرة العدل ووزيرة المالية في 19 ديسمبر الفارط، وتناول اللقاء إلى جانب تنقيح المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي، الفصل 96 من المجلة الجزائية، وتمت الإشارة حينها أنه  سيتم عرض المشروعين على مجلس الوزراء للتداول فيهما قبل إحالتهما إلى مجلس نواب الشعب.

تنقية مناخ الأعمال

يعتبر بعض المتابعين أن تسارع وتيرة الاهتمام بحسم تنقيح الفصل 96 في أقرب الآجال يعود بالأساس إلى تحرير الإدارة من جهة دون أن يعنى ذلك إطلاق يد الفساد إلى جانب تنقية مناخ الأعمال. ويقول هنا  الخبير الاقتصادي، مراد حطاب، في تصريح إعلامي أن "الهدف من تنقيح المجلة الجزائية هو تنقية مناخ الأعمال في تونس ورفع القيود المكبلة للعمل في الإدارات، والحد من الفساد المتفشي في هذا المجال في السنوات التي أعقبت ثورة 2011 بعد أن تحول الفساد إلى أهم مؤسسة في تونس".

وأكد الحطاب أن "المرفق العام في تونس تعطل بسبب وجود خوف من اتخاذ أي إجراء، وهو خوف غير مبرر والرئيس أراد أن يرفع هذا التعلل ويحرر الإدارة من كل القيود التي تكبلها".

مسار التنقيح

تجدر الإشارة إلى أن البرلمان اشتغل منذ فترة على موضوع تنقيح الفصل 96 حيث استمعت لجنة التشريع العام بالبرلمان إلى كل من نقابة القضاة التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين حول مقترح القانون عدد 15/2023 المتعلق بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية، ومقترح القانون عدد 28/2023 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة الجزائية.

كما تم الاستماع إلى ممثلي محكمة المحاسبات، ووزارة العدل.

وتؤكد وزارة العدل أنّ التنقيح" يعدّ مسألة ذات أولوية تتصل بإصلاحات تشريعية جذرية وبتحقيق الموازنة بين أهداف السياسة الجزائية في مكافحة الفساد الإداري والمالي من ناحية، وتحقيق نجاعة العمل الإداري من ناحية أخرى، والفصل 96 طرح عديد الإشكاليات على المستوى القضائي نظرا لغموض عديد المفاهيم التي تضمّنها".

وقد شرعت وزارة العدل منذ مارس 2022 في إعداد مشروع قانون يتعلق بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية، وإحالته إلى رئاسة الحكومة وتمّ عرضه على العديد من مجالس الوزراء، حيث تطلب العديد من التعديلات والمراجعات.

م.ي