إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تحليل إخباري.. هل تعصف "سيطرة" الاحتلال على "فيلادلفيا" باتفاقية كامب دفيد؟

 

تونس الصباح

بقلم: نزار مقني

يطرح إعلان إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس، عن سيطرة قوات الاحتلال على ثلاثة أرباع "محور فيلادلفيا الحدودي" بين قطاع غزة ومصر، عدة تحديات سياسية وأمنية على المنطقة، خصوصا وأنه يمثل تحديا للعلاقات الإسرائيلية- المصرية المحددة باتفاقية كامب ديفيد للسلام سنة 1979، ورهانا بالنسبة لمسار العملية العسكرية التي يقوم بها الاحتلال في رفح، الذي يحاول اجتياح المخيم الموجود جنوبي القطاع.

فاتفاقية السلام، التي أمضيت بين البلدين، بعد مفاوضات طويلة برعاية أمريكية في منتجع كامب ديفيد الأمريكي في سبعينيات القرن الماضي، بعد حرب سنة 1973 بين مصر وإسرائيل، لا تسمح للكيان الصهيوني بالسيطرة على هذا المحور.

لكن مضي الاحتلال في عملية رفح، جذب مصر إلى خانة اللعب على أوتار التوتر مع تل أبيب، ودفعها دفعا من إطار الوساطة بين المقاومة وتل أبيب، إلى مربع "المواجهة" مع الاحتلال.

فسيطرة القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، يوم 7 ماي الماضي، في إطار عملية عسكرية تستهدف كل منطقة رفح، نتجت عنها ضربة لجهود الوساطة حول مفاوضات الهدنة في غزة، بل أن الاحتلال تمادى في تحديه، ما دفع القاهرة إلى تعليق التنسيق الفوري مع تل أبيب، واللحاق بجنوب إفريقيا في صراعها القانوني ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية. كما تحدثت مصادر مصرية، عن "تعزيزات أمنية مصرية تشمل آليات وجنود على الحدود مع غزة"، في رد على "الخروقات" الإسرائيلية.

ويبدو أن هذا الجو المتوتر بين الطرفين، كان له صدى على المستوى الرسمي المصري، حيث نقلت قناة "القاهرة الإخبارية"، عن مصدر وصفته برفيع المستوى أنه "لا صحة لما يتم تداوله بوسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن وجود أي نوع من التنسيق المشترك مع إسرائيل بشأن عمليتها العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية".

وشدد المصدر نفسه على أن "مصر حذرت إسرائيل من تداعيات التصعيد في قطاع غزة، ورفضت أي تنسيق معها بشأن معبر رفح".

كما أضاف ذات المصدر أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتعمد نشر أخبار غير صحيحة لصرف الأنظار عن حالة التخبط التي يعاني منها الكيان الصهيوني داخليا، وفق تعبيره.

وحسب توصيف، هذا المصدر فقد يكون إعلان إذاعة جيش الاحتلال عن خبر السيطرة على هذا "المحور الاستراتيجي" بين الطرفين، بأنه "سيطرة إعلامية" فقط.

في هذا الإطار، يشير اللواء أركان حرب المصري سمير فرج، في حديث لـ"الصباح"، أن الإعلان من قبل الاحتلال على خبر السيطرة على معظم محور فيلادلفيا، يحمل رسائل للمقاومة الفلسطينية.

وأضاف قائلا:"هو رسالة للمقاومة الفلسطينية، فإسرائيل لا تأبه لأحد وسبق وأن أعلنت أنها سوف تهاجم رفح رغم أنف أمريكا".

وكان وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت قال أمس الأول، خلال لقائه مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان الذي زار تل أبيب، إن إسرائيل تعتزم توسيع اجتياحها العسكري لمدينة رفح، جنوب قطاع غزة.

ولكن يبدو أن واشنطن، ليست مقتنعة بما تسعى تل أبيب لتنفيذه في رفح، خصوصا وأن الرهانات بالنسبة إليها لم تعد مقتصرة على الجانب الإنساني والمتمثل في حماية المدنيين كما تشير الإدارة الأمريكية، بل أصبح الأمر يتعلق بمصير استراتيجيا كاملة في المنطقة عملت عليها منذ عقود، وانتهت باتفاق سلام بين الطرفين، والذي من الممكن أن يسقط، وهو أحد السيناريوهات الممكنة، ولو أن تحققه صعب المنال، خصوصا مع "تشبث مصري باتفاقية السلام".

فالبرغم من التوتر الحالي بين الطرفين، فقد أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، قبل أيام، أن بلاده ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1979، لكنها ترفض هجوم الجيش الإسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية. وهو ما يؤكده اللواء أركان حرب سمير فرج، في رده على سؤال لـ"الصباح"حول السيناريوهات الممكنة من قبل القاهرة، في هذه الحالة بقوله:"هناك درجات للتصرف طبقا لبنود الاتفاقية أولها إبلاغهم بالمخالفات وضرورة إزالتها فورا مع التعهد بعدم التكرار.. ثانيا إذا لم تستجيب إسرائيل، هناك يتم إبلاغ الولايات المتحدة الأمريكية لأنها الضامن للاتفاقية..، ثالثا إبلاغ مجلس الأمن أن إسرائيل خالفت الاتفاقية الدولية..، وأخيرا من الممكن تجميد الاتفاقية.. لحين الرجوع في المخالفات".  وأضاف قائلا: "يمكن إلغاء الاتفاقية.. إذا استمرّت إسرائيل في خرقها لها".

كلام فرج، يحمل تفسيرات عديدة، وكلها في الإطار السياسي والديبلوماسي، وفق ما تحدده اتفاقية السلام بين تل أبيب والقاهرة، إلا أن الجانب الرسمي الإسرائيلي يشير إلى أن أسباب السيطرة على محور فيلادلفيا، يتعلق أساسا بمحاصرة المقاومة الفلسطينية..، حيث ترى أنه يجب تدمير كافة الأنفاق التي تم اكتشافها بالمحور ".

ولكن الرهانات بالنسبة لمصر، تبقى أكثر مما تطرحه تل أبيب، وخصوصا المتعلقة بمخطط التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء، خصوصا مع العملية الأخيرة التي يقوم بها جيش الاحتلال في غزة، وهو ما تعتبره القاهرة مسألة "أمن قومي" بالنسبة إليها.

ويبدو أن مثل هذا الطرح يمكن أن يكون منطقيا، إذا تم الأخذ بعين الاعتبار لمسألة "مرحلة ما بعد الحرب" في قطاع غزة، والتي ترى حكومة بنيامين نتنياهو أنها يجب أن تخضع لإدارة عسكرية إسرائيلية.

وكذلك لأن، سيناريو التهجير القسري للفلسطينيين في هذه الحرب، يعود لحادثة  تدمير سياج المحور في جانفي 2008، خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع فيما عرف بعملية "الرصاص المصبوب"، من قبل عدد من المسلحين الفلسطينيين، وتدفق على إثر هذا العمل الآلاف من سكان قطاع غزة إلى الأراضي المصرية للبحث عن الطعام والمؤن.

ما هو محور فيلادلفيا

يمتد محور فيلادلفيا، المعروف أيضا بمحور صلاح الدين، على طول الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، من البحر المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، التي تبلغ نحو 14 كلم.

ومحور فيلادلفيا منطقة عازلة ظهرت على إثر معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، التي نصت على إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي الفلسطينية على طول الحدود بين الطرفين، تخضع لسيطرة إسرائيلية بقوة قوامها 180 مركبة مدرعة من الأنواع كافة وطاقم مكون من 4 آلاف عنصر، إضافة إلى منشآت عسكرية وتحصينات ميدانية.

ومنعت الاتفاقية أي تواجد لأي قوات مسلحة مصرية على الأراضي المصرية المتاخمة، وسمحت فقط للشرطة المدنية المصرية بأداء مهام الشرطة الاعتيادية بأسلحة خفيفة.

وظل المحور تحت سيطرة القوات الإسرائيلية إلى حين انسحاب إسرائيل من قطاع غزة صيف 2005، وتسليمه للسلطة الفلسطينية التي منحت الإشراف على المناطق الحدودية والمعابر، بوجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي، الذين عادوا وانسحبوا بعد استلام "حماس" للسلطة في غزة وفرض سيطرتها على المحور وعلى معبر رفح، الكائن ضمن المحور.

تحليل إخباري..   هل تعصف "سيطرة" الاحتلال على "فيلادلفيا" باتفاقية كامب دفيد؟

 

تونس الصباح

بقلم: نزار مقني

يطرح إعلان إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس، عن سيطرة قوات الاحتلال على ثلاثة أرباع "محور فيلادلفيا الحدودي" بين قطاع غزة ومصر، عدة تحديات سياسية وأمنية على المنطقة، خصوصا وأنه يمثل تحديا للعلاقات الإسرائيلية- المصرية المحددة باتفاقية كامب ديفيد للسلام سنة 1979، ورهانا بالنسبة لمسار العملية العسكرية التي يقوم بها الاحتلال في رفح، الذي يحاول اجتياح المخيم الموجود جنوبي القطاع.

فاتفاقية السلام، التي أمضيت بين البلدين، بعد مفاوضات طويلة برعاية أمريكية في منتجع كامب ديفيد الأمريكي في سبعينيات القرن الماضي، بعد حرب سنة 1973 بين مصر وإسرائيل، لا تسمح للكيان الصهيوني بالسيطرة على هذا المحور.

لكن مضي الاحتلال في عملية رفح، جذب مصر إلى خانة اللعب على أوتار التوتر مع تل أبيب، ودفعها دفعا من إطار الوساطة بين المقاومة وتل أبيب، إلى مربع "المواجهة" مع الاحتلال.

فسيطرة القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، يوم 7 ماي الماضي، في إطار عملية عسكرية تستهدف كل منطقة رفح، نتجت عنها ضربة لجهود الوساطة حول مفاوضات الهدنة في غزة، بل أن الاحتلال تمادى في تحديه، ما دفع القاهرة إلى تعليق التنسيق الفوري مع تل أبيب، واللحاق بجنوب إفريقيا في صراعها القانوني ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية. كما تحدثت مصادر مصرية، عن "تعزيزات أمنية مصرية تشمل آليات وجنود على الحدود مع غزة"، في رد على "الخروقات" الإسرائيلية.

ويبدو أن هذا الجو المتوتر بين الطرفين، كان له صدى على المستوى الرسمي المصري، حيث نقلت قناة "القاهرة الإخبارية"، عن مصدر وصفته برفيع المستوى أنه "لا صحة لما يتم تداوله بوسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن وجود أي نوع من التنسيق المشترك مع إسرائيل بشأن عمليتها العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية".

وشدد المصدر نفسه على أن "مصر حذرت إسرائيل من تداعيات التصعيد في قطاع غزة، ورفضت أي تنسيق معها بشأن معبر رفح".

كما أضاف ذات المصدر أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتعمد نشر أخبار غير صحيحة لصرف الأنظار عن حالة التخبط التي يعاني منها الكيان الصهيوني داخليا، وفق تعبيره.

وحسب توصيف، هذا المصدر فقد يكون إعلان إذاعة جيش الاحتلال عن خبر السيطرة على هذا "المحور الاستراتيجي" بين الطرفين، بأنه "سيطرة إعلامية" فقط.

في هذا الإطار، يشير اللواء أركان حرب المصري سمير فرج، في حديث لـ"الصباح"، أن الإعلان من قبل الاحتلال على خبر السيطرة على معظم محور فيلادلفيا، يحمل رسائل للمقاومة الفلسطينية.

وأضاف قائلا:"هو رسالة للمقاومة الفلسطينية، فإسرائيل لا تأبه لأحد وسبق وأن أعلنت أنها سوف تهاجم رفح رغم أنف أمريكا".

وكان وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت قال أمس الأول، خلال لقائه مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان الذي زار تل أبيب، إن إسرائيل تعتزم توسيع اجتياحها العسكري لمدينة رفح، جنوب قطاع غزة.

ولكن يبدو أن واشنطن، ليست مقتنعة بما تسعى تل أبيب لتنفيذه في رفح، خصوصا وأن الرهانات بالنسبة إليها لم تعد مقتصرة على الجانب الإنساني والمتمثل في حماية المدنيين كما تشير الإدارة الأمريكية، بل أصبح الأمر يتعلق بمصير استراتيجيا كاملة في المنطقة عملت عليها منذ عقود، وانتهت باتفاق سلام بين الطرفين، والذي من الممكن أن يسقط، وهو أحد السيناريوهات الممكنة، ولو أن تحققه صعب المنال، خصوصا مع "تشبث مصري باتفاقية السلام".

فالبرغم من التوتر الحالي بين الطرفين، فقد أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، قبل أيام، أن بلاده ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل الموقعة عام 1979، لكنها ترفض هجوم الجيش الإسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية. وهو ما يؤكده اللواء أركان حرب سمير فرج، في رده على سؤال لـ"الصباح"حول السيناريوهات الممكنة من قبل القاهرة، في هذه الحالة بقوله:"هناك درجات للتصرف طبقا لبنود الاتفاقية أولها إبلاغهم بالمخالفات وضرورة إزالتها فورا مع التعهد بعدم التكرار.. ثانيا إذا لم تستجيب إسرائيل، هناك يتم إبلاغ الولايات المتحدة الأمريكية لأنها الضامن للاتفاقية..، ثالثا إبلاغ مجلس الأمن أن إسرائيل خالفت الاتفاقية الدولية..، وأخيرا من الممكن تجميد الاتفاقية.. لحين الرجوع في المخالفات".  وأضاف قائلا: "يمكن إلغاء الاتفاقية.. إذا استمرّت إسرائيل في خرقها لها".

كلام فرج، يحمل تفسيرات عديدة، وكلها في الإطار السياسي والديبلوماسي، وفق ما تحدده اتفاقية السلام بين تل أبيب والقاهرة، إلا أن الجانب الرسمي الإسرائيلي يشير إلى أن أسباب السيطرة على محور فيلادلفيا، يتعلق أساسا بمحاصرة المقاومة الفلسطينية..، حيث ترى أنه يجب تدمير كافة الأنفاق التي تم اكتشافها بالمحور ".

ولكن الرهانات بالنسبة لمصر، تبقى أكثر مما تطرحه تل أبيب، وخصوصا المتعلقة بمخطط التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء، خصوصا مع العملية الأخيرة التي يقوم بها جيش الاحتلال في غزة، وهو ما تعتبره القاهرة مسألة "أمن قومي" بالنسبة إليها.

ويبدو أن مثل هذا الطرح يمكن أن يكون منطقيا، إذا تم الأخذ بعين الاعتبار لمسألة "مرحلة ما بعد الحرب" في قطاع غزة، والتي ترى حكومة بنيامين نتنياهو أنها يجب أن تخضع لإدارة عسكرية إسرائيلية.

وكذلك لأن، سيناريو التهجير القسري للفلسطينيين في هذه الحرب، يعود لحادثة  تدمير سياج المحور في جانفي 2008، خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع فيما عرف بعملية "الرصاص المصبوب"، من قبل عدد من المسلحين الفلسطينيين، وتدفق على إثر هذا العمل الآلاف من سكان قطاع غزة إلى الأراضي المصرية للبحث عن الطعام والمؤن.

ما هو محور فيلادلفيا

يمتد محور فيلادلفيا، المعروف أيضا بمحور صلاح الدين، على طول الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، من البحر المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، التي تبلغ نحو 14 كلم.

ومحور فيلادلفيا منطقة عازلة ظهرت على إثر معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، التي نصت على إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي الفلسطينية على طول الحدود بين الطرفين، تخضع لسيطرة إسرائيلية بقوة قوامها 180 مركبة مدرعة من الأنواع كافة وطاقم مكون من 4 آلاف عنصر، إضافة إلى منشآت عسكرية وتحصينات ميدانية.

ومنعت الاتفاقية أي تواجد لأي قوات مسلحة مصرية على الأراضي المصرية المتاخمة، وسمحت فقط للشرطة المدنية المصرية بأداء مهام الشرطة الاعتيادية بأسلحة خفيفة.

وظل المحور تحت سيطرة القوات الإسرائيلية إلى حين انسحاب إسرائيل من قطاع غزة صيف 2005، وتسليمه للسلطة الفلسطينية التي منحت الإشراف على المناطق الحدودية والمعابر، بوجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي، الذين عادوا وانسحبوا بعد استلام "حماس" للسلطة في غزة وفرض سيطرتها على المحور وعلى معبر رفح، الكائن ضمن المحور.