إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ملفات "الصباح" : تونس ليست حارسا للحدود أو مركزا للتوطين .. الهجرة غير النظامية.."القنبلة الموقوتة"!

 تونس-الصباح

توافد آلاف المهاجرين على تونس خلال السنوات الأخيرة، أرقامهم تتصاعد من سنة إلى أخرى حتى باتت تمثل ظاهرة بل وأشعلت فتيل الأزمة في عديد المناطق وخاصة في كل من العامرة وجبنيانة أين نشبت مناوشات بين السكان والمهاجرين غير النظاميين الذين اعتدوا، وفق مصادر أمنية، على الأملاك الخاصة والعامة ما أدى إلى تعالي أصوات الأهالي المطالبة بوجوب ترحيلهم إلى بلدانهم أو إعادة توطينهم.

أعداد أخرى من المهاجرين في مدنين وجرجيس، وفي سوسة والمهدية، وبأعداد هامة أيضا في ولايات تونس الكبرى، كما ظهرت على المناطق الحدودية في الشمال .

مهاجرون أكدت السلطات أنه لا يمكن حصر أعدادهم، لكن يمكن القول، حسب تقاطعات الأرقام التي أفادت بها المفوضية السامية لحقوق اللاجئين لـ"الصباح" ووفق ما صرح به وزير الداخلية، أن عددهم في تونس يفوق 100 ألف بين مهاجر ولاجئ وطالب لجوء.

 طبعا التسميات تختلف لكن هدف هؤلاء واحد وهو عبور البحر الأبيض المتوسط عبر سواحل صفاقس والمهدية ومدنين وتحديدا سواحل جرجيس، نحو إيطاليا ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ولا يمكن الحديث عن المهاجرين دون الخوض في السياسات التي دفعتهم دفعا للقدوم إلى بلادنا والتي أدت إلى تفاقم هذه الأزمة وعلى رأسها سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بغلق كل المنافذ البحرية، بما فيها الحدود البحرية مع تونس، في الوقت الذي تسرب فيه الآلاف والعدد مرجح للارتفاع إذا ما تواصل الوضع الذي قد يحول بلادنا إلى "لمبدوزا" جديدة وتحول مياهها الإقليمية إلى مقبرة للمهاجرين غير النظاميين ما من شأنه التأثير على المنظومة الصحية التي أطلقت نداء مع عودة ارتفاع عدد الجثث التي يتم انتشالها أو يلفظها البحر يوميا نتيجة لغرق قوارب "الموت".

أزمة المهاجرين أنهكت المواطنين، كما أثرت على التزود ببعض المواد في مناطق تواجدهم، كما أنهكت أيضا المنظومة الأمنية التي استنزفت من خلال حرصها على ضمان استتباب الأمن في هذه المناطق من جهة ومراقبة السواحل لمنع الهجرة نحو إيطاليا من جهة أخرى.

"الصباح" رصدت من خلال فتح ملف الهجرة غير النظامية أراء ومواقف أغلب الأطراف المتداخلة، علما وأننا قد راسلنا وزارة الخارجية كطرف مهم إلا أننا لم نتحصل إلى الآن على أي رد بدعوى تجميع المعطيات والتدقيق فيها.

إعداد:حنان قيراط

 

الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني لـ"الصباح": نحو نقل المهاجرين.. وتغيير المقاربة

المصدر الأمني مهم بل هو حجر الزاوية في هذا الملف خاصة وأن المقاربة الأمنية كانت محل انتقاد من قبل المنظمات والجمعيات والحقوقيين، حيث أكد الناطق باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي لـ"الصباح" أن المؤسسة الأمنية تعمل على إيجاد الحلول المناسبة.

مبينا أنه سيتم ترحيل المهاجرين الأفارقة الموجودين حاليا في العامرة وجبنيانة من ولاية صفاقس إلى مناطق معيّنة تم تحديدها سلفا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد حالات العنف والكر والفر بين مواطني هذه المناطق والمهاجرين الذين قاموا بتخريب الزيتون واعتدوا على الممتلكات الخاصة.

أوضاع متشنجة ومشاحنات

اعتداءات على الأفراد والأملاك، وهو ما كشفه أيضا وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية صفاقس 1 والناطق الرسمي بها، هشام بن عياد، الذي أفاد، بأنّه قد تم فتح محاضر عدلية ضدّ أشخاص شاركوا في أحداث عنف بمنطقتي العامرة وجبناينة اللتين شهدتا أوضاع متشنجة ومشاحنات بين عدد من المتساكنين ومهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

وأوضح أن المشاحنات بين الطرفين المشار إليهما آنفا تزامنت مع ارتفاع ملحوظ في أعداد الأفارقة المهاجرين من جنوب الصحراء بمنطقتي العامرة وجبنيانة والذين عمدوا إلى القيام بأعمال عنف وتخريب بغابات زياتين على ملك خواص والاستيلاء على بعض الممتلكات الخاصة.

وذكر أنه على إثر الأوضاع المتشنجة بمنطقتي العامرة وجبنيانة وبعض المواجهات بين عدد من متساكني المنطقتين وبعض المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، حلّت الفرق الأمنية على عين المكان بصفة مكثّفة لتطويق الوضع ومنع حصول مزيد من الصدامات المباشرة بين الطرفين.

تسهيل العودة الطوعية

وكشف الجبابلي أن تونس أمام مقاربتين، أمنية تشريعية واجتماعية إنسانية، مشددا على أن تونس لن تكون العصا الغليظة المسلطة على المهاجرين غير النظاميين نظرا لاحترامها لحقوق الإنسان التي تضمنها المواثيق والمعاهدات الدولية والتي أمضت عليها بلادنا.

وكشف الجبابلي لـ"الصباح" أن هناك مساعي مشتركة بين الجهات الأمنية ومنظمات المجتمع المدني من أجل تسهيل العودة الطوعية للمهاجرين الراغبين في العودة إلى أوطانهم.

وحول ملف توافد الأفارقة على بلادنا أكّد المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني العميد حسام الدين الجبابلي لـ"الصباح" أنه تم ومنذ بداية السنة الحالية 2024 والى غاية 10 أفريل الجاري منع أكثر من 19 ألفا و194 إفريقيا من دخول التراب التونسي برا وعبر الحدود الغربية أو حدود الجنوب الشرقي، وكشف أنه وخلال العام الماضي بلغ هذا العدد خلال نفس الفترة 4014 مجتازا فقط.

كما كشف محدثنا من جهة أخرى عن ارتفاع عدد المجتازين للحدود البحرية خلسة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية إذ بلغ عدد المجتازين الذين تمت نجدتهم وإنقاذهم 21 ألفا و155 مجتازا عبر البحر مقابل 13 ألفا و746 مجتازا، مبرزا أن أكبر نسبة من المجتازين انطلقوا عبر الإقليم البحري بالوسط وصفاقس وهو 18 ألفا و578 مجتازا .

كما كشف أن الأفارقة يمثلون الأغلبية الساحقة من المجتازين بما يفوق 90% إذ بلغ عدد التونسيين 1699 مجتازا.

وفي ما يخص عدد الجثث التي تم انتشالها خلال ذات الفترة فقد بلغت 155 جثة بينها4 لتونسيين اغلبها تم إيداعها بمستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس ثم مستشفى جرجيس، مبرزا أن هذا الرقم بلغ خلال هذه الفترة من العام الماضي 261 بينهم 16 تونسيا.

شبكات اتجار بالبشر

وكشف العميد حسام الدين الجبابلي أن عدد الوسطاء الذين تم القبض عليهم خلال الـ 4 أشهر الأولى من العام الماضي بلغ 166 في حين أن هذا الرقم قد ارتفع ليصل إلى 526 عنصرا خلال نفس الفترة من هذه السنة.

وأبرز محدثنا أن الجهود الإستعلاماتية والميدانية مكنت من القبض على المنظمين الذين ينشطون ضمن شبكات مختصة في الاتجار بالبشر سواء في بلدان المصدر أو دول العبور والاستقبال، مشيرا إلى أن الجهود متواصلة للكشف عن عناصر هذه الشبكات عبر اعتراض عديد التحويلات المالية بما فيها العملات الافتراضية.

الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ"الصباح": المهاجرون دفعوا للقدوم إلى تونس!!؟

وحسب "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" تواصل دخول المهاجرين إلى بلادنا عبر الحدود البرية نتيجة لسوء إدارة أزمة الهجرة.

إذ أفاد رمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" لـ"الصباح" انه لا يمكن حصر عدد المهاجرين في بلادنا، وأنه في صفاقس فقط يوجد 11 تجمعا للمهاجرين حيث يناهز عددهم 6000 وهذا العدد متحول بما أن هناك خروجا من بلادنا ودخولا إليها.

واعتبر محدثنا أن المشاهد التي تم تداولها من العامرة أو جبنيانة كان من المفروض أن تكون في "لمبادوزا" أي في ايطاليا وليس في تونس، وفق تعبيره .

كما يرى محدثنا أن الملف "أصبح شائكا خاصة وأن أزمة المهاجرين باتت تونس معنية بها أكثر من أي دولة، ما جعل أزمة المهاجرين تنتقل من إيطاليا إلى تونس وهو ما جعل السلطات في بلادنا تعمل على مجاراة الأزمة التي كانت داخل المدن فنقلتها إلى الأرياف والمجتمعات المحلية التي تعاطفت واحتضنت هؤلاء في بادئ الأمر لكنها اليوم أصبحت تعاني من أضرار على المستوى الفلاحي إثر احتلال المهاجرين للأراضي الفلاحية التي هي مصدر عيشهم"، وفق تعبيره .

وبين رمضان بن عمر أن "نقل المهاجرين من مكان إلى مكان آخر هو نقل للازمة من منطقة إلى منطقة أخرى"، معتبرا أن هذا الحل لن يكون ذا جدوى في ظل عدم وجود حلول جذرية، مشددا على أن ما يحصل في العامرة سيحصل في مكان آخر.

وأكد الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على أهمية نقل المهاجرين إلى مناطق مفتوحة تتوفر على كل الضروريات، محذرا في ذات الوقت من تحول هذه المناطق إلى مراكز احتجاز مثلما هو الحال في ايطاليا على اعتبار أن ذلك من شأنه تأجيج الأزمة لتتفاقم وتكون لها تبعات خطيرة على البلاد.

ارتفاع عدد المهاجرين نحو إيطاليا بـ330%

وأعلن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن 17.322 مهاجرا غير نظامي وصلوا إلى سواحل الإيطالية في عام 2023، من بينهم أكثر من أربعة آلاف قاصر.

حيث ارتفع عدد المهاجرين القتلى والمفقودين خلال العام الماضي خلال عام 2023 ليصل إلى 1.313 شخصا من جنسيات مختلفة، كما أحبطت السلطات أكثر من 600 محاولة للهجرة غير الشرعية، وألقت القبض على 80 ألف مهاجر غير نظامي على السواحل التونسية، 18% منهم تونسيين، حيث أفاد بن عمر أن جنسيات المهاجرين لم تعد تقتصر على أفارقة جنوب الصحراء بل تشمل أيضا السوريين والبنغاليين والباكستانيين والسودانيين.

يجب أن يتحمل الجانب الأوروبي المسؤولية

وشدد رمضان بن عمر على وجوب نقل المهاجرين غير النظاميين إلى مناطق إيواء مفتوحة مع تحميل المسؤولية للدول الأوروبية، ذلك أن المهاجرين دفعوا للقدوم إلى تونس دفعا وذلك نتيجة لغلق الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي لكل المنافذ المؤدية إليه عبر المغرب وتركيا وليبيا.. ما دفع بهم للقدوم إلى بلادنا عبر الحدود البرية المفتوحة ليبقوا عالقين هنا.

وأكد أن الدول الأوروبية اتخذت هذه الخطوة، أي نقل المهاجرين إلى دول أخرى، مع ليبيا حيث قامت بنقلهم إلى إيطاليا وألمانيا..

وأكد أنه من الضروري نشر القوات الأمنية على الحدود الغربية مع الجزائر من جندوبة إلى الكاف والقصرين..، ما من شأنه تحقيق نتائج أفضل وذلك للحد من التوافد على بلادنا ووضع استراتيجيات للتعامل مع المتواجدين على أراضينا .

مخاوف من الاحتقان

وأشار بن رمضان إلى أنه إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى الاحتقان خاصة إذا ما تم عزل المهاجرين عن الدولة التونسية.

وبين أن عزلهم في بعض المناطق أدى إلى تنظمهم ذاتيا حيث أصبحت لديهم مراكز أمن ومساجد حتى إذا توفي أحدهم يقومون بدفنه على طريقتهم، مشيرا إلى أن هذا التمشي، أي خلق تنظيمات، غير مقبول،على حد تعبيره .

وعن الحل للخروج من هذه الأزمة اعتبر الناطق باسم المنتدى أنه تغيير المقاربات تجاه التعامل مع الوضع من خلال الضغط على الاتحاد الأوروبي عبر التلويح بتغيير المقاربة الأمنية عبر تعزيز التواجد الأمني في الحدود البرية الغربية للحد من تدفق المهاجرين إلى بلادنا، بعد استقالة جيراننا من هذا الدور، مقابل التقليص من مجهود حماية الحدود البحرية في اتجاه إيطاليا.

مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي غير عابئ بما يحصل في تونس التي لا ترغب في إغضاب جارتها الجزائر من جهة وإيطاليا من جهة أخرى ما خلق أزمة داخلية أغضبت المواطنين أين يتواجد المهاجرون بإعداد كبيرة، مقابل تفشي الجريمة والعنف لأن المنظومة الأمنية أصبحت مرهقة نتيجة استنزافها في التعاطي الخاطئ مع ملف الهجرة.

المفوضية السامية لحقوق اللاجئين: 17ألفا بين لاجئ وطالب لجوء.. و100% يطالبون بإعادة التوطين !!!

تلعب المفوضية السامية لحقوق اللاجئين التابعة للأمم المتحدة دورا هاما في ملف المهاجرين وخاصة في عملية منح اللجوء في بلادنا وأيضا في عملية إعادة التوطين.

وحول عدد المهاجرين من اللاجئين وطالبي اللجوء أفاد مصدر من المفوضية السامية للحقوق اللاجئين فرع تونس لـ"الصباح" أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء بلغ حاليا قرابة 17 ألفا.

واغلب هؤلاء من الجنسية السودانية ويبلغ عددهم 7000 بين لاجئ وطالب لجوء توافدوا على بلادنا عبر الحدود البرية أي من الجزائر وليبيا.

وتأتي الجنسية السورية في المرتبة الثانية بحوالي 3000 بين لاجئ وطالب لجوء، ويبلغ عدد جنسيات التي توافدت على بلادنا 48 جنسية من صوماليين ويبلغ عددهم قرابة 900، كذلك الشأن لباقي الجنسيات من اللاجئين وطالبي اللجوء وعددهم أقل من 1000 من إريتريا وجنوب السودان وإثيوبيا واليمن وفلسطين.. وهم في الغالب من بلدان تعيش على وقع حرب أو نزاعات داخلية دفعت بهم إلى الهجرة.

وبين مصدرنا أن المفوضية السامية لحقوق اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تحفز الدول على استقبال والتعامل مع المهاجرين كلاجئين وطالبي لجوء وإعطائهم صفة اللاجئ لعدم قدرتهم على العودة إلى بلدانهم.

أين يتواجدون وكيف وصلوا!؟

وبين مصدرنا أن اللاجئين وطالبي اللجوء يتمركزون في تونس العاصمة وولاية صفاقس وفي مدنين وتحديدا في معتمدية جرجيس أين تتواجد مكاتب للمفوضية السامية للحقوق اللاجئين، ثم في سوسة والقيروان وأغلب هؤلاء من الجنسيات السورية.

وعن طرق وصول اللاجئين وطالبي اللجوء إلى بلادنا أفادنا مصدرنا أن اغلبهم ومنذ العام الماضي وصلوا عبر الحدود البرية مع ليبيا والجزائر وقلة تم إنقاذها من قبل خفر السواحل التونسية اثر عمليات هجرة غير نظامية فاشلة من السواحل الليبية والجزائرية ليتم إنقاذهم في عرض البحر.

وبمجرد تسجيل المهاجر بأحد مكاتب المفوضية السامية لحقوق اللاجئين يتحصل على بطاقة طالب لجوء ثم عند الحصول على صفة اللاجئ يتحصل على بطاقة لاجئ. وهي بطاقات تخول له الحصول على كل الخدمات مثله مثل أي مواطن تونسي سواء الخدمات الصحية أو التعليم إذ يتم إدماج أطفال اللاجئين وطالبي اللجوء في مؤسسات التعليم الابتدائي إلا أن هؤلاء يواجهون صعوبة في الاندماج في المراحل التعليمية الأخرى.

وبالنسبة للباحثين عن شغل يمكن لمن تحصلوا على صفة لاجئ العمل بطريقة قانونية بينما البقية لا يمكنهم الحصول على مورد رزق.

ويطالب أغلب اللاجئين وطالبي اللجوء وبنسبة 100% تقريبا بإعادة التوطين في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأمريكية وفي كندا، إذ يرفضون البقاء في بلادنا.

وتخضع عملية إعادة التوطين لطلبات الدول التي ستستقبل طالبي اللجوء والتي تحدد عدد الذين ستستقبلهم كما تحدد شروط استقبالهم وعلى هذا الأساس تقوم المفوضية باختيار من تتوفر فيهم هذه الشروط، وفق تأكيد مصدرنا.

اعتصامات أمام مكاتب المفوضية للمطالبة بالإجلاء!!

وأكد مصدرنا أن أعدادا من طالبي اللجوء يعتصمون منذ مدة أمام مكاتب المفوضية السامية لحقوق اللاجئين للمطالبة بإعادة الإجلاء الإنساني في حين أنه لا وجود لهذه الخدمة إلا في حالة وجود نزاعات مسلحة في الدولة التي يمكثون فيها، مشيرا إلى أنه لا يمكن للمفوضية نقل طالبي اللجوء إلى أي دولة دون أن تفتح هذه الدولة المجال للتوطين وفق حاجياتها ومطالبها.

وعن الدول التي فتحت المجال لها مطالب إعادة توطين لدى مكتب المفوضية السامية للحقوق اللاجئين بتونس فهي كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبلجيكا وبعض الدول الأخرى، وكشف مصدرنا أن عدد من تمت إعادة توطينهم ارتفع منذ بداية العام الحالي على اعتبار أن عدد اللاجئين ارتفع ببلادنا.

أزمة الجثث تتفاقم.. وتحذيرات خوفا من الكارثة

خروج قوارب "الموت" التي تقل مهاجرين نحو السواحل الايطالية من عديد المناطق بالجمهورية وخاصة من سواحل صفاقس والمهدية ومدنين وجرجيس أدى إلى ارتفاع عدد جثث المهاجرين في مستشفيات هذه المناطق.

حيث أفاد المدير الجهوي للصحة بصفاقس حاتم الشريف "الصباح" أن الوضع حاليا في عدد من المستشفيات دقيق من حيث استقبال عدد جثث المهاجرين الأفارقة الذين تم انتشالهم من سواحل صفاقس وجرجيس والمهدية.

وأشار إلى أن الوضع في صفاقس ليس كارثيا مثل ما كان عليه خلال السنتين الماضيتين حين فاق عدد الجثث طاقة استيعاب بيت الأموات التي هي في حدود 35 مع ما توفره غرفة الكوارث من أماكن حيث فاق عدد الجثث حينها 200 جثة مقابل طاقة استيعاب محدودة جدا.

 وفي الفترة الأخيرة بدأ عدد الجثث التي يستقبلها مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس في الارتفاع ما دفع الإدارة احتياطيا ومن أجل الحفاظ على التعامل الإنساني مع الجثث لإطلاق نداء لسلطة الإشراف التي كانت قد دعمت الإدارة الجهوية للصحة بحاوية خارجية لإيواء الجثث التي تنتشلها الوحدات البحرية الأمنية أو التي يلفضها البحر والتي وبعد فترة ركود، خلال الأشهر الفارطة وتحديدا خلال فصل الشتاء، عادت للارتفاع حيث يستقبل المستشفى يوميا جثتين وأكثر وهو عدد قابل للارتفاع أكثر في قادم الأيام خاصة مع تحسن أحوال الطقس وعودة عمليات الهجرة غير النظامية وما يخبئه البحر من جثث، حسب قول المدير الجهوي للصحة بصفاقس، وهو وضع قد يتجاوز الصحة بالنظر إلى الأعداد التي قد تكون ضخمة.

تنشيط خلية الأزمة

وأشار الشريف إلى أن هذه المستجدات وهذا الوضع فرض تفعيل خلية أزمة التصرف في الجثث وهي لجنة جهوية تتكون من الأطراف المعنية على غرار الحرس البحري والطب الشرعي والإدارة الجهوية للصحة والحماية المدنية وبلدية المكان..، وهي لجنة أحدثت من أجل التسريع في التصرف في الجثث ودفنها في أسرع وقت ممكن حتى لا تحصل حالة من الاكتظاظ .

وتفرض عملية الدفن إخضاع كل الجثث للتحليل الجيني الذي يتم على المستوى المركزي الذي يستقبل العينات من كل الولايات والخاصة بمختلف الحالات والجرائم التي تستوجب التحليل.

وبين الشريف انه وفي الفترة الأخيرة عاد قسم التحليل الجيني لعملية التسريع في إجراء التحاليل الخاصة بجثث المهاجرين بهدف تسريع عمليات الدفن بالتنسيق مع البلديات، علما وأن عملية الدفن تتم في المقابر التونسية إذ لا وجود لمقبرة خاصة بالمهاجرين مثل ما هو الشأن بجرجيس.

وأشار المدير الجهوي للصحة بصفاقس إلى أن الوضعية اليوم يمكن التعامل معها رغم تجاوز طاقة الاستيعاب لكن الخوف كل الخوف من إمكانية ارتفاع عدد الجثث بطريقة لا يمكن التصرف معها "وهو ما استوجب إطلاقنا لتحذيرات من أجل خلق وضع ملائم أكثر في فترات الضغط التي قد تطرأ في قادم الأيام حتى لا يعيش أعوان الصحة في مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس على وقع ما عرفوه خلال سنوات سابقة من ضغط وتراكم للجثث"، على حد تعبيره .

وبشأن سؤالنا حول كلفة التحليل الجيني على المجموعة الوطنية أفاد حاتم الشريف المدير الجهوي للصحة بصفاقس لـ"الصباح" أن كلفة التحليل الجيني لجثث المنتشلين من البحر أرهقت ميزانية الإدارة الجهوية للصحة بصفاقس وباقي إدارات الصحة التي تستقبل جثث المهاجرين إذ تصل كلفة تحليل الجثة الواحدة ألف دينار إذا ما تمت إعادة التحليل أكثر من مرة وهذا يحدث في أغلب الحالات على اعتبار الجثث تنتشل وهي متحللة تقريبا.

وشرح بالقول أنه إذا أضفنا إلى كلفة التحليل الجيني نقل الجثة ثم تحويل العينات إلى تونس العاصمة قصد التحليل، أضف إلى ذلك عملية التبريد، وحقيبة الجثث، واستعمال الطاقة، فإن هذه الكلفة قد تتجاوز ألفي دينار.

واعتبر محدثنا أن هذه الكلفة تزيد من استنزاف ميزانية إدارات الجهوية للصحة وميزانية الصحة التي من الفروض أن تستعمل في تطوير القطاع وخاصة توفير المعدات والتجهيزات.

ماذا عن الوضع في كل من المهدية ومدنين!؟

وعن باقي الجهات التي تستقبل جثث المهاجرين أفاد المدير الجهوي للصحة بصفاقس أن طاقة الاستيعاب في المهدية تبلغ 23 جثة مع تعزيز الجهة بحاوية خارجية لإيواء الجثث ما يجعل طاقة الاستيعاب ترتفع إلى أكثر من 50.

وبين أن الوضعية في المهدية مستقرة وأن عدد الجثث في حدود طاقة الاستيعاب المتوفرة.

وبالنسبة لمدينة مدنين فإن طاقة استيعاب بيت الأموات في حدود 12 وبالنسبة لجرجيس بلغ عدد الجثث طاقة استيعاب بيت الأموات.

وأردف المدير الجهوي للصحة بصفاقس أن الوضعية غير كارثية لكنها تنبئ بضرورة التحرك لأن الحالة قد تتعكر دون سابق إنذار ما يؤدي إلى تجاوز طاقة الاستيعاب بكثير وهو ما فرض إطلاق نداء للجهات المعنية لأخذ الاحتياطات اللازمة خاصة وأن عدد الجثث المودعة ببيت الأموات في كل من صفاقس والمهدية ومدنين وجرجيس فاقت 200 جثة.

نائب عن دائرة العامرة وجبنيانة لـ"الصباح:" الأهالي يطالبون بإرجاع المهاجرين من حيث أتوا

نواب جهة صفاقس بمجلس نواب الشعب لهم رأي في ملف تواجد المهاجرين بالمنطقة فهم من ينقلون مشاكل المواطنين في مناطق العامرة وجبنيانة وساقية الداير.

وبهذا الخصوص أفاد حافظ الوحيشي النائب عن دائرة العامرة وجبنيانة "الصباح " أن الأهالي يطالبون بعدم نقل المهاجرين إلى أي منطقة قريبة.

حيث كشف لـ"الصباح" انه واثر اجتماع حضره عدد من الجمعيات أنها قد رفضت رفضا قطعيا نقل المهاجرين إلى أي منطقة أخرى قريبة من مناطقهم أو إلى أي منطقة بصفاقس، وكشف أن هذه الجمعيات والمنظمات قد طالبت خلال الاجتماع بإعادة المهاجرين من حيث أتوا كونهم يمثلون عبئا على بلادنا.

وأكد أن الأهالي رفضوا رفضا باتا مقترح نقل المهاجرين إلى أراض في الولاية على ملك الدولة حيث رفضوا أي عملية تجميع أخرى في أي منطقة.

تجميع من أجل إرجاعهم إلى بلدانهم

وبين أن مقترح نقل المهاجرين وتجميعهم في منطقة أخرى يهدف لحصر عددهم أولا ثم ضمان عدم حصول مناوشات مع الأهالي ووضعهم تحت أنظار الأمن ثم إرجاعهم إلى بلدانهم.

وأشار إلى أن ممثلين عن المنظمة الدولية للهجرة تحدثوا إلى عدد من المهاجرين الذين عبروا عن رغبتهم في العودة إلى بلدانهم وهي عملية تتطلب الكثير من الإمكانيات والجهد وتستوجب انخراط المنظمات الدولية المتخصصة ودول الاتحاد الأوروبي من أجل القيام بها في أقرب الآجال وفي أحسن الظروف.

مشيرا إلى أن المنظمة الدولية للهجرة هي من تتكفل اليوم بهؤلاء من حيث الأكل والشرب والتي رجحت وجود أكثر من 7500 مهاجر في منطقتي العامرة وجبنيانة.

فتح بحث في الأحداث الأخيرة

وطالب النائب عن دائرة العامرة وجبنيانة بفتح بحث تحقيقي في الأحداث والتجاوزات التي قام بها مهاجرون، مرجحا جنوح بعضهم نحو العنف ليس من فراغ بل هم مدفوعون دفعا للقيام بذلك، بما في ذلك "المؤثرة" الكامرونية "clara fowe"التي تمكنت الوحدات الأمنية من إلقاء القبض عليها كونها مشبوهة وتحوم حولها العديد من نقاط الاستفهام خاصة وأن لها صورا في عديد الدول بأكثر من شخصية، ما يطرح تساؤلات حول سبب وأهداف وجودها في بلادنا.

واعتبر أن هناك جهات تقف خلف ما يحصل في بلادنا من توافد للمهاجرين إذ تسعى لتأجيج الوضع لأسباب سياسوية، وطالب الجميع باليقظة لأن أي إشكال في أي جهة من جهات البلاد قد يهدد باقي المناطق ويتحول إلى فوضى.

 

  رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان: ملف المهاجرين غير النظاميين يحتم التشاركية في العمل..

 

المرصد الوطني لحقوق الإنسان من المنظمات التي نبهت منذ سنوات من ملف المهاجرين غير النظاميين وذلك منذ غلق مخيم الشوشة في 31 ماي 2013 والذي أغلق بشكل نهائي في 2016 حيث بقي حينها عدد كبير من المهاجرين الأفارقة الفارين من الحرب في ليبيا على الأراضي التونسية وكان مآل عدد كبير منهم إن لم نقل كلهم الهجرة نحو السواحل الايطالية وهو ما شجع فيما بعد المهاجرين على القدوم إلى بلادنا إذ "أصبحت لديهم عقيدة راسخة أن بلادنا منطقة عبور إلى الضفة الأوروبية للبحر الأبيض المتوسط"، وفق تعبيره.

 

وحول الموضوع أفاد مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان "الصباح" أن الحكومات بعد الثورة لم تول ملف المهاجرين المكانة التي يستحق، معتبرا أن الحكومات التي تحترم نفسها لزام عليها وضع استراتيجيات لحماية نفسها من كل المخاطر. وبين أن المرصد قد نبه من هذا الوضع منذ 2015 و2016 محذرا من تبعات إغلاق مخيم الشوشة بطريقة رعوانية وهو ما أدى إلى ما نعيش على وقعه اليوم.

 

كما أشار إلى أن المرصد نبه أيضا من أن الجارة ليبيا لن تكون فيها الحلول قريبة وأن محيطنا الإفريقي والدولي متفجر بطبيعته وبالتالي استشرف قدوم أعداد كبيرة من المهاجرين إلى تونس ليس للبقاء فيها بل للهجرة غير النظامية نحو السواحل الايطالية وهذا ما جعل المرصد يطالب بوضع إستراتيجيا استشارفية خاصة مع المتغيرات الأخيرة في الاتحاد الأوروبي ووصول اليمين المتطرف في إيطاليا..

 

وأردف عبد الكبير بالقول أن "بلادنا آمنة صحيح لكنها تعاني جملة من الصعوبات... ما يعني أن الوضع في تونس صعب ولا يتحمل المزيد من الضغط واستقبال أعداد كبيرة من المهاجرين، حسب تعبيره.

 

تخلي المنظمات الدولية عن دورها

 

وانتقد مصطفى عبد الكبير تقصير المنظمات الدولية في القيام بدورها في تونس واعتبر أنها قد استقالت عن أداء واجبها..

 

واعتبر رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أن ملف الهجرة لم يعد ملفا إنسانيا بل تحول إلى ملف سياسي بامتياز..، وشدد مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان على رفضه القطعي تحويل تونس إلى مركز لتجميع المهاجرين الأفارقة، وبين أن بلادنا لا يمكنها حل هذا الملف إلا في إطار التكتلات والمنظمات الدولية والدولة التي تربطها معها اتفاقيات.

 

وأكد عبد الكبير أن على تونس حماية الحدود البرية مع الجزائر التي بات يتدفق عبرها آلاف المهاجرين يوميا، وأن ملف الهجرة غير النظامية هو ملف أمن قومي بامتياز..، كما أكد على أن الأعداد الكبيرة من أبناء المهاجرين المعزولين عن محيطهم الذين لم يتمدرسوا والرافضين لانتمائهم لهذا المكان هم قنبلة موقوتة يمكن أن نجدها في تنظيمات مسلحة إرهابية تهدد أمن تونس ووحدتها .

 

كما شدد مصطفى عبد الكبير على ضرورة إحداث هيئة وطنية تتكون من كفاءات في مختلف المجالات وكل الوزارات ذات العلاقة بالإضافة إلى المنظمات والجمعيات الوطنية، إلى جانب المنظمات الدولية، هيئة تشرف على الملف وتضع استراتيجيا متكاملة تكون مستقلة وتحت إشراف الدولة، لأن هذا الملف يحتم العمل بتشاركية لأنه يعد "من الكوارث البشرية"، مثل ما توجد كوارث طبيعية..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملفات "الصباح" : تونس ليست حارسا للحدود أو مركزا للتوطين .. الهجرة غير النظامية.."القنبلة الموقوتة"!

 تونس-الصباح

توافد آلاف المهاجرين على تونس خلال السنوات الأخيرة، أرقامهم تتصاعد من سنة إلى أخرى حتى باتت تمثل ظاهرة بل وأشعلت فتيل الأزمة في عديد المناطق وخاصة في كل من العامرة وجبنيانة أين نشبت مناوشات بين السكان والمهاجرين غير النظاميين الذين اعتدوا، وفق مصادر أمنية، على الأملاك الخاصة والعامة ما أدى إلى تعالي أصوات الأهالي المطالبة بوجوب ترحيلهم إلى بلدانهم أو إعادة توطينهم.

أعداد أخرى من المهاجرين في مدنين وجرجيس، وفي سوسة والمهدية، وبأعداد هامة أيضا في ولايات تونس الكبرى، كما ظهرت على المناطق الحدودية في الشمال .

مهاجرون أكدت السلطات أنه لا يمكن حصر أعدادهم، لكن يمكن القول، حسب تقاطعات الأرقام التي أفادت بها المفوضية السامية لحقوق اللاجئين لـ"الصباح" ووفق ما صرح به وزير الداخلية، أن عددهم في تونس يفوق 100 ألف بين مهاجر ولاجئ وطالب لجوء.

 طبعا التسميات تختلف لكن هدف هؤلاء واحد وهو عبور البحر الأبيض المتوسط عبر سواحل صفاقس والمهدية ومدنين وتحديدا سواحل جرجيس، نحو إيطاليا ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ولا يمكن الحديث عن المهاجرين دون الخوض في السياسات التي دفعتهم دفعا للقدوم إلى بلادنا والتي أدت إلى تفاقم هذه الأزمة وعلى رأسها سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بغلق كل المنافذ البحرية، بما فيها الحدود البحرية مع تونس، في الوقت الذي تسرب فيه الآلاف والعدد مرجح للارتفاع إذا ما تواصل الوضع الذي قد يحول بلادنا إلى "لمبدوزا" جديدة وتحول مياهها الإقليمية إلى مقبرة للمهاجرين غير النظاميين ما من شأنه التأثير على المنظومة الصحية التي أطلقت نداء مع عودة ارتفاع عدد الجثث التي يتم انتشالها أو يلفظها البحر يوميا نتيجة لغرق قوارب "الموت".

أزمة المهاجرين أنهكت المواطنين، كما أثرت على التزود ببعض المواد في مناطق تواجدهم، كما أنهكت أيضا المنظومة الأمنية التي استنزفت من خلال حرصها على ضمان استتباب الأمن في هذه المناطق من جهة ومراقبة السواحل لمنع الهجرة نحو إيطاليا من جهة أخرى.

"الصباح" رصدت من خلال فتح ملف الهجرة غير النظامية أراء ومواقف أغلب الأطراف المتداخلة، علما وأننا قد راسلنا وزارة الخارجية كطرف مهم إلا أننا لم نتحصل إلى الآن على أي رد بدعوى تجميع المعطيات والتدقيق فيها.

إعداد:حنان قيراط

 

الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني لـ"الصباح": نحو نقل المهاجرين.. وتغيير المقاربة

المصدر الأمني مهم بل هو حجر الزاوية في هذا الملف خاصة وأن المقاربة الأمنية كانت محل انتقاد من قبل المنظمات والجمعيات والحقوقيين، حيث أكد الناطق باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي لـ"الصباح" أن المؤسسة الأمنية تعمل على إيجاد الحلول المناسبة.

مبينا أنه سيتم ترحيل المهاجرين الأفارقة الموجودين حاليا في العامرة وجبنيانة من ولاية صفاقس إلى مناطق معيّنة تم تحديدها سلفا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد حالات العنف والكر والفر بين مواطني هذه المناطق والمهاجرين الذين قاموا بتخريب الزيتون واعتدوا على الممتلكات الخاصة.

أوضاع متشنجة ومشاحنات

اعتداءات على الأفراد والأملاك، وهو ما كشفه أيضا وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية صفاقس 1 والناطق الرسمي بها، هشام بن عياد، الذي أفاد، بأنّه قد تم فتح محاضر عدلية ضدّ أشخاص شاركوا في أحداث عنف بمنطقتي العامرة وجبناينة اللتين شهدتا أوضاع متشنجة ومشاحنات بين عدد من المتساكنين ومهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

وأوضح أن المشاحنات بين الطرفين المشار إليهما آنفا تزامنت مع ارتفاع ملحوظ في أعداد الأفارقة المهاجرين من جنوب الصحراء بمنطقتي العامرة وجبنيانة والذين عمدوا إلى القيام بأعمال عنف وتخريب بغابات زياتين على ملك خواص والاستيلاء على بعض الممتلكات الخاصة.

وذكر أنه على إثر الأوضاع المتشنجة بمنطقتي العامرة وجبنيانة وبعض المواجهات بين عدد من متساكني المنطقتين وبعض المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، حلّت الفرق الأمنية على عين المكان بصفة مكثّفة لتطويق الوضع ومنع حصول مزيد من الصدامات المباشرة بين الطرفين.

تسهيل العودة الطوعية

وكشف الجبابلي أن تونس أمام مقاربتين، أمنية تشريعية واجتماعية إنسانية، مشددا على أن تونس لن تكون العصا الغليظة المسلطة على المهاجرين غير النظاميين نظرا لاحترامها لحقوق الإنسان التي تضمنها المواثيق والمعاهدات الدولية والتي أمضت عليها بلادنا.

وكشف الجبابلي لـ"الصباح" أن هناك مساعي مشتركة بين الجهات الأمنية ومنظمات المجتمع المدني من أجل تسهيل العودة الطوعية للمهاجرين الراغبين في العودة إلى أوطانهم.

وحول ملف توافد الأفارقة على بلادنا أكّد المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني العميد حسام الدين الجبابلي لـ"الصباح" أنه تم ومنذ بداية السنة الحالية 2024 والى غاية 10 أفريل الجاري منع أكثر من 19 ألفا و194 إفريقيا من دخول التراب التونسي برا وعبر الحدود الغربية أو حدود الجنوب الشرقي، وكشف أنه وخلال العام الماضي بلغ هذا العدد خلال نفس الفترة 4014 مجتازا فقط.

كما كشف محدثنا من جهة أخرى عن ارتفاع عدد المجتازين للحدود البحرية خلسة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية إذ بلغ عدد المجتازين الذين تمت نجدتهم وإنقاذهم 21 ألفا و155 مجتازا عبر البحر مقابل 13 ألفا و746 مجتازا، مبرزا أن أكبر نسبة من المجتازين انطلقوا عبر الإقليم البحري بالوسط وصفاقس وهو 18 ألفا و578 مجتازا .

كما كشف أن الأفارقة يمثلون الأغلبية الساحقة من المجتازين بما يفوق 90% إذ بلغ عدد التونسيين 1699 مجتازا.

وفي ما يخص عدد الجثث التي تم انتشالها خلال ذات الفترة فقد بلغت 155 جثة بينها4 لتونسيين اغلبها تم إيداعها بمستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس ثم مستشفى جرجيس، مبرزا أن هذا الرقم بلغ خلال هذه الفترة من العام الماضي 261 بينهم 16 تونسيا.

شبكات اتجار بالبشر

وكشف العميد حسام الدين الجبابلي أن عدد الوسطاء الذين تم القبض عليهم خلال الـ 4 أشهر الأولى من العام الماضي بلغ 166 في حين أن هذا الرقم قد ارتفع ليصل إلى 526 عنصرا خلال نفس الفترة من هذه السنة.

وأبرز محدثنا أن الجهود الإستعلاماتية والميدانية مكنت من القبض على المنظمين الذين ينشطون ضمن شبكات مختصة في الاتجار بالبشر سواء في بلدان المصدر أو دول العبور والاستقبال، مشيرا إلى أن الجهود متواصلة للكشف عن عناصر هذه الشبكات عبر اعتراض عديد التحويلات المالية بما فيها العملات الافتراضية.

الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ"الصباح": المهاجرون دفعوا للقدوم إلى تونس!!؟

وحسب "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" تواصل دخول المهاجرين إلى بلادنا عبر الحدود البرية نتيجة لسوء إدارة أزمة الهجرة.

إذ أفاد رمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" لـ"الصباح" انه لا يمكن حصر عدد المهاجرين في بلادنا، وأنه في صفاقس فقط يوجد 11 تجمعا للمهاجرين حيث يناهز عددهم 6000 وهذا العدد متحول بما أن هناك خروجا من بلادنا ودخولا إليها.

واعتبر محدثنا أن المشاهد التي تم تداولها من العامرة أو جبنيانة كان من المفروض أن تكون في "لمبادوزا" أي في ايطاليا وليس في تونس، وفق تعبيره .

كما يرى محدثنا أن الملف "أصبح شائكا خاصة وأن أزمة المهاجرين باتت تونس معنية بها أكثر من أي دولة، ما جعل أزمة المهاجرين تنتقل من إيطاليا إلى تونس وهو ما جعل السلطات في بلادنا تعمل على مجاراة الأزمة التي كانت داخل المدن فنقلتها إلى الأرياف والمجتمعات المحلية التي تعاطفت واحتضنت هؤلاء في بادئ الأمر لكنها اليوم أصبحت تعاني من أضرار على المستوى الفلاحي إثر احتلال المهاجرين للأراضي الفلاحية التي هي مصدر عيشهم"، وفق تعبيره .

وبين رمضان بن عمر أن "نقل المهاجرين من مكان إلى مكان آخر هو نقل للازمة من منطقة إلى منطقة أخرى"، معتبرا أن هذا الحل لن يكون ذا جدوى في ظل عدم وجود حلول جذرية، مشددا على أن ما يحصل في العامرة سيحصل في مكان آخر.

وأكد الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على أهمية نقل المهاجرين إلى مناطق مفتوحة تتوفر على كل الضروريات، محذرا في ذات الوقت من تحول هذه المناطق إلى مراكز احتجاز مثلما هو الحال في ايطاليا على اعتبار أن ذلك من شأنه تأجيج الأزمة لتتفاقم وتكون لها تبعات خطيرة على البلاد.

ارتفاع عدد المهاجرين نحو إيطاليا بـ330%

وأعلن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن 17.322 مهاجرا غير نظامي وصلوا إلى سواحل الإيطالية في عام 2023، من بينهم أكثر من أربعة آلاف قاصر.

حيث ارتفع عدد المهاجرين القتلى والمفقودين خلال العام الماضي خلال عام 2023 ليصل إلى 1.313 شخصا من جنسيات مختلفة، كما أحبطت السلطات أكثر من 600 محاولة للهجرة غير الشرعية، وألقت القبض على 80 ألف مهاجر غير نظامي على السواحل التونسية، 18% منهم تونسيين، حيث أفاد بن عمر أن جنسيات المهاجرين لم تعد تقتصر على أفارقة جنوب الصحراء بل تشمل أيضا السوريين والبنغاليين والباكستانيين والسودانيين.

يجب أن يتحمل الجانب الأوروبي المسؤولية

وشدد رمضان بن عمر على وجوب نقل المهاجرين غير النظاميين إلى مناطق إيواء مفتوحة مع تحميل المسؤولية للدول الأوروبية، ذلك أن المهاجرين دفعوا للقدوم إلى تونس دفعا وذلك نتيجة لغلق الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي لكل المنافذ المؤدية إليه عبر المغرب وتركيا وليبيا.. ما دفع بهم للقدوم إلى بلادنا عبر الحدود البرية المفتوحة ليبقوا عالقين هنا.

وأكد أن الدول الأوروبية اتخذت هذه الخطوة، أي نقل المهاجرين إلى دول أخرى، مع ليبيا حيث قامت بنقلهم إلى إيطاليا وألمانيا..

وأكد أنه من الضروري نشر القوات الأمنية على الحدود الغربية مع الجزائر من جندوبة إلى الكاف والقصرين..، ما من شأنه تحقيق نتائج أفضل وذلك للحد من التوافد على بلادنا ووضع استراتيجيات للتعامل مع المتواجدين على أراضينا .

مخاوف من الاحتقان

وأشار بن رمضان إلى أنه إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى الاحتقان خاصة إذا ما تم عزل المهاجرين عن الدولة التونسية.

وبين أن عزلهم في بعض المناطق أدى إلى تنظمهم ذاتيا حيث أصبحت لديهم مراكز أمن ومساجد حتى إذا توفي أحدهم يقومون بدفنه على طريقتهم، مشيرا إلى أن هذا التمشي، أي خلق تنظيمات، غير مقبول،على حد تعبيره .

وعن الحل للخروج من هذه الأزمة اعتبر الناطق باسم المنتدى أنه تغيير المقاربات تجاه التعامل مع الوضع من خلال الضغط على الاتحاد الأوروبي عبر التلويح بتغيير المقاربة الأمنية عبر تعزيز التواجد الأمني في الحدود البرية الغربية للحد من تدفق المهاجرين إلى بلادنا، بعد استقالة جيراننا من هذا الدور، مقابل التقليص من مجهود حماية الحدود البحرية في اتجاه إيطاليا.

مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي غير عابئ بما يحصل في تونس التي لا ترغب في إغضاب جارتها الجزائر من جهة وإيطاليا من جهة أخرى ما خلق أزمة داخلية أغضبت المواطنين أين يتواجد المهاجرون بإعداد كبيرة، مقابل تفشي الجريمة والعنف لأن المنظومة الأمنية أصبحت مرهقة نتيجة استنزافها في التعاطي الخاطئ مع ملف الهجرة.

المفوضية السامية لحقوق اللاجئين: 17ألفا بين لاجئ وطالب لجوء.. و100% يطالبون بإعادة التوطين !!!

تلعب المفوضية السامية لحقوق اللاجئين التابعة للأمم المتحدة دورا هاما في ملف المهاجرين وخاصة في عملية منح اللجوء في بلادنا وأيضا في عملية إعادة التوطين.

وحول عدد المهاجرين من اللاجئين وطالبي اللجوء أفاد مصدر من المفوضية السامية للحقوق اللاجئين فرع تونس لـ"الصباح" أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء بلغ حاليا قرابة 17 ألفا.

واغلب هؤلاء من الجنسية السودانية ويبلغ عددهم 7000 بين لاجئ وطالب لجوء توافدوا على بلادنا عبر الحدود البرية أي من الجزائر وليبيا.

وتأتي الجنسية السورية في المرتبة الثانية بحوالي 3000 بين لاجئ وطالب لجوء، ويبلغ عدد جنسيات التي توافدت على بلادنا 48 جنسية من صوماليين ويبلغ عددهم قرابة 900، كذلك الشأن لباقي الجنسيات من اللاجئين وطالبي اللجوء وعددهم أقل من 1000 من إريتريا وجنوب السودان وإثيوبيا واليمن وفلسطين.. وهم في الغالب من بلدان تعيش على وقع حرب أو نزاعات داخلية دفعت بهم إلى الهجرة.

وبين مصدرنا أن المفوضية السامية لحقوق اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تحفز الدول على استقبال والتعامل مع المهاجرين كلاجئين وطالبي لجوء وإعطائهم صفة اللاجئ لعدم قدرتهم على العودة إلى بلدانهم.

أين يتواجدون وكيف وصلوا!؟

وبين مصدرنا أن اللاجئين وطالبي اللجوء يتمركزون في تونس العاصمة وولاية صفاقس وفي مدنين وتحديدا في معتمدية جرجيس أين تتواجد مكاتب للمفوضية السامية للحقوق اللاجئين، ثم في سوسة والقيروان وأغلب هؤلاء من الجنسيات السورية.

وعن طرق وصول اللاجئين وطالبي اللجوء إلى بلادنا أفادنا مصدرنا أن اغلبهم ومنذ العام الماضي وصلوا عبر الحدود البرية مع ليبيا والجزائر وقلة تم إنقاذها من قبل خفر السواحل التونسية اثر عمليات هجرة غير نظامية فاشلة من السواحل الليبية والجزائرية ليتم إنقاذهم في عرض البحر.

وبمجرد تسجيل المهاجر بأحد مكاتب المفوضية السامية لحقوق اللاجئين يتحصل على بطاقة طالب لجوء ثم عند الحصول على صفة اللاجئ يتحصل على بطاقة لاجئ. وهي بطاقات تخول له الحصول على كل الخدمات مثله مثل أي مواطن تونسي سواء الخدمات الصحية أو التعليم إذ يتم إدماج أطفال اللاجئين وطالبي اللجوء في مؤسسات التعليم الابتدائي إلا أن هؤلاء يواجهون صعوبة في الاندماج في المراحل التعليمية الأخرى.

وبالنسبة للباحثين عن شغل يمكن لمن تحصلوا على صفة لاجئ العمل بطريقة قانونية بينما البقية لا يمكنهم الحصول على مورد رزق.

ويطالب أغلب اللاجئين وطالبي اللجوء وبنسبة 100% تقريبا بإعادة التوطين في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأمريكية وفي كندا، إذ يرفضون البقاء في بلادنا.

وتخضع عملية إعادة التوطين لطلبات الدول التي ستستقبل طالبي اللجوء والتي تحدد عدد الذين ستستقبلهم كما تحدد شروط استقبالهم وعلى هذا الأساس تقوم المفوضية باختيار من تتوفر فيهم هذه الشروط، وفق تأكيد مصدرنا.

اعتصامات أمام مكاتب المفوضية للمطالبة بالإجلاء!!

وأكد مصدرنا أن أعدادا من طالبي اللجوء يعتصمون منذ مدة أمام مكاتب المفوضية السامية لحقوق اللاجئين للمطالبة بإعادة الإجلاء الإنساني في حين أنه لا وجود لهذه الخدمة إلا في حالة وجود نزاعات مسلحة في الدولة التي يمكثون فيها، مشيرا إلى أنه لا يمكن للمفوضية نقل طالبي اللجوء إلى أي دولة دون أن تفتح هذه الدولة المجال للتوطين وفق حاجياتها ومطالبها.

وعن الدول التي فتحت المجال لها مطالب إعادة توطين لدى مكتب المفوضية السامية للحقوق اللاجئين بتونس فهي كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبلجيكا وبعض الدول الأخرى، وكشف مصدرنا أن عدد من تمت إعادة توطينهم ارتفع منذ بداية العام الحالي على اعتبار أن عدد اللاجئين ارتفع ببلادنا.

أزمة الجثث تتفاقم.. وتحذيرات خوفا من الكارثة

خروج قوارب "الموت" التي تقل مهاجرين نحو السواحل الايطالية من عديد المناطق بالجمهورية وخاصة من سواحل صفاقس والمهدية ومدنين وجرجيس أدى إلى ارتفاع عدد جثث المهاجرين في مستشفيات هذه المناطق.

حيث أفاد المدير الجهوي للصحة بصفاقس حاتم الشريف "الصباح" أن الوضع حاليا في عدد من المستشفيات دقيق من حيث استقبال عدد جثث المهاجرين الأفارقة الذين تم انتشالهم من سواحل صفاقس وجرجيس والمهدية.

وأشار إلى أن الوضع في صفاقس ليس كارثيا مثل ما كان عليه خلال السنتين الماضيتين حين فاق عدد الجثث طاقة استيعاب بيت الأموات التي هي في حدود 35 مع ما توفره غرفة الكوارث من أماكن حيث فاق عدد الجثث حينها 200 جثة مقابل طاقة استيعاب محدودة جدا.

 وفي الفترة الأخيرة بدأ عدد الجثث التي يستقبلها مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس في الارتفاع ما دفع الإدارة احتياطيا ومن أجل الحفاظ على التعامل الإنساني مع الجثث لإطلاق نداء لسلطة الإشراف التي كانت قد دعمت الإدارة الجهوية للصحة بحاوية خارجية لإيواء الجثث التي تنتشلها الوحدات البحرية الأمنية أو التي يلفضها البحر والتي وبعد فترة ركود، خلال الأشهر الفارطة وتحديدا خلال فصل الشتاء، عادت للارتفاع حيث يستقبل المستشفى يوميا جثتين وأكثر وهو عدد قابل للارتفاع أكثر في قادم الأيام خاصة مع تحسن أحوال الطقس وعودة عمليات الهجرة غير النظامية وما يخبئه البحر من جثث، حسب قول المدير الجهوي للصحة بصفاقس، وهو وضع قد يتجاوز الصحة بالنظر إلى الأعداد التي قد تكون ضخمة.

تنشيط خلية الأزمة

وأشار الشريف إلى أن هذه المستجدات وهذا الوضع فرض تفعيل خلية أزمة التصرف في الجثث وهي لجنة جهوية تتكون من الأطراف المعنية على غرار الحرس البحري والطب الشرعي والإدارة الجهوية للصحة والحماية المدنية وبلدية المكان..، وهي لجنة أحدثت من أجل التسريع في التصرف في الجثث ودفنها في أسرع وقت ممكن حتى لا تحصل حالة من الاكتظاظ .

وتفرض عملية الدفن إخضاع كل الجثث للتحليل الجيني الذي يتم على المستوى المركزي الذي يستقبل العينات من كل الولايات والخاصة بمختلف الحالات والجرائم التي تستوجب التحليل.

وبين الشريف انه وفي الفترة الأخيرة عاد قسم التحليل الجيني لعملية التسريع في إجراء التحاليل الخاصة بجثث المهاجرين بهدف تسريع عمليات الدفن بالتنسيق مع البلديات، علما وأن عملية الدفن تتم في المقابر التونسية إذ لا وجود لمقبرة خاصة بالمهاجرين مثل ما هو الشأن بجرجيس.

وأشار المدير الجهوي للصحة بصفاقس إلى أن الوضعية اليوم يمكن التعامل معها رغم تجاوز طاقة الاستيعاب لكن الخوف كل الخوف من إمكانية ارتفاع عدد الجثث بطريقة لا يمكن التصرف معها "وهو ما استوجب إطلاقنا لتحذيرات من أجل خلق وضع ملائم أكثر في فترات الضغط التي قد تطرأ في قادم الأيام حتى لا يعيش أعوان الصحة في مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس على وقع ما عرفوه خلال سنوات سابقة من ضغط وتراكم للجثث"، على حد تعبيره .

وبشأن سؤالنا حول كلفة التحليل الجيني على المجموعة الوطنية أفاد حاتم الشريف المدير الجهوي للصحة بصفاقس لـ"الصباح" أن كلفة التحليل الجيني لجثث المنتشلين من البحر أرهقت ميزانية الإدارة الجهوية للصحة بصفاقس وباقي إدارات الصحة التي تستقبل جثث المهاجرين إذ تصل كلفة تحليل الجثة الواحدة ألف دينار إذا ما تمت إعادة التحليل أكثر من مرة وهذا يحدث في أغلب الحالات على اعتبار الجثث تنتشل وهي متحللة تقريبا.

وشرح بالقول أنه إذا أضفنا إلى كلفة التحليل الجيني نقل الجثة ثم تحويل العينات إلى تونس العاصمة قصد التحليل، أضف إلى ذلك عملية التبريد، وحقيبة الجثث، واستعمال الطاقة، فإن هذه الكلفة قد تتجاوز ألفي دينار.

واعتبر محدثنا أن هذه الكلفة تزيد من استنزاف ميزانية إدارات الجهوية للصحة وميزانية الصحة التي من الفروض أن تستعمل في تطوير القطاع وخاصة توفير المعدات والتجهيزات.

ماذا عن الوضع في كل من المهدية ومدنين!؟

وعن باقي الجهات التي تستقبل جثث المهاجرين أفاد المدير الجهوي للصحة بصفاقس أن طاقة الاستيعاب في المهدية تبلغ 23 جثة مع تعزيز الجهة بحاوية خارجية لإيواء الجثث ما يجعل طاقة الاستيعاب ترتفع إلى أكثر من 50.

وبين أن الوضعية في المهدية مستقرة وأن عدد الجثث في حدود طاقة الاستيعاب المتوفرة.

وبالنسبة لمدينة مدنين فإن طاقة استيعاب بيت الأموات في حدود 12 وبالنسبة لجرجيس بلغ عدد الجثث طاقة استيعاب بيت الأموات.

وأردف المدير الجهوي للصحة بصفاقس أن الوضعية غير كارثية لكنها تنبئ بضرورة التحرك لأن الحالة قد تتعكر دون سابق إنذار ما يؤدي إلى تجاوز طاقة الاستيعاب بكثير وهو ما فرض إطلاق نداء للجهات المعنية لأخذ الاحتياطات اللازمة خاصة وأن عدد الجثث المودعة ببيت الأموات في كل من صفاقس والمهدية ومدنين وجرجيس فاقت 200 جثة.

نائب عن دائرة العامرة وجبنيانة لـ"الصباح:" الأهالي يطالبون بإرجاع المهاجرين من حيث أتوا

نواب جهة صفاقس بمجلس نواب الشعب لهم رأي في ملف تواجد المهاجرين بالمنطقة فهم من ينقلون مشاكل المواطنين في مناطق العامرة وجبنيانة وساقية الداير.

وبهذا الخصوص أفاد حافظ الوحيشي النائب عن دائرة العامرة وجبنيانة "الصباح " أن الأهالي يطالبون بعدم نقل المهاجرين إلى أي منطقة قريبة.

حيث كشف لـ"الصباح" انه واثر اجتماع حضره عدد من الجمعيات أنها قد رفضت رفضا قطعيا نقل المهاجرين إلى أي منطقة أخرى قريبة من مناطقهم أو إلى أي منطقة بصفاقس، وكشف أن هذه الجمعيات والمنظمات قد طالبت خلال الاجتماع بإعادة المهاجرين من حيث أتوا كونهم يمثلون عبئا على بلادنا.

وأكد أن الأهالي رفضوا رفضا باتا مقترح نقل المهاجرين إلى أراض في الولاية على ملك الدولة حيث رفضوا أي عملية تجميع أخرى في أي منطقة.

تجميع من أجل إرجاعهم إلى بلدانهم

وبين أن مقترح نقل المهاجرين وتجميعهم في منطقة أخرى يهدف لحصر عددهم أولا ثم ضمان عدم حصول مناوشات مع الأهالي ووضعهم تحت أنظار الأمن ثم إرجاعهم إلى بلدانهم.

وأشار إلى أن ممثلين عن المنظمة الدولية للهجرة تحدثوا إلى عدد من المهاجرين الذين عبروا عن رغبتهم في العودة إلى بلدانهم وهي عملية تتطلب الكثير من الإمكانيات والجهد وتستوجب انخراط المنظمات الدولية المتخصصة ودول الاتحاد الأوروبي من أجل القيام بها في أقرب الآجال وفي أحسن الظروف.

مشيرا إلى أن المنظمة الدولية للهجرة هي من تتكفل اليوم بهؤلاء من حيث الأكل والشرب والتي رجحت وجود أكثر من 7500 مهاجر في منطقتي العامرة وجبنيانة.

فتح بحث في الأحداث الأخيرة

وطالب النائب عن دائرة العامرة وجبنيانة بفتح بحث تحقيقي في الأحداث والتجاوزات التي قام بها مهاجرون، مرجحا جنوح بعضهم نحو العنف ليس من فراغ بل هم مدفوعون دفعا للقيام بذلك، بما في ذلك "المؤثرة" الكامرونية "clara fowe"التي تمكنت الوحدات الأمنية من إلقاء القبض عليها كونها مشبوهة وتحوم حولها العديد من نقاط الاستفهام خاصة وأن لها صورا في عديد الدول بأكثر من شخصية، ما يطرح تساؤلات حول سبب وأهداف وجودها في بلادنا.

واعتبر أن هناك جهات تقف خلف ما يحصل في بلادنا من توافد للمهاجرين إذ تسعى لتأجيج الوضع لأسباب سياسوية، وطالب الجميع باليقظة لأن أي إشكال في أي جهة من جهات البلاد قد يهدد باقي المناطق ويتحول إلى فوضى.

 

  رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان: ملف المهاجرين غير النظاميين يحتم التشاركية في العمل..

 

المرصد الوطني لحقوق الإنسان من المنظمات التي نبهت منذ سنوات من ملف المهاجرين غير النظاميين وذلك منذ غلق مخيم الشوشة في 31 ماي 2013 والذي أغلق بشكل نهائي في 2016 حيث بقي حينها عدد كبير من المهاجرين الأفارقة الفارين من الحرب في ليبيا على الأراضي التونسية وكان مآل عدد كبير منهم إن لم نقل كلهم الهجرة نحو السواحل الايطالية وهو ما شجع فيما بعد المهاجرين على القدوم إلى بلادنا إذ "أصبحت لديهم عقيدة راسخة أن بلادنا منطقة عبور إلى الضفة الأوروبية للبحر الأبيض المتوسط"، وفق تعبيره.

 

وحول الموضوع أفاد مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان "الصباح" أن الحكومات بعد الثورة لم تول ملف المهاجرين المكانة التي يستحق، معتبرا أن الحكومات التي تحترم نفسها لزام عليها وضع استراتيجيات لحماية نفسها من كل المخاطر. وبين أن المرصد قد نبه من هذا الوضع منذ 2015 و2016 محذرا من تبعات إغلاق مخيم الشوشة بطريقة رعوانية وهو ما أدى إلى ما نعيش على وقعه اليوم.

 

كما أشار إلى أن المرصد نبه أيضا من أن الجارة ليبيا لن تكون فيها الحلول قريبة وأن محيطنا الإفريقي والدولي متفجر بطبيعته وبالتالي استشرف قدوم أعداد كبيرة من المهاجرين إلى تونس ليس للبقاء فيها بل للهجرة غير النظامية نحو السواحل الايطالية وهذا ما جعل المرصد يطالب بوضع إستراتيجيا استشارفية خاصة مع المتغيرات الأخيرة في الاتحاد الأوروبي ووصول اليمين المتطرف في إيطاليا..

 

وأردف عبد الكبير بالقول أن "بلادنا آمنة صحيح لكنها تعاني جملة من الصعوبات... ما يعني أن الوضع في تونس صعب ولا يتحمل المزيد من الضغط واستقبال أعداد كبيرة من المهاجرين، حسب تعبيره.

 

تخلي المنظمات الدولية عن دورها

 

وانتقد مصطفى عبد الكبير تقصير المنظمات الدولية في القيام بدورها في تونس واعتبر أنها قد استقالت عن أداء واجبها..

 

واعتبر رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان أن ملف الهجرة لم يعد ملفا إنسانيا بل تحول إلى ملف سياسي بامتياز..، وشدد مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان على رفضه القطعي تحويل تونس إلى مركز لتجميع المهاجرين الأفارقة، وبين أن بلادنا لا يمكنها حل هذا الملف إلا في إطار التكتلات والمنظمات الدولية والدولة التي تربطها معها اتفاقيات.

 

وأكد عبد الكبير أن على تونس حماية الحدود البرية مع الجزائر التي بات يتدفق عبرها آلاف المهاجرين يوميا، وأن ملف الهجرة غير النظامية هو ملف أمن قومي بامتياز..، كما أكد على أن الأعداد الكبيرة من أبناء المهاجرين المعزولين عن محيطهم الذين لم يتمدرسوا والرافضين لانتمائهم لهذا المكان هم قنبلة موقوتة يمكن أن نجدها في تنظيمات مسلحة إرهابية تهدد أمن تونس ووحدتها .

 

كما شدد مصطفى عبد الكبير على ضرورة إحداث هيئة وطنية تتكون من كفاءات في مختلف المجالات وكل الوزارات ذات العلاقة بالإضافة إلى المنظمات والجمعيات الوطنية، إلى جانب المنظمات الدولية، هيئة تشرف على الملف وتضع استراتيجيا متكاملة تكون مستقلة وتحت إشراف الدولة، لأن هذا الملف يحتم العمل بتشاركية لأنه يعد "من الكوارث البشرية"، مثل ما توجد كوارث طبيعية..