إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

14 ماي 1948 -14 ماي 2024.. 76 عاما على النكبة.. الحلم باق والجريمة لا تسقط بالتقادم

 

تونس-الصباح

تحل ذكرى النكبة هذا العام على وقع حرب الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة وما أفرزته حتى اليوم، بعد دخول العدوان شهره الثامن على التوالي، من  مقابر جماعية وآلاف القتلى والجرحى والمشردين ومن أجيال مبتورة الأطراف ومن أيتام وأرامل ومنكوبين دون اعتبار لحجم الخراب والدمار الذي يستوجب حسب الأمم المتحدة أربعة عشرة عاما لازال الركام ونحو ستين مليار دولار لإعادة إعمار ما تهدم، نكبة متواصلة منذ ستة عقود بدأتها عصابات الهاغاناه والشترن التي اختصت بالمجازر الجماعية من قبية الى طنطورة والقدس ودير ياسين وغيرها بهدف التمكن من الأرض نكبة ارتبطت بإطلاق اكبر مؤامرة في تاريخ الإنسانية وأن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا ارض والتي بمقتضاها سيتم استهداف الشعب الفلسطيني على أرضه بالقتل والترويع والتهجير القسري.. وعلى مدى ستة وسبعين عاما لم تتوقف مساعي التمدد السرطاني للاحتلال الإسرائيلي الذي وجد له في قرار الأمم المتحدة للتقسيم نواة لشرعنة كيان الاحتلال قبل تجاوز أحكام هذا القانون وتذويبه في محاولة لقبر القضية الفلسطينية قبل أن يتضح ورغم كل التفوق الحاصل لكيان الاحتلال وكل الدعم العسكري والأمني والسياسي الذي يحظى به من القوى الكبرى في العالم أنه طالما بقي فلسطيني واحد على أرضه لا يمكن قبر القضية أو تبخيرها ..

أطلق مصطلح النكبة على قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي فوق أرض فلسطين في 15ماي عام 1948، إذ هُجّر أكثر من 800 ألف فلسطيني من مدنهم وبلداتهم، ليصبح عددهم حاليا نحو 6 ملايين، يعيشون في مخيمات اللجوء وفي دول الجوار والشتات، ومازالوا متمسكين بحقهم في العودة إلى ديارهم التي هجّروا منها، منطق طرد الفلسطينيين وتذويبهم يعود اليوم أكثر عنصرية مع التصريحات التحريضية لمسؤولي وقيادات كيانات الاحتلال السياسيين والعسكريين بان الفلسطينيين "حيوانات بشرية" وأنهم "يستحقون أن يقصفوا بالسلاح النووي" وأن الأسرى الفلسطينيين يجب إعدامهم لإفراغ السجون الإسرائيلية.. تصريحات تتنافس على تقديمها قيادات سياسية وعسكرية في كيان الاحتلال وآخرها  تصريح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش الذي قال "يجب أنْ نسحق أعداءنا تحت أقدامنا كما قرأنا في التوراة. علينا تدمير رفح ودير البلح والنصيرات. لا مكانَ تحت السماء لهذه الأرواح الشريرة. لا وجود لها ولا يمكن لها أنْ تستمرّ في الوجود، اُقتلوهم جميعًا، سنقضي عليهم جميعًا" تصريحات من الواضح انها تدفع الى تحويل الصراع الى صراع ديني ..

لقد عرفت غزة طوال العقدين الماضيين أكثر من عدوان إسرائيلي من عماية الرصاص المصبوب الى عامود السحاب والجرف الصامد، كانت غزة صامدة ثابتة، صحيح أن النزيف في كل مرة يتعمق والخذلان يتفاقم من الجميع ولكنها لا تستسلم بل سرعان ما تجمع قواها وتعود لتبقى شوكة في حلق الاحتلال ..

لم يكن السابع من أكتوبر من فراغ بل نتيجة تراكمات دامية استهدفت إنسانية الإنسان لم يتوان خلالها الاحتلال عن ممارسات كل أنواع جرائم الحرب في حق شعب محاصر برا وبحرا وجوا ملاحق في قوته وفي كرامته وفي وجوده.. أصيب كيان الاحتلال في كبريائه وغطرسته بعد الصفعة التي تلقتها أجهزته الاستخباراتية فاستنصر بحلفائه من الغرب للانتقام من المقاومة بأفظع أنواع السلاح وأشدها فتكا في حق النساء والأطفال والشيوخ والمصابين والجرحى ..

وفي الذكرى الـ76 للنكبة نستحضر تصريحات أرسولا فان دير لاين المسؤولة الأوروبية قبل عام في زيارتها الى كيان الاحتلال للاحتفال بذكرى تـأسيسه والإشادة  بالديمقراطية الاستثنائية في صحراء المنطقة متجاهلة أن هذا الكيان هو عنوان لآخر أنواع الاحتلال في العالم وأن محكمة العدل الدولية في لاهاي وجهت له أصابع الاتهام بارتكاب جرائم إبادة في غزة.. وأن كل التقارير الأممية أدانت بوضوح ما يجري في قطاع غزة من تجويع وتهجير قسري وتصفية عرقية ..

في ذكرى النكبة تتعدد النكبات وتشتد وتتواتر المآسي وتتعمق الجراح وتتضاعف المؤامرات ويستمر التواطؤ والخذلان ويتراجع الأمل ولكنه لا يتلاشى، قد لا يكون الصراع قريبا من نهايته ولكن الأكيد أن الحلم قد يفتر قد ينتكس ولكنه لا يسقط وسيظل قائما تتناقله الأجيال الفلسطينية.. كيف سينتهي هذا الطوفان وماذا سيجرف معه وكيف سيكون المشهد الإقليمي والدولي بعد أن ينتهي العدوان لا سيما مع تنامي صحوة الرأي العام الدولي والجبهات الشعبية من الجامعات الأمريكية والغربية الى شوارع العواصم الدولية الكبرى التي بدأت ترفض السردية الإسرائيلية الزائفة؟

"الصباح" في هذا الملف في ذكرى النكبة السادسة والسبعين ترصد ما يجري من خلال شهادات من غزة وعن غزة في صمودها الأسطوري.

آسيا العتروس

14  ماي 1948 -14 ماي 2024..   76 عاما على النكبة.. الحلم باق والجريمة لا تسقط بالتقادم

 

تونس-الصباح

تحل ذكرى النكبة هذا العام على وقع حرب الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة وما أفرزته حتى اليوم، بعد دخول العدوان شهره الثامن على التوالي، من  مقابر جماعية وآلاف القتلى والجرحى والمشردين ومن أجيال مبتورة الأطراف ومن أيتام وأرامل ومنكوبين دون اعتبار لحجم الخراب والدمار الذي يستوجب حسب الأمم المتحدة أربعة عشرة عاما لازال الركام ونحو ستين مليار دولار لإعادة إعمار ما تهدم، نكبة متواصلة منذ ستة عقود بدأتها عصابات الهاغاناه والشترن التي اختصت بالمجازر الجماعية من قبية الى طنطورة والقدس ودير ياسين وغيرها بهدف التمكن من الأرض نكبة ارتبطت بإطلاق اكبر مؤامرة في تاريخ الإنسانية وأن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا ارض والتي بمقتضاها سيتم استهداف الشعب الفلسطيني على أرضه بالقتل والترويع والتهجير القسري.. وعلى مدى ستة وسبعين عاما لم تتوقف مساعي التمدد السرطاني للاحتلال الإسرائيلي الذي وجد له في قرار الأمم المتحدة للتقسيم نواة لشرعنة كيان الاحتلال قبل تجاوز أحكام هذا القانون وتذويبه في محاولة لقبر القضية الفلسطينية قبل أن يتضح ورغم كل التفوق الحاصل لكيان الاحتلال وكل الدعم العسكري والأمني والسياسي الذي يحظى به من القوى الكبرى في العالم أنه طالما بقي فلسطيني واحد على أرضه لا يمكن قبر القضية أو تبخيرها ..

أطلق مصطلح النكبة على قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي فوق أرض فلسطين في 15ماي عام 1948، إذ هُجّر أكثر من 800 ألف فلسطيني من مدنهم وبلداتهم، ليصبح عددهم حاليا نحو 6 ملايين، يعيشون في مخيمات اللجوء وفي دول الجوار والشتات، ومازالوا متمسكين بحقهم في العودة إلى ديارهم التي هجّروا منها، منطق طرد الفلسطينيين وتذويبهم يعود اليوم أكثر عنصرية مع التصريحات التحريضية لمسؤولي وقيادات كيانات الاحتلال السياسيين والعسكريين بان الفلسطينيين "حيوانات بشرية" وأنهم "يستحقون أن يقصفوا بالسلاح النووي" وأن الأسرى الفلسطينيين يجب إعدامهم لإفراغ السجون الإسرائيلية.. تصريحات تتنافس على تقديمها قيادات سياسية وعسكرية في كيان الاحتلال وآخرها  تصريح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش الذي قال "يجب أنْ نسحق أعداءنا تحت أقدامنا كما قرأنا في التوراة. علينا تدمير رفح ودير البلح والنصيرات. لا مكانَ تحت السماء لهذه الأرواح الشريرة. لا وجود لها ولا يمكن لها أنْ تستمرّ في الوجود، اُقتلوهم جميعًا، سنقضي عليهم جميعًا" تصريحات من الواضح انها تدفع الى تحويل الصراع الى صراع ديني ..

لقد عرفت غزة طوال العقدين الماضيين أكثر من عدوان إسرائيلي من عماية الرصاص المصبوب الى عامود السحاب والجرف الصامد، كانت غزة صامدة ثابتة، صحيح أن النزيف في كل مرة يتعمق والخذلان يتفاقم من الجميع ولكنها لا تستسلم بل سرعان ما تجمع قواها وتعود لتبقى شوكة في حلق الاحتلال ..

لم يكن السابع من أكتوبر من فراغ بل نتيجة تراكمات دامية استهدفت إنسانية الإنسان لم يتوان خلالها الاحتلال عن ممارسات كل أنواع جرائم الحرب في حق شعب محاصر برا وبحرا وجوا ملاحق في قوته وفي كرامته وفي وجوده.. أصيب كيان الاحتلال في كبريائه وغطرسته بعد الصفعة التي تلقتها أجهزته الاستخباراتية فاستنصر بحلفائه من الغرب للانتقام من المقاومة بأفظع أنواع السلاح وأشدها فتكا في حق النساء والأطفال والشيوخ والمصابين والجرحى ..

وفي الذكرى الـ76 للنكبة نستحضر تصريحات أرسولا فان دير لاين المسؤولة الأوروبية قبل عام في زيارتها الى كيان الاحتلال للاحتفال بذكرى تـأسيسه والإشادة  بالديمقراطية الاستثنائية في صحراء المنطقة متجاهلة أن هذا الكيان هو عنوان لآخر أنواع الاحتلال في العالم وأن محكمة العدل الدولية في لاهاي وجهت له أصابع الاتهام بارتكاب جرائم إبادة في غزة.. وأن كل التقارير الأممية أدانت بوضوح ما يجري في قطاع غزة من تجويع وتهجير قسري وتصفية عرقية ..

في ذكرى النكبة تتعدد النكبات وتشتد وتتواتر المآسي وتتعمق الجراح وتتضاعف المؤامرات ويستمر التواطؤ والخذلان ويتراجع الأمل ولكنه لا يتلاشى، قد لا يكون الصراع قريبا من نهايته ولكن الأكيد أن الحلم قد يفتر قد ينتكس ولكنه لا يسقط وسيظل قائما تتناقله الأجيال الفلسطينية.. كيف سينتهي هذا الطوفان وماذا سيجرف معه وكيف سيكون المشهد الإقليمي والدولي بعد أن ينتهي العدوان لا سيما مع تنامي صحوة الرأي العام الدولي والجبهات الشعبية من الجامعات الأمريكية والغربية الى شوارع العواصم الدولية الكبرى التي بدأت ترفض السردية الإسرائيلية الزائفة؟

"الصباح" في هذا الملف في ذكرى النكبة السادسة والسبعين ترصد ما يجري من خلال شهادات من غزة وعن غزة في صمودها الأسطوري.

آسيا العتروس