- تراجع حجم الأسطول وتفاقم ظاهرة الترسكية ساهما في تراجع المداخيل المباشرة التي بلغت حوالي 40 مليون دينار سنة 2022 مقابل ما يفوق 70 مليون دينار في 2010.
- تمثل ظاهرة الترسكية من قبل المخالفين الذين يمثلون 40 % من المسافرين أحد أسباب تراجع المداخيل متسببة في خسائر تقدّر بـ20 مليون دينار سنويا.
تونس – الصباح
سيعود، قريبا، الحديث مجددا عن أزمة النقل في تونس وإشكالية النقل العمومي، ومن المؤكد أنه سيكون للتونسيين موعد جديد مع الاكتظاظ والنقص الملحوظ في الرحلات والسفرات خاصة بين المدن مع اقتراب نهاية العطلة المدرسية والجامعية من جهة وحلول أيام العيد من جهة أخرى. وهما أبرز المناسبات التي يقف فيهما التونسي على كارثية وضع النقل إلى جانب معاناتهم اليومية.
ولئن مثّل هذا القطاع محور اهتمام أعلى هرم في السلطة من خلال الزيارات غير المعلنة واللقاءات الوزارية، ولكن في واقع الحال لا جديد يُذكر ولا حلول سريعة لحلّ هذه المعضلة ولو بصفة نسبية إلى أن يستبشر التونسيون بالحلول الجذرية.
إيمان عبد اللطيف
تطرّق رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اللقاء الذي جمعه، ظهر يوم الجمعة 29 مارس 2024 بقصر قرطاج، برئيس الحكومة أحمد الحشاني إلى ملف النقل داخل المدن وخاصة الفساد الذي نخر هذا القطاع منذ عقود من الزمن وما انجرّ عنه من معاناة يومية للمواطنين في كافة مناطق البلاد وفق ما ورد على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية بالفايسبوك.
فذكر البلاغ أنّ أسطول الحافلات في تونس الكبرى الذي يبلغ عدده 1157 حافلة لم يتبق منه سوى 434 فقط. أما بالنسبة إلى عربات المترو فإن أربعين عربة فقط من جملة 189 مازالت في طور الخدمة، وقطار الضاحية الشمالية لا يشتغل إلا بنسبة 27,8%. والوضع لا يقل قتامة في سائر أنحاء الجمهورية.
وأكد رئيس الدولة على ضرورة إصلاح ما يمكن إصلاحه في أقرب الآجال وتحميل المسؤولية كاملة لمن تسبّب في هذا الوضع الكارثي، موضحا أن سياسة التفريط في المرافق العمومية التي تم إتباعها منذ عقود لا بد أن تتوقف، كما لا بد أيضا من محاسبة كل من خرّب مرفق النقل العمومي وغيره من المرافق العمومية الأخرى.
عديدة هي الأرقام والإحصائيات التي تُترجم حقيقة الوضع الكارثي لقطاع النقل والتي تم تداولها وذكرها في الكثير من المناسبات وفي مختلف وسائل الإعلام ولكن في المقابل تمّ التطرق أيضا إلى أسباب أخرى غير تلك المتعلقة بالفساد وسوء التسيير والتي في واقع الحال تستوجب النقاش والنظر في كيفية حلحلتها مثل إشكالية حجم المصاريف والمداخيل والتسعيرة وغيرها من الإشكاليات الأخرى.
فوفق معطيات شركة نقل تونس، فإنه من أبرز أسباب التدهور الملحوظ للفارق بين مؤشري المداخيل وتكاليف الاستغلال هو عدم الزيادة في التعريفة استجابة لسياسة الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن حيث يناهز المفعول المالي لتجميد التعريفة 700 مليون دينار خلال الفترة 2011-2020.
من جانب آخر ساهم تراجع حجم الأسطول وتفاقم ظاهرة الترسكية في تراجع المداخيل المباشرة التي تبلغ حوالي 40 مليون دينار سنة 2022 مقابل ما يفوق 70 مليون دينار سنة 2010، وتمثل ظاهرة الترسكية من قبل المخالفين الذين يمثلون 40 % من المسافرين أحد أسباب تراجع المداخيل متسببة في خسائر تقدّر بـ20 مليون دينار سنويا.
أرجعت شركة نقل تونس تردي وضعيتها المالية إلى الاعتداءات التي يتعرض لها أسطول النقل، فقد سجلت الشركة 1573 اعتداء سنة 2021 كبّدها خسائر بلغت 1 مليون دينار لتتجاوز هذه الخسائر هذا الرقم سنة 2022 وذلك دون احتساب كلفة النقص في المداخيل طيلة فترة التوقف عن الاستغلال.
لا يُعد ملف النقل في تونس بالملف الجديد، فمنذ السنوات الأولى من الثورة تحولت أخبار القطاع الخبز اليومي لنشرات الأخبار ووسائل الإعلام والإشكالية الكبرى والعظمي التي يعرضها التونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع كل حادثة أو خبر ما، يعود الموضوع إلى سطح النقاش ويتم الحديث في كل مناسبة عن استراتيجيات وحلول وغيرها ولكن القطاع في تدهور مستمر شارف على الكارثة على جميع المستويات.
وأبرز تلك الاستراتيجيات، كانت سنة 2016، عندما تمت صياغة ما سُمي بمذكرة الكتاب الأبيض لقطاع النقل الذي أعده البنك العالمي بالتعاون مع هياكل وزارة النقل لكن لا نعلم في المقابل عمّا أسفر ما تم تدوينه في الكتاب، أو ماهي النتائج على أرض الواقع وماهو تأثيره على حياة التونسيين من جهة وعلى الاقتصاد من جهة أخرى.
فوفق ما تمّ تداوله منذ سنوات فإن الوثيقة الإستراتيجية تهدف الى إصلاح المنظومة اللوجستية لقطاع النقل حتى تستجيب لحاجيات المرحلة القادمة عبر تشخيص وضعية القطاع وتقديم جملة من المقترحات ووضع برنامج عمل في أفق 2030.
والسؤال المطروح، هل تمّ وضع برنامج عمل أو على الأقل هل تمّ البدء في ذلك؟ وما هي النتائج الأولية لذلك؟
من بين المسائل التي تمّ التنصيص عليها بمذكرة الكتاب الأبيض ضرورة بعث هيكل تنفيذي موحد لإعداد السياسة العامة للسلامة وأمن الطرقات وإعادة هيكلة منظومة جديدة للتصرف ومراقبة الشركات الوطنية والجهوية للنقل مع الإسراع في استصدار النصوص التطبيقية للقانون 33 الصادر في 2004 المتعلق بتنظيم النقل البري. ولكن بتصفح موقع وزارة النقل لا توجد أية نصوص قانونية جديدة بهذا الخصوص.
- تراجع حجم الأسطول وتفاقم ظاهرة الترسكية ساهما في تراجع المداخيل المباشرة التي بلغت حوالي 40 مليون دينار سنة 2022 مقابل ما يفوق 70 مليون دينار في 2010.
- تمثل ظاهرة الترسكية من قبل المخالفين الذين يمثلون 40 % من المسافرين أحد أسباب تراجع المداخيل متسببة في خسائر تقدّر بـ20 مليون دينار سنويا.
تونس – الصباح
سيعود، قريبا، الحديث مجددا عن أزمة النقل في تونس وإشكالية النقل العمومي، ومن المؤكد أنه سيكون للتونسيين موعد جديد مع الاكتظاظ والنقص الملحوظ في الرحلات والسفرات خاصة بين المدن مع اقتراب نهاية العطلة المدرسية والجامعية من جهة وحلول أيام العيد من جهة أخرى. وهما أبرز المناسبات التي يقف فيهما التونسي على كارثية وضع النقل إلى جانب معاناتهم اليومية.
ولئن مثّل هذا القطاع محور اهتمام أعلى هرم في السلطة من خلال الزيارات غير المعلنة واللقاءات الوزارية، ولكن في واقع الحال لا جديد يُذكر ولا حلول سريعة لحلّ هذه المعضلة ولو بصفة نسبية إلى أن يستبشر التونسيون بالحلول الجذرية.
إيمان عبد اللطيف
تطرّق رئيس الجمهورية قيس سعيّد في اللقاء الذي جمعه، ظهر يوم الجمعة 29 مارس 2024 بقصر قرطاج، برئيس الحكومة أحمد الحشاني إلى ملف النقل داخل المدن وخاصة الفساد الذي نخر هذا القطاع منذ عقود من الزمن وما انجرّ عنه من معاناة يومية للمواطنين في كافة مناطق البلاد وفق ما ورد على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية بالفايسبوك.
فذكر البلاغ أنّ أسطول الحافلات في تونس الكبرى الذي يبلغ عدده 1157 حافلة لم يتبق منه سوى 434 فقط. أما بالنسبة إلى عربات المترو فإن أربعين عربة فقط من جملة 189 مازالت في طور الخدمة، وقطار الضاحية الشمالية لا يشتغل إلا بنسبة 27,8%. والوضع لا يقل قتامة في سائر أنحاء الجمهورية.
وأكد رئيس الدولة على ضرورة إصلاح ما يمكن إصلاحه في أقرب الآجال وتحميل المسؤولية كاملة لمن تسبّب في هذا الوضع الكارثي، موضحا أن سياسة التفريط في المرافق العمومية التي تم إتباعها منذ عقود لا بد أن تتوقف، كما لا بد أيضا من محاسبة كل من خرّب مرفق النقل العمومي وغيره من المرافق العمومية الأخرى.
عديدة هي الأرقام والإحصائيات التي تُترجم حقيقة الوضع الكارثي لقطاع النقل والتي تم تداولها وذكرها في الكثير من المناسبات وفي مختلف وسائل الإعلام ولكن في المقابل تمّ التطرق أيضا إلى أسباب أخرى غير تلك المتعلقة بالفساد وسوء التسيير والتي في واقع الحال تستوجب النقاش والنظر في كيفية حلحلتها مثل إشكالية حجم المصاريف والمداخيل والتسعيرة وغيرها من الإشكاليات الأخرى.
فوفق معطيات شركة نقل تونس، فإنه من أبرز أسباب التدهور الملحوظ للفارق بين مؤشري المداخيل وتكاليف الاستغلال هو عدم الزيادة في التعريفة استجابة لسياسة الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن حيث يناهز المفعول المالي لتجميد التعريفة 700 مليون دينار خلال الفترة 2011-2020.
من جانب آخر ساهم تراجع حجم الأسطول وتفاقم ظاهرة الترسكية في تراجع المداخيل المباشرة التي تبلغ حوالي 40 مليون دينار سنة 2022 مقابل ما يفوق 70 مليون دينار سنة 2010، وتمثل ظاهرة الترسكية من قبل المخالفين الذين يمثلون 40 % من المسافرين أحد أسباب تراجع المداخيل متسببة في خسائر تقدّر بـ20 مليون دينار سنويا.
أرجعت شركة نقل تونس تردي وضعيتها المالية إلى الاعتداءات التي يتعرض لها أسطول النقل، فقد سجلت الشركة 1573 اعتداء سنة 2021 كبّدها خسائر بلغت 1 مليون دينار لتتجاوز هذه الخسائر هذا الرقم سنة 2022 وذلك دون احتساب كلفة النقص في المداخيل طيلة فترة التوقف عن الاستغلال.
لا يُعد ملف النقل في تونس بالملف الجديد، فمنذ السنوات الأولى من الثورة تحولت أخبار القطاع الخبز اليومي لنشرات الأخبار ووسائل الإعلام والإشكالية الكبرى والعظمي التي يعرضها التونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع كل حادثة أو خبر ما، يعود الموضوع إلى سطح النقاش ويتم الحديث في كل مناسبة عن استراتيجيات وحلول وغيرها ولكن القطاع في تدهور مستمر شارف على الكارثة على جميع المستويات.
وأبرز تلك الاستراتيجيات، كانت سنة 2016، عندما تمت صياغة ما سُمي بمذكرة الكتاب الأبيض لقطاع النقل الذي أعده البنك العالمي بالتعاون مع هياكل وزارة النقل لكن لا نعلم في المقابل عمّا أسفر ما تم تدوينه في الكتاب، أو ماهي النتائج على أرض الواقع وماهو تأثيره على حياة التونسيين من جهة وعلى الاقتصاد من جهة أخرى.
فوفق ما تمّ تداوله منذ سنوات فإن الوثيقة الإستراتيجية تهدف الى إصلاح المنظومة اللوجستية لقطاع النقل حتى تستجيب لحاجيات المرحلة القادمة عبر تشخيص وضعية القطاع وتقديم جملة من المقترحات ووضع برنامج عمل في أفق 2030.
والسؤال المطروح، هل تمّ وضع برنامج عمل أو على الأقل هل تمّ البدء في ذلك؟ وما هي النتائج الأولية لذلك؟
من بين المسائل التي تمّ التنصيص عليها بمذكرة الكتاب الأبيض ضرورة بعث هيكل تنفيذي موحد لإعداد السياسة العامة للسلامة وأمن الطرقات وإعادة هيكلة منظومة جديدة للتصرف ومراقبة الشركات الوطنية والجهوية للنقل مع الإسراع في استصدار النصوص التطبيقية للقانون 33 الصادر في 2004 المتعلق بتنظيم النقل البري. ولكن بتصفح موقع وزارة النقل لا توجد أية نصوص قانونية جديدة بهذا الخصوص.