إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. نقابة.. الذكاء الاصطناعي !..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

هل يستقيم الحديث، ونحن نحيي العيد العالمي للعمال، عن اتحاد حشاد، واتحاد عاشور، واتحاد "الشرفاء" واتحاد البكوش، واتحاد السحباني، وجراد، والعباسي وأخيرا اتحاد الطبوبي .

 من هي الشخصية التي تركت أعظم الأثر في المنظمة الشغيلة، أم أن لكلّ مرحلة طبيعتها وخصوصياتها .

  اعتقد انّه إذا تجاوزنا زمن التأسيس والبدايات الأولى للعمل النقابي المنتظم، فانّ الحبيب عاشور يعدّ أكثر شخصية طبعت المنظمة في تاريخها الحديث، ليس باعتبار ما شهدته في زمن توليه أمانتها العامة من تطورات بلغت حدّ الصدام مع السلطة ( 26 جانفي 1978 ) فحسب.. بل الأهم والأخطر من ذلك انفتاحه الكبير على النخب عبر نقابات التعليم العالي وتطعيم القيادة (المكتب التنفيذي) بشخصيات جامعية والأهم القطيعة النهائية مع السلطة والأصح الحزب الدستوري وطرح بدائل وطنية من ذلك إعداد برنامج اقتصادي واجتماعي بديل لتونس .

 اليوم تعيش المنظمة الشغيلة لحظة فارقة في كلّ مسيرتها، فمثلا وعلى غرار بقية كلّ القوى السياسية والاجتماعية عجزت عن استيعاب كلّ هذه التطورات التي تعيشها تونس خلال العامين الماضيين وغياب الرّؤية الواضحة لدى القيادة والموقف الثابت في التعاطي مع المسالة الوطنية.

 كما أنّ تفشي الفساد وصراعات الأجنحة والشقوق والمصالح وعدم احترام المؤسسات زاد في تأزيم الوضع الداخلي للاتحاد .

 بنفس الحالة، تجد المنظمة نفسها عاجزة كذلك عن استيعاب هذه التحولات العالمية والتي قد يكون لها ابلغ الأثر على مصيرها بشكل خاص ومصير النضال المطلبي النقابي بشكل عام .

 نحن نعيش زمن الحضارة الخامسة، حضارة الذكاء الاصطناعي، هذه التكنولوجيا الجديدة التي تنطوي على حل العلاقة بين الحكم البشري والعمليات التحليلية، تتعارض بشكل أساسي مع مشروع تمكين البشر من العمال؟ .

  بما يتّجه معه السّؤال: هل يمكن إعادة النظر في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تم تطويرها في مجال خدمات العمال وإعادة تصميمها كأدوات للتضامن والنشاط؟ .

 لا يختلف اثنان في انّه على النقابات أن تراجع الكثير من طبيعة مهامها وأدوارها وأن تفكر في وضعها مع استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز حضورها وقوتها، وهذا يتطلّب تفكيرا ورؤية وقبل ذلك عقلا خلاّقا مبدعا.

 عرف العالم خلال الفترة الأخيرة تجارب مثيرة جدا لهيكلين نقابيين عالميين هما:المنظمة النقابية المتحدة من أجل الاحترام (OUR) في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد العمالي المتحد (UWU) في أستراليا، منظمتان اعتمدتا جهاز روبوت الدردشة الاصطناعي في مهامهما النقابية .

    تم تطوير تطبيق WorkIt لأول مرة من قبل منظمة (OUR) الأمريكية لتنظيم قواعد القوى العاملة، وهي تضم أكثر من مليون عامل دون الدعم المؤسسي المباشر من مسؤولي نقابة رسمية ودون الحق في دخول الشركة أو التدخل في أعمالها.

   كما تم تطويره لاحقًا بواسطة منظمة (UWU) في أستراليا في عديد فضاءات العمل من مساحات كبرى ودور الرعاية الاجتماعية وقطاعات السياحة والترفيه. باستخدام قدرات التعرف على اللغة الطبيعية، قدم برنامج الدردشة الآلي ردودا حينية تلقائية على الأسئلة التي طرحها العمال حول مشاكلهم في العمل وحقوقهم من خلال أجهزتهم المحمولة .

   تمت إعادة توجيه الأسئلة التي لم يتمكن روبوت الدردشة من الإجابة عليها بمستوى مقبول من اليقين إلى مستجيب بشري تغذي إجاباته عقل روبوت الدردشة لزيادة قدرته على الإجابة تلقائيًا على أسئلة مماثلة في المستقبل.

 النتيجة ما لوحظ على نطاق واسع من قدرة الذكاء الاصطناعي على تقويض قوة العمال بالتالي دور النقابات من خلال المراقبة والإدارة الخوارزمية وإلغاء المهارات والاستبدال.

  بما يتّجه معه أن الذكاء الاصطناعي سيكون اكبر عدو للنقابات، وهو غير متوافق جوهريًا مع مشروع تعزيز قوة العمال بالرغم من أن له فوائد محتملة، فقط إذا كانت النقابات مستعدة لإعادة التفكير عمدًا في هذه التكنولوجيا .

التقدم مستحيل دون تغيير، وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء.

بالتالي على المرء أن يغيّر منظوره للحياة، وقتها وستتغير الحياة نفسها .

 

 

 

حكاياتهم  .. نقابة.. الذكاء الاصطناعي !..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

هل يستقيم الحديث، ونحن نحيي العيد العالمي للعمال، عن اتحاد حشاد، واتحاد عاشور، واتحاد "الشرفاء" واتحاد البكوش، واتحاد السحباني، وجراد، والعباسي وأخيرا اتحاد الطبوبي .

 من هي الشخصية التي تركت أعظم الأثر في المنظمة الشغيلة، أم أن لكلّ مرحلة طبيعتها وخصوصياتها .

  اعتقد انّه إذا تجاوزنا زمن التأسيس والبدايات الأولى للعمل النقابي المنتظم، فانّ الحبيب عاشور يعدّ أكثر شخصية طبعت المنظمة في تاريخها الحديث، ليس باعتبار ما شهدته في زمن توليه أمانتها العامة من تطورات بلغت حدّ الصدام مع السلطة ( 26 جانفي 1978 ) فحسب.. بل الأهم والأخطر من ذلك انفتاحه الكبير على النخب عبر نقابات التعليم العالي وتطعيم القيادة (المكتب التنفيذي) بشخصيات جامعية والأهم القطيعة النهائية مع السلطة والأصح الحزب الدستوري وطرح بدائل وطنية من ذلك إعداد برنامج اقتصادي واجتماعي بديل لتونس .

 اليوم تعيش المنظمة الشغيلة لحظة فارقة في كلّ مسيرتها، فمثلا وعلى غرار بقية كلّ القوى السياسية والاجتماعية عجزت عن استيعاب كلّ هذه التطورات التي تعيشها تونس خلال العامين الماضيين وغياب الرّؤية الواضحة لدى القيادة والموقف الثابت في التعاطي مع المسالة الوطنية.

 كما أنّ تفشي الفساد وصراعات الأجنحة والشقوق والمصالح وعدم احترام المؤسسات زاد في تأزيم الوضع الداخلي للاتحاد .

 بنفس الحالة، تجد المنظمة نفسها عاجزة كذلك عن استيعاب هذه التحولات العالمية والتي قد يكون لها ابلغ الأثر على مصيرها بشكل خاص ومصير النضال المطلبي النقابي بشكل عام .

 نحن نعيش زمن الحضارة الخامسة، حضارة الذكاء الاصطناعي، هذه التكنولوجيا الجديدة التي تنطوي على حل العلاقة بين الحكم البشري والعمليات التحليلية، تتعارض بشكل أساسي مع مشروع تمكين البشر من العمال؟ .

  بما يتّجه معه السّؤال: هل يمكن إعادة النظر في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تم تطويرها في مجال خدمات العمال وإعادة تصميمها كأدوات للتضامن والنشاط؟ .

 لا يختلف اثنان في انّه على النقابات أن تراجع الكثير من طبيعة مهامها وأدوارها وأن تفكر في وضعها مع استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز حضورها وقوتها، وهذا يتطلّب تفكيرا ورؤية وقبل ذلك عقلا خلاّقا مبدعا.

 عرف العالم خلال الفترة الأخيرة تجارب مثيرة جدا لهيكلين نقابيين عالميين هما:المنظمة النقابية المتحدة من أجل الاحترام (OUR) في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد العمالي المتحد (UWU) في أستراليا، منظمتان اعتمدتا جهاز روبوت الدردشة الاصطناعي في مهامهما النقابية .

    تم تطوير تطبيق WorkIt لأول مرة من قبل منظمة (OUR) الأمريكية لتنظيم قواعد القوى العاملة، وهي تضم أكثر من مليون عامل دون الدعم المؤسسي المباشر من مسؤولي نقابة رسمية ودون الحق في دخول الشركة أو التدخل في أعمالها.

   كما تم تطويره لاحقًا بواسطة منظمة (UWU) في أستراليا في عديد فضاءات العمل من مساحات كبرى ودور الرعاية الاجتماعية وقطاعات السياحة والترفيه. باستخدام قدرات التعرف على اللغة الطبيعية، قدم برنامج الدردشة الآلي ردودا حينية تلقائية على الأسئلة التي طرحها العمال حول مشاكلهم في العمل وحقوقهم من خلال أجهزتهم المحمولة .

   تمت إعادة توجيه الأسئلة التي لم يتمكن روبوت الدردشة من الإجابة عليها بمستوى مقبول من اليقين إلى مستجيب بشري تغذي إجاباته عقل روبوت الدردشة لزيادة قدرته على الإجابة تلقائيًا على أسئلة مماثلة في المستقبل.

 النتيجة ما لوحظ على نطاق واسع من قدرة الذكاء الاصطناعي على تقويض قوة العمال بالتالي دور النقابات من خلال المراقبة والإدارة الخوارزمية وإلغاء المهارات والاستبدال.

  بما يتّجه معه أن الذكاء الاصطناعي سيكون اكبر عدو للنقابات، وهو غير متوافق جوهريًا مع مشروع تعزيز قوة العمال بالرغم من أن له فوائد محتملة، فقط إذا كانت النقابات مستعدة لإعادة التفكير عمدًا في هذه التكنولوجيا .

التقدم مستحيل دون تغيير، وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء.

بالتالي على المرء أن يغيّر منظوره للحياة، وقتها وستتغير الحياة نفسها .