ظلت كتلة الأجور في تونس النقطة الخلافية مع كل الحكومات المتعاقبة في الملفات الإصلاحية والمشاورات مع الجهات المانحة للحصول على تمويلات جديدة، على اعتبار أنها تمثل عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة بسبب ارتفاعها المتواصل، حتى أنها وصفت بالأعلى إفريقيا وعربيا، ليكشف المعهد الوطني للإحصاء أرقاما جديدة تعكس في الظاهر هذا الرأي السائد بين التونسيين إذ لا يتجاوز اليوم معدل الأجور في تونس 924 دينارا أي حوالي مرتين الأجر الأدنى الصناعي (السميق)، الذي يقدر بـ460 دينارا....
لكن في الباطن وهذا الأهم أن الإشكال الحقيقي لا يقاس بمعدل الأجور التي تبقى منخفضة وزهيدة في ظل الارتفاع المشط للأسعار، بقدر ما تركز على عدد العاملين والموظفين في تونس بالعودة إلى ملف الانتدابات العشوائية التي عرفتها الدولة في السنوات الأولى إبان الثورة مما اثر على كتلة الأجور، التي أصبحت في منحى تصاعدي بات من الصعب السيطرة عليه...
لتمتص اليوم في الميزانية العمومية النسبة الأعلى على حساب مخصصات التنمية، وهذا ما أكدته المعطيات التي قدمتها وزارة المالية حول تراجع نفقات الاستثمار خلال النصف الأول من السنة الحالية بنسبة 39 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة المنقضية، وهو ما كان محور انتقادات متواصلة من قبل المؤسسات المانحة التي أشارت إلى أن القروض التي حصلت عليها السلطات التونسية لم تذهب نحو مشاريع التنمية والتشغيل، بل ذهبت لخلاص أجور مئات الآلاف من موظفي الدولة.
هذا الإشكال الذي لازم كل الحكومات المتعاقبة ولم تجد له حلا وهو ما وضع الدولة أمام ما يعرف بالتحدي الأثقل وهو "تحدي كتلة الأجور"، هذه الخطوة الإصلاحية التي تعطلت في تنفيذها رغم وعيها بأهميتها البالغة في خلاص البلاد من الصعوبات المالية التي تعاني منها لسنوات...
والثابت اليوم أن كل الجهات المالية المانحة الدولية، تشترط هذه الخطوة الإصلاحية من قبل الدولة لتحصيل موارد مالية وتمويلات جديدة تحتاجها الميزانية العمومية لتغطية عجزها، ولم يعد الأمر يتعلق باملاءات وشروط مسقطة من الخارج كما يخيل للرأي العام، بل أن مشكلة كتلة الأجور مازالت النقطة الخلافية حتى في داخل تونس باعتبارها من أهم الملفات الحساسة التي تؤثر مباشرة على السلم الاجتماعية...
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
ظلت كتلة الأجور في تونس النقطة الخلافية مع كل الحكومات المتعاقبة في الملفات الإصلاحية والمشاورات مع الجهات المانحة للحصول على تمويلات جديدة، على اعتبار أنها تمثل عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة بسبب ارتفاعها المتواصل، حتى أنها وصفت بالأعلى إفريقيا وعربيا، ليكشف المعهد الوطني للإحصاء أرقاما جديدة تعكس في الظاهر هذا الرأي السائد بين التونسيين إذ لا يتجاوز اليوم معدل الأجور في تونس 924 دينارا أي حوالي مرتين الأجر الأدنى الصناعي (السميق)، الذي يقدر بـ460 دينارا....
لكن في الباطن وهذا الأهم أن الإشكال الحقيقي لا يقاس بمعدل الأجور التي تبقى منخفضة وزهيدة في ظل الارتفاع المشط للأسعار، بقدر ما تركز على عدد العاملين والموظفين في تونس بالعودة إلى ملف الانتدابات العشوائية التي عرفتها الدولة في السنوات الأولى إبان الثورة مما اثر على كتلة الأجور، التي أصبحت في منحى تصاعدي بات من الصعب السيطرة عليه...
لتمتص اليوم في الميزانية العمومية النسبة الأعلى على حساب مخصصات التنمية، وهذا ما أكدته المعطيات التي قدمتها وزارة المالية حول تراجع نفقات الاستثمار خلال النصف الأول من السنة الحالية بنسبة 39 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة المنقضية، وهو ما كان محور انتقادات متواصلة من قبل المؤسسات المانحة التي أشارت إلى أن القروض التي حصلت عليها السلطات التونسية لم تذهب نحو مشاريع التنمية والتشغيل، بل ذهبت لخلاص أجور مئات الآلاف من موظفي الدولة.
هذا الإشكال الذي لازم كل الحكومات المتعاقبة ولم تجد له حلا وهو ما وضع الدولة أمام ما يعرف بالتحدي الأثقل وهو "تحدي كتلة الأجور"، هذه الخطوة الإصلاحية التي تعطلت في تنفيذها رغم وعيها بأهميتها البالغة في خلاص البلاد من الصعوبات المالية التي تعاني منها لسنوات...
والثابت اليوم أن كل الجهات المالية المانحة الدولية، تشترط هذه الخطوة الإصلاحية من قبل الدولة لتحصيل موارد مالية وتمويلات جديدة تحتاجها الميزانية العمومية لتغطية عجزها، ولم يعد الأمر يتعلق باملاءات وشروط مسقطة من الخارج كما يخيل للرأي العام، بل أن مشكلة كتلة الأجور مازالت النقطة الخلافية حتى في داخل تونس باعتبارها من أهم الملفات الحساسة التي تؤثر مباشرة على السلم الاجتماعية...