تحتفل تونس اليوم ككل دول وشعوب العالم باليوم العالمي للعمل والعمال الذي أقرته الولايات المتحدة منذ سنة 1894 قبل ان تتبعها دول العالم بما في ذلك بلادنا يوم غرة ماي 1904 حيث احتفل العمال الفرنسيّون والايطاليّون والتونسيّون لأول مرة بذكرى عيد الشغل العالمي تحت راية المستعمر إلى غاية سنة 1946 حيث افتك الاتحاد التونسي للشغل الذي تأسس يوم 20 جانفي 1946 وأمينه العام الزعيم فرحات حشاد المبادرة من الفرنسيين ونقاباتهم وجعل من ذلك اليوم مناسبة للضغط والاحتجاج على سياسات الباي خاصة منها الجبائية والمطالبة بتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للطبقة الشغيلة التونسية.
وكان يوم غرّة ماي 1951 يوما مشهودا في العمل النقابي التونسي، يومها وبحضور اكثر من 100 الف عامل بالفكر والساعد ألقى الزعيم فرحات حشاد بساحة القصبة خطابا قال فيه:"عيد الشغل أصبح عيد الشعب، عيد تونس، عيدُ السّواعد، عيدُ التضحية، عيدُ الثورة الاجتماعية التي حرّرت الشعوب من الأغلال.. إنّ احتفالكم بعيد الشغل له معنى وأيّ معنى فلا بدّ بعد الاحتفال بهذا العيد أن يُفتح باب جديد للنّضال حتّى نقضي على قوى الرّجعيّة وحتّى نكسر القيود التي تغلّ شعبنا"..، هكذا خطب حشاد جامعا بين النضال العمالي والنضال الوطني مشيرا الى دور العمال والشغيلة في تحرير البلاد وبناء الدولة والقضاء على الرجعية مؤكدا أنه بالعمل فقط تنال المطالب..
كلمات حشاد لابد أن نستعيرها اليوم ونحن نحتفل بعيد الشغل وسط ظرف اجتماعي واقتصادي صعب تمر به البلاد وضغوطات مالية لا حل لها، في ظل غياب الثروات الطبيعية، الا العمل والإنتاج وخلق الثروة عبر رأس المال البشري ورأس المال المُنتَج من أجل استدامة التقدم الاقتصادي والتنموي وكذلك ضمان المكتسبات ومقومات العيش الكريم للعمّال والشغالين بالفكر والساعد..
فتونس اليوم في حاجة فقط للعمل ومضاعفة الجهد وتغليب الضمير المهني لتعود الى سكة النمو والازدهار مع مواصلة سياسة الضرب على أيدي الفاسدين من ناهبي المال العام، لكن أيضا في حاجة إلى مصالحة مع رجال الاعمال الذين تمت شيطنتهم ووضعهم في سلة واحدة وجهت اليها أصابع الاتهام.. فلا يمكن الحديث عن قطاع عام دون الحديث عن قطاع خاص داعم، ولا يمكن الحديث عن أجير دون وجود مؤجر ولا يمكن التطرق الى حصيلة جبائية هامة دون أن تكون هناك شركات ومصانع تنتج وتكسب وتعطي حق الدولة، ولا يمكن الحديث عن تشغيل دون دور للقطاع الخاص حاضن لخريجي الجامعات ومستوعب لليد العاملة..
وفي كل هذا وذاك لابد من عدالة اجتماعية تضمنها الدولة بمعية شركائها الاجتماعيين وعلى رأسهم المنظمة العريقة الاتحاد العام التونسي للشغل في ظل توافق على المصلحة الوطنية. وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة أن تعيد منظمة حشاد ترتيب أوراقها من جديد لتعود إلى إشعاعها ومكانتها على الساحة الوطنية كشريكة أولى في البناء وحماية الوطن بعيدا عن الحسابات السياسية وهو ما أكده أعلى هرم السلطة بقوله أن "الحق النقابي مضمون، لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية"..، وذلك هو بيت القصيد.
سفيان رجب
تحتفل تونس اليوم ككل دول وشعوب العالم باليوم العالمي للعمل والعمال الذي أقرته الولايات المتحدة منذ سنة 1894 قبل ان تتبعها دول العالم بما في ذلك بلادنا يوم غرة ماي 1904 حيث احتفل العمال الفرنسيّون والايطاليّون والتونسيّون لأول مرة بذكرى عيد الشغل العالمي تحت راية المستعمر إلى غاية سنة 1946 حيث افتك الاتحاد التونسي للشغل الذي تأسس يوم 20 جانفي 1946 وأمينه العام الزعيم فرحات حشاد المبادرة من الفرنسيين ونقاباتهم وجعل من ذلك اليوم مناسبة للضغط والاحتجاج على سياسات الباي خاصة منها الجبائية والمطالبة بتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للطبقة الشغيلة التونسية.
وكان يوم غرّة ماي 1951 يوما مشهودا في العمل النقابي التونسي، يومها وبحضور اكثر من 100 الف عامل بالفكر والساعد ألقى الزعيم فرحات حشاد بساحة القصبة خطابا قال فيه:"عيد الشغل أصبح عيد الشعب، عيد تونس، عيدُ السّواعد، عيدُ التضحية، عيدُ الثورة الاجتماعية التي حرّرت الشعوب من الأغلال.. إنّ احتفالكم بعيد الشغل له معنى وأيّ معنى فلا بدّ بعد الاحتفال بهذا العيد أن يُفتح باب جديد للنّضال حتّى نقضي على قوى الرّجعيّة وحتّى نكسر القيود التي تغلّ شعبنا"..، هكذا خطب حشاد جامعا بين النضال العمالي والنضال الوطني مشيرا الى دور العمال والشغيلة في تحرير البلاد وبناء الدولة والقضاء على الرجعية مؤكدا أنه بالعمل فقط تنال المطالب..
كلمات حشاد لابد أن نستعيرها اليوم ونحن نحتفل بعيد الشغل وسط ظرف اجتماعي واقتصادي صعب تمر به البلاد وضغوطات مالية لا حل لها، في ظل غياب الثروات الطبيعية، الا العمل والإنتاج وخلق الثروة عبر رأس المال البشري ورأس المال المُنتَج من أجل استدامة التقدم الاقتصادي والتنموي وكذلك ضمان المكتسبات ومقومات العيش الكريم للعمّال والشغالين بالفكر والساعد..
فتونس اليوم في حاجة فقط للعمل ومضاعفة الجهد وتغليب الضمير المهني لتعود الى سكة النمو والازدهار مع مواصلة سياسة الضرب على أيدي الفاسدين من ناهبي المال العام، لكن أيضا في حاجة إلى مصالحة مع رجال الاعمال الذين تمت شيطنتهم ووضعهم في سلة واحدة وجهت اليها أصابع الاتهام.. فلا يمكن الحديث عن قطاع عام دون الحديث عن قطاع خاص داعم، ولا يمكن الحديث عن أجير دون وجود مؤجر ولا يمكن التطرق الى حصيلة جبائية هامة دون أن تكون هناك شركات ومصانع تنتج وتكسب وتعطي حق الدولة، ولا يمكن الحديث عن تشغيل دون دور للقطاع الخاص حاضن لخريجي الجامعات ومستوعب لليد العاملة..
وفي كل هذا وذاك لابد من عدالة اجتماعية تضمنها الدولة بمعية شركائها الاجتماعيين وعلى رأسهم المنظمة العريقة الاتحاد العام التونسي للشغل في ظل توافق على المصلحة الوطنية. وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة أن تعيد منظمة حشاد ترتيب أوراقها من جديد لتعود إلى إشعاعها ومكانتها على الساحة الوطنية كشريكة أولى في البناء وحماية الوطن بعيدا عن الحسابات السياسية وهو ما أكده أعلى هرم السلطة بقوله أن "الحق النقابي مضمون، لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية"..، وذلك هو بيت القصيد.